ali desoky 391 قام بنشر June 22, 2011 حكومة شرف.. ما لها.. وما عليها..!! بقلم: علي هاشم * بين حكومة د. شرف وبين الشعب عقدى غير مكتوب. يلزمها - باعتبارها حكومة انتقالية وليس حكومة تسيير أعمال - بأن تحقق ثلاثة أهداف رئيسية عاجلة» أولها عودة الأمان والأمن ووقف الفوضي والبلطجة والفلتان الأمني. وثانيها : إطلاق عجلة الإنتاج وقاطرة الاقتصاد وأخيراً : تهيئة المناخ العام لإجراء انتخابات البرلمان والرئاسة وإعداد دستور جديد يحظي بتوافق مجتمعي. ويعبر عن جميع أطياف المجتمع وبناء مصر الجديدة. * بهذه المعايير الثلاثة يمكننا الحكم علي أداء حكومة شرف نجاحاً أو إخفاقاً.. وبصرف النظر عما جاء في بيانه الأخير فهل تحققت تلك الأهداف الثلاثة كلها أو حتي بعضها..؟! * ثمة انتقادات لاذعة توجه لأداء الحكومة التي يري البعض أنها لم تنجز ما كان ينبغي عليها إنجازه في تلك المرحلة الفارقة. ولم تتصد لأزمات ومشكلات وتحديات حاضرة كان عليها البدء بها أولاً. لكنها تركتها واستغرقت في النظر للمستقبل الذي هو مهمة الحكومة القادمة. علي حساب الحاضر ولم تجب عن الأسئلة الملحة مثل : هل تحقق الأمن. وهل أعيد بناء جهاز الشرطة وهل عادت السياحة لمعدلاتها والمصانع المتوقفة للدوران. هل توقفت الاحتجاجات الفئوية التي تنذر بعواقب وخيمة إذا استمرت علي هذا النحو.. هل توقفت التعديات الصارخة علي الأراضي الزراعية الخصبة التي تفقد مصر منها 5 أفدنة كل ساعة لا سيما في الأشهر الثلاثة الأخيرة بحسب تقرير أخير للمنظمة الدولية المهتمة بالتصحر ومخاطره. وهو ما يهدد مصر بمجاعة غذائية حادة وقريبة - لا قدر الله - إذا ما استمر التهام الأراضي الزراعية وزحف التصحر بمعدله الحالي.. فهل تنبهت الحكومة لمثل هذا الخطر.. هل قدرت.. ودبرت.. وتحركت للإنقاذ ؟! كنا نتصور أن تنشغل الحكومة بتقديم حلول ناجعة لأزمة داهمة كهذه. أفضل من انشغالها بجدل سياسي أدلي فيه د. شرف ونائبه د. الجمل بتصريحات تعد ¢ نقضاً ¢ لنتائج الاستفتاء الشعبي والتفافاً علي إرادة الشعب الذي ينبغي أن تكون الحكومة قدوة في احترام إرادته واختياراته بصرف النظر عن مدي صحتها في أول تجربة ديمقراطية حقيقية..!! * أكثر من مائة يوم مرت علي حكومة شرف.. ولا يزال الوصف حائراً بين هل هي حكومة انتقالية أم حكومة لتسيير الأعمال..؟! رئيس الوزراء من جانبه يفضل وصفها بالانتقالية وكذلك يراها وزراؤه.. ومهما يكن التوصيف الحقيقي للحكومة.. فهي في النهاية مؤقتة جاءت لإدارة المرحلة الانتقالية.. حتي تقوم مؤسسات الدولة - البرلمان والرئاسة -علي قدميها من جديد.. فهل يبدو مناسباً أن تعلن تلك الحكومة عن قيام مشروعات قومية عملاقة لن يسعفها الوقت لتنفيذها في جميع مراحلها.. وهل يصح الحديث عن مثل تلك المشروعات - رغم أهميتها القصوي - أكثرمن حديثها عن كيفية استعادة الأمن ودفع عجلة الاقتصاد.. وهل خصصت لتلك المشروعات قسطاً مناسباً من ميزانيتها الضخمة التي أعلنتها مؤخراً أم أن تلك التصريحات مجرد ¢شو¢ إعلامي لبث الأمل ومغازلة الرأي العام. والإيحاء بأنها حكومة إنجازات لكسب الرضا ودغدغة مشاعر المواطنين؟! وإذا كان ذلك كذلك.. فما الفارق بين حكومة جاءت بها الثورة لأداء مهمات محددة في فترة انتقالية محددة لم تنجز معظمها بعد. وبين حكومات سابقة كثيراً ما أطلقت وعوداً كاذبة وتصريحات خادعة لتغطي