-
محتوى مشابه
-
بواسطه عاشق الصداقه
اليوم العالمي للمياه 2013 : التعاون في مجال المياه
بقلم : أ.د. وائل معلا
منذ عام 1993، تحتفل منظمة الأمم المتحدة في 22 آذار من كل عام «باليوم العالمي للمياه»، للتوعية بأهمية المياه والمحافظة عليها والسعي إلى إيجاد مصادر جديدة لمياه الشرب. وفي عام 2005 صادف هذا اليوم بداية «العقد الدولي للمياه» الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2003 تحت شعار «الماء من أجل الحياة» والذي يستمر حتى العام 2015. ويهدف العقد إلى تعزيز الجهود الرامية إلى الوفاء بالالتزامات الدولية المعلنة بشأن المياه والقضايا المتصلة بالمياه بحلول عام 2015.
وتشمل التزامات العقد خفض نسبة الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة للشرب إلى النصف بحلول عام 2015 ووقف الاستغلال غير المستدام للموارد المائية إلى جانب وضع خطط متكاملة لإدارة الموارد المائية وتحقيق الكفاءة في استخدام المياه بحلول عام 2005 وخفض نسبة السكان الذين لا تتوافر لهم المرافق الصحية الأساسية إلى النصف بحلول عام 2015.
في عام 2006 اختيرت «المياه والثقافة» عنواناً لليوم العالمي للمياه بإشراف منظمة اليونسكو، للفت لانتباه إلى حقيقة أن هناك طرقاً عديدة للنظر إلى المياه واستخدامها والاحتفال بها تبعاً لتنوع تقاليد الشعوب وثقافاتها في جميع أنحاء العالم. فالمياه مقدسة في العديد من الأديان، وتستخدم في مختلف الطقوس والاحتفالات. وقد برزت المياه لقرون عديدة في الأعمال الفنية وفي الموسيقا والكتب والأعمال السينمائية، كما كانت عنصراً أساسيا في العديد من الجهود العلمية.
في عام 2007، كانت «مواجهة ندرة المياه» الموضوع الرئيسي ليوم المياه العالمي بهدف إبراز الخطورة المتزايدة لندرة المياه في جميع أنحاء العالم وآثارها. ثم أطلقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على عام 2008 «السنة الدولية للصرف الصحي» لتسليط الضوء على العدد الكبير من سكان العالم الذين لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي الأساسية. أما في عام 2009، فقد ركزّ شعار اليوم العالمي للمياه على «المياه العابرة للحدود: المشاركة بالمياه، المشاركة بالفرص»، فهناك في العالم 263 بحيرة وحوض نهر عابر للحدود تمتد على مناطق في 145 بلداً وتغطي نصف مساحة اليابسة على الأرض، الأمر الذي ينبغي أن يحفّز على التعاون في الإدارة المشتركة لهذه المياه الدولية بدلاً من أن تكون سببا للتنازع عليها.
وفي عام 2010، كان شعار يوم المياه العالمي «مياه نظيفة لعالم سليم صحيا» للتأكيد على أن المياه النظيفة هي الحياة، وأن بقاءنا جميعاً يعتمد على الطريقة التي نحمي بها جودة مياهنا. فقد أصبحت نوعية المصادر المائية أكثر عرضةً للتلوث من النشاطات البشرية، وهناك 2.5 مليار شخص في العالم محرومون اليوم من خدمات الصرف الصحي الأساسية. وفي كل يوم يطرح عبر العالم مليونا طن من مياه الصرف الصحي والمخلفات السائلة الأخرى ضمن المياه.
وفي العام الماضي (2011)، أصبح شعار يوم المياه العالمي «المياه للمدن... الاستجابة للتحدي الحضري»، بقصد تركيز الاهتمام الدولي على الآثار المترتبة على أنظمة المياه في المدن والناتجة عن النمو السكاني السريع، والتحول السريع نحو التصنيع، والتغيرات المناخية، والنزاعات والكوارث الطبيعية.
