اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
عاشق الصداقه

يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين
إخوتي وأخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ـ
فإمتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية " نتدارس اليوم حديث أنس بن مالك رضي عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‏.‏
 
وفي معنى الحديث خرج مسلم في صحيحه من حديث معرور بن سويد عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعًا ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا لقيته بقرابها مغفرة‏.‏
وخرج الإمام أحمد من رواية أخشن السدوسي قال دخلت على أنس فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم
 
وقد تضمن هذا الحديث أن الأسباب الثلاثة التي يحصل بها المغفرة هي الدعاء مع الرجاء والإستغفار وعدم الشرك بالله
فالدعاء مأمور به وموعود عليه بالإجابة كما قال تعالى ‏ {‏وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏} ‏ غافر‏. وفي السنن الأربعة عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدعاء هو العباده ثم تلا هذه الآية وفي حديث آخر خرجه الطبراني مرفوعًا من أعطي الدعاء أعطي الإجابة لأن الله تعالى يقول ادعوني أستجب لكم‏.‏
وفي حديث آخر ما كان الله ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة لكن الدعاء سبب مقتض للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه وقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض شروطه أو وجود بعض موانعه وآدابه ومن أعظم شرائطه حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالى كما خرج الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة وإن الله تعالى لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه‏.‏
وفي المسند عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن هذه القلوب أوعية فبعضها أوعي من بعض فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء من مظهر قلب غافل ولهذا نهى العبد أن يقول في دعائه الله م اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له ونهي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة وجعل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء
وجاء في الآثار إن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه قال يا جبريل لا تعجل بقضاء حاجة عبدي فإني أحب أن أسمع صوته وقال تعالى ‏ {‏وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةََ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ‏} ‏ الأعراف فما دام العبد يلح في الدعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء فهو قريب من الإجابة ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له وفي صحيح الحاكم عن أنس مرفوعًا لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد ومن أهم ما يسأل العبد ربه مغفرة ذنوبه وما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخول الجنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حولها ندندن يعني حول سؤال الجنة والنجاة من النار
وقال أبو مسلم الخولاني ما عرضت لي دعوة فذكرت النار إلا صرفتها إلى الاستعاذة منها ومن رحمة الله تعالى بعبده أن العبد يدعوه بحاجه من الدنيا فيصرفها عنه يعوضه خيرًا منها إما أن يصرف عنه بذلك سوءا أو يدخرها له في الآخرة أو يغفر له بها ذنبا كما في المسند والترمذى من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ماسأل أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم‏.‏
وفي المسند وصحيح الحاكم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مامن مسلم يدعو بدعوة ليس له فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدي ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها قالوا إذا نكثر قال الله أكثر وخرجه الطبراني وعنده أويغفر له بها ذنبا قد سلف بدل قوله أو يكشف عنه من السوء مثلها‏.‏
وخرج الترمذي من حديث عبادة مرفوعًا نحو حديث أبي سعيد أيضًا وبكل حال فالإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى موجب للمغفرة والله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء وفي رواية فلا تظنوا بالله إلا خيرًا
ويروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا يأتي الله بالمؤمن يوم القامة فيقربه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق فيقول له أقرأ فيعرفه ذنبا ذنبا أتعرف أتعرف فيقول نعم نعم ثم يلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول الله تعالى لا بأس عليك ياعبدي أنت في ستري من جميع خلقي ليس بيني وبينك اليوم أحد يطلع على ذنوبك غيري غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به قال ما هو يارب قال كنت لا ترجو العفو من أحد غيري فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبا لم يرج مغفرته من غير ربه ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره
 
وقوله إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي يعني على كثرة ذنوبك وخطاياك ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره‏.‏
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء فذنوب العبد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته وفي صحيح الحاكم عن جابر أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول واذنوباه مرتين أو ثلاثًا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قل اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجي عندي من عملي فقالها ثم قال له عد فعاد ثم قال له عد فعاد له قم قد غفر الله لك وفي هذا المعنى يقول بعضهم‏:‏
يا كبير الذنب عفو الله *** من ذنبك أكبر
أعظم الأشياء في *** جانب عفو الله تغفر
ولله در القائل‏:‏
يارب إن عظمت ذنوني كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن ذا الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل عفوك ثم إني مسلم
 