علي فشلها وفسادها وعجزها في الواقع..!! لا فرق بينهما.. فالنتيجة واحدة.. تصريحات لا أفعال.. ولا حاجة هنا للقول إننا كثيراً ما سمعنا في السنوات الماضية عن أرقام ضخمة ومشروعات عملاقة ثم اكتشفنا بعد فوات الأوان أنها ¢ تصريحات فشنك ¢ صُنعت للاستهلاك المحلي. وأراد بها كبار المسئولين التغطية علي أعمال السلب والنهب والفساد التي عمت الوزارات والأجهزة الحكومية وأرجاء البلاد كافة وأسهمنا فيها كإعلاميين.. وهو ما أثبته د. شرف نفسه بأكثر من تصريح عن حكومات ما قبل الثورة..!! * فماذا قصد د. شرف حين أعلن نية حكومته تنفيذ حزمة مشروعات قومية عملاقة هي بلا شك مهمة وضرورية للنهوض بمصر.. وإذا كانت حكومته ¢ انتقالية ¢ كما يعترف هو نفسه بذلك.. فهل يعد ذلك توريطا للحكومة القادمة أياً ما كانت هويتها الحزبية في مثل تلك المشروعات.. وهل تلتزم تلك الحكومة بتنفيذها أم تتراجع عنها أمام عقبة التمويل. أو طبقاً لأولويات المرحلة الجديدة.. وإذا كانت حكومة شرف هي الحكومة الدائمة وفقاً لما نستشعره من تصريحات بعض المسئولين فيها.. فلماذا قال هؤلاء المسئولون أنفسهم إنها ¢ حكومة انتقالية ¢ تنتهي مهمتها فور تشكيل البرلمان الجديد.. الذي سيتولي بدوره تشكيل حكومة جديدة تتوافق عليها الأحزاب الفائزة بأغلبية المقاعد البرلمانية.. وهو السيناريو الأقرب بحكم الإعلان الدستوري ووفقا لخارطة طريق المجلس العسكري.. فهل تلتزم الحكومة الجديدة ببرنامج وميزانية وضعتهما حكومة شرف.. أم ستتخلي عنهما لحساب خطط وبرامج جديدة يجري التوافق عليها في حينها.. وحتي إذا أبقي مجلس الشعب الجديد - وهذا محض افتراض - علي حكومة شرف كلها أو بعضها فهل ستظل علي برامجها القديمة أم تدفعها المتغيرات والمستجدات إلي تعديلها أو العدول عنها..؟! * هكذا نجد أنفسنا أمام وضع سياسي مرتبك وملتبس. فالالتزام بالبرامج القديمة يحرم الحكومة الجديدة من حق الإبداع والتجديد. ويفتح الباب واسعا للهرب من المسئولية عن الفشل في تنفيذ سياسات لم تشارك هي في وضعها أساساً.. كما أن تغيير تلك البرامج يصيب دولاب العمل بالارتباك والاضطراب. ويهدر الوقت والجهد والطاقات دون مبرر.. ولعل ذلك وغيره ما يفسر لنا أسباب الشعور العام بعدم الارتياح أو الرضا عن أداء الحكومة الحالية. وانحسار موجة التفاؤل التي سرت إبان تشكيلها. ويفسر في الوقت ذاته أسباب الحدة في انتقادها سواء عبر وسائل الإعلام والمنتديات السياسية في أوساط النخبة أو حتي بين الجماهير ذاتها. * وتزول الدهشة إزاء هذا النقد في ظل حكومة نسي أو جهل بعض وزرائها طبيعة المهمة أو المسئولية المنوطة بهم كحكومة انتقالية أصاب غياب الرؤية وغموض الهدف بعض وزرائها بالتردد والتذبذب في اتخاذ القرارات. حتي بدوا وكأنهم مرتعشو الأيدي والأقدام. لأنهم ببساطة لا يدرون هل جاءوا كوزراء في حكومة دائمة أم جاءوا لمهمة مؤقتة توجب عليهم ألا يتطلعوا لأبعد منها حتي يأتي من يتسلم تلك المسئولية منهم.. هل جاءت تلك الحكومة للحفاظ علي استقرار الأوضاع دونما مزيد من التدهور والانحدار. أم جاءت لتغيير الأوضاع والانطلاق بالبلاد إلي الأمام.. ؟! * لكل ذلك تبدو هذه الحكومة ¢ معذورة ¢ فيما آلت إليه أحوالها. فأغلب أعضائها لا يعرفون ¢ راسهم من رجليهم ¢» لافتقادهم الثقة والطمأنينة اللتين لا غني عنهما لأي مسئول في أي موقع. فكيف يعمل هذا الوزير أو ذاك وهو غير مطمئن علي غده في الوزارة. وكيف يعمل في ظل هذا السيل المنهمر من أخبار التحقيقات مع مسئولين ووزراء سابقين بوزارته. أليس ذلك سببا يكفي للتردد في اتخاذ القرارات الجريئة حتي لا يلقي هذا المسئول أو ذاك المصير ذاته. * أصبح ¢ وزير اليوم ¢ بين مطرقة القلق من الحاضر وسندان الخوف من الغد. وهذا بلا شك وضع ملتبس يطرح أسئلة مهمة : فكيف نطالب - مثلاً - حكومة مؤقتة بتقديم حلول جوهرية لمشكلات مزمنة مستعصية. كالعشوائيات التي تمثل بؤراً إجرامية وقنابل موقوتة وتؤوي خارجين علي القانون يشكلون خطراً لا حدود له.. وماذا تفعل مثل هذه الحكومة إزاء قضية مستفحلة كالبطالة التي لا تقل هي الأخري خطورة عن سابقتها.. أو إزاء أم القضايا وهي التعليم البوابة الواسعة لإصلاح البلاد والعباد. والذي فشلت كل الحكومات السابقة في إصلاحه. رغم كثرة الحديث عنه. واعتباره مشروعاً قومياً يمس أمننا القومي ومستقبلنا بالدرجة الأولي.. أو إزاء صحة المصريين الذين يعد المرضي منهم أكثر من الأصحاء.. كيف نطالب حكومة مؤقتة بالتصدي لقضايا استراتيجية تحتاج لجهد ووقت وتمويل أكبر بكثير مما هو متاح للحكومة الحالية.. كيف نحكم عليها بالنجاح أو الفشل ونحن لا نعرف هل عَقْدُنا معها دائم أم مؤقت.. والعقد - كما يقولون - شريعة المتعاقدين..!! * أما ما ينبغي أن تُحاسب عليه حكومة د.شرف فهو ما كُلِّفتْ به وجئ بها لتنفيذه في تلك المرحلة. وفي القلب منها الانفلات الأمني. ومنع الفوضي بكل أشكالها ودحر البلطجة والأخذ علي أيدي كل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا الوطن وسلامه الاجتماعي أو الوقيعة بين مسلميه ومسيحييه أو بين الشعب والجيش أو الشرطة. ونشر الاستقرار وتطبيق القانون بحزم وعدالة علي الجميع وإعادة الحياة لمسارها الطبيعي. وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات نزيهة. ومنع التعدي علي الأراضي الزراعية ودفع عجلة الاقتصاد والإصلاح قُدماً. تلك هي التكليفات أو المعايير الأساسية التي ينبغي علي أساسها تقييم أداء الحكومة الانتقالية تقييما موضوعياً لا غرض فيه ولا أهواء.. فهل التزمت الحكومة بتنفيذ تلك الأهداف أم خرجت عن الخط المرسوم لها.. فذلك هو العقد المبرم بيننا وبينها فهل أخلت ببنوده..؟! * ولعل د. شرف في حواره مع رجل الأعمال نجيب ساويرس قد أجاب عن بعض تلك التساؤلات المطروحة الآن. وأوضح بعض النقاط الغامضة أو الملتبسة. فمهمة تلك الحكومة - في رأيه - هي وضع مصر علي الطريق الصحيح حتي يتم تسليمها إلي السلطة المدنية المنتخبة "البرلمان والرئيس الجديد". * أما ما يراه البعض ليناً أو ضعفاً أو ارتعاشاً في قبضة الحكومة. فقد أرجعه د. شرف إلي معاناة الشعب المصري طويلاً تحت وطأة الظلم والاعتساف والحرمان فكان لزاماً علي الحكومة الجديدة أن تتعامل معه احتواءً واستيعاباً لا صداماً وعقاباً» لكن رئيس الحكومة يرحب بالآراء والنقد الهادف. ولا يرحب بتعطيل الحياة أو الإضرار بالآخرين. ولعل الشعور بالحرمان فترات طويلة هو ما رفع - في رأيه - سقف الآمال والمطالب بدرجة كبيرة جداً. تنتظر تلبيتها بسرعة.. وهو من ناحيته يقدر ذلك لكنه يتمني أن يكون التقدير متبادلاً بين الشعب والحكومة.. والإصلاح يعني أن تصبح أفضل. وهذا لا يأتي إلا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر