اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
Eleslam Flower

بسم الله مجريها ومرساها

Recommended Posts

د/ عبدالحليم عبدالحميد البر

قال تعالي :

(وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) )– هود -

حين نقرأ هذه الآيات الكريمة وغيرها من الآيات التي تتحدث عن سفينة سيدنا نوح وما كان من أمرها , لا بد أن نقف معها عدة وقفات نستفيد منها في ظروفنا الحالية , وكيف لا وقد قال الله عنها في سورة القمر (وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15) ) ؟

من ذلك :

(1) اللجوء إلي الله بعد استنفاذ الجهد والطاقة :

- عاد نوح – عليه السلام – بعد ما كذبه قومه ورموه بالجنون علي ربه الذي أرسله وكلفه مهمة التبليغ , عاد لينهي إليه ما انتهي إليه أمره مع قومه , وما انتهي إليه جهده وعمله , وما انتهت إليه طاقته ووسعه , ويدع له الأمر بعد أن لم تعد لديه طاقة لم يبذلها , وبعد أن لم تكن له حيلة ولا حول , (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) ) – القمر –

يارب .... انتهت طاقتي , انتهي جهدي , انتهت قوتي , وغلبت علي أمري (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)

انتصر أنت يا ربي , انتصر لدعوتك , انتصر لحقك , انتصر لمنهجك , انتصر أنت فالأمر أمرك , والدعوة دعوتك , وقد انتهي أمري , ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(2) تنفيذ أمر الله مهما كان والثبات عليه :

- فأوحي إليه ربه أن يصنع فلكا ( وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37)) - هود – فاستجاب وبدأ علي الفور في تنفيذ ما أمر به , في مكان لم يألف هذه الصناعة من قبل , وليس في حاجة إليها .

 

 

وكان يصنع الفلك والجماعات من قومه المتكبرون يمرون به فيسخرون منه , يسخرون من الرجل الذي كان يقول لهم : إنه رسول يدعوهم , ويجادلهم فيطيل جدالهم , فإذا هو ينقلب نجارا يصنع مركبا ,

 

 

إنهم يسخرون لأنهم لا يرون إلا ظاهر الأمر , ولا يعلمون ما وراءه من وحي , فأما نوح فهو واثق عارف , وهو يخبرهم في اعتزاز وطمأنينة واستعلاء أنه يبادرهم سخرية بسخرية (قَالَ إن تـَسْخَرُوا مِنَّا فَإنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)) – هود – ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(3) ساعة الحسم يحددها الله ويتولي أمرها ( بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) :

( حَتَّى إذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلاَّ قَلِيلٌ (40) )

- ولما جاءت ساعة الحسم جمع قومه ( من آمن منهم ) ومن كل زوجين اثنين ,

( وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) ) – هود –

وهذا تعبير عن تسليمها للمشيئة في جريانها ورسوها , فهي في رعاية الله وحماه ,

وهو اليقين الذي عبر عنه سيدنا نوح – عليه السلام – (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) , وخاصة الاهتمام والعناية بكل المخلوقات والبشر الذين علي ظهرها , فمع سيدنا نوح – عليه السلام – كل الحق , فلم تعد هناك يابسة يمكن أن ترسو عليها السفينة , فكيف يتصرفون ؟، إن الذي أجراها هو الذي سيرسيها ( خواطر تربوية من القرآن الكريم للدكتور محمد بديع )

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(4) إن سنن الله لا تجامل أحدا :

- ولك أن نتصور هذا المشهد وهي تجري بهم في موج كالجبال , ونوح الوالد الملهوف يبعث بالنداء تلو النداء , وابنه الفتي المغرور يأبي الإجابة ,

(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ (43) ) – هود –

يبصر نوح – عليه السلام – أحد أبنائه في معزل عنهم وليس معهم , وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة , ويروح يهتف بالولد الشارد (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42) )

لكن البنوة العاقة لا تحفل بالأبوة الملهوفة , والفتوة المغرورة لا تقدر مدي الهول الشامل (قَالَ سَآوِي إلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ) , ثم ها هي ذي الأبوة المدركة لحقيقة الهول وحقيقة الأمر ترسل النداء الأخير (لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إلاَّ مَن رَّحِمَ ) , فلا جبال ولا مخابئ ولا حام ولا واق , إلا من رحم الله , وإذا بالموجة الغامرة تحسم الموقف في سرعة خاطفة راجفة وينتهي كل شيئ , وكأن لم يكن دعاء ولا جواب , دون مجاملة لهذا النبي العظيم الذي قضي قرونا عديدة يدعو الناس إلي الله , ثم قيل له بعد ذلك إنه ليس من أهلك .

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(5) بعدا للقوم الظالمين :

- (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) ) – هود – تهدأ العاصفة ويخيم السكون , ويقضي الأمر ويتمشي الاستقرار , حيث رست السفينة رسو استقرار علي جبل الجودي ( وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ,

بعدا لهم من الحياة فقد ذهبوا , وبعدا لهم من رحمة الله فقد لعنوا , وبعدا لهم من الذاكرة فقد انتهوا , وما عادوا يستحقون ذكرا ولا ذكري , والدنيا كلها تشيعهم بقول القائل :

 

 

إلي النار فليذهب ومن كان مثله علي أي شيئ فاتنا منه نأسف

 

 

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(6) وقفة مهمة :

- (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًًا فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) ) – القمر –

تبدأ هذه الآيات بإسناد الفعل إلي الله مباشرة (فَفَتَحْنَا ) , (وَفَجَّرْنَا ) , (وَحَمَلْنَاهُ ) , (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) , وقبل ذلك قال له (وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ) ,

فتحس من ذلك كله أن قوة الله ويده هي التي تسير الأمر كله , وهو الذي فجر عيون الأرض , وفتح أبواب السماء بالماء المنهمر الغزير بالقوة ذاتها وبالحركة نفسها , حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا , ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

وإنك لتلحظ من ذلك أيضا أن :

- الذي قال (وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ) , هو الذي قال (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) ,

- وإن الذي قال (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ) , هو الذي أمر (وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ) ,

- وإن الذي قال (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًاً ) , هو الذي أمر (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ )

وهنا وقفة لطيفة :

- تتجلي فيها عظمة رحمة الله , فلو أن الأرض ابتلعت الماء فجأة لتحطمت السفينة وهلك كل من وما عليها , ولكن الرحمة واللطف تتجليان في اللفظة القرآنية (وَغِيضَ المَاءُ ) , تناقص بشكل يؤدي إلي رسو السفينة ونجاة كل من وما عليها ,

( وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) , (أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)) – المرسلات -( خواطر تربوية من القرآن الكريم للدكتور محمد بديع )

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(وهذه الطريقة في الرسو لنعلم أن الاستقرار يحتاج وقتا , ليتم علي وضع طيب يسعد به الجميع , فإن نقصان الماء تدريجيا يأخذ معه كل ما علق به من شوائب من شأنها أن تجعل الاستقرار غير آمن لترسو علي أرض طيبة , ولذا قيل في الختام :

( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) ) – هود –

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(7) - إلي جميع القوي الموجودة علي الساحة الآن :

- ( وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15) ) – القمر - هذا الواقعة بملابساتها وأحداثها التي ذكرت في القرآن الكريم تركناها آية للأجيال الذين يخافون العذاب الأليم ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر؟

- ولقد جاءت الثورة بقدر الله على موعد مع رغبة هذا الشعب في الحرية .. وعجل الله بالطاغية فاغتاله بقدره , وأسقطه من فوق عرشه , في رسالة واضحة إلي جميع القوي التي تعمل لإفشال هذه الثورة سواء عن قصد أو عن غير قصد (قوي كثيرة تعمل علي الساحة ) ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

وهذه المحاولات الحثيثة التي لا تنقطع , والتي أبطلها الله جميعا , وسيبطل غيرها إن شاء الله , فإن الله لا يصلح عمل المفسدين ,إلي هؤلاء جميعا :

يقول تعالي :

( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27))-آل عمران -

- فالكون كله ملك لله تعالي , لا يشاركه فيه غيره , ولا يستعين بأحد في إدارة هذا الكون , وإذا أراد فيه أمرا كان ما أراد , وأي قدرة غير قدرة الله فهي عاجزة ضعيفة أمام قدرة الله , ولا يقع في ملكه إلا ما قدره ,

- وأنه ما شاء كان , وما لم يشأ لم يكن , لا مانع لما أعطي , ولا معطي لما منع , وأنه يخلق ما يشاء , وأنه علي كل شيء قدير , وما يشاء من أمر يكون ,

- ولا يصح أن يقترح عليه أحد , أو يعدل عليه , فإن كل ما يفعله حق وصدق وحكمة وصواب , ولا يصح الاعتراض عليه , أو الاقتراح عليه , ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

- فوفروا جهودكم وأموالكم لتنفقوها في مجالها الصحيح في خدمة هذا الوطن العزيز الغالي علينا جميعا , يكن جزاؤكم العزة والنصر في الدنيا , والخير والرضوان في الآخرة , وإلا فالجزاء حاضر والسنة ماضية (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) الأنفال 36–

( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) يتذكر ويعتبر ؟

(8) وإلي المخلصين الغيورين من أبناء هذا الشعب العظيم :

- الذين وضعوا هذا الوطن الغالي ومصلحته العليا أولا , فهم يحافظون علي كيانه , ويقاومون كل قوة تحاول النيل منه وإسقاطه وتركيعه.

 

 

- هذه القوي المخلصة ليس عليها إلا أن :

 

 

- يؤدوا واجبهم كاملا , بكل ما في طاقتهم من جهد , ثم يدعوا الأمور في طمأنينة وثقة إلي الله مولاهم فإنه نعم المولي ونعم النصير .

- وعندما يغلبون عليهم أن يلجئوا إلي الناصر المعين , وأن يجأروا إليه كما جأر عبده الصالح نوح – عليه السلام - (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) , ثم ينتظروا فرج الله القريب .

- وأنها متى اجتازت هذه الفترة فإن الله سيصنع لها , وسيصنع بها في الأرض لهذا البلد الطيب ولهذا الشعب العظيم ( أرض الكنانة وخير أجناد الأرض ) ما يشاء من الخير والنصر والعزة والسيادة .

- وعليها أن تمد يدها إلي غيرها من هذه القوي السابقة خاصة القوي الشبابية كما فعل سيدنا نوح - عليه السلام - مع ولده ((يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا ) , ينادون عليهم نداء الأبوة الملهوفة , المدركة لحقيقة الهول وحقيقة الأمر, وما يدبر للأمة , وما يراد بها , مع يقينها أن سنن الله لا تجامل أحدا أيا كان .

ويذكروا دائما هذا الحديث الشريف :

- فقد روى الإمام أحمد عن عطاء الخراساني أنه قال: لقيت وهب بن منبه وهو يطوف بالبيت فقلت له: "حدثني حديثاً أحفظه عنك في مقامي هذا وأوجز" .قال نعم: "أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود: "أما وعزتي و عظمتي لا يعتصم بي عبد من عبادي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السموات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له من بينهن مخرجا .. أما وعزتي و عظمتي لا يعتصم عبد من عبادي بمخلوق دوني ــ أعرف ذلك من نيته ــ إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه و أسخت الأرض من تحت قدميه ثم لا أبالى بأي واد هلك" .

وقول الإمام البنا - رحمه الله – وهو يخاطب المتحمسين المتعجلين أن يتريثوا ويمدوا أيديهم إلي أهل الحكمة فيجمعوا بذلك بين الحكمة والحماسة فيكون صرح عملهم مشيدا , وأثره خالدا :

- ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول ، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف ،

- وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة . ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ،

- ولا تصادموا نواميس الكون فأنها غلابة ، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها علي بعض ، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد.

وقوله :

- إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه ، وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين .

- ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد ،المؤتمر الخامس

وما قاله الدكتور يوسف القرضاوي وهو يبعث الأمل في نفوس إخوانه بعد أكثر من عشرين شهرا قضوها في سجون الظالمين المستبدين , الذين ظنوا أن باستطاعتهم إيقاف عجلة الكون , وتعطيل سنة الله في خلقه , وأن الكون أصبح ملك أيديهم وطوع أيمانهم , فجرت عليهم سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير , فيقول :

صبراً أخي في محنتي وعقيدتي لا بد بعد الصبر من تمكين

ولنا بيوسف أسوة فيصبره وقد ارتمى في السجن بضع سنين

هون عليك الأمر لاتعبأ به إن الصعاب تهون بالتهوين

أمسٌ مضى و اليوميسهل بالرضا وغدٌ ببطن الغيب شبه جنين

لا تيأسن من الزمان وأهله وتقل مقالة قانط و حزين

شاة أسمنها لذئب غادريا ضيعة الإعداد و التسمين

فعليك بذر الحَب لاقطف الجن والله للساعين خير معين

 

 

سنعود للدنيا نطبجراحها سنعود للتكبير والتأذين

ستسير فلك الحق تحملجنده وستنتهي للشاطئ المأمون

بالله مجراها ومرساها فهل تخشى الردى والله خير ضمين؟

وختاما :يقول الإمام البنا – رحمه الله - :

" أيها المسلمون :

- يا من ترددون في أذانكم وأعيادكم : الله أكبر الله أكبر

- لا تهنوا ولا تحزنوا , ولا تيأسوا ولا تقنطوا , ولا تستكينوا ,

- فإن الأرض لله ليست لأمريكا ولا لروسيا ولا لانجلترا ولا لفرنسا , (ولا لمن لف لفهم ودار في فلكهم من هذه القوي)

- يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين , لا للغادرين ولا للمعتدين ولا للباغين بغير الحق ,لا لأي من هؤلاء ,

- فاطمئنوا إلي وعد الله الذي لا يخلفه , واعبدوه ولا تشركوا به شيئا ,

- واستقيموا إليه , واجمعوا كلمتكم , وتبينوا منهاجكم ,

- ثم لا يهولنكم بعد ذلك أن تتألب قوي الطغيان عليكم , أو تتجمع قوتهم ضدكم , "

فإن الله الذي أجراها هو الذي سيرسيها

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) ) – يوسف-

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

05_05_12_01_54_040511090414zkofita3ur7beuhgq4g.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

هون عليك الأمر لاتعبأ به إن الصعاب تهون بالتهوين

أمسٌ مضى و اليوم يسهل بالرضا وغدٌ ببطن الغيب شبه جنين

.

.

 

.

 

جزاكم الله خيرا اختي الفاضله علي هذا الكلام الجميل

 

جعله الله في ميزان حسناتك

 

اللهم امين

تم تعديل بواسطه ابن تيميــــة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..