اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
بسمة الاقصى

دستور المدينة .. ودستورنا ,,,,,,,,د\محمد عمارة

Recommended Posts

عندما نتأمل – ونحن في القرن الهجري الخامس عشر – مبادئ دستور دولة النبوة – صحيفة دولة المدينة المنورة – الذي وضع سنة1 هـ سنة 622م – نجد الكثير من المبادئ الهادية للواقع الذي نعين فيه.. فالتطور لا يعني إلغاء كل الماضي، وإنما ستصحب الثوابت الصالحة، ويغير القديم الذي لم يعد صالحا للأفق الجديد.. فهذا الدستور لم ينسخ – جملة وبإطلاق – كل أعراف الجاهلية، بل أقرنها ما هو صالح لا يتعارض مع روح الشريعة، ولا يتصادم مع التطور الجديد.. فالقبائل التي دخلت في التنظيم الجديد، وغدت لبنات في " الرعية السياسية " للدولة الجديدة، ظلت تتعامل في الرايات وفق نظامها القديم..

 

وإذا كان هذا الدستور قد شكل " القانون الأعلى "الذي نظم " الواجبات " علي الرعية.. والذي ضمن مالها من " الحقوق " فإنه قد استثني " الظلم والإثم " وقرر أن لا حماية لظالم أو آثم حتى ولو كان من الرعية التي ارتضت الحكم بهذا الدستور.. فنص علي ( أنه لا يحول هذا الكتاب – الدستور – دون ظالم أو آثم ).. وإذا كانت " يثرب – المدينة – قد مثلت وطن الدولة التي حكمها هذا الدستور، فلقد قرر هذا الدستور أن هذا الوطن حرم آمن لرعية هذه الدولة.. وقرر في ذات الوقت، وفي نفس النص، أن لا حصانة لظالم أو آثم. حتى لو كان معتصمان " بيثرب "، عضوا برعية دولة هذا الدستور.. ( وأنه من خرج آمن بالمدينة، إلا من ظلم وآثم ).

 

وإذا كان تطور المجتمعات، وتعقد شئون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، قد فرض ويفرض التطور في الآفاق وفي الصياغات اللازمة للدساتير المعاصرة، فإن قراءة هذا الدستور الأول للدولة العربية الإسلامية الأولى من الضرورات النافعة للأمة، رغم تجاوز واقعنا للملابسات التي قننها ذلك الدستور..

 

لقد حدد لنا هذا الدستور – اقتداء بالقرآن الكريم – أن المرجع عند الاختلاف هو كتاب الله وسنة رسوله.. ففيهما " المبادئ " و" الفلسفات " و" الأطر " الحاكمة للواقع المعين والمتغير دائما وأبدا والمتطور باستمرار.. فتغير المواقع لا يلغى " فلسفة " التقنين والتشريع " ولذلك نص هذا الدستور علي المرجعية الإسلامية الثابتة للدولة المدنية، فجاء فيه: ( وأنكم مهما اختلفتم فيه من شئ، فإن مردة إلي الله وإلي محمد )..

 

فالدولة الإسلامية قائمة علي التنوع والتعدد في ديانات الرعية والأمة السياسية، ومن ثم فإنها ليست دولة دينية، بالمعني الكهنوتي الكنسي، الذي تستمد فيه الدولة سلطانها من السماء، دون الأمة، والتي تحكم فيها هذه السلطة الجماعة المؤمنة فقط.. وإنما هذه الدولة الإسلامية مدنية، الأمة فيها مصدر السلطات، شريطة أن لا تخرج هذه الأمة عن فلسفة الإسلام في التشريع – والتي هي كليات عامة، وقواعد جامعة.. أي أن السيادة في هذه الدولة هي للشرعية، والسلطة – فيها للأمة – ولا عصمة فيها للسلطان.. لأن الأمة – المستخلفة في إقامة الشريعة – هي التي تختار الحاكم.. وتراقبه.. وتحاسبه.. وتعزلة عند الاقتضاء.. بينما الدولة الدينية مستخلفة عن السماء، ولا مكان فيها للأمة وسلطانها علي الإطلاق..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..