لامار 94 قام بنشر June 25, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه معلقا مجزوما به عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَاتَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . "صحيح البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء : باب الأرواح جنود مجندة . قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : .. قوله : ( الأرواح جنود مجندة إلخ ) قال الخطابي : يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد , وأن الخيِّر من الناس يحنإلى شكله والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر , فإذا اتفقت تعارفت , وإذا اختلفت تناكرت . ويحتمل أن يرادالإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام , وكانت تلتقي فتتشاءم , فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم . وقال غيره : المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين , ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أواختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف . قلت : ولايعكر عليه أن بعض المتنافرين ربما ائتلفا , لأنه محمول على مبدأ التلاقي , فان هي تعلقت بأصل الخلقة بغير سبب . وأما في ثاني الحال فيكون مكتسبا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النفرة كإيمان الكافر وإحسان المسيء . وقوله " جنود مجندة " أي أجناس مجنسة أو جموع مجمعة , قال ابن الجوزي : ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجدمن نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم , وكذلك القول في عكسه . وقال القرطبي : الأرواح وإن اتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها , فتتشاكل أشخاص النوع الواحد وتتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة , ولذلك نشاهد أشخاص كل نوع تألف نوعها وتنفر من مخالفها . ثم إنا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتآلف وبعضها يتنافر , وذلك بحسب الأمور التي يحصل الاتفاق والانفراد بسببها . ورويناه موصولا في مسند أبي يعلى وفيه قصةفي أوله عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت " كانت امرأة مزاحة بمكة فنزلت على امرأةمثلها في المدينة , فبلغ ذلك عائشة فقالت : صدق حبي , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكرت مثله . انتهى والحديث قد رواه مسلم رحمه الله في صحيحه 4773وقال النووي رحمه الله في شرحه : قوله صلى الله عليه وسلم : ( الأرواح جنود مجندة , فما تعارف منها ائتلف , وما تناكر منها اختلف ) قال العلماء : معناه جموع مجتمعة , أو أنواع مختلفة . وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه , وقيل : إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها , وتناسبها في شيمها .وقيل : لأنها خلقت مجتمعة , ثم فرقت في أجسادها , فمن وافق بشيمه ألِفه , ومن باعده نافره وخالفه . وقال الخطابي وغيره : تآلفها هو ما خلقها الله عليه من السعادة أوالشقاوة في المبتدأ , وكانت الأرواح قسمين متقابلين . فإذا تلاقت الأجساد في الدنياائتلفت واختلفت بحسب ما خلقت عليه , فيميل الأخيار إلى الأخيار , والأشرار إلى الأشرار . والله أعلم شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر