Mido Ronaldo 1 قام بنشر July 23, 2016 يوم القيامة المصدر : كتاب يوم القيامة تاليف : الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله لماذا يوم القيامة يوم الله سبحانه وتعالي خلق هذا الكون وحدد لكل شئ فيه ميلادا ونهاية فالارض لها ميلاد ولها نهايه والشمس لها ميلاد ولها نهاية وكل ما في الكون له ميلاد وله نهاية الا ما شاء الله ، لان الله سبحانه وتعالي له طلاقة القدرة في كونه فلا شيئا يعلو مشيئته ولا شئ يخرج عن مشيئته، وهذا الكون الذي نعيش فيه مخلوق ، بالاسباب اي ان الله سبحانه وتعالي جعل فيه أسباب لكل شئفالكون فيه عنصران عنصر يفعل لك فيعطيك بلأ أسباب كالشمس والهواء والمطر وغير ذلك وعنصر ينفعل بك أن أخذت باسباب الله في الارض أعطاك وان لم تأخذا باسباب الله في الارض لا يعطيك فالارض ان حرثتها وسقيتها وذرت فيها الحب أعطتك الثمر الوفير أن لم تأخذ بالاسباب لا تعطيك شيئا والثروات الموجودة في الجبال وفي باطن الارض ان بحثت عنها أعطتك وان لم تبحث عنها لا تعطيك فالذين بحثوا عن البترول او المعادن في باطن الارض والجبال اعطتهم الارض من بترولها ومعادنها، وان لم يبحثوا عنها ظلت هذه المعادن في باطن الارض لا يأخذ منها الانسان شيئا . والكون بالاسباب وهو ما نسميه الحياة الدنيا فهي المخلوقة من الله جل جلاله بالاسباب ، فاذا انتهت الحياة الدنيا وجاء يوم القيامة انتهي عمر هذا الكون وبدء خلق اخر لله سبحانه وتعالي فيه كل شئ من الله جل جلاله مباشرة ففي الجنه بمجرد أن يخطر الشئ علي بالك تجده أمامك بقدرة الله سبحانه وتعالي تنتهي الاسباب ويصبح العطاء من المسبب مباشرة الزمن يملكنا ولا نملكه والزمن هو حجاب المستقبل فنحن لا ندري ماذا سيحدث غدا أو بعد غد وكل ما ندريه هو حاضر نعيشه وماضي عشناه ، فنعرفه ، ومستقبل لا ندري ما قضاء الله فيه والزمن يملكنا ونحن لا نملكه فلا يستطيع الانسان منا ان يعيش خارج الزمن ، لا يستطيع أن يبقي طفلا فلا يكبر، ولا أن يبقي شابا فلا يصل الي مرحلة الشيخوخة ولا يستطيع أنسان أن يعيد الماضي ليصحح أخطاءه فلا يمكنه لو أرتكب جريمة قتل أن يعيد الزمن حتي يتجنبها ولا أن وقع له حادث أن يعود بالزمن الي الوراء حتي لا يقع . ان الزمن كما قلنا يملك الانسان والانسان لا يملكه ، ذلك الزمن هو حياتنا ولكن الله سبحانه وتعالي وهو خالق الزمن لا زمن عنده فلا ماضي أختفي عن علمه ولا مستقبل خرج عن قضائه ، ولا أحداث تجد بل كل ما في الكون بما فيه وحتي يوم القيامة وما بعد يوم القيامة وما بعد يوم القيامة ، في علم الله سبحانه وتعالي ، هي اشيئا يبديها لنا ، لكن لا يبتديها ، لانه في علمه جل جلاله واذا قرات الاية الكريمة ( انما امره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) فلابد أن تلتفت الي قوله تبارك وتعالي : ( يقول له ) ، أي أن لهذا الشئ وجود في علم الله ولكنه سبحانه وتعالي ولكنه الله يبديه لنا بكلمة (كن) فيكون الشئ ظاهرا لنا نعرفه علي أن الله أراد أن يفهمنا ، وأرادنا أن نعلم أن الزمن شئ نسبي ، يجريه الله علي من يشاء ولا يجريه علي من يشاء أن هناك مراحل يسقط فيها الزمن عن الانسان ، وذلك حتي يعرف المعني الحقيقي للزمن وهو انه مقياس للاحداث اذا توقفت توقف احساسنا بالزمن وفقد معناه عندما ينام الانسان ويسكن سكونا مؤقتا فان معني الزمن عنده يتوقف ، فاذا أستيقظ لا يعرف كم ساعة قضاها وهو نائم الا أن يكون قد نام والشمس مشرقة وأستيقظ والدنيا ظلام ، أو نام والدنيا ظلام ، واستيقظ ليري نور الشمس يملأ الكونتلك تجربة نعيشها جميعا وهو فقد الاحساس بالزمن أثناء النوم، ولكن الحق سبحانه وتعالي رحمه بعباده أفهمنا أنه يمكن ان يجعل الانسان خارج نطاق الزمن تمام ، أي لا تأثير للزمن عليه ، ولا يكون الزمن مقياسا لحياته . واذا قرأت قصة أهل الكهف تعرف هذه اللفته ان أهل الكهف فتية امنوا بربهم والتجئوا الي كهف ليحتموا به من بطش الكفار فماذا حدث لهم ؟ ويقول الحق سبحانه وتعالي ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) سورة : الكهف أي: انهم ظلوا نائمين في الكهف ثلاثمائة سنه وتسعا ، ضرب الله سبحانه وتعالي فيها علي اذانهم حتي لا يحدث ضجيج بالقرب منهم ، فأنت حين تريد أن توقظ النائم تناديه بصوت عالي فيستيقظ ، واذا كان الانسان نائما وصدر صوت عال بالقرب منه استيقظ فزعا . كم لبثتم هولاء الفتية ناموا أكثر من ثلاثمة سنة ثم استيقظوا ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن الزمن كان له تاثير عليهم ؟ لو فرضنا أن أجلهم أمتد ولم يأتهم الموت كانوا علي الاقل قد ناموا وشعرهم أسود وقاموا وقد أبيض شعرهم أو طالت ذقونهم أو تحول شبابهم الي الكهولة . ولكن الله سبحانه وتعالي أخرجهم من حكم الزمن ولذلك عندما قاموا كان أول سؤال نطقت به شفاههم ، كما يخبرنا القران الكريم : ( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ) مجرد السوال هنا ( كم لبثتم ؟) يدلنا علي أن هولاء الفتية خرجوا من حكم الزمن لماذا ؟! لانهم حين أستيقظوا نظر بعضهم الي بعض فلم يجدوا تغيير قد حدث في هيئتهم ساعة ما ناموا بل وجدوا أنهم قاموا علي نفس الهيئة التي ناموا عليها لذلك كان جوابهم ( لبثنا يوما أو بعض يوم ) بل لعرفوا أنهم ناموا سنوات طويلة .ولكن لانهم لم يجدوا تغييرا قد حدث بالنسبة لهيئتهم فانهم قاسوا المدة التي ناموا فيها علي ما ينامه الانسان عادة ، وهو بضع ساعات أو أن كان متعبا تعبا شديدا نام يوما كاملا . اذا فقياسهم زمن النوم علي الزمن العادي الذي ينامه الانسان دليل علي أنهم قد خرجوا من حكم الزمن طوال فترة النومهم ولانهم لم يكن عندهم من الات القياس ما يحدد لهم الزمن الذي قضوه خلال فترة النوم حدده علي أساس العادة البشرية . الحق سبحانه وتعالي يضرب لنا مثلا أخر في القران الكريم عن نسبية الزمن وكيف أنه مقياس يجريه الله علي من يشاء ، ويوقفه عمن يشاء ؟ أنها قصة الرجل الصالح من بني اسرائيل الذي كان يمر علي قرية قد نزل بها العذاب ، يقول الحق جل جلاله : ( أو كالذي مر علي قرية .وهي خاوية علي عروشها قال اني يحيي هذه الله بعد موتها ) هذا الرجل الصالح تساءل عن قدرة الله سبحانه وتعالي في أن يحيي قرية خربت تمام فماذا فعل الله سبحانه وتعالي به ؟ تقول الاية الكريمة ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) أراد الحق جل جلاله أن يريه أية من ايات طلاقة القدرة فأماته الله مائة عام ثم بعثه .وهنا لابد لنا من وقفة بالنسبة لاهل الكهف لقد أخرجهم عزوجل من حكم الزمن وهم أحياء وظلوا علي قيد الحياة أكثر من ثلاثمائة سنه ولكنه تبارك وتعالي لم يمتهم لذلك يقول الحق جل جلاله (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) وقوله سبحانه ( وهم رقود ) ولم يقل وهم أموات دليل علي أنهم كانوا أحياء ولكنهم نائمون ، وقوله جل جلاله ( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) يلفتنا الا أن الحق تبارك وتعالي يريد ان تبقي أجسادهم سليمة خلال فترة النوم الطويلة التي ناموها ، ذلك أننا نعرف أن أي أنسان يصاب بمرض يضطره الي رقاد طويل لابد أن نقلب له جسده حتي لا يصاب بالقروح والالتهابات وهكذا حكمة التقليب التي لم نفهمها الا بعد أن تقدم العلم وعرفنا تأثير الرقاد الطويل بدون تقليب الجسد . لا زمن عند الله نأتي بعد ذلك الي معني كلمة يوم الله سبحانه وتعالي أرادنا أن نتنبه الي أنه جل جلاله يخلق ما يشاء بلا قيود وأرادنا أن نعرف أن الزمن خاضع لمشيئته سبحانه وتعالي واليوم عند الله عزوجل مختلف بحسب المهمة التي ستقضي فيه أو الاحداث التي ستقع في هذا اليوم ولذلك نجد في القران الكريم قول الحق تبارك وتعالي : ( وان يوما عند ربك كألف سنه مما تعدون ) ، وقوله سبحانه ( تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) هاتان الايتان اللتان حاول المستشرقون استغلالهما في الادعاء بأن هناك تناقضا في القران الكريم اذ كيف يكون اليوم ألف سنة ، ويكون في الوقت نفسه خمسين ألف سنة ؟ نقول لهم أنتم لم تفهموا اللغة الايمانية الكبري في هاتين الايتين فالله سبحانه وتعالي يريدنا أن نفهم أنه خالق الزمن يخلق لكل حدث ما يناسبه ، فاذا أراد يوما مدته ألف سنة لخلقه ، واذا أراد يوم مدته خمسون ألف سنة خلقه ، واذا أراد يوم مدته ألف عام لخلقه فليس هناك قيود علي قدرة الله جل جلاله ان الله سبحانه وتعالي قد شاء أن يكون اليوم في الارض 24 ساعة ليناسب ذلك حياة الناس وطاقتهم حيث أن الجسد البشري يناله التعب بعد ساعات ، فالانسان لا يستطيع عادة أن يعمل أكثر من ثماني ساعات أو عشر ساعات ، ثم بعد ذلك يصبح محتاجا الي الراحة ليستطيع أن يجدد نشاطه ويبدأ العمل من جديد ، حتي أولئك الذين يعملون أربعا وعشرون ساعة متواصلة لا يستطيعون تحدي طبيعة الخلق ، بل نجدهم محتاجين للنوم 24 ساعة متواصلة ، ان الله سبحانه وتعالي وهو خالق الانسان وصانعه وجعل له نهارا يوازي عدد ساعات قدرته علي العمل ويزيد قليلا وليلا يستوعب عدد ساعات حاجته الي الراحة ويزيد قليلا وهكذا من تمام كمال الخلق ، تحديد عدد ساعات الليل والنهار ب24 ساعة لماذا يوم ولكن اذا كان من تمام الخلق أن يخلق الله سبحانه وتعالي يوما مقداره ألف سنة فانه جل جلاله يخلقه ويوجده بكلمة (كن) حتي يناسب ذلك اليوم المهام التي خلق من أجلها والاحداث التي ستقع فيه ، فاذا كنا محتاجين الي فترة زمنية تستغرق أحداثا تحتاج ليوم مقداره خمسين ألف سنة خلق الله تبارك وتعالي يوما مقداره خمسون ألف سنة فان كنا محتاجين الي مليون سنة من الاحداث خلق الله جل جلاله اليوم الذي يسعها بحيث يستغرق اليوم مليون سنة أين يوم القيامة من هذه الازمنة ؟ نقول ان هذا غيب عنا لا نستطيع أن نحدد زمنه ولكننا مما مما علمنا الله في القران الكريم نعرف أن زمن يوم القيامة يتسع لكل أحداث هذا اليوم بحيث لا يؤجل حدث الي يوم أخر ولا يتم حدث باستعجال ـ لان الوقت قد انتهي بل الله خلق هذا اليوم بقدر ما يتم فيه من أحداث ، بحيث يحشر الناس جميعا كل في مكانه المحدد ، ويحاسب الناس جميعا كل بحسابه ، ويتم فيه ذلك الحوار الذي أنبأنا الله عن بعض أحداثه في القران الكريم ، وأخفي بعض أحداثه في عالم الغيب فلا يعلمها أحد .وهكذا نعرف أن يوم القيامة قد يكون ساعات وقد يكون سنوات وقد يكون ألف سنة وقد يكون مليون سنة حسب ما قدر له سبحانه وتعالي من أحداث . ولكن لماذا أسماه الحق سبحانه وتعالي يوما ؟ لنعلم أنه ليس له غد ، وأن الحساب لن يتم جزء منه في يوم ويؤجل الباقي الي الغد ، بل سيظل الحساب مستمرا ومشاهد يوم القيامة تتم دون أن يكون هناك فتري للراحة ، أو دون أن يكون هناك تأجيل ، حتي يقضي بين الناس كل الناس . منذ عهد أدم الي الذين سيشهدون قيام الساعة فكل هؤلاء سيقفون بين يدي الله ولن يفلت واحد منهم من الحساب . هنا قد يسأل سائل : هؤلاء الخلق منذ عهد أدم بليارات من البشر كم يستغرق حسابهم ؟ بعض الناس يعتقدون أنهم محتاجون لملايين السنين كي يتم حسابهم ويقرأ كل منهم كتابه ولكن السؤال يضع قيودا علي فهم السائل لقدرة الله ، فألسائل هنا أخذ الحساب بمفهوم القدرة البشرية المحدودة ، ولكن قدرة الله بلا قيود ولا حدود وقد سئل علي ابن ابي طالب كيف سيحاسب الله الناس جميعا في وقت واحد ؟ قال كما يرزقكم في وقت واحد والناس تتسائل كيف سيأتي الله بكل منا يوم القيامة ، بصورته وجسده الدنيوي ؟ نقول أن الله سبحانه وتعالي قد قرب الي أذهاننا أن هذا سيحدث ، فكل انسان له بصمة لا تتكرر وما نعرفه يقينا وكل جسد له رائحة لا تتكرر والدليل علي ذلك اذا أتينا بمنديل فيه عرق انسان وجعلنا أحد الكلاب الشرطة يشمه فانه يتعرف علي صاحب المنديل من بين عشرات أو مئات الاشخاص الموجودين وذلك من رائحة عرقه التي لا تتكرر ولكل جسد شفرة خاصة لا تتكرر مع غيره فاذا نقلنا عضوا من جسد أنسان الي جسد أنسان أخر فأن الجسد المنقول له العضو يلفظه لانه عرف بالشفرة الخاصة بالجسد . أن هذا عضوا غريب عنه بينما لو جرح أنسان أخذ الجسم ينسج من الخلايا ما يساعد هذا الجرح علي الالتئام ، لانه يعرف من شفرة الجسد انه عضوا منه فيساعده وهناك أعضاء كالكبد ، اذا بتر جزء منه ينموا من جديد، كذلك الشعر والاظافر كلما قصت نمت من جديد من الذي أخبر هذا الجسد البشري بأن هذا منه فيتلاءم معه ، كما تلتئم الجروح بعد العمليات الجراحية بتفاعل ذاتي من الجسد ؟! ومن الذي أخبره بأن ذلك العضوا المزروع من جسد أخر فلفظه ولم يتقبله ؟! لابد أن لكل جسد شفرة خاصة في تكوينه تختلف عن باقي أجساد البشر وأنها هي التي توجد الالتئام أو النفور بل أنه أحيانا تنقلي الكلي من أم الي أبنها أو بنتها أو العكس مع ذلك يرفض جسد الابن كلية الام ويرفض جسد الام كلية الابنة . أليس هذا دليلا علي أن لكل جسد شفرة خاصة لا يتشابه فيها مع جسد أخر أليس لكل صوت بصمة ولكل انسان بصمة ؟ وكما تقدم العلم كشف الله سبحانه وتعالي لنا من أسرار الجسد البشري ما يجعلنا نعلم جميعا أن كل أنسان مميز عن الاخر وأنه لا يوجد أنسان مع وحدة التكوين الموجود في البشر جميعا يشبه أنسانا أخر في تفاصيل تكوينه . الا يكفي هذا دليلا علي أن قدرة الحق سبحانه وتعالي التي ميزت تكويننا عن بعضنا البعض قد فعلت ذلك لنبعث يوما القيامة ، كل منا بذاته التي كانت موجودة في الدنيا ليحاسب علي ما قدمت يداه أفلا نتدبر قول الحق ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) سورة : الذاريات :21 ما هو معني الحياة ما هو معني الموت بعض الناس يقول أن الحياة هي الحس والحركة ، وأن كل شئ لا حس فيه ولا حركة ظاهرة لنا ليس فيه حياة كالجماد ، نقول عن هذا ليس هو الحقيقة فكل شئ في الدنيا فيه حياة ، ولكن حياة تلائم مهمته والحق تبارك وتعالي يقول : ( ان من شئ الا ويسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) سورة : الاسراء: 44 اذا كل ما يطلق عليه شئ يسبح بحمد الله ، والارض تسبح والجبال تسبح ، والله سبحانه وتعالي يقول : ( وسخرنا مع داود الجبال يسبحن ) سورة : الانبياء: 79 ويقول جل جلاله : ( يسبح لله ما في السموات وما في الارض الملك القدوس ) الجمعة : 1 بل أن الامر يتعد ذلك الي أن هذه الاشيئا نراها أمامنا جامدة بلا حس ولا حركة ما لها عواطف تعبر عنها بالبكاء أو بغير ذلك ألم يصدر جزع النخلة الذي كان يستند عليه رسول الله وهو يخطب في المسجد أنينا حين تركه رسول الله ، ليخطب علي منبر بناه المؤمنون ؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالي في القران الكريم : ( فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين ) سورة : الدخان :29 الارض تبكي والسماء تبكي ، والجبال تسبح ، والحصي يسبح ، فقد سمع رسول الله تسبيح الحصي في يديه الشريفتين ، كل شئ في هذا الكون فيه حياة تناسب مهمته فكل شئ فيه حس وحركة لاندركه نحن ولكنها موجودة . ألم نعرف في المدرسة حينما درسنا المغناطيسية أن ذرات الحديد عندما تمر عليها مغناطيس تأخذ شكلا معينا لقد جاءوا لنا بأنبوبة ذرات الحديد ومروا عليها بمغناطيس أمامنا فأخذت الذرات شكلا معينا وترتيبا معينا وخواص معينة بفعل المغنطة ، ان هذا الذي حدث أمامنا في ذرات الحديد يحدث في قضيب الحديد الذي لم يفتت الي ذرات ، ولكننا لا نراه ، اننا نمر بالمغناطيس فوق قضيب الحديد فيصبح ممغنطا ، ولكن هل نري ما يحدث لذراته من اعادة الترتيب ؟طبعا لا ولكن التجربة العلمية أثبتت أن ذلك يحدث رغم أننا لا نراه واذا قرأنا الاية الكريمة ( ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها قألتا أتينا طائعين ) سورة : فصلت :1-2 ومعني ذلك أذنت أي: سمعت بأذنها فانقادت للامر الله ، بمجرد سماعها ، فأذنت أي : أستمعت لربها وأطاعت امره فيما أمرها به من الانشقاق يوم القيامة . وهكذا نري أن كل شئ في هذا الكون له حياة تناسب مهمته ، وان الاعتقاد بأن الجماد ميت لا حياة فية اعتقاد غير صحيح ، فألله خلق حياتين ، حياة الدنيا ، وهي حياة مؤقوتة لكل شئ فيها نهاية نصيب كل منا فيها مختلف ، فهناك من يعيش ساعات ، ومن يعيش يوما ، ومن يعيش شهورا ، ومن يعيش سنوات ، ومن يعيش حتي يبلغ أرزل العمر فجعل نهاية الحياة الدنيا الانتقال الي عالم الموت وخلق الحياة الاخرة أبدية ليس فيها موت فعمر الموت ينتهي ببداية الحياة الاخرة ولا يصبح هناك موت . أن الله لفتنا الي أن الحياة الحقيقية للانسان ليست في الدنيا ولكنها في الاخرة ، لان حياة الاخرة أبدية فيها نعيم بقدرة الله ، لا تفارق النعمة فيها ولا تفارقك . وخلق الحق تبارك وتعالي عالم الموت قبل المجئ الي الحياة الدنيا ، وعالم الموت عند الخروج من الحياة وقبل بداية الاخرة ، ولذلك يقول سبحانه وتعالي ( وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ) سورة : العنكبوت : 64 والانتقال من الموت الي الحياة ، ومن الحياة الي الموت ، ثم من الموت الي الحياة الاخرة ، يتم بأذن الله سبحانه منذ خلق أدم اذا فنحن موجودون منذ خلق أدم ، ولكننا موجودون في عالم الذر ، وهو عالم تنطبق عليه قوانين الموت ، وعندما يأتي أمر الله ننتقل من عالم الذر ، الي عالم الدنيا ، عالم الحياة بالاسباب ، ونقضي في عالم الحياة الدنيا ما شاء لنا الله أن نقضي فيه ، ثم يأتي الاجل فننتقل الي عالم الموت، ثم ننتقل بعد ذلك الي عالم الحياة الاخرة ، وهذا هو المعني الاية الكريمة وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ) سورة : البقرة : 28 الله سبحانه وتعالي كشف لنا برحمته أن الانسان ينتقل من الحياة الدنيوية الي الموت بطريقتين ، فالانسان حينما يحتضر يري ما لم يكن يراه ، ويعرف مصيره اما الي الجنة واما الي النار والعياذ بالله . الصورتان اللتان أعطاهما لنا الله تبارك وتعالي في القران الكريم هما صورة المؤمن ، وصورة غير المؤمن وهما يغادران الحياة الدنيا الي حياة البرزخ . الموت عند الكافر نأتي بعد ذلك الي الصورة الثانية وهي أعطاها لنا الله سبحانه وتعالي في القران الكريم للكافرين والعاصين ، يقول الحق تبارك وتعالي ( ولو تري اذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوهم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) سورة : الانفال : 50 في هذة الاية الكريمة نعرف حالة الموت عند الكافر يري ملائكة العذاب وبدلا من أن يلقوا عليه السلام يواجهونه بالضرب علي وجهه وعلي مؤخرة جسده وينذرونه بالنار وعذاب الحريق ، فيتمني في هذا اللحظة لو لم يولد وفي هذة اللحظات يحس بالجريمة الكبري التي ارتكبها في حياته وان كل ما حصل عليه من متع حرام لا يوازي لحظة واحدة من العذاب فيتشنج وجهه ويملؤه الغم والهم الذي لن يزول عنه أبدا ، ويري مقعده في النار ، مصير أسود يتمني أن يفلت منه ، ولكنه لا يستطيع ، فقد صمدت بشريته وانتهت فترة الاختبار بالنسبة له وأصبح لا يملك لنفسه شيئا ، وانتهت الارادة البشرية تمام وأصبح مقهورا لامر الله . وهناك ايات أخري في القران الكريم تحكي لنا كيف يواجهه الظالمون لحظات الموت في قوله تبارك وتعالي ولو تري الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق ) سورة : الانعام : 93 وهذه صورة أخري من صور لحظات الاحتضار بالنسبة للظالمين الجبارين في الارض والملائكة يتحدونهم أن يخرجوا أنفسهم من العذاب بما كان لهم من جبروت في الارض ، وهم عاجزون طبعا الان بشريتهم قد خمدت ونفوزهم قد أنتهي ، وكل شئ فيهم أصبح مقهورا لله بلا أختيار منهم ، وهكذا نعرف كيف ينتقل الصالحون الطيبون من الحياة الي الموت ، وكيف ينتقل الكافرون الظالمون من الحياة الي الموت . الصالحون تهبط بهم ملائكة الرحمة ، والظالمون تضربهم ملائكة العذاب ، ثم تنتهي ساعة الاحتضار ، وتخرج الروح من الجسد ، ويموت الانسان ، ولكن هل الموت هو العدم ؟ لا انه الخروج من عالم الحياة والحياة خروج من عالم الموت ، ان كلا منهما خروج من عالم من خلق الله له قوانينه المختلفة ، وطريقة الحياة فيه مختلفة وما يخضع له الانسان فيه مختلف تمام عن قوانين الدنيا . وهناك أدلة كثيرة علي أن هناك حياة في البرزخ تختلف عن الحياة الدنيا في قوانينها ، وفيما يحيط بها ، وفيما يراه الانسان ويشاهده ، ولكن الله وان كان قد ستر هذه القوانين عنا الا انه جل جلاله قد أعطانا في القران الكريم أمثلة توضح لنا نواحي معينة في حياة ما بعد الموت وما يحدث فيها وأول شئ فيها قوانين حياة البرزخ نري ما لم نكن نراه في الدنيا فنحن في الدنيا محدودن في رؤيتنا ولكن بعد الموت ترفع الغشاوة عن أعيننا لتري أشياء كثيرة مصداقا لقوله ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) سورة : ق : 22 وهكذا منذ ساعة الاحتضار يري الانسان ما لم يكن يراه في الحياة الدنيا لان الله يكشف عنه غطاء الدنيا ، فيري عالما جديدا هذا العالم موجود ولكنه لم يراه خلال رحلته الدنيوية . الميت يسمع والانسان حين يموت يسمع ما يقال حوله ولكنه لا يستطيع أن يرد ، ففي غزوة بدر وبعد ان انتهت المعركة أقبل رسول الله علي القتلي من الكفار فقال : ( بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وأواني الناس ) ثم أمر بهم فصبوا الي قليب من قليب بدر فطرحوا فيه ، ثم وقف عليهم فقال : ( ياعتبة بن ربيعة ، وياشيبة بن ربيعة ، هل وجدتم ما وعدكم الله حق فانا وجدنا ما وعدني الله حق ) فقال : عمروا يا رسول الله أتخاطب أقواما قد جيفوا ؟! فقال : رسول الله ( والذي نفسي بيده ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون الجواب ) وهكذا نعرف ان الميت يسمع ما يقال حوله ، ولكنه لا يستطيع الجواب ، وهذا دليل علي أن الموت ليس عدما . الكفار أصحاب القبور ولكن الكفار أصحاب القبور أصابهم اليأس من أن يلاقوا اي نوع من الرحمة في الاخرة ، وهذا لا يمكن أن يحدث الا اذا كان هناك فهم وادراك ، اذا الموت ليس عدما ، ولكنه عالم بقوانينه ويتضح مما قدمناه من أدلة وبراهين من القران الكريم أن الموت ليس عدما كما يعتقد بعض الناس ولكنه نوع من الوجود له قوانين خاصة يوجد نوع من الفهم فيها ، الا ما يئس سكان القبور من الاخرة علي اننا لابد أن نلتفت الي ان الحق سبحانه وتعالي يذكر الموت قبل الحياة في ايات كثيرة من القران الكريم ، ذلك لان الموت سابق للحياة وأن الله سبحانه وتعالي يريد أن يلفتنا دائما الي الموت ، حتي اذا تذكرناه سارعنا الي الخير والايمان والعمل الصالح الله سبحانه وتعالي في القران الكريم بان الانسان يخرج من الدنيا بطريقتين ، اما ان تحيط به ملائكة العذاب ، ويضربونه علي وجهه وعلي مؤخرة جسده ، وينذرونه بالنار وعذاب الحريق ، فيتمني في تلك اللحظة لو لم يولد . ولكن بعض الناس يقول : ان الله سبحانه وتعالي قد حدد طريقة الخروج من الحياة الدنيا الي حياة البرزخ في القبر علي اساس ثلاث حالات . ففي سورة الواقعة يقول الحق سبحانه وتعالي ( فأما أن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ، واما ان كان من اصحاب اليمين ، فسلام لك من اصحاب اليمين ، واما أن كان من المكذبين الضالين ، فنزل من حميم وتصلية جحيم ، ان هذا لهو حق اليقين ، فسبح باسم ربك العظيم ) سورة : الواقعة :88-94 ايمان فرعون وعذابه يوم القيامة وفرعون مثلا امن وهو يغرق عندما راي الموت كما يروي لنا القران الكريم في قول الحق تبارك وتعالي ( حتي اذا ادركه الغرق قال امنت أنه لا اله الا الذي امنت به بنو أسرائيل وأنا من المسلمين ) سورة : يونس :90 فهل اعتبر ايمان فرعون وشهادته بالالوهية لله وحده توبة مقبولة عند الله محت كل ذنوب فرعون وجعلته من أهل الجنة ؟ خصوصا أنه بعد هذه التوبة مباشرة غرق ، أي : أنه لن يعيش ولم يمتد أجله ليرتكب ذنوب أخري نقول أن القران قد أنبئنا بما سيحدث لفرعون يوم القيامة في قوله جل جلاله يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) سورة : هود : 98 اي : أن فرعون سيكون قائد يوم القيامة لقومه الذين عبدوه واتخذوه الها ليدخلهم النار ، اذا عندما تاتي ساعة الاحتضار لا تنفع التوبة ولا تقبل لان الانسان انتقل من مرحلة الايمان بالغيب الي مرحلة المشاهدة اليقينية ورأي يقينا ما أنباه به الله سبحانه وتعالي غيبا ولكن لم يؤمن به عندما تخمد ارادة البشر اذا مسالة أيري الانسان شريط حياته وهو يحتضر ليست بعيدة عن العقل بعد التقدم العلمي الذي قرب الصورة الي أذهاننا ولكن الانسان من بداية الاحتضار تخمد أرادته البشرية ، فهو لا أختيار له ، اذا أراد أن يحرك قدمه لا تطيعه ، واذا أراد أن ينطق بلسانه لا يخضع لارادته ، واذا أراد أن يفتح عينيه لا تستجيبان له ، ذلك أن هذه الاشياء كلها ، أي كل ما في الجسد يخضع له في الدنيا بارادة الله ، في فترة الاختبار التي وضعها الله سبحانه وتعالي لعبادة ليجازيهم بعد ذلك بالجنة أو العذاب في النار . المحتضر يحس ويري فالمحتضر يحس ويري من ملكوت الله ما لا يحسه ولا يراه من حوله فكأنه يعيش في هذا الملكوت ولا يعيش معهم كان كل شئ أصبح حقيقة واقعة مما كان غيبا عنه وما دام قد أصبح حقيقة واقعة ومشهورا قد أنتهي وقت الايمان وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي : ( يوم تأتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا أيمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ) سورة : الانعام : 158 وينتقل الانسان من الحياة الدنيا الي حياة البرزخ التي يبقي فيها حتي يوم البعث وحين ينزل الميت الي القبر يكون قد عرف مصيره حتما ، ويري الانسان مقعده من الجنة ومقعده من النار النعيم والفوز العظيم ولكن لماذا يري الله سبحانه وتعالي أهل الجنة مقاعدهم في النار ؟ مع أنهم من أهل النعيم ؟ نقول :أن ذلك زيادة في النعمة ، لان أهل الجنة اذا رأوا أماكنهم في الجنة فقط ، عرفوا النعيم الذي ينتظرهم ، ولكنهم لم يعرفوا العذاب الذي نجوا منه ، ولذلك فان رؤيتهم لمقاعدهم في النار تريهم الهول العظيم والعذاب الدائم الذي نجوا منه ، فيحسوا بالنعمة ويتضاعف شعورهم بالنعمة وهم يرون ما كان سيصيبهم وأنجاهم الله منه برحمته ، وبهذا يعرفون الفوز العظيم الذي حصلوا عليه . عذاب ليس بعده عذاب يكفي عذابا لاهل النار ، وهم في قبورهم ، أن يروا الجحيم الذي سيخلدون فيه ، وأنهم كلما التفتوا يمينا أو يسارا رأوا النار التي سيعذبون فيها ، وعرفوا حتما أن أمر الله نافذ وواقع ، أما مسألة ، أن يتم العذاب في القبر بشكل مباشر فالعذاب سيقع بعد الحساب ، أي : بعد أن يحاسب الناس يوم القيامة ، والقران الكريم ، عندما يعرض لنا قصة فرعون ودخوله ومن اتبعه النار يقول الحق سبحانه وتعالي : ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ال فرعون أشد العذاب ) سورة : غافر : 46 ولو كان هناك عذاب في القبر ، لكان ال فرعون أول من عذبوا ، وأحرقوا في قبورهم ، ولكن عرضهم غدوا وعشيا علي النار عذاب لهم وان لم يدخلوها ، ذلك أن مجرد رؤيتهم للنار تجعلهم يصرخون ويستغيثون من هول ما هو قادم ، وكذلك يصرخ في قبره من يري العذاب القادم لانه يعرف متي هو ذاهب اليه . علامات قرب الساعة والحق سبحانه وتعالي يعطينا في القران الكريم علامات من علامات الساعة وذلك في قوله جل جلاله حتي اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ، فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون ) سورة : يونس : 24 ولو أننا تدبرنا معني الاية الكريمة لوجدنا أنه قبل يوم القيامة ستأخذ الارض كامل زخرفها وزينتها ، وتكون فيها العمارات الشاهقة الحديثة ، والمدن الكبيرة ، وكل ما يزين الارض للناس ، من زينة تحبب اليهم الحياة الدنيا ، وتريها لهم في أبهي صورها ، وهذا لا يكون الابتقدم الحضارة ، بشكل يجعل الانسان قادرا علي أن يحقق الكثير فيسافر من دولة الي أخري في وقت قصير ويستطيع أن يتحكم في بيته بل وفي خارج بيته بالأزرار ، يدوس علي زر فيأتيه الطعام ، ويضغط علي زر أخر فينتقل من مكان الي مكان بمنتهي السهولة ، أي : أن الحياة علي الارض ستكون قد بلغت بما ما يسمونه التكنولوجيا التي تحقق للانسان رفاهية الحياة . عندما يتم تدمير الارض والكون حين ينسي الله سبحانه وتعالي وتغرهم قدرتهم ، يأتي أمر الله ، وأمر الله يأتي ليلا أو نهارا ، وقوله جل جلاله ( فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ) أي : دمرنا كل ما عليها وكل ما فعله الانسان خلال قرون طويلة ، يتلاشي ويختفي وينتهي في لحظات ولكن متي يحدث ذلك ؟ يقول رسول الله ( اذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة ، أضاعوا الامانة وأكلوا الربا واستملوا الكذب وباعوا الدين بالدنيا فهذه من علامات الساعة ) كم يعطينا رسول الله : من علامات الساعة : أن يستخف الناس بالدماء ، وأن يكون فاسق القوم كبيرهم ، وأن ينقص الناس الكيل والميزان ، وأن تنتشر الخرفات ، فيصدق الناس التنجيم وقراءة الطالع ، وغير ذلك من أعمال الدجالين . عندما ينفخ في الصور كما قلنا يدمر كل شئ وينفخ في الصور مصداقا لقوله ، سبحانه وتعالي ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه أخري فاذا هم قيام ينظرون ) سورة : الزمر :68 اذا تكون قبل القيامة النفخة الاولي في الصور فيصعق من في السموات ومن في الارض ، أي تصيبهم الصاعقة ، والصاعقة لن تصيب الانس فقط ، ولكنها ستصيب كل خلق الله في السموات والارض ، ثم تأتي النفخة الثانية ، فيقول الحق تبارك وتعالي ( فاذا هم قيام ينظرون ) أي : كل من شاء الله له أن يعود للحياة مرة أخري وكل من سيشهد يوم القيامة يقومون . النظر قبل السمع ويقول الحق سبحانه وتعالي في ختام الاية ينظرون ) وينظرون لها معنيان المعني الاول : ينظرون أي : يري بعضهم بعضا ، ففي الحياة الدنيا وفي حياة البرزخ هناك ما نراه وما لا نراه ، ولكن في هذه اللحظة ، لحظة القيام يري كل خلق الله بعضهم بعضا المعني الثاني : أن الله سبحانه وتعالي في هذه الاية قدم النظر علي السمع ، وفي ايات القران الكريم كلها السمع مقدم علي البصر وقوله جل جلاله ( ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) سورة : الاسراء : 36 وكل ايات القران الكريم التي ورد فيها السمع والبصر ،كان السمع مقدما علي البصر لان الاذن تؤدي عملها منذ أول لحظة الميلاد ولانها لا تنام فهي أداة ، ونحن نسمع أكثر كثيرا مما نشاهد ، وأنت لكي تتكلم لابد أن تسمع أولا ، فعن طريق الاذن نتلقي العلم ، واللغة والكلام وغير ذلك كيف سيكون الحشر هناك أيات اخري في القران ، تصف مشاهد يوم القيامة ، ولنا أن نتصور البشر كلهم من عهد ادم الي يوم القيامة وهم يخرجون من باطن الارض دفعة واحدة ، انها ستضيق بهم لانهم عاشوا فيها في أزمان مختلفة ، ولكنهم يخرجون منها في هذا اليوم دفعة واحدة ، ولذلك سمي يوم الحشر لان الناس تحشر فيه حشرا الكفار وماذا سيقولون ؟ أما الكفار فيخرجون في حالة رهيبة ، يتمني الواحد منهم لو أنه لم يوجد في هذه اللحظة ، يتمني أن يتحول الي حفنة من تراب يدوسها الناس بأقدامهم ، ولا يقف أمام الله ليحاسب ، واقرأ قول الحق جل جلاله ( ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) سورة : النبأ :40 أرض الميعاد الله سبحانه وتعالي حين يبعث الناس يوم القيامة تحدث هناك مشاهد كثيرة رواها لنا الله تبارك وتعالي في القران الكريم ، ولكن ما جاء في القران هو فقط أمثلة توضح لنا ما سيحدث يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : بينما نحن جلوس مع رسول الله ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يري عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد ، حتي جلس الي النبي فأسند ركبتيه الي ركبتيه ، ووضع كفيه علي فخذيه وقال : ( يا محمد أخبرني عن الاسلام ؟ قال : الاسلام أن تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت أن أستطعت اليه سبيلا قال : صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه !! قال فأخبرني عن الايمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه !! قال : فأخبرني عن الاحسان ؟ أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك قال : فأخبرني عن الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : أن تلد الامة ربتها وأن الحفاة العراي رعاه الشاه يتطاولون في البنيان ) قال : ثم انطلق مليا ، ثم قال رسول الله ( أتدري من السائل ؟ ) قلنا : الله ورسوله أعلم ! قال : ( فانه جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم ) كيف نري جميعا يوم القيامة نقول : ان تقدم العلم البشري قد قرب الينا هذه الصورة وبعد استخدام الاقمار الصناعية يجلس الواحد منا في بيته فيري ما يحدث في الدنيا كلها ، وهو لا يتحرك من مكانه ، الا يتحدث الانسان الان في الاذاعة أو عبر القمر الصناعي للتليفزيون ، فتسمعه الدنيا كلها في وقت واحد ، وفي نفس اللحظة التي يتحدث فيها ؟ اذا كان هذا ممكنا بقدرات خلق الله ، فكيف يكون بقدرة الله ؟ نعم سنري ونسمع في يوم القيامة كل شئ ، سيكون كل شئ مشهودا من خلق الله جميعا ونطق كل شئ ان لسانك الذي كان يطيعك في الكذب والنفاق والكفر ، تجده مسجي لك شاهدا عليك واليد التي كنت تبطش بها ، وتسرق بها وتقتل بها وتفعل بها كل ما يغضب الله ، في حياة الاختيار تجدها شاهدة عليك ، وكل خلية من خلايا جسدك تشهد عليك في ذلك اليوم ، وفي ذلك يقول الله جل جلاله : ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) سورة : النور : 24 كل خلق مع من عبدوه وتكون بداية الحساب بأن يأمر الله سبحانه وتعالي أن يكون كل خلق مع من عبدوه ، فينقسم البشر الي أقسام مختلفة ، فالذين عبدوا الاحجار يقفون مع الاحجار ، والذين عبدوا الشمس يحشرون مع الشمس ، الخلاصة أن كل من عبد شيئا يحشر مع من عبده ثم يأتي السؤال من الله سبحانه وتعالي أين ألهتكم ؟ فينظر كل الذين عبدوا غير الله حولهم ، بعد أن ظهرت الحقيقة وأصبحت يقينا وزوال زيف الدنيا ينظرون حولهم ، فماذا يجدون ؟! يحكي لنا القران هذه الصورة في قوله ( وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ) سورة : القصص : 64 ما جاء في أول ثلاثة يدخلون الجنة ، وأول ثلاثة يدخلون النار عن أبي بكر بن شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله : ( أول ثلاثة يدخلون الجنة ، الشهيد ، ورجل عفيف متعفف ذو عيال ، وعبد أحسن عبادة ربه وأدي حق مواليه ، وأول ثلاثة يدخلون النار ، أمير متسلط ، وذو ثروة من مال لا يؤدي حقه ، وفقير فخور ) باب ما جاء في أول من تسعر بهم جهنم عن مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول ان اول من يقضي عليه يوم القيامة رجل أستشهد فأتي به فعرفة نعمة ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت حتي أستشهدت ، قال : كذبت ، ولكنك قاتلت ليقال فلان جرئ ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القران فأتي به فعرفه نعمة فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته ، وقد قرأت فيك القران ، قال : كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال : عالم ، وقرأت القران ليقال هو قارئ ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي في النار ، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق في الا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ، ولكنك فعلت ليقال : هو جواد ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي في النار ) أخرجه ابو عيسي قبل الحساب ان هناك أشياء يريد الله سبحانه وتعالي أن يشهدها كل خلقه يوم القيامة ، ولذلك فان هذه المشاهدة تقع علي مرأي ومسمع من الخلق جميعا ، والله روي لنا بعض هذه المشاهد في القران الكريم واذا أردنا أن نبدأ في ذكر هذه المشاهد فاننا نبدأ بأئمة الكفر أولئك الذين يحاربون دين الله في الدنيا الله لا يتركهم في الدنيا ، وانما يمهلهم ليفتن بهم ضعاف النفوس ، ولقد سبق أن قلنا : ان الله تعالي يبتلي الناس بالخير والشر فتنة ، أي : يمتعهم بالخير ليري هل