اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
ali desoky

كيف حج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

Recommended Posts

كيف حج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد فإن الحج إلى بيت الله الحرام من أَجَلِّ ما فرضه الله عز وجل من الشعائر والعبادات، قال الله تعالى وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ الحج

 

والحج رحلة خالصة لله عز وجل؛ لأنها طاعة لله، واستجابة لأمر الله، ولقصد تعظيم البيت وتعظيم حرمات الله عز وجل

وحرصًا منا على أن يكون هذا المنسك موافقًا لهدي النبي وصحابته الكرام، اعتمدنا في بيانه على حجة النبي الوحيدة، والتي تسمى بحجة الوداع، وقد ورد فيها حديث عظيم يشتمل على كثير من الفوائد والنفائس والقواعد الفقهية الجليلة، وهذا الحديث رواه الإمام مسلم بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر ابن عبد الله، فسأل عن القوم حتى انتهى إليَّ، فقلت أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زِرِّي الأعلى، فقال مرحبًا بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته، وهو أعمى، وحضر وقت الصلاة، فصلى بنا، فقلت أخبرني عن حجة رسول الله ، فقال بيده، فَعَقد تسعًا، فقال إن رسول الله مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة، أن رسول الله حَاجّ مسلم

 

وقد استدل بعض الفقهاء بهذا على جواز التراخي في الحج؛ لأن رسول الله فُرض عليه الحج سنة تسع، وأخَّره إلى السنة العاشرة

والصحيح أن الحج واجب على الفور، لمن يسر الله له الاستطاعة، والنبي أخَّره لعذر في العام التاسع، وذلك أن أهل الشرك يحجون ويطوفون بالبيت وهم عُراة، فكره النبي الاختلاط في الحج بأهل الشرك، إلى أن نزل قول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا التوبة

 

قال «مَن أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة» ابن ماجه وحسنه الألباني

وفي رواية «تعجلوا إلى الحج، يعني الفريضة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» أحمد ، وصححه الألباني

يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه «قدم المدينة بشرٌ كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ، ويعمل مثل عمله » مسلم

حج مع رسول الله حجة الوداع أكثر من مائة وثلاثين ألف مسلم، بعد أن كانوا في صلح الحديبية خمسة عشرة مائة على أكثر تقدير، وكانوا في فتح مكة نحو عشرة آلاف

 

يقول جابر فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة مسلم

كان ذلك لخمس بقين من ذي القعدة أو لأربع ووصل النبي مكة لخمس خلون من ذي الحجة

وذو الحليفة ميقات أهل المدينة والذي يسمى اليوم أبيار علي

والمواقيت المكانية قال عنها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إِنَّ النَّبِيَّ وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَة،َ وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» متفق عليه

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَقَّتَ لأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ أبو داود وصححه الألباني

 

فمن أراد مكة لنسك فلا يجوز له أن يتجاوز هذه المواقيت حتى يحرم منها أو بمحاذاتها، ومن تجاوزها بدون إحرام فعليه أن يعود إلى ميقاته، فإن لم يفعل فعليه دم جبران، وهو قول جمهور أهل العلم

يقول جابر رضي الله عنه «فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ «اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» مسلم

 

والاستثفار هو أن تشد في وسطها شيئًا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها محل الدم وتشد طرفها من قدامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها

وهذا دليل على استحباب الغسل للحائض والنفساء، وفيه صحة إحرام الحائض والنفساء، وأن عليها أن تفعل كل ما يفعله الحاج، غير أنها لا تطوف بالبيت، وإن جاء الحيض بعد طواف الإفاضة والسعي وقبل طواف الوداع سقط عنها طواف الوداع؛ لأن الحائض والنفساء ليس عليها طواف وداع

قال جابر رضي الله عنه « فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ؛ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ تَلْبِيَتَهُ» مسلم

 

والتلبية هي شعار التوحيد الذي هو روح الحج ومقصده، بل هو روح العبادات كلها، وتتضمن التلبية من الخضوع والذل والمحبة والقرب ما تتحقق به العبودية لله عز وجل، كما أنها متضمنة للرد على كل مبطل في صفات الله عز وجل وتوحيده لأنها تثبت كل صفات الكمال والجلال لله رب العالمين