فاليوم يعيش شخص واحد من بين كل شخصين من سكان العالم في المدن. ومدن العالم تنمو بمعدل استثنائي بسبب الزيادة الطبيعية في عدد السكان من جهة، والهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية وتحويل المناطق الريفية إلى مناطق حضرية من جهة أخرى. وفي العديد من مدن العالم، لم تواكب الاستثمارات في البنى التحتية معدل التمدين، وتضاءلت الاستثمارات كثيراً في خدمات المياه والصرف الصحي بشكل خاص. فحجم التغطية بالشبكات الأنبوبية آخذ في التضاؤل في العديد من الأماكن، والفقراء يحصلون على خدمات أسوأ، ويدفعون بالمقابل أسعاراً أعلى للمياه.
وفي العام 2012 أصبح شعار يوم المياه العالمي: « المياه من أجل الأمن الغذائي» انطلاقا من أن العلاقة بين المياه والأمن الغذائي مفتاح أساسي للتنمية. فالأمن الغذائي يتحقق عندما يتمكن البشر كافة وفي جميع الأوقات من الحصول على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية وبأسعار مناسبة. ويجب أن تدعم مشاريع إدارة المياه خلال الفترة المقبلة ولغاية عام 2050 النظم الزراعية التي ستتولى مهمة توفير الغذاء وسبل المعيشة لـ2.7 مليار نسمة إضافية.
وفي العام الحالي 2013 أختير شعار اليوم العالمي للمياه: "التعاون في مجال المياه" وذلك تماشيا مع اختيار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010، عام 2013 "السنة الدولية للتعاون في مجال المياه" بناءً على اقتراح طاجكستان ودول أخرى. ذلك أن تلبية احتياجات الناس الأساسية، ومتطلبات البيئة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر كلها تعتمد اعتماداً كبيراً على المياه. والإدارة الجيدة للمياه تفرض تحديات خاصة نظراً لخصائصها الفريدة: فالمياه تتوزع بشكل غير متساوٍ في المكان والزمان، والدورة الهيدرولوجية معقدة جداً، والاضطرابات التي تحدث فيها لها آثار متعددة الجوانب. والنمو السريع للمناطق الحضرية، والتلوث، والتغيرات المناخية كلها تهدد مصادر المياه. في حين أن الطلب غلى المياه يزداد باستمرار لتلبية احتياجات سكان العالم (الذين تجاوز عددهم السبع مليارات نسمة) لانتاج الغذاء والطاقة ولاستخدامات المياه الصناعية والمنزلية.
وفي اختيار عام 2013 "السنة الدولية للتعاون في مجال المياه"، تقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن التعاون في مجال المياه أساسي لتحقيق التوازن ما بين مختلف الاحتياجات والأولويات، والمشاركة المنصفة والعادلة في هذا المصدر الثمين، واستخدام المياه كأداة للسلام. ويتطلب تعزيز التعاون في مجال المياه نهجاً متعدد التخصصات يجمع ما بين الأبعاد الثقافية والتربوية والعلمية وكذلك الدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والقانونية والمؤسساتية والاقتصادية.
وقد أناطت الأمم المتحدة بمنظمة اليونسكو قيادة احتفالات عام 2013 بهذه التظاهرة الدولية نظراً للخبرة الكبيرة للمنظمة في مجال العلوم الطبيعية والاجتماعية، وفي الثقافة، والتعليم والاتصالات، وكذلك لمساهمتها الكبيرة والطويلة الأمد في إدارة موارد المياه العذبة في العالم.وسيتم الاحتفال الرسمي باليوم العالمي للمياه في 22 آ ذار الحالي في لاهاي بهولندة، وسيشارك فيه ممثلون عن الآمم المتحدة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية ورجال الأعمال من مختلف دول العالم لمناقشة أهمية التعاون الدولي في مجال المياه من أجل السلام والتنمية المستدامة. وستتركز العروض وجلسات النقاش في أربعة محاور أساسية هي:
1" التعاون في مجال المياه اساسي في القضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين"؛• "التعاون في مجال المياه يخلق منافع اقتصادية"؛
2 "التعاون في مجال المياه يساعد على الحفاظ على الموارد المائية وحماية البيئة"؛
3 "التعاون في مجال المياه يبني السلام"؛
وستعرض النتائج والتوصيات التي تم التوصل إليها في المحاور الأربعة على منتدى يضم خبراء عالميين ومحليين مرموقين في قطاع المياه.مما لاشك فيه أن الإدارة الجيدة لموارد المياه تتطلب تعاونا وتنسيقا بين جميع القطاعات المستخدمة للمياه ضمن البلد الواحد لضمان استثمارها على النحو الأمثل، وكذلك بين الدول المتشاركة في مصادرها المائية. فالأنهار والبحيرات واحواض المياه الجوفيه تخترق الحدود الوطنية للعديد من الدول، الأمر الذي يجعل من التعاون في إدارة هذه المياه المشتركة أمراً أساسيا، كي يعود ذلك بأكبر نفع على جميع الأطراف. ومما لاشك فيه أيضاً أن عملية الإدارة الجيدة للمياه تتطلب كما ذكرنا نهجاً متعدد التخصصات يجمع ما بين الأوجه الثقافية والتربوية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية وغيرها، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة إحداث معهدٍ عالٍ لإدارة الموارد المائية في سورية، يعنى بشكل أساسي ببناء القدرات في هذه المجالات المتعددة. ونحن نأمل أن يطلق المعهد برامجه النظامية في أقرب وقت ممكن كي يؤدي الدور الهام المنوط به في خدمة وتطوير هذا القطاع المهم. ومما لا ريب فيه أن حسن انطلاق هذا المعهد سيشكل مساهمة مميزة لسورية في العقد الدولي للمياه.
-
بواسطه عاشق الصداقه
تحتفل اليوم منظمة الأمم المتحدة بيوم المياه العالمي، وتنظم بهذه المناسبة فعاليات متعددة للتوعية بأهميتها. خبير المياه الألماني فيلكن زار غزة في اطار برنامج للمشاريع التنموية وشرح لنا أبعاد مشكلة المياه في الشرق الأوسط
خمس سكان العالم يعانون من نقص المياه الصالحة للشرب
منذ عام 1993، تحتفل منظمة الأمم المتحدة في 22 من مارس/آذار من كل عام باليوم العالمي للمياه. أقيم هذا اليوم للدعوة إلى تخصيص أنشطة على المستويات العالمية والمحلية من أجل التوعية بأهمية المياه والمحافظة عليها وكذلك من أجل السعي إلى إيجاد مصادر جديدة لمياه الشرب. وعن أهمية الاحتفال بهذا اليوم قال البروفسور فيلكن المتخصص في دراسات المياه في جامعة ماينز الألمانية في حديث لموقعنا: "لهذا اليوم أهمية كبرى على مستوى العالم كله وعلى مستوى ألمانيا أيضاً. صحيح أن لدينا فيض في المياه في ألمانيا، وصحيح أننا تمكنا بالرغم من منشآتنا الصناعية الضخمة من الحفاظ على نظافة الأنهار بعد فترة طويلة من التلوث الذي أصابها، وصحيح أننا فخورون بهذا الأمر، لكن علينا أن نلقي نظرة إلى بقية دول العالم، إلى الدول المجاورة التي تعاني من نقص المياه.
