اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب

دعوه للجنه

Moderators
  • عدد المشاركات

    9,336
  • انضم

  • تاريخ اخر زيارة

  • Days Won

    103

كل منشورات العضو دعوه للجنه

  1. انا بخير يا حبيبة قلبى يارب تكونى بخير يا سكر ..

  2. جزاكم الله خيرا ونفع بكم ..... مشتركة معكم بإذن الله ........... وياااااارب النت يتصلح تحياتى وتقديرى...
  3. اللهم آمين جزاك الله خيرا أخى الكريم..
  4. سجدة زمان كانت تقولى فكرى وأنا انفذ ربنا ييسرلها يااااااارب وتنورنا من جديد قريب جدا .. وانا بقولك انتى دلوقتى فكرى وانا انفذ... نورتينى حبيبتى .... ربنا يوفقك وييسركل خير.
  5. وعليكم السلام ورحمة الله .

    ربنا يعزك يا حبيبتى ويكرمك ويوفقك لكل خيــــــر ،،، وانا صدقا أحبك ف الله كثيـــــــرا كثيرا

    كثيييييييييييرا.. انا بخير الحمد لله .. لا تنسينى من صالح دعائك .. والله اسال ان تكونى باحسن وايسر حال...

  6. السلام عليكم ....

    اتمنى كونك باحسن وايسر حال أختى ..

    توقيعك أمووووور وجميله خالص البنوته دى .... ربنا يوفقك ديما وييسرلك كل خير...

    أحبك فى الله

  7. أحبك الذى أحببتينى من أجله وأنا اشهد الله أنى احبك فيه واساله ان يجمعنا بحبه تحت ظله يوم لا ظل الا ظله جزيتى الجنان حبيبتى نورتينى .
  8. اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا .... اعتذر وبشدة لعدم تواجدى معكم والفترة القادمة بإذن الله أيسر وأفضل... والله أسال أن تكونوا جميعا باحسن وايسر حال...

  9. جزاك الله خيرا أخى الفاضل ......

  10. سال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك

    اسال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك

    اسال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك

    اسال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك..

    اسال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك

    اسال العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك

    اسال العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

  11. لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين.

  12. بالصــور هـل تستســلم... للفشــــل ؟ مفردات , كلمات .. ظاهرها .. قمة الإستسلام ! وباطنها.. قمة الإستهزاء بالثروات المكنونة بداخل كل منا أو بالأحرى .. إستهانة بما وهبه الخالق من ..كنوز المهارات و القدرات .. و ما هيأ له منها من ادوات دالة عليها ..وموصلة اليها.. عقل ..! حواس ..! روح ..! جسد..! كلمات كافية لتدمير ذاتك لا أقدر ! لا أستطيع ! أخاف أن أحاول ! اخشى التجربة ! قد أفشل ! متردد ! لن انجح ! ولم كل هذا ! دائما توكل على الله .. وابذل الأسباب و ثق في نفسك و حتما ستنجح .. انظر... هذا الإنسان .. وجد نفسه فجأة في موقف صعب جد يريد الوصول الى الجبل الثاني .. تابع معي ماذا فعل ؟؟! في البداية حاول القفز..! نعم..ولم لا ! تبقى هى محاولة.. افضل من أن يقف مكتوف الايدي , و يراوده اليأس هنا فكر ! وجد عصاة ..فليجرب !!! قد ينجح وقد يفشل .. امامه كل الإحتمالات ... لكنه قرر عادي .. فشل مرة أخرى.. هذا لا يعني نهاية العالم ! أبتدع أسلوبا جديدا .. حباه الله عقلا ..لما لا يفكر ؟! أيضا فشلت التجربة! وماذا في ذلك ! هل ستتوقف الشمس عن الإشراق ! هل ستوقف السماء مطرها ! إذن فلأحاول من جديد هل سأتوقف عن المحاولة .. لان الصعوبات التي واجهتني كثيرة ! لا .. بإذن الله أجرب طريقة أخرى .. قد يكتب لي فيها النجاح الإصرار..و العزيمة ..و الإرادة.. أسلحتك لخوض معركة التحدي مع نفسك .. حاول .. وحاول .. وحاول .. ثم .. حاول .. لا تتوقف ابدا عن المحاولة .. فمن نجح قبلك .. لا يتفوق عليك بشيئ.. احذف كلمة لن أحاول من قاموسك.. إنس السلبية في تفكيرك... إختم على عبارة اخاف افشل ..بالشمع الأحمر .. قل لكل ذلك وداعا .. و لا تنتظر ان تمطر عليك السماء بحلول ..لما يواجهك من مواقف عصيبة وأنت ..مشاهد فقط ! اشعر بشيئ من التعب والفشل .. لكن .. في النهاية...أنت المنتـصر ( الصور المرفقة قد تكون فكاهية لكنها اوصلت الفكرة بشكل لطيف ..! )
  13. الــسلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته هنتكلم عن تدبر القرآن و يعني إيه تدبر و أهمية التدبر و إزاي نتدبر في كتابنا العظيم القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .. بس قبل ما اتكلم لازم أنبهكم أن تقرؤوا الموضوع للنهاية .. حتى لو قريتوه في أجزاء .. و كمان حاجة تانية إني أحلل لكم تنقلوا الموضوع دة لكل المنتديات و الصفحات في الفيس بوك حتى بدون ذكر المصدر لأنه مش موضوع إنشاء و لا شعر لأ .. دة موضوع كلنا بنحتاج له في حياتنا و انا أصلا مش جايباه من عندي .. نجي للفقرة الأولى من موضوعنا .. يعني إيه تدبر .. ؟ طيب نشوف ابن القيم قال إيه عنه و نجي نشرح كلام ابن القيم : هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه و جمع الفكر على تدبره و تعقله ، و هو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم و لا تدبر قال الله تعالى " كتابٌ أنزلناه إليكَ مُباركٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ و لِيتَذكَّرَ أُولُوا الألباب " أولا لاحظوا معايا إن ابن القيم قال تحديق ما قالش نظر .. و طبعا عارفين إنوا التحديق فيه تركيز أكتر من النظر و ثانيا قال تحديق إيه .. قال تحديق ناظر القلب .. ما قالش تحديق ناظر العيون .. يعني تركز و تشوف معاني القرآن بقلبك مش بعيونك و بس و كمان تجمع فكرك كله و تستعد كدة علشان تدبره و تعقله و تفهم اللي فيه لأن دة هو المقصود في الآية بإنزاله مش المقصود نقرا و خلاص و همنا كله نخلص وردنا علشان اننا خلاص كدة قرينا اللي علينا و خلاص ..! و نجي للجزء التاني من موضوعنا .. إيه هي أهمـــية التدبر ..؟ * ترك التدبر بيمنع عننا الخير اللي بيجينا من التلاوة .. زي ما سيدنا علي بن ابي طالب قال لاخيرفي عبادةلاعلم فيها،ولاعلم لافقه فيه،ولاقراءةلاتدبر فيها *ترك التدبر هو نوع من أنواع هجر القرآن اللي اشتكى منه الرسول صلى الله عليه و سلم لربنا زي ما جاء في القرآن .. ابن القيم رحمه الله ذكر أنواع من هجر القرآن و ذكر منها هجر تدبره و تفهمه و معرفة ما أراد المتكلم به منه * لما نترك التدبر فإحنا بكدة بنترك المقصود الأعظم من القرآن .. قال ابن النووي رحمه الله : ينبغي لقارئ القرآن أن يكون شأنهالخشوع والتدبر والخضوع،فهذاهوالمقصودالمطلوب،وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب،ودلائله أكثرمن أن تحصى وأشهرمن أن تذكر. * تدبر القرآن دة من أحسن أدوية القلوب .. و هي إيه أمراض القلوب دي .. زي إيه ..؟.. زي الغفلة و قلة الإيمان و ضعفه و كتيير أوي .. دة كله ممكن نعالجه بالقرآن تصدق ..!! * التدبر من أطيب ثمرات حفظ القرآن الكريم .. * التدبر بينقذنا من الغفلة المرض الخطير و يخلي قلوبنا دايما صاحية و قريبة من ربنا بإذن الله .. و نيجي للجزء الأخير من موضوعنا .. إزاي نتدبر القرآن ..! .. حاجات ممكن تساعدنا إن شاء الله .. قراءة كتبالتفاسير : و في البداية نستعمل تفاسير مبسطة و سهلة و قريبة لأفهامنا زي تفسير الميسر و تفسير السعدي و كلها بنلاقيها بسهولة على النت .. ممكن بس إكتبوا اسمها في قوقل و هتلاقيها مجاناً .. يعني الحكاية ميسرة أوي و الحمد لله .. تصور وتفه ممدلولات كل آية : و دة يا جماعة باب كبييييييير أوي هيبقى صعب علينا اننا نشرح جوانبه كلها في السطور القليلة دي .. بس ناخد مثال : قال ابن قدامةالمقدسي رحمه الله: وينبغي للتالي أن يستوضح من كل آيةمايليق بها،ويتفهم ذلك،فإذاتلا قوله تعالى " الْحَمدللهِ الَّذي خلق السمواتِ و الأرضَ " فليعلم عظمته، ويتلمح قدرته في كل مايريد،وإذاتلا " أفرأيتم ما تُمنُون " فليتفكر في نطفة متشابهة الأجزاء كيف تنقسم إلى لحم و و عظم و عصب و دم .. سلامة القلب وطهارته من الأمراض الظاهرةوالباطنة: زي الحقد و الحسد و الكره و الغل و الغيرة و الشك .. شوفوا ابن تيمية قال إيه في شرح الآية " لا يمَسُّهُ إلا المُطَهَّرُون " فإذا كان ورقه لا يمسه المطهرون فمعانيه لا يهتدي بها إلا القلوب الطاهرة .. إنزال الآيات على حال القارئ و إتهام النفس بأنها المقصودة عندكل آيةذم ولوم،وعدم تزكيتهاعندآيات المدح و الثناء براحة عليكوا شوية صح .. يعني إيه الكلام الكبير دة .. أولاً دة مش كبير و لا حاجة .. بقولك لما تيجي آية مثلا بتاعت معصية أو لوم إتهم نفسك و قول دة أنا بالظبط دي الآية دي بتتكلم عني .. و أكيد كلنا عصاة و ربنا يغفر لينا .. و كمان لما تيجي آية مدح للمؤمنين مثلا ما تقولش دة أنا أبدا .. و ما تغركش و لا تعجبك نفسك .. إنت مهما عملت هتكون فين من اللي هاجروا زمان مع النبي صلى الله عليه و سلم و تركوا أموالهم و احبابهم و كانوا مستعدين في الغزوات إن يقتلوا أحب الناس ليهم من أجل الإسلام .. و حتى دول و إحنا و كل الناس لو جات حسناتنا قدام نِعم ربنا و حتى لو كانت حسناتنا قد جبل أحد هتهدها نِعم ربنا .. محدش بيدخل الجنة بعمله أبداً كلنا بندخل برحمة ربنا .. إستشعار القارئ أنه يتلو كلام الله جل و علا و أنه يناجي ربه : يا سلااااام .. يعني و انا داخل اقرا القرآن كدة أحس أني ما بقراش رواية و لا جريدة لااااااا .. أنا بقرأ كلام ربنا سبحانه و تعالى .. الملك اللي خلقني .. رب الأعاصير و الزلازل و البراكين .. رب الرحمة الكريم .. أنا بناجيه و عارف إنه هيسمعني و هو أقرب إلي من حبل الوريد .. حس إن ربنا بيكلمك إنتَ .. أيوا إنتَ .. بيأمرك إنتَ .. بينهاكَ إنت .. بيحذرك إنتَ .. بيبشرك إنتَ .. في أكتر من كدة يا جماعة .. بالله عليكوا عينينا مش هتدمع .. و لا هي خلاص بقيت زي الحجارة بل أشد قسوة .. معايشة معاني القرآن الكريم لما تكون إنتَ داعية للي في القرآن بتشيل هم أمتك .. و بتجاهد في سبيلها بكل ما تملك .. أكيد هيكون وقع الآيات دي عليك أكتر .. لأنها هتوريك إن كل اللي بتعملوا دة في سبيل الله عز و جل .. إستشعار أن الله عزوجل بعظمته وعلوه وكبريائه يستمع للقارئ حسن الصوت قال عليه الصلاة و السلام :" الله أشدأذنا - أي إستماعا - إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من القينة إلى قينته " يعني ربنا أشد إستماعا للشخص دة من إنسان معين بيسمع لفنانته المطربة .. يا سلاام .. ما فيش حاجة تتقال أكتر من كدة .. قراءة الكتب التي عن صفات الله و أسمائه و نعمه و آلائه و تربي على التفكر و التدبر زي كتب الإمام العالم إبن القيم و خاصة : مفتاح دار السعادة .. و الفوائد و مدارج السالكين .. و نختم بحاجة أخيرة .. وهي الأهم : استصحاب الإخلاصدائماوتجديدالنيةوالبعدعنالعجب في الحديث اللي رواه مسلم أن من أول الثلاثة الذين تسعر فيهم النار يوم القيامة : قارئ القرآن ليقال له قارئ ****** و في النهاية أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه و أن يرزق كاتب الكتيب " حتى تكون تلاوتك مؤثرة " منصور بن محمد المقرن كل خير فهذا الموضوع ما هو إلا إقتباس أو إختصار من كتابه أو أخذ روح النص بكلمات أخرى .. و أتمنى منكم إخوتي أن تنشروه عسى و لعل أن يهدي الله بنا مؤمنا و نشاركه في ثواب قرآته للقرآن بتدبر إن شاء الله
  14. بسم الله الرحمن الرحيم ** كيف تصبح ذكياً بأربعة أمور** هناك أمور نفهمها (ونشعر بمعناها) ولكن يصعب علينا شرحها أو وضع تعريف لها.. وبصرف النظر عن التعريفات العلمية للذكاء غالباً ما نعرف أنفسنا (نحن الأفراد) حين نتصرف بذكاء أو غباء.. بل يمكننا (كما أعتقد شخصيا) رفع حصيلة ذكائنا المكتسب من خلال محاكاة العناصر الذكية في أي قصة أو موقف ذكي ثم محاولة تقليده وتبنيه كعادة شخصية.. وفي الأسطر التالية سأخبرك بأربع قصص مختصرة حاول بنفسك تخمين عناصر الذكاء فيها ثم محاولة تطبيقها ومحاكاتها في حياتك. -فذات يوم قرأت مثلاً عن مواطن بلجيكي دأب طوال 20عاماً على عبور الحدود نحو ألمانيا بشكل يومي على دراجته الهوائية حاملا على ظهره حقيبة مملوءة بالتراب، وكان رجال الحدود الألمان على يقين انه "يهرب" شيئاً ما ولكنهم في كل مرة لا يجدون معه غير التراب (!). السر الحقيقي لم يكشف إلا بعد وفاة السيد ديستان حين وجدت في مذكراته الجملة التالية: "حتى زوجتي لم تعلم انني بنيت ثروتي على تهريب الدراجات إلى ألمانيا"!!. أما عنصر الذكاء هنا فهو (ذر الرماد في العيون وتحويل أنظار الناس عن هدفك الحقيقي !). -أيضاً، جاء عن حذيفة بن اليمان انه قال: دعاني رسول الله ونحن في غزوة الخندق فقال لي: اذهب الى معسكر قريش فانظر ماذا يفعلون، فذهبت فدخلت في القوم (والريح من شدتها لا تجعل احداً يعرف احدً) فقال ابو سفيان: يا معشر قريش لينظر كل امرئ من يجالس (خوفا من الدخلاء والجواسيس) فقال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي بجانبي وقلت: من أنت يا رجل؟ فقال مرتبكا: أنا فلان بن فلان!. عنصر الذكاء هنا (أخذ زمام المبادرة والتصرف بثقة تبعد الشك؟). - أما أبو حنيفة فتحدث يوما فقال: احتجت إلى الماء بالبادية فمر اعرابي ومعه قربة ماء فأبى إلا أن يبيعني اياها بخمسة دراهم فدفعت إليه الدراهم ولم يكن معي غيرها.. وبعد أن ارتويت قلت: يا أعرابي هل لك في السويق، قال: هات.. فأعطيته سويقا جافا اكل منه حتى عطش ثم قال: ناولني شربة ماء؟ قلت: القدح بخمسة دراهم، فاسترددت مالي واحتفظت بالقربة!!. وعنصر الذكاء هنا (إضمار النية وخلق ظروف الفوز)!! - وأخيراً هناك حركة ذكية بالفعل قام بها أحد النبلاء الفرنسيين.. فذات يوم عاد لقصره قلقاً متجهم الوجه فسألته زوجته عن السبب فقال: أخبرني الماركيز كاجيلسترو (وكان معروفا بممارسة السحر والعرافة) انك تخونينني مع أقرب أصدقائي فصفعتُه بلا شعور.. فقالت الزوجة بهدوء: وهل أفهم من هذا أنك لم تصدق ادعاءه!؟ فقال: بالطبع لم أصدق كلامه، إلا أنه هددني بقوله "إن كان كلامي صحيحا ستستيقظ غدا وقد تحولتَ إلى قطة سوداء"!.. وفي صباح اليوم التالي استيقظت الزوجة فوجدت بجانبها قطة نائمة فصرخت من الرعب والفزع ثم عادت وركعت أمامها تعتذر وتطلب منها الصفح والغفران.. وفي تلك اللحظة بالذات خرج الزوج من خلف الستارة وبيده سيف مسلط!. وعنصر الذكاء هنا هو (استغلال خرافات الآخرين والاتجاه بتفكيرهم لنهاية تخدم مصلحتك)!!. وكما قلت في البداية هذه مجرد نماذج لعناصر ذكية يمكنك استنتاج مثيلاتها بنفسك من أي قصة أو موقف ذكي قد تصادفه مستقبلاً وحين تكتشف عنصر الذكاء فيها حاول (تشربه) ومحاكاته حتى يصبح عادة وطبعا دائما في شخصيتك!.
