اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
بسمة الاقصى

د.طارق عبد الحليم يكتب : ما لَك وللدِّينِ .. يا إبراهام عيسى!

Recommended Posts

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

 

عجيب أمرك يا إبراهام عيسى. ما لك تتحدّث في الدين، وتشْرح وتفسّر، وتأتي بأحاديث وآيات، تدلل بها على ما لا يعينك على شرح قضية ولا يثبت لك وجهة نظر؟ ثم إذا بك تعترض على من قال بكفرك ومعاندتك لله ورسوله؟

 

ذهبتَ، يا إبراهام، تتحدث في أمر الخلافة، وفي شروطها، وشرط القرشية، تريد أن توقع دعاة الخلافة في مأزق، فيما تتوهّم، وكأنك تقول إنّه إن لم نجد قرشياً، فإنه لا يجب أن ندعو لخلافة، وإلا كنا مناقضين للحديث، من حيث ندعو لإتباعه! وهو وهمٌ خلقه لك خيالٌ مريضٌ ونفسٌ عليلةٌ ودين جِدّ رقيق، إن وُجد. ثم، إنك إستأتَ لمن رموا أمثالك بالكفر، ولا أدرى ما وجه الإستياء والإستغراب في هذا الأمر.

 

والحقٌ أننى أجد غضاضة في نفسى، وشجىً في حلقي، من الردّ على هذه الأمور التي إدعيتَ، إذ لا يستحق الردّ إلا من كان اهلاً له، وأنت لست اهلاً للحديث في دينٍ، خاصة الإسلام، فأنت كمن وصف الله سبحانه "وَمَثَلُ ?لَّذِينَ كَفَرُوا? كَمَثَلِ ?لَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَآءً? وَنِدَآءً? ? صُمٌّ? بُكْمٌ عُمْىٌ? فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" البقرة 171. لكن الأمر هو أنّ هناك من يغترٌ بقولك، ويظن أن كلّ من زعق صَدَح، أو كلّ من سوّد كَتب!

 

وإنّا نقول، يا إبراهام، إنه إذا ثبت الحديث عن سيدى وسيدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا مجال لمناقضته ولا مدافعته، ولا ضَرب بعضه ببعض، ولا إستعماله حُجة لإسقاط أمرٍ ثابتٍ شَرعاً، بل يجب التوفيق بين الأدلة، إذ هذا هو طريق من له عقلٌ يا إبراهام، أن يفهم النصوص مجتمعة لا متفرقة، وأن لا يجعلها عضين، كما قال تعالى عمن يضرب القرآن بعضه ببعض. لكن:

 

لقد ناديتَ إذ أسْمعتَ حيّا ولكن لا حياة لِمن تنادى

 

فالحديث الشريف، يا إبراهام، لا يقول "لا خلافة إلا بقرشيّ"، أو ما هو ما في معنى ذلك، مما يُقصر الخلافة في قريش وحدها وإلا فلا خلافة، إنما يقول حديث سيدى وسيدك رَسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بصيغٍ مُتعددةٍ يصبّ كلها في معنى "الخلافة في قريش"، وهو، كما أجمع العلماء شرطٌ في الخِلافة، ولكنه ليس ركناً فيها. والفرق بين الركن والشرط أن الصحة في الركن تتوقف ذاتيا عليه وتتوقف عرضياً على الشرط، كما ذكر القرافي في الفروق ج3. وحتى أنعَشَ عقلك في محاولة تفهم ما تعنى هذه الألفاظ الغريبة عليك، فإن الشرط يقع من خارج العمل، كالوضوء للصلاة، والركن من داخله، كالتكبير في الصلاة. ولذلك يمكن أن يستبدل الشرط في حال العجز عن تحقيقه، بخلاف الركن، كما في التيمم بدلاً من الوضوء، ولا يمكن ذلك في الركن، كما في أركان الحج، كالإحرام وعرفة، وما هو من الواجبات التي هي من شروطه، كرمي الجمار والمبيت بمنى، ويجزئ عنها الدم، يتصَدّق به الفاعل. ومن هنا فإن الأفعال تقع صَحيحة حتى دون بعض شروطها، مثل شرط عدالة الإمام (المسلم)، لِصحّة الجهاد تحت لِوائه.

 

ومن هنا، يا إبراهام، فإن الخلافة تصحّ بدون شَرطِ القُرشيّة، وتكون دون درجة الكمال. ولذلك صَحّت خلافة العديد من الخلفاء ممن ليسوا من قريش. كما أنه ورد في الحديث الصحيح أنّ ولاية قريش تتوقف على حسن فعلهم، كما في الحديث الصحيح " أما بعد يا معشر قريش ! فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله ، فإذا عَصَيتموه بعثَ إليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب - لقضيب في يده" صحّحه الألباني، ما يفيد أنّ ذلك لفضلهم على الناس، فإن لم يَفْضُلوا الناس، نُزَعَت منهم.

 

أمَا وقد بيّنا لك ذلك، يا إبراهام، فإني أعجب لإستيائك ممن يطلق عليك وأمثالك من العِلمانيين، الكُفر! لم يأتي عليك أحدٌ بهذا الوصف يا إبراهام، بل أنت وأمثالك هم من جَرّه على نفسه. الإسلام، في طبعتِه الإصلية يا إبراهام، يعنى التسليم والطاعة لله سبحانه، في كُلّ أمره ونهيه، وعلى رأس ذلك الحُكم بشرع الله، تفصيلاً لا إجمالاً، ويعنى أن من لا يأخذ بهذا ويتلون فيه، ويرفضه، ويدعو لغيره، ويناهض من يدعو اليه، ويشكك في صحته، كان كافراً كفراً أكبر ناقلٍ عن الملة، وعليك بما دوّن عالميّ الأمة الشيخ أحمد شاكر وأخوه محمود شاكر في هذا الأمر، وما دوّن عبد القادر عوده عالم الإخوان الشهيد، وغيرهم من علماء الأمة على طول الزمان. هذه هي الطبعة المعتمدة من الإسلام، يا إبراهام، والتي يصح طبقا لها أن يوصف بالكفر من هم من دعاة الليبرالية والعلمانية. أما طبعتك وأمثالك، فأنت عنها مسؤول أمام الله.

 

أنصحُك يا إبراهام، أن تغتسِل وتتوضّأ، ثم تصلى لله ركعتين، في دارك، ما أظن أنك ركعتهما من قبل ، ثم تتوب إلى الله، وتعود إلى رشدك، فإنه لن ينفعك علمانيّ ولا ليبراليّ يوم يقوم الناس لرب العالمين، ولن تشفَع لك حمالاتك، ولن تذود عنك "القوى السياسية" التي تساندك. وأعلم أنك ستقول: من أدراك أني لا أفعل، صلاة وصياماً، وأن هذه أمور بينى وبين الله، ومثل هذا الهراء الذي لا يدعيه إلا كلّ غافلٍ شَارد، وهذه هي مشكلتك يا إبراهام، أنت وأمثالك، أنّ تقواكم وإسلامكم الذي تدّعونه، لا دليل عليه ولا ظاهر له، وفسوقك وخروجك عن دين الله واضحٌ بيّنٌ كالشمس في رائعة النهار. مصيبتكم يا إبراهام، أن أمركم بينكم وبين الله، وهو ما لا تعرف معناه، ومن ثم لا تخشاه.

تم تعديل بواسطه بسمة الاقصى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..