اليوم العالمي للمياه يساعد على إدراك هذا الوضع". يحمل يوم المياه هذا العام شعار: "المياه والثقافة" وتتولى هيئة اليونسكو تحضير فعالياتها في البلدان المختلفة. فالمياه ليست عنصراً أساسياً للحياة فقط، بل هي أيضاً ملهمة الفنانين و رمزاً روحياً في الكثير من الأديان، تظهر في الكثير من الممارسات الدينية والعادات والتقاليد لكثير من الشعوب، كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للمياه. وأضاف كوفي انان: "بالرغم من أهميتها وقدسيتها لدى الكثير من الشعوب، إلا أنها مازالت تهدر وتلوث في القرى والمدن. واليوم يفتقد نحو خمس سكان العالم للمياه النظيفة". وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أهمية مشاركة النساء في تنمية مصادر المياه، حيث أنهن المسئولات عن تزويد الأسرة بالمياه في الكثير من المجتمعات.
أرقام مفزعة
خمسة وثلاثون ألف شخص يموت يومياً بسبب نقص المياه النقية
وبهذه المناسبة نشرت الأمم المتحدة تقرير المياه العالي الثالث، حيث جاءت أرقام مفزعة: هناك مليار ونصف شخص ليس لديهم مصدر للمياه النقية، و3 مليار شخص في العالم ليس لديهم نظام صرف صحي. ويموت كل يوم نحو 35 ألف شخص نتيجة نقص المياه أو بسبب الاعتماد على مياه ملوثة. وبالرغم من وجود خطة للوصول إلى تقليل نسبة الأفراد الذين يعانون من نقص المياه الصالحة للشرب 50 بالمئة بحلول عام 2015، يبقى هذا الهدف بعيد عن التحقيق خاصة في الدول الأفريقية جنوب الصحراء.
يصل متوسط الاستهلاك الفردي في المياه في ألمانيا نحو 150 لتر، بينما يستهلك الأمريكي في المتوسط 400 لترمن المياه في اليوم الواحد، وهي كمية قد تكفي الفرد في بعض الدول الأفريقية لمدة شهر. غير أن نقص المياه ليس المشكلة الوحيدة فالمياه الملوثة تتسبب أيضاً في الكثير من الأمراض مثل الكوليرا والتيفود كما يؤكد مانفرد كونوكيفيتز من وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي إذ يقول: "تعد هذه هي المشكلة الرئيسية، لأن المياه التي تتوفر في الدول النامية في معظمها ملوثة وتسبب الأمراض. يومياً يموت نحو 6000 طفل بسبب تلك الأمراض".
توفير مياه الشرب شرط لتفادي الصراعات
كل هذه الحقائق تدعو للتحرك السريع كما أكد لويك فوشون مدير المجلس العالمي للمياه في افتتاح المنتدى الدولي للمياه المقام في المكسيك والذي ينتهي اليوم: "علينا الاعتراف بلا مغالطة بأن حق الحصول على مياه نظيفة هو عامل أساسي لضمان كرامة الإنسان. علينا كتابة هذا الحق في التشريعات الدولية، علينا تعليمه لأطفالنا في المدارس" وأضاف أنه التزام ديمقراطي من جانب الدول الغنية أن تزيد من الأموال المخصصة لمشاريع المياه والتي لا تتعدى 5% من المساعدات الدولية وقال متعجباً: " هذا خطأ اقتصادي كبير. الأسلحة والذخيرة موجودة أكثر مما يجب في كل أنحاء العالم، أما صنابير المياه فلن توجد أبداً بالعدد الكافي. الإدارة الجيدة للمياه تتطلب سلطة وشرعية ونزاهة"
التنازع على المياه أكبر تهديد يواجه الشرق الأوسط
سوء إدارة المياه و قلة الموارد والتضخم السكاني- خاصة في الدول النامية- تجعل من نقص المياه خطراً محدقاً، حيث يتوقع الكثير من المراقبين أن تكون المياه سبباً رئيسياً للنزاعات الدولية في الفترة المقبلة. وفي الشرق الأوسط، يزداد الوضع توتراً بسبب الصراع على المياه، خاصة في فلسطين، حيث تتفاقم الأزمة المائية التي يعاني منها سكان المناطق الفلسطينية بسبب السيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية للضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى ارتفاع الكثافة السكانية والعمرانية. الفرد الفلسطيني يستهلك ما يقل عن 40 بالمائة من الحد الأدنى لحاجة الفرد في اليوم حسب معايير منظمة الصحة العالمية، ومن المتوقع أن يستمر هذا المعدل بالانخفاض لأن الحكومة الإسرائيلية لم تزد من كمية المياه المخصصة للفلسطينيين منذ 20 عام.
ويرى البروفسور فلكن الأستاذ بجامعة ماينز ومدير معهد راين ماين لأبحاث المياه والذي كان مؤخراً في قطاع غزة "لقد فزعت مما رأيته، فنسبة استهلاك المياه أعلى بأكثر من 40 بالمائة من نسبة تجدد المياه الجوفية، وهذا وضع خطر. والخطر الأكبر هو أن المياه المالحة تتسرب من البحر المتوسط إلى المياه الجوفية وبالتالي ففي المستقبل القريب لن تصبح تلك المياه صالحة للشرب". عمل البروفسور فلكن في قطاع غزة ضمن مشروع مياه يموله البنك الدولي، فالبنك الدولي والعديد من المؤسسات الدولية والألمانية تهتم بتلك القضية لإدراكها خطورة الموقف هناك، ويضيف: "إن ألمانيا تهتم بالتواجد هناك لأنها تقدر خطورة الموقف، فكل المؤشرات تؤكد على أنه بعد بضعة أعوام لن تكن هناك مياه صالحة للشرب هناك. وبالتالي يجب إيجاد طرق حديثة لاستخراج مياه صالحة للشرب مثل إنشاء محطات لتحلية مياه البحر المتوسط مثلاً".
ولأن محطات تحلية مياه البحر باهظة الثمن، يسعى بعض العلماء لإيجاد أساليب أخرى أقل تكلفة، من بينها تقنية لإعادة استخدام المياه المستخدمة في الاستحمام. حدثنا البروفسور فاجنر من معهد أبحاث المياه بجامعة دارمشتات عن هذه الفكرة قائلا: "يمكن استخدام تلك المياه في ري الأراضي بدلاً من إهدارها أو صبها في البحر ثم اللجوء لتحلية مياه البحر". لكن ما يزيد خطورة الموقف في قطاع غزة هي الحالة الأمنية، التي تمنع الكثير من العلماء والباحثين من الذهاب إلى هناك للعمل في المشاريع المختلفة.
منذ بداية العالم والماء يقوم بتشكيل تضاريس الأرض. فالمطر يهطل على اليابسة ويجرف التربة إلى الأنهار. ومياه المحيطات تلتطم بالشواطئ بقوة مُكسِّرة ومُحطمة للهُوات الصخرية على الشاطئ، كما أنها تحمل الصخور المحطمة وتبني رواسب صخرية حيثما تفرغ حملها، والمثالج تشق مجاري الوديان وتقطع الجبال.
ويحُول الماء دون تغيُّر مناخ الأرض إلى البرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة. وتمتص اليابسة حرارة الشمس وتطلقها بسرعة بينما تمتص المحيطات حرارة الشمس وتطلقها ببطء، ولهذا فإن النسيم القادم من البحر يجلب الدفء إلى اليابسة شتاءً والبرودة صيفًا.
كان الماء ـ ولا يزال ـ عصب الحياة، فقد ازدهرت الحضارات المعروفة حيثما كانت مصادر الماء وفيرة، كما أنها انهارت عندما قلت مصادر المياه. وتقاتل الناس من أجل حفرة ماء مشوب بالوحل، كما عبد الوثنيون آلهة المطر وصلّوا من أجلها. وعلى العموم فعندما يتوقف هطول الأمطار فإن المحاصيل تذبل وتعم المجاعة الأرض. وأحيانًا، تسقط الأمطار بغزارة كبيرة وبصورة فجائية، ونتيجة لهذا فإن مياه الأنهار تطفح وتفيض فوق ضفافها وتغرق كل ما يعترض مجراها من بشر وأشياء أخرى.
في أيامنا الحاضرة، ازدادت أهمية الماء أكثر من أي وقت مضى؛ فنحن نستعمل الماء في منازلنا للتنظيف، والطبخ، والاستحمام، والتخلص من الفضلات، كما نستعمل الماء لري الأراضي الزراعية الجافة وذلك لتوفير المزيد من الطعام. وتستعمل مصانعنا الماء أكثر من استعمالها لأية مادة أخرى. ونستعمل تدفق مياه الأنهار السريع وماء الشلالات الصاخبة المدوية لإنتاج الكهرباء.
إن احتياجنا للماء في زيادة مستمرة، وفي كل عام يزداد عدد سكان العالم، كما أن المصانع تُنتج أكثر فأكثر وتزداد حاجتها إلى الماء. نحن نعيش في عالم من الماء،ولكن معظم هذا الماء ـ حوالي 97% منه ـ يوجد في المحيطات. وهو ماء شديد الملوحة إذا ما استُعمل للشرب أو الزراعة أو الصناعة. إن نسبة 3% فقط من مياه العالم عذبة. وهذا الماء غير متوفر بيسر للناس إذ قد يكون محجوزًا في المثالج والأغطية الثلجية. وبحلول عام 2000م تضاعف احتياج العالم للماء العذب عما كان عليه في ثمانينيات القرن العشرين، ولكن ستبقى هناك كميات كافية منه تلبي احتياجات البشر.
كميات الماء الموجودة على الأرض في هذه الأيام هي نفسها التي كانت موجودة في السابق والتي ستظل وتبقى للمستقبل. وكل قطرة ماء نقوم باستعمالها سوف تجد طريقها إلى المحيطات، وهناك ستتبخر بفعل حرارة الشمس، ثم تعود فتسقط على الأرض ثانية على هيئة مطر. وهكذا يستعمل الماء ثم يُعاد استعماله مرات ومرات ولا يمكن استنفاده أو فناؤه إلا بإذن الله.
وبالرغم من وجود كميات وفيرة من الماء العذب في العالم، فإن بعض المناطق تُعاني نقص الماء؛ فالمطر لا يسقط بالتساوي على أنحاء الأرض المختلفة. إذ إن بعض المناطق تكون جافة جدًا على الدوام بينما يكون بعضها الآخر مطيرًا جدًا.
ويمكن أن تنتاب نوبة من الجفاف وبشكل مفاجئ منطقة ما هي في العادة ذات أمطار كافية، كما يمكن أن يجتاح الفيضان منطقة أخرى بعد هطول أمطار غزيرة عليها.
وتعاني بعض المناطق نقصان الماء بسبب عدم كفاية إدارة سكانها لمصادر الماء لديها. ويستقر الناس حيثما يوجد الماء الوفير وذلك بجوار البحيرات والأنهار، حيث تنمو المدن وتزدهر الصناعة.
وتصرف المدن والمصانع فضلاتها في البحيرات والأنهار، وهي بذلك تلوث المياه، ثم يعود الناس بعد ذلك للبحث عن مصادر جديدة للماء. وقد يحدث نقص في الماء حينما لا تستثمر بعض المدن مصادرها المائية على الوجه الأمثل. فقد تمتلك كميات كبيرة من المياه ولكنها تفتقد خزانات المياه الكافية وأنابيب توزيع المياه التي تفي باحتياجات الناس. وكلما ازداد احتياجنا للماء مرات ومرات، وجبت علينا الاستفادة أكثر فأكثر من مصادر مياهنا. وكلما تعلمنا أكثر عن الماء ازدادت مقدرتنا على مواجهة تحدي نقصان المياه.
-
-
موضوعات