اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
دعوه للجنه

ادلاؤك بصوتك فريضة

Recommended Posts

ادلاؤك بصوتك فريضة كالصلاة

 

 

 

1286353684.jpg

 

 

قد يجعل ما يجري في واقعنا من مخالفة لمقتضيات النزاهة والشفافية في كل انتخابات على كل مستوى ـ كثيراً من الناس يحجمون عن المشاركة في الإدلاء بأصواتهم، وفي الترشيح سواء بسواء، وأريد أن أقول لقومنا: إنه مهما حدث من شعور باليأس أو الإحباط، ومهما رأيتم من مظاهر للتزوير وأحسستم بنية مبيتة له فلا يعفيكم هذا من أداء الواجب والإدلاء بأصواتكم؛ لأنه لا خلاف بين فقهاء العصر أن الإدلاء بالصوت نوع من الشهادة، وأنه ليس علينا إلا أداء واجبنا والإعذار إلى خالقنا تبارك وتعالى، ونفوض الأمر بعد ذلك لله.

 

ومن المتفق عليه أنه لا يشك أحد من المسلمين في فرضية الصلاة، لكن كثيراً منهم أو معظمهم لا يستشعر أن أداء الشهادة فريضة كالصلاة وإليهم نسوق هذا البيان القرآني؛ فكما قال الله تعالى في أكثر من موضع من القرآن الكريم: "وأقيموا الصلاة"، قال: "وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ". الطلاق: 2. فهذا أمر وذاك أمر، والأمر يفيد الوجوب كما يقول الأصوليون.

 

ونهى القرآن الكريم أن يكون هناك موطن للشهادة ويُدعَى الشاهد ثم يتردد أو يتأخر، فقال: "وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ". البقرة: 282. وأمَرَ الشهداء أن تكون شهادتهم بالحق والقسط؛ لأنها لله ولو كانت على الأقربين أو الوالدين، وعظَّم من شأنها فأضافها إليه سبحانه إضافةَ رفعةٍ وتشريف، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ". النساء: 135. وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى". المائدة: 8. والقسط هنا يقتضي أن نختار من المرشحين مَن هو أصلح لديننا ودنيانا.

 

وامتدح الذين يقومون بشهاداتهم، وجعلها صفة أساسية من صفات المصلين المتقين فقال: "وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ". المعارج: 33. وجعل كتمان الشهادة مقروناً دائماً في القرآن بالإثم والظلم، فقال: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ". البقرة: 140. وقال: "وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ". البقرة: 283. وقال: "وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ". المائدة: 106.

 

قال الإمام الشافعي: "الذي أحفظ عن كل مَن سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد قد لزمته الشهادة، وأن فرضًا عليه أن يقوم بها على والديه وولده والقريب والبعيد وللبغيض [البعيد] والقريب، ولا يكتم عن أحد، ولا يحابي بها، ولا يمنعها أحدا". أحكام القرآن: 2/139.

 

وقال الجصاص الحنفي: "وقد كان نهيه عن أصلح مفيداً لوجوب أدائها، ولكنه تعالى أكَّد الفرض فيها بقوله: { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ } وإنما أضاف الإثم إلى القلب ـ وإن كان في الحقيقة الكاتم هو الآثم ـ لأن المأثم فيه إنما يتعلق بعقد القلب، ولأن كتمان الشهادة إنما هو عقد النية لترك أدائها باللسان، فعقد النية من أفعال القلب لا نصيب للجوارح فيه، وقد انتظم الكاتم للشهادة المأثم من وجهين: أحدهما: عزمه على أن لا يؤديها، والثاني: ترك أدائها باللسان. وقوله: { آَثِمٌ قَلْبُهُ } مجاز لا حقيقة، وهو آكد في هذا الموضع من الحقيقة لو قال: (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ) وأبلغ منه وأدل على الوعيد، وهو من بديع البيان ولطيف الإعراب عن المعاني. أحكام القرآن: 1/729.

 

وربما لاحظنا أن تنوع الحديث القرآني عن الشهادة كان كتنوعه عن الصلاة إن لم يزد، فقد أمَرَ بأدائها، وامتدح مَن يقومون بها، ونهى عن كتمانها، وقرن مَن يكتمها بالإثم والظلم، وهذا لا شك يشير إلى خطورة الشهادة؛ لأنها تتعلق بحقوق العباد، أما الصلاة فهي حق خالص لله. قال الجصاص: "ولو جاز لكل أحد أن يمتنع من تحملها لبطلت الوثائق وضاعت الحقوق، وكان فيه سقوط ما أمَرَ الله تعالى به وندب إليه من التوثق بالكتاب والإشهاد؛ فدل ذلك على لزوم فرض إثبات الشهادة في الجملة". أحكام القرآن: 1/710.

 

فلم يعد هناك شك في فرضيتها بعد هذا الحديث القرآني، وكلام العلماء، فضلاً عما ورد في السنة المطهرة من أمر بأدائها ونهي عن كتمانها، وتحذير شديد من الإقدام على تزويرها أو إبطال الحقوق بها، وحسبنا مارواه البخاري بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: سئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور).

 

ومن ثم؛ فليس للناخب عذر في ترك التصويت مهما كانت توقعات التزوير؛ حيث يُعد أداؤه للتصويت إقامة للشهادة، ويترتب على التردد عنه أو كتمانه أن يقع الإنسان في الظلم والإثم، وبعد ذلك تضيع حقوق العباد ويقع عليهم الظلم والعسف، ثم يوسّد الأمر إلى غير أهله، ويتم تزوير إرادة أمة، ويكون لذلك ما بعده من مآلات وخيمة العواقب على الفرد والمجتمع، والله أعلم.

 

* الباحث الشرعي بالمركز العالمي للوسطية بدولة الكويت .

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥



×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..