السبب الثاني للمغفرة الاستغفار ولو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء وهو السحاب وقيل ما انتهى إليه البصر منها وفي الرواية الأخري لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم
والاستغفار طلب المغفرة والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار فتارة يؤمر به كقوله تعالى ‏ {‏وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏} ‏ المزمل، وقوله ‏{‏وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ‏} ‏ هود وتارة يمدح أهله كقوله تعالى ‏ {‏وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ‏}‏ آل عمران، وقوله تعالى ‏ {‏وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ‏} ‏ آل عمران وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره كقوله تعالى ‏{‏وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا‏} ‏ النساء
وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان والتوبة عبارةعن الإقلاع من الذنوب بالقلوب والجوارح وتارة يفرد الاستغفار ويرتب عليه المغفرة كما ذكر في هذا الحديث وقيل إن نصوص الاستغفار كلها المفردة مطلقة تقيد بما ذكر في آية آل عمران من عدم الإصرار فإن الله وعد فيها بالمغفرة لمن استغفره من ذنوبه ولم يصر على فعله فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا القيد
ومجرد قول القائل اللهم اغفر لي طلب منه للمغفرة ودعاء بها فيكون حكمه حكم سائر الدعاء فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه لاسيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب أو صادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات
ويروى عن لقمان أنه قال لابنه يابني عود لسانك اللهم اغفر لي فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلا وقال الحسن أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلي موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متي تنزل المغفرة‏.‏
وخرج ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن من حديث أبي هريرة مرفوعًا بينما رجل مستلق إذ نظر إلى السماء وإلي النجوم فقال إني لأعلم أن لك ربا خالقا اللهم اغفر لي فغفر له وعن مورق قال كان رجل يعمل السيئات فخرج إلى البرية فجمع ترابا فاضطجع مستلقيا عليه فقال ربي اغفر لي ذنوبي فقال إن هذا ليعرف أن له ربا يغفر ويعذب فغفر له وعن مغيث بن سمي قال بينما رجل خبيث فتذكر يومًا فقال اللهم غفرانك اللهم غفرانك ثم مات فغفر له ويشهد لهذا ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن عبدًا أذنب فقال رب أذنبت ذنبا فاغفر لي قال الله تعالى علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخرتين وفي رواية لمسلم أنه قال في الثالثة قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء والمعنى مادام على هذا الحال كلما أذنب استغفر والظاهر أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار ولهذا في حديث أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة خرجه أبو داود والترمذى والاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة‏.‏
وفي المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعًا ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعملون‏.‏
وخرج ابن أبي الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا التائب من الذنب كمن لا ذنب له والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزي بربه ولعله موقوف قال الضحاك ثلاثة لا يستجاب لهم فذكر منهم رجلًا مقيما على امرأة زنا قضي منها شهوته قال رب اغفر لي ما أصبت من فلانة فيقول الرب تحول عنها وأغفر لك وأما ما دمت عليها مقيما فإني لا أغفر لك ورجلا عنده مال قوم يري أهله فيقول رب اغفرلي ما آكل من فلان فيقول تعالى رد إليهم مالهم وأغفر لك وأما ما لم ترد إليهم فلا أغفر لك وقول القائل أستغفر الله معناه أطلب مغفرته فهو كقوله اللهم اغفر لي فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة قال بعض العارفين من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب في استغفاره، وكان بعضهم يقول استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير وفي ذلك يقول بعضهم‏:‏
أستغفر الله من أستغفر الله *** من لفظة بدرت خالفت معناها
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد *** سددت بالذنب عند الله مجراها
وأفضل أنواع الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء على ربه ثم يثني بالاعتراف بذنبه ثم يسأل الله المغفرة كمافي حديث شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت خرجه البخاري‏.‏
وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمرو أن أبا بكر الصديق قال يارسول الله علمني دعاء أدعوبه في صلاتي قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
ومن أنواع الاستغفار أن يقول العبد أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن من قاله غفر له وإن كان فر من الزحف خرجه أبو داود والترمذى وفي كتاب اليوم والليلة للنسائي عن خباب بن الأرت قال قلت يارسول الله كيف نستغفر قال قل اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال مارأيت أحدًا أكثر أن يقول أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى عليه وآله وسلم وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
وفي المسند عن حذيفة قال قلت يارسول الله إني ذرب اللسان وإن عامة ذلك على أهلي فقال أين أنت من الاستغفار إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة وفي سنن أبي داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقة من حيث لا يحتسب قال أبو هريرة إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم ألف مرة وذلك على قدر ديتي وقالت عائشة رضي الله عنها طوبي لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرًا قال أبو المنهال ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير
وبالجملة فدواء الذنوب الاستغفار - قال قتادة إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار وقال بعضهم إنما معول المذنبين البكاء والاستغفار فمن أهمته ذنوبه أكثر لها من الاستغفار
ومن زاد اهتمامه بذنوبه فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبة فالتمس منهم الاستغفار، وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول إنكم لم تذنبوا، وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا اللهم اغفر لأبي هريرة فيؤمن على دعائهم قال بكر المزني لو كان رجل يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول استغفروا لي لكان قبوله أن يفعل ومن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العدد والإحصاء فليستغفر الله مما علم فإن الله قد علم كل شيء وأحصاه كما قال تعالى ‏ {‏يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ‏} ‏ وفي حديث شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب وفي مثل هذا يقول بعضهم‏:‏
أستغفر الله مما يعلم الله *** إن الشقي لمن لا يرحم الله
ما أحلم الله عمن لا يراقبه *** كل مسيء ولكن يحلم الله
فاستغفر الله مما كان من زلل *** طوبي لمن كف عما يكره الله
طوبي لمن حسنت منه سريرته *** طوبي لمن ينهي عما نهى الله
 
وأما السبب الثالث من أسباب المغفرة التوحيد وهو السبب الأعظم فمن فقدة فقد المغفرة ومن جاء به فقد أتي بأعظم أسباب المغفرة قال الله تعالى ‏ {‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ النساء‏.‏
فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل فإن شاء غفر له وإن شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة قال بعضهم الموحد لا يلقي في النار كما يلقي الكفار ولا يبقي فيها كما يبقي الكفار فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه أو بقلبه ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوي الله محبة وتعظيما وإجلالا ومهابة وخشية ورجاء وتوكلا وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر وربما قلبتها حسنات فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم فلو وضع منه ذرة على جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات كما في المسند وغيره عن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل‏.‏
وفي المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني الجنة عليها وإنك لاتخلف الميعاد ثم قال أبشروا فإن الله قد غفر لكم
قال الشبلي من ركن إلى الدنيا أحرقته بنارها فصار رمادا تذوره الرياح ومن ركن إلى الآخرة أحرقته بنورها فصار ذهبا أحمر ينتفع به
فإذا علقت نار المحبة بالقلب أحرقت منه كل شيء ما سوي الرب عز وجل فطهر القلب حينئذ من الأغيار وصلح غرسا للتوحيد
يقول الله عز وجل ماوسعني سمائي ولاأرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن‏.‏
غصني الشوق إليهم بريقي *** واحريقي في الهوي وا حريقي
قد رماني الحب في لج بحر *** فخذوا بالله كف الغريق
حل عندي حبكم في شغافي *** حل مني كل عهد وثيق
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

مضوع جميل جداً وهام جداً جداً..

 

بارك الله فيك يا أحمد..وجعله فى ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

ازاى المواضيع المهمه دى مش شيفنها

جزاك الله عنا كل خير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر
يقول الله عز وجل ماوسعني سمائي ولاأرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن‏.‏

لاتعليق

شكرا اخي احمد جعله الله في ميزان حسناتك واثابك عنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..