اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
خلادالحوتي

العقول الفارغة

Recommended Posts

العقول الفارغة

لقد اهتم الإسلام بالعقل اهتماماً واضحاً، حيث جعله مناط التكليف وموضع التكريم، الذي به تتحقق أهلية الإنسان لكي يصبح خليفة في الأرض، يسعى في إعمارها كما قال _تعالى_ :"...هوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا..." ذلك أن العقل هو المحور والموجه لهذا البناء وتلك الخلافة، فالحضارة تقوم على عقول نيرة وأفهام راسخة تنطلق من أرضيات صلبة.

 

 

ولقد خاطب القران الكريم العقل الواعي، ورسم له حدود السكون، وحدود الحركة، فأصبح العقل المسلم بعد هذا كله....عقلاً مدركاً حكيماً رشيداً يميز الأمور قبل أن يصدر حكماً تجاهها.

فضرب أمثلة عن الأمم البائدة وكيفية استخراج العظات والعبر من خلال سيرها..قال _تعالى_:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" (يوسف109 ).

 

والعقل المسلم من أوثق العقول فهماً وإدراكاً نظير ما يستند عليه في فهمه ومعرفته واستقائه من المنهج الإلهي، فهو حرٌ لا يخضع لأي مؤثر خارجي سوى منهجه الذي ينطلق منه ويستند عليه.

ولكن مع التردي الحاصل لأمة الإسلام، وخاصة في هذه الأوقات، والتي أصبحت فيه أمتنا كلأً مباحاً لأمم الاستكبار والغطرسة، فأصبح العقل المسلم عقلاً رتيباً خاملاً ينزع في تفكيره إلى الأمعية والتبعية، وبذلك تاه العقل المسلم بين ركامات الحضارة الغربية وبهارجها، والتي يحسبها الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وانطبقت عليه مقولة العلامة ابن خلدون في مقدمته: "المهزوم دائماً مغرم بتقليد المنتصر – نظرية التابع والمتبوع – " وانعكس هذا الأمر جلياُ على أمور الحياة بعمومها... مما أخرج نتاجاً قبيح الطعم والمظهر، والذي تولى كِبر هذا التوهان وهذا الانحراف المشين للعقل المسلم.... هي وسائل الإعلام بكل ارتباطاتها وما تصل إليه أذرعتها الناطقة والمؤثرة، والتي أخذت على عاتقها حرف العقول المسلمة عن مبتغاها إلى مبتغى، وأهواء القائمين عليها من أساطين الإعلام الغربي وملاكه.

 

فالإعلام بكل وسائله أصبح له دور رئيس وكبير في ا لتلاعب بالعقول, والتأثير على الشعور والمشاعر، وذلك من خلال اختلاق واستعمال مختلف الحيل الكلامية، ورسم صور كاذبة، وتمرير تلفيقات مختلقة عن طريق ربطها بجزء بسيط من الحقيقة لعلمهم أن هاتيك الحيل لا تنتشر ولا يحفلُ بها المتلقي إلا من خلال خلطها ببعض الحق المجتزئ، ولعل إعلامنا العربي بجميع أنواعه سواءً الحكومي منه أو الفضائي خير مثال على ما يحدثه الإعلام من خللٍ كبير في التصورات والأحكام، بل تعدى ذلك كله في كثير من الأحيان إلى التأثير المباشر في منظومة القيم الإسلامية، والتي تحكم سير المرء المسلم في هذه الحياة، وهذا التأثير – المباشر - يطلق عليه دارسي علم الاتصال الإعلامي بنظرية الحقنة (injection theory ) والتي نجدها واضحة جلية من خلال سيل الرسائل الإعلامية الموجهة لتغيير بعض المفاهيم والقيم الإسلامية، والتي في مجملها تهدف إلى زعزعة استقرار العقلية المسلمة لكي تؤمن بالتغيير السلبي المراد، ولعل في بعض القضايا المطروحة سواء على الشأن الداخلي أو الخارجي أكبر دليل على ذلك..... وخذوا على ذلك أمثلة توضح بجلاء مدى عمق العملية المنفذة والمدارة بحرفية تامة لتغييب الرأي الحر، وسلب الإرادة الحرة التي لا تخضع إلا لميزان القيم السماوية.... فخيار المقاومة أصبح إرهاباً !!... وتمسك المرأة المسلمة بعزتها وعفافها وحجابها .. أصبح تخلفاً !!.. والزج بها في غياهب كل مجهول – مرة في نوعها ككائن حي ( الجندر ) ومرة في فكرها وأخرى في حقوقها السياسية - أصبح تقدماً.!! ... ومع ذلك وغير ذلك آمن وصدق بهذه المقولات الدعية أصحاب العقول الفارغة ..... والذين أصبحوا _وللأسف الشديد_ خطاً رافداً وداعماً لكي تغريب يراد للمجتمعات المسلمة فهم غنيمة باردة للمستهدفين، وإن كنت حقيقة لا أعجب من هذه الاستماتة، وهذا الاستبسال البطولي من قبل الطابور الخامس – طابور المستغربين - بالرغبة بضم أولئك الفئام من الناس، ولكن العجب الأكبر والأكثر خطراً، والذي يحز في النفس حقيقة هو الانقياد الأعمى والبليد من قبل أصحاب العقول الفارغة ممن بلغ سن الرشد ولا زالت روح المراهقة – بكل ما تعنيه هذه الكلمة - تدب في دمه وأوصاله ألهذا الحد تعمل وسائل الإعلام عملها المشين في عقله وفي مفاهيمه وفي اعتقاده حتى تجعله يحسب كل صيحة عليه؟! أين الثبات؟ أين الشخصية السوية التي تحلل بوعي، وتدرس بروية، وتراجع بدقة قبل أن تصدر حكماً تجاه أي حدث يُثار؟

ومن تأمل هذا الأمر حق التأمل وجد أننا أما عملية جدُ خطيرة يراد من خلالها إحداث تغييراً معرفيا لعقلية المسلم (cognitive change)، ولذلك نحن بحاجة ماسة لزرع الثقة بالنفس المسلمة وتربيتها وتعليمها أكثر مما هي علي، وإذكاء روح التحدي وروح المقاومة وروح المنافسة، والثبات على المواقف التي ترتكز على عقيدة صلبة وراسخة؛ لأن التغيير الذي تُحدثه هذه الوسائل لم يأتي إلا من خلال الضعف الحاصل في تكوين الأفراد وضعف بنائهم الذاتي المتمثل في عدم تغلغل واستقرار مكونات ثقافتهم في شخوصهم، وهذا الأثر البالغ التي تحدثه هذه الوسائل نجد أنه يؤثر أكثر في المراهقين ومحدودي الثقافة الأصيلة لمجتمعهم وقيمهم الإسلامية، مما جعلهم أكثر عرضة لمحتوى الرسائل الإعلامية الموجهه والمخالفة لمنظومة قيم المجتمع الإسلامي، فلذلك يجب على ذوي الرأي في المجتمع المسلم مراجعة الذات والأخذ على أيدي السفهاء من أبنائه والنصح لهم لكي لا ينحدروا بأمتهم إلى أمور لا تحمد عقباها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

جزاك الله خيرا

ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

شكرا لك على الموضوع يا سيدى

 

اكثر ما جذبنى تلك الجمله

 

المهزوم دائما مغرم بتقاليد المنتصر

 

مقولة صادقه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

أِشكرك بشدة أخي (علي دسوقي )محب الإطلاع على مرورك

 

 

وأِشكرك بشدة

على مرورك 'orgowan'أختي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..