ولقد ورد عن رسول الله أحاديث كثيرة صحيحة أخبرنا فيها عن رؤيته أو رؤياه لكثير من الأنبياء والمرسلين وهم قاصدون بيت الله الحرام حاجين أو معتمرين يرفعون أصواتهم بالتلبية لله عز وجل، ومن هذه الأحاديث

 

ما رواه ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ بِوَادِي الأَزْرَقِ فَقَالَ «أَيُّ وَادٍ هَذَا؟» فَقَالُوا هَذَا وَادِي الأَزْرَقِ قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ» ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى فَقَالَ «أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟» قَالُوا ثَنِيَّةُ هَرْشَى قَالَ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي» مسلم

قوله «خلبة» بالضم هو ليف، ويطلق على الحبل المتخذ منه فتح الباري

 

وعن عَبْد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ أسمر اللون كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» متفق عليه

 

ولذلك فإن من السنة رفع الصوت بالتلبية لما ثبت عَنْ خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلاَلِ أَوْ قَالَ بِالتَّلْبِيَةِ» يُرِيدُ أَحَدَهُمَا أبو داود وصححه الألباني

ولذا كان أصحاب النبي يصرخون بها صراخًا، وكانوا إذا أحرموا لم يبلغوا الروحاء حتى تبح أصواتهم

 

يقول جابر رضي الله عنه «لَسْنَا نَنْوِى إِلاَّ الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ » مسلم أي مسحه بيده، واستلام الحجر الأسود سنة في كل طواف لما صح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ » متفق عليه

وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين وتقبيل الحجر الأسود إن أمكن، لما ثبت عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ متفق عليه

يقول جابر رضي الله عنه «فَرَمَلَ ثَلاَثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا» مسلم

 

الرمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو مستحب في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف الأول؛ لما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزَالِ، وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ قَالَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاَثًا، وَيَمْشُوا أَرْبَعًا» مسلم

 

يقول جابر رضي الله عنه « ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِى يَقُولُ وَلاَ أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ النَّبِيِّ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ» مسلم

ومن سنن الطواف صلاة ركعتين بعد الطواف خلف المقام، أو في أي مكان من الحرم « فطاف بالبيت سبعًا، ثم صلى ركعتين يقرأ عند المقام قبل الصلاة وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ، وأن يقرأ في الركعتين سورتي الكافرون والإخلاص

ثم الشرب من ماء زمزم، وغسل الرأس به لحديث جابر أن النبي فعله

 

يقول جابر رضي الله عنه «ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كَلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» مسلم

 

قال جابر رضي الله عنه «حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى، وَقَالَ «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لاَ بَلْ لأَبَدٍ أَبَدٍ» مسلم

 

ثم قال جابر رضي الله عنه «فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلاَّ النَّبِيَّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ اليوم الثامن من ذي الحجة تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ» كان العرب قبل الإسلام يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، فجاء الإسلام وغيّر ذلك وفتح باب العمرة في جميع أيام السنة بما في ذلك أيام الحج، فأصبح لها مع الحج حالات، وشاء النبي أن يعلمهم بمشروعية العمرة في أشهر الحج تدريجيًّا، فقال «مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلا» البخاري أي فليبق على إحرامه بالحج، وإن شاء أدخل عليه العمرة، وقال لولا أني سقت الهدي لفسخت الحج وجعلته عمرة ولَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ البخاري وأصبح المسلمون بين متمتع وقارن ومفرد للحج أما المتمتعون فأحرموا بالحج يوم التروية

 

قال جابر رضي الله عنه «وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى بِهَا أي بمنى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ وَلاَ تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ

 

ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ

 

بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلاَثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلاَ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» مسلم

 

وفي رواية «ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ؛ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ وَيَرْمِى الثَّالِثَةَ وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهَا» أبو داود وصححه الألباني

وبعد انتهاء أيام التشريق عاد النبي مرة أخرى إلى مكة ليطوف طواف الوداع وقال «لا يَنْفِرنَّ أحدٌ حتى يكون آخرُ عَهْدهِ بالبيت» مسلم

ورخص رسول الله للحائض أن تنفر وتسافر دون طواف الوداع ما دامت قد طافت طواف الركن

هذه الحجة الوحيدة التي حجها النبي ، وقال «خذوا عني مناسككم» مسلم وصلى الله وسلم على محمد وآله

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..