في رحاب قيم الإسلام.. لتصحيح سلوكيات البشر العمل الجاد لكسب الرزق الحلال.. الشكر علي النعم..

[ali desoky 391]

في رحاب قيم الإسلام..

لتصحيح سلوكيات البشر

العمل الجاد لكسب الرزق الحلال.. الشكر علي النعم..

 

 

 

 

 

سجلات أنبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه حافلة بالعطاء والأعمال والسلوكيات الطيبة. في رحاب القيم والمبادئ التي أرست معالمها كتب الله ورسالته إلي سائر البشر. وهي بالطبع تستهدف وضع قواعد لتنظيم حركة الحياة بعيداً عن الغلو والمغالاة والشطط أو التطرف المقيت والميل مع الهوي. وقد جاءت أعمال وتصرفات هؤلاء الرسل والأنبياء علي أرض الواقع بمثابة نماذج رائعة وقدوة مضيئة لكل الناس وترسم الطريق لكل من أراد البناء والتعمير في ظلال عمل جاد والتزام بالمشروعية لاكتساب الرزق بالحلال. والابتعاد عن أي كسب حرام. وقد كان شكر الله علي النعم والفضائل التي تكرم بها علي عباده في مقدمة السلوكيات التي اتسمت بها أعمال وتصرفات هؤلاء الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه.

سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم كان مثالاً للإنسان الباحث عن العمل الجاد في تواضع وجد واجتهاد. تولي رعي الغنم. واكتسب منها سلوكيات القيادة والصبر عليها وكيفية جمع شمل المجتمع. والأمانة وتحمل المسئولية بكفاءة واقتدار تميز بها حينما تاجر بمال زوجته خديجة رضي الله عنها. وقدم للبشرية جمعاء صورة طيبة للتاجر الأمين. يحفظ للمشتري حقوقه مع رعاية حقوق صاحب المال. تصرفاته تركت بصمات علي أرض الواقع تشهد علي مدي التاريخ أن محمداً بن عبدالله صلي الله عليه وسلم نموذج طيب وقدوة في كل أعماله حتي في خصومته مع الآخرين كان يتمني لهم الهداية ويرفض أي أساليب تتجاوز سماحة أخلاقه الكريمة وهناك في سيرته العطرة الكثير من الأمثلة لعل في واحد منها ما ينال الإعجاب ويثير الاهتمام خاصة في هذه الأيام التي توارت فيها القيم والمبادئ وصار الانفلات وخراب الذمم الصورة العامة للمجتمعات الإسلامية. وتصرف سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في هذا العمل الإنساني يعكس مدي الالتزام بضوابط الإسلام وقيمه وأخلاقه الفاضلة.

والمثال الحي يتجسد في هذا العمل الإنساني وذلك حينما قدم إلي مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم رجل يهودي يطالب رسول الله صلي الله عليه وسلم بدين له وأغلظ اليهودي في القول والتصرف. وأمسك بتلابيب النبي وقال موجهاً حديثه للرسول: يا بني عبدالمطلب انكم قوم "مطل" أي تماطلون في سداد الديون لأصحابها وفي تلك اللحظات نهض عمر بن الخطاب لوقف الرجل عن هذا التصرف بصورة أثارت استياء النبي صلي الله عليه وسلم وقال لعمر قولاً يعلم به البشرية في كل زمان ومكان: لا.. يا عمر أؤمره بحسن الطلب وأمرني بحسن الأداء. تواضع في غير تكبر أو تجبر. ليس هذا فحسب وإنما كان كريماً حتي مع من تجاوز أو ارتكب عملاً مخالفاً. تصرفات رسول الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم قدوة وأسوة حسنة لسائر البشر وكل المجتمعات. العمل الجاد والالتزام حتي وهو في داخل بيته كان في خدمة أهله يخصف نعله ويخيط ثوبه فهل تري زوجاً بتلك القيم في هذا الزمان؟

سلوكيات سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هي امتداد لسلوكيات وأعمال من سبقه من رسل الله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

هاهو سيدنا سليمان بن داود أفاء الله عليه بنعم كثيرة فكان في قمة الالتزام بالخلق الكريم والعمل الجاد والشكر علي هذه النعم وقد حكي القرآن الكريم جوانب مشرقة من سجلات هذا النبي الذي قدم نموذجاً للإنسان الجاد والشاكر لرب العباد علي فضله "ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين ہ وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين" 15. 16 سورة النمل. تواضع وشكر وعرفان بفضل الله وإقرار بأن الفضل بيد الله بعيداً عن الغرور والتكبر وادعاء العلم في الوصول لهذه المكانة المرموقة وقد كان متابعاً ممتازاً لهؤلاء من الجن والشياطين. "وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون" 80 الأنبياء.

ورغم أن الله قد علمه لغة الطير إلا أنه كان دائم الشكر علي عطاء الله له وقد بدا ذلك في تصرفه حينما كان يسير بموكبه ومر بموقع تتمركز فيه مجموعات من النمل فخرجت من بينهم نملة أطلقت صيحة تحذير لاخوانها أن احذروا في تحركاتكم حتي لا تموتوا تحت أقدام سليمان وجنوده الذين يعبرون الطريق في تلك اللحظات. استمع سليمان إلي كلمات النملة في إطار تعليم الله له فكان الشكر يجري علي لسانه وقلبه يخفق بحمد الله وأخذ يردد بما جاء في القرآن الكريم: "فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" 19 النمل.

انها نماذج وأسوة حسنة رسمت صورة طيبة علي أرض وتركت لرسل الله وأنبيائه بصمات تضع أمام بني البشر في كل الدنيا صورة لقيام المجتمعات والشعوب علي أساس من طهارة اليد والقلب والسعي في الأرض دون أكل للأموال بالباطل. وضرب الفساد والمفسدين بيد من حديد لمنع الظلم الواقع من الإنسان علي أخيه الإنسان. ولا شك أن هذه الأمثلة هي أسوة حسنة للأجيال في هذا الزمن الذي طغت فيه المادية علي حياة الكثيرين وكانت ثمرة ذلك تخلف المجتمعات وانفلات القيم بصورة تتطلب ضرورة العودة إلي مبادئ الإسلام التي تقيم العدل في رحاب الأخلاق الكريمة والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.

تم تعديل May 21, 2010 بواسطه ali desoky