اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
البرنسيسة وسام

شعاع من الأمل

Recommended Posts

 

 

كانت كلما داهمها الشعور بالوحدة تلجأ إلى كتاب الله ... فتهدأ نفسها ... وتزول همومها ... ويطمئن

قلبها ... وتجد بين كلماته سلوتها وعزائها

 

 

شعاع من الأمل

 

 

أخذت نجوى تتأمل باهتمام شديد الرسالة التى تسلمتها لتوها من ساعى البريد ... إنها مختلفة تماما فى شكلها عن الرسائل التى اعتادت أن تراها والتى كان يتلقاها والدها من أصدقائه وأقاربه ... كان الظرف أزرق ... مصنوعا من الورق الفاخر ... وبيد مرتعشة أخذت تفض الرسالة ... وهى تتساءل : ترى من أين جاءت؟ ... ومن بعث بها؟

 

لقد مرت سنوات طويلة ، وهى تعيش فى هذه الشقة العتيقة بعد أن رحل عنها أبوها ثم أمها ... لم تتلق خلالها رسالة واحدة ... وأخذت الأفكار والهواجس تتزاحم فى رأسها ... لابد أن هذه الرسالة من عمتها المريضة فى طنطا ... ربما تكون حالتها قد ساءت ... ولكن إذا صح هذا فمن أين لها بهذا الظرف الأنيق؟ إذن لابه أنها من خالتها الأرملة الغنية التى تعيش

فى العياط ... إن ابنها الصغير يعانى من مرض الربو ... وتداهمه أزمات كثيرة فى صدره ... ولعل مكروها حدث له

 

وفجأة وجدت نفسها تضحك فى سخرية وهى تقول : يالى من حمقاء ... إن الرسالة بين يدى ... فلماذا

كل هذا التكهنات ، وهذا القلق ... وفى استطاعتى أن أقرأ ما بداخلها ... وأعرف ما تحمله من أخبار وأقطع الشك باليقين

 

وفضت نجوى الرسالة ... وبدأت فى قراءتها ... وما كادت عيناها تقع على أول كلمة فيها حتى وجدت

نفسها - وبحركة لا إرادية - تطويها بسرعة شديدة وتخفيها بين يديها . لقد أفزعها ما قرأته ... ياله من شخص وقح هذا الذى بعث بها ... ماذا يريد منى ؟ وكيف عرف اسمى وعنوانى؟ كيف أتصرف يارب ... لقد عشت حياتى إنسانة طاهرة شريفة ... ولا أريد

أن أنزلق نحو أى فعل يغضبك

 

لقد كانت نجوى فتاة متدينة ... نعم إنها لم تتزوج حتى الآن رغم تجاوزها الثلاثين من عمرها ... ولكنها مع ذلك لم تستسلم لليأس ... كانت كلما داهمها الشعور بالوحدة تلجأ إلى كتاب الله فتهدأ نفسها ... وتزول همومها ... ويطمئن قلبها ... وتجد بين كلماته سلوتها وعزاءها ... ونظرت نجوى إلى الرسالة التى ما زالت تخفيها بين يدها فى تردد ... وأخذت تتساءل : هل تكمل قراءتها ... أم تمزقها وتلقى بها فى سلة المهملات؟ كيف يجرؤ هذا الوقح الذى كتبها أن يقول لها (يا حبيبتى) ... لابد أن يكون مصابا بالجنون

 

وبدأ تعيد هذه الكلمة على مسامعها بصوت خافت ... وكلما نطق بها لسانها أحست برعشة تسرى فى جسدها ... إنها كلمة تكاد تكون غريبة عنها ... لقد حُرمت من سماعها منذ وفاة أمها ... لكن لم يسبق لها أن سمعتها من رجل ... إن لها وقعا خاصا لم تشعر به من قبل

 

وحاولت نجوى أن تقاوم رغبتها فى معرفة ما تحمله لها الرسالة بين سطورها ... ولكنها لم تستطع ... ففتحتها ... وبدأت تقرأ كلماتها بصوت مسموع :" يا حبيبتى ... يا أجمل إنسانة فى الوجود "

 

وما كادت تقرأ هذه العبارة حتى ذرفت الدموع من عينيها ... فتوقفت عن القراءة ... ونحت الرسالة

