مخلص للإسلام 18 قام بنشر July 14, 2012 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد إن مشوار الإصلاح والتغيير يبدأ بالنفس لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد : 11) والحق أنها هي الأصعب، والصيام يعين الفرد على تجاوز هذا الضعف أمام هوى النفس التي قال عنها ربنا سبحانه {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} (يوسف: 53) أو التي قال عنها سفيان الثوري (ما عالجت أمراً أشد علىَّ من نفسى) ، وقال عنها الحسن البصري (ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام من نفسك). إن الصيام يعطي كل فردٍ ثقة رهيبة في نفسه أنه بعون الله تعالى قادر على ضبط زمام الهوى ، وكبح جماح النفس ليس في الامتناع عن المحرمات من أكل الحرام أو الزنا أو الظلم والطغيان أو .......، بل الامتناع عن الحلال بكلمة الله أكبر عند الفجر ، ثم يباح بكلمة الله أكبر عند الغروب ، والنفس الزكية التي تقدر أن توقف بعض الحلال بأمر الرحمن وبالتالي فهي أبعد عن الحرام والشبهات . إن كبسولة الصيام تعالج في الفرد الروح والخلق والعقل والجسد فى آن واحد على النحو التالي :- أ- كبسولة الصيام وعلاج قسوة القلوب وجفاف الروح : إن الصيام سر بين العبد وربه ، فهو يعلم العبد أن يكون باطنه خيرا من ظاهره ، وقراءة القرآن والقيام ، ومضاعفة الحسنات ، والأذكار والدعاء والقنوت في أجواء مهيأة من تقييد مردة الشياطين ، ونزول الرحمات ، ووجود المسلم بين إخوانه الذين تنبع منهم كل أفعال الخير ، هذا كله يجعل الروح تأخذ قسطها الوافي من العلاج الشافي من أمراض قسوة القلوب ، وجفاف الروح، وجمود العين عن البكاء ، ليتحول المسلمون إلى أشباه الملائكة في نورانية القلب بحب الله، وخشيته في السر والعلن، والتلذذ بذكره في الليل والنهار والأسحار. ب- كبسولة الصيام وعلاج دنايا الأخلاق : إن الصيام يضع لجاما اختياريا على الشهوات الأربع (البطن والفرج والغضب والكلام) في وقت واحد، فالصيام من الفجر إلى المغرب يخرج بالإنسان عن عادات الإسراف في الحلال إلى الاعتدال ، ومن الولوغ فى الحرام مثل التدخين والإدمان إلى التوقف عن الحرام كما يكسر من غلو شهوة الجنس التي تهتك الأعراض، وتدمر الأخلاق ، وتفشى الرذائل والأمراض ، ليكون الصيام وجاء لهذه الشهوات الجامحة ، ويرفع الإنسان من خسة الحرام إلى عفة الحلال ، كما تنقل الإنسان من ثورة الغضب على النقير والقطمير ليكون بالصيام الحليم الصبور ، والهادئ الوقور ، فإن استفزه أحدٌ قال إني صائم مرتين ، ليوفر غضبه لله تعالى ، والغيرة على محارمه ومقدساته، وليس انتقاما للنفس وانتصاراً لشهواته ، كما يضبط الصيام اللسان فيشغله بالذكر والقرآن عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان، فيعرف المسلم بين الناس بطيب الكلام ، ويكون أهلا للجنة ولرضا الرحمن لما رواه مسلم بسنده عن عبادة بن الصامت أن النبي r " قال : ( اضمنوا لى ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة ، أوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم ، وأصدقوا إذا حدثتم ، وغضوا أبصاركم ، واحفظوا فروجكم ، وكفوا أيدكم ) . جـ- كبسولة الصيام وعلاج جمود العقل : حقا ( إن البطنة تذهب الفطنة ) كما أخبرنا الحبيب محمد r ، فكثرة الطعام تستوجب ذهاب أكثر الدم من الدماغ إلى البطن لتهضم الفضل من الطعام الزائد ، وهنا يسترخى العقل أو ينام ، فيحرم الإنسان من حب العلم والتعلم ، والفكر والاختراع والإبداع ، وما الحضارات الفذة إلا أفكار من عقل راشدٍ، يعمل ولا يكسل ، هكذا العقل هو مناط التكليف كما أن القلب مناط التكريم ولذا روى عن الإمام جعفر الصادق رحمه الله (إن أول ما خلق الله العقل قال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال : فبعزتي وجلالي بك أعاقب وبك أثيب) وهذا يتوافق مع الآتي: أكثر من 865 آية في القرآن الكريم تحث على التعلم ، أكثر من 247 آية تحث على النظر والتدبر والتفكر ، وأكثر من 50 آية تحث على السؤال والتفقه . إن مدرسة الصيام هي أعظم فسحة للعقل أن ينطلق مع فراغ البطن وخفة الجسد إلى عالم الإبداع ليفكر بعمق في الكتاب المسطور والكون المنظور ثم يقدم من خلال هذه المنظومة الربانية حلاً سديداً ، ورأياً فريدا ، ونوراً جديدا . د- كبسولة الصيام وعلاج أمراض الجسد: إن شهوة الطعام بغير لجام الصيام يجعل الفرد يصاب بأخطر الأمراض ومنها الجلطة وضغط الدم والسكري والسرطان وقرحة المعدة والأمعاء والتهاب القولون والمرارة والمفاصل والنقرس والغازات الكريهة وغيرها كما أن عادات التدخين والشيشة التي ابتلى بها الملايين تحرم هؤلاء من طيب الفم ، وصحة الجسم فهي أكبر مسببات السرطان والالتهاب الرئوي والضعف الجنسي كما تؤثر سلباً على الإنتاج والاقتصاد ، وشهوة الجنس بغير لجام الصيام تصيب الجسد بالإيدز والسيلان والتقيح في الفروج والأبدان ، وشهوة الغضب تؤدي إلى التوتر العصبي ، والاعتداء على الغير فتجرح بعض الجسد أو تنتهي بالقتل العمد أو العدوان لكن كبسولة الصيام وقاية وحماية ، وعلاج وشفاء من كل هذه الأمراض التي تحول الإنسان إلى العفيف الشريف ، القوي الفتي. ولعل صيام رمضان فرصة لاستعادة الثقة فى أننا نحمل فطرة نقية وعزيمة قوية على ترك عادات الأكل الكثير أو التدخين ، فمن صبر اثنتى عشرة ساعة يمكنه بلاشك الصبر بقية الليل إن استحضر في هذا الشهر الكريم ثقته في نفسه ، ودعا ربه أن يعينه على نفسه قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت : 69). منقول مع بعض التعديلات وذلك للفائدة. وإلى اللقاء في المرة القادمة مع " الصيام مدرسة التغيير لإصلاح الأسرة " والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر