مصطفى بهجت
شباب ياللا يا شباب-
عدد المشاركات
923 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
كل منشورات العضو مصطفى بهجت
-
مسابقات ملكة جمال الحجاب بين القبول و الرفض
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in منتدى الحوار العام
المتألقة .. حياتي من أجل ربي .. تصدقي و تآمني بالله إنتي بتقري أفكاري .. أنا جات في بالي حكاية طول الموضوعات دي و بإذن الله ححاول أتفادى المشكلة في الموضوعات اللي جاية .. جزاكي الله خير .. -
عن ثقافة الحجاب وسلوكه: في الرد على "حجاب الموضة" هناء سلامة – بوابتي --------- بعد أن نمت وانتشرت الصحوة الإسلامية المباركة في بلاد العرب والمسلمين، بل وفي العالم كله، كان من نتائج ذلك انحياز قطاعات عريضة من نسائنا وفتياتنا للمشروع الإسلامي والثقافة الإسلامية والسلوك الإسلامي والمظهر الإسلامي. وارتدت طالبات الجامعة والمدارس والموظفات وربات المنازل الحجاب الشرعي على نطاق واسع تعبير عن الهوية الإسلامية والالتزام بالإسلام وأخلاق الإسلام. - إلا أنه في السنوات الأخيرة، بدأت تنتشر ظاهرة ارتداء الكثير من الفتيات والنساء زيًا يفرغ الحجاب من مضمونه ويحسبه الكثيرون من الحجاب وما هو من الحجاب، عبر ارتداء الملابس الطويلة والمجسمة في نفس الوقت، وكذلك ارتداء الطرحة ولكن مع النمص ووضع الماكياج والعطور. الأمر السلبي في هذه الظاهرة أنها كانت من ناحية التفافًا على الحجاب وثقافته، ومن ناحية أخرى اتخذها العلمانيون وسيلة يوجهون من خلالها خناجرهم وسهامهم المسمومة تجاه الإسلاميين والفكرة الإسلامية عموماً، ويقولون إن كثيراً من المحجبات الآن يرتدين الملابس المثيرة، التي هي أكثر إثارة وإغراءً من ملابس المتبرجات، وإنه من المألوف أن نرى كثيراً من هؤلاء يتأبطن أيدي الشباب في مناظر خليعة في الشوارع والميادين، فلماذا إذاً يصدعون رؤوسنا مطالبين بالحجاب؟. إن الزي هوية وجزء أساسي من الدين، وشكل ونوعية الحجاب مؤشر على قوة إيمان المحجبة، فإذا كان تدينها مبدئي وقوي، فسوف تكون قدوتها المسلمات الرساليات الأوائل وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك فلن تتنازل أبداً عن شروط ومواصفات الحجاب الطويل الذي لا يصف ولا يشف وليس حجاباً للزينة. أما إذا كان تدين الفتاة أو المرأة مهزوزاً وضعيفاً فسوف تقل شروط حجابها، ولن تلتزم بالشروط الشرعية المطلوبة. ولذلك فليس هناك في الشارع الإسلامي ثقة في تدين الفتاة أو المرأة التي ترتدي الإيشارب والبنطلون الجينز وتضع المساحيق والعطور. ومن حيث المضمون فلا يمكن تصور أن التي ترتدي هذا الحجاب المعيب قد قرأت في العلوم الشرعية أو الثقافة الإسلامية والعقيدة، لكي يكون حجابها تعبيرًا صادقًا وأمينًا عن تدينها، وإنما غالب الأمر أن هذا الحجاب شكلي وأنه عرض لمرض القلب، ودليل على حب الدنيا والتعلق بها، أو هو دليل على عدم وضوح الرؤية. إننا نستطيع أن نقول إن هناك ما يمكن أن نسميه "عقلية الحجاب"، فالحجاب ليس خرقة تلف الرأس وحسب، كما يحب البعض تشبيهه، لكنه قبل أن يكون لباساً فإن له عقلية وثقافة ونفسية خاصة به في الخلق والتعامل، فالصلاة لن تغني عن صاحبها شيئاً ما لم تمنعه عن المعاصي والرذائل، والزكاة لن تنفع من سب هذا و كفّر ذاك وسرق الثالث وافترى على الرابع .. الخ. ولن تغني كل العبادات عمّن لم يدخل فؤاده طاعة الرحمن وخشية الله، فالدين المعاملة، وما بعث خير الأنام إلا ليتمم مكارم الأخلاق. إن السعي لملاحقة الموضة قضية اجتماعية خطيرة، فالنفس البشرية تتوق دائمًا للجمال وتعجب به، ولذلك أمر الله عباده بالتزين والتجمل في غير إسراف، مع التأكيد على أن لباس التقوى هو الساتر الحقيقي للإنسان، والمسلم يعمل على الاهتمام بمظهره الخارجي كل حسب طاقته وقدرته، وكل هذا مباح ولا غبار عليه مادام لا يتعدى حدود الشريعة الآمرة بستر العورة للرجال والنساء على السواء، فالتجمل والاعتدال فيه والانضباط أمر حسن ومحمود، أما الإسراف فيه والتقليد الأعمى لكل ما يبتدع على أيدي أعداء الإسلام فهو المذموم الذي لا يحبه الله تعالى ولا يرضاه لعباده. إن ستر شعر الرأس ليس هو الغرض من الحجاب، وإنما الحجاب عبادة واجبة يأثم المفرط فيها، وكما أن للصلاة صفة من خالفها فقد خالف صحيح الدين، فكذلك الحجاب له صفة لا يجوز مخالفتها، فشروط الحجاب معروفة وهي: أن يكون ساترا للبدن عدا الوجه والكفين، وواسعا لا يصف، وسميكا لا يشف، ولا يلفت الأنظار، وألا يكون زينة في ذاته، وألا يكون لباس شهرة. إن التي ترتدي الخمار الساتر بشروطه قد التزمت بالفريضة، وتعلوها المتنفلة التي تحب أن تقدم النافلة مع أداء الفريضة، والنافلة ما زاد تطوعا عند الإنسان في طاعته وعبادته قربة لوجه الله سبحانه وتعالى؛ وهي التي ترتدي النقاب. لكن التي ترتدي حجاب الموضة، لا تؤدي فريضة دينية، وما ترتديه قد يكون نوعاً من الاحتشام تفادياً للتبرج، لكنه ليس حجاباً، لأن الحجاب ثقافة ثم سلوك وخلق. ¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ م ن ق و ل
-
أطلق موقع "حماسنا" أمس الأحد ، حملة " اليوم العالمى للحجاب " وذلك بالتزامن مع الاحتفال بيوم المرأة العالمى مطالبين بحماية المحجبات واحترام حقهن فى ارتداء الحجاب الشرعى. عرض الموقع خريطة عالمية تصور أوضاع المحجبات فى كل أنحاء العالم حيث اعتبرت الخريطة مصر من الدول التى تشن حرباً رسمية وإعلامية للتضييق على المحجبات. عايز أعرف رأيكم في موضوع الحملة ؟؟؟!!
-
التدين المغشوش محجبــــــات أشكال وألــــــوان وسام كمال – اسلام اون لاين --------- لم يعد التعجب سيد الموقف في رصد ظاهرة حجاب الموضة؛ فالمحجبات أصبحن يرتدين أشكالا وألوانا كثيرة من الحجاب، فهناك النقاب، والخمار، والإسدال، والإيشارب الطويل، والحجاب المتوسط، والطرحة القصيرة جدا، والبونيه؛ ولكل نوع مئات من الأشكال والألوان. وقد ترى محجبة ترتدي الجلباب، وأخرى ترتدي البلوزة والجيب، أو البنطلون. ويوجد في ملابسهن الواسع والضيق؛ فالجلباب (العباية) التي ابتكرت لكي تكون ساترا للجسم ومظهرا من مظاهر الورع والحشمة والزهد وعدم جذب الأنظار تحولت لدي البعض وأصبحت أكثر ترفا ولفتا للأنظار من غيرها في ملابس المحجبات. محجبات صنف ثالث ورصدت لنا الكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم في مقدمة كتابها "في مسألة السفور والحجاب"(1) صنفين من المحجبات في عصرها؛ وهما: الملتزمة بالفريضة: التي ترتدي الحجاب الشرعي وفقا لشروطه لا لشكل معين؛ غير ممانعة من التفنن في التأنق في لون وشكل الخمار وأسلوب ارتدائه. وتعلوها المتنفلة: وهي تلك التي تحب أن تقدم النافلة مع أداء الفريضة، والنافلة ما زاد تطوعا عند الإنسان في طاعته وعبادته قربة لوجه الله سبحانه وتعالى؛ وهي التي ترتدي النقاب. ولم تعلم صافيناز وقتها أن الحجاب سيدخل على تعريف صنف آخر هو حجاب الموضة الذي أصاب مفهوم الحجاب ببعض الخدش، فبعد أن كان الناس متفقين على أن المباح هو الوجه والكفين، وسط جدال حاد حول فرضية النقاب وستر المرأة من رأسها لأخمص قدميها، الآن صار الواقع رغم وضوح المفاهيم نظريا يعكس اختلاطا وتحررا واسعا لدى المحجبات، فأصبحت بعضهن لا تتوارى وراء حجاب كامل؛ وتبدي بعض مفاتنها، فقد تظهر الرقبة مع جزء من الصدر، أو جزء كبير من شعر مقدمة الرأس، والعجيب أني رأيت ذات مرة إحدى الخليجيات ترتدي حجابا وجاكت وأسفل الجاكت بلوزة تظهر نصف بطنها!!!. أسباب ارتداء الحجاب لا يمكننا أن نفتش في ضمائر الناس، ولكن هناك مؤشرات تؤكد أن لكل فتاة منطقها في ارتداء الحجاب، فهناك من ترتديه ابتغاء وجه الله عز وجل وهن كثيرات، وهناك من ترتديه لأسباب اجتماعية متعلقة بالعادات والتقاليد؛ حتى أن بعض الفتيات المسيحيات في الريف المصري تلفحه على رأسها بمنطق البيئة الاجتماعية لا بغيره. وهناك من تربت في أسرة متدينة فوجدت جميع نساء الأسرة يلبسن الحجاب، فلم تجد مناصا عنه ولا مفر من الاحتماء به -في عمر مبكر- من انتقادات الجميع، وأعرف فتيات يجدن فيه امتدادا لتكوينهن النفسي سواء الحياء أو الطبيعة الخجولة. وهناك من ترتديه لأنها وجدت فيه موضة وتقليعة انتشرت بين الفتيات، أو لأن شعرها غير جميل، أو بهدف الزواج من عريس متدين. أعرف فتاة ارتدت الحجاب وخلعته أكثر من مرة حتى تلف الأنظار، ولكنها رغبت ذات مرة أن ترتديه فعلا، فلم يشجعها على ارتدائه سوى ارتباطها العاطفي بشخص اعتقدت فيه الالتزام، رغبة في الفوز به، وبعد فترة اكتشفت أنه راهن أصدقاءه أنها سترتدي الحجاب لأجله، وبعد علمها بنيته لم تخلع الحجاب؛ ربما لأنها اقتنعت به أو قد يكون لرغبتها في أن تثبت له العكس؛ وعدم قيامها بارتداء الحجاب لأجل سواد عيونه؛ لأنه ببساطة "لا يستحق". موضة + عقيدة وناقش موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" حجاب الموضة، في مقال بعنوان "العقيدة في الموضة"(2). تحدث التقرير عن فكرة ظهور جيل جديد من المسلمات يهتم بالموضة وآخر صيحاتها؛ وتحول إلى الثقافة الاستهلاكية في التعامل مع الملابس الإسلامية؛ خاصة في الأعياد والمناسبات؛ بعد أخذ قصات وإدخال ألوان مختلفة على أزياء المسلمات التقليدية؛ على يد مصممات مسلمات تلقين تعليمهن في الموضة في جامعات غربية. ونقل المقال في تفسيره هذه الظاهرة تبريرا ذكرته أشهر مصممات الأزياء الإيرانيات قالت فيه: "العربيات والمسلمات يحببن الجمال والأناقة بصفة خاصة؛ فإن خلعن العبايات السوداء والطرح الطويلة؛ ستجد من تحتها نساء في غاية الأناقة"!!!. استهلاك على الطريقة الإسلامية وعندما تتصفح عبر الإنترنت المواقع الإسلامية التي تعرض أهم خطوط الموضة للحجاب والأزياء النسائية الإسلامية(3)، ربما يعجبك انفتاح المسلمين ورغبتهم عدم كبح حب الإنسان في التمتع بالحياة، لكن سيبادرك سؤال: هل ما يحرك هذه المواقع والمروجون للأزياء الإسلامية رغبة حقيقية في الترويج للبديل الإسلامي في الموضة؟ أم أن هذا البديل الإسلامي هو المفتاح الذي يروج به الراغبون في زيادة الاستهلاك لدى الإسلاميين؛ على طريقة "فوانيس رمضان" المبتكرة التي تصنعها الصين غير المسلمة وتصدرها لأسواق المسلمين رغبة في الرواج التجاري!. المحجبات رقم (1) وردت فقرة متميزة بشأن الحجاب في كتاب للمؤلف أحمد فؤاد بلبع بعنوان: "مؤسسة الرق من فجر البشرية حتى الألفية الثالثة"، قام د. عبادة كحيلة(4) بعرضه في مجلة وجهات نظر(5). يقول في الفقرة: "ارتبطت ظاهرة الرق بظاهرة الحجاب؛ فقد كان الأصل عند المرأة هو السفور، لكن مع ظهور مؤسسة الرق وازدياد أعداد الأرقاء من النساء، وتحدد وضع بعضهن كسرائر أو حظايا، وتحدد وضع بعضهن كبغايا، أضحت هناك ضرورة للتمييز بينهن وبين الحرائر، فبدأت ظاهرة الحجاب التي كانت قصرا عليهن، وربما كانت البداية الأولى للحجاب في فارس، حيث ألزم الأرقاء من النساء بالسفور، كما ألزم الأرقاء من الرجال بحلق شعر رءوسهم وذقونهم وشواربهم، تمييزا لهم جميعا عن الأحرار". لست أود من هذا الاقتباس أن أدعي اصطفائية المحجبات دون غيرهن وكأنهن ملائكة لا يخطئون أبدا؛ إذ أن هناك غير محجبات أفضل بأخلاقهن من محجبات يفهمن الحجاب على أنه شكل فقط لا خلق؛ ولكنني أشعر أن الحجاب نفسه هو فكرة اصطفائية؛ بمعنى أن الله أراد بالمسلمات خيرا عندما أمرهن بالحجاب؛ لأنه يجعل من ينظر إليهن يقيِّمهن على أساس عقولهن لا أجسادهن. هكذا أمرنا الله لا أخلص إلى وضع المحجبة بحجابها الذي هو "على آخر موضة" في قفص الاتهام؛ بل على العكس، ربما التنوع والأناقة يكونان سببا في الإحسان إلى الدين وتيسيره على الملتزمات، وكل ما أود الإشارة إليه أن شروط الحجاب (أن يكون ساترا للبدن عدا الوجه والكفين + واسعا لا يصف + سميكا لا يشف + لا يلفت الأنظار + ألا يكون زينة في ذاته + ألا يكون لباس شهرة) هي الأولى في وضع الحجاب على الرأس؛ لأنها مواصفات أمر الله بها ولا يجوز المساومة عليها باستخدام مقولة: "هذا الحجاب غير الكامل أفضل من التبرج" و "نصف العمى ولا العمى كله". فالتبرج لا يعني خلع الحجاب؛ وإنما هو عدم استيفاء شروط الله في حجاب المسلمة؛ لأن المسلم مأمور بأن يعبد الله كما أمر لا أن يعبده على هواه {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} (الفرقان: 43). ¤¤¤¤¤¤¤¤¤ م ن ق و ل
-
عبادة الحجاب !!! حسام شحاته : موقع حماسنا .. من البدهيات في دين الإسلام أن الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى ورسوله أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأدلة الحجاب في الكتاب والسنة كثيرة منها قوله تعالى:" وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَاوَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن" (النور:29-30)، قالت عائشة رضي الله عنها:"يرحم الله نساءالمهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله": " وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن" شققن مروطهن فاختمرن بها" (رواه البخاري)، وقوله تعالى: " وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتيلاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَمُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ" (النور:60)." ومعلوم أن شروط العبادة المقبولة عند الله أن تكون خالصة له عز وجل، وأن تكون وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن من لبست الحجاب لإرضاء أهلها أو زوجها أو مسايرة بيئتها المحافظة أو عملها، أو من كانت تراعي في حجابها إرضاء أذواق الناس والحصول على استحسانهم بجمال حجابها فهذه المحجبة عندها خلل عظيم في الشرط الأول من شروط قبول العبادة وهي الإخلاص لله عز وجل، ولا يصلح هذا الخلل إلا بأن يكون رضا الله عز وجل هو الغاية والمقصد الوحيد لها. - ويتضح المقصد الحقيقي للمحجبة من حجابها من خلال موقفها من الشرط الثاني للحجاب وهو مدى متابعتها وتقيدها بالطريقة النبوية في أداء العبادة، فمن كانت ترتديه لمسايرة الأهل أو الزوج أو البيئة، أو من كانت تشرك رضا الناس مع رضا الله عن حجابها تجدها في الغالب لا تتقيد بالطريقة النبوية للحجاب، بل هي أسيرة وتابعة لصرعات الموضة في الحجاب! الطريقة النبوية في الحجاب كما أمر وبين النبي صلى الله عليه وسلم هي أن يكون الحجاب واسعاً فضفاضاً يغطي كامل بدن المرأة ما عدا الوجه والكفين، ولا يصف لون البشرة ولا يحدد معالم بدنها، ولا يكون زينة بنفسه ولا يشبه اللباس بالمختص بالرجال أو غير المسلمات. ولكن أغلب المحجبات اللواتي لديهن خلل في شرط الإخلاص لله عز وجل بحجابها، لا تتقيد بهذه المواصفات النبوية، بل تتفنن في مخالفتها أو التحايل عليها، لأنها لا تستطيع تحقيق غاية الحجاب من الإخلاص لله والستر والعفة وغايتها هي من إرضاء الناس والحصول على استحسانهم ... - ومن أمثلة الخروج عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في الحجاب: 1- الأشكال المتعددة لربطة الرأس التي تكشف جزء من الرقبة أو الشعر أو الصدر أوالأذنين سوى أنه يلفت بلونه وشكله النظر لجماله وزينته أو لغرابته وعدم انسجامه مع مفهوم الحجاب لدى أصحاب الفطرة السوية. 2- تفصيل معالم البدن بلبس الضيق من اللباس، وخاصة البنطلون والبلوزة أو القميص الضيق. 3- لبس الشفاف والقصير من الثياب. 4- ارتداء الملابس على طريقة غير المسلمات مع وضع غطاء للشعر، كما في لبس الجاكيت الصدر القصير جداً على بلوزة. 5- وضع المكياج والعطور خارج المنزل. - يروى أن رجلاً نظر إلى امرأةجميلة ثم قال: أهوى هوى الدين واللذات تعجبني فكيف لي بهوى اللذات والدين؟ فقالت له المرأة: دع أحدهما تنل الآخر. وهذا هو حال أخواتنا المحجبات حجاب الموضة، لن تنال رضا الله إلا بترك الموضة والتبرج أو لن تنال الموضة والتبرج إلا بترك رضا الله. إن اهتمام دور الأزياء العالمية بالحجاب واختراع أشكال علمانية وليبرالية له يأتي في إطار محاربة الإسلام من الداخل، فكما حرصوا على إفراغ رمضان من محتواه عبر تقديم " رمضان دايت " فهم يحاولون اليوم إفراغ الحجاب من محتواه، عبر الضحك على المسلمات بستر شعرهن بقماش ملون وكشف جسدهن بقماش ضيق وشفاف، على طريقة علب السردين المذبوحة على الطريقة الإسلامية !!! - حين تقرأ في جريدة يومية من كبريات جرائد بلاد المسلمين في أول يوم من شهر القرآن شهر رمضان التقرير التالي عن الحجاب: " في ظل التطور الهائل لموجات الموضة لم تعد الطرحة أو الإيشارب، مجرد مكمل لأناقة المرأة، بل أصبح يلعب دورا مهما في إخفاء بعض عيوب الوجه وإبراز جمال المرأة !! ويمكن القول انه اكتسب نفس أهمية الشعر وتسريحته، فإذا كان هذا الأخير هو تاج جمال المرأة، فمن البديهي أن تكون الطرحة بالنسبة للمحجبة في أهميته، وبالتالي عليها أن تختار منه ما يناسبها، كما عليها أن تغير من تسريحاتها حتى تتماشى مع خطوط الموضة الحديثة وشكل وجهها ولون بشرتها، والأهم، وفق ما تتطلبه طرحتها وطريقة ارتدائها لها. فالحجاب، كما تؤكد الموضة والشارع، تعدى شكله التقليدي الذي اعتادت أعيننا عليه، وأصبح يأخذ شكل ضفيرة و«كحكة «وشينيون» وغيرها. وترى مصممة ربطات الحجاب وخبيرة التجميل...أن امرأة اليوم أصبحت تهتم بمظهر حجابها وتعطيه عناية كبيرة، خصوصا وقد ظهرت في ساحة الموضة الكثير من الأسماء اللامعة التي تتخصص في هذا المجال بالذات، علاوة على أن الكثير من بيوت الأزياء العالمية تحرص على أن تطرح في الأسواق مجموعات متنوعة من «ايشاربات الرأس» تحمل أسماء متماشية مع خطوط الموضة الحديثة. بل إن العديد من بيوت الأزياء العالمية... وغيرها تطرح إيشاربات بأشكال كبيرة ومناسبة لهذاالغرض في الأسواق العربية والخليجية خصوصا. هذا عدا أنه أصبحت هناك مسابقات خاصة بـ"ملكة جمال الحجاب"... مع العلم أن مجموعة من ايشاربات الرأس بتوقيع مصمم الأزياء الدانماركى «مادس نور دقورد» كانت من ضمن الجوائز التي حصلت عليها الفائزة باللقب، مما يؤكد أنه حتى المصممين الأجانب لهم جولات وصولات في هذاالمجال". ...غطاء الرأس لا يتماشى مع الأزياء فقط كما كان الاعتقاد سائدا في السابق، وإنما يجب أن يتناغم أيضا مع لون البشرة وشكل الوجه. فهناك ألوان تعتبر صديقة لكل البشرات، ...وتركز خبيرة التجميل على شكل الوجه فيهذا الاختيار، ... عندما تصيبك الحيرة في اختيار لون الإيشارب الذي يتناسب مع ما ترتدينه ولون بشرتك، احرصي على أن تكون"البندانا» هي ما تتماشى مع لون الملابس والإيشارب مع درجة البشرة" ...على المرأة أن تختار من بين ربطات الحجاب ما يناسبها شخصيا، ويمنحها الراحة والثقة بشكلها، وما يتناسب مع حجمها وطولها. بعبارة أخرى، لا يجب أن تنساق إلى شكل ربطة معينة، فقط لأنها موضة لهذاالعام". أ. هـ" - هل يمكن لمن يقرأ هذا التقرير أن يخطر بباله أن كاتبه وناشره وخبيرة التجميل ودور الأزياء من ورائهم يبتغون إرضاء الله به أوالحرص على تحقيق غاية الحجاب وهي العفة ؟؟ بالطبع ستكون الإجابة بالنفي القاطع، وبعدها يتهموننا بأننا ضحايا عقلية المؤامرة. إن مما ساعد على انتشار هذا الحجاب المزيف، عدة عوامل منها التأثير الإعلامي السيئ بتمييع قضية التعبد بالحجاب لدى المسلمات والمؤمنات، وطمع التجار المشتغلين بالحجاب ممن يطلبون الربح السريع ولا يتقيدون بالأحكام الشرعية، وأيضاً ضعف الوازع الديني عند قطاعات من المسلمين لم تتلقي التربية الإيمانية الكافية بسبب التقصير الرسمي والشعبي في مجال الدعوة الإسلامية. ¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ م ن ق و ل
-
أسلمة مسابقات ملكات الجمال بين القبول والرفض تروج للحجاب وتثير الجدل في المجتمعات العربية 20-2-2009 ▫▫▫▫▫▫▫▫ القاهرة - جريدة الراية :: - شريحة عريضة من الفتيات تنحصر علاقتهن بمسابقات ملكات الجمال في مشاهدتها فقط عبر شاشات التلفزيون دون أن يشاركن فيها نظرا لما يتطلبه ذلك من أن يظهرن بمظهر متحرر وهروبا من ذلك برز اتجاه يعزف على هذا الوتر محاولا اجتذاب تلك الفئة من الفتيات وإتاحة الفرصة أمامهن كي يجربن شعور المنافسة على لقب ملكة الجمال الذي تحلم به كل فتاة، وجاء ذلك عبر إقامة مسابقات تمثل الاتجاه الموازي لمسابقات ملكات الجمال التقليدية، يقف وراءها في الغالب أصحاب الاتجاه الإسلامي. - وفي هذا السياق ستنطلق مسابقة لاختيار ملكة جمال العالم من المحجبات بالقاهرة خلال ايام وتنظمها مؤسسة انجاز والتي من المقرر ان تشارك فيها فتيات من مختلف دول العالم ووضعت المؤسسة شروطا للمشاركة اولها ان تكون المتقدمة للمسابقة مرتدية للحجاب وليست منتقبة ولا ترتدي الاسدال أو الخمار مع مراعاة الجمال الشكلي وامتلاك ثقافة دينية عامة وتحترم حرية الاخرين وتؤمن بأن المرأة نصف المجتمع مؤكدة ان المسابقة تهدف إلى تصحيح صورة المرأة المسلمة. - وفي إبريل الماضي نظمت قناة إقرأ الفضائية مسابقة لاختيار ملكة جمال الأخلاق ، وحسب قسيمة اشتراك المسابقة كان هناك تركيز على فضيلة بر الوالدين التي تنافس فيها فتيات تتراوح أعمارهن بين 16- 26 عاما، ورغم أن الفكرة تعتمد أساسا على استعراض خلق الفتيات إلا أن لفظ ملكة جمال يظهر وكأنه الهدف الرئيس من الاشتراك في هذه المسابقة كمحاولة لسحب البساط من مسابقات الجمال المتعارف عليها التي يفتتن بها أغلب الشباب، إلى جانب الدعاية لنوع جديد من المسابقات الإسلامية ، كما أن أسبقية تنظيم هذه المسابقات من قبل جهات إسلامية يأتي ترويجا بصورة ما لارتداء الحجاب رغم أن الهدف المعلن هو بر الوالدين ، وليس أدل على ذلك من كون شعار المسابقة يمثل شكل فتاة محجبة على رأسها تاج ملكة الجمال. - وعلى غرار هذه المسابقات اقام التيار الإسلامي خلال الفترة الماضية داخل جامعة القاهرة مسابقة لملكة جمال الحجاب، ورغم أن عنوان المسابقة أكثر مباشرة إلا أنها اعتمدت على الفكرة نفسها وهي إعلاء شأن الفتاة المحجبة واتاحة الفرصة أمامها كي تمارس ما لا يمكنها ممارسته في الواقع أي أن تكون ملكة جمال ، وهدفت هذه المسابقة إلى اختيار الفتاة صاحبة أفضل زي “إسلامي”، وذلك في الوقت الذي تتأنق فيه العديد من الفتيات بأزيائهن التي لن تلقى قبولا داخل مسابقات من هذا النوع. - وقبل عام تقريبا أطلت فتاة فلسطينية محجبة من عرب 48 تدعي منى خلايلة على شاشات التلفزيون للمشاركة في مسابقة ملكات الجمال، بعد أن أصدرت إحدى المجلات النسائية التي تصدر لعرب 48 إعلانا عن مسابقة لملكات الجمال بين الفتيات، وكان شرط المواصفات الشكلية آخر شروط المسابقة بعد عدة شروط وضعها المنظمون منها: التفوق في أي من مجالات الرياضة أو الأدب أو الفن أو الدراسة، ثم الموهبة في المجالات المختلفة، ثم الطموح في الحياة العملية والإعداد لذلك، وجاء في نهاية الشروط: الطلّة الجذابة .. ! - وحاول القائمون على تلك المسابقة المزج بين فكرة مسابقات ملكات الجمال الغربية التقليدية، ومسابقة ملكة الأخلاق التي نظمتها جمعية نهضة المرأة برأس الخيمة في الإمارات عام 2001 والتي اعتمدت فكرتها على قياس مدى التزام المشاركة بتعاليم دينها، ومدى مساهمتها في تنمية مجتمعها حسبما يدعوها دينها، مع عدم الاهتمام بجسد الفتاة ومفاتنها. ويتم اختيار الفائزة بالمسابقة وفق معايير منتقاة تلزم المتقدمات باجتياز جملة من الاختبارات التحريرية والشفوية. وقد أثارت فكرة ملكة جمال الأخلاق في حينها الكثير من ردود الفعل الإيجابية كبديل لدعاوى الانحلال والابتذال. وكانت جمعية نهضة المرأة قد عقدت مسابقة مماثلة لمسابقة ملكات الجمال، ولكن من نوع مختلف تماماً، لا تولي اهتماما بجسد الفتاة ومفاتنها بل تهتم بقياس مدى التزامها بتعاليم دينها ومشاركتها في تنمية مجتمعها حسبما يدعوها دينها، وقبل نحو 5 سنوات كانت هناك محاولة أردنية لتنظيم أول مسابقة لملكة جمال المحجبات في الأردن فرُدَّ المنظمون على أعقابهم واصطدموا بكم هائل من المعتقدات والتحفظات والمعارضة من قبل المجتمع. وقد اثارت هذه المسابقات جدلا واسعا في المجتمعات العربية وتعرضت لهجوم حاد من قبل علماء الدين الذين رأى اغلبهم أن تنظيم مسابقات ملكات الجمال بمشاركة محجبات بدعة وإهانة واضحة للمرأة المسلمة موضحين أن رعاة هذه المسابقة من شركات أزياء وقنوات تليفزيونية هم نفس رعاة مسابقات العري المرفوضة شرعا، وأنهم غيروا المسمى كنوع من الخدعة والتحايل، مؤكدين أن الفتاة المثالية في منظور الإسلام هي التي تتصف بالحياء والمحافظة على نفسها، وليست من تعرض مفاتنها وتحول الحجاب إلى موضة ووسيلة جديدة للإغراء. وأشار العلماء إلى أن تلك المسابقات التافهة ليس لها أي مردود إيجابي على مجتمعاتنا، حتى لو كانت تحمل أسماء ومعاني براقة وأنها فكر غربي ولكن بصبغة شرقية إسلامية. بينما يرى البعض الآخر - وهم قلة - أنها فرصة للاحتفال بالجمال المتدين حول ظاهرة مسابقة ملكة الجمال المحجبات التي أخذت تنتشر في عالمنا العربي والإسلامي المحافظ كان هذا التحقيق. ووفق منظور الدكتورة أمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر فإن هذا النوع من المسابقات يعد متاجرة بالدين والحجاب وليس كما يروج البعض انها مسابقات تدعو الناس إلى التعرف على الإسلام كدين يمكّن معتنقيه من ممارسة أنشطة الحياة. مؤكدة ان هذه المسابقات تحول المرأة المسلمة إلى سلعة أو بضاعة تعرض نفسها على المتفرجين. وتشير نصير إلى ان الإسلام ينظر إلى المرأة على أنها موطن للصيانة والحصانة، فهي رمز العفة والكرامة؛ وهؤلاء الذين يقيمون تلك المسابقات وما على شاكلتها إنما يمتهنون النساء المسلمات تحت المسميات الخادعة، ويتخذون المرأة سلعة ممتهنة سعيا إلى الكسب المالي. ومن جانبه يقول الدكتور عبدالله عبدالحي استاذ بجامعة الازهر أنا شخصيا أعترض على مثل هذه المسابقات لأن فيها تقليدا للغرب.. وحتى لو زعم المنظمون أن المسابقة خاصة بملكة جمال الحشمة -الزائفة من وجهة نظري- فمع مرور الأيام سيتطور الأمر ويتغير الفكر. وعلى المرأة المسلمة التحلي بالسلوك القويم وتراعي التعاليم الاسلامية واعتبر ان هذه المسابقات التي تتحايل تحت شعارات دينية خادعة حتى يتقبلها المجتمع أمر مرفوض شرعا، ويجب التصدي له؛ لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز: " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ " مؤكدا ان مسابقات ملكات الجمال تنظر إلى جمال المرأة ومفاتن جسدها دون مراعاة للاخلاق أو الدين وهي في مجمل الامر تخالف الشرع. وترى الدكتورة سعاد صالح أن هذا النوع من المسابقات يشكل خطرا واضحا وصريحا على القيم الاجتماعية الكبرى وهي الدين والنفس والمال والعقل والعرض، رغم أن تلك القيم تشكل المقاصد العليا للشريعة، ومن الواضح أن هناك من يحاول العبث بتلك القيم . وتدلل على ذلك قائلة: على سبيل المثال فإن السمعة الطيبة والطهارة والعفة يحافظ عليها الإسلام.. وكل ما من شأنه المساس بالعرض كقذف المحصنات والتشهير، والاغتصاب وهتك العرض.. تنتهكه مثل تلك المسابقات، لأنها حتى لو كانت لمحجبات فسوف تؤدي إلى تعرض المتسابقات للعديد من الشائعات التي يرفض الإسلام تعرض المرأة لها . وتعرب صالح عن أسفها الشديد لمحاولات الاغتراب الديني والثقافي الذي يتعرض له العالم الاسلامي في الوقت الحالي وفيما يخص الزي الاسلامي تحديدا، حيث اصبح الحجاب موضة تتفنن بيوت الموضة في ألوانه وكيفية لفاته، بصورة تجعل المحجبة أكثر لفتا لنظر الرجال من غيرها، وهو ما يعني أن الرجل ينظر إليها نظرة فتنة وشهوة، وهو ما يرفضه الإسلام . ومن جانبه يقول الدكتور علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر ان مثل هذه الامور مخالفة للشريعة الاسلامية فجسد المرأة ومفاتنها لا يجب ان يكون عرضة للناظرين ولا يجوز للمرأة المسلمة ان تعرض جسدها إلا على زوجها غير ذلك فهو ممنوع ومحرم ومثل هذه المسابقات محرمة شرعا مشيرا إلى ان جمال المرأة المسلمة في حياها واخلاقها وكفاءتها في الحفاظ على حياتها الزوجية وتربية ابنائها. ونبه الدكتور محمود عاشور وكيل وزراة الازهر السابق إلى ان مثل هذه المسابقات تعد بدعة لا تتفق والقيم الدينية والاخلاق الاسلامية فلا يصح مطلقا ان تقوم لجنة بقياس طول وعرض وخصر الفتاة المسلمة حتى تؤهل لمسابقة غريبة مثل هذه المسابقات الوافدة الينا من الغرب ولا تمت لديننا الحنيف أو قيمنا الاخلاقية بصلة ويدعو د. عاشور الفتيات العربيات بالابتعاد عن تلك البدع ولا يلهثن وراء تلك الهوس الاعلامي الذي من شأنه ابعادهن عن الدين الاسلامي مؤكدا ان جمال المرأة الفعلي يكمن في معرفتها الدينية وتمسكها بمبادئها. م ن ق و ل
-
المرأة المسلمة وضغوط عالم الموضة ليلى بيومي – الاسلام اليوم ----------- على الرغم من أن قطاعات كبيرة من النساء في بلادنا العربية أعلنت انحيازها للشريعة والتوجه الإسلامي، وعبّرت عن هذا الانحياز بكثير من المظاهر وأنواع السلوك، وكان على رأسها ارتداء الحجاب في وقت اكتسحت فيه أنماط حياة الغرب الصليبي عالمنا ودخلت بيوتنا، إلاّ أنه مما يؤسَف له أن أعدادًا كبيرة من هؤلاء المحجبات، وخاصة الداخلات الجدد إلى عالم الحجاب، قد أسأن إلى هذا الزي، بتفريغه من مضمونه عبر ارتداء الملابس الطويلة والمجسمة في نفس الوقت، وكذلك ارتداء الطرحة ولكن مع النمص ووضع الماكياج والعطور. هذا السلوك جعل كثيرًا من العلمانيين يوجهون خناجرهم وسهامهم المسمومة تجاه الإسلاميين والفكرة الإسلامية عمومًا، ويقولون: إن كثيرًا من المحجبات الآن يرتدين الملابس المثيرة، التي هي أكثر إثارة وإغراءً من ملابس المتبرجات، وإنه من المألوف أن نرى كثيرًا من هؤلاء يتأبطن أيدي الشباب في مناظر خليعة في الشوارع والميادين، فلماذا إذاً يصدّعون رؤوسنا مطالبين بالحجاب؟ شكل الحجاب مقياس للتديّن - تقول أحلام رضا “مختمرة وطالبة جامعية”: الزي بالنسبة لي هوية وجزء أساسي من ديني، ولا أتصور نفسي بحجاب ناقص؛ فالتدين كما تعلمته في أسرتي لا يقبل التنازل أو التجزئة، وشكل ونوعية الحجاب أراهما مؤشرًا على قوة إيمان المحجبة، فإذا كان تدينها مبدئي وقوي، فسوف تكون قدوتها المسلمات الرساليات الأوائل وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك فلن تتنازل أبدًا عن شروط ومواصفات الحجاب الطويل الذي لا يصف ولا يشفّ وليس حجابًا للزينة. أما إذا كان تدين الفتاة أو المرأة عمومًا مهزوزًا وضعيفًا فسوف تقل شروط حجابها، ولن تلتزم بالشروط الشرعية المطلوبة. وأنا والحمد لله وأمي وشقيقاتي نرتدي الحجاب الشرعي الفضفاض الذي ترتديه نساء الصحوة الإسلامية. - سهام مصطفى “جامعية وترتدي الحجاب الفضفاض” تؤكد على كلام زميلتها أحلام وتقول: أنا لا أثق في تدين الفتاة التي ترتدي “الإيشارب” والبنطلون الجينز وتضع المساحيق والعطور، فيستحيل أن تكون هذه المسكينة قد قرأت في العلوم الشرعية، أو قرأت تفسير سورة النور مثلاً، أو شيئًا عن السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي. فالخلاف الموجود هو بين النقاب والحجاب، أما حجاب الموضة والجينز والعطور والنمص، فإنه عَرَضٌ لمرض القلب، ودليل على حب الدنيا والتعلق بها، أو هو دليل على عدم وضوح الرؤية. وتؤكد سهام أن العديد من أقاربها ضغطوا عليها كثيرًا من أجل أن تطور حجابها وترتدي ما ترتديه زميلاتها وأقاربها من حجاب الموضة، لكنها رفضت بشدة، وتمسكت بالحجاب الشرعي حتى هدأت العاصفة، وعرف الجميع أنه لا مجال للتفاوض معها مرة أخرى أو الضغط عليها. - بينما ترى رقية مدحت “جامعية وترتدي حجاب الموضة” أن حجابها متطور، وتزعم أن كثيرًا من السيدات الفضليات يرتدينه، وكذلك الكثير من الفتيات ذوات الخلق والتفوق. وهي ترى أن هذا الحجاب أفضل من التبرج وكشف مفاتن الجسم، وتعتقد أنه ليس من العدل مساواتها بالمتبرجات. وتقول: إنها تقرأ في الكتب الدينية السهلة وتستمع إلى الدعاة المتفتحين، على حد قولها. وتقول أيضًا: أنا أعتقد أن التزامي وأخلاقي أفضل من كثيرات من اللواتي يرتدين الحجاب الواسع، وكثيرات منهن يفعلن ذلك من أجل الزواج، والإسلام لا يشغلهن. - المفاجأة كانت في كلام نورا إسماعيل “جامعية متخرجة حديثاً ومنتقبة” والتي أكدت أنها تعرف الكثيرات ممن يرتدين حجاب الموضة وكثيرات منهن ملتزمات أخلاقيًا، وفي نفس الوقت منهن من لا تعرف شيئًا عن التدين ولا يصلين. لكن الملتزمات منهن فإنهن في الغالب أبناء طبقات راقية ومستويات اجتماعية متميزة، وهؤلاء يحبّذن - عندما يلتزمن - ارتداء أزياء معينة يحرصن على ألاّ تشبه أزياء المتدينات العاديات. وتضيف نورا: وللأسف فإن أعدادًا ليست قليلة من اللواتي يرتدين الحجاب الشرعي يكون التزامهن شكلياً، ومنهن من لا تصلي، وفعلاً تأكدت أن بعضهن يبتغين من وراء ذلك سرعة الزواج. وتستطرد نورا: لقد واجهت موقفًا مشابهًا عندما طلبت مني أمي وخالتي وبعض قريباتي وزميلاتي أن أخلع النقاب وأكتفي بالخمار؛ تسهيلاً للزواج، ولكني رفضت بشدة، وكانت زميلاتي يتندرن عليّ ويزعمن أنني لن أتزوج، ولكن خيب الله ظنهن، فقد تزوجت قبلهن وأنجبت والحمد لله، وأرى أن التنازل عن الثوابت والأصول والمبادئ كارثة تدمر الإنسان. الثقافة والثراء تدفعان للتميز - تقول د. نشوى سيد، الأستاذة بكلية العلاج الطبيعي: أصبحت المرأة في جميع المجتمعات العربية تهتم بالموضة، فتحرص على الأزياء التي تشرف على تفصيلها بنفسها، أو تشتريها بأثمانٍ غالية، ثم تقوم بلبسها مرة أو مرتين، وربما كان لارتفاع مستوى المعيشة دخل في ذلك، بالإضافة إلى التقليد، ومتابعة الأفلام والمسلسلات والتأثر بما فيها من أزياء. وتعتقد د. نشوى أن البناء الثقافي والديني للمرأة وللأسرة له ارتباط وثيق بهذه القضية، فالثراء له قنواته ووسائله وطرقه في التعبير عنه، والمرأة الثرية في الغالب - حتى وإن كانت متدينة - تبحث عن التميز وارتداء الأزياء المستوردة؛ حتى تنفرد بأزياء لا ترتديها الكثيرات. وقد رأيت بنفسي صحفيّة ملتزمة ترفض ارتداء الخمار العادي المشهور بين الملتزمات، وحينما سألتها عن السبب قالت: إنه خمار البوابات. وترى د. نشوى أن بإمكان النساء أن يبتكرن موضات جديدة تناسب العادات، ولا تخرج عن المألوف في الدين والعرف، لكنها تكون حديثة وجيدة، وفي نفس الوقت محترمة ومحتشمة وليست لباس زينة. فقدان عقلية وثقافة الحجاب! - ومن جانبه يلفت د. إبراهيم سالم أستاذ الصحة النفسية إلى أن هناك ما يمكن أن نسميه "عقلية الحجاب"، فالحجاب ليس خرقة تلفّ الرأس وحسب، كما يحب البعض تشبيهه، لكنه قبل أن يكون لباساً فإن له عقلية وثقافة ونفسية خاصة به في الخلق والتعامل؛ فالصلاة لن تغني عن صاحبها شيئًا ما لم تمنعه عن المعاصي والرذائل. والزكاة لن تنفع من سبّ هذا و كفّر ذاك وسرق الثالث، وافترى على الرابع... الخ. ولن تغني كل العبادات عمّن لم يدخل فؤاده طاعة الرحمن وخشية الله؛ فالدين المعاملة، وما بُعث خير الأنام إلاّ ليتمم مكارم الأخلاق. ويضيف د. إبراهيم سالم يقول: إن المرء ليحزن مما يراه هذه الأيام من أناس أفرغوا الإيمان من محتواه، والحجاب من أهدافه، والإسلام من رسالته السامية، فنحن نرى بأم أعيننا، الكثيرات من الفتيات وقد تبرّجن بالحجاب كأنها الجاهلية الأولى، هؤلاء الفتيات بانت محاسنهن أكثر ممن توقّرن بلا حجاب!! إنهن يرتدين من الألوان ما يبهر الأنظار، ومن الأزياء ما يشفّ أو يجسّم، فيصبحن أكثر إغراءً ممن لا يرتدين الحجاب، وهن مع هذه المخالفة يرين أنهن قد استجبن لشرع الله واحتجبن. ويسأل د. إبراهيم سالم هؤلاء المتبرجات الجدد: لِمّ اختزلتن الحجاب ليصبح مجرد موضة؟ لماذا تتعبن أنفسكن بالتبرّج إلى هذا الحد؟ لم اخترتن الحجاب إن كانت هذه هي النتيجة؟ وأين روح الحجاب في ممارساتكن؟ ومتى أفرغ الحجاب ليصبح ضربًا من أسوأ الممارسات، حيث التكبّر والتباهي بكلفته؟ قضية اجتماعية خطيرة - د. نادية هاشم، الأستاذة بجامعة الأزهر تقول: السعي لملاحقة الموضة قضية اجتماعية خطيرة، فالنفس البشرية تتوق دائمًا للجمال وتعجب به، ولذلك أمر الله عباده بالتزين والتجمل في غير إسراف، مع التأكيد على أن لباس التقوى هو الساتر الحقيقي للإنسان. والمسلم يعمل على الاهتمام بمظهره الخارجي كل حسب طاقته وقدرته، وكل هذا مباح، ولا غبار عليه مادام لا يتعدى حدود الشريعة الآمرة بستر العورة للرجال والنساء على السواء؛ فالتجمل والاعتدال فيه والانضباط أمر حسن ومحمود، أما الإسراف فيه والتقليد الأعمى لكل ما يبتدع على أيدي أعداء الإسلام فهو المذموم الذي لا يحبه الله تعالى ولا يرضاه لعباده. بدعة فاسدة - تقول د. سميحة ربيع، أستاذة الفقه بجامعة الأزهر: الحجاب الجديد الذي هو حجاب الموضة بدعة ما أنزل الله بها من سلطان؛ فالحجاب ليس سترًا لشعر الرأس خاصة!! ليس مجرد قطعة قماش في دولاب الفتاة فتحرص على إضافتها ويبقى الحال على ما هو عليه؟! وما قال أحد من الأولين ولا الآخرين بأن ستر شعر الرأس هو الغرض من الحجاب، وإنما الحجاب عبادة واجبة تأثم المفرطة فيها، وكما أن للصلاة صفة مَن خالفها فقد خالف صحيح الدين، فكذلك الحجاب له صفة لا يجوز مخالفتها. ونحن نسأل الواحدة من صاحبات حجاب الموضة: لماذا تلبسين الحجاب؟ ستقول: لأن الله أمر به، ولكن لماذا أمر الله به؟ حينئذ ستقول كلامًا يناقض نفسه ولا يستقيم، ذلك لأنها في الحقيقة تجهل الحكمة من تشريع الحجاب. فشروط الحجاب معروفة وهي: أن يكون ساترًا للبدن، عدا الوجه والكفين، “فعليهما خلاف” وواسعًا لا يصف، وسميكًا لا يشفّ، ولا يلفت الأنظار، وألاّ يكون زينة في ذاته، وألاّ يكون لباس شهرة. المحجبات نوعان لا ثلاثة - الكاتبة الصحفية صافي ناز كاظم ترى أن مرتديات الحجاب صنفان: الأولى: الملتزمة بالفريضة، التي ترتدي الحجاب الشرعي وفقًا لشروطه لا لشكل معين. والثانية: والتي تعلوها، هي المتنفلة، التي تحب أن تقدم النافلة مع أداء الفريضة، والنافلة ما زاد تطوعًا عند الإنسان في طاعته وعبادته قربة لوجه الله سبحانه وتعالى، وهي التي ترتدي النقاب. أما الصنف الثالث من صويْحبات حجاب الموضة فما يرتدينه قد يكون نوعًا من الاحتشام، تفاديًا للتبرج، لكنه أبدًا ليس حجابًا على الإطلاق، ولا يمكن تسميته حجابًا؛ لأن الحجاب ثقافة ثم سلوك وخلق وتدين. ¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ م ن ق و ل
-
تسلم إيدك أختي على الموضوع الجميييييييل والله مصر دي حيرتني كتيييييير .. لما تفتحي التليفزيون وتلقي فنانة لابسة لبس أجارك الله وتقول أنا ربنا دايما معايا في كل خطوة .. يبقى إنت أكيد في مصر .. ولما واحدة تاني تقول أنا قبل ما أروح أصور الكليب الفلاني فضلت اليوم كله و أنا أقرأ قرآن .. يبقى إنت أكيد في مصر .. لما تفتحي التليفزيون تلقي كل من هب و دب بيتكلم عن الدين و في الدين .. يبقى إنت أكيد في مصر .. لما تتمشي ف الشارع و تشوفي الشباب الفانكي اللي مش حاسس بقيمة الفلوس اللي بيبعزق فيها .. يبقى إنت أكيد في مصر .. وغيره كتييييييييييييييييييييير يا أختي حياتي من أجل ربي .. لكن ده مش معناه إننا نستسلم و نسيب الدنيا بايظة و نقول (( يبقى إنت أكيد في مصر )) لازم لك واحد فينا يصلح اللي يقدر عليه .. جزااااااكي الله خيرا .. ويارب أشوفك سعيدة على طوووووول .. ويبعد عنك كل شر .. ربنا يوفقك في دراستك .. تقبلي مروري المتواضع ..
-
عبد اللطيف أبو هيف .. سباح القرن العشرين
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in المنتدى الرياضى
متألقة دايما بردودك الجمييييييييلة يا ندى .. أنا نفسي بقى أتعلم حاجة فيهم السباحة أو الرماية أو ركوب الخيل -
عبد اللطيف أبو هيف عبد اللطيف خميس أبو هيف سباح مصري شهير، أو سباح القرن العشرين كما أطلق عليه البعض، استطاع أن يضع نفسه في مكانة عالمية متميزة في واحدة من الرياضات الهامة، حيث حقق العديد من الإنجازات على مدار مشواره الرياضي، والتي يعد من أهمها عبوره المانش ثلاث مرات محققاً رقم قياسي عالمي في عام 1953م، ومتحدياً جميع الصعوبات وأولها البرودة القاتلة والتيارات الجارفة وغيرها الكثير. عُرف أبو هيف كواحد من أبرز سباحي المسافات الطويلة على مستوى العالم وسطع نجمه في فترتي الخمسينات والستينات كبطل في السباقات الدولية، اتخذ أبو هيف من البطل إسحاق حلمي أول عابر للمانش مثلاً له حيث كان له الفضل في الأخذ بيد أبو هيف في مشواره الرياضي . النشأة ولد في 30 يناير عام 1929م بحي بحري بمدينة الإسكندرية بمصر، وتخرج من كلية سانت هيرست العسكرية بلندن في عام 1956م، وكان الملك فاروق سبباً في دخول أبو هيف لهذه الكلية الحربية عندما أراد تكريمه بعد نجاحه في عبور المانش في عام 1951م، واختار أبو هيف جائزته أن يلتحق بأفضل كلية حربية في العالم بعد حصوله على الشهادة الثانوية وقد كان. عشق أبو هيف السباحة منذ الصغر وبدأ ممارستها وهو عمره 10 سنوات، وتمكن من الحصول على بطولة الإسكندرية وهو مازال صغيراً ثم توالت نجاحاته وبطولاته ليتوج بطل محلي لمدة عشر سنوات وبطل عالمي لمدة خمسة وعشرين عام. إنجازاته حقق أبو هيف العديد من الإنجازات على مدار تاريخه الرياضي الحافل ومن إنجازاته نذكر فوزه بأكثر من عشرين سباق دولي، وحصوله على بطولة العالم خمس مرات، وتمكنه من تحدي المانش وعبوره 3 مرات، كما حطم الرقم القياسي في عام 1953م. في عام 1955م تمكن أبو هيف من تحقيق المركز الأول في السباق الدولي للمانش متفوقاٌ على أشهر وأسرع السباحين العالميين، وأحتل المركز الأول أيضاً في أطول سباق للسباحة الطويلة حول العالم في عام 1963م، هذا السباق الذي أستمر لمدة 36ساعة في بحيرة ميتشجان بالولايات المتحدة الأمريكية وكانت المسافة المقرر قطعها 135 كيلومتر. كما حصد المركز الأول في العديد من السباقات التي نظمت في الأرجنتين والتي وصل إحداها إلى مسافة 250 كيلومتر قطع فيها أبو هيف مقدار 60 ساعة سباحة من روساريو إلي بيونيس آيرس وكان أبو هيف في المركز الأول حيث كان صاحب أطول مسافة تم قطعها في هذا السباق، كما حصل على المركز الأول في سباق نهر السين بفرنسا عام 1952م وفي سباق مونتريال الدولي بكندا عام 1965م وهو أحدي سباقات التتابع بمعنى أن يتناوب سباحين السباحة كل ساعة، أصر أبو هيف على الاستمرار بالسباحة بمفرده وذلك بعد أن مرض رفيقه الإيطالي بسبب البرودة الشديدة وأضطر لمغادرة السباق مبكراً حيث استمر أبو هيف بالسباحة لمدة 29 ساعة ونصف وحصل على المركز الأول، وكان هذا السباق هو أحد الأسباب التي دفعت الإتحاد الدولي لإعلانه أعظم سباح في التاريخ في المسافات الطويلة كما كان له دور في فوزه بلقب سباح القرن. ومن السباقات الشهيرة التي خاضها سباق كابري نابولي بإيطاليا, وسنتافي وروساريو بالأرجنتين. إنجازات إنسانية على الصعيد الإنساني فاز أبو هيف بأكبر البطولات في المشاعر الإنسانية وإحساسه العالي بالآخرين، فكانت له العديد من المواقف المتميزة على مدار تاريخه الرياضي نذكر من هذه المواقف : تبرعه بجائزته المالية في إحدى السباقات لأسرة السباح الإنجليزي ماتيوس ويب الذي غرق في بحر المانش أثناء عبوره له بمفرده دون مركب مرافق. كما تبرع بجائزته لجورج فاليري السباح الفرنسي وبطل العالم في سباق الظهر عقب إصابته بالشلل. وتقاسم الجائزة التي فاز بها في سباق مونتريال مع رفيقه على الرغم من انسحاب رفيقه في بداية السباق لمرضه. كل هذه الأحداث وغيرها الكثير تعبر عن مدى الأخلاق الرياضية التي تمتع بها أبو هيف وجعلته يستحوذ على إعجاب الكثيرين حول العالم. قام أبو هيف بالإعلان عن اعتزاله للسباحة في عام 1973م وكان حينها في الخامسة والأربعين من عمره. التكريم حصد أبو هيف العديد من الميداليات والجوائز نظير جهوده الجبارة التي بذلها في البطولات المختلفة والتي نجح في الفوز بها بتفوق ساحق متقدماً على جميع المتسابقين الأخريين، ولكن بالإضافة لهذه الميداليات حصل أبو هيف على وسام الرياضة من رئاسة الجمهورية، كما حصل على لقب سباح القرن العشرين في مايو 2001 وذلك بناء على اختيار الاتحاد الدولي لسباحة المسافات الطويلة له تقديراً لإنجازاته، كما قام الإتحاد الدولي لمحترفي السباحة الطويلة بمنحه لقب أعظم سباح في التاريخ، واختير كأفضل ثالث سباح في العالم، وحصل أبو هيف في عام 1963م على لقب أفضل رياضي في العالم وذلك في استفتاء سنوي في إيطاليا لاختيار أفضل النجوم العالميين، الأمر الذي جعله ينضم لأشهر الرياضيين العالميين مثل بيليه نجم كرة القدم البرازيلي أو الجوهرة السوداء كما أعتاد عشاقه أن ينادوه وذلك في عام 1961م، ثم ريفييرا في 1962م، وجاء من بعدهم أبو هيف في عام 1963م. وكنوع أخر من التكريم تم إطلاق اسمه على إحدى الشواطئ الكبرى بمسقط رأسه بمدينة الإسكندرية. بطل يقاوم المرض وقف أبو هيف ليتحدى المانش ويعبر أعظم البحار ولكن على الرغم من تاريخه الرياضي المتميز إلا أن المرض قرر أن يقف ليتحدى أبو هيف هذه المرة فتمكن منه الألم والمعاناة من خلال عدد من الأمراض التي تسللت إلي هذا الجسد الرياضي، فيمر البطل بعدد من الأزمات الصحية الخطيرة، فخضع للعديد من الجراحات لربط دوالي المرئ، بالإضافة لمعاناته من تضخم الطحال وتليف الكبد وإلتهاب المرارة وسرطان جلدي في الرأس، كل هذه الآلام ولم يخجل المرض من أن يهاجم بشراسة قاهر المانش ومحطم الأرقام القياسية والذي يقف بشجاعة في مواجهة كل هذا.
-
صالح سليم .. ولد صالح سليم يوم 11 سبتمبر سنة 1930، كان والده الدكتور محمد سليم أحد رواد أطباء التخدير في مصر حتى صار أكبر و أعظم دكتور تخدير في مصر، عمل الدكتور سليم مع اكبر و أعظم الجراحين في مصر، فكان يقف خلف الستار في العمليات الحساسة و المهمة و معروف عن الدكتور سليم إنسانيته، فكان يزور مرضاه بعد العمليات للاطمئنان عليهم. تعرف الدكتور سليم على والدة صالح أثناء إجراء لها عملية بمعرفة الدكتور مورد باشا الذي عمل معه الدكتور سليم مدة طويلة و أعجب الدكتور سليم بها و طلب يدها و تزوجا و السيدة والدة صالح من العائلة الهاشمية و والدها من أشراف مكة و ترك أهلها مكة و هاجروا إلى تركيا، ثم استقروا أخيرا في مصر حيث تزوجت الدكتور سليم و أنجبوا ثلاثة أولاد ذكور صالح و عبد الوهاب و طارق شجع الدكتور سليم على لعب كرة القدم و كان عامل مهم جدا في تألق صالح في هذه اللعبة. بينما والدة صالح كانت تفضل أن يلعب صالح التنس أو يمارس لعبة البولو (لعبة الأرستقراطيين و قد انقرضت في مصر) و شب صالح في منزل مليء بالفن الرفيع و الذوق الجميل، فكان الدكتور سليم يهوى العزف على الآلات الموسيقية، كذلك والدة صالح كانت تجيد العزف على البيانو كمعظم السيدات هوانم ذلك الوقت. تأثر صالح بهذا الجو رفيع المستوى فشب يحب الموسيقى و متذوق جميع ألوان و أصناف الفنون تواجد صالح في منطقة الدقي و كان عمره ستة سنوات حينما سكنوا في بيت يملكه جيران أفاضل بشارع عامر بجوار ميدان عبد المنعم الذي أصبح ميدان المساحة تتذكر السيدة الفاضلة زينب هانم الوكيل حرم السفير المرحوم كامل خليل ( و هي في نفس الوقت شقيقة الدكتور العظيم إبراهيم الوكيل الذي عمل مع الدكتور سليم بمستشفى مورو و ترأس الدكتور إبراهيم الوكيل النادي الأهلي) تقول زينب هانم أن صالح في السن المبكر هذا كان يتمتع بصفات حميدة لا يمكن أن ننساها فكان يتحلى بإنسانية و عطف على المغلوب على أمرهم منذ صغره كانوا يلعبون معا في حديقة البيت مع باقي أولاد الجيران و كان يمر عليهم بائع الجيلاتي و الدندرمه و اسمه عم عطا الله فكانت ترى صالح يتوجه إليه و يعطيه بعض القروش، قد تكون كل مصروفه و يعود دون أن يأخذ الدندرمه، و حينما تسأله كان صالح يقول أنه رجل غلبان وهو يحاول مساعدته و تروي أيضا السيدة الجليلة زينب هانم الوكيل أن صالح و الذي يصغرها سنا، كانت له شخصية جذابة، يحبه جميع أولاد المنطقة و بدأ يظهر حب صالح سليم لكرة القدم في تلك السن المبكر، سبع سنوات كان يكفي صالح أن ينزل إلى الشارع حتى يلتف حوله جميع الأطفال و يبدأ لعبة الكرة كان صالح يلعب الكرة مع أولاد الجيران في منطقة يحيطها مجموعة من بيوت البشوات في منطقة ميدان المساحة الآن. كان هناك محمود المحروش باشا و سليمان باشا السيد و أحمد عبد الفتاح باشا و حسنين باشا و عبد القادر باشا دياب و كامل باشا الوكيل و غيرهم كثيرين كان بعض هؤلاء البشوات يزعجهم الضجيج المنبعث من الأولاد خلال لعبهم الكرة في منطقة الميدان المغطاة بالنجيل، فكانوا يرسلون من يحاول إيقافهم أو منعهم عن اللعب، و كان صالح يتصدى لهم، فكان من صفاته العند على الحق منذ الصغر، و يهرب جميع الأطفال إلا صالح يستمر في اللعب وحده دون ضجيج حتى يتجمع حوله أولاد المنطقة مرة أخرى و انتقلت عائلة صالح سليم من شارع عامر إلى شارع عكاشة و هناك استمر صالح في لعب الكرة حيث كانت الفرق من الأحياء المختلفة تقابل بعضها البعض ظهور الموهبة التحق صالح منذ صغره بمدرسة الأورمان الابتدائية وكان عمره أقل من ثمان سنوات وكانت عائلته انتقلت من شارع كامي إلي شارع عكاشة في نفس حي الدقي وعلى مسافة غير بعيدة من البيت الأول الذي بدء منه لعب الكرة في الشارع واستمر صالح يلعب الكرة في شارع عكاشة (الذي أصبح الآن شارع صالح سليم) وأثناء وجوده في فصل الرابعة الابتدائية بالاورمان الابتدائية بدء يلعب الكره داخل المدرسة فكان يذهب إلي المدرسة قبل موعد الدراسة ليلعب مع الفريق قبل دخول الفصول كان ذلك تحت أشراف ضابط المدرسة سيد أفندي الذي أشرك صالح في فريق المدرسة بعد أن اكتشف مهارته الفائقة خلال مشاهدته لصالح وهو يلعب الكرة اشترك صالح في بعض المباريات التي تخوضها المدرسة أمام المدارس الأخرى العديدة والسبب تألقه في هذه المباريات، شاهده الأستاذ حسن كامل الذي كان يشرف على فريق أشبال النادي الأهلي وعرض عليه الانضمام إلي أشبال النادي الأولي ووافق الدكتور سليم والد صالح على أن يشترك صالح في أشبال النادي الأهلي – كان صالح في ذلك الوقت تلميذ مجتهد وحصل على الابتدائية وهو في الأورمان ، انتقل صالح بعد ذلك إلي مدرسة السعيدية لاستكمال دراسته وكانت مدرسة السعيدية تضم مجموعة كبيرة من الطلبة اشتهروا بعدها في عالم الكرة أمثال محمد الجندي وحنفي بسطان ومحمد أمين وغيرهم أصبحت مدرسة السعيدية مركزاً للعب الكرة والتدريب المتواصل بالنسبة لصالح سليم ولشلة شارع عكاشة الذي أحيل إلي المعاش كملعب للكر ةخلال دراسته بمدرسة السعيدية كان صالح يتمتع بمكانة مرموقة في دوري المدارس وبدأ صالح يتمتع بحب الجميع في المدرسة وبفضل صالح استطاع فريق السعيدية أن يواصل الانتصارات وبدأ يلمع ويتألق في مباريات منتخبات المناطق ولم يكن صالح مهتم كثيراً بالمذاكرة في ذلك الوقت الذي كان فيه صالح بطلاً لكرة القدم في المدارس الثانوية وأصبح أسمه معروف على مستوى المدارس جمعاء وقع خلاف بينه وبين إدارة مدرسة السعيدية فقرر صالح ترك المدرسة والانضمام إلي مدرسة الإبراهيمية في ذلك الوقت الذي كان فيه صالح بطلاً لكرة القدم في المدارس الثانوية وأصبح أسمه معروف على مستوى المدارس جمعاء وقع خلاف بينه وبين إدارة مدرسة السعيدية فقرر صالح ترك المدرسة والانضمام إلي مدرسة الإبراهيمية لم يلتفت صالح سليم لدراسته أيضا في مدرسة الإبراهيمية فكان لعب الكرة عنده أهم من أي شيء آخر حتى أنه لم يكن يحضر الحصص لمدة طويلة خلال العام الدراسي وكان يذهب للمدرسة قبل المباريات فقط، ظل صالح ينجح بصعوبة حتى جاءت سنة التوجيهية وانتهى العام الدراسي برسوب صالح في الامتحان، لم يرضى الدكتور سليم والد صالح عن كل هذه السنوات الضائعة وعن تخلفه في دراسته بسبب ولعه بلعب الكرة فأراد أن يبعده عن جو اللعب والأصدقاء فقرر أن يرسله خارج البلاد إلي انجلترا لعله يستطيع التركيز في الدراسة وهو بعيداً عن تدريبات الشلة ولعب الكرة وحتى يستطيع الحصول على بكالوريوس في الهندسة حيث كان صالح له ميول نحو هذه الدراسة، وسافر صالح إلي انجلترا ضمه مختار التتش الأسطورة إلى صفوف النادي الأهلي حيث لعب أول مباراه رسمية في 24 أكتوبر 1984 أمام النادي اليوناني بالإسكندرية وخلال رحلته حقق للنادي الأهلي 19 بطولة ( 11 بالدوري العام و 8 بكأس مصر ) سجل فيها 93 هدفاً إضافة إلى سبعة أهداف في دوري النمسا كثاني لاعب مصري يحترف في أوربا بعد حسين حجازي .. رشح نفسه عام 1980 كرئيس للنادي الأهلي و نجح بإكتساح 70 % من الأصوات ، و إقترن اسمه طوال حياته بالنادي الأهلي لاعباً و رئيساً .. و ترجع قيمة هذا الرجل أنه كان يشعر بقيمة هذا النادي العريق كقلعة للوطنية فلم يغير ناديه .. ومن خلال قوة شخصيته و إحترامه للآخرين و لنفسه رفع من قيمة و إحترام اللاعب والرياضة و كرة القدم حيث شيعت عشرات الآلاف من الجماهير جثمانه في جنازة شعبية حارة في 2002 .
-
أختي العزيزة بطووووط لا شكر على واااااااجب .. ربنا يتقبل منك الدعواااااات الجميلة دي .. منورة موضوعاتي ..
-
عتبة بن غزوان .. غداً ترون الأمراء من بعدي
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in المنتدى الإسلامى العام
يااااااااارت نقدر نتعلم أي حاجة من السيرة دي .. جزاكي الله خيرا .. -
لا شكر على واجب ..
-
يا ندى .. خلي بالك من سنانك .. لحسن ف الآخر تدعي عليا .. جربي بس ما تقوليش مصطفى السبب .. كل التقدير والاحترام لكي ..
-
ههههههه حاااااااضر يا أختي بالراااااااحة حبه حبه .. كفاية كده عيكم الليلة .. نكمل بكره .. و أوعدك إني حغير شوية موضوعات تانية ..
-
حذيفة بن اليمان .. عدو النفاق و صديق الوضوح
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in المنتدى الإسلامى العام
ربنا يقدرك و تصمدي .. أنا عارف إن الموضوعات دي محدش بحيب يقراها كتييييير .. لكن معلش استحملوني يا أصدقائي .. أوعي تنزلي ف الطريق و تسيبني .. تحيتي .. -
خالد بن الوليد .. لا ينام و لا يترك أحدا ينام
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in المنتدى الإسلامى العام
بصراحة بصراحة بصراحة يا أختي .. إنتي بتحرجيني بذوقك العالي .. يارب أشوفك في بيتك متهنية ومعاكي ولاد زي خالد بن الوليد .. منورة المنتدى .. -
الحمد لله رب العالمين .. أختي :: حياتي من أجل ربي أنا مش بجيب جديد .. كل اللي بعمله إني بجمع معلومات عن شخصيات كانوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم .. وكله ده منقول من بعض المواقع الشقيقة الأخرى .. ربنا يسمعني عنك خيييير ، و يحققلك كل اللي تتمنيه .. و يكتر من أمثااااااااااااالك ..
-
ابن سينا .. الطبيب الفيلسوف والعالم الموسوعي
مصطفى بهجت replied to مصطفى بهجت's topic in قسم السياحه
فائق التقدير و الشكر لكي أختنا حياتي من أجل ربي .. ربنا يوفقنا و نقدر نآخد الحاجات الحلوة في حياة ابن سينا .. نورتي موضوعي .. -
سلمة بن الأكوع - بطل المشاة أراد ابنه أيّاس أن يلخص فضائله في عبارة واحدة. فقال: " ماكذب أبي قط"..!! وحسب انسان أن يحرز هذه الفضيلة، ليأخذ مكانه العالي بين الأبرار والصالحين. ولقد أحرزها سلمة بن الأكوع وهو جدير بها.. كان سلمة من رماة العرب المعدودين، وكان كذلك من المبرزين في الشجاعة والكرم وفعل الخيرات. وحين أسلم نفسه للاسلام، أسلمها صادقا منيبا، فصاغها الاسلام على نسقه العظيم. وسلمة بن الأكوع من أصحاب بيعة الرضوان. ** حين خرج الرسول وأصحابه عام ست من الهجرة، قاصدين زيارة البيت الحرام، وتصدّت لهم قلريش تمنعهم. أرسل النبي اليهم عثمان بن عفان ليخبرهم أن النبي جاء زائرا لا مقاتلا.. وفي انتظار عودة عثمان، سرت اشاعة بأن قريشا قد قتلته،وجلس الرسول في ظل الشجرة يتلقى بيهة أصحابه واحدا واحدا على الموت.. يقول سلمة: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت تحت الشجرة،. ثم تنحيّت، فلما خف الناس قال يا سلمة مالك لا تبايع..؟ قلت: قد بايعت ي رسول الله، قال: وأبضا.. فبايعته". ولقد وفى بالبعة خير وفاء. بل وفى بها قبل أن يعطيها، منذ شهد أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله.. يقول: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة تسع غزوات". ** كان سلمة من أمهر الذين يقاتلون مشاة، ويرمون بالنبال والرماح، وكانت طريقته تشبه طريقة بعض حروب العصابات الكبيرة التي تتبع اليوم.. فكان اذا هاجمه عدوه تقهقر دونه، فاذا أدبر العدو أو وقف يستريح هاجمه في غير هوادة.. وبهذه الطريقة استطاع أن يطارد وحده، القوة التي أغارت على مشارف المدينة بقيادة عيينة بن حصن الفزاري في الغزوة المعروفة بغزو ذي قرد.. خرج في أثرهم وحده، وظل يقاتلهم ويراوغهم، ويبعدهم عن المدينة حتى أدركه الرسول في قوة وافرة من أصحابه.. وفي هذا اليوم قال الرسول لأصحابه: " خير رجّالتنا ، أي مشاتنا، سلمة بن الأكوع"!! ** ولم يعرف سلمة الأسى والجزع الا عند مصرع أخيه عامر بن الأكوع في حرب خيبر.. وكان عامر يرتجز أمام جيش المسلمين هاتفا: لا همّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام ان لاقينا في تلك المعركة ذهب عامر يضرب بسيفه أحد المشركين فانثنى السيف في يده وأصابت ذوّابته منه مقتلا.. فقال بعض المسلمين: " مسكين عامر حرم الشهادة" عندئذ لا غير جزع سلمة جزعا شديدا، حين ظنّ كما ظن غيره أن أخاه وقد قتل نفسه خطأ قد حرم أجر الجهاد، وثواب الشهادة. لكن الرسول الرحيم سرعان ما وضع الأمرو في نصابها حين ذهب اليه سلمة وقال له: أصحيح يا رسول الله أن عامرا حبط عمله..؟ فأجابه الرسول عليه السلام: " انه قتل مجاهدا وأن له لأجرين وانه الآن ليسبح في أنهار الجنة"..!! وكان سلمة على جوده المفيض أكثر ما يكون جوادا اذا سئل بوجه الله.. فلو أن انسانا سأله بوجه الله أن يمنحه حياته، لما تردد في بذلها. ولقد عرف الناس منه ذلك، فكان أحدهم اذا أراد أن يظفر منه بشيء قال له: " من لم يعط بوجه الله، فبم يعطي"..؟؟ ** ويوم قتل عثمان، رضي الله عنه، أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد فتحت على المسلمين. وما كان له وهو الذي قضى عمره يقاتل بين اخوانه أن يتحول الى مقاتل ضد اخوانه.. أجل ان الرجل الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين، ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة مسلما.. ومن ثمّ، فقد حمل متاعه وغادر المدينة الى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له ومصيرا. وفي الرّبدة عاش سلمة بقية حياته، حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة، فأخذه السوق الى المدينة فسافر اليها زائرا، وقضى بها يوما، وثانيا.. وفي اليوم الثالث مات. وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من الرفاق المباركين، والشهداء الصالحين.
-
عتبة بن غزوان - غدا ترون الأمراء من بعدي من بين المسلمين السابقين، والمهاجرين الأولين الى الحبشة، فالمدينة.. ومن بين الرماة الأفذاذ الذين أبلوا في سبيل الله بلاء حسنا، هذا الرجل الفارع الطول، المشرق الوجه، المخبت القلب عتبة بن غزوان... ** كان سابع سبعة سبقوا الى الاسلام، وبيطوا أيمانهم الى يمين الرسول صلى الله عليه وسلم، مبايعين ومتحدّين قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام.. وفي الأيام الأولى للدعوة.ز أيام العسرة والهول، صمد عتبة بن غزوان، مع اخوانه ذلك الصمود الجليل الذي صار فيما بعد زادا للضمير الانساني يتغذى به وينمو على مر الأزمان.. ولما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة الى الحبشة، خرج عتبة مع المهاجرين.. بيد أن شوقه الى النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعه يستقر هناك، فسرعان ما طوى البرّ والبحر عائدا الى مكة، حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة الى المدينة، فهاجر عتبة مع المسلمين.. ومنذ بدأت قريش تحرشاتها فحروبها، وعتبة حامل رماحه ونباله، يرمي بها في أستاذية خارقة، ويسهم مع اخوانه المؤمنين في هدم العالم القديم بكل أوثانه وبهتانه.. ولم يضع سلاحه يوم رحل عنهم الرسول الكريم الى الرفيق الأعلى، بل ظل يضرب في الأرض، وكان له مع جيوش الفرس جهاد عظيم.. ** أرسله أمير المؤمنين عمر الى الأبلّة ليفتحها، وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب خطرة على قوات الاسلام الزاحفة عبر بلاد الامبراطورية الفارسية، تستخلص منها بلاد الله وعباده.. وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه: " انطلق أنت ومن معك، حتى تأتوا أقصى بلاد العرب، وأدنى بلاد العجم.. وسر على بركة الله ويمنه.. وادع الى الله من أجابك. ومن أبى، فالجزية.. والا فالسيف في غير هوادة.. كابد العدو، واتق الله ربك".. ** ومضى عتبة على رأس جيشه الذي لم يكن كبيرا، حتى قدم الأبلّة.. وكان الفرس يحشدون بها جيشا من أقوى جيوشهم.. ونظم عتبة قواته، ووقف في مقدمتها، حاملا رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفت الرمي..!! وصاح في جنده: " الله أكبر، صدق وعده".. وكأنه كان يقرأ غيبا قريبا، فما هي الا جولات ميمونة استسلمت بعدها الأبلّة وطهرت أرضها من جنود الفرس، وتحرر أهلها من طغيان طالما أصلاهم سعيرا.. وصدق الله العظيم وعده..!! ** احتطّ عتبة مكان الأبلّة مدينة البصرة، وعمّرها وبنى مسجدها العظيم.. وأراد أن يغادر البلاد عائدا الى المدينة، هاربا من الامارة، لكن أمير المؤمنين أمره بالبقاء.. ولبث عتبة مكانه يصلي بالناس، ويفقههم في دينهم، ويحكم بينهم بالعدل، ويضرب لهم أروع المثل في الزهد والورع والبساطة... ووقف يحارب الترف والسرف بكل قواه حتى ضجره الذين كانوا تستهويهم المناعم والشهوات.. هنالك وقف عتبة فيهم خطيبا فقال: " والله، لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ومالنا طعام الا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا.. ولقد رزقت يوما بردة، فشققتها نصفين، أعطيت نصفها سعد بن مالك، ولبست نصفها الآخر".. ** كان عتبة يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف، وكان يخافها على المسلمين، فراح يحملهم على القناعة والشظف. وحاول الكثيرون أن يحوّلوه عن نهجه، ويثيروا في نفسه الشعور بالامارة، وبما للامارة من حق، لا سيما في تلك البلاد التي لم تتعود من قبل أمراء من هذا اطراز المتقشف الزاهد، والتي تعود أهلها احترام المظاهر المتعالية المزهوّة.. فكان عتبة يجيبهم قائلا: " اني أعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيما، وعند الله صغيرا"..! ولما رأى الضيق على وجوه الناس بسبب صرامته في حملهم على الجادّة والقناعة قال لهم: " غدا ترون الأمراء من بعدي".. وجاء موسم الحج، فاستخلف على البصرة أحد اخوانه وخرج حاجا. ولما قضى حجه، سافر الى المدينة، وهناك سأل أمير المؤمنين أن يعفيه الامارة.. لكن عمر لم يكن يفرّط في هذا الطراز الجليل من الزاهدين الهاربين مما يسيل له لعاب البشر جميعا. وكان يقول لهم: " تضعون أماناتكم فوق عنقي.. ثم تتركوني وحدي..؟ لا والله لا أعفكيم أبدا"..!! وهكذا قال لـ عتبة لغزوان.. ولما لم يكن في وسع عتبة الا الطاعة، فقد استقبل راحلته ليركبها راجعا الى البصرة. لكنه قبل أن يعلو ظهرها، استقبل القبلة، ورفع كفّيه الضارعتين الى السماء ودعا ربه عز وجل ألا يردّه الى البصرة، ولا الى الامارة أبدا.. واستجيب دعاؤه.. فبينما هو في طريقه الى ولايته أدركه الموت.. وفاضت روحه الى بارئها، مغتبطة بما بذلت وأعطت.. وبما زهدت وعفت.. وبما أتم الله عليها من نعمة.. وبما هيأ لها من ثواب...