  15. وتحدثنا الآيات الكريمة عن صفةٍ سادسةٍ أخرى من صفات المنافقين الخبثاء ألا وهي صفة التلون، وهي صفة لا تفارق المنافقين أبداً فها هو النفاق فالمنافق مخادع، متلون، ماكر، وهذا هو الأصل اللغوي للنفاق كما أصلت وبنيت من قبل، قال تعالى مبيناً هذا الصفة في المنافقين فقال (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) وهنا ينتصر ربنا –جل وعلا- مرةً ثانيةً لآهل الإيمان، ويرد على أهل النفاق الخبثاء فيقول تعالى(اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) فالمنافقون متلونون خبثاء يظنون أن التلون براعة، وأن المكر سياسة،وأن الدهاء والخداع ذكاء،هذا هو منطق المنافقين فهم يتلونون ولكنهم جبناء هم أجبن من أن يواجهوا الحق بالإيمان الصريح الواضح، فضلاً عن أن يواجهوا الحق بإنكاره بأسلوبٍ صريحٍ واضحٍٍ هم أجبن من هذا وذاك، أجبن من أن يعلنوا ويظهروا إيمانهم بالحق بأسلوبٍ ظاهرٍ واضحٍ، وهم أجبن من أن يردوا الحق أيضاً، وينكروا الحق أيضاً ويكفروا بالحق أيضاً بإسلوبٍ صريحٍ واضحٍ ، بل هم متلونون إن جالسوا آهل الإيمان، وآهل الحق تكلموا بلغةٍ، (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) أي يتظاهرون بالإيمانٍ ويعلنونه بآلسنتهم وكلماتهم إذا جالسوا آهل الإيمان، ولذلك أنا أكاد أن أجن وأصرخ وأنا أرى بعض أهل الإيمان ينتظرون نصرة للمؤمنين من أهل النفاق ومن المنافقين الخبثاء الذين وقعوا في نفاق الإعتقاد أي في النفاق الأكبر، الذين غرقوا في أوحال الكفر والشرك والضلال، فالنفاق لا ينصر إيماناً قط ،كما أن الشرك لا ينصر توحيداً أبداً، فكيف ينتظر أهل الإيمان من هؤلاء نصرة؟!! متى نصر النفاق الإيمان؟!! ومتى نصر الشرك التوحيد والإيمان؟!! متى؟؟ محال!! فلا يكون ذلك أبداً إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط، لا يكون ذلك أبداً إلا إذا استخرجنا الماء العذب الفرات من النار المشتعلة المتأججة، وهذا لا يكون, ولن يكون، لآنه مخالفٌ للنواميس ،وسنن الله في الكون التي لا تتبدل ولا تتغير، نعم أيها الأحبة إذا جالسوا أهل الإيمان أظهروا الصفاء والود والمحبة والحرص عليهم وحب الخير لهم إلى غير ذلك ... وإذا تركوا مجالس المؤمنين، وتركوا مجلس أهل الإيمان، ذهبوا وانصرفوا إلى مجالس شياطينهم (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) إنما نحن نستهزئ بالقوم ونتلاعب بهم ، وبمشاعرهم وعواطفهم، ومصالحهم وهمومهم، (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) فمن شياطينهم؟! من المراد بالشياطين هنا ؟!! قال ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ومن التابعين ..أن الشياطين هم رؤوس الكفر والشرك والنفاق، أي إلى رؤوس اليهود والمنافقين والمشركين والسادة والكبراء ،، فإذا خلوا تعني كل هذه المفردات التي ذكرتها قالها الصحابة والتابعين لهم بإحسان (وَإِذَا خَلَوْاْ) خلوا لفظة قرآنية عجيبة ، وإذا ما بدلنا كلمة خلوا بكلمة أخرى فلنقل انفردوا ، لا يمكن أن تؤدي لفظة أخرى نفس الأداء لكلمة خلوا فالقرآن الكريم كنز معانٍ، ونهر حقائق، وبحر دقائق، ودرج زواهر، وعالم علم، ودقة نظم، وجمال أسلوب، وبراعة بيانٍ، ما أعظم القرآن!! أشهد بعقلي وكياني وجوارحي بأنه كلام الله فمصدرية القرآن دليل اعجازه ، لو تدبرت كل لفظةٍ في القرآن قي سياقها القرآني في موطنها بين السابق واللاحق من كلمات القرآن ، والله الذي لا إله غيره، لصرخت وازددت إيماناً بالله ويقيناً بأن القرآن كلام الله - جل وعلا- 00 فمحال أن توضع لفظةٌ قرأنيةٌ في سياقها بغير غاية وبغير هدف وبغير دقة، بل لا يمكن البتة أن تأتي كلمةٌ أخرى مرادفة لهذه الكلمة لا يمكن أبداً أن تؤدي نفس الأداء أو أن تؤدي نفس المعنى الذي أدته اللفظة القرآنية التي وضعها ربنا - جل وعلا- في سياقها القرآني (وَإِذَا خَلَوْاْ) يا إلهي ألم تشعر معي بشئٍ من الخلوة، الخفاء، فالمنافقون خبثاء لا يعملون في النور أبداً ، لن يعملوا على سطح الأرض بل لابد لهم من الخلوة والخفاء والسرية ليس عندهم ظهور ولا استعلاء بالإيمان، واستعلان ، لا (وَإِذَا خَلَوْاْ) تشعرك اللفظة القرآنية بشئ من الدس في الخفاء، فهذا هو الفارق الكبير بين منهج الإيمان ومنهج النفاق، فمنهج الإيمان منهج معلن ، فلا نخشى أحداً على وجه الأرض ، أبداً،، لا نتكلم في الظلام وفي السراديب تحت الأرض، بل نتكلم في النور ، في المساجد والفضائيات وفي الكتب وفي المجالس العامة والخاصة سواء فلا فرق بين أهل الإيمان أبداً بين مجلس عامٍ ومجلس خاصٍ ، لآن آهل الإيمان لا يجيدون التلون ، ولا يعرفون الخداع والتضليل، ولا يجيدون الظهور بوجهين في أي وقت ولا في أي مكان، فهم فوق أي أرض وتحت أي سماء يعتقدون منهجاً واضحاً كالشمس في ضحاها، والنهار إذا جلاها ، لا يجيدون اللف والدوران، هم فوق سطح الأرض كحالهم تحت سطح الأرض إن قدر الله لهم ذلك، هم في النور كحالهم في الظلام، يتكلمون في الظلام نفس كلامهم في النور، ويتكلمون في النور نفس كلامهم في الظلام، يتكلمون بين الآلاف والملايين بنفس الكلام الذي يتكلمونه بين الأفراد أو بين الآحاد والعشرات والمئات، لا يحسنون أبداً التلون والخداع والتضليل فرقٌ كبير بين منهج الحق ومنهج الباطل، فمنهج الحق أبلج ومنهج الباطل لجلج، منهج الحق ظاهرٌ واضحٌ، يعمل في النور والأمان لذلك فأنا أناشد الآن المسئولين ألا يحاربوا أبداً منهج العلماء الربانيين ومنهج الدعاة الصادقين الذين يتحركون للحق وللدين في وضوح في وضح النهار فيجب على كل أفراد الأمة أن يدعموا هذا المنهج لآنه سيقضي على المنهج الآخر منهج الدس ومنهج الخفاء ومنهج العمل في الظلام وتحت السراديب في باطن الأرض0 وأنا أقول لكم لله إذا كان المنهج يُدرس ويُتلقى في الظلام فهو منهج مظلم،وإذا كان المنهج يُدرس تحت الأرض في السراديب فهو منهج منحرفٌ بانحراف السراديب ،
  16. ما هو السفه؟ وما أصل السفه في اللغة؟ السفه في لغة العرب معناه الخفة (أي خفة العقل) والطيش والحمق والجهل إلى غير ذلك من المفردات والسفهاء جمع سفيه ، وكما قلنا السفيه هو خفيف العقل الذي لا يعرف بواطن الأمور، الذي لا يعرف المصالح والمفاسد، هذا هو السفيه عند العرب وفي لغة العرب، فأصل السفه خفة العقل وخفة الرأي مع الطيش ومع الجهل، هذا هو السفه ! فهؤلاء الخبثاء يتهمون رسول وإمام الأنبياء وصحابته –رضي الله عنهم- بالسفه (صلى الله عليه وسلم) فكل منافقٍ خبيثٍ في أي زمانٍ ومكانٍ هو الذي يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفه لآن الله - جل وعلا- هو الذي حكم عليهم بالنفاق كما قال سبحانه وتعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) فهؤلاء هم المنافقون ويحكم الله عليهم أيضاً بالسفاهة وخفة الرأي والجهل والطيش والعجلة وعدم ضبط الكلمات والأفعال، فهؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله هم السفهاء (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) أنا أريد أن أأصل الآن أن الحكم إذا كان من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني فانتبهوا معي جميعاً إذا رأيتم رجلً يحكم على أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة أو بأي صفةٌ خبيثةٌ أخرى فاعلم يقيناً أنه منافق، وأنه زنديق، وأنه خبيث، وأنه سفيه، بشهادة الله جل وعلا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ( لماذا؟ لآنه ينفي عنهم العقل، وينفي عنهم الإيمان، وينفي عنهم الرجاحة، وينفي عنهم الصدق وما إلى ذلك من صفاتٍ حكم بها لهم ربنا-جل وعلا- العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى، فالذي حكم لأصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) بالإيمان الكامل، وبالإيمان الحق،وبالصدق، وبالعدالة، هو ربنا - جل وعلا- ونبينا(صلى الله عليه وآله وسلم) قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِ) أي المهاجرين (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوا) أي الذين استقبلوهم في المدينة النبوية المطهرة ونصروهم وأنزلوهم في قلوبهم وعيونهم قبل أن ينزلوهم في دورهم وبيوتهم أي الأنصار، ثم اسمع إلى حكم العلي الأعلى (أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) الله أكبر شهادة من؟ شهادة ربنا - جل وعلا- حتى لا تسمح لآي سفيهٍ خبيثٍ منافقٍ أن ينال صحابياً جليلاً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام عينيك وبين يديك وإلا ورب الكعبة في إيمانك عور، ورب الكعبة لو سمحت لأحدٍ ولو أذنت لأحد ينال صحابياً جليلاً من أصحاب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دون أن ترد عليه ودون أن تبين له الحق بدليله ودون أن تبين له سفاهته ففي إيمانك عور، وفي دينك خلل، وفي إيمانك نقص، اعلم أن حب الصحابة من الإيمان، اعلم أن حب المهاجرين من الإيمان، اعلم أن حب الأنصار من الإيمان، ونحب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا نفرط في حب احدٍ منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، فحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان ومن بركة العلم أن ننسبه لآهله فهذا من نفيس كلام الإمام الطحاوي تدبروا معي مرة أخرى قول الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) إذن فالمنافق الخبيث عندما نقول له آمن كما أمن أصحاب الإيمان الحق بشهادة رب العالمين ثم يحكم على هؤلاء أصحاب الإيمان الحق بأنهم سفهاء إذن فهو السفيه وهو المنافق الخبيث بحكم رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى فهذه الأيات في المنافقين ثم يحكم عليهم ربنا بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) قال تعالى (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْلَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِيقُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) يا أيها الأفاضل هذه شهادة رب العالمين وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الصنف الثالث اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا وما أكثر الآيات التي تتحدث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولست بصدد الحديث الآن عن فضل الصحابة الكرام ومكانتهم وما أحوجنا إلى تكرار الحديث في هذا الموضوع الجليل الآن لأننا نعيش زماناً ينال فيه الأقزام من القمم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسأل الله أن يجمعنا بهم مع نبينا في جنات النعيم ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم يا الله يا أخي هذه شهادة النبي (عليه الصلاة والسلام) فالرسول يشهد لهم بالخيرية خير الناس قرني أي أهل زماني ممن أمنوا بالله ورسوله وعاشوا على الإسلام وماتوا على ذلك ، فالصحبة كما قال الحافظ بن حجر أن الصحابي هو من لقيَّ رسول الله وآمن به ومات على الإسلام، والذين يلونهم أي من التابعين ثم الذين يلونهم من تابعي التابعين وفي الصحيحين من حديث أنس مروا بجنازةٍ على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأثنى الصحابة عليها خيراً فقاتل النبي وجبت، ثم مر الناس بجنازةٍ ثانية والرسول يجلس مع أصحابه فأثنوا عليها شراً فقال النبي وجبت، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما وجبت؟ فقال أما الأولى فأثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وأما الثانية فأثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار فأنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض يا ألهي وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي نظر يوماً إلى النجوم فقال (عليه الصلاة والسلام) النجوم أمانةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمانةٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمانةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون00 وأنا أؤكد أن من نال من أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) ومن وجد في قلبه غيظاً وحقداً على أصحاب المصطفى فقد أصابه قول الله - جل وعلا- (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار) كما قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) سُئل الإمام مالك يوماً عن رجلٌ يسب أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) فقال -رحمه الله- من وجد في قلبه غيظاً على أحدٍ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أصابه قول الله جل وعلا (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) وقال الحافظ الكبير أبو ذرعة - رحمه الله- إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من النبي (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنه زنديق وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وأن ما جاء به من عند الله حق،وأن الذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة وهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة، فالصحابة كلهم عدول كما قال الخطيب البغدادي وغيره من أئمة أهل السنة ، والدليل على ذلك أن المصطفى في حجة الوداع أصّل ما أصّل للأمة فتكلم عن الأعراض والدماء والربا ومكانة المرأة وتكلم عن القرآن والسنة ثم قال (عليه الصلاة والسلام) في أخر خطبته العصماء في حجة الوداع على جبل عرفات قال ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب الله الله استمع مرة أخرى (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) ولأنهم عدول فكلفهم بالبلاغ، ولو كان في الصحابة أحدٌ ليس عدلاً لقال النبي (صلى الله عليه وسلم) فليبلغ فلان وفلان وحدد (صلى الله عليه وسلم) أهل العدالة فيهم، أما وقد أطلق النبي هذا الأمر وقال (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) فهذه شهادةُ نبويةٌ من رسول الله بعدالة الصحابة قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) وهذه هي شهادة أخرى بعدالة الصحابة من القرآن الكريم، عدلهم رسول الله وعدلهم ربنا جل علاه وتفسير الآية أن الملائكة شهدت لله بالوحدانية وشهد أولو العلم لله بالوحدانية وقال أبن القيم إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ثم ثنى بملائكته ثم ثلث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله تعالى لا يستشهد بمجروح ولا شك ولا ريب أن أهل العلم على رأسهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هم المرادون ابتداءاً بهذه الآية الكريمة وبعد ذلك يأتي من سار على دربهم وعلى طريقهم ورفع رايتهم واعتقد معتقدهم بإحسانٍ إلى يوم الدين (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الله أكبر إذن تدبر معي إذا قيل لهم آمنوا كما أمن أصحاب النبي(عليه الصلاة والسلام) كما أمن الكُملُ، المؤمنون حقا، الصادقون، نجد الخبثاء المجرمون المنافقون يتطاولون على أصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) ويتهمونهم بالسفه وخفة الرأي وعدم معرفتهم ببواطن الأمور وعدم إتقانهم ومعرفتهم بالمصالح والمفاسد وهؤلاء مجموعة من الدراويش ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يجيدون إلا الأكل والشرب كما قال المنافقون قديماً في عهد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وكما يقول المنافقون الآن حديثاً في عصرنا، هذه كلمات المنافقين لا تتغير بتغير العصور ولا تتغير بتغير الأماكن، فهم يرددون نفس الكلمات، فالمنافق له ألف لسان، وله ألف وجه، له لسانان لسانٌ يلقى به المؤمنين ويتكلم به مع المؤمنين بلغة الإيمان والإسلام ولغة التقى والهدى وإذا خلا بالصنف الأخر الذي سأتحدث عنه الآن يتكلم بلسانه الحقيقي فيظهر ما في قلبه ويخرج ما في صدره من عفنٍ وكفرٍ ونفاقٍ أكبر ألا وهو نفاق الإعتقاد فهو يظهر بلسانه الإسلام والإيمان ويعتقد الكفر ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء) وهنا ينتصر الله تعالى لآصحاب النبي (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) فصار السفه ملازماً لهم فأصبحوا لا يعلمون بسفههم، صار الكذب ملازماً لهم فصاروا لا يشعرون بكذبهم، وكما أقول هو يصرخ في صحراء فيرجع إليه صدى الصوت فيصدق نفسه ويصدق كذبه وهو منافقٌ خبيثٌ كذابٌ أشر، لا يعلم فالموازين بين أيديهم مختلة، والمعايير بين أيديهم مختلفة، يحكمون بموازين الهوى ويحكمون بموازيين الظلم والضلال والباطل فيحكمون على أهل الإيمان بالسفاهة والضلال ولكن ما أسعد أهل الإيمان بانتصار الله لهم وبرد الله عنهم! فالله جل وعلا يرد عن الصحابة وعن المؤمنين، يذب عنهم، ويدفع عنهم أقوال الخبثاء من المنافقين المجرمين فيحكم الله على من أتهمهم بهذا الحكم (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)
  17. ما هو السفه؟ وما أصل السفه في اللغة؟ السفه في لغة العرب معناه الخفة (أي خفة العقل) والطيش والحمق والجهل إلى غير ذلك من المفردات والسفهاء جمع سفيه ، وكما قلنا السفيه هو خفيف العقل الذي لا يعرف بواطن الأمور، الذي لا يعرف المصالح والمفاسد، هذا هو السفيه عند العرب وفي لغة العرب، فأصل السفه خفة العقل وخفة الرأي مع الطيش ومع الجهل، هذا هو السفه ! فهؤلاء الخبثاء يتهمون رسول وإمام الأنبياء وصحابته –رضي الله عنهم- بالسفه (صلى الله عليه وسلم) فكل منافقٍ خبيثٍ في أي زمانٍ ومكانٍ هو الذي يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفه لآن الله - جل وعلا- هو الذي حكم عليهم بالنفاق كما قال سبحانه وتعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) فهؤلاء هم المنافقون ويحكم الله عليهم أيضاً بالسفاهة وخفة الرأي والجهل والطيش والعجلة وعدم ضبط الكلمات والأفعال، فهؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله هم السفهاء (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) أنا أريد أن أأصل الآن أن الحكم إذا كان من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني فانتبهوا معي جميعاً إذا رأيتم رجلً يحكم على أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة أو بأي صفةٌ خبيثةٌ أخرى فاعلم يقيناً أنه منافق، وأنه زنديق، وأنه خبيث، وأنه سفيه، بشهادة الله جل وعلا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ( لماذا؟ لآنه ينفي عنهم العقل، وينفي عنهم الإيمان، وينفي عنهم الرجاحة، وينفي عنهم الصدق وما إلى ذلك من صفاتٍ حكم بها لهم ربنا-جل وعلا- العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى، فالذي حكم لأصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) بالإيمان الكامل، وبالإيمان الحق،وبالصدق، وبالعدالة، هو ربنا - جل وعلا- ونبينا(صلى الله عليه وآله وسلم) قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِ) أي المهاجرين (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوا) أي الذين استقبلوهم في المدينة النبوية المطهرة ونصروهم وأنزلوهم في قلوبهم وعيونهم قبل أن ينزلوهم في دورهم وبيوتهم أي الأنصار، ثم اسمع إلى حكم العلي الأعلى (أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) الله أكبر شهادة من؟ شهادة ربنا - جل وعلا- حتى لا تسمح لآي سفيهٍ خبيثٍ منافقٍ أن ينال صحابياً جليلاً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام عينيك وبين يديك وإلا ورب الكعبة في إيمانك عور، ورب الكعبة لو سمحت لأحدٍ ولو أذنت لأحد ينال صحابياً جليلاً من أصحاب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دون أن ترد عليه ودون أن تبين له الحق بدليله ودون أن تبين له سفاهته ففي إيمانك عور، وفي دينك خلل، وفي إيمانك نقص، اعلم أن حب الصحابة من الإيمان، اعلم أن حب المهاجرين من الإيمان، اعلم أن حب الأنصار من الإيمان، ونحب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا نفرط في حب احدٍ منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، فحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان ومن بركة العلم أن ننسبه لآهله فهذا من نفيس كلام الإمام الطحاوي تدبروا معي مرة أخرى قول الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) إذن فالمنافق الخبيث عندما نقول له آمن كما أمن أصحاب الإيمان الحق بشهادة رب العالمين ثم يحكم على هؤلاء أصحاب الإيمان الحق بأنهم سفهاء إذن فهو السفيه وهو المنافق الخبيث بحكم رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى فهذه الأيات في المنافقين ثم يحكم عليهم ربنا بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) قال تعالى (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْلَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِيقُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) يا أيها الأفاضل هذه شهادة رب العالمين وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الصنف الثالث اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا وما أكثر الآيات التي تتحدث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولست بصدد الحديث الآن عن فضل الصحابة الكرام ومكانتهم وما أحوجنا إلى تكرار الحديث في هذا الموضوع الجليل الآن لأننا نعيش زماناً ينال فيه الأقزام من القمم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسأل الله أن يجمعنا بهم مع نبينا في جنات النعيم ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم يا الله يا أخي هذه شهادة النبي (عليه الصلاة والسلام) فالرسول يشهد لهم بالخيرية خير الناس قرني أي أهل زماني ممن أمنوا بالله ورسوله وعاشوا على الإسلام وماتوا على ذلك ، فالصحبة كما قال الحافظ بن حجر أن الصحابي هو من لقيَّ رسول الله وآمن به ومات على الإسلام، والذين يلونهم أي من التابعين ثم الذين يلونهم من تابعي التابعين وفي الصحيحين من حديث أنس مروا بجنازةٍ على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأثنى الصحابة عليها خيراً فقاتل النبي وجبت، ثم مر الناس بجنازةٍ ثانية والرسول يجلس مع أصحابه فأثنوا عليها شراً فقال النبي وجبت، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما وجبت؟ فقال أما الأولى فأثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وأما الثانية فأثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار فأنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض يا ألهي وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي نظر يوماً إلى النجوم فقال (عليه الصلاة والسلام) النجوم أمانةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمانةٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمانةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون00 وأنا أؤكد أن من نال من أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) ومن وجد في قلبه غيظاً وحقداً على أصحاب المصطفى فقد أصابه قول الله - جل وعلا- (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار) كما قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) سُئل الإمام مالك يوماً عن رجلٌ يسب أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) فقال -رحمه الله- من وجد في قلبه غيظاً على أحدٍ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أصابه قول الله جل وعلا (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) وقال الحافظ الكبير أبو ذرعة - رحمه الله- إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من النبي (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنه زنديق وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وأن ما جاء به من عند الله حق،وأن الذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة وهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة، فالصحابة كلهم عدول كما قال الخطيب البغدادي وغيره من أئمة أهل السنة ، والدليل على ذلك أن المصطفى في حجة الوداع أصّل ما أصّل للأمة فتكلم عن الأعراض والدماء والربا ومكانة المرأة وتكلم عن القرآن والسنة ثم قال (عليه الصلاة والسلام) في أخر خطبته العصماء في حجة الوداع على جبل عرفات قال ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب الله الله استمع مرة أخرى (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) ولأنهم عدول فكلفهم بالبلاغ، ولو كان في الصحابة أحدٌ ليس عدلاً لقال النبي (صلى الله عليه وسلم) فليبلغ فلان وفلان وحدد (صلى الله عليه وسلم) أهل العدالة فيهم، أما وقد أطلق النبي هذا الأمر وقال (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) فهذه شهادةُ نبويةٌ من رسول الله بعدالة الصحابة قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) وهذه هي شهادة أخرى بعدالة الصحابة من القرآن الكريم، عدلهم رسول الله وعدلهم ربنا جل علاه وتفسير الآية أن الملائكة شهدت لله بالوحدانية وشهد أولو العلم لله بالوحدانية وقال أبن القيم إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ثم ثنى بملائكته ثم ثلث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله تعالى لا يستشهد بمجروح ولا شك ولا ريب أن أهل العلم على رأسهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هم المرادون ابتداءاً بهذه الآية الكريمة وبعد ذلك يأتي من سار على دربهم وعلى طريقهم ورفع رايتهم واعتقد معتقدهم بإحسانٍ إلى يوم الدين (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الله أكبر إذن تدبر معي إذا قيل لهم آمنوا كما أمن أصحاب النبي(عليه الصلاة والسلام) كما أمن الكُملُ، المؤمنون حقا، الصادقون، نجد الخبثاء المجرمون المنافقون يتطاولون على أصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) ويتهمونهم بالسفه وخفة الرأي وعدم معرفتهم ببواطن الأمور وعدم إتقانهم ومعرفتهم بالمصالح والمفاسد وهؤلاء مجموعة من الدراويش ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يجيدون إلا الأكل والشرب كما قال المنافقون قديماً في عهد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وكما يقول المنافقون الآن حديثاً في عصرنا، هذه كلمات المنافقين لا تتغير بتغير العصور ولا تتغير بتغير الأماكن، فهم يرددون نفس الكلمات، فالمنافق له ألف لسان، وله ألف وجه، له لسانان لسانٌ يلقى به المؤمنين ويتكلم به مع المؤمنين بلغة الإيمان والإسلام ولغة التقى والهدى وإذا خلا بالصنف الأخر الذي سأتحدث عنه الآن يتكلم بلسانه الحقيقي فيظهر ما في قلبه ويخرج ما في صدره من عفنٍ وكفرٍ ونفاقٍ أكبر ألا وهو نفاق الإعتقاد فهو يظهر بلسانه الإسلام والإيمان ويعتقد الكفر ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء) وهنا ينتصر الله تعالى لآصحاب النبي (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) فصار السفه ملازماً لهم فأصبحوا لا يعلمون بسفههم، صار الكذب ملازماً لهم فصاروا لا يشعرون بكذبهم، وكما أقول هو يصرخ في صحراء فيرجع إليه صدى الصوت فيصدق نفسه ويصدق كذبه وهو منافقٌ خبيثٌ كذابٌ أشر، لا يعلم فالموازين بين أيديهم مختلة، والمعايير بين أيديهم مختلفة، يحكمون بموازين الهوى ويحكمون بموازيين الظلم والضلال والباطل فيحكمون على أهل الإيمان بالسفاهة والضلال ولكن ما أسعد أهل الإيمان بانتصار الله لهم وبرد الله عنهم! فالله جل وعلا يرد عن الصحابة وعن المؤمنين، يذب عنهم، ويدفع عنهم أقوال الخبثاء من المنافقين المجرمين فيحكم الله على من أتهمهم بهذا الحكم (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)
  18. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) فلا زالت الآيات الكريمة أيها المسلمون الأفاضل تحدثنا عن المنافقين وعن صفات المنافقين وقد أطلت النفس في الحلقة الماضية في قوله - جل وعلا- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ) وبينت فساد المنافقين في الأرض وأن فسادهم فسادٌ خطير لآن فسادهم أشد من فساد الكفار الذين أعلنوا كفرهم لآنهم معروفون للمؤمنين، أما المنافقون فإفسادهم أعظم لآنهم يُظهرون الإيمان بألسنتهم، ويُظهرون الإسلام بكلماتهم، ويُبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذكرت أيضاً من إفساد المنافقين أنهم متلونون، مخادعون ، ماكرون، فهم يظهرون بوجوه مختلفة، يظهرون مع أهل الإيمان بوجه ومع شياطينهم من أهل الكفر والنفاق بوجهٍ أخر، ومن فساد المنافقين أنهم يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، ومن أخبث صفات المنافقين أنهم يُعرضون عن شرع رب العالمين ويصدون عنه كما قال ربنا سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) لكن بكل أسف مع هذا الإفساد البشع بأشكاله المتعددة وألوانه المختلفة لا يشعر المنافقون بأنهم مفسدون بل يتبجحون ويستعلون ويقولون أنهم مصلحون إن ذكَّرهم أي مذَّكرٍ لهم وقد فصلت ذلك، فقد ردوا بتبجحٍ واستعلاءٍ (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) وهنا يكذبهم ربنا جل وعلا مرةً ثانيةً كما كذبهم - جل وعلا- فنفى عنهم الإيمان بقوله تعالى ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) ينفي ربنا تبارك وتعالى عن المنافقين صفة الإصلاح بل ويحكم عليهم بالإفساد وكان حقيقاً بالمنافقين في هذا الوقت - وفي هذا الوقت الذي نحياه- كان حقيقاً على المنافقين في كل زمانٍِ ومكانٍ أن يعلموا أنهم مفسدون وأنهم ليسوا مصلحين وليسوا صالحين، ولكن لآن القوم غارقون في الكذب لأنهم ظلوا يكذبون حتى صدقوا أنفسهم في الكذب وصار الكذب ملازماً لهم، صفةً لا تنفك عنهم ومن ثمَّ فهم لا يشعرون بفسادهم وإفسادهم قالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فكذبهم ربنا - جل وعلا- بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) وأنا أعجب لجلال القرآن وجماله فربنا - تبارك وتعالى - في هذا الموطن يحذف مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) فيشعرون فعلٌ وفاعلٌ لكن أين المفعول؟ يحذف الله - تبارك وتعالى - مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) وهذا الحذف قد يكون حذف اختصار أو قد يكون حذف اقتصار، وهذا هو الأبلغ والأولى عندي الحذف للمفعول حذف اختصار كما قال آهل اللغة بل قد يكون الحذف هنا للإقتصار فهذا التبلد وعدم الشعور بالمرة صار صفةً للمنافقين (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) وتعالوا معي أيها الأفاضل لنعيش الليلة مع صفتين أخرتين من صفات المنافقين فتذكر الآيات الكريمة صفةًُ خامسةً من صفات المنافقين الخبثاء ألا وهي الإستعلاء الكبر، الإعراض عن الإيمان، الإعراض عن الحق، الإستهزاء بالمؤمنين الصادقين وأتهامهم بالسفه ولا حول ولا قوة إلا بالله تدبروا معي قول ربنا - جل وعلا- (وَإِذَاقِيلَلَهُمْآمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُقَالُواْأَنُؤْمِنُكَمَاآمَنَالسُّفَهَاءأَلاإِنَّهُمْهُمُالسُّفَهَاءوَلَكِنلاَّيَعْلَمُونَ) تدبروا معي هذه الآية الكريمة والتي تبين صفةٌ أخرى خبيثةٌ من صفات المنافقين ممن لا يخلوة منهم زمانٍ ولا مكانٍ، فإذا قيل لهؤلاء الخبثاء آمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ أي آمنوا كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فهم سادة المؤمنين وعلى رأس المؤمنين - رضوان الله تعالى عليهم- رد المنافقون الخبثاء وقالوا (أنُؤْمِنُكَمَاآمَنَالسُّفَهَاءأَلاإِنَّهُمْهُمُالسُّفَهَاءوَلَكِنلاَّيَعْلَمُونَ) وهم يقصدون بالسفهاء أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم).. انتبه معي فالمنافقون في كل عصرٍ وفي كل مصرٍ يتهمون الصحابة - رضوان الله عليهم- بالسفه فكل من يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة فهو السفيه، فهو المنافق الخبيث، بشهادة رب العالمين - تبارك وتعالى- (وَإِذَاقِيلَلَهُمْآمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما- أي إذا قيل لهم آمنوا كما آمن أصحاب محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) وقولوا إنه نبيٌ ورسولٌ وإن ما أُنزل عليه حق، وصدقوا بالآخرة، وأنكم مبعوثون من بعد الموت، قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء؟! يعنون أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)،، وكما قال الحافظ بن كثير-رحمه الله تعالى- وإذا قيل للمنافقين (آمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ) أي كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أو كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار ... وغير ذلك قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء يقصدون الصحابة - رضوان الله عليهم- .. وبهذا فسر الآية أيضاً عبد الله بن مسعود وغيره من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فما هو السفه؟
  19. فخذ حذرك أنت من تحب؟ ومن تنصر؟ فوالله لو عبدت الله مائة عام بين الركن والمقام في بيت الله الحرام لبعثت يوم القيامة مع من تحب ، تحب من ، أتحب الله؟ أتحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ أتحب الأطهار من الصحابة الاخيار؟ أتحب العلماء الأبرار الأطهار؟ أتحب المؤمنين الصادقين؟ تحب من ستحشر وستبعث مع من يحب قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المرء مع من أحب، ويقول أنس ووالله ما فرحنا بشئٍ كفرحنا بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا ، ثم قال أنس –لله دره- وأنا أحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابا بكرِ وعمرَ وأسأل الله أن يحشرني معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم، وأنا وأنتم نقول جميعاً على لسان وقلب رجلٌ واحد ونشهدك يا ربنا أننا نبينا وأبا بكرٍِ وعمرَ وعثمانَ وعلياً وجميع أصحاب الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ونسألك بمنك وكرمك ورحمتك أن تحشرنا معهم وإن لم نعمل بمثل أعمالهم وإن قصرت أعمالنا فبحبنا يا أرحم الراحمين،،، فالمنافقون مفسدون في الأرض بموالاتهم للكفار، والمنافقون مفسدون في الأرض لآمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فالأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر هذا للمؤمنين، أما المنافقون أعوذ بالله يا أخي يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، فتجدهم أطلقوا عن الحجاب أنه تخلف ورجعية وتأخر وتلك المحجبة العفيفة هي في نظرهم مرعبة للأطفال والأولاد، وأما عن الخمر فأطلقوا عليها أسماءأً أخرى كالمشروبات الروحية التي تنعش القلب والروح وليست تلك التي كانت محرمة في أرض الجريرة قديماً، وكذلك لحم الخنزير فقد كان حراماً قديماً لأنه كان موبوءاً ومريضاً أما الخنازير اليوم فهي تحظى بالرعاية البيطرية والعيادات الخاصة وتخضع للكشف الشامل وما إلى ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،، فتجد ذلك الصحابي الذي نزع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من يده خاتماً من الذهب وطرحه على الأرض ثم قال: حرام الذهب والحريرعلى رجال أمتي وحلٌ لنساءها، ثم تركه (صلى الله عليه وسلم) وانصرف، فقالوا له ألا أخذت الخاتم فانتفعت به فقال هذا الصحابي الجليل :والله ما كنت أخذه بعدما طرحه على الأرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ،، سبحان الله فرقٌ كبير بين منطق الإيمان ومنطق النفاق،منطق الإيمان السمع والطاعة بلا تردد ولا انحراف، منطق النفاق لماذا حرام؟ هذا كان قديماً أنت الآن في عصر الفضائيات والذرة وما إلى ذلك من تلك الحجج إن قلت قـال الله قـال رسوله همزوك همز المنكـر المتغـــــالي أو قلت قـال الصحابــة والتابعــــــون لهم في القول والأعمـالِ أو قلت قـال الشافـــعي وأحمـد وأبو حنـــيفة والإمام الغالــــي صدوا عن وحي الأله ودينه واحتـالوا على حرام الله بالإحلالِ يا أمـة لعبت بدين نبيـها كتلاعــب الصبيــــــان في الأوحــــالِ حاش رســـول الله يحكـــــــم بالهوى تلك حكومة الضُــــــــلالِ إذن فما علامة المنافق؟ تجده يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، قال تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوااللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) وتجدهم أيضاً بخلاء أشحاء عندهم جشع، طماعون، أما المؤمن فالمال في يده وليس في قلبه، سخي، منفق، باذل، لا يتردد بل إذا طُلب منه الألف قدم الألفين، ها هو المؤمن لآنه على يقين بوعد رب العالمين ووعد الصادق الأمين (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) قال تعالى (وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) سبحان الله العظيم نجد الله تعالى في هذه الآية الكريمة وقد قدم المنافقين والمنافقات على الكفار،ولهم عذابٌ مقيم أي دائم لا ينقطع ولا ينتهي وقدم الله المنافقين والمنافقات على الكفار، وذلك لآن الكافر كفره ظاهر ومعروف، أما المنافق فهو خبيث كافر مع خبث وتلون وخداع وتضليل وتزييف ومكر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وآهل النفاق مفسدون في الأرض بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، كما أنهم يصدون عن منهج الله ولا يريدون أن يتحاكموا إلى شرع الله، قال تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوابِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ( وهذه شهادة من رب العالمين، واحذر إذا جاءك الحكم من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني لا يحتمل فيه قولان وليس محل خلاف ، أي أنه يا محمد ألم ترى الي ذلك الزعم الباهت وإلى هذا الكذب الفاضح ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أُنزل إليك ، ليس هذا فحسب بل يزعمون انهم أمنوا بكل ما أُنزل على الرسل من قبلك، بل وإذا قيل لهم تعالوا، أتقوا الله وكفاكم فساداً في الأرض تعالوا إلى ما أُنزل الله أي إلى القرآن وإلى الرسول أي الرجوع إليه في حياته الشريفة والرجوع إلى السنة بعد مماته كما قال ميمون بن مهران، تعالوا إلى القرآن، تعالوا إلى السنة، تعالوا إلى السعادة ، تعالوا إلى النجاح، تعالوا إلى الفلاح، تعالوا إلى سفينة نوح في عصرنا وسط هذه الرياح الهوجاء، والأمواج المتلاطمة، أيتها البشرية تعالي إلى النجاة (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى*وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) إنه الضنك الذي تحياه البشرية الآن، والله إنه الضنك، ولا حول ولا قوة إلا بالله،، فشعار المؤمن العبد سمعت وأطعت، الرب العلي يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن يقول سمعت وأطعت، وكذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن والأمة المؤمنة يقولون سمعنا وأطعنا، هذا هو قول المؤمن (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) واكتفي بهذا القدر الليلة فالحديث عن النفاق يتعب القلب ، فاعذروني وما زلت إلى الآن ما فارقت قوله تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا)
