دعوه للجنه 457 قام بنشر July 15, 2011 خفف الحمل قبل رمضان محمد السيد عبد الرازق شهر يفصلك أيها الشاب عن أعظم شهور السنة، ألا وهو شهر رمضان، وكلنا يدخل هذا الشهر ومعه أحمال وأثقال من الذنوب كثيرة، وكلنا ينتظر هذا الشهر من أجل أن يظفر بمغفرة الله تبارك وتعالى، ولكن ما يغفل عنه الشباب، هو أنه يجب أن يخفف من حمل ذنوبه قبل رمضان، حتى يستطيع أن يظفر بهذا الشهر المبارك. التوبة النصوح: إن أول الطريق يا طالب الفوز برمضان هو التشبث بطوق النجاة، عن طريق الالتجاء بالله تعالى والاعتصام بجنابه، وذلك عبر توبة نصوح تجب ما مضـى، وتغسل القلب من أدرانه. توبة تسير فيها على نهج الأسلمي، وما أدراك من الأسلمي، ذاك عبد لله يخطئ ككل البشـر، لكنه تاب توبة ليست كتوبة كثير من البشـر، فهل رأيته وقد صهرت حرارة القلب فؤاده؟ وهل أبصرته وهو يجود بنفسه لله، ابتغاء العفو منه؟ يحدثك عن ذلك سليمان بن بريدة عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال: (ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه)، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه)، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. حتى إذا كانت الرابعة؛ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيم أُطهِّرك؟)، فقال: من الزنا، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبه جنون؟)، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: (أشرب خمرًا؟)، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أزنيت؟)، فقال: نعم، فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين، قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجارة. قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس، فسلم ثم جلس فقال: (استغفروا لماعز بن مالك)، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم) [رواه مسلم]. تلك التوبة التي نريدها منك، تلك التوبة التي نأمل أن تحقق أركانها، لتكون بداية الانطلاق نحو بناء علاقة جديدة وقوية ومتينة مع الله تعينك على الفوز بشهر رمضان الكريم. توبة ترتفع بها عن أرجاس الشهوات وحضيض المعاصي والمنكرات، توبة ترقى بها نفسك وتسمو بها روحك لتحلق في آفاق العبودية كطائر حر طليق ينظر إلى أهل الأرض في إشفاق ووجل. إنها توبة تستشعر فيها ندمك على معصية خالقك وفرارك منه، كالعبد الآبق الذي يفر من سيده، وتقلع فيها عن تلكم الذنوب الخبيثة التي ما فتئت تنخر في حيائك وإيمانك، ثم تعقد العزم على عدم العودة إليها مرة أخرى. وشروط اكتمالها ثلاثة: 1- ندم على ما فات من تفريط في حق ربك، يقطع القلب، ويُدمِع العين. 2- إقلاع في الحاضر عن كل الذنوب والآثام. 3- عزم أكيد لا يفله الحديد، على عدم العودة للخوض في مستنقع المعصية الآسن. الطريق المختصر: وذاك هو مختصـر الطريق إلى الله الذي يصفه لك ابن القيم فيقول: (هلم إلى الدخول إلى الله تعالى، ومجاورته في دار السلام، بلا نصب ولا تعب ولا عناء، بل من أقرب الطرق وأسهلها، وذلك أنك في وقت بين وقتين، وهو في الحقيقة عمرك، وهو وقتك الحاضر؛ بين ما مضـى وما يستقبل. فالذي مضـى تصلحه بالتوبة والندم والاستغفار، وذلك شيء لا تعب عليك فيه ولا نصب، ولا معاناة عمل شاق، إنما هو عمل قلب، وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب، وامتناعك ترك وراحة، وليس هو عملًا بالجوارح يشق عليك معاناته، وإنما هو عزم ونية جازمة، تريح بدنك وقلبك وسرك. فما مضـى تصلحه التوبة، وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية، وليس للجوارح في هذين نصب ولا تعب، ولكن الشأن في عمرك، وهو وقتك الذي بين الوقتين، فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك، وإن حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكرتُ؛ نجوتَ وفزتَ بالراحة واللذة والنعيم. وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده؛ فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وأنفع لها، وأعظم تحصيلًا لسعادتها، وفي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت؛ فهي والله أيامك الخالية التي تجمع فيها الزاد لمعادك، إما إلى الجنة، وإما إلى النار، فإن اتخذت إليها سبيلًا إلى ربك؛ بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر، في هذه المدة اليسيرة، التي لا نسبة لها إلى الأبد. وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب؛ انقضت عنك بسـرعة، وأعقبتك الألم العظيم الدائم، الذي مقاساته ومعاناته أشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله، والصبر على طاعته، ومخالفة الهوى لأجله) [الفوائد، ابن القيم، ص(104-105)]. فهيا أخي الحبيب ارفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل واطلب منه المغفرة، ولسان حالك يردد: أنا العبد الفقير ظلمت نفســي وقد وافيـــت بابكــــم منيبــا أنا المقطوع فارحمني وصلني ويسر منك لـي فرجًــــا قريبا أنا المضطر أرجو منـــك عفوًا ومن يرجو رضاك فلن يخيبا برنامج عملي على طريق الأسلمي: وإليك الآن برنامجًا عمليًّا تقودك خطواته إلى التوبة النصوح بإذن الله تعالى: أولاً ـ إحصاء الذنوب كتابة من أول فترة البلوغ إلى الآن: وذلك تمهيدًا لأن تتوب منها؛ فإن النفس إذا وضعت أمامها ذنوبها، فإنها تذل وتنكسر، وتسارع إلى التوبة، وإليك مجالات الذنوب التي تستطيع أن تحصي من خلالها ذنوبك الماضية: (1) معاصي الجوارح: كمعاصي اللسان؛ من الغيبة والنميمة, والكذب والسخرية, والاستهزاء بالآخرين، ومعاصي العين؛ كالنظر إلى ما حرم الله، ومعاصي الأذنين، ومعاصي اليدين، ومعاصي القدمين، ومعاصي الفرج. (2) معاصي القلوب: كالتكبر على الآخرين، وحسدهم، والبغي والافتخار عليهم، والإعجاب بالنفس، والزهو والاختيال. (3) التقصير في القيام بالحقوق: كحق الوالدين، والزوجة، والأولاد، والأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله. (4) التقصير في الطاعات: كتأخير الصلاة عن وقتها. ثانيًا ـ محاولة إحصاء نعم الله عليك كتابة: حتى تدرك مدى تقصيرك في حق ربك، وتصل إلى مرحلة اليأس من عَدِّ نعم الله تعالى عليك، ثم قارن بعدها ما بين خيره النازل إليك، وشرك الصاعد إليه، فلا تملك ساعتها إلا أن تدمع عينك، ويرق قلبك، ولسان حالك يقول: (... أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) [رواه البخاري]، فإذا فاض الندم من قلبك، وسقط الدمع من عينك، فسارع إلى الخطوة الثالثة، وهي: ثالثًا ـ صلاة التوبة: وذلك بأن تقلع فورًا عن أي ذنب ارتكبته، ثم تنفذ وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم التي يبشرك فيها بقوله: (ما من عبد يذنب ذنبًا, فيتوضأ, فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله بذلك الذنب؛ إلا غفر الله له) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (5070)]. ثم لتعزم بعدها عزمًا أكيدًا على عدم العود للذنوب، وبذلك تعيش خير يوم طلعت عليك فيه الشمس منذ ولدتك أمك. رابعًا ـ اهجر في التو واللحظة رفاق السوء: اقطع كل علاقاتك معهم، فإنهم قُطَّاع في طريقك إلى ربك، فإذا وفقك الله للتخلص منهم؛ فإن في هذا بشارة عُظمى بأن الله تعالى قد تقبل منك توبتك. خامسًا ـ ليكن لك برنامج يومي من طاعة الله تعالى: تُعوِّض فيه ما فاتك من بُعدٍ عن طاعة الله وتفريط في حقه، ضَمِّنه قراءة ما تيسر من القرآن، والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وشيئًا من قيام الليل، وصيام النهار، وليكن ذلك بتدرج وواقعية. سادسًا ـ واظب على درس أسبوعي في بيت من بيوت الله: حتى توثق صلتك بربك وبالصالحين من عباده؛ فإنهم رفقاء لك في درب الإيمان، فالزم صحبتهم، ولا تَعد عيناك عنهم [مستفاد من هزة الإيمان، فريد مناع، ص(224-225)]. وقبل الفراق: أريد أن أذكرك أيها الشاب أن مثل المسلم قبل رمضان كمثل سيارة النقل، تلك السيارة لها حد من البضاعة التي يمكن أن تحملها، فإذا زادت الحمولة عن الحد، لم تستطع تلك السيارة أن تمشي في الطريق، وإذا سارت في طريقها، فسيحترق محرك السيارة، فكذلك قلبك، إذا زاد حمل الذنوب على قلبك، لم تستطع الاستفادة من رمضان حق الفائدة، فعليك أن تخفف الأحمال من على قلبك، بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل. المصادر: ـ الفوائد، ابن القيم. ـ هزة الإيمان، فريد مناع. شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر