نصائح قلبية

[نودة 41]

♥ قلبك في العشر ♥

نصائح قلبية لمن يشهد العشر:

1. الوصية الأولى: ( انشغل بعيب نفسك )
يقول جماعة التزكية: "تشوفك - أي شوقك وحرصك - إلى ما بطن فيك من العيوب، خير من تشوفك إلى ما حُجب عنك من الغيوب"
فيقول لك أن حرصك على ما حجب عنك من العيوب هذا هو ما يضيعك، يجب أن تكون حريصًا على أن تستكشف عيوبك،
كل يوم تب من ذنب، (ذنب قلبي) هذه هي الوصايا القلبية..

مثلاً أول يوم تركز في (الرياء) "اللهم إني أعوذ ب أن أشرك بك شيئًا وأنا أعلمه وأستغفرك لم لا أعلمه" يارب صدق الإخلاص يا رب، يا رب اجعل قلبي خالصًا لك صادقًا لك، يا رب أعوذ بك أن أشرك بك، فاعمل على الرياء.

ركز على (العجب) كلام السلف "اللهم لا تذقني طعم نفسي"، اعمل بهذه .. يا رب لا أذوق طعم نفسي لأن طعمها حلو، وعندما تستحلى ندخل في الشهوات.. فإذا تذوقت طعم نفسك وشعرت بنفسك تضيع.

ثالث يوم تركز مع نفسك في (اتباع الهوى) أن هواك هو الذي يوجهك، فتسأل الله عز وجل أن يمن عليك بالمجاهدة بأن تكون كما قال الله جل وعلا: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ}[الحجر78]

قل في هذه كما قلنا في أول الدرس "اجعلني لك ذكَّارًا - أجاهد في الذكر - شكَّارا رهَّابا مطواعًا".. كثير الطاعة وجاهد في ذلك، فركز مع نفسك في هذا المسألة، مسألة اتباع الهوى مثلاً.

ركز مع نفسك في موضوع (التعلق بغير الله) قل "اللهم لا تجعل في قلبي حبًا إلا لك ولا تعلقًا إلا بك" يكون قلبي لك يا رب.

مسألة (اليأس والقنوت والإحباط) ادعو ربنا سبحانه وتعالى أن لا تكون من القانتين وادعو ربنا سبحانه وتعالى وأنت تقول اللهم إني أحسن بك الظن وارفع شعار "يستحيل أن تحسن به الظن فلا يحسن لك المَنّ" وهذه هي الوصية الثانية، الوصية الأولى "انشغل بعيب نفسك".

2. الوصية الثانية: ( حَسِّن ظنك بربك )
علماء الإدارة يقولون أنه يحدث تغير عندما تقوم بفعل أربع أشياء،
أول شيء تشحن كما أفعل معكم الآن فيكون عندك رغبة، ثم تضع خطة كما نضعها الآن افعل كذا وكذا وافتح هذه الأبواب، شُحِنْتَ وعندك الفكرة، هيا طبقها، الأربعاء القادم أول يوم ماذا ستفعل؟ فيطبق، يقولون لا بد أن يحدث (مؤثرات جانبية) لا بد..
بسبب شيئين: (العادات السيئة والقناعات السلبية)
كيف يتم حلهما؟
(ببلسم حسن الظن بالله)
الذي هو: أنا لا أستحق لكن هو منَّان، في العشر أنت تدخل وأنت لا تستحق أن تُوَفَّق للعشر..
ولكن يستحيل أن تحسن به الظن فلا يحسن لك المن.

اسمع الكلام العالي: إذا لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه فحسن ظنك به لأجل معاملته معك فما عودك إلا حسنا وهل أسدى إليك إلا مننا؟
ما هذا الكلام الذهب! يقول لك لأنك لا تعرفه فتقول كذا وكذا... أنت لا تعرفه، أنت لا تعرف الكريم الأكرم المنان المحسن لا تعرفه..

تعلمهم في عقلك ولكن لا تشعر بهم وتتعايش معهم..
إذا كنت تعايش معهم لن يكن هذا حالك..
لا نستطيع أن نفهم هذه المعاني لأننا ما زلنا في أول الطريق إلى الله عز وجل.. فماذا نفعل؟
قال لك والمعاملة! ألم يعاملك بشيء يستحق أن تحسن به الظن؟
أنت تستحق عقوبات كانت ستؤدي بك إلى الشلل..
عينك التي خانت كانت طُمِست الآن، قدمك التي ذهبت إلى كذا وكذا تجعلك عاجز الآن..
لكن منَّان سبحانه فيستحيل أن تحسن به الظن ولا يحسن لك المن..
قال لك "وهل عودك إلا حسنًا وهل أسدى إليك إلا مننا"

لكن هناك عباد كفور جحود كنود إذا ما عامله ربه بالإحسان {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر15] أكرمه ونعمه ألف حمد وشكر لك يا رب، كنا نريد هذه البنت وهذا المال ألف حمد وشكر لك يا رب، ربي أكرمني {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَه فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر16] لماذا أنا تحديدًا؟ الكل يتزوج إلا أنا، الكل لديه مال إلا أنا، تأتي عندي وتقف، {رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا} والله ما أهانك، ولا كثرة المال أو كثرة الأعراض هي علامة الكرامة..

"الكرامة عندما تكون على الاستقامة"

3. الوصية الثالثة: ( احذر الاستدراج )
خف على نفسك أن يكون ما أعطاه لك استدراجًا، "إذا رأيت العبد مقيم على المعاصي وربنا يعطيه حسنات فاعلم أنه استدراج"
اسمع: "خف من وجود إحسانه إليك ودوام إساءتك معه، خف أن يكون ذلك استدراجًا"
{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [القلم44].

إياك أن تفهم أنك حالة خاصة، لا يوجد هذا، الأنبياء لم يكونوا هكذا..
قال الله عن سيدنا يونس: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَـيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنبياء:87].

{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:142-144].

يقول ربنا عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة:44-46]. الوتين : العرق الذي يُذبح حال النحر..
إياك أن تفهم أنك شيء ... أنت عبد.. إياك أن تشم نفسك قليلا.. فاحذر الاستدراج.

4. الوصية الرابعة: ( أحيي قلبك )
قلبك قاسي؟ هل تريد أن تعرف قلبك ميت أم لا؟

"بأن تحزن على ما يفوتك وتندم على وقوع الذلل"
"أما إذا لم تحزن على ما يفوت ولا تندم على وقوع الذلل، فهذه علامة موت القلب"

5. الوصية الخامسة: ( ما نفع القلب شيء مثل عزلة تدخل بها في ميدان فكرة )
آخر وصية إيمانية: ارفع شعار: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل:8]. أَغلِق على نفسك..
الزمن زمن فتن صعب جداً، أغلق على نفسك في العشر..
اجعل لك أوقات كثيرة تجلس في مسجد لا يعرفك فيه أحد حتى لا تتكلم كثيرًا..
اسمع كلامي، أغلق على نفسك أوقات، قل لهم أنك سوف تنام، وتجلس مع نفسك ذكر واستغفار ودعاء وتضرع وصلاة، اعمل مع نفسك..
ما حولنا من ضوضاء بيتنا والناس والسياسة، والجو العام، والأخبار، و و و و... إلخ،
قَسَّت القلوب.. "فما ينفع القلب شيء مثل عزلة تدخل بها في ميدان فكرة".

 

 

شعاراتك التي ترفعها في العشر:

1. اليوم عمل بلا حساب، وغدًا حساب بلا عمل..
فأنت في ميدان التنافس فارفع شعار {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].

2. إياك أن تفهم أنها ستأتي بالمزاج..
قال ابن المبارك: "إِنَّ الصَّالِحِينَ فِيمَا مَضَى كَانَتْ تُوَاتِيهِمْ أَنْفُسُهُمْ عَلَى الْخَيْرِ عَفْوًا، ولا تَكَادُ تُوَاتِينَا إِلا عَلَى كُرْهٍ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُكْرِهَهَا"
إنما "مَنْ ظَنَّ أن نفسه ستواتيه على العمل فسينتظر طويلاً"..
احلف، احلف تسع أيام كل ليلة ستصلي بألف آية..

أنت بالله لا بنفسك، فاستعن بالله على نفسك بكذا..
ولا تُأخذ النفس إلا غلابًا، فينبغي أن تُكرها على الطاعة.

3. أخيرًا: ارفع شعار لن تضيع ثانية.. لن تضيع دقيقة..
ارفع هذا الشعار ...
وقل: "لَن يسبقنيْ إلىَ اللهِ أحد" بحول الله وقوته..
"لأُرين الله ما أصنع" والله سوف يرى ربنا منا الخير..
لأنه ليس أنا من يستحق، لأنه منَّ عليَ وطالما منَّ عليَ فظني فيه أنه لن يضيعني.

إنها العشر، أيام معدودات، وقد بينت لك كيف تسير، وكيف تفوز، وكيف تجد قلبك،
وبقي العمل.. أسأل الله أن يعينني وإياك عليه..

 

 

من درس " كنوز العشر " للشيخ / هاني حلمي