m.helm 3 قام بنشر February 22, 2011 (تعديل) لقد شهدت البلاد موجة طاغية من الانحلال الأخلاقي تحت ظل الاحتلال الإنجليزي، الذي عمل على تجريد الأمة من هويتها الإسلامية، ولقد استهدف المحتل ضرب حصن الأمة المتمثل في المرأة؛ لأنه يدرك أنها الحصن الحصين لأية أمة، فعمل على نشر الانحلال وفلسفة تحرير المرأة، وعاونه على ذلك رجال ونساء حسبوا أنفسهم على الأمة الإسلامية، وبالرغم من شراسة الحملة ضد المرأة إلا أنه ظهرت نماذج للمرأة استطاعت التصدي للفكر الغربي والرد على أذنابه، ونشر الفضيلة وسط نساء الأمة. ولقد كان بين الأخوات المسلمات نماذج صدق فى القرن العشرين: أمهات وزوجات وبنات وأخوات تجسدت فيهن سيرة نساء السلف الصالح فهمًا وعملاً وصبرًا على المحن التي تعرضن لها. وهذه زهرة أخرى من بستان الأخوات المسلمات نقتطفها ونهديها لأبناء الأمة الإسلامية رجالاً ونساء، شيوخًا وشبابًا؛ ليتعرفوا على النماذج الصالحة للمرأة المسلمة في ظل التغريب ومحاولة طمس هوية الأمة. معنا زهرة عملت منذ تفتحها على نشر عبيرها وسط بنات الأمة وهى السيدة أمينة الجوهري. نشأتها نشأت أمينة علي –وهذا اسمها الحقيقي- في بيت حرص على تعلم القرآن الكريم، والسير على نهج رسول الله (ص) ، فبالرغم من كونها لم تحصل على شهادات دراسية إلا أن أباها عمل على تعليمها الكتابة والقراءة مما ساعدها كثيرًا على حفظ قدر كبير من القرآن الكريم، وترعرت الزهرة على حب الإسلام، وعملت على بث روح الإسلام الصحيح وسط صديقاتها وقريناتها. وفي عام 1935م تقدم الشاب محمود الجوهري ليحظى بهذه الزهرة المصونة، وتم الزواج ليجتمع هذان القلبان على حب الإسلام والعمل له، فكان سندًا لها، وكانت عونًا له على نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة. على طريق الدعوة كان الشاب محمود الجوهري -الذي ولد عام 1913م- شابًّا يحب الإسلام والعمل له، وكان يدعو أن يرزقه الله الزوجة الصالحة التي تعينه على ذلك، واستجاب الله لدعائه فرزقه بفتاة على خلق ودين وهي السيدة أمينة علي، وتم الزفاف عام 1935م، ولم يدريا ما خبأه الله لهما من خير، ففي عام 1940م تعرف الزوج على دعوة الإخوان المسلمين، وعاد وقلبه يرقص فرحًا بهذا الخير يزفه لشريكة حياته، فما كان منها إلا أن شاركته الفرحة، وطلبت منه أن تعمل هي أيضًا تحت هذا اللواء، ويذكر الأستاذ الجوهري عن كيفية تعرفهما على دعوة الإخوان فيقول: "كان لي زميل في المدرسة، سكنه في حي (طولون)، وكان يسبقني في الانتساب إلى الإخوان المسلمين بفترة، وكان بحكم منزله في حي (طولون) قد طلب منه بعض السيدات أن يعطيهنّ درسًا في الدين في مكانٍ أثري وواسع كان بالقرب من مسجد (أحمد بن طولون)، وكان يرى نشاطي، ويرى أنني كنت أقوم في المدرسة بجمع الأولاد في فترة الظهر، وهي فترة بين الصباح والمساء، وكانت الساعة حوالي الواحدة ظهرًا، كنت أذهب إلى المنزل أتناول الغداء، ثم أرجع إلى المدرسة أجمع الأولاد وأعلمهم أولاً كيفية الوضوء، ثم أعلِّمُهم كيفية أداء الصلاة، وكانت الاستجابة من التلاميذ استجابةً طيبةً، وكان العدد كبيرًا، وفي هذه الأثناء طلب مني زميلي "الأستاذ هاشم العمري" أن ألقي درسًا للسيدات في هذا المكان الأثري الذي كان يلقي فيه هو درسًا للسيدات، وفعلاً ذهبتُ، ولكني أخذت معي زوجتي الحاجة "أمينة علي"، وعندما ذهبنا إلى المكان جعلتُ الحاجة "أمينة" تتكلم وتعطي الدرس، وكان ذلك في عام 1942م، وبعد إلقائها الدرس طلبت الحاضرات معاودة ترددها على المكان مرةً أخرى، وجاءت لي "أمينة" وقالت: يريدون درسًا في أماكن أخرى؟ فقلت لها: انتظري حتى أسأل، وذهبت إلى الإمام الشهيد "حسن البنا" وقلتُ له على الموضوع كله، وقلت له: هناك ثلاثة أو أربعة مساجد مفتوحة، ونريد وُعَّاظًا. فقال: الحمد لله.. هذا عظيم، وقال لي: لا ترد طلبًا.. فقلت: نريد وعاظًا، فكلَّم الشيخ "عبداللطيف الشعشاعي"، فكان يعطي الدروس الشيخ "عبد اللطيف الشعشاعي" و"محمود سعيد" و"زينب عبد المجيد" زوجة الشيخ "عبد اللطيف" و"أمينة علي" لكل واحد منهم درس. ولقد اعتنى الإمام الشهيد -عليه رحمة الله- بقسم الأخوات فأولاه اهتمامًا شديدًا، واتخذ هذا القسم له مقرًا في 17 شارع الخازن بالحلمية الجديدة، بجوار المركز العام، ولقد انتخب القسم لجنة تنفيذية من بعض الأخوات للإشراف على عمل الأخوات، وقد ضمت هذه اللجنة كلاًّ من: السيدة/ أمال عشماوي "رئيسة". والسيدة/ فاطمة عبد الهادي "وكيلة". والسيدة/ أمينة علي "أمينة الصندوق". وفاطمة توفيق "سكرتيرة أولى". ومنيرة محمد نصر "سكرتيرة ثانية". وزينب عبد المجيد. وهانم صالح. وسنية الوشاحي. وفاطمة عبيد. وزهرة السنانيري. ومحاسن بدر. وفاطمة البدري. وكان ذلك في 12 من ربيع الأول 1363ه الموافق 14 من أبريل 1944م، واتخذت لها مقرًّا بالمنزل رقم 17شارع سنجر الخازن بالحلمية الجديدة بالقاهرة، ثم تحول مقر القسم لمنزل المستشار منير دلة بشارع إسماعيل سري رقم 16، وفي انتخابات 1948 اختيرت السيدة أمينة علي سكرتيرة للقسم. وقد نشطت السيدة أمينة علي في نشر فكر الأخوات المسلمات بالاشتراك مع أخواتها، فكونّ لجنة لزيارة الشعب والأقاليم وتفقد أحوالها، وتكونت هذه اللجنة من أمينة الجوهري وزينب عبد المجيد زوجة الشيخ عبد اللطيف الشعشاعي واعظ قسم الأخوات، وفاطمة عبد الهادي حرم الشهيد محمد يوسف هواش -الذي حكم عليه عبد الناصر مع الشهيد سيد قطب وعبد الفتاح إسماعيل بالإعدام عام 1965م- وقد زارت هذه اللجنة معظم فروع الأخوات في الوجه البحري والإسكندرية وبعض مدن الصعيد. نشاطها الدعوي لقد تولى الأستاذ محمود الجوهري مسئولية القسم منذ عام 1942 ومعه الحاجة أمينة زوجه والشيخ عبد اللطيف الشعشاعي وزوجه والأخ محمود سعيد وأخته وربما يعود ذلك إلى أن الأخوات لم يؤهلن بعد للمستوى الإداري المطلوب وإن كان منهن مجاهدات ضربن أروع الأمثلة في العمل الدعوي والثبات وقت المحن أذكر منهن الحاجة فاطمة عبد الباري (( أم صلاح )) وهي أمية وتقطن حي الجيارة بمصر القديمة وبالرغم من ذلك لم تكلف بشيء إلا أتمته على أكمل وجه. كانت أمينة علي أمينة الصندوق لقسم الأخوات، ثم انتخبت سكرتيرة للقسم، ولم يكن ذلك عملها فحسب بل كانت داعية في المقام الأول، فكتبت في صحف الإخوان المسلمين المختلفة تحث النساء على العمل للإسلام، وتوجه الأخوات لكيفية العمل، وكانت تكتب في ركن الأخوات في مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية تحت عنوان: أخواتنا، وفي مجلة الإخوان اليومية تحت عنوان: إليك. أضف لذلك نشاطها في لجنة الزيارات التي كونها القسم، ولم يقتصر نشاطها على الجانب الدعوي وفقط، بل كان لها دورها في الجانب السياسي؛ حيث كانت ضمن المجموعة التي توجهت للوزراء والملك بمذكرة من الإمام البنا لدحض أسباب حل الجماعة عام 1948م، يقول الأستاذ الجوهري: "قامت مجموعة من (الأخوات) سلَّمهم الإمام الشهيد مذكرةً تفنِّد مبررات حل (الإخوان) للطواف بها على مكاتب الوزراء ومجلس النواب ومجلس الشيوخ والقصر الملكي ورئاسة الوزراء، ومن ضمن المكاتب التي مرَّت عليها هذه المجموعة مكتب وزير من وزراء الوزارة السعدية في هذا الوقت، وهو "علي أيوب"، وقد كان شديد الكراهية كباقي أعضاء الوزارة السعدية لـ(الإخوان) وما يقوم به (الإخوان). فلمَّا عرف أن هذه العريضة من المرشد العام ومن (الأخوات) هاج هياج الثائر في الحرب، وهدَّد وصاح، ولكن (الأخوات) كُنَّ في ثبات، فردت عليه إحداهن: "هذا ما سلمناه لك هو رأي (الإخوان).. قبلته أم لم تقبله"، وانصرفن من عنده إلى القصر الملكي في (عابدين)، وأذكُر من هذه اللجنة "أمينة علي" و"فاطمة عبد الهادي" و"زينب عبد المجيد" و"فاطمة توفيق".. مجموعة مكونة من حوالي سبعة أو ثمانية، ودخلن القصر الملكي لتبليغ هذه العريضة للملك عن طريق لقائهن بالملكة، فاستقبلتهن كبيرةُ الوصيفات بكلام لطيف، فقالت الحاجة "أمينة علي" -وهن خارجات من القصر: ?كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ? [الدخان: 25-26]، وإن شاء الله نرث هذه الجنات. كما أنها اعتنت بالجانب الاجتماعي فأنشأت مع الأخوات مدرسة لليتيمات (مدرسة التربية الإسلامية للفتاة)، وكانت ناظرة المدرسة الأخت فاطمة عبد الهادي، وكان مقر المدرسة في شارع بستان الفاضل بالمنيرة، وظلت تعمل حتى أصابها ما أصاب ممتلكات الجماعة بعد الحل في 8 ديسمبر 1948م، حيث استولت الحكومة عليها، وتقول فاطمة خليل في ذلك: "وفي عصرنا الحاضر هناك نساء شاركن في تنمية الجانب الاجتماعي في المجتمع؛ فهذه أمينة علي زوجة محمود الجوهري تنشئ مدرسة لتعليم الفتيات اليتيمات، ومن خلالها تقيم المعارض للأشغال اليدوية، وتجعل ريعها لمساعدة أسر الشهداء والأسرى والمعتقلين . فعلى النساء الداعيات اتّباع الشريعة الربانية، وأن يكن أقوى عقيدةً وأعلى همةً مما هن عليه، فيعملن على استنهاض همم النساء ليقمن بأداء الأمانة العظمى التي أخذها الله على بني البشر، وهي التمكين لدين الله في الأرض، وتعيد الأجيال التائهة إلى الإسلام وواحته الغناء". وفي 1954م كان لها دور في مستوصف الإخوان بإمبابة في علاج الفقراء، ومحاولة حل المشاكل الأسرية التي تقع بين الأزواج والزوجات، يقول الأستاذ الجوهري: "وكان من ضمن نشاط قسم (الأخوات) حلُّ مشاكل الأسر، وكانت أي مشكلة يعرف بها الإمام الشهيد في بيت من بيوت (الإخوان) كان يرسل إليَّ، أو إذا كنت موجودًا كان يقول: روح أنت والحاجة "أمينة" بيت فلان في المكان الفلاني وحلُّوا المشكلة، وكنَّا نذهب، وكنَّا نسهر في بعض الأوقات مدةً طويلةً حتى تُحلَّ المشكلة". كما أقام الأخوات معرضًا للملابس والأدوات المنزلية وغيرها من المشاريع التي كانوا ينفقون عائدها على الفقراء. وبعد تعرض الإخوان للمحنة عام 1954م، ودخول كثير منهم السجن، أخذت السيدة أمينة على عاتقها رعاية أبناء الشهداء والإنفاق على بيوت المعتقلين من الإخوان، وشاركها كثير من الأخوات أمثال السيدة نعيمة خطاب زوجة المستشار الهضيبي وابنتها خالدة، والسيدة زينب الغزالي، والسيدة أم أحمد وغيرهن، فقد كون لجنتين اللجنة الأولى ومهمتها إعداد الطعام والملابس للإخوان بالسجون، وكانت مسئولة هذه اللجنة الأخت زهرة السنانيري -شقيقة الأستاذ كمال السنانيري- تعاونها الأخت أمينة علي وفاطمة عبد الهادي وسنية الوشاحي وغيرهن، واللجنة الثانية مهمتها زيارة أسر الإخوان المعتقلين بصفة مستمرة، وتقديم كل ما تحتاجه هذه الأسر ماديًّا وأدبيًّا. وبعد مذبحة طرة في أول يونيو 1957م، والتي أقدم عليها نظام عبد الناصر في حق واحد وعشرين من الإخوان قامت الأخوات برعاية أسرهم، تقول السيدة زينب الغزالي في ذلك: "علمت أن الوالدة الفاضلة المجاهدة الكبيرة حرم الأستاذ الهضيبي تبذل هي أيضًا مجهودًا كبيرًا مع بعض الفضليات الكريمات من الأخوات المسلمات مثل: المجاهدة آمال العشماوي حرم الأستاذ منير الدلة، وكانت هي بنفسها على رأس الأخوات المسلمات. ومثل خالدة حسن الهضيبي وأمينة قطب وحميدة قطب وفتحية بكر والمجاهدة أمينة الجوهري وعلية الهضيبي وتحية سليمان الجبيلي. واتسعت اتصالاتي رويدًا رويدًا فاتصلت بخالدة الهضيبي في سرية شديدة ثم بحميدة قطب وأمينة قطب. وكل ذلك من أجل المعذبين والأطفال واليتامى تم تعديل February 22, 2011 بواسطه دعوه للجنـــــة شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر