ranasamaha 23 قام بنشر March 17, 2012 هل هو عالم "مركوزي" أم عالم "سميركل"؟ يبدو العالم اليوم في فوضى عارمة، وليس فوضى منظمة كما يدعون. أمريكا في حالة صراع مع الذات، إذ تبدو كالقطة العمياء التي ضلت الطريق فسقطت في الماء، وعندما ذهبت إلى المدفأة لتجفف نفسها، اقتربت من النار كثيرًا فاحترقت. أمريكا ليست فقط منقسمة على نفسها، بل هي تأكل نفسها من الداخل، ولا تكاد تخرج من أزمة حتى تسقط في كارثة. أوروبا العجوز تبدو وقد اقتربت كثيرًا من حافة القبر. فهناك سقوط أخلاقي واقتصادي فرض على اليونان، وانقلاب اقتصادي في إيطاليا، وتخفيض ائتماني لفرنسا، وارتعاش عنيف في أسبانيا التي لم يعد يعمل فيها شيء سوى كرة القدم، وتذبذب في ألمانيا، وهروب في بريطانيا، وهبوط حر لليورو وفشل لفكرة الوحدة الأوروبية التي لا يُعرف أعضاؤها حتى الآن هل عددهم 17 أم 27؟ وحال العالم العربي أسوأ بكثير، إذ بدأ الخريف قبل أن يكتمل الربيع، وتحولت ثورات الديموقراطية إلى بيروقراطية عسكرية وقبائلية، وصار الإنسان العربي الواعي الذي يفكر في مخرج من الأزمات المفتعلة والمشتعلة، تائهًا ومرتبكًا لا يعرف هل يكون مع أم ضد؛ هل يؤيد أم يعارض؛ هل يثور أم يخور؛ وهل يدعو للثورات أم يدعو عليها. في روسيا خرجت الثورات كما في أمريكا. في الأولى يطالبون بانتخابات حرة وتقليص دور الحكومة والحد من تدخلها وتغولها ضد القطاع الخاص، وفي الثانية يطالبون بحكومة نظيفة تطبق الوعود الانتخابية الكاذبة، مع المزيد من التدخل الحكومي للحد من تغول ونفوذ مافيا البنوك وممارسات لصوص القطاع الخاص. الروس والأمريكان يخرجون معًا ضد اقتصادهم وضد نظامهم. الأمريكان يريدون وظائف تساعدهم على العيش بكرامة، والروس يريدون كرامة تمكنهم من العيش دون وظائف. في آسيا وأفريقيا لا يبدو الحال أفضل كثيرًا. اليابان تشرق شمسها كل يوم وهي غافية، وعندما تصحو وتلعق جراح كوارثها، تتثاءب وتعود للنوم من جديد. وفي الصين ما زال التنين حائرًا بين الاقتصاد الحر، والحكم الشمولي المر. فبعد عشر سنوات من انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، تبدو الصين كالغراب الأصفر الذي يحاول تقليد الطاووس، فهي تنتج وتبيع، وتصدر كل شيء، ولا تستورد سوى المواد الخام التي تعيد تصنيعها لتعيد تصديرها، دون أن ترتقي بإنسانها، وكأنها تصر على أن تطعم العالم ليبقى أبناؤها يعملون، فلا يعيشون ولا هم يحزنون. وكذلك هي الهند، تصدر العمالة والبرامج والسيارات، وتصنع القنابل النووية، وتتغنى بالديموقراطية، لكنها ما تزال أكثر دول العالم تصديرًا للمهاجرين والفقراء، وأيضًا للأغنياء. فكل أغنيائها دون استثناء يعيشون خارجها، ومن يعود إليها، يفعل ذلك ليمارس مزيدًا من النفوذ والإفساد. الغريب أن الدول السابقة تدير برامج لغزو الفضاء واكتشاف العالم الخارجي، وكأنها اكتشفت عالمها وعرفت نفسها، وساهمت في إشاعة السلام. مع أنها لم تحقق العدل ولم تنشر الأخلاق في الأرض بعد! هذا العالم الذي فقد قلبه وعقله يعقد التحالفات، بحثًا عن مزيد من القوة والنفوذ والسيطرة، دون أن يدرك أن علته في روحه وأخلاقه. في شهر ديسمبر 2011 اجتمع الأوربيون فتفرقوا. خرجت بريطانيا عن الإجماع ونأت بنفسها عن قارتها، وتحالفت فرنسا مع ألمانيا لفرض نظام جديد يخول للبنك المركزي الأوروبي معاقبة الدول السارقة والمارقة فيما يشبه الحوكمة الاقتصادية التي من حقها تأديب أعضاء منطقة اليورو إذا ما كذبوا في دفاترهم المالية أو غالطوا في الحساب. ونظرًا لهذا الزواج الاقتصادي الإجباري، أطلق الإعلام على الحلف الجديد اسم "مركوزي" أي "ميركل وساركوزي". وعندما سألت خبيرًا إيرلنديًا لماذا لا يسمى: "سميركل"، أي وضع "ساركوزي" قبل "ميركل"، قال: "ليدز فيرست" يا سيدي، أي "النساء أولاً". فقلت: أظنها "ألمانيا فيرست" يا سيدي. ففرنسا على وشك الإفلاس، ولم يتحمل "سركوزي" قبلات "ميركل" الباردة إلا لأنه على وشك الإفلاس. فالمصالح الاقتصادية والمادية دائمًا أولاً يا سيدي! نسيم الصمادي شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر