اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
دعوه للجنه

وكذلك نجزي المحسنين

Recommended Posts

وكذلك نجزي المحسنين

 

 

 

بقلم: د. محمد منصور

 

 

يقول تعالى: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)) (يوسف)، جاء في تفسير المنتخب: "ولمَّا بلغ يوسف أقصى قوته، أعطيناه حكمًا صائبًا وعلمًا نافعًا، وبمثل هذا الجزاء الذي أعطيناه إياه على إحسانه، نجزي المحسنين على إحسانهم".

وقال الإمام ابن عادل في تفسيره "اللباب": ".... نجزي المحسنين: قال ابن عباس رضي الله عنهما: المؤمنين..."، وقال الإمام الماوردي في "النكت والعيون" عن معنى "أشده": "... بلوغ الحُلم.. ثماني عشرة سنة.. عشرون سنة.. خمس وعشرون سنة.. ثلاثون سنة.. ثلاث وثلاثون سنة... هذا أول الأشدّ، وفي آخر الأشدّ قولان: أربعون سنة.. ستون سنة...".

فذلك هو جزاء المُحسنين دائمًا!

والمُحْسِن هو الذي يُحسن كل أقواله وأفعاله فيأتي بها على أكمل وأتقن وجه ٍممكن ما استطاع حسبما أوصَت أخلاق الإسلام وليس المطلوب هو الحُسْن فقط! بل تمام الحُسْن، أي الأحسن، ودائمًا! كما يُفهَم من قوله تعالي: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم) (الزمر: من الآية 55)، والذي قال فيه الإمام ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير": "... كامل الحُسْن، وليس تفضيل بعضه على بعض لأنَّ جميع ما في القرآن حَسَن...".

وهو ما يؤكده حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند تعريفه للإحسان بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (جزء من حديث رواه مسلم وغيره) والذي شرحه الإمام القاري في "مرقاة المفاتيح" قائلاً: "... لا يخفيَ أنَّ مَن يرَىَ مَن يعمل له العمل، يعمل له أحسن ما يمكن عمله، ولو كان العامِل يعلم أنَّ المعمول له ينظر إليه مِن حيث لا يراه يجتهد في العمل أيضا....".

فمَن أحسَنَ، فلا بُدَّ حتمًا سيجني حُسْنًا! سيحصد مؤكدًا حكمًا وعلمًا! فالأمر ما هو إلا من باب الأسباب والنتائج، هكذا بكل بساطة وعمق! كأيّ معادلة رياضية بسيطة واضحة!! كما يُفهَم من قوله تعالى: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) (الإسراء: من الآية 7).

وهو تعالى قد وَعَد، وإذا وَعَدَ فوعده الحق الأكيد، في التوقيت المناسب المُسْعِد للنفس وللغير والذي لا يعلمه إلا هو سبحانه، كما يؤكد: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)) (الرحمن: 60)، والذي قال فيه الإمام الرازي في تفسيره: "... هل جزاء مَن أثبت الحُسْن في عمله في الدنيا إلا أن يثبت الله الحُسْن فيه وفي أحواله في الداريْن..".

فلكل مُحْسنٍ بالتأكيد حُكمًا وعلمًا، حُكمًا صائبًا في كل شئونه صغيرها وكبيرها، وعلمًا نافعًا فيها كلها، فيحيا كل لحظات حياته في خير وصواب، في سعادة.. ثم في أتمّ وأخلد هناء في الآخرة، حين يستحضر نوايا الخير في عقله أثناءها "إنما الأعمال بالنيات"، يقول تعالى مشجّعًا وواعِدًا: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) (النحل: من الآية 30)، قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "هذا خبر عن السعداء... أي مَن أحسَنَ عمله في الدنيا أحسنَ الله إليه في الدنيا والآخرة.."، وجاء في "أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري: "من هداية الآيات: ... 7- سعادة الداريْن لأهل الإحسان..".

ولكل محسن لا بُدّ حُبّا من ربه، كما يؤكد: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: من الآية 195)، وكفىَ به سعادة في الداريْن! فحبه تعالى له يعني تمهيدًا لكل خير، كما جاء في الحديث المعروف: "إن الله تعالى قال: مَن عادَيَ لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليَّ مِمَّا افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتي أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه" (رواه البخاري) وكذلك حديث: "إذا أحبَّ الله تعالى العبد، ناديَ جبريل: إن الله تعالى يحبّ فلانًا، فأحببه، فيحبّه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبّه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" (رواه البخاري ومسلم).

ولكل محسن مَعِيَّة الله وتوفيقه وعونه في دنياه ثم أعظم ثوابه في أخراه، لوعده بقوله: (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: من الآية 69)، قال الإمام حقيّ في تفسيره: "بمَعِيّة النصرة والإعانة والعِصمَة في الدنيا والثواب والمغفرة في العاقبة..".

وله رحمته، وكفى بها يسرًا وسعادةً في الدنيا والآخرة، كما يقول تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف: من الآية 56)، والذي قال فيه الإمام أبي السعود في تفسيره: "... في كل شيء..".

وكل محسن سيزيده ربه حُسنًا وهناءً فيحيا دائم الهناء، يقول تعالى: (وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (الشورى: من الآية 23)، قال الإمام القشيري في تفسيره: "تضعيف الثواب في الآخرة، ويُقال: الزيادة هي زيادة التوفيق في الدنيا...".

وكل محسن سيكون بالتأكيد أحسن وأكمل المؤمنين إيمانًا والمسلمين إسلامًا وأتمهم سعادة واطمئنانًا، لأنه تعالى يقول: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ) (النساء: من الآية 125)، جاء في "التفسير الميسّر": "لا أحد أحسن دينًا مِمّن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده، وهو محسن، واتبع دين إبراهيم وشرعه مائلاً عن العقائد الفاسدة والشرائع الباطلة..".

لأنه سيكون أتمّ المُستجيبين لأمره سبحانه، كما يقول: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل: 90)، وهو تعالى لا يأمر إلا بكل ما هو خير وسعادةٍ وما يؤدي إليهما (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) (النور: من الآية 54)، قال الإمام السعدي في تفسيره: "... فإن امتثلوا كان حظهم وسعادتهم...".

وسيَظهر عليه إحسانه وسيَسعَدَ بنيْله بذلك أعلى المكانات والدرجات الدنيوية والأخروية، كما يُفهَم ضمنًا من قوله تعالى: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف: من الآية 36)، والذي قال فيه الإمام الرازي في تفسيره: "... نراك تؤثر الإحسان وتأتي بمكارم الأخلاق وجميع الأفعال الحميدة، ومَن كان كذلك فإنه يُوثق بما يقوله، وفي سائر الأمور".

وسيَضمن عفو الله عنه، كما وَعَدَ بقوله: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: من الآية 91)، قال الإمام ابن عجيبة في تفسيره "البحر المديد": "... لا إلى معاتبتهم سبيل، والله غفور رحيم: بالمُسِيء فكيف بالمُحْسنين؟!".

وسيكون له أعظم الأجر في الدنيا والآخرة (إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة: من الآية 120)، (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)) (هود)، (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: من الآية 37).

فمَن أحسَنَ مع ذاته، مع عقله وجسده ومشاعره، فأشبَعَ متطلباتها الحلال النافعة المُسْعِدَة بتوازُن ٍوتوسّطٍ واعتدال، أمِنَ وسَعِدَ.

ومَن أحسنَ لوالديه وبَرَّهما، نالَ رضاءهما ودعاءهما، واطمأنَّ

ومَن أحسنَ لزوجته وأبنائه قولاً وعملاً، سكنَ ونَعِمَ وهنأ.

ومَن أحسنَ لجيرانه، تعاوَنوا وأمِنوا

ومَن أحسنَ عمله وعلمه وأتقنه، ربح وارتقَى

ومَن أحسنَ معاملاته الاجتماعية والمالية، كسبَ ونما.

ومن أحسنَ مع كل ذلك وقبله وبعده تواصُله مع خالقه، ازداد حُسْنًا وبركةً وانطلاقًا، وسعادة

كن أيها الداعي إلى الله والإسلام من المُحْسنين، ومِن دُعاة غيرك للإحسان، تحيا وتحيوا جميعًا سعداء مطمئنين في كل لحظات حياتكم وآخرتكم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..