اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
دعوه للجنه

أبناونا.. وحب الوطن

Recommended Posts

أبناونا.. وحب الوطن

 

 

بقلم: عزة مختار

 

 

هالني الرد الذي قالته ابنتي الصغيرة لي بينما أنا أقلب قنوات التلفاز بحثًا عن أي أخبار جديدة فيما يجري كل يوم من أحداث متلاحقة بمصرنا الحبيبة، فإذ بها تقول لي: انتظري يا أمي؛ فإنني أريد أن أعرف نتيجة المباراة، فقلت لها يا حبيبتي.. إنني أريد أن أعرف ما يجري بمصر بلادنا، فقالت: وما لي أنا وما يحدث!! إنني أريد أن أشاهد المباراة وفقط.. حاولت أن أفهمها أن ما يحدث يهمنا جميعًا ويهمها هي بالدرجة الأولى فإن استقرار الأمر بالبلاد يعني أن مستقبل الأجيال القادمة، والتي هي منهم، سيكون مستقبلاً مزدهرًا، وإذا تقدمت بلادنا فكل هذا لهم، فما وجدت أمامي سوى نظرات معارضة ونفس متمردة، لا تريد أن تسمع إلا لنفسها، والدقائق تمر، بينما المباراة تقترب من الانتهاء، والحقيقة أنني لشدة الإلحاح منها أن آتيها بالقناة التي تبث المباراة فما وجدتني في النهاية إلا وأنا أستسلم لرغبتها هي وأعطيها ما تريد.

تذكرت النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة النبوية العظيمة وهو يقف على أبواب مكة دامع العينين يقول: "والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله، وإنك لأحب بلاد الله إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".

وكأن الله عز وجل وضع في قلوبنا حب بلادنا، وكأن الإنسان بطبعه يميل إلى كل مكان ألفه وتربَّى فيه، ونما وعاش، وأصبح بالتالي يخاف عليه ويحميه من أي معتدٍ ويشعر بالانتماء إليه، وبأنه يعشق ترابه ويفخر بتاريخه ويعمل على رفعته.

وما حدث جعلني أستدرك أشياء كثيرة، وأراجع نفسي في أمور التربية؛ فأبناؤنا هم جزء منا، وشخصياتهم غالبًا ما تتشكل من تصرفاتنا أمامهم؛ فالابن هو مرآة لتصرفات والده، خاصةً إذا كان قريبًا منه، وكذلك البنت بالنسبة للأم، وإذا أردنا أن نغرس قيمة حب الوطن في هؤلاء النشء الذي نأمل أن يكون فيه الخير لمستقبل بلادنا التي تخطو أولى خطواتها نحو الحرية؛ فالواجب علينا كآباء وأمهات أن نراعي عدة أشياء:

1- القدوة العملية من الآباء والمربين.. عندما يرى الأبناء دائمًا والديهم يتابعون الأحداث والقضايا المهمة المتعلقة بالوطن، وعندما يجدونهم مشاركين بفاعلية في هذه الأحداث فإن ذلك هو خير وسيلة لتربية الأبناء على حب وطنهم والانشغال بقضاياه.. الأب والأم دائمًا متابعان للأخبار بشغف.. يتأثران بما يحدث من أحداث، سواء بالفرح والسرور أو بالحزن والهم.. يألمان لإخوانهم إذا أهمهم همّ أو ألمّت بهم مشكلة.. كذلك يفرحان لإخوانهم في الوطن إذا رأوهم في خير وسكينة واطمئنان.. اقتناء الأعلام في البيت وترديد العبارات المعبرة عن حب الوطن...

كل هذه المشاعر الصادقة تنتقل من الوالدين إلى الأبناء بتلقائية؛ لأن الوالدين هما القدوة للأبناء.

2- حب الأوطان من الإيمان.. وذلك عن طريق أن يقصَّ الآباء والأمهات القصص التي تنمي روح الوطنية وحب الوطن في نفوس الأبناء، والتي تربط حب الأوطان بالإيمان؛ فها هو النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا سالفًا يضرب أفضل الأمثلة في حبه لوطنه عندما خرج من مكانه وبلده الذي ولد فيه "مكة"، فكان يخاطبها وعيناه تسكبان الدموع، "والله يا مكة لأنت أحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".

وكذلك سعيه صلى الله عليه وسلم في نهضة بلدته وأمته بنشر قيم الخير والعدل، ومحاربة قيم الظلم والشر، فالنبي صلى الله عليه وسلم جلس في مكة ثلاث عشرة سنة لم يكلّ ولم يملّ، ولكنه ثابر وصابر من أجل هداية قومه وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ويظهر ذلك جليًّا من خلال صعوده صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا وندائه على قومه وإبلاغهم لرسالته.

يستعين الآباء والمربون بهذه القصص لتربية أولادهم على حب الوطن وأنه من أساسيات الإيمان.

3- المشاركة في الفعاليات العامة ومصاحبة الأبناء.. فهناك الاحتفالات الوطنية والمناسبات الخاصة التي يتجمع فيها الأهل والأصدقاء وشركاء الفكر فيكون الحديث عن القضايا العامة التي تهمّ الجميع، وفي هذه التجمعات من الممكن أن يشارك الأطفال بالأناشيد وتدريبهم على الخطابة منذ الصغر بأشعار وطنية، وكذلك تكون الخطب التي يلقونها، مع تبسيط المعاني التي تصعب عليهم، وتشجيعهم والثناء عليهم حين يتحدثون في مثل هذه الموضوعات.

هذه بعض النقاط التي يمكن الاستعانة بها في غرس روح حب الوطن والانتماء لأبنائنا؛ فقضية الانتماء هي القضية الفاصلة في المرحلة المقبلة للعبور بالوطن إلى بر الأمان.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زائر
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..