بين المسؤولية والخيانة (1) - مهم جدا جدا جدا

[دعوه للجنه 457]

بين المسؤولية والخيانة (1)

أ.د. صلاح الدين سلطان

 

يبدو الفرق شاسعا بين المسؤولية عن الأرض والعِرض والمقدسات والخيانات بالجملة التي أظهرتها "ويكليكس" وقناة الجزيرة لمن نصبُّوا أنفسهم مسؤولين في السُلطة الفلسطينية زورا وبهتانا، وهم أكابر مجرميها وأصحاب خيانات مركبة، وعمالة واضحة، وتنازلات بالجملة دون مقابل إلا أن ينالوا مدحا ومساندة وإثراء غير مشروع من الخزينة الأمريكية والإسرائيلية والأوربية.

 

 

المسؤولية جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لو أن دابة في العراق عثرت رجلها لخشيت أن يسألني الله عنها لِم لم تُسَوِّ لها الطريق يا عمر؟!"، كما أورد ابن كثير في "البداية والنهاية"، والكتَّاني في "التراتيب الإدارية في نظام الحكومة النبوية".

 

 

لكن أكابر مجرمي الخونة في السُلطة الفلسطينية يلقون بستة مليون لاجىء فلسطيني في الشتات والحرمان من حق العودة، وفي الإسلام يستوي الإخراج من الديار مع القتل تماما لقوله تعالى: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(البقرة من الآية:85)، فيتنازلون عن حق العودة للاجئين ويخدعون العالم العربي والإسلامي بإمكانية قبول عودة عشرة آلاف لاجىء كل عام ليس إلى بيوتهم وأرضهم، وإنما إلى مناطق موهومة يقودها عملاء أخساء، أما مقاومو الداخل فتُظهر الوثائق شراكة كاملة بين الصهاينة والسُلطة لقتل حسن المدهون في غزة القيادي في كتائب الأٌقصى، وتشديد الحصار على أبناء غزة، ومطاردة واعتقال المقاومين في فلسطين كلها، فيا حسن حظ الدابة أيام عمر صاحب المسؤولية، ويا شؤم اللاجئين والمجاهدين من هؤلاء الخونة في فلسطين.

 

 

المسؤولية عن القدس وفلسطين عند أبي بكر الصديق جعلته يحرك جيوشا أربعة ليواجه القوة الأولى في وقتها، قوة الرومان، وعندما لم تستطع الجيوش الأربعة أن تنجز مهمتها لتحرير القدس وفلسطين وأرض الشام لتحصُّن الرومان، واستماتتهم في الدفاع عن معقلهم في القدس، لم يذهب الخليفة أبو بكر إلى التفاوض والتنازلات، وإنما حملته المسؤولية على مقال وفعال، أما قوله الذي أتبعه بالفعل: "والذي نفسي بيده لأُنسين الرومان وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، فتحرك جيش خالد بن الوليد من العراق إلى الشام والقدس في 18 يوما، كان يقطع كل يوم ما يزيد على خمسين كيلو متر بالخيل والجمال، ونظَّم الجيوش وأعدَّ العُدة، وأكمل عمر بن الخطاب المشوار وتغيرت القيادة، وبقيت الأهداف، وعمل خالد بن الوليد جنديا كما كان يعمل قائدا لشعوره بالمسؤولية عن القدس وفلسطين وعز الإسلام والمسلمين حتى انتصر الجيش الإسلامي وجاء الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه كي يستلم مفاتيح القدس، وتحررت الأرض من الرومان.

 

 

أما الخيانات المركبة من وفد المفاوضين وكبير شؤمهم السيد عريقات وقريع وسميح والجندي وعليان وزينة فإنهم يتنازلون عن القدس كلها أمام السيدة ليفني وديكل وبيكر وتيرزا حسب الوثائق، حيث يقدمون تنازلات فاجأت "العدوة ليفني" لأنها أكثر مما تتوقع، كما يقول عريقات كبير الخونة: "ليس سرًا أننا عرضنا عليكم في خريطتنا أكبر "يروشاليم" في التاريخ"، وتخلى قريع للسيدة ليفني وكونداليزارايز عن جميع المستوطنات في القدس باستثناء مستوطنة أبو غنيم، وعندما تطلب السيدة ليفني مزيدا من التنازلات ينبري السيد عريقات قائلا: "هذه مهمة صعبة تحتاج إلى رجل ذكي مثلي"، والخيانات لا تحتاج إلى ذكاء، لكن المسؤولية والقيام بحقها يحتاج إلى ذكاء ونقاء.

 

 

يا قوم المسؤولية أمانة! ولا يصلح لها إلا الرجال الذي يبذلون النفس والمال دفاعا عن المقدسات والأعراض، أما الخيانة فهي قرينة الأنذال الذين يبيعون الأرض والعِرض والقدس من أجل عَرَض زائل، ومنصب زائف.

 

فلنسعَ إلى تثبيت الأمناء، وإزاحة الخونة والعملاء، ولنا في تونس ألف عبرة...!