جانبا ، وأخذت تجفف دموعها وهى تقول لنفسها : ياله من إنسان كاذب ... كيف يصفنى بأجمل إنسانة فى الوجود ... وهو يعرف أننى قبيحة ... يارب ... هل يمكن أن يرانى بهذا الجمال وأنا لم أحظ منه بأى نصيب؟! ... وأسرعت تهرول نحو المرآة ... وأخذت تدقق النظر فى وجهها وملامحها لعلها تهتدى إلى لمسة ولو بسيطة من الجمال

 

نعم ... إنهم يقولون أن الحب أعمى ... ولكن كيف لصاحب هذه الرسالة أن يحبنى دون أن يرانى ويتحدث إلىَّ ... ويتعرف إلى شخصيتى؟

 

وشعرت بدوار خفيف ، فألقت بجسدها على مقعد فى ركن الغرفة وجلست فى استرخاء وأمسكت بالرسالة وأخذت تقرأ ما بقى فيها من سطور :" لقد وجدت فيكِ الإنسانة التى أبحث عنها ... وأتمنى أن تشاركنى ما بقى لى من عمر ... أعرف أنكِ تقاسين كثيرا من الوحدة ... ولكنى أعدك أننى سأعوضك عن كل

ما قاسيته فى حياتك ... سأجعلك أسعد إنسانة فى الوجود ... وكل ما أطلبه منك أن تسمحى لى بالاستمرار فى الكتابة إليكِ ... فهى الخيط الذى

يصلنى بكِ ... ويجعلك أكثر قربا منى

 

وفى نهاية الرسالة كان هذا التوقيع ... "إنسان وهب

لك حياته" ولم تطو نجوى الرسالة بعد أن فرغت من قراءتها ، كما فعلت فى المرات السابقة ... ولكنها أعادت قراءتها مرة أخرى ... ثم مرة ثالثة ... ورابعة ... وفى كل مرة كان يراودها شعور غريب ... فقد أحست لأول مرة منذ أن بدأت حياتها

مع الوحدة أن الدنيا تبتسم لها ... ولاح لها المستقبل ... الذى كانت تخافه وتهرب من التفكير فيه ... مشرقا سعيدا

 

وبدأت نجوى تبذل المحاولات لتعرف من هو صاحب الرسالة ... فعادت بذاكرتها إلى الوراء شهورا بل سنوات ... واستعرضت كل الأشخاص الذين قابلتهم ... أو تعرفت بهم ... أو تحدثت معهم ، لعلها تعثر بينهم عن شخص أبدى اهتماما خاصا بها ... أو أثنى عليها ... ولكنها لم تهتد إلى أحد

 

استعرضت فى ذاكرتها زملاءها فى العمل ... فوجدت أن معظمهم متزوجون ... وأن غير المتزوجين منهم يصغرونها سناً ... فاستبعدتهم جميعا ... ثم بدأت تستعرض جيرانها واحدا واحدا ... وأشقاء صديقاتها ... فلم تجد بينهم من يحتمل أن يكون كاتب الرسالة!! وكاد عقلها يتوقف عن التفكير من كثرة الإجهاد وشعرت بحاجتها الشديدة إلى شىء من الهواء النقى ، حتى تستعيد نشاطها وحيويتها ، فخرجت إلى شرفة منزلها ... كان الليل على وشك أن ينتصف ... والهدوء يخيم على المكان ... لا يقطعه إلا صوت السيارات

التى تمر فى الشارع بين الحين والحين ... الظلام الحالك كان يلف المنازل المحيطة بالسواد فيجعلها مخيفة كالأشباح

 

ولفت نظرها نور خافت ينبعث من غرفة هناء جارتها وصديقة عمرها ... وتساءلت : ما الذى يجعلها مستيقظة حتى هذه الساعة المتأخرة؟ وسرحت بأفكارها قليلا ... وأخذت تستعرض علاقتها بصديقتها

 

وفجأة طرأ على بالها خاطر غريب رفضت فى بادىء الأمر تصديقه ... بل واستنكرته بشدة ... وحاولت الابتعاد عن التفكير فيه ... ولكنه ألح عليها ... وفرض نفسه على عقلها ... وأسرعت إلى غرفتها ... وفتحت الرسالة مرة أخرى ... فإذا بها تجد ما توقعته ... إنها مكتوبة بالحبر الأخضر ... إنه الحبر الذى اعتادت هناء أن تستخدمه ... وأمعنت النظر فى الخط ... فوجدته يشبه إلى حