اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
عاشق الصداقه

السلفيون والواقع السياسي الجديد

Recommended Posts

السلفيون والواقع السياسي الجديد

 

19946_image002.jpg

 

خالد مصطفى || قصة الإسلام

================

 

بدأ الكلام عن السلفيين يتردد في أجهزة الإعلام العربية المختلفة في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث كان الاهتمام بالإسلاميين من قبل ينصبُّ حول الإخوان والجهاديين, ورغم أن الحديث غالبًا ما يدور عنهم بشكل سلبي إلا أن هذه الظاهرة تعني أن للسلفيين وجودًا قويًّا على الأرض، وأن مناخ الحرية الذي بدأت بعض البلدان العربية تتمتع به بعد الثورة سيعطيهم الفرصة لاكتساب المزيد من الشعبية، وهو ما يقلق العديد من الأطراف.

 

وما يهمنا الآن هو كيفية تعامل السلفيين مع الواقع الجديد والاستفادة منه، وعدم التقوقع من جديد أو قصر الاستفادة من هذا الواقع على بعض الأنشطة التقليدية من حلقات ودروس وندوات، والتي طالما مارسها السلفيون كلما أتيحت لهم الفرصة, حيث عانوا في بعض الفترات من قمعٍ حرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم الدعوية..

 

لا شك أن نجاح الثورات العربية أعطى السلفيين دفعة قوية، ولكن على ما يبدو ولأنَّ الأحداث جاءت متسارعة لم يتمكن السلفيون من وضع استراتيجية مناسبة تمكِّنهم من التحول من جماعة دعوية تتأرجح شعبيتها بحسب الحرية المتاحة لها من قبل السلطة لأداء مهمتها, إلى قوة ضغط فاعلة في المجتمع.

 

لقد رحب السلفيون في البداية بتكوين حزب سياسي في مصر للمشاركة في الحياة الاجتماعية بشكل واسع، ثم تراجع بعضهم وجدد الخطاب السلفي القديم حول الأحزاب السياسية, والقضية هنا ليست جواز أو عدم جواز قيام أحزاب في الدولة الإسلامية، ولكن نحن بصدد واقع سياسي محدد، وهو يسمح بقيام أحزاب لتكون وسيلة لنشر أفكارها والوصول للحكم بشكل سلمي.. فهل يترك المجال للعلمانيين للسيطرة على الساحة السياسية، وجمع الجماهير بشعاراتهم الزائفة والوصول للحكم؟!

 

كان البعد عن السياسة في وقت الاضطهاد والإرهاب الأمني مقبول، أما وقد فتح الباب على مصراعيه للجميع فمن باب أولى أن يقدم السلفيون أطروحاتهم على الجماهير، خصوصًا مع ما يشاع عنهم بأنهم لا يشغلون أنفسهم إلا بالخلافات الفقهية، وأنهم لا يملكون مشروعًا للحكم الإسلامي، ولا يستطيعون بلورة حلول لمشاكل المجتمع المختلفة بمنظور إسلامي, وهي اتهامات قد توجه إليهم ليس من الاتجاهات العلمانية فقط ولكن من بعض الاتجاهات الإسلامية أيضًا.

 

كما أن الانخراط في العمل السياسي سيعطيهم خبرة في التعامل مع عوام الناس الذين لا يقصدون المساجد، ولا يستمعون لدروس العلم، وسوف يكسر الكثير من الحواجز التي تحول بينهم وبين هؤلاء، والذين تم تغييبهم وترهيبهم طوال السنوات الماضية من "أصحاب اللحى الذين يحملون البنادق تحت ثيابهم لقتل الأبرياء", كما أشاع إعلام الأنظمة المستبدة.

 

إن الحملة التي تشن الآن على السلفيين هي في جزء منها محاولة لإخافتهم وإخافة المجتمع منهم ليرجعوا للانزواء في زواياهم، مكتفين بتدريس كتب العقيدة والفقه والحديث للعشرات أو للمئات، وهذا وإن كان جانبًا مهمًّا ينبغي ألا يهمل، إلا أن الانفتاح على شرائح أخرى من المجتمع بوسائل جديدة وربط الإسلام بواقع الناس السياسي والاجتماعي والاقتصادي ونشر الوعي بشأن الشريعة الإسلامية وأهميتها وشمولها وملاءمتها لكافة العصور لا يقل أهمية، وهو ما سيتيحه إنشاء حزب سياسي أو على الأقل المشاركة السياسية بأي شكل من الأشكال..

 

ليس من العيب أن يعترف السلفيون أنهم لا يملكون خطة للمشاركة، كما أنه ليس من العيب أن يعترفوا أنهم يحتاجون لوقت لتمحيص الأمر وإعداد البرنامج المناسب، لكن من العيب كل العيب أن يسارعوا في اتخاذ مواقف غير مدروسة تصبُّ في الأخير في مصلحة أعداء المنهج الإسلامي.. ومما ينبغي الالتفات إليه أن المشاركة السياسية لن تعيق الحركة الدعوية، ولن يشارك فيها بالضرورة القيادات الدعوية التي لا ترى في نفسها كفاءة لخوض هذا الغمار، فالأمر سيحتاج في الغالب لقيادات شابة على دراية أكثر بحركة المجتمع وأفكار الشباب، مع الاستفادة من علم القيادات الكبيرة وحكمتها في التأصيل الشرعي..

 

لفترة كبيرة ظنت بعض الاتجاهات السلفية أن الكلام عن الواقع والسياسة من الأمور التي تضيع الوقت، بل وصل الأمر ببعضهم إلى التجاهل التام لقراءة الصحف ومتابعة الأخبار عبر الفضائيات، ولعل من إيجابيات الثورات العربية هي مراجعة هذه التيارات لموقفها ونزولها لأرض الواقع والتحدث عن مشكلاته.. قد لا تتفق جميع التيارات السلفية على المشاركة السياسية، ولكن الأهم ألا تدخل في حرب تحريم وتبديع تؤدي إلى بعثرة جهودها، وإضاعة فرصة ذهبية لترسيخ وجودها.

 

ولا يظننَّ أحد أن مناخ الحرية المتاح الآن سيظل إلى الأبد بدون مجهود وفاعلية ومشاركة للحفاظ عليه؛ فالنظام في الدول التي اندلعت فيها ثورات لا يزال غير مستقر، ولو لم يكن التيار السلفي والإسلامي بشكل عام جزءًا من المعادلة التي سيستقر من خلالها النظام فلن يستطيع أن يحمي نفسه بعد عدة سنوات، وسيتم الانقلاب عليه كما تم ذلك في مرات عديدة.

 

المصدر: موقع المسلم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..