سيطغون أم سيزدادون ايمانا ، ويبتليهم بالشر ليري أيشكرون أم يكفرون ومن الابتلاء بالشر ، أن يعلوا الذين كفروا لفترة في الحياة الدنيا كفتنة ، ثم بعد ذلك يهوي بهم الله سبحانه وتعالي فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر . ولعل ما نراه الان مما يحدث في الدول الشيوعية هو خير دليل علي كيف أن الله يهدم دول الكفر في أيام ، ويحولها من دولة عظيمة الي دولة لا حول لها ولا قوة ، بقدرته ، ودون أن يسلط عليهم أحد من عباده عندما ينزعهم الله نزعا هذا النزع بأمر الله ليراهم خلق الله جميعا ، وهم الذين كانوا يتباهون بقوتهم وقدرتهم الدنيوية ، أذلاء ينتزعون انتزاعا من بين أقوامهم ومن بين من تبعوهم ، وهم بلا حول ولا قوة ليلقي بهم بعد ذلك في أشد العذاب صورة الذين كذبوا علي أنفسهم ويعطينا الحق تبارك وتعالي صورة أخري هي صورة أولئك الكذابين الذين تعودوا الكذب في الدنيا ، وهم يحاولون أن يكذبوا علي الله في الاخرة ، وطبعا لا يستطيع انسان أن يكذب علي الله ، لان الله سبحانه وتعالي محيط بكل شئ اقرأ قول الحق تبارك وتعالي فيهم ( ثم لم تكن فتنتهم الا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، انظر كيف كذبوا علي أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ) (سورة : الانعام : 23-24) ما يقول الشيطان يوم ويعطي لنا الله سبحانه وتعالي هذه الصورة في القران الكريم في قوله تعالي : ( وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي لا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي اني كفرت بما أشركتمون من قبل ان الظالمين لهم عذاب أليم ) ابراهيم :22 عندما يقول الشيطان الصدق ولكن لماذا يقول الشيطان الصدق ؟ ان ذلك لسببين رئيسيين السبب الاول : أن كل شئ قد انتهي ، المهلة التي أعطاها الله للشيطان ، انتهت فلم يعد له قوة ولا قدرة علي الاغواء ، وحتي اذا حاول أن يكذب فان كل شئ قد ظهر وبان وزالت الحجب فلم يعد يصدقه أحد وقد رأي الناس الجزاء حقيقة واقعة بعد أن كان غيب . السبب الثاني : أنه لا فائدة من الكذب ذلك أن الاختيار البشري قد انتهي ، ولم يعد احدا قادرا علي المعصية ، ولم يعد أحد له القدرة علي أن يفعل أو لا يفعل . والله يزيدهم غيظا وحسرة وموقف اخر يرويه الله لنا موقف أولئك الذين اتبعوا كبرائهم ، الذين أغووهم علي المعصية وزينوها لهم ، وكافئوهم عليها ، حينئذ يأتي هولاء السادة يوم القيامة فيتبرءوا من الذين اتبعوهم ، ويحاولوا النجاة من العذاب وينكروا أنهم أغروا هولاء الناس ليتركوا الطاعة ، ويعصوا الله وأنهم زينوا ذلك وكافئوهم عليها ، وفي هذا اليوم يملأ الغيظ قلوب الاتباع ويملاه حقدا علي أولئك الذين جاءوا اليوم امام الله ليتبرءوا منهم ، ويطلبوا من الله سبحانه وتعالي أن يعطيهم فرصة ليتبرءوا منهم حتي تبرد نار قلوبهم ، وفي ذلك يقول الحق ( وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم ، حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) سورة : البقرة : 167 صورة الاعمي يوم القيامة وهناك صورة أخري يعطيها لنا القران الكريم عن ذلك الذي يحشر في يوم القيامة أعمي ، ومعني أعمي أن تحيط به ظلمات أعماله السيئة فلا يري شيئا ، يمشي فيسقط ويتخبط يمينا ويسارا ، ويتجه الي الله ، ويسأله عن سر حشره أعمي في الاخرة بينما كان بصيرا في الدنيا . فيرد الحق تبارك وتعالي بقوله ( قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا ، قال كذلك أتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي ) سورة : طه :125-126 الزوجة التي تدفع زوجها للمال الحرام وهنا نعرض لمشهد الزوجة التي تدفع زوجها الي الفساد ، ان هناك كثير من الزوجات يرهقن الازواج بالمطالب ، ويرفضن الحياة في حدود مرتب الزوج أو دخله ، بل يطالبن باستمرار بأشياء لا قدرة للزوج عليها ، ويضطر الزوج لكي يرضي زوجته أن يمد يده الي الحرام ، فيرتشي ويسرق ويختلس وينصب ويحاول بكل الطرق غير الشريفة أن يحصل علي المال ليرضي زوجته ويحقق لها ما تريده ، ويقول الحق جل جلاله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون ) الصافات : 22 ابليس وخطابه في أهل النار يوم القيامة سجل القران الكريم هذه الخطبة الابليسية في سورة ابراهيم عليه السلام ( وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي اني كفرت بما أشركتموني من قبل ان الظالمين لهم عذاب أليم ) أصحاب الاعراف ، ومن هم يقال في أصحاب الاعراف انهم مساكين أهل الجنة ، ذكر عن عبد الله بن الحارث قال : أصحاب الاعراف ينتهي بهم الي نهر يقال له : الحياة ، حافتاه قصب الذهب ، قال : أراه قال : مكلل باللؤلؤ ، فيغتسلون منه اغتسالة فيبدو في نحورهم شامة بيضاء ، ثم يعودون فيغتسلون ، فكلما اغتسلوا زادو بياضا ، فيقال لهم : تمنوا ، فيتمنون ما شاءوا ، قال : فيقال لهم : لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفا ، قالوا : فهم مساكين أهل الجنة https://sites.google.com/site/websitepuplicinformation/ شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر