اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
محمود سعيد

بعثة وإتمام!!

Recommended Posts

بعثة وإتمام!!

 

عندما أشرقت شمس الإسلام على ربوع الأرض الغارقة في ظلمات الشرك، وكان موضوعها هو ذلك الإنسان الذي مال عن فطرته، وعبَّد نفسه لغير خالقه، وانتكست وتردت أخلاقياته، جاءت هذه الرسالة لتنقل الإنسان نقلة بعيدة عن ذلك الواقع المرير، نقلة تغير من توجهه التعبدي والأخلاقي معًا، حيث أنه ما من فصل بين العقيدة وبين الأخلاق.

(التوحيد الخالص لله، والعبودية التامة له، والإيمان باليوم الآخر، لابد أن يكون من نتائج ذلك وثمراته أخلاقًا شريفة، سيكون من آثار ذلك الصدق والعدل والرحمة والإنصاف) [عن الأخلاق نتحدث، د. محمد العبدة، ص(10)].

وفي خمس كلمات يوجز رسول الله خلاصة دعوته في حديث شريف, فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) [رواه أحمد في مسنده، (9187)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ، (4114)]، فحقًا ورب الكعبة, كانت أيها القارئ بعثة وإتمام.

وإنك لعلى خلق عظيم:

حتى يعين الله تبارك وتعالى، النبي صلى الله عليه وسلم على هذا هدف البعثة المباركة, ويقطع على الناس شكوكهم في صدق هذا الهدف, وحتى لا يتناجوا بأن المصطفى يدعو إلى صالح الأخلاق فهل هو حقًا ـ في زعمهم ـ قد أتم هذه الأخلاق, فجاءت سورة القلم لترد على هذه الشكوك وهذه المزاعم الباطلة بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

فهذه الآية كفيلة وحدها، في حث الناس على مكارم الأخلاق, وإلى الاقتداء بحبيب الرحمن، والله تعالى لم يكتف بمدح حبيبه صلى الله عليه وسلم بأنه على خلق، فمن الممكن أن يقول: وإنك لعلى خلق, فيشهد له بأنه خلوق, وصاحب أخلاق حسنة, بل أضاف إلى مدحه لنبيه الكريم بأنه على خلق, أضاف إليها صفة العظمة {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

وما أروع ما قاله الشيخ السعدي رحمه الله حول هذه الآية، فقال: ({وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، أي عليٌ به مستعل بخُلُقِك الذي من الله عليك به, وحاصل خلقه العظيم ما فسرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمن سألها عنه فقالت: (كان خلقه القرآن) [روه أحمد في مسنده، (25338)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، (8942)]، وذلك نحو قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] ... وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق والآيات الحاثات على كل خلق جميل؛ فكان له منها أكملها وأجلها وهو في كل خصلة منها في الذروة العليا, فكان سهلًا لينًا قريبًا من الناس مجيبًا لدعوة من دعاه, قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه ولا يرده خائبًا) [تيسير الكريم الرحمن، السعدي, ص(974)].

عظماء من جامعة الأخلاق المحمدية:

(ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائحة) [رواه مسلم، (6362)]، هكذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه، بأنه رجل تستحي منه الملائكة، هذا الخليفة الراشد تخلق بخلق فاضل، ألا وهو خلق الحياء، فاستحق حقًا أن تستحي منه الملائكة؛ لأنه فقط كان على خلق، قد استقى خلقه القويم من إمامه ومعلمه وقدوته إمام الأخلاق، محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علَّم البشرية كيف تكون الأخلاق، وقدم لها نماذج فريدة، أذهلت أخلاقياتها العالم بأسره، فكان منهم ذلك الخلوق الحيي عثمان الشهيد.

وهذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (ما بلغني عن أخ مكروه قط إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به، هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة) [صفة الصفوة، ابن الجوزي، (1/167)].

(ودخل عيينة بن حصن على عمر بن الخطاب، قال: هيه يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله) [رواه البخاري، (4276)].

فما أعظمها وأروعها من أخلاق، قد خرجت من مشكاة واحدة، وعلمت البشرية كيف تكون أخلاق الإنسان عندما يعيش في كنف عبودية الله لا يحيد عنها.

___________.doc

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زائر
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..