-
أبو الدرداء - أيّ حكيم كان بينما كانت جيوش الاسلام تضرب في مناكب الأرض.. هادر ظافرة.. كان يقيم بالمدينة فيلسوف عجيب.. وحكيم تتفجر الحكمة من جوانبه في كلمات تناهت نضرة وبهاء...وكان لا يفتأ يقول لمن حوله: " ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند باريكم، وأنماها في درجاتكم، وخير من أن تغزو عدوّكم، فترضبوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير من الدراهم والدنانير".؟؟ وتشرئب أعناق الذين ينصتون له.. ويسارعون بسؤاله: " أي شيء هو.. يا أبا الدرداء"..؟؟ ويستأنف أبو الدرداء حديثه فيقول ووجهه يتألق تحت أضوء الايمان والحكمة: " ذكر الله... ولذكر الله أكبر".. ** لم يكن هذا الحكيم العجيب يبشر بفلسفة انعزالية ولم يكن بكلماته هذه يبشر بالسلبية، ولا بالانسحاب من تبعات الدين الجديد.. تلك التبعات التي يأخذ الجهاد مكان الصدارة منها... أجل.. ما كان أبو الدرداء ذلك الرجل، وهو الذي حمل سيفه مجاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، حتى جاء نصر الله والفتح.. بيد أنه كان من ذلك الطراز الذي يجد نفسه في وجودها الممتلئ الحيّ، كلما خلا الى التأمل، وأوى الى محراب الحكمة، ونذر حياته لنشدان الحقيقة واليقين..؟؟ ولقد كان حكيم تلك الأيام العظيمة أبو الدرداء رضي الله عنه انسانا يتملكه شوق عارم الى رؤية الحقيقة واللقاء بها.. واذ قد آمن بالله وبرسوله ايمانا وثيقا، فقد آمن كذلك بأن هذا الايمان بما يمليه من واجبات وفهم، هو طريقه الأمثل والأوحد الى الحقيقة.. وهكذا عكف على ايمانه مسلما الى نفسه، وعلى حياته يصوغها وفق هذا الايمان في عزم، ورشد، وعظمة.. ومضى على الدرب حتى وصل.. وعلى الطريق حتى بلغ مستوى الصدق الوثيق.. وحتى كان يأخذ مكانه العالي مع الصادقين تماما حين يناجي ربه مرتلا آته.. ( ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين). أجل.. لقد انتهى جهاد أبي الدرداء ضدّ نفسه، ومع نفسه الى تلك الذروة العالية.. الى ذلك التفوق البعيد.. الى ذلك التفاني الرهباني، الذي جعل حياته، كل حياته لله رب العالمين..!! ** والآن تعالوا نقترب من الحكيم والقدّيس.. ألا تبصرون الضياء الذي يتلألأ حول جبينه..؟ ألا تشمّون العبير الفوّاح القادم من ناحيته..؟؟ انه ضياء الحكمة، وعبير الايمان.. ولقد التقى الايمان والحكمة في هذا الرجل الأوّاب لقاء سعيدا، أيّ سعيد..!! سئلت أمه عن أفضل ما كان يحب من عمل.. فأجابت: " التفكر والاعتبار". أجل لقد وعى قول الله في أكثر من آية: (فاعتبروا يا أولي الأبصار)... وكان هو يحضّ اخوانه على التأمل والتفكّر يقول لهم: " تفكّر ساعة خير من عبادة ليلة".. لقد استولت العبادة والتأمل ونشدان الحقيقة على كل نفسه.. وكل حياته.. ويوم اقتنع بالاسلام دينا، وبايع الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الدين الكريم، كان تاجرا ناجحا من تجار المدينة النابهين، وكان قد قضى شطر حياته في التجارة قبل أن يسلم، بل وقبل أن يأتي الرسول والمسلمون المدينة مهاجرين.. بيد أنه لم يمض على اسلامه غير وقت وجيز حتى.. ولكن لندعه هو يكمل لنا الحديث: " أسلمت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاجر.. وأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة فلم يجتمعا.. فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة. وما يسرّني اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد.. ألا اني لا أقول لكم: ان الله حرّم البيع.. ولكني أحبّ أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"..!! أرأيتم كيف يتكلّم فيوفي القضيّة حقها، وتشرق الحكمة والصدق من خلال كلماته..؟؟ انه يسارع قبل أن نسأله: وهل حرّم الله التجارة يا أبا الدرداء...؟؟ يسارع فينفض عن خواطرنا هذا التساؤول، ويشير الى الهدف الأسمى الذي كان ينشده، ومن أجله ترك التجارة برغم نجاحه فيها.. لقد كان رجلا ينشد تخصصا روحيا وتفوقا يرنو الى أقصى درجات الكمال الميسور لبني الانسان.. لقد أراد العبادة كمعراج يرفعه الى عالم الخير الأسمى، ويشارف به الحق في جلاله، والحقيقة في مشرقها، ولو أرادها مجرّد تكاليف تؤدّى، ومحظورات تترك، لاستطاع أن يجمع بينها وبين تجارته وأعماله... فكم من تجار صالحين.. وكم من صالحين تجار... ولقد كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تلههم تجارتهم ولا بيعهم عن ذكر الله.. بل اجتهدوا في انماء تجارتهم وأموالهم ليخدموا بها قضية الاسلام، ويكفوا بها حاجات المسلمين.. ولكن منهج هؤلاء الأصحاب، لا يغمز منهج أبو الدرداء، كما أن منهجه لا يغمز منهجهم، فكل ميسّر لما خلق له.. وأبو الدرداء يحسّ احساسا صادقا أنه خلق لما نذر له حياته.. التخصص في نشدان الحقيقة بممارسة أقصى حالات التبتل وفق الايمان الذي هداه اليه ربه، ورسوله والاسلام.. سمّوه ان شئتم تصوّفا.. ولكنه تصوّف رجل توفّر له فطنة المؤمن، وقدرة الفيلسوف، وتجربة المحارب، وفقه الصحابي، ما جعل تصوّفه حركة حيّة في ل\بناء الروح، لا مجرّد ظلال صالحة لهذا البناء..!! أجل.. ذلك هو أبو الدرداء، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذه.. وذلكم هو أبو الدرداء، الحكيم، القدّيس.. ورجل دفع الدنيا بكلتا راحتيه، وزادها بصدره.. رجل عكف على نفسه وصقلها وزكّاها، وحتى صارت مرآة صافية انعكس عليها من الحكمة، والصواب، والخير، ما جعل من أبي الدرداء معلما عظيما وحكيما قويما.. سعداء، أولئك الذين يقبلون عليه، ويصغون اليه.. ألا تعالوا نف\قترب من حكمته يا أولي الألباب.. ولنبدأ بفلسفته تجاه الدنيا وتجاه مباهجها وزخارفها.. انه متأثر حتى أعماق روحه بآيات القرآن الرادعة عن: ( الذي جمع مالا وعدّده.. يحسب أن ماله اخلده)... ومتأثر حتى أعماق روحه بقول الرسول: " ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى".. ويقول عليه السلام: " تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فانه من كانت الدنيا أكبر همّه، فرّق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه.. ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع شمله، وجعل غناه في قلبه، وكان الله اليه بكل خير أسرع". من أجل ذلك، كان يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى طموح الثروة ويقول: " اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب".. سئل: وما شتات القلب يا أبا الدرداء..؟؟ فأجاب: أن يكون لي في كل واد مال"..!! وهو يدعو الناس الى امتلاك الدنيا والاستغناء عنها.. فذلك هو الامتلاك الحقيقي لها.. أما الجري وراء أطماعها التي لا تؤذن بالانتهاء، فذلك شر ألوان العبودية والرّق. هنالك يقول: " من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له".. والمال عنده وسيلة للعيش القنوع تامعتدل ليس غير. ومن ثم فان على الناس أن يأخذوه من حلال، وأن يكسبوه في رفق واعتدال، لا في جشع وتهالك. فهو يقول: " لا تأكل الا طيّبا.. ولا تكسب الا طيّبا.. ولا تدخل بيتك الا طيّبا". ويكتب لصاحب له فيقول: ".. أما بعد، فلست في شيء من عرض الدنيا، والا وقد كان لغيرك قبلك.. وهو صائر لغيرك بعدك.. وليس لك منه الا ما قدّمت لنفسك... فآثرها على من تجمع المال له من ولدك ليكون له ارثا، فأنت انما تجمع لواحد من اثنين: اما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله، فيسعد بما شقيت به.. واما ولد عاص، يعمل فيه بمعصية الله، فتشقى بما جمعت له، فثق لهم بما عند الله من رزق، وانج بنفسك"..! كانت الدنيا كلها في عين أبي الدرداء مجرّد عارية.. عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب الى المدينة رأى الناس أبا الدرداء يبكي... واقتربوا دهشين يسألونه، وتولى توجيه السؤال اليه:" جبير بن نفير": قال له: " يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهله"..؟؟ فأجاب أبو الدرداء في حكمة بالغة وفهم عميق: ويحك يا جبير.. ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره.. بينما هي أمة، ظاهرة، قاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت الى ما ترى"..! أجل.. وبهذا كان يعلل الانهيار السريع الذي تلحقه جيوش الاسلام بالبلاد المفتوحة، افلاس تلك البلاد من روحانية صادقة تعصمها، ودين صحيح يصلها بالله.. ومن هنا أيضا، كان يخشى على المسلمين أياما تنحلّ فيها عرى الايمان، وتضعف روابطهم بالله، وبالحق، وبالصلاح، فتنتقل العارية من أيديهم، بنفس السهولة التي انتقلت بها من قبل اليهم..!! ** وكما كانت الدنيا بأسرها مجرّد عارية في يقينه، كذلك كانت جسرا الى حياة أبقى وأروع.. دخل عليه أصحابه يعودونه وهو مريض، فوجدوه نائما على فراش من جلد.. فقالوا له:" لو شئت كان لك فراش أطيب وأنعم.." فأجابهم وهو يشير بسبّابته، وبريق عينيه صوب الأمام البعيد: " ان دارنا هناك.. لها نجمع.. واليها نرجع.. نظعن اليها. ونعمل لها"..!! وهذه النظرة الى الدنيا ليست عند أبي الدرداء وجهة نظر فحسب بل ومنهج حياة كذلك.. خطب يزيد بن معاوية ابنته الدرداء فردّه، ولم يقبل خطبته، ثم خطبها واحد من فقراء المسلمين وصالحيهم، فزوّجها أبو الدرداء منه. وعجب الناس لهذا التصرّف، فعلّمهم أبو الدرداء قائلا: " ما ظنّكم بالدرداء، اذا قام على رأسها الخدم والخصيا وبهرها زخرف القصور.. أين دينها منها يومئذ"..؟! هذا حكيم قويم النفس، ذكي الفؤاد.. وهو يرفض من الدنيا ومن متاعها كل ما يشدّ النفس اليها، ويولّه القلب بها.. وهو بهذا لا يهرب من السعادة بل اليها.. فالسعادة الحقة عتده هي أن تمتلك الدنيا، لا أن تمتلكك أنت الدنيا.. وكلما وقفت مطالب الناس في الحياة عند حدود القناعة والاعتدال وكلما أدركوا حقيقة الدنيا كجسر يعبرون عليه الى دار القرار والمآل والخلود، كلما صنعوا هذا، كان نصيبهم من السعادة الحقة أوفى وأعظم.. وانه ليقول: " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، ويكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله تعالى".. وفي خلافة عثمان رضي الله عنه، وكان معاوية أميرا على الشام نزل أبو الدرداء على رغبة الخليفة في أن يلي القضاء.. وهناك في الشام وقف بالمرصاد لجميع الذين أغرّتهم مباهج الدنيا، وراح يذكّر بمنهج الرسول في حياته، وزهده، وبمنهج الرعيل الأول من الشهداء والصدّيقين.. وكانت الشام يومئذ حاضرة تموج بالمباهج والنعيم.. وكأن أهلها ضاقوا ذرعا بهذا الذي ينغصّ عليهم بمواعظه متاعهم ودنياهم.. فجمعهم أبو الدرداء، وقام فيهم خطيبا: " يا أهل الشام.. أنتم الاخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء.. ولكن مالي أراكم لا تستحيون..؟؟ تجمعون ما لا تأكلون.. وتبنون ما لا تسكنون.. وترجون ما لا تبلّغون.. وقد كانت القرون من قبلكم يجمعون، فيوعون.. ويؤمّلون، فيطيلون.. ويبنون، فيوثقون.. فأصبح جمعهم بورا.. وأماهم غرورا.. وبيوتهم قبورا.. أولئك قوم عاد، ملؤا ما بين عدن الى عمان أموالا وأولادا..". ثم ارتسمت على شفتيه بسمة عريضة ساخرة، ولوّح بذراعه في الجمع الذاهل، وصاح في سخرية لا فحة: " من يشتري مني تركة آل عاد بدرهمين"..؟! رجل باهر، رائع، مضيء، حكمته مؤمنة، ومشاعره ورعة، ومنطقه سديد ورشيد..!! العبادة عند أبي الدرداء ليست غرورا ولا تأليا. انما هي التماس للخير، وتعرّض لرحمة الله، وضراعة دائمة تذكّر الانسان بضعفه. وبفضل ربه عليه: انه يقول: التمسوا الخير دهركم كله.. وتعرّضوا لنفجات رحمة الله، فان للله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده.. " وسلوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمّن روعاتكم"... كان ذلك الحكيم مفتوح العينين دائما على غرور العبادة، يحذّر منه الناس. هذا الغرور الذي يصيب بعض الضعاف في ايمانهم حين يأخذهم الزهو بعبادتهم، فيتألّون بها على الآخرين ويدلّون.. فلنستمع له ما يقول: " مثقال ذرّة من برّ صاحب تقوى ويقين، أرجح وأفضل من أمثال الجبال من عبادة النغترّين".. ويقول أيضا: "لا تكلفوا الناس ما لم يكلفوا.. ولا تحاسبوهم دون ربهم عليكم أنفسكم، فان من تتبع ما يرى في الانس يطل حزنه"..! انه لا يريد للعابد مهما يعل في العبادة شأوه أن يجرّد من نفسه ديّانا تجاه العبد. عليه أن يحمد الله على توفيقه، وأن يعاون بدعائه وبنبل مشاعره ونواياه أولئك الذين لم يدركوا مثل هذا التوفيق. هل تعرفون حكمة أنضر وأبهى من حكمة هذا الحكيم..؟؟ يحدثنا صاحبه أبو قلابة فيقول: " مرّ أبو الدرداء يوما على رجل قد أصاب ذنبا، والناس يسبّونه، فنهاهم وقال: أرأيتم لو وجدتموه في حفرة.. ألم تكونوا مخرجيه منها..؟ قالوا بلى.. قال: فلا تسبّوه اذن، وحمدوا الله الذي عافاكم. قالوا: أنبغضه..؟ قال: انما أبغضوا عمله، فاذا تركه فهو أخي"..!! ** واذاكان هذا أحد وجهي العبادة عند أبي الدرداء، فان وجهها الآخر هو العلم والمعرفة.. ان أبا الدرداء يقدّس العلم تقديسا بعيدا.. يقدّسه كحكيم، ويقدّسه كعابد فيقول: " لا يكون أحدكم تقيا جتى يكون عالما.. ولن يكون بالعلم جميلا، حتى يكون به عاملا". أجل.. فالعلم عنده فهم، وسلوك.. معرفة، ومنهج.. فكرة حياة.. ولأن تقديسه هذا تقديس رجل حكيم، نراه ينادي بأن العلم كالمتعلم كلاهما سواء في الفضل، والمكانة، والمثوبة.. ويرى أن عظمة الحياة منوطة بالعلم الخيّر قبل أي شيء سواه.. ها هو ذا يقول: " مالي أرى العلماء كم يذهبون، وجهّالكم لا يتعلمون؟؟ ألا ان معلّم الخير والمتعلّم في الأجر سواء.. ولا خير في سائر الناس بعدهما".. ويقول أيضا: " الناس ثلاثة.. عالم.. ومتعلم.. والثالث همج لا خير فيه". وكما رأينا من قبل، لا ينفصل العلم في حكمة أبي الدرداء رضي الله عنه عن العمل. يقول: " ان أخشى ما أخشاه على نفسي أن يقال لي يوم القيامة على رؤوس الخلائق: يا عويمر، هل علمت؟؟ فأقول نعم.. فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت"..؟ وكان يجلّ العلماء العاملين ويوقرهم توقيرا كبيرا، بل كان يدعو ربّه ويقول: " اللهم اني أعوذ بك أن تلعنني قلوب العلماء.." قيل له: وكيف تلعنك قلوبهم؟ قال رضي الله عنه: " تكرهني"..! أرأيتم؟؟ انه يرى في كراهيّة العالم لعنة لا يطيقها.. ومن ثمّ فهو يضرع الى ربه أن يعيذه منها.. وتستوصي حكمة أبي الدرداء بالاخاء خيرا، وتبنى علاقة الانسان بالانسان على أساس من واقع الطبيعة الانسانية ذاتها فيقول: " معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله..؟ أعط أخاك ولن له.. ولا تطع فيه حاسدا، فتكون مثله. غدا يأتيك الموت، فيكفيك فقده.. وكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة ما كنت أديت حقه"..؟؟ ومراقبة الله في عباده قاعدة صلبة يبني عليها أبو الدرداء حقوق الاخاء.. يقول رضي الله عنه وأرضاه: " اني أبغض أن أظلم أحدا.. ولكني أبغض أكثر وأكثر، أن أظلم من لا يستعين عليّ الا بالله العليّ الكبير"..!! يل لعظمة نفسك، واشراق روحك يا أبا الدرداء..!! انه يحذّر الناس من خداع الوهك، حين يظنون أن المستضعفين العزّل أقرب منالا من أيديهم، ومن بأسهم..! ويذكّرهم أن هؤلاء في ضعفهم يملكون قوّة ماحقة حين يتوسلون الى الله عز وجل بعجزهم، ويطرحون بين يديه قضيتهم، وهو أنهم على الناس..!! هذا هو أبو الدرداء الحكيم..! هذا هو أبو الدرداء الزاهد، العابد، الأوّاب.. هذا هو أبو الدرداء الذي كان اذا أطرى الناس تقاه، وسألوه الدعاء، أجابهم في تواضع وثيق قائلا: " لا أحسن السباحة.. وأخاف الغرق"..!! ** كل هذا، ولا تحسن السباحة يا أبا الدرداء..؟؟ ولكن أي عجب، وأنت تربية الرسول عليه الصلاة والسلام... وتلميذ القرآن.. وابن الاسلام الأوّل وصاحب أبي بكر وعمر، وبقيّة الرجال..!؟
-
خالد بن الوليد - لا ينام ولا يترك أحدا ينام ان أمره لعجيب..!! هذا الفاتك بالمسلمين يوم أحد والفاتك بأعداء الاسلام بقية الأيام..!! ألا فلنأت على قصته من البداية.. ولكن أية بداية..؟؟ انه هو نفسه، لا يكاد يعرف لحياته بدءا الا ذلك اليوم الذي صافح فيه الرسول مبايعا.. ولو استطاع لنحّى عمره وحياته، كل ماسبق ذلك اليوم من سنين، وأيام.. فلنبدأ معه اذنمن حيث يحب.. من تلك اللحظة الباهرة التي خشع فيها قلبه لله، وتلقت روحه فيها لمسة من يمين الرحمن، وكلتا يديه يمي، فنفجّرت شوقا الى دينه، والى رسوله، والى استشهاد عظيم في سبيل الحق، ينضو عن كاهله أوزار مناصرته الباطل في أيامه الخاليات.. لقد خلا يوما الى نفسه، وأدار خواطره الرشيدة على الدين الجديد الذي تزداد راياته كل يوما تألقا وارتفاعا، وتمنّى على الله علام الغيوب أن يمدّ اليه من الهدى بسبب.. والتمعت في فؤاده الذكي بشائر اليقين، فقال: " والله لقد استقام المنسم.... وان الرجل لرسول.. فحتى متى..؟؟ أذهب والله، فأسلم".. ولنصغ اليه رضي الله عنه وهو يحدثنا عن مسيره المبارك الى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعن رحلته من مكة الى المدينة ليأخذ مكانه في قافلة المؤمنين: ".. وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد فأسرع الاجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا.. فلما كنا بالسهل اذا عمرو بن العاص، فقال مرحبا يا قوم، قلنا: وبك.. قال: أين مسيركم؟ فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم. فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان..فلما اطّلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه بالنبوّة فردّ على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق.. فقال الرسول: قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك الا الى خير.. وبايعت رسول الله وقلت: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صدّ عن سبيل الله.. فقال: ان الاسلام يجبّ ما كان قبله.. قلت: يا رسول الله على ذلك.. فقال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صدّ عن سبيلك.. وتقدّم عمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله"... أرأيتم قوله للرسول:" استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صدّ عن سبيل الله"..؟؟ ان الذي يضع هذه العبارة بصره، وبصيرته، سيهتدي الى فهم صحيح لسلك المواقف التي تشبه الألغاز في حياة سيف الله وبطل الاسلام.. وعندما نبلغ تلك المواقف في قصة حياته ستكون هذه العبارة دليلنا لفهمها وتفسيرها-.. أما الآن، فمع خالد الذي أسلم لتوه لنرى فارس قريش وصاحب أعنّة الخيل فيها، لنرى داهية العرب كافة في دنيا الكرّ والفرّ، يعطي لآلهة أبائه وأمجاد قومه ظهره، ويستقبل مع الرسول والمسلمين عالما جديدا، كتب الله له أن ينهض تحت راية محمد وكلمة التوحيد.. مع خالد اذن وقد أسلم، لنرى من أمره عجبا..!!!! أتذكرون أنباء الثلاثة شهداؤ أبطال معركة مؤتة..؟؟ لقد كانوا زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة.. لقد كانوا أبطال غزوة مؤتة بأرض الشام.. تلك الغزوة التي حشد لها الروم مائتي ألف مقاتل، والتي أبلى المسلمون فيها بلاء منقطع النظير.. وتذطرون العبارة الجليلة الآسية التي نعى بها الرسول صلى الله عليه وسلم قادة المعركة الثلاثة حين قال: " أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا. ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى قتل شهيدا.. ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا". كان لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بقيّة، ادّخرناها لمكانها على هذه الصفحات.. هذه البقيّة هي: " ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله، ففتح الله علي يديه". فمن كان هذا البطل..؟ لقد كان خالد بن الوليد.. الذي سارع الى غزوة مؤتة جنديا عاديا تحت قيادة القواد الثلاثة الذين جعلهم الرسول على الجيش: زيد، وجعفر وعبدالله ابن رواحة، والذين اساشهدوا بنفس الترتيب على ارض المعركة الضارية.. وبعد سقوط آخر القواد شهيدا، سارع الى اللواء ثابت بن أقوم فحمله بيمينه ورفعه عاليا وسط الجيش المسلم حتى لا بعثر الفوضى صفوفه.. ولم يكد ثابت يحمل الراية حتى توجه بها مسرعا الى خالد بن الوليد، قائلا له: " خذ اللواء يا أبا سليمان"... ولم يجد خالد من حقّه وهو حديث العهد بالاسلام أن يقود قوما فيهم الأنصار والمهاجرون الذين سبقوه بالاسلام.. أدب وتواضع وعرفان ومزايا هو لها اهل وبها جدير! هنالك قال مجيبا ثابت بن أقرم: " لا آخذ اللواء، أنت أحق به.. لك سن وقد شهدت بدرا".. وأجابه ثابت:" خذه، فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته الا لك". ثم نادى في المسلمين: اترضون امرة خالد..؟ قالوا: نعم.. واعتلى العبقري جواده. ودفع الراية بيمينه الى الأمام كأنما يقرع أبوابها مغلقة آن لها أن تفتح على طريق طويل لاحب سيقطعه البطل وثبا.. في حياة الرسول وبعد مماته، حتى تبلغ المقادير بعبقريته الخارقة أمرا كان مقدورا... ولّي خالد امارة الجيش بعد أن كان مصير المعركة قد تحدد. فضحايا المسلمين كثيرون، وجناهم مهيض.. وجيش الروم في كثرته الساحقة كاسح، ظافر مدمدم.. ولم يكن بوسع أية كفاية حربية أن تغير من المصير شيئا، فتجعل المغلوب غالبا، والغالب مغلوبا.. وكان العمل الوحيد الذي ينتظر عبقريا لكي ينجزه، هو وقف الخسائر في جيش الاسلام، والخروج ببقيته سالما، أي الانسحاب الوقائي الذي يحول دون هلاك بقية القوة المقاتلة على أرض المعركة. بيد أن انسحابا كهذا كان من الاستحالة بمكان.. ولكن، اذا كان صحيحا أنه لا مستحيل على القلب الشجاع فمن أشجع قلبا من خالد، ومن أروع عبقرية وأنفذ بصيرة..؟؟! هنالك تقدم سيف الله يرمق أرض القتال الواسعة بعينين كعيني الصقر، ويدير الخطط في بديهته بسرعة الضوء.. ويقسم جيشه، والقتال دائر، الى مجموعات، ثم يكل الى كل مجموعة بمهامها.. وراح يستعمل فنّه المعجز ودهاءه البليغ حتى فتح في صفوف الروم ثغرة فسيحة واسعة، خرج منها جيش المسلمين كله سليما معافى. بعد أن نجا بسبب من عبقرية بطل الاسلام من كارثة ماحقة ما كان لها من زوال...!! وفي هذه المعركة أنعم الرسول على خالد بهذا اللقب العظيم.. وتنكث قريش عهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتحرك المسلمون تحت قيادته لفتح مكة.. وعلى الجناح الأيمن من الجيش، يجعل الرسول خالدا أميرا.. ويدخل خالد مكة، واحدا من قادة الجيش المسلم، والأمة المسلمة بعد أن شهدته سهولها وجبالها. قائدا من قوّاد جيش الوثنية والشرك زمنا طويلا.. وتخطر له ذكريات الطفولة، حيث مراتعها الحلوة.. وذكريات الشباب، حيث ملاهيه الصاخبة.. ثم تجيشه ذكريات الأيام الطويلة التي ضاع فيها عمره قربانا خاسرا لأصنام عاجزة كاسدة.. وقبل أن يعضّ الندم فؤاده ينتفض تحت تحت روعة المشهد وجلاله.. مشهد المستضعفين الذين لا تزال جسومهم تحمل آثار التعذيب والهول، يعودون الى البلد الذي أخرجوا منه بغيا وعدوا، يعودون اليه على صهوات جسادهم الصاهلة، وتحت رايات الاسلام الخافقة.. وقد تحوّل همسهم الذي كانوا يتناجون به في دار الأرقم بالأمس، الى تكبيرات صادعة رائعة ترجّ مكة رجّا، وتهليلات باهرة ظافرة، يبدو الكون معها، وكأنه كله في عيد...!! كيف تمّت المعجزة..؟ أي تفسير لهذا الذي حدث؟ لا شيء الا هذه الآية التي يرددها الزاحفون الظافرون وسط تهليلاتهم وتكبيراتهم حتى ينظر بعضهم الى بعض فرحين قائلين: (وعد الله.. لا يخلف الله وعده)..!! ويرفع خالد رأسه الى أعلى. ويرمق في اجلال وغبطة وحبور رايات الاسلام تملأ الأفق.. فيقول لنفسه: أجل انه وعد الله ولا يخلف الله وعده..!! ثم يحني رأسه شاكرا نعمة ربه الذي هداه للاسلام وجعله في يوم الفتح العظيم هذا، واحدا من الذين يحملون راية الاسلام الى مكة.. وليس من الذين سيحملهم الفتح على الاسلام.. ويظل خالد الى جانب رسول الله، واضعا كفاياته المتفوقة في خدمة الدين الذي آمن به من كل يقينه، ونذر له كل حياته. وبعد أن يلحق الرسول بالرفيق الأعلى، ويحمل أبو بكر مسؤولية الخلافة، وتهبّ أعاصير الردّة غادرة ماكرة، مطوقة الدين الجديد بزئيرها المصمّ وانتفاضها المدمدم.. يضع أبو بكر عينه لأول وهلة على بطل الموقف ورجل الساعة.. ألي سليمان، سيف الله، خالد بن الوليد..!! وصحيح أن أبا بكر لم يبدأ معارك المرتدين الا بجيش قاده هو بنفسه، ولكن ذلك لا يمنع أنه ادّخر خالدا ليوم الفصل، وأن خالدا في المعركة الفاصلة التي كانت أخطر معارك الردة جميعا، كان رجلها الفذ وبطلها الملهم.. عندما بدأت جموع المرتدين تتهيأ لانجاز مؤامرتها الضخمة، صمم الخليفة العظيم أبو بكر على أن يقود جيوش المسلمين بنفسه، ووقف زعماء الصحابة يبذلون محاولات يائسة لصده عن هذا العزم. ولكنه ازداد تصميما.. ولعله أراد بهذا أن يعطي القضية التي دعا الناس لخوض الحرب من أجلها أهميّة وقداسة، لا يؤكدها في رأيه الا اشتراكه الفعلي في المعارك الضارية التي ستدور رحاها بين قوى الايمان، وبين جيوش الضلال والردة، والا قيادته المباشرة لبعض أو لكل القوات المسلمة.. ولقد كانت انتفاضات الردة بالغة الخطورة، على الرغم من أنها بدأت وكأنها تمرّد عارض.. لقد وجد فيها جميع الموتورين من الاسلام والمتربصين به فرصتهم النادرة، سواء بين قبائل العرب، أم على الحدود، حيث يجثم سلطان الروم والفرس، هذا السلطان الذي بدأ يحسّ خطر الاسلام الأكبر عليه، فراح يدفع الفتنة في طريقه من وراء ستار..!! ونشبت نيران الفتننة في قبائل: أسد، وغطفان، وعبس، وطيء، وذبيان.. ثم في قبائل: بني غامر، وهوزان، وسليم، وبني تميم.. ولم تكد المناوشات تبدأ حتى استحالت الى جيوش جرّارة قوامها عشرات الألوف من المقاتلين.. واستجاب للمؤامرة الرهيبة أهل البحرين، وعمان، والمهرة، وواجه الاسلام أخطر محنة، واشتعلت الأرض من حول المسلمين نارا.. ولكن، كان هناك أبو بكر..!! عبّأ أبو بكر المسلمين وقادهم الى حيث كانت قبائل بني عبس، وبني مرّة، وذبيان قد خرجوا في جيش لجب.. ودار القتال، وتطاول، ثم كتب للمسلمين نصر مؤزر عظيم.. ولم يكد الجيش المنتصر يستقر بالمدينة. حتى ندبه الخليفة للمعركة التالية.. وكانت أنباء المرتدين وتجمّعاتهم تزداد كل ساعة خطورة .. وخرج أبو بكر على رأس هذا الجيش الثاني، ولكن كبار الصحابة يفرغ صبرهم، ويجمعون على بقاء الخليفة بالمدينة، ويعترض الامام علي طريق أبا بكر ويأخذ بزمام راحلته التي كان يركبها وهو ماض امام جيشه الزاحف فيقول له: " الى أين يا خليفة رسول الله..؟؟ اني أقول لك ما قاله رسول الله يوم أحد: لمّ سيفك يا أبا بكر لا تفجعنا بنفسك..." وأمام اجماع مصمم من المسلمين، رضي الخليفة أن يبقى بالمدينة وقسّم الجيش الى احدى عشرة مجموعة.. رسم لكل مجموعة دورها.. وعلى مجموعة ضخمة من تلك المجموعات كان خالد بن الوليد أميرا.. ولما عقد الخليفة لكل أمير لواءه، اتجه صوب خالد وقال يخاطبه: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم عبدالله. وأخو العشيرة، خالد ابن الوليد، سيف من سيوف الله. سلّه الله على الكفار والمنافقين".. ومضى خالد الى سبيله ينتقل بجيشه من معركة الى معركة، ومن نصر الى مصر حتى كانت المعركة الفاصلة.. فهناك باليمامة كان بنو حنيفة، ومن انحاز اليهم من القبائل، قد جيّشوا أخطر جيوش الردو قاطبة، يقوده مسيلمة الكذاب. وكانت بعض القوات المسلمة قد جرّبت حظها مع جيوش مسيلمة، فلم تبلغ منه منالا.. وجاء أمر الخليفة الى قائده المظفر أن سر الى بني حنيفة.. وسار خالد.. ولم يكد مسيلمة يعلم أن ابن الوليد في الطريق اليه حتى أعاد تنظيم جيشه، وجعل منه خطرا حقيقيا، وخصما رهيبا.. والتقى الجيشان: وحين تطالع في كتب السيرة والتاريخ، سير تلك المعركة الهائلة، تأخذك رهبة مضنية، اذ تجد نفسك أمام معركة تشبه في ضراوتها زجبروتها معارك حروبنا الحديثة، وان تلّفت في نوع السلاح وظروف القتال.. ونزل خالد بجيشه على كثيب مشرف على اليمامة، وأقبل مسيلمة في خيلائه وبغيه، صفوف جيشه من الكثرة كأنها لا تؤذن بانتهاء..!! وسّلم خالد الألوية والرايات لقادة جيشه، والتحم الجيشان ودار القتال الرهيب، وسقط شهداء المسلمين تباعا كزهور حديقة طوّحت بها عاصفة عنيدة..!! وأبصر خالد رجحان كفة الأعداء، فاعتلى بجواده ربوة قريبة وألقى على المعركة نظرة سريعة، ذكية وعميقة.. ومن فوره أدرك نقاط الضعف في جيشه وأحصاها.. رأى الشعور بالمسؤولية قد وهن تحت وقع المفاجأة التي دهمهم بها جيش مسيلمة، فقرر في نفس اللحظة أن يشدّ في أفئدة المسلمين جميعا الى أقصاه.. فمضى ينادي اليه فيالق جيشه وأجنحته، وأعاد تنسيق مواقعه على أرض المعركة، ثم صاح بصوته المنتصر: " امتازوا، لنرى اليوم بلاء كل حيّ". وامتازوا جميعا.. مضى المهاجرون تحت راياتهم، والأنصار تحت رايتهم " وكل بني أب على رايتهم". وهكذا صار واضحا تماما، من أين تجيء الهزيمة حين تجيء واشتعلت الأنفس حماسة، اتّقدت مضاء، وامتلأت عزما وروعة.. وخالد بين الحين والحين، يرسل تكبيرة أو تهليلة أو صيحة يلقى بها امرا، فتتحوّل سيوف جيشه الى مقادير لا رادّ لأمرها، ولا معوّق لغاياتها.. وفي دقائق معدودة تحوّل اتجاه المعركة وراح جنود مسيلمة يتساقطون بالعشرات، فالمئات فالألوف، كذباب خنقت أنفاس الحياة فيه نفثات مطهر صاعق مبيد..!! لقد نقل خالد حماسته كالكهرباء الى جنوده، وحلّت روحه في جيشه جميعا.. وتلك كانت احدى خصال عبقريّته الباهرة.. وهكذا سارت أخطر معارك الردة وأعنف حروبها، وقتل مسيلمة.. وملأت جثث رجاله وجيشه أرض القتال، وطويت تحت التراب الى الأبد راية الدّعيّ الكذاب.. وفي المدينة صلى الخليفة لربه الكبير المتعال صلاة الشكر، اذ منحهم هذا النصر، وهذا البطل.. وكان أبو بكر قد أدرك بفطنته وبصيرته ما لقوى الشر الجاثمة وراء حدود بلاده من دور خطير في تهديد مصير الاسلام واهله.. الفرس في العراق.. والروم في بلاد الشام.. امبرطوريتان خرعتان، تتشبثان بخيوط واهنة من حظوظهما الغاربة وتسومان الناس في العراق وفي الشام سوء العذاب، بل وتسخرهم، وأكثرهم عرب، لقتال المسلمين العرب الذين يحملون راية الدين الجديدة، يضربون بمعاوله قلاع العالم القديم كله، ويجتثون عفنه وفساده..! هنالك أرسل الخليفة العظيم المبارك توجيهاته الى خالد أن يمضي بجيشه صوب العراق.. ويمضي البطل الى العراق، وليت هذه الصفحات كانت تتسع لتتبع مواكب نصره، اذن لرأينا من أمرها عجبا. لقد استهلّ عمله في العراق بكتب أرسلها الى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه.. " بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد.. الى مرازبة فارس.. يلام على من اتبع الهدى أما بعد، فالحمد لله الذي فضّ خدمكم، وسلب ملككم، ووهّن كيدكم من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، واكل ذبيحتنا فذلكم المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا اذا جاءكم كتابي فابعثوا اليّ بالرهن واعتقدوا مني الذمّة والا، فوالذي لا اله غيره لأبعثن اليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة"..!! وجاءته طلائعه التي بثها في كل مكان بأنباء الزّخوف الكثيرة التي يعدها له قوّاد الفرس في العراق، فلم يضيّع وقته، وراح يقذف بجنوده على الباطل ليدمغه.. وطويت له الأرض طيّا عجيبا. في الأبلّة، الى السّدير، فالنّجف، الى الحيرة، فالأنبار، فالكاظمية. مواكب نصر تتبعها مواكب... وفي كل مكان تهلّ به رياحه البشريات ترتفع للاسلام راية يأوي الى فيئها الضعفاء والمستعبدون. أجل، الضعفاء والمستعبدون من أهل البلد الذين كان الفرس يستعمرونهم، ويسومونهم سوء العذاب.. وكم كان رائعا من خالد أن بدأ زحفه بأمر أصدره الى جميع قوّاته: " لا تتعرّضوا للفلاحين بسوء، دعوهم في شغلهم آمنين، الا أن يخرج بعضهم لقتالكم، فآنئذ قاتلوا المقاتلين". وسار بجيشه الظافر كالسكين في الزبد الطريّ حتى وقف على تخوم الشام.. وهناك دوّت أصوات المؤذنين، وتكبيرات الفاتحين. ترى هل سمع الروم في الشام..؟ وهل تبيّنوا في هذه التكبيرات نعي أيامهم، وعالمهم..؟ أجل لقد سمعوا.. وفزّعوا.. وقرّروا أن يخوضوا في حنون معركة اليأس والضياع..! كان النصر الذي أحرزه الاسلام على الفرس في العراق بشيرا بنصر مثله على الروم في الشام.. فجنّد الصدّيق أبو بكر جيوشا عديدة، واختار لامارتها نفرا من القادة المهرة، أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، ثم معاوية بن أبي سفيان.. وعندما نمت أخبار هذه الجيوش الى امبراطور الروم نصح وزراءه وقوّاده بمصالحة المسلمين، وعدم الدخول معهم في حرب خاسرة.. بيد أن وزراءه وقوّاده أصرّوا على القتال وقالوا: " والله لنشغلنّ أبا بكر على أن يورد خيله الى أرضنا".. وأعدوا للقتال جيشا بلغ قوامه مائتي ألف مقاتل، وأ{بعين ألفا. وأرسل قادة المسلمين الى الخليفة بالصورة الرهيبة للموقف فقال أبو بكر: " والله لأشفينّ وساوسهم بخالد"..!!! وتلقى ترياق الوساوس.. وساوس التمرّد والعدوان والشرك، تلقى أمر الخليفة بالزحف الى الشام، ليكون أميرا على جيوش الاسلام التي سبقته اليها.. وما اسرع ما امتثل خالد وأطلع، فترك على العراق المثنّى بن الحارثة وسار مع قواته التي اختارها حتى وصل مواقع المسلمين بأرض الشام، وأنجز بعبقريته الباهرة تنظيم الجيش المسلم وتنسيق مواقعه في وقت وجيز، وبين يدي المعركة واللقاء، وقف في المقاتلين خطيبا فقال بعد أن حمد ربه وأثنى عليه: " ان هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي.. أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الامارة، فيكون أحدنا اليوم أميرا، والآخر غدا، والآخر بعد غد، حتى يتأمّر كلكم"... هذا يوم من أيام الله.. ما أروعها من بداية..!! لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي.. وهذه أكثر روعة وأوفى ورعا!! ولم تنقص القائد العظيم الفطنة المفعمة بالايثار، فعلى الرغممن أن الخليفة وضعه على رأس الجيش بكل أمرائه، فانه لم يشا أن يكون عونا للشيطان على أنفس أصحابه، فتنازل لهم عن حقه الدائم في الامارة وجعلها دولة بينهم.. اليوم أمير، ودغا أمي رثان.. وبعد غد أمير آخر..وهكذا.. كان جيش الروم بأعداده وبعتاده، شيئا بالغ الرهبة.. لقد أدرك قوّاد الروم أن الزمن في صالح المسلمين، وأن تطاول القتال وتكاثر المعارك يهيئان لهم النصر دائما، من أجل ذلك قرروا أن يحشدوا كل قواهم في معركة واحدة يجهزون خلالها على العرب حيث لا يبقى لهم بعدها وجود، وما من شك أن المسلمين أحسّوا يوم ذاك من الرهبة والخطر ما ملأ نفوسهم المقدامة قلقا وخوفا.. ولكن ايمانهم كان يخفّ لخدمتهم في مثل تلك الظلمات الحالكات، فاذا فجر الأمل والنصر يغمرهم بسناه..!! ومهما يكن بأس الروم وجيوشهم، فقد قال أبو بكر، وهو بالرجال جدّ خبير: " خالد لها".!! وقال:" والله، لأشفينّ وساوسهم بخالد". فليأت الروم بكل هولهم، فمع المسلمين الترياق..!! عبأ ابن الوليد جيشه، وقسمه الى فيالق، ووضع للهجوم والدفاع خطة جديدة تتناسب مع طريقة الروم بعد أن خبر وسائل اخوانهم الفرس في العراق.. ورسم للمعركة كل مقاديرها.. ومن عجب أن المعركة دارت كما رسم خالد وتوقع، خطوة خطوة، وحركة حركة، حتى ليبدو وكأنه لو تنبأ بعدد ضربات السيوف في المعركة، لما أخطأ التقدير والحساب..!! كل مناورة توقعها من الروم صنعوها.. كا انسحاب تنبأ به فعلوه.. وقبل أن يخوض القتال كان يشغل باله قليلا، احتمال قيام بعض جنود جيشه بالفرار، خاصة أولئك الذين هم حديثو العهد بالاسلام، بعد أن رأى ما ألقاه منظر جيش الروم من رهبة وجزع.. وكان خالد يتمثل عبقرية النصر في شيء واحد، هو الثبات.. وكان يرى أن حركة هروب يقوم بها اثنان أو ثلاثة، يمكن أن تشيع في الجيش من الهلع والتمزق ما لا يقدر عليه جيش العدو بأسره... من أجل هذا، كان صارما، تجاه الذي يلقي سلاحه ويولي هاربا.. وفي تلك الموقعة بالذات موقعة اليرموك، وبعد أن أخذ جيشه مواقعه، دعا نساء المسلمين، ولأول مرّة سلّمهن السيوف، وأمرهن، بالوقوف وراء صفوف المسلمين من كل جانب وقال لهن: " من يولّي هاربا فاقتلنه".. وكانت لفتة بارعة أدت مهمتها على أحسن وجه..!! وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز اليه خالد ليقول له بضع كلمات .. وبرز اليه خالد، حيث تواجها فوق جواديهما في الفراغ الفاصل بين الجيشين.. وقال ماهان قائد الروم يخاطب خالدا" " قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم الا الجوع والجهد.. فان شئتم، أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير، وكسوة، وطعاما، وترجعون الى بلادكم، وفي العام القادم أبعث اليكم بمثلها".!! وضغط خالد الرجل والبطل على أسنانه، وأدرك ما في كلمات قائد الروم من سوء الأدب.. وقرر أن يردذ عليه بجواب مناسب، فقال له: " انه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وقد علمت أنه لا دم أشهى وأطيب من دم الروم، فجئنا لذلك"..!! ولوة البطل زمام جواده عائدا الى صفوف جيشه. ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال.. " الله أكبر" " هبّي رياح الجنة".. كان جيشه يندفع كالقذيفة المصبوبة. ودار قتال ليس لضراوته نظير.. وأقبل الروم في فيالق كالجبال.. وبجا لهم من المسلمين ما لم يكونوا يحتسبون.. ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم.. فهذا أحدهم يقترب من أبي عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه والقتال دائر ويقول: " اني قد عزمت على الشهادة، فهل لك من حاجة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغها له حين ألقاه"؟؟ فيجيب أبو عبيدة: " نعم قل له: يا رسول الله انا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا". ويندفع الرجل كالسهم المقذوف.. يندفع وسط الهول مشتاقا الى مصرعه ومضجعه.. يضرب بسيفه، ويضرب بآلاف السيوف حتى يرتفع شهيدا..!! وهذا عكرمة بن أبي جهل.. أجل ابن أبي جهل.. ينادي في المسلمين حين ثقلت وطأة الروم عليهم قائلا: " لطالما قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهدني الله الاسلام، افأفرّ من أعداء الله اليوم"؟؟ ثم يصيح:" من يبايع على الموت".. فيبايعه على الموت كوكبة من المسلمين، ثم ينطلقون معا الى قلب المعركة لا باحثين عن النصر، بل عن الشهادة.. ويتقبّل الله بيعتهم وبيعهم، فيستشهدون..!! وهؤلاء آخرون أصيبوا بجراح أليمة، وجيء لهم بماء يبللون به أفواههم، فلما قدم الماء الى أولهم، أشار الى الساقي أن أعط أخي الذي بجواري فجرحه أخطر، وظمؤه أشد.. فلما قدّم اليه الامء، اشار بدوره لجاره. فلا انتقل اليه أشار بدوره لجاره.. وهكذا، حتى.. جادت أرواح أكثرهم ظامئة.. ولكن أنضر ما تكون تفانيا وايثارا..!! أجل.. لقد كانت معركة اليرموك مجالا لفدائية يعز نظيرها. ومن بين لوحات الفداء الباهرة التي رسمتها عزمات مقدرة، تلك اللوحة الفذة.. لوحة تحمل صورة خالد بن الوليد على رأس مائة لا غير من جنده، ينقضّون على ميسرة الروم وعددها أربعون ألف جندي، وخالد يصيح في المائة الذين معه: " والذي نفسي بيده ما بقي مع الروم من الصبر والجلد الا ما رأيتم. واني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم". مائة يخوضون في أربعين ألف.. ثم ينتصرون..!! ولكن أي عجب؟؟ أليس مالء قلوبهم ايمان بالله العلي الكبير..؟؟ وايمان برسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم؟؟ وايمان بقضية هي أكثر قضايا الحياة برا، وهدى ونبلا؟ وأليس خليفتهم الصديق رضي الله عنه، هذا الذي ترتفع راياته فوق الدنيا، بينما هو في المدينة’ العاصمة الجديدة للعالم الجديد، يحلب بيده شياه الأيامى، ويعجن بيده خبز اليتامى..؟؟ وأليس قائدهم خالد بن الوليد ترياق وساوس التجبر، والصفلف، والبغي، والعدوان، وسيف الله المسلول على قوى التخلّف والتعفّن والشرك؟؟ أليس ذلك، كذلك..؟ اذن، هبي رياح النصر... هبّي قويّة عزيزة، ظافرة، قاهرة... لقد بهرت عبقرية خالد قوّاد الروم وأمراء جيشهم، مما حمل أحدهم، واسمه جرجح على أن يدعو خالدا للبروز اليه في احدى فترات الراحة بين القتال. وحين يلتقيان، يوجه القائد الرومي حديثه الى خالد قائلا: " يا خالد، أصدقني ولا تكذبني فان الحرّ لا يكذب.. هل أنزل على نبيّكم سيفا من السماء فأعطاك ايّاه، فلا تسلّه على أحد الا هزمته"؟؟ قال خالد: لا.. قال الرجل: فبم سميّت يبف الله"؟ قال خالد: ان الله بعث فينا نبيه، فمنا من صدّقه ومنا من كذّب.ز وكنت فيمن كذّب حتى أخذ الله قلوبنا الى الاسلام، وهدانا برسوله فبايعناه.. فدعا لي الرسول، وقال لي: أنت سيف من سيوف الله، فهكذا سميّت.. سيف الله". قال القائد الرومي: والام تدعون..؟ قال خالد: الى توحيد الله، والى الاسلام. قال: هل لمن يدخل في الاسلام اليوم مثل ما لكممن المثوبة والأجر؟ قال خالد: نعم وأفضل.. قال الرجل: كيف وقد سبقتموه..؟ قال خالد: لقد عشنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر.. أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه، ثم آمنتم بالغيب، فان أجركم أجزل وأكبر اا صدقتم الله سرائركم ونواياكم. وصاح القائد الرومي، وقد دفع جواده الى ناحية خالد، ووقف بجواره: علمني الاسلام يا خالد"".!!! وأسلم وصلى ركعتين لله عز وجل.. لم يصلّ سواهما، فقد استأنف الجيشان القتال.. وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستيتا في طلب لبشهادة حتى نالها وظفر بها..!! وبعد، فها نحن أولاء نواجه العظمة الانسانية في مشهد من أبهى مشاهدها.. اذ كان خالد يقود جيوش المسلمين في هذه المعركة الضارية، ويستلّ النصر من بين أنياب الروم استلالا فذا، بقدر ما هو مضن ورهيب، واذا به يفاجأ بالبريد القادم من المدينة من الخليقة الجديد، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. وفيه تحيّة الفاروق للجيش المسلم، نعيه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وتولية أبي عبيدة بن الجرّاح مكانه.. قرأ خالد الكتاب، وهمهم بابتهالات الترحّم على ابي بكر والتوفيق لعمر.. ثم طلب من حامل الكتاب ألا يبوح لأحد بما فيه وألزمه مكانه أمره ألا يغادره، وألا يتصل بأحد. استأنف قيادته للمعركة مخفيا موت أبي بكر، وأوامر عمر حتى يتحقق النصر الذي بات وشيكا وقريبا.. ودقّت ساعة الظفر، واندحر الروم.. وتقدّم البطل من أبي عبيدة مؤديا اليه تحيّة الجندي لقائده... وظنها أبو عبيدة في أول الأمر دعابة من دعابات القائد الذي حققق نصرا لم يكن في السحبان.. بيد أنه ما فتئ أن رآها حقيقة وجدّا، فقبّل خالد بين عينيه، وراح يطري عظمة نفسه وسجاياه.. وثمّت رواية تاريخية أخرى، تقول: ان الكتاب أرسل من أمير المؤمنين عمر الى أبي عبيدة، وكتم أبو عبيدة النبأ عن خالد حتى انتهت المعركة.. وسواء كان الأمر هذا أو ذاك، فان مسلك خالد في كلتا الحالتين هو الذي يعنينا.. ولقد كان مسلكا بالغ الروعة والعظمة والجلال.. ولا أعرف في حياة خالد كلها موقفا ينبئ باخلاصه العميق وصدقه الوثيق، مثل هذا الموقف... فسواء عليه أن يكون أميرا، أو جنديا.. ان الامارة كالجندية، كلاهما سبب يؤدي به واجبه نحو الله الذي آمن به، ونحو الرسول الذي بايعه، ونحو الدين الذي اعتنقه وسار تحت رايته.. وجهده المبذول وهو أمير مطاع.. كجهده المبذول وهو جندي مطيع..! ولقد هيأ له هذا الانتصار العظيم على النفس، كما هيأه لغيره، طراز الخلفاء الذين كانوا على راس الأمة المسلمة والدولة المسلمة يوم ذاك.. أبو بكر وعمر.. اسمان لا يكاد يتحرّك بهما لسان، حتى يخطر على البال كل معجز من فضائل الانسان، وعظمة الانسان.. وعلى الرغم من الودّ الذي كان مفقودا أحيانا بين عمر وخالد، فان نزاهة عمر وعدله،وورعه وعظمته الخارقة، لم تكن قط موضع تساؤول لدى خالد.. ومن ثم لم تكن قراراته موضع سك، لأن الضمير الذي يمليها، قد بلغ من الورع، ومن الاستقامة، ومن الاخلاص والصدق أقصى ما يبلغه ضمير منزه ورشيد.. لم يكن أمير المؤمنين عمر يأخذ على خالد من سوء، ولكنه كان يأخذ على سيفه التسرّع، والحدّة.. ولقد عبّر عن هذا حين اقترح على أبي بكر عزله اثر مقتل مالك بن نويرة، فقال: " ان في سيف خالد رهقا" أي خفة وحدّة وتسرّع.. فأجابه الصدّيق قائلا: " ما كنت لأشيم سيف سلّه الله على الكافرين". لم يقل عمر ان في خالد رهقا.. بل جعل الرهق لسيفه لا لشخصه، وهي كلمات لا تنمّ عن أدب أمير المؤمنين فحسب، بل وعن تقديره لخالد أيضا.. وخالد رجل حرب من المهد الى اللحد.. فبيئته، ونشأته، وتربيته وحياه كلها، قبل الاسلام وبعده كانت كلها وعاء لفارس، مخاطر، داهية.. ثم ان الحاح ماضيه قبل السلام، والحروب التي خاضها ضد الرسول وأصحابه، والضربات التي أسقط بها سيفه أيام الشرك رؤوسا مؤمنة، وجباها عابدة، كل هذا كان له على ضميره ثقل مبهظ، جعل سيفه توّاقا الى أن يطوّح من دعامات الشرك أضعاف ما طوّح من حملة الاسلام.. وانكم لتذكرون العبارة التي أوردناها أوّل هذا الحديث والتي جاءت في سياق حديثه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال له: " يا رسول الله.. استغفر لي كل ما أوضعت فيه عن صدّ عن سبيل الله". وعلى الرغم من انباء الرسول صلى الله عليه وسلم اياه، بأن الاسلام يجبّ ما كان قبله، فانه يظل يتوسل على الظفر بعهد من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر الله له فيما صنعت من قبل يداه.. والسيف حين يكون في يد فارس خارق كخالد بن الوليد، ثم يحرّك اليد القابضة عليه ضمير منوهج بحرارة التطهر والتعويض، ومفعم بولاء مطلق لدين تحيط به المؤمرات والعداوات، فان من الصعب على هذا السيف أن يتخلى عن مبادئه الصارمة، وحدّته الخاطفة.. وهكذا رأينا سيف خالد يسبب لصاحبه المتاعب. فحين أرسله النبي عليه الصلاة والسلام بعد الفتح الى بعض قبائل العرب القريبة من مكة، وقال له: " اني أبعثك داعيا لا مقاتلا". غلبه سيفه على أمره ودفعه الى دور المقاتل.. متخليا عن دور الداعي الذي أوصاه به الرسول مما جعله عليه السلام ينتفض جزعا وألما حين بلفه صنيع خالد.. وقام مستقبلا القبلة، رافعا يديه، ومعتذرا الى الله بقوله: " اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد". ثم أرسل عليّا فودى لهم دماءهم وأموالهم. وقيل ان خالدا اعتذر عن نفسه بأن عبدالله بن حذافة السهمي قال له: ان رسول الله قد أمرك بقتالهم لامتناعهم عن الاسلام.. كان خالد يحمل طاقة غير عادية.. وكان يستبد به توق عارم الى هدم عالمه القديم كله.. ولو أننا نبصره وهو يهدم صنم العزّى الذي أرسله النبي لهدمه. لو أننا نبصره وهو يدمدم بمعوله على هذه البناية الحجرية، لأبصرنا رجلا يبدو كأنه يقاتل جيشا بأسره، يطوّح رؤوس أفرداه ويتبر بالمنايا صفوفه. فهو يضرب بيمينه، وبشماله، وبقدمه، ويصيح في الشظايا المتناثرة، والتراب المتساقط: " يا عزّى كفرانك، لا سبحانك اني رأيت الله قد أهانك"..!! ثم يحرقها ويشعل النيران في ترابها..! كانت كل مظاهر الشرك وبقاياه في نظر خالد كالعزّى لا مكان لها في العالم الجديد الذي وقف خالد تحت أعلامه.. ولا يعرف خالد أداة لتصفيتها الا سيفه.. والا.." كفرانك لا سبحانك.. اني رأيت الله قد أهانك"..!! على أننا اذ نتمنى مع أمير المؤمنين عمر، لوخلا سيف خالد من هذا الرهق، فاننا سنظل نردد مع أمير المؤمنين قوله: " عجزت النساء أن يلدن مثل خالد"..!! لقد بكاه عمر يوم مات بكاء كثيرا، وعلم الانس فيما بعد أنه لم يكن يبكي فقده وحسب، بل ويبكي فرصة أضاعها الموت عن عمر اذ كان يعتزم رد الامارة الى خالد بعد أن زال افتتان الناس به. ومحصت أسباب عزله، لولا أن تداركه الموت وسارع خالد الى لقاء ربه. نعم سارع البطل العظيم الى مثواه في الجنة.. أما آن له أن يستريح..؟؟ هو الذي لم تشهد الأرض عدوّا للراحة مثله..؟؟ أما آن لجسده المجهد أن ينام قليلا..؟؟ هو الذي كان يصفه أصحابه وأعداؤه بأنه: " الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام"..؟؟ أما هو، فلو خيّر لاختار أن يمدّ الله له في عمره مزيدا من الوقت يواصل فيه هدم البقايا المتعفنة القديمة، ويتابع عمله وجهاده في سبيل الله والاسلام.. ان روح هذا الرجل وريحانه ليوجدان دائما وابدا، حيث تصهل الخيل، وتلتمع الأسنّة، وتخفق رايات التوحيد فوق الجيوش المسلمة.. وأنه ليقول: " ما ليلة يهدى اليّ فيها عروس، أو أبشّر فيها بوليد، بأحبّ اليّ من ليلة شديدة الجليد، في سريّة من المهاجرين، أصبح بهم المشركين".. من أجل ذلك، كانت مأساة حياته أن يموت في فراشه، وهو الذي قضى حياته كلها فوق ظهر جواده، وتحت بريق سيفه... هو الذي غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقهر أصحاب الردّة، وسوّى بالتراب عرش فارس والروم، وقطع الأرض وثبا، في العراق خطوة خطوة، حتى فتحها للاسلام، وفي بلاد الشام خطوة خطوة حتى فتحها كلها للاسلام... أميرا يحملشظف الجندي وتواضعه.. وجنديا يحمل مسؤولية الأمير وقدوته.. كانت مأساة حياة البطل أن يموت البطل على فراشه..!! هنالك قال ودموعه تنثال من عينيه: " لقد شهدت كذا، وكذا زحفا، وما في جسدي موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، أ، رمية سهم.. ثم هأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"..! كلمات لا يجيد النطق بها في مثل هذا الموطن، الا مثل هذا الرجل، وحين كان يستقبل لحظات الرحيل، شرع يملي وصيّته.. أتجرون الى من أوصى..؟ الى عمر بن الخطاب ذاته..!! أتدرون ما تركته..؟ فرسه وسلاحه..!! ثم ماذا؟؟ لا شيء قط ، مما يقتني الناس ويمتلكون..!! ذلك أنه لم يكن يستحزذ عليه وهو حيّ، سوى اقتناء النصر وامتلاك الظفر على أعداء الحق. وما كان في متاع الدنيا جميعه ما يستحوذ على حرصه.. شيء واحد، كان يحرص عليه في شغف واستماتة.. تلك هي قلنسوته".. سقطت منه يوم اليرموك. فأضنى نفسه والناس في البحث عنها.. فلما عوتب في ذلك قال: " ان فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله واني أتافاءل بها، وأستنصر". وأخيرا، خرج جثمان البطل من داره محمولا على أعناق أصحابه ورمقته أم البطل الراحل بعينين اختلط فيهما بريق العزم بغاشية الحزن فقالت تودّعه: أنت خير من ألف ألف من القو م اذا ما كبت وجوه الرجال أشجاع..؟ فأنت أشجع من لي ث غضنفر يذود عن أشبال أجواد..؟ فأنت أجود من سي ل غامر يسيل بين الجبال وسمعها عمر فازداد قلبه خفقا.. ودمعه دفقا.. وقال: " صدقت.. والله ان كان لكذلك". وثوى البطل في مرقده.. ووقف أصحابه في خشوع، والدنيا من حولهم هاجعة، خاشعة، صامتة.. لم يقطع الصمت المهيب سوى صهيل فرس جاءت تركض بعد أن خلعت رسنها، وقطعت شوارع المدينة وثبا وراء جثمان صاحبها، يقودها عبيره وأريجه.. واذ بلغت الجمع الصامت والقبر الرطب لوت برأسها كالراية، وصهيلها يصدح.. تماما مثلما كانت تصنع والبطل فوق ظهرها، يهدّ عروش فارس والروم، ويشفي وساوس الوثنية والبغي، ويزيح من طريق الاسلام كل قوى التقهقر والشرك... وراحت وعيناها على القبر لا تزيغان تعلو برأسها وتهبط، ملوّحة لسيدها وبطلها مؤدية له تحية الوداع..!! ثم مقفت ساكنة ورأسها مرتفع.. وجبهتها عالية.. ولكن من آقيها تسيل دموع غزار وكبار..!! لقد وقفها خالد مع سلاحه في سبيل الله.. ولكن هل سيقدر فارس على أن يمتطي صهوتها بعد خالد..؟؟ وهل ستذلل ظهرها لأحد سواه..؟؟ ايه يا بطل كل نصر.. ويا فجر كل ليلة.. لقد كنت تعلو بروح جيشك على أهوال الزحف بقولك لجندك: " عند الصباح يحمد القوم السرى".. حتى ذهبت عنك مثلا.. وهأنتذا، قد أتممت مسراك.. فلصباحك الحمد أبا سليمان..!! ولذكراك المجد، والعطر، والخلد، يا خالد..!! ودعنا.. نردد مع أمير المؤمنين عمر كلماته العذاب الرطاب التي ودّعك بها ورثاك: " رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير مما كان فيه ولقد عاش حميدا ومات سعيدا
-
خباب بن الأرت - أستاذ فنّ الفداء خرج نفر من القرشيين، يغدّون الخطى، ميممين شطر دار خبّاب ليتسلموا منه سيوفهم التي تعاقدوا معه على صنعها.. وقد كان خباب سيّافا، يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة، ويرسل بها الى الأسواق.. وعلى غير عادة خبّاب الذي لا يكاد يفارق بيته وعمله، لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه.. وبعد حين طويل جاء خباب على وجهه علامة استفهام مضيئة، وفي عينيه دموع مغتبطة.. وحيّا ضيوفه وجلس.. وسألوه عجلين: هل أتممت صنع السيوف يا خباب؟؟ وجفت دموع خباب، وحل مكانها في عينيه سرور متألق، وقال وكأنه يناجي نفسه: ان أمره لعجب.. وعاد القوم يسألونه: أي أمر يا رجل..؟؟ نسألك عن سيوفنا، هل أتممت صنعها..؟؟ ويستوعبهم خبّاب بنظراته الشاردة الحالمة ويقول: هل رأيتموه..؟ هل سمعتم كلامه..؟ وينظر بعضهم لبعض في دهشة وعجب.. ويعود أحدهم فيسأله في خبث: هل رأيته أنت يا خبّاب..؟؟ ويسخر خبّاب من مكر صاحبه، فيردّ عليه السؤال قائلا: من تعني..؟ ويجيب الرجل في غيظ: أعني الذي تعنيه..؟ ويجيب خبّاب بعد اذ أراهم أنه أبعد منالا من أن يستدرج، وأنه اعترف بايمانه الآن أمامهم، فليس لأنهم خدعوه عن نفسه، واستدرجوا لسانه، بل لأنه رأى الحق وعانقه، وقرر أن يصدع به ويجهر.. يجيبهم قائلا، وهو هائم في نشوته وغبطة روحه: أجل... رأيته، وسمعته.. رأيت الحق يتفجر من جوانبه، والنور يتلألأ بين ثناياه..!! وبدأ عملاؤه القرشيون يفهمون، فصاح به أحدهم: من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أمّ أنمار..؟؟ وأجاب خبّاب في هدء القديسين: ومن سواه، يا أخا العرب.. من سواه في قومك، من يتفجر من جوانبه الحق، ويخرج النور بين ثناياه..؟! وصاح آخر وهبّ مذعورا: أراك تعني محمدا.. وهز خبّاب رأسه المفعم بالغبطة، وقال: نعم انه هو رسول الله الينا، ليخرجنا من الظلمات الى االنور.. ولا يدري خبّاب ماذا قال بعد هذه الكلمات، ولا ماذا قيل له.. كل ما يذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات طويلة ليرى زوّاره قد انفضوا.. وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما، ودمه النازف يضمّخ ثوبه وجسده..!! وحدّقت عيناه الواسعتان فيما حوله.. وكان المكان أضيق من أن يتسع لنظراتهما النافذة، فتحمّل على آلامه، ونهض شطر الفضاء وأمام باب داره وقف متوكئا على جدارها، وانطلقت عيناه الذكيتان في رحلة طويلة تحدّقان في الأفق، وتدوران ذات اليمين وذات الشمال..انهما لا تقفان عند الأبعاد المألوفة للناس.. انهما تبحثان عن البعد المفقود...أجل تبحثان عن البعد المفقود في حياته، وفي حياة الناس الذين معه في مكة، والناس في كل مكان وزمان.. ترى هل يكون الحديث الذي سمعه من محمد عليه الصلاة والسلام اليوم، هو النور الذي يهدي الى ذلك البعد المفقود في حياة البشر كافة..؟؟ واستغرق خبّاب في تأمّلات سامية، وتفكير عميق.. ثم عاد الى داخل داره.. عاد يضمّد جراح جسده، ويهيءه لاستقبال تعذيب جديد، وآلام جديدة..!! ومن ذلك اليوم أخذ خبّاب مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين.. أخذ مكانه العالي بين الذين وقفوا برغم فقرهم، وضعفهم يواجهون كبرياء قريش وعنفها وجنونها.. أخذ مكانه العالي بين الذين غرسوا في قلوبهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الأفق الرحيب ناعية عصر الوثنية، والقيصرية.. مبشرة بأيام المستضعفين والكادحين، الذين سيقفون تحت ظل هذه الراية سواسية مع أولئك الذين استغلوهم من قبل، وأذاقوهم الحرمان والعذاب.. وفي استبسال عظيم، حمل خبّاب تبعاته كرائد.. يقول الشعبي: " لقد صبر خبّاب، ولم تلن له أيدي الكفار قناة، فجعلوا يلصقون ظهره العاري بالرضف حتى ذهب لحمه"..!! أجل كان حظ خبّاب من العذاب كبيرا، ولكن مقاومته وصبره كانا أكبر من العذاب.. لقد حوّل كفار قريش جميع الحديد الذي كان بمنزل خبّاب والذي كان يصنع منه السيوف.. حولوه كله الى قيود وسلاسل، كان يحمى عليها في النار حتى تستعر وتتوهج، ثم يطوّق بها جسده ويداه وقدماه.. ولقد ذهب يوما مع بعض رفاقه المضطهدين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا جوعين من التضحية، بل راجين العافية، فقالوا:" يا رسول الله.. ألا تستنصر لنا..؟؟" أي تسأل الله لنا النصر والعافية... ولندع خبّابا يروي لنا النبأ بكلماته: " شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة، فقلنا: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا..؟؟ فجلس صلى الله عليه وسلم، وقد احمرّ وجهه وقال: قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل، فيحفر له في الأرض، ثم يجاء بمنشار، فيجعل فوق رأسه، ما يصرفه ذلك عن دينه..!! وليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى الله الله عز وجل، والذئب على غنمه، ولكنكم تعجلون"..!! سمع خبّاب ورفاقه هذه الكلمات، فازداد ايمانهم واصرارهم وقرروا أن يري كل منهم ربّه ورسوله ما يحبّان من تصميم وصبر، وتضحية. وخاض خبّاب معركة الهول صابرا، صامدا، محتسبا.. واستنجد القرشيون أم أنمار سيدة خبّاب التي كان عبدا لها قبل أن تعتقه، فأقبلت واشتركت في حملة تعذيبه.. وكانت تأخذ الحديد المحمى الملتهب، وتضعه فوق رأسه ونافوخه، وخبّاب يتلوى من الألم، لكنه يكظم أنفاسه، حتى لا تخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه..!! ومرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، والحديد المحمّى فوق رأسه يلهبه ويشويه، فطار قلبه حنانا وأسى، ولكن ماذا يملك عليه الصلاة والسلام يومها لخبّاب..؟؟ لا شيء الا أن يثبته ويدعو له.. هنالك رفع الرسول صلى الله عليه وسلم كفيه المبسوطتين الى السماء، وقال: " اللهم أنصر خبّابا".. ويشاء الله ألا تمضي سوى أيام قليلة حتى ينزل بأم أنمار قصاص عاجل، كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغبرها من الجلادين، ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون تعوي مثل الكلاب..!! وقيل لها يومئذ لا علاج سوى أن يكوى رأسها بالنار..!! وهكذا شهد رأسها العنيد سطوة الحديد المحمّى يصبّحه ويمسّيه..!! ** كانت قريش تقاوم الايمان بالعذاب.. وكان المؤمنون يقاومون العذاب بالتضحية.. وكان خبّاب واحدا من أولئك الذين اصطفتهم المقادير لتجعل منهم أساتذة في فن التضحية والفداء.. ومضى خبّاب ينفق وقته وحياته في خدمة الدين الذي خفقت أعلامه.. ولم يكتف رضي الله عنه في أيام الدعوة الأولى بالعبادة والصلاة، بل استثمر قدرته على التعليم، فكان يغشى بيوت بعض اخوانه من المؤمنين الذين يكتمون اسلامهم خوفا من بطش قريش، فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم اياه.. ولقد نبغ في دراسة القرآن وهو يتنزل آية آية.. وسورة، سورة حتى ان عبدالله بن مسعود، وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أراد أن يقرأ القرآن غصّا كما أنزل، فليقراه بقراءة ابن أم عبد".. نقول: حتى عبد الله بن مسعود كان يعتبر خبّابا مرجعا فيما يتصل بالقرآن حفظا ودراسة.. وهو الذي كان يدرّس القرآن لـ فاكمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندام فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الاسلام ورسوله، لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة التي كان يعلّم منها خبّاب، حتى صاح صيحته المباركة: " دلوني على محمد"...!! وسمع خبّاب كلمات عمر هذه، فخرج من مخبئه الذي كان قد توارى فيه وصاح: " يا عمر.. والله اني لأرجوا أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه صلى الله عليه وسلم، فاني سمعته بالأمس يقول: اللهم أعز الاسلام بأحبّ الرجلين اليك.. أبي الحكم بن هشام، وعمربن الخطاب".. وسأله عمر من فوره: وأين أجد الرسول الآن يا خبّاب: " عند الصفا، في دار الأرقم بن أبي الأرقم".. ومضى عمر الى حظوظه الوافية، ومصيره العظيم..!! ** شهد خبّاب بن الأرت جميع المشهد والغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش عمره كله حفيظا على ايمانه ويقينه.... وعندما فاض بيت مال لمسلمين بالمال أيام عمر وعثمان، رضي الله عنهما، كان خبّاب صاحب راتب كبير بوصفه من المهاجرين لسابقين الى الاسلام.. وقد أتاح هذا الدخل الوفير لخبّاب أن يبتني له دارا بالكوفة، وكان يضع أمواله في مكان ما من الدار يعرفه أصحابه وروّاده.. وكل من وقعت عليه حاجة، يذهب فيأخذ من المال حاجته.. ومع هذا فقد كان خبّاب لا يرقأ له جفن، ولا تجف له دمعة كلما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه الذين بذلوا حياهم للله، ثم ظفروا بلقائه قبل أن تفتح الدنيا على المسلمين، وتكثر في أيديهم الأموال. اسمعوه وهو يتحدث االى عوّاده الذين ذهبوا يعودونه وهو رضي الله عنه في مرض موته. قالوا له: أبشر يا أبا عبدالله، فانك ملاق اخواتك غدا.. فأجابهم وهو يبكي: " أما انه ليس بي جزع .. ولكنكم ذكّرتموني أقواما، واخوانا، مضوا بأجورهم كلها ام ينالوا من الدنيا شيئا.. وانّا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا الا التراب".. وأشار الى داره المتواضعة التي بناها. ثم أشار مرة أخرى الى المكان الذي فيه أمواله وقال: " والله ما شددت عليها من خيط، ولا منعتها من سائل"..! ثم التفت الى كنفه الذي كان قد أعدّ له، وكان يراه ترفا واسرافا وقال ودموعه تسيل: " أنظروا هذا كفني.. لكنّ حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد الا بردة ملحاء.... اذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، واذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه"..!! ** ومات خبّاب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة.. مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية.. و أستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام..!! مات الرجل الذي كان أحد الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم، ويحييهم، عندما طلب بعض السادة من قريش أن يجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، وللفراء من أمثال :خبّاب، وصهيب، وبلال يوما آخر. فاذا القرآن العظيم يختص رجال الله هؤلاء في تمجيد لهم وتكريم، وتهل آياته قائلة للرسول الكريم: ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟! أليس الله بأعلم بالشاكرين واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا، فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة).. وهكذا، لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يراهم بعد نزول الآيات حتى يبالغ في اكرامهم فيفرش لهم رداءه، ويربّت على أكتافهم، ويقول لهم: " أهلا بمن أوصاني بهم ربي".. أجل.. مات واحد من الأبناء البررة لأيام الوحي، وجيل التضحية... ولعل خير ما نودّعه به، كلمات الامام علي كرّم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين، فوقعت عيناه على قبر غضّ رطيب، فسأل: قبر من هذا..؟ فأجابوه: انه قبر خبّاب.. فتملاه خاشعا آسيا، وقال: رحم الله خبّابا.. لقد أسلم راغبا. وهاجر طائعا.. وعاش مجاهدا..