بسم الله الرحمن الرحيم
*****************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*****************
إن للإنسان من صاحبه نصيباً في كل شئ حتى في دينه، فقد يزيد الإيمان بسبب الصحبة الصالحة، وقد ينقص بسبب الطغمةالفاسدة، قد يختل المرء في سيره فيسنده صاحبه الصالح ويدُلهُُ على الطريق،
كيف لا وقد ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحبة والديانةفقال : "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وقال عليهالصلاة والسلام: "المؤمن أخو المؤمن يلف عليه صنيعته، ويحوطُه منورائه".
وهذا موسى عليه السلام ماذا طلب عندما أرسله ربه إلى فرعون، لقد طلب مُعيناً صالحاً: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾[طه: 29-34]،
كذلك الإمام أحمد وهو من هو في يوم المحنة بفتنة خلق القرآن يساق إلى السجن؛ فيقول له محمد بن نوح: "يا أبا عبد الله، اللهَ اللهَ، إنك لست مثلي، أنت رجل يُقتدى به، قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله، فثبت الإمام أحمد ولم يجبهم إلى القول بخلق القرآن".
إن صحبةالأخيار رافد لا تستطيع الاستغناء عنه في سيرك إلى الله، والصالحون لن يصيبك منهم إلا الخير، فهم كبَائعِي المسك،
انظر إلى ذلك الكلبِ الذي صحبَ بعض الصالحين، فذكر بسببهم في القرآن إلى يوم القيامة ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾[الكهف: 18]،
فكيف بصاحب يصحب الصالحين، وصحبة الصالحين قد تكون بمرافقتهم، والمشي معهم، وقدتكون بقراءة تاريخهم، وتمثل سيرهم،ففي ذلك أكبر الأثر في الثبات, إذاكان هذا في حق الرسول الكريم فكيف بحالنا نحن؟ لابد أن نطَّلِعَ على سير العظماءوالنجباء، وننهل من سيرهم العطرة، ونربِّي أنفسنا وأولادنا على أخلاقهم العالية،وعبادتِهم العظيمة، وصبرهم الجميل :
أحب الصالحين ولست منهم * لعلي أن أنال بهم شفاعة
أولئك الأعلام العالمون العاملون هم القدوة :
أولئك آبائي فجئني بمثلهـم * إذا جمعتنا يا جريرُالمجامع
أما أن ننخلع من سيرتهم، ولا نعرف عنهم شيئاً، ثم نرتبط برموز وضيعة، وأبطال مزيفين، فهذا الذي يزيد الوهن وهناً .
أعمى يقود بصيراً لا أبًا لكم * قد ضل من كانت العميان تهديه
د. عويض العطوي
جامعة تبوك