مصر - مستقبل مصر الزراعي قرار استراتيجي يدفع القاهرة للاكتفاء الذاتي ويحميها من وطأة الأزمات

[الأخبار 4]

ثلاث أزمات عالمية كانت بالغة الأثر على القاهرة اقتصاديًا، بدايةً من أزمة المناخ وكوفيد 19 والحرب الروسية في أوكرانيا، والثلاث أزمات كانوا جرس إنذار بضرورة التحرك لسد احتياجات مصر من الحبوب والغذاء الرئيسي عبر الإنتاج المحلي حتى لا تقع القاهرة مرة أخرى تحت وطأة التأثر بالأزمات العالمية وانتظار غذائها من الخارج والاعتماد على الغير في سد احتياجاتها الأساسية.

وفي خطوة إيجابية هامة تساعد مصر في الاعتماد على نفسها وتحقيق اكتفاء ذاتي مستقبلي في غذائها من القمح والحبوب، أطلق الرئيس السيسي مشروع زراعي كبير-مشروع مستقبل مصر الزراعي- لزراعة منتجات ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين لتحقيق اكتفاء ذاتي من القمح والحبوب وتصدير الفائض إن أمكن، وذلك عبر استصلاح وزراعة مليون و50 ألف فدان في الصحراء الغربية من إجمالي مساحة الدلتا الجديدة البالغة 2.2 مليون فدان.

ويضم المشروع 3 مراحل تنفيذية، تبدأ بصوامع تخزين الغلال ومحطات تقاوى، ومعامل تحليل التربة، وثلاجات لحفظ الخضر، على أن تضم المرحلة الثانية، مشروعات لتجميد الفواكه، ومصانع للبصل والثوم المجفف وتعبئة وتغليف البقوليات وزيوت الطعام وأعلاف الماشية، بينما تشمل المرحلة الثالثة مصنعا للسكر، وآخر لإنتاج الزيوت، وفرز وتعبئة وتغليف البرتقال.

ووفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي من المتوقع أن تصل تكلفة المشروع لـ 250 مليار جنيه اليوم، ووفقًا للمساحة المزروعة المستهدفة من القمح بنحو 1.5 مليون فدان خلال ثلاث سنوات بإنتاجية فدان بنحو 3 أطنان، أي أن المشروع سيقدم 6 مليون طن من القمح كل عام، هذا بخلاف انتاج مصر الحالي من القمح.

ويتكون المشروع من 4 مراحل، المرحلة الأولى انتهت وتتكون من 34 ألف فدان، والثانية مقرر تسليمها في أكتوبر المقبل وتتكون من 316 ألف فدان، والمرحلة الثالثة في يوليو 2023، والرابعة في 2024، والمرحلتين ستكونان بقوة 700 ألف فدان، ليصل إجمالي الأراضي المستصلحة في المشروع إلى نحو مليون و50 ألف فدان.

ويستخدم مشروع مستقبل مصر أنظمة الري المحوري، إضافة إلى الري تحت السطحي والري بالتنقيط، وكذلك استخدام تقنية المسح الرقمي، وتعتمد على مسح الأرض رقميًّا ورفع تضاريس الأرض والتحكم في اتجاه ومرور المياه، مما يساهم في توفير التكلفة، ويتضمن المشروع إدارة للرقمنة وتحليل البيانات وقسم التنبؤ بالأزمات.

وفي ذلك السياق، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قرار إطلاق مشروع مستقبل مصر الزراعي؛ استراتيجي وهام للغاية في ظل ما يواجهه العالم من أزمات حادة، مضيفًا أنه تصرف طبيعي وإن كان هناك أزمة فقط سيكون الماء

وأوضح بيومي في تصريحات لـ"الفتح"، أن اهتمام الرئيس بشكل شخصي بالمشروع يعطيه أولوية في تنفيذ المشروع بالجودة المطلوبة، مشيرًا إلى أن الري المحوري سيضاعف الثروة الزراعية من المشروع، لافتًا إلى اقتران المشروع مع تقدم تكنولوجيا تحلية مياه البحر وزراعة محاصيل في أراضي مالحة و كذلك الاهتمام بمياه الآبار واكتشاف آبار جديدة لكي لا تمثل نقص المياه عقبة.

وشدد بيومي على أن مشروع مستقبل مصر سيجعل المجتمع في حالة اطمئنان من توافر القمح والحبوب بشكل عام

وقال الدكتور مختار غباشي أستاذ القانون الدولي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات، إن إطلاق مشروع مستقبل مصر الزراعي قرار ذكي وطموح في ظل مشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الحكومة، مضيفًا أنها خطوة هامة نحو اكتفاء مصر الذاتي من القمح والحبوب، وتطور مطلوب في الإنتاج الزراعي المتكامل.

أشار غباشي في تصريحات لـ"الفتح"، إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية أعطت درس لكثير من الدول أنه حان الوقت للاعتماد على النفس وتنمية أراضينا الزراعية لإنتاج طعامنا ودوائنا وسلاحنا.

وأوضح نائب المركز العربي للدراسات، أن المشروع خطوة نحو النمو المتكامل والاعتماد الذاتي خلال سنوات قليلة، مشددًا على أنه قرار هام واستراتيجي في ظل مشروع الطاقة النظيفة، ويجب أن نفكر فيما بعد في التصدير.

ونوه غباشي بأنه مشروع زراعي صناعي متكامل تهتم نسبة كبيرة منه بالقمح وغيرها من الحبوب، لافتًا أنه من الضرورة والأهمية أنه يتم صرف النظر عن الضغوط ، وأن الدولة ستعطي للمشروع الأولية كما أعطت لحياة كريمة الأولوية.

وقال اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، إن قرار الرئيس السيسي بإطلاق مشروع مصر الزراعي قرار استراتيجي ويعاصر ما يواجه العالم من أزمات، لافتًا إلى أن حرب روسيا في أوكرانيا وغيرها من النزاعات ستعيد هيكلة العالم بالنسبة لإمدادات الغذاء، أي أن إنتاج القمح والاكتفاء الذاتي من الحبوب بات ضرورة ملحة.

وأوضح وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق في تصريحات لـ"الفتح"، أن الاكتفاء الذاتي من القمح والحبوب سيوفر علينا أموال كثيرة، خاصة وأن السنوات المقبلة ستشهد تغير كبير في أسعار القمح وسياسة إمداد الدول به.

وشدد على ضرورة الانتهاء من المشروع بالسرعة والجودة المطلوبة لأمداد المجتمع بما يحتاجه من القمح، لافتًا إلى ضرورة الشروع في إنشاء مشروعات مماثلة لتنمية وتطوير الرقعة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من كافة السلع الاستراتيجية.

ويذكر أن واردات مصر الزراعية تبلغ 8 مليارات دولار، أمَّا صادراتها تتجاوز 3 مليارات دولار، مما يعني أن العجز بين الواردات والصادرات يبلغ 5 مليارات دولار تقريبًا، ومشروع مصر الزراعي سيقلص هذا العجز بما يقرب 2 مليار دولار سنويًا.

اقرأ الخبر من المصدر