حضارة توحشت‏..‏ ووحشية تحضرت

[ali desoky 391]

حضارة توحشت‏..‏ ووحشية تحضرت

 

 

 

 

احتفل الشعب في جنوب إفريقيا أخيرا بالذكري العشرين لإطلاق سراح زعيمه نيلسون مانديلا من السجن‏,‏ بعد ما قضي فيه نحو ربع قرن‏.‏

 

 

وبدلا من أن يلجأ مانديلا وقد تسلم السلطة بقرار شعبي ساحق إلي لغة الثأر والانتقام من العنصريين الأوربيين البيض الذين أذاقوه مرارة السجن كل تلك المدة الطويلة‏,‏

 

ويرمي بهم في الزنزانات واحدا بعد الآخر ويعلق المشانق لرموز النظام السابق ويمنع مؤيديهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة سواء كانوا مرشحين أم ناخبين ويطردهم من وظائفهم ويوقف صرف رواتبهم التقاعدية‏,‏

 

أو يرغمهم علي الهجرة إلي الخارج فتح مانديلا بدلا من ذلك ذراعيه للجميع وطلب من شعبه أن يصفح عما جري وأن يفتح صفحة جديدة لصالح مستقبل أطفال جنوب إفريقيا‏.

 

‏ لقد دفعت أجيال عديدة من الشعب ثمن الاستعمار الأوروبي لجنوب إفريقيا والحكم العنصري القبيح‏,‏ وآن للبلد وللشعب أن ينسي ذلك لكي لا تستمر دوامة العنف ومشانق الموت ورصاص التصفيات وحرائق الكراهية‏.‏

 

لم يعتقل مانديلا شخصا واحدا من النظام العنصري السابق‏,‏ ولكنه ذهب لزيارة الزنزانة التي عاش فيها ربع قرن ثم ذهب إلي سجانيه يشكرهم علي رعايتهم له‏,‏ وذهب بعد ذلك إلي قادة النظام السابق يدعوهم إلي المشاركة في النظام الجديد لكي تصل دولة جنوب إفريقيا إلي شاطيء المستقبل‏.‏

 

كان يمكن لمانديلا أن يفعل ما فعله رؤساء انقلابيون عديدون في جمهوريات إفريقية‏,‏

جاءوا بالدبابات ورحلوا بالدبابات‏,‏ ومن لا يعلق علي المشنقة يقوم الرصاص بالمهمة‏.‏ لكن مانديلا هذا المحارب المسالم آثر أن يبعد شعبه عن المآسي التي لا تنتهي‏..‏

فأوقف نهج الثأر والانتقام والإقصاء والإبعاد وتقليب صفحات الماضي الأسود‏,‏ وتفرغ مع شعبه لإعادة بناء بلده وتخليصه من الفقر والمجاعة والتخلف والأمراض‏.‏ ثم بلغ ذروة مثالية حين أنهي فترة رئاسته وغادر الكرسي طواعية واختيارا بلا أي أسف أو ندم‏.‏

 

 

 

وفي نفس اليوم الذي كانت فيه جنوب إفريقيا تحتفل بذكري إطلاق سراح مانديلا كانت السلطات العراقية الحالية تحتفل بإقصاء وأبعاد أكثر من خمسمائة مرشح في الانتخابات النيابية‏,‏ بحجة أنهم كانوا من أنصار النظام السابق أو يروجون لأفكاره أو يعارضون العملية السياسية‏.‏

 

 

إنها مقارنة محزنة بين حضارة سبعة آلاف عام تراجعت إلي الوراء ووحشية غابات تقدمت إلي الأمام‏.‏

 

هنا ننتقم ونعدم ونصفي ونتشفي وهناك يعفون ويتسامحون ويداوون جراحهم‏.‏

 

هنا يخطب المسئولون لإشعال نيران الفتنة‏,‏

وهناك يدعون الشعب إلي التعايش بسلام بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان والأديان‏.‏

 

أليس أمرا يدعو إلي الأسف أن شعبا عريقا عمر حضارته أكثر من سبعة آلاف عام‏,‏ لم يستطع ايجاد قيادي واحد يشبه مانديلا أو حتي يستلهم أفكاره فغرق العراق في مستنقع العنف والطائفية والعنصرية والتصفيات في ظل الاحتلال؟

 

وطبعا لم نكن نتوقع من أحد من هؤلاء الساسة الذين جاءوا مع دبابات المحتلين أن يحافظ علي وحدة العراق أرضا وشعبا وثروات‏,‏ لأنهم لا يريدون الخير للعراق ولا لمستقبله‏,‏

إنهم لا يريدون الاستقرار لشعب العراق لأنهم يعلمون أن استقراره يعني نهايتهم‏..‏

 

فهم يعملون علي إبقاء العراقيين محاصرين في عنق الزجاجة بلا أمل ولا أمن‏.‏

 

 

وبدلا من أن يتباري السياسيون الحاكمون في تقديم أفضل البرامج الانتخابية للشعب‏,‏ غرقوا في معارك الإقصاء والأبعاد والتلاسن والعصبيات الطائفية والعنصرية‏,‏

حتي كاد العراقيون أن يكفروا بالديمقراطية والانتخابات والعملية السياسية وهؤلاء السياسيين الانتهازيين والمنافقين والفاسدين والكذابين‏.‏

 

ومع ذلك فإن علي الشعب العراقي ألا يفقد الأمل‏.‏

 

الأمل في ظهور جيل جديد من السياسيين غير ملوث وغير فاسد ليعيد الثقة إلي الناس في أنهم قادرون علي استعادة العراق من اللصوص وتجار الشعارات وأدعياء الدين ومزوري الشهادات وعملاء الاحتلالين الأمريكي والإيراني‏.‏

 

 

 

 

 

منقول

الاهرام العربي

[شهد 2010 4]

الأمل في ظهور جيل جديد من السياسيين غير ملوث وغير فاسد ليعيد الثقة إلي الناس في أنهم قادرون علي استعادة العراق من اللصوص وتجار الشعارات وأدعياء الدين ومزوري الشهادات وعملاء الاحتلالين الأمريكي والإيراني‏.‏

 

يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــارب اصلح شأن البلاد المسلمه اجمعين

ويكون فيها ناااااااااااااااااس امثال مانديلا باخلاقه الجميله والواعيه

 

جزاك الله خيرا اخى على

على المقال صراحه العنوان شدنى جااامد وقولت اكيد الكلام علينا كعرب

وفعلا طلع فيه مقارنه بس كنت اتمنى انى نكون الجانب الايجابيى من المقارنه

بس الحمد لله على كل شى وربنا يصلح الاحوال