اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
Mr Hamdy Ahmad

رمضان شهر الصلة (1) - الدرس الثاني عشر

Recommended Posts

17558217.gif

 

 

 

رمضان شهر الصلة (1)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

 

 

فإن رمضان شهر البر والصلة، وشهر التعاطف والمرحمة، فالقلوب تلين لذكر الله، والنفوس تستجيب لداعي الله، فلا ترى من جَرَّاء ذلك إلا أعمالًا زاكيات، وقربًا من ربّ الأرض والسماوات.

 

 

 

 

 

ولعل الحديث هاهنا يدور حول صلة الرحم، وفضلها، والأمور المعينة عليها، لعل نفوسنا تنبعث إلى الصلة، وإلى مزيد منها، وتُقْصِر عن القطيعة، وتنأى عن أسبابها.

 

 

 

 

 

أيها الصائمون الكرام:

 

 

لقد تظاهرت نصوص الشرع في عظم شأن الصلة، وفضلها، والتحذير من قطيعتها، قال - تبارك وتعالى - : { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } (النساء: من الآية 1) .

 

 

 

وقال - عز وجل - : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } ( محمد : 22-23) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة قاطع » رواه البخاري ومسلم ، وقال سفيان في روايته: (يعني: قاطع رحم).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: « من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه » متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: « إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى: قال: فذلك لكِ » رواه البخاري ومسلم .

 

 

 

 

 

وهكذا يتبين لنا عظمُ شأن الصلة، وأنها شعار الإيمان بالله واليوم الآخر، وأنها سبب في بسط الرزق وطول العمر، وأنها تجلب صلةَ الله للواصل.

ثم إنها من أعظم أسباب دخول الجنة، وهي من أسباب تيسير الحساب، وتكفير الذنوب، وتعمير الديار، ودفعِ ميتة السوء.

وهي مما اتفقت عليه الشرائعُ السماوية، وأقرته الفطرُ السوية، كما أنها دليل على كرم النفس، وسعة الأفق، وطيب المنبت، وحسن الوفاء.

وصلة الرحم مدعاةٌ لرفعةِ الواصل، وسببٌ للذكر الجميل، وموجبةٌ لشيوع المحبة، وعزة المتواصلين.

 

 

 

أيها الصائمون:

 

 

 

صلةُ الأرحامِ ضدُّ القطيعة، وهي كنايةٌ عن الإحسان للأقربين من ذوي النسب، والأصهارِ.

 

وتكون بزيارتهم، وتَفَقُّدِ أحوالهم، والسؤالِ عنهم، والإهداءِ إليهم، والتصدُّق على فقيرهم، والتلطفِ مع وجيههم وغنيهم، وتوقيرِ كبيرهم، ورحمةِ صغيرهم.

وتكون باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، ومشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم.

 

 

 

وتكون الصلة بالدعاء للأرحام، وسلامة الصدر لهم، والحرص على نصحهم، ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وإصلاح ذات البين إذا فسدت.

 

 

 

وهذه الصلة تستمر إذا كانت الرحم صالحةً مستقيمةً أو مستورةً.

أما إذا كانت الرحمُ كافرةً أو فاسقةً فتكون بالعِظَةِ والتذكير، وبذلِ الجهد في ذلك.

 

 

 

فإذا أعيته الحيلة في هدايتهم كأن يرى منهم عنادًا، أو استكبارًا، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم، ويهوي في حضيضهم - فَلْينأَ عنهم، وليهجرْهُمُ الهجرَ الجميل الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه، وليكثرْ من الدعاء لهم بالهداية.

وإن صادف منهم غرة، أو سنحت له لدعوتهم فرصةٌ فليُقْدِمْ، وليُعِدْ الكرَّة بعد الكرة.

 

 

 

 

أيها الصائمون:

 

 

ومع عظم شأن الصلة، إلا أن كثيرًا من الناس مضيعون لهذا الحق، مفرِّطون فيه؛ فمن الناس من لا يعرف قرابَته بصِلة لا بالمال، ولا بالجاه، ولا بالخلق، تمضي الشهور، وربما الأعوام وهو ما قام بزيارتهم، ولا تودد إليهم بصلة أو هدية، ولا دفع عنهم حاجة أو ضرورة أو أذية، بل ربما أساء إليهم، وأغلظ في القول لهم.

 

 

 

 

 

ومن الناس من لا يشارك أقاربَه في أفراحهم، ولا يواسيهم في أتراحهم، ولا يتصدَّق على فقرائهم، بل تجده يقدم عليهم الأباعدَ في الصِّلات والصدقات.

ومِنَ الناس مَنْ يصل أقارِبَهُ إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا - في الحقيقة - ليس بواصل، وإنما هو مكافئٌ للمعروف بمثله، وهو حاصل للقريب وغيره، والواصلُ - حقيقة - هو الذي يتقي الله في أقاربه، فيصلهم لله سواء وصلوه أو قطعوه.

 

 

 

 

ومن مظاهر القطيعة:

 

 

أن تجد بعض الناس - ممن آتاه الله علمًا ودعوة - يحرص على دعوة الأبعدين، ويغفل أو يتغافل عن دعوة الأقربين، وهذا لا ينبغي؛ فالأقربون أولى بالمعروف، قال الله - عز وجل - : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } (الشعراء: 214).

 

 

وإذا أمعنا النظر في أسباب قطيعة الأرحام وجدنا أنها تحدث لأسباب عديدة تحمل على القطيعة.

فمن تلك الأسباب: الجهلُ بعواقب القطيعة، والجهل بفضائل الصلة.

 

 

ومنها ضعفُ التقوى، والكبرُ، فبعضُ الناس إذا نال منصبًا رفيعًا، أو حاز مكانة عالية، أو كان تاجرًا، أو مشهورًا تكبر على أقاربه، وأَنِفَ من زيارتهم، والتودد إليهم.

ومن أسباب القطيعة: الانقطاعُ الطويلُ الذي يقود إلى الوحشة، واعتياد القطيعة.

ومنها: العتابُ الشديدُ، فبعضُ الناس إذا زاره أحدٌ من أقاربه؛ أمطر عليه وابلًا من التقريع والعتاب على تقصيره في حقه، وإبطائه في المجيء إليه؛ ومن هنا تحصل النفرة من ذلك الشخص، وتُوجَد الهيبةُ من المجيء إليه.

 

 

 

 

 

ومن أسباب القطيعة: التكلفُ الزائدُ، فهناك مِنَ الناس مَنْ إذا زاره أقاربه تكلَّف لهم أكثر من اللازم، وخسر الأموالَ الطائلةَ، وقد يكون - مع ذلك - قليلَ ذاتِ اليد.

ومن هنا تجد أن أقاربه يُقْصِرُون عن المجيء إليه، خوفًا من إيقاعه في الحرج.

وفي مقابل ذلك تجدُ مَنْ إذا زاره أقاربهُ لم يهتمَّ بهم، ولم يصغ لحديثهم، وتراه لا يفرح بمقدمهم، ولا يستقبلهم إلا بكل تثاقل وبرود؛ مما يقلل رغبتهم في زيارته.

 

 

 

 

 

 

ومن الأسبابِ الحاملةِ على القطيعةِ:

 

 

الشحُّ والبخلُ، فمن الناس من إذا رزقه الله مالًا أو جاهًا بَعُد من أقاربه، حتى لا يرهقوه بطلباتهم المتنوعة.

 

 

ومن أعظم أسباب القطيعة:

 

 

تأخيرُ قِسْمَةِ الميراث؛ فقد يكون بين الأقارب ميراثٌ لم يقسم، إما تكاسلًا منهم، أو قلةَ وفاقٍ فيما بينهم، وكلما تأخر قسم الميراث شاعت العداوة، وكثرت المشكلات، وزاد سوءُ الظن، وحلَّت القطيعة.

 

 

 

ومن أسباب القطيعة:

 

 

الشركة بين الأقارب؛ فكثيرًا ما يشترك الإخوة أو غيرهم من الأقارب في مشروع أو شركة ما، دون أن يتفقوا على أسس ثابتة، ودون أن تقوم الشركة على الوضوح والصراحة، بل تقوم على المجاملة، والحياء، وإحسان الظن.

 

 

فإذا زاد الإنتاج، واتَّسعت دائرة العمل؛ دبّ الخلافُ، وساد البغي، ونزغ الشيطان، وحدث سوءُ الظن، خصوصًا إذا كانوا من قليلي التقوى والإيثار، أو كان بعضهم مستبدًّا برأيه، أو كان أحد الأطراف أكثرَ جدية من صاحبه.

 

 

ومن هنا تسوء العلاقة، وتحل الفرقة، وربما وصلت بهم الحال إلى الخصومات في المحاكم؛ فيصبحون سُبَّةً لغيرهم: { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } (ص: من الآية 24).

 

 

 

 

 

ومن أسباب القطيعة:

 

 

 

 

الاشتغالُ بالدنيا، والطلاقُ بين الأقارب إذا لم يكن بإحسان، وبعدُ المسافة، والتكاسلُ عن الزيارة.

وقد يكون التقاربُ في المساكن بين الأقارب مسببًا للقطيعة بسبب ما يكون من التزاحم على الحقوق، وبسبب ما يحدث بين الأولاد من مشكلات قد تنتقل إلى الوالدين.

 

 

 

ومن الأسبابِ الحاملةِ على القطيعة:

 

 

 

قلةُ التحمُّل، وقلةُ الصبرِ على الأقارب، ونسيانُهم في الولائم والمناسبات، فقد يُفَسَّر هذا النسيانُ بأنه تجاهلٌ واحتقار، فيقود ذلك الظن إلى الصرم والهجر.

 

 

 

أيها الصائمون:

 

 

هذه بعضُ الأسبابِ التي تؤدي إلى قطيعة الأرحام، أما الحديث عن الأمور المعينة على الصلة،

 

 

 

 

فسيكون غدًا - إن شاء الله - والله المستعان، وعليه التكلان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة السلسلة

 

 

من هنا

تم تعديل بواسطه Mr Hamdy Ahmad

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..