  20. فالمنافقون مفسدون في الأرض بنفاقهم بل فسادهم أشر من الكفار المظهرين لكفرهم وقد أجمع جمهور العلماء على أن السحر فيه الآية هو الإفساد في الأرض، لأنه كما قلنا قبل ذلك هم معك في الصف، بل يصلي معك الجماعات، ويحضر معك المعارك والغزوات، ويقتسم الغنائم، ويتزوج المؤمنات، فالمنافق خبيث، يتلون في كل ساعةٍ له لسان، وله وجه، بل له ألف لسان، وألف وجه، يتغير ويتلون إذا جالس المؤمنين أسمعهم كلام الإيمان، وظهر لهم بوجه المؤمنين، وإذا جالس الشياطين أظهر وجهه الحقيقي،وأخرج كلامه الخبيث، الذي يخالف به معتقده، فهو يظهر بكلامه ولسانه كلاماً ويقول بلسانه وكلماته قولاً ولكنه يبطن خلافه، ويبطن ضده،ويعتقد خلافه، فهو يظهر الإيمان والإسلام، ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله يظهر بلسانه إنه يريد الصلاح ويريد الإصلاح، وهو في قرارة نفسه لا يريد إلا الإهلاك والإفساد والتخريب، ولا ينبغي أن يُخدع المؤمنون بكلمات المنافقين الخبيثة من أنهم صالحون في ذوات أنفسهم، مصلحون لا يريدون إلا النفع لأمة النبي (صلى الله عليه وسلم) فالله جل وعلا ينبئنا ويخرج لنا ما يحمله القوم في صدورهم (وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أي أن من فساد المنافقين أنهم يعلنون الإيمان ويبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا خطر أكبر من خطر الكافر الذي يظهر كفره بوضوح وعلانية ومن إفساد المنافقين أنهم مخادعون ومتلونون ويريدون بهذا الخداع لا أن يخدعوا المؤمنين فحسب بل يريدون بهذا وبغباء أن يخدعوا رب الأرض والسماء الذي يعلم السر وأخفى ومن إفسادهم أنهم يفسدون في الأرض بموالاتهم لليهود والنصارى والكافرين على حساب المؤمنين فهم لا يريدون أبداَ للمؤمنين نصرة، ولا يريدون أبداً للمؤمنين عزاً، ولا استخلافاً ولا تمكيناً، يا أمتي الحبيبة تعرفي على صفات المنافقين فهم مندسون بينكم، فالمنافقون يوالون الكفار، يوالون أعداء العزيز الغفار، ينصرونهم باللسان وبالجنان، ينصرونهم بالسنان، ومع ذلك يعلن الخبثاء الخبثاء المجرمون أنهم مؤمنون، وخطرهم أخطر من خطر الكفار الأصليين الذين تعد العدة لهم لآن المنافقين بين الصفوف مندسون تدبروا من إفسادهم في الأرض أنهم يوالون الكافرين ولذلك قال حذيفة بن اليمان أمين السر النبوي - رضي الله عنه- فليحذر أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يدري يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فالمنافقون مفسدون بموالاتهم لأعداء الله الكافرين ، مفسدون بموالاتهم لأعداء رب العالمين، لا يريدون أبداً للدين نصرة، ولا يريدون للإسلام عزةً، ولا يريدون للأمة استخلافاً ولا تمكيناً، لذا هم المرجفون الذين يملئون الآن قلوب المؤمنين على شاشات الفضائيات بالإرجاف والهزيمة النفسية، لتظل الأمة مهزومة مشلولة الفكر والحركة لتظل الأمة مهزومة ومشلولة الفكر والحركة ، هؤلاء هم المنافقون، هؤلاء هم الخبثاء المجرمون الذين لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكانٌ، بل لو خلت الأرض منهم لاستوحش المؤمنون في الطرقات لقلة السالكين كما قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- ولا حول ولا قوة إلا بالله فالمنافقون يوالون أعداء رب العالمين أتحب أعداء الحبيــب وتدعي حبـــــاً له ما ذاك في الإمكــانِ وكذا تعـادي جاهــداً أحبابـه أين المحبة يا أخا الشيطـــــــــانِ؟ شــرط المحبـة أن تـوافـق من تحـب على محبته بلا نقصــانِ فإن ادعــيت له المحبة مع خلافك ما يحب فأنت ذو بطــــلانِ لو صدقت الله فيــما زعمـته لعــاديت من بــالله ويحك يكــــفرُ وواليت أهل الحـــق سـراً وجهرةً ولما تعاديهم وللكفر تنصـرُ فما كل من قد قال ما قلـــت مسلمٌ ولكن بأشراط هنالك تذكـــر مباينة الكفار في كل مـوطنٍ بذا جاءنا النـص الصحيح المقرر وتصدع بالتـوحيد بين ظهـــورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهرُ هذا هو الدين الحنيــفي والهـدى وملة إبـراهيم لو كنت تشعرُ
  21. حدثنا ربنا جل وعلا وحدثتنا الآيات الكريمة عن بعض صفات المنافقين والتي أولها وأخبثها والتي هي صفة مشتركة في المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ 1-الصفة الأولى: أنهم يعلنون بألسنتهم وأقوالهم الإيمان بالله تعالى ولكنهم يبطنون في قلوبهم الكفر قال تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ) 2- الصفة الثانية: أنهم يتوهمون بغباء وجهلٍ شديد أنهم يمتلكون من الدهاء والمكر والذكاء ما يستطيعون به أن يخادعوا رب الأرض والسماء وهل يظن هذا الظن السيئ إلا صاحب فهم فاسدٍ ، إلا صاحب عقلٍ كاسدٍ، إلا صاحب قلبٍ مريضٍ قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْوَمَا يَشْعُرُونَ) 3- الصفة الثالثة: ألا وهي صفة مرض قلوبهم بالنفاق والريب والشك والتردد قال تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) وها نحن الليلة بتوفيق الله ومدده مع صفتين من صفات المنافقين الخبثاء يبينهما ربنا تبارك وتعالى بوضوحٍ وجلاءٍ ، 4- الصفة الرابعة : أنهم مفسدون في الأرض ويزداد الأمر خطراً وفساداً أنهم يتوهمون أنهم هم الصالحون المصلحون وأنهم بمنأى عن الفساد والإفساد في الأرض، قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) وإذا قيل لهم؟ من القائل هنا؟! للعلماء في الجواب على هذا السؤال المطروح أقوال 1- القول الأول: من آهل العلم من قال أن القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هو الله جل وعلا فهو تعالى الذي يأمره المنافقين بعدم الإفساد في الأرض، 2-القول الثاني: ومن آهل العلم من قال بل القائل هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فالذي أمرهم ونهاهم عن الإفساد هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 3- القول الثالث: ومن آهل العلم من قال بل القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هم المؤمنون الذين عايشوهم وخبروهم ورأوا واطلعوا على خلقهم وفسادهم فنهوهم عن ذلك الفعل الخبيث ألا وهو الإفساد 4- القول الرابع: ومن آهل العلم من قال بل القائل هم بعض من أصابهم إفساد المنافقين لما أصيبوا بفسادهم و خبثهم نهوهم عن الإفساد بعدما أصابهم فسادهم وخبثهم، فرد المنافقون على هؤ لاء بقولهم (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) 5- القول الخامس: ومن آهل العلم من قال أن القائل هم فريقٌ من المنافقين أنفسهم ممن خافوا أن يفتضح أمرهم، وأن ينكشف سترهم، فقالوا لكبراءهم لا تفسدوا في الأرض حتى لا ينكشف أمرنا ويفتضح سترنا، فرد الكبراء بكبر وإستعلاء فقالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فكلها أقوالٌ محتملةٌ، ما معنى الفساد ؟ وما هو الفساد؟ الفساد هو ضد الصلاح، والصلاح نقيض الفساد، وحقيقة الفساد العدول عن الإستقامة إلى عكسها وضدها فكل من انحرف عن طريق الإستقامة فهو فاسد أو مفسد بل هو حتماً فاسدٌ مفسدٌ ، لآنه انحرف عن الصراط المستقيم وعن الإسلام وعن القرآن وعن طريق النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو فاسد مفسد ، فاسد في ذاته ومفسد في سلوكه هذا، ومفسدٌ في انحرافه هذا عن هذا السبيل وعن هذا الصراط المستقيم، أو هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، وهذا فسادٌ بعد فساد أي أنهم يفسدون مرتين ومفسدون مرتين، فهم لا يتركون الشئ الذي خلقه الله تعالى صالحاً لا يتركونه صالحاً لا يتركونه لينتفع الخلق به، فلقد خلق الله تعالى كل شئ وأودعه هداه ، وجعل فيه هداه، قال تعالى (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وهذه هي الهداية العامة بمعنى كما قال العلامة الألوسي وغيره، بمعنى أن الله جل وعلا خلق كل شئٍ في الكون وأمده بالمنفعة التي وجد هذا الشئ من أجلها ليؤدي هذا الشئ هذه المنفعة التي أوجدها الله عز وجل فيه إلى الوقت الذي شاء ربي تعالى وقدَّر، فالعين قد خلقها الله تعالى بهذه الطريقة وأمدها بنوعٍ من أنواع الهدى لتؤدي المصلحة والمنفعة التي خلقت من أجلها، وكذلك الأنف، وكذلك اللسان، وكذلك الفم، وكذلك اليد، وكل جارحةً في الإنسان فضلاً عن كل شئٍ في الكون، فلو نظرت إلى المخلوقات وإلى عوالم رب الأرض والسماوات لطاش عقلك ورأيت العجب العجاب، انظر إلى عالم النمل وإلى هدايات عالم النمل، انظر إلى عالم النحل وهدايات عالم النحل، انظر إلى عالم البحار وهدايات عالم البحار، انظر حتى إلى عالم النبات سترى حياةً من نوعٍ عجيب غريب حتى في النباتات نعم لو اطلعت على هذ العالم لرأيت العجب العجاب فربنا جل وتعالى هو الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى، أي هيأه ووفقه للمنفعة والمصلحة التي وجد من أجلها وخُلق من أجلها ، ووالله لو لم يتدخل الإنسان لإفساد خلق الله في الكون وفي الأرض لكانت صالحة، والله لقد كانت الأرض صالحة، صالحةً بالتوحيد الذي فطر الله تعالى الخلق كل الخلق عليه، ولكن الخلق إلا من رحم الله تعالى هم الذين أفسدوا الأرض وحولوا صلاحها إلى فساد إذن فالمنافقون مفسدون مرتين لم يتركوا الاشياء التي خلقها الله تعالى، ولم يتركوا منهج الله تبارك وتعالى ليصلح الأخرين، وإنما راحوا ليفسدوا ما خلقه الله تعالى ثم راحوا مرةً أخرى ليفسدوا بنفاقهم، بتلونهم، بخداعهم، بكفرهم، بمعاصيهم، بذنوبهم، كما بيَّن أئمة السلف من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذن فالفساد هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، والمنافقون لا يتركون الشئ الصالح على صلاحه، بل ولم يزده صلاحاً، وما أكثر هؤلاء المفسدين في الأرض التي خلقها الله تعالى صالحةً، وكثيراً ما نرى في الخلق وفي الكون أموراً كثيرةً خلقها الله تعالى صالحةً مُصلحةً فلم يتركها الخبثاء المفسدون لم يتركوها على صلاحها، بل لم يزيدوا هذه الأمور صلاحاً بتهيأتها لينتفع بها الخلق وليستفيد بها الناس وإنما راحوا ليفسدوا صلاحها، وليفسدوا بصنيعهم مرةً ثانيةً ليفسدوا صلاح الشئ الصالح في ذاته وليفسدوا بإيذائهم للآخرين مرةً ثانيةً ، فالمنافقون يفسدون مرتين يفسدون بعد فساد، يفسدون الشئ الواحد مرتين فلا يتركونه صالحاً فضلاً عن أنهم يؤذون ويفسدون بعد إفسادهم لهذا الشئ الصالح غيرهم من الخلق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نعم أيها الأحبة تدبروا معي لم يترك المنافقون هذا الشئ صالحاً بل أفسدوه وقد ورد لفظ الفساد على ثلاثة أوجه في القرآن الكريم : الوجه الأول: العصيان كما في الآية التي معنا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ) أي لا تفسدوا في الأرض بالكفر والشرك وفعل المعصية، فالكفر هو أكبر ألوان المعاصي وهو أشنع وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض، فلا تفسدوا الأرض بالشرك والكفر بعد أن أصلحها الله تعالى بالتوحيد الذي فطر الله الخلق كل الخلق عليه قال تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) وقال تعالى (‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [172] أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنالنبي (صلى الله عليه وسلم)قال كل مولودٌ يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، نعم فالإفساد هنا بالكفر، فالكفر أخبث ألوان المعاصي وأشنع صور الإفساد في الأرض، فهو أظلم الظلم وأقبح الجهل، ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ولذلك يقول ربنا لإمام الموحدين، وسيد النبيين، (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) تأمل معي الله جل جلاله من يخاطب الله تعالى في هذه الآية السابقة ؟ يخاطب إمام الموحدين المصطفى (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‏) فالشرك أظلم الظلم وأقبح الجهل وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض، وقال تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) أي لا تفسدوا في الأرض بالشرك، والكفر، والمعاصي كبيرها وصغيرها بعد أن أصلحها ربنا جل وعلا بالتوحيد الذي فطر الخلق كل الخلق عليه الوجه الثاني: الهلاك قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّالْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي لهلكتا أي السماء والارض الوجه الثالث: السحر قال تعالى (فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَسَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) فجمهور آهل التفسير ان المراد بالمفسدين في هذه الآية هم السحرة، ولا شك ولا ريب أنهم مفسدون في الأرض بصنيعهم هذا، وسحرهم هذا، وباطلهم هذا الذي يزعمون أنهم يبطلوا به الحق هذه هي أوجه الفساد في القرآن الكريم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ) وقلنا أن المعنى المراد هنا أي لا تفسدوا بالكفر وفعل المعصية قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والسدي - رضي الله عنهم جميعاً- قال غير واحدٍ من آئمة السلف من آهل التفسير أن المراد بالآية هنا وأن المعنى المقصود بلا تفسدوا في الأرض أيها المنافقون الخبثاء بإعلانكم وإظهاركم للإيمان وأنتم تبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا تفسدوا في الأرض بالكفر وفعل المعاصي وما أكثر عصيان المنافقين!
  22. (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ) (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) فما المرض؟ المرض في لغة العرب أي الفساد والنقصان والظلمة.. تقول العرب مرض فلان أي فسد جسمه ، وتقول العرب أيضاً بدنٌ مريض أي ناقص القوة ، وقلبٌ مريض أي مظلمٌ ناقص الدين، ويقولون المرض إظلام الطبيعة بعد صفائها ومنه قول شاعرهم: في ليلةٍ مرضت في كل ناحيةٍ فما يضئ لها شمسٌ ولا قمرٌ مرضت أي أظلمت، وأيضاً لا حرج أن أقول فسدت، هذا هو المعنى اللغوي فالمرض عند العرب الفساد والنقصان والظلمة، ومرض القلب خروجه عن صحته واعتداله بجهله بالحق أو بإعراضه عن الحق، إما بالشك والريب والهوى، وإما بإيثار الباطل على الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله فالمرض في الآية الكريمة كما قال ابن مسعودٍ وابن عباس - رضي الله عنهما- وغيرهما قال في قلوبهم مرض أي في قلوبهم نفاق ، وفسر ابن عباس رضي الله عنهما الآية مرة أخرى فقال أي في قلوبهم شك ، وفسرها عطاء و طاووس وغيرهما في قلوبهم مرض أي في قلوبهم رياء، ولا مانع على الإطلاق أن نجمع كل هذه الأقوال فالمنافقون في قلوبهم مرض، وفي قلوبهم نفاق، وفي قلوبهم رياء، في قلوبهم ريب، في قلوبهم شك، في قلوبهم زيغ، في قلوبهم ضلال، في قلوبهم هوى، كل هذه الأمراض .... وغيرها ملئت بها قلوب المنافقين (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) ألم أقل لكم الآن أنأنه الجزاء العدل من جنس العمل قال تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) وقال تعالى (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) وقال تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فالجزاء من جنس العمل، (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) كما قال تعالى في شأن المؤمنين (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) نعم أيها الأفاضل المنافقون يتوهمون كل هذا، ويظنون كل هذا، لآن قلوبهم مريضةٌ ولآنها مملوءة بكل هذه الأمراض الخبيثة، في قلوبهم مرضٌ فاستحقوا من الله جل وعلا هذا العقاب، وهذا الجزاء العدل من جنس العمل، فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الدنيا والآخرة، وإن كان جمهور المفسرين على أن هذا العذاب الأليم مدخرٌ لهم في الآخرة ، والألم في لغة العرب هو الوجع، والأليم هو الموجع ويكفي أن يسميه الله تعالى أليماً فهو أليم، وقد ذكرت قبل ذلك في العذاب العظيم أن الله تعالى حين يسمي العذاب عظيماً فهو عظيم، وحين يسمي العذاب أليماً فهو أليم، فهو مؤلم، فهو موجع، فالطعام في النار نار،والشراب في النار نار، والثياب في النار نار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، والطعام في النار نار ، وزقوم (شوك(وضريع(نوع من الشوك (وغسلين(عصارة أهل النار(، والشراب في النار نار، قال تعالى (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) وقال تعالى(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ *عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ* تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً* تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ* لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) وقال تعالى (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ* خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ* وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ) والغسلين عصارة آهل النار من القيح والدماء والصديد، عافانا الله وإياكم من النار، وحرمنا وإياكم هلى النار، إنه ولي ذلك والقادر عليه ،، فإذا أكلوا هذه النار المشتعلة المتأججة وتأججت في بطونهم ناراً مشتعلة استغاثوا وطلبوا الماء، فأغيثوا ولكن بماءٍ كالزيت المغلي يشوي الوجوه ويزيد النار ناراً واشتعالاً، قال تعالى (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (اللهم سلم سلم يا أرحم الراحمين قال تعالى (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنيَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُوَسَاءتْ مُرْتَفَقاً) قال تعالى (وََاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* مِّنوَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُيُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنوَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) حتي الثياب تفصل لهم من النار قال تعالى (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْفَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِرُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود* وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) ولا حول ولا قوة إلا بالله (وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ولهم أي للمنافقين الخبثاء عذابٌ أليم في الدنيا يفضحهم الله تعالى، نعم ففي لحن اللقول تعرفهم، بسيماهم تعرفهم، في مداد أقلامهم العفن وكلماتهم الخبيثة تعرفهم، نعم يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر المنافقين على صفحات وجوههم، وفي زلات ألسنتهم، كما قال شيخنا ابن القيم - رحمه الله- يأبى الله جل وعلا إلا أن يُظهرهم إلا أن يبين خطرهم، وخبثهم، وخداعهم، ونفاقهم ومكرهم للمؤمنين، ليحذر المؤمنون هذا الصنف الخبيث الذي يندس في الصف من حيث لا يدري ولا يشعر المؤمنون، (وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ) وقرأها أهل المدينة، وأهل الحجاز، وأهل البصرة (وََلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَُكْذِبُونَ) بضم الباء والقراءتان صحيحتان ، وثابتاتان، والصفتان موجودتان أصيلتان في المنافقين، فهم يَكذبون ويُكذبون، فالكذب ديدنهم وصفتهم، نعم يظهرون بآلسنتهم أقوالاً ويبطنون بقلوبهم أفعالاً وأحوالاً ومعتقداتٍ فاسدةٍ راكدةٍ أخرى تصطدم اصطداماً مباشراً مع ما تردده آلسنتهم الكاذبة، ويُكذبون أي يُكذبون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويُكذبون ما جاء به من عند الله تعالى أيها الأفاضل إن أخطر الأمراض مرض القلوب بالنفاق والشك والريب والزيغ ........ وغير ذلك من الأمراض، وأعجب كثيراُ لهذه الكلمات لسفيان الثوري ولغيره أيضاً نُسبت لسفيان وغيره حين ذهب إليه رجلٌ مريض القلب ليقول له: يا سفيان لقد أُبتليت بمرض قلبي فصف لي دواءاً، فقال له سفيان: عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع، ضع هذا كله في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية، وصفه بمصفاة المراقبة، وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الإستغفار وتمضمض بالورع، وابتعد عن الحرص والطمع، تُشفى من مرضك بإذن الله، أسأل الله تعالى أن يشفي آمراض قلوبنا، أسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم بحفظه، من النفاق كبيره وصغيره، إنه ولي ذلك والقادر عليه، (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ) فالكذب من أقبح صفات المنافقين، ومن أخبث خصالهم، بل الكذب من أخبث الخصال والصفات، ولا ينبغي أبداً أن يقع فيها المؤمن الصادق لآن الله تعالى قد حذَّر من الكذب ونهى عن الكذب، وأمر بالصدق، وأمر أن نكون مع الصادقين في كثيرٍ من أيات القرآن الكريم، أو كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- لقد حذر الله من الكذب والكذابين في أكثر من مائتي وأربعين أية من آيات القرآن الكريم، وأنا أقول بملئ فمي أزمة العالم أزمة كذب، أزمة العالم قلة صدق، نعم فالجل يكذب إلا من رحم الله، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصادقين، ولذلك لا تعجب معي وأنت تقرأ هذا الأمر الرباني لمن حققوا الإيمان بالرب العلي، والحبيب النبي فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من حديث عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه- وفيه أنه (صلى الله عليه وسلم) قال ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتي يكتب عند الله كذاباَ...الحديث ولا حول ولا قوة إلا بالله فإياك والكذب، وكن مع ومن الصادقين، فيكفي أن تعلم أن الكذب خصلةٌ ذميمةٌ، وصفةٌ قبيحةٌ من خصال وصفات المنافقين، كما قال سيد الصادقين (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وفي رواية عبد الله بن عمرو في الصحيحين أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر،
  23. قلنا قبل ذلك أن المنافقون نموذجٌ متكرر في كل زمانٍ ومكانٍ، فلو هلك المنافقون لاستوحش المؤمنون في الطرقات، وذلك لكثرة المنافقين ولقلة المؤمنين الصادقين أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المؤمنين الصادقين ، تجمع المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ صفات مشتركة ، ومن أخبث هذه الصفات إنهم يعلنون الإيمان بألسنتهم ويرددون الإيمان بأقوالهم ولكنهم في الوقت ذاته يدمرون ويبطنون الكفر في قلوبهم ، فالمنافقون متلونون لا يمتلكون القدرة والشجاعة ما يواجهون به الحق بالإيمان به بصورة صريحة واضحة ولا حتي يملكون القدرة والشجاعة التي بها يرفضون الحق بطريقة واضحة صريحة، ولكنهم متلونون، مخادعون ومع ذلك يظنون بغباء أنهم اذكياء وأنهم يملكون من الدهاء ما يستطيعون أن يخادعوا به رب العالمين والمؤمنين الصادقين الطيبين ، ولكنهم يفاجئون بمفاجأة حادة شديدة فوجئوا بالقرآن الكريم يتنزل على قلب النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم) يهتك استارهم ويظهر أسرارهم ويطلع المؤمنين الطيبين الصادقين على ما يحمله القوم في قلويهم من خداع ومكر ونفاق ودهاء وخبث وإلى غير ذلك من صفاتهم الخبيثة الدنيئة ، نعم أيها الأفاضل قال الله تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ) وليس الأمر كذلك فليس الإيمان كلمةٌ تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان وعملٌ بالجواح والأركان، لذا يكذبهم الرحيم الرحمن الذي يعلم السر وأخفى وينفي عنهم الإيمان فيقول تعالى (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ) بل ويشهد سبحانه وتعالى على كذبهم وضلالهم فيقول جل جلاله (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) الخداع لغةً الإخفاء، أصل الخداع في لغة العرب الإخفاء ومنه الأخدعان وهما عرقان مستبطنان في العنق، وتقول العرب مخدع البيت بضم الميم وكسرها، وتقول العرب أيضاً خدع الضب حارشه أي الذي يريد اصطياده، فيظهر الضب لحارشه الذي يريد اصطياده أنه سيخرج من فتحة الجحر الذي يمد الحارش فيها يده ثم يخدعه الضب فيخرج من الناحية الأخرى من النافقاء وهي جحر الضب، فظاهر جحر الضب تراب وباطنه حفر، ومنه سُمي المنافق منافقاً لآن المنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر ولذا سُمي المنافق منافقاً من النافقاء، والعرب أيضاً يقولون الخداع هو الفساد، فالمنافقون مفسدون لآنهم يفسدون الإيمان الذي يعلنونه بآلسنتهم وآقوالهم بما يبطنونه ويدمرونه في قلوبهم من نفاقٍ ومن كفرٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله،، إذن الخداع أيها الأفاضل مصدر خادع الدال على معنى المفاعلة والمخادعة، فالخداع لغةٌ هو قولٌ أو فعلٌ أو حالٌ ما يوهم به صاحبه الآخرين أنه يريد الخير للغير وهو يريد ويقصد خلاف ذلك، ويقصد خلاف ذلك، يوهم الآخرين أنه يريد لهم النفع والمصلحة ولكنه في الحقيقة يريد لهم الشر والسوء هذه هي حقيقة الخداع وبهذا التأصيل اللغوي المبين يتبين غباء المنافقين ويتبين جهل المنافقين الفاضح فبجهلهم وبغباءهم يتصورون أنهم بهذا الدهاء المشئوم، وبهذا الخداع المزعوم يتصورون أنهم سيخادعون رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم مكنون الضمائر، الذي يعلم السرائر، الذي لا يغيب عنه شئٌ في الأرض ولا في السماء، بل الذي يسمع ويرى النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، يتوهم المنافقون الجهلاء أنهم بهذا الدهاء والمكر والخداع يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين جل جلاله، الذي يعلم السر وأخفى بل السر عنده كالعلانية قال تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَاإِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍإِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَيَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ( وقال تعالى (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْمُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَىاللَّهِ يَسِيرٌ) فما أقبح الجهل! وما أشنع خداع المخادعين من المنافقين! الذين لا يشعرون لغبائهم وجهلهم أنهم لايخدعون إلا أنفسهم ، وأنهم ينتهون بأنفسهم إلى شر مصير، إلى جهنم وبئس المصير، لذا يفضحهم العليم الخبير، ويجعل سرهم علانية، فيقول تعالى(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) فهم يخادعون الله بظنهم فظنهم فاسد، وعقلهم كاسد، وقلوبهم مريضة، لا علم لهم ولا فقه لهم، فلا فقه لقلوبهم، ولا عقل في قلوبهم ولا في صدورهم، لا يعقلون ولا يفقهون، ولا يفهمون، فقومٌ يتصورون أنهم يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين لجهلاء، لسفهاء، لا فهم لهم ولا عقل، ولا يشعر هؤلاء الأغبياء أن الله يرد عليهم خداعهم ونفاقهم وأنهم لا يخدعون إلا أنفسهم بل ولا حتى يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين الذي يعلم سر القوم ويعلم ما أخفوه القوم في الصدور والقلوب من خبثٍ وحقدٍ فيطلع المؤمنين على خداعهم وعلى نفاقهم، ويظهر نفاقهم على صفحات وجوههم، وفي لحن قولهم،بل وفي مداد أقلامهم العفن النتن، فالمنافقون لا يخلو منهم زمانٍ ولا مكانٍ يسودون كل يوم صفحات الجرائد والمجلات، ويملأون الفضائيات بطنطنة فاضحة، وكلماتٍ خبيثةٍ يريدون أن يملأوا بها قلوب المؤمنين إرجافاً وهزيمة نفسية نكراء، قال تعالى(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْلِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍعَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون( وما أكثرهمالآن وهم بكل أسف يديرون دفةالتوجيه والتربية في الأمةبل في العالم كله، وصدق المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- سيأتي على الناس سنواتٌ خداعات يصدق فيها الكاذب،ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، وفي لفظٍ قال الرجل السفيه وما أكثر التافهين! وما أكثر السفهاء! وهذا والله الذي لا إله غيره حقٌ تحقق الآن بمثل ما قال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، نعم ، يقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه من مثقال حبة خردلٍ من إيمان ، مملوءٌ بالنفاق ومع ذلك يطبل له الناس، ويزمر له الإعلام، وربما يرفع على الأعناق، ولو أُقيم حد الله جل وعلا لآقيم على مثله وأمثاله من إخوانه الذي قال في حقهم المصطفى كما في حديث حذيفة بن اليمان في الصحيحين رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نعم أيها السادة الافاضل: بهذا التأصيل يتبين لنا فساد المنافقين بل وغباءهم، بل وبله المنافقين، قومٌ سفهاء يعتقدون أن الله تعالى لا يعلم سرهم ونجواهم، ولا يعلم ما تخفيه قلوبهم من نفاقٍ، وما تحمله صدورهم من حقدٍ، وما تحمله نفوسهم من أمراضٍ، (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ ) بل حتى لا يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين يظهر خداع المنافقين للمؤمنين ، يجعل سر المنافقين للمؤمنين علانية، ولا يُنبئك عن القوم مثل خبير، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ويالها والله من كرامة للمؤمنين الصادقين، يالها والله من كرامة أن يجعلهم الله جل وعلا في معيته، وأن يجعل الحرب المعلنة عليهم حرباً معلنة عليه جل جلاله، (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) يجعل الحرب المعلنة علي المؤمنين حرباً معلنة عليه جل جلاله هل وقفتم على هذه المنقبة؟؟ هل تدبرتم أيها المؤمنون هذه الكرامة؟؟ يالها والله من معية لو عرف المؤمنون قدرها ، يالها والله من معية لو عرف المؤمنون جلالها أيها المؤمن الصادق معك الحق الذي من أجله خلق الله السماء والأرض،الذي من أجله خلق الله الجنة والنار، الذي من أجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، معك رصيد الفطرة التي فطر الله الناس كل الناس عليها، ومعك قبل ذلك ومعك بعد كل ذلك معك الله ويالها من معيةٍ كريمةٍ أنت ولي الله جل وعلا ، المؤمنون أولياء الله، المؤمنون أصفياء الله، يتولى الله بنفسه جل وعلا الدفاع عنهم وحفظهم قال تعالى (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ) قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري وغيرهمن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) قال قال الله تعالى في الحديث القدسي من عادى لي ولياً فقد أذنته بالحرب،، اللهم أجعلنا من أوليائك وأصفيائك يا أرحم الراحمين ،، يالها والله من كرامة أن يجعل الله المؤمنين معه في معيته وأنا أقصد المعية الخاصة؟ فالمعية نوعان ، معيةٌ عامةٌ وهي معية المراقبة ومعية العلم الشامل المحيط فالله لا يغيب عن علمه شئ (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أَيْنَ مَا كَانُواأي بعلمه أي بسمعه أي ببصره، أي بقدرته وإرادته وإحاطته فلا يغيب عنه شئولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات أو في الأرضجل جلال الله ، قال أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه،يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه جل جلاله سبحانه سبحانه سبحانه، جلًّ عن الشبيه وعن النظير وعن المثيل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ قال الله تعالى(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) والسؤال يخادعون الله أمرٌ مستحيل،!! ولكننا نريد أن تقف معنا وقفةٌ عند قول الله تبارك وتعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) لآن الله عز وجل رد عليهم خداعهم في الآية التي نحن معنا (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) وقال تعالى في سورة النساء (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَايَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا* مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) قد يسأل سائل بل وحتماً سيسأل كثيرٌ من السائلين كيف يخادع الله المنافقين؟ في قوله تعالى (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) فهذا السؤال موطنٌ تضل فيه الأفهام وتزل فيه الأقداموتسئُ فيه كثيرٌ من الأقلام وسأذكر الأن في هذا الموطن قاعدةً جليلةً من أعظم قواعد الاسماء والصفات نستطيع من خلال فهمنا لهذه القاعدة أن نتعامل مع كل هذه الأفعال التي أطلقها ربنا جل وعلا على نفسه في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل، وسنمر على كثيرٍ من هذه الأفعال في آيات القرآن الكريم ألا وهي المؤمنون العارفون بقدر الله وجلاله يؤمنون ويثبتون لله سبحانه وتعالى كل الاسماء الحسنى والصفات العلى التي أثبتها لنفسه جل جلاله في القرآن الكريم، والتي أثبتها له أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) في السنة الصحيحة من غير تحريف لألفاظها ومعانيها ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) إ لى غير ذلك من الأدلة العظيمة فلسنا اعرف بالله من الله، ولسنا اعرف بالله من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا ينبغي ان نصرف النص القرآني عن ظاهره ما الداعي لذلك ؟!! الله جل وعلا يثبت لذاته اسماً ويثبت لذاته وصفته صفةً فلنثبت هذا الاسم وتلك الصفة من غير تعطيل، أو تحريف، أو تكييف، أو تمثيل، أو تشبيه، كذلك ذكر ربنا جل وعلا وأطلق على نفسه أفعالاً في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل، وهذه الأفعال في موضعها في السياق القرآني الذي وضعت فيه وسيقت فيه أقول هذه الأفعال في هذا الموضع أفعال مدح وكمال، أطلق الله تعالى لنفسه أو على نفسه أفعالاً وُضعت في سياق القرآن الكريم بدقةٍ فهي في هذا السياق وهذا الموضع أفعال مدح وكمال وجلال ولا يجوز أن نخرجها من سياقها وأن نطلقها مفردة وحدها بعيدةً عن السياق وإلا أوهم ذلك نقصاً في حق الله، تعالى الله عن كل نقصٍ وعن كل عيبٍ، ولا يجوز أن نشتق من هذه الأفعال أسماء لله تعالى، قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) وقال تعالى (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) انظر على هذا الجمال والكمال، أي وربي، يا أخي سبحان الله لو أُطلقت هذه الافعال على واحدٍ من الخلق جازى بها واحداً من الخلق الآخرين جزاءاً عادلاً لاستُحسن منه ذلك ، فكيف بالخالق جل وعلا؟؟؟؟ كيف تنسب لنفسك ما تريد أن تنفيه عن خالقك جل جلاله؟!! إذا عاملت إنساناً معاملةً عادلةً من باب صنيعه أو من باب فعله، فأنت محسن، بل ولا يُستقبحُ صنيعك ولا فعلُك، فالله تعالى يقول (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) فهذا جزاءٌ عدل من جنس أعمال هؤلاء الخبثاء والمنافقينن لكن لا يجوز ان تأخذ هذا الفعل من وسط هذا السياق القرآني البديع الجليل وأن تفرد هذا الفعل، كأن تقول - ولاحول ولا قوة إلا بالله- الله ماكر، مخادع، ناسي، مستهزئ، ....إلى غير ذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل من تفوه بذلك واشتق من هذه الأفعال التي سيقت في موضعها القرآني فكانت مدحاً وكمالاً أسماء وصفات للكبير المتعال فقد فاه بأمرٍ عظيمٍ والله لقد أتى شيئاً إدا، تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدا، أن يجعل هذه أسماءاً لله تعالى، وأن يقرن اسم المخادع، والماكر، والناسي، و المستهزئ، كأسماءٍ لله - حاش لله- مع اسم الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، الميهمن، ..إلى غير ذلك من أسماء الجلال، فلا يجوز ذلك على الإطلاق، فأرجو أن تتدبروا هذه القاعدة الجليلة لآننا سنتعامل بها مع كل هذه الأفعال التي ستقابلنا في القرآن الكريم، وهذا معتقد سلفنا الصالح، ومعتقد آهل السنة والجماعة، في هذا المبحث الجليل المهم، مبحث الاسماء والصفات، فعليك أيها المؤمن أن تقطع الطمع بسكين اليقين والإيمان في إدراك كيفية ذات الله - جل وعلا- كما قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفيات أمورٍ كثيرةٍ، ومخلوقاتٍ عديدةٍ تعيش معك وتراها بعينيك وتسمع دبيبها بأذنيك، اضرب لكم مثالاً أوضح به ما أقول أنت لا تنكر البتة لغة النمل قال تعالى (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) فأنت لا تنكر أن النمل له لغة وله حوار وربما أكون صادقاً إذا قلت أن النمل له لغةٌ مرئيةً فإن لم تسمع لغة النمل ترى اللغة، تراها مجسدةٍ في حركةٍ دءوب، فترى نملةٍ لا تستطيع أن تحمل حبة قمحٍ أو حبة ذرةٍ، فتسرع هذه النملة لتعود بعد قليل بسربٍ طويلٍ من النمل يمشي وراءها ليحمل هذا السرب كله حبةَ الذرة إلى حيث شاء ربي وقدر جل وعلا ، نعم للنمل لغة، وله خطاب، وله حوار، وإن كنت لا تسمعها لكن أقول لك هل طمعت يوماً أيها العاقل أن تأتي بمكبر صوت( ميكروفون) أو بمسجل (كاسيت) لتضع مكبر الصوت أو المسجل في وسط سربٍ من النمل لتسجل لغة النمل أو لترفع صوت النمل لتُسمعُ هذا الصوت لمجموعةٍ كبيرةٍ من الناس؟، والجواب لا، ما طمع عاقلٌ في ذلك أبداً اسمع ما أقول الآن أقول لكَ ، قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفية كلام النمل، ولم تقطع الطمع بسكين الإيمان واليقين في إدراكِ كيفية كلام رب العالمين جل جلاله، لابد أن تؤمن بالأسماء والصفات، ولابد أن تعلم أن الأفعال التي وردت في هذا السياق القرآني سيقت للمدح، وللكمال ، ولا يجوز أن نفردها وأن نخرجها من سياقها القرآني، ولا يجوز أبداً أن نشتق منها أسماءاً لله - جل وعلا-، فالأسماء توقيفية فأنت تحزن إن سماك الناس باسمٍ لم يسمك به والداك، فلا يجوز لك البتة أن تطلق على ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، أسماً لم يسمي الله به نفسه، ولم يسمه به أعرف الخلق به نبينا محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) فهناك أسماء ثبتت في السنة النبوية الصحيحة لم تثبت في القرآن الكريم، فكل ما أثبته ربنا لذاته من الاسماء والصفات نثبته ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، وكل ما أثبته نبينا لربنا جل وعلا في السنة الصحيحة نثبته،ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) هل عرفتم الآن معنى قوله تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) وقد يتعجب سائل وحُق له أن يعجب، فقد يتعجب سائل فيقول عجباً لهؤلاء البلهاء ويطرح هذا السؤال فكيف يتوهم المنافقون أنهم يخادعون رب العالمين ؟ كيف يظن هؤلاء الأغبياء أنهم يمكرون بالله سبحانه وتعالى ويخدعونه وإليك الجواب لآنهم في قلوبهم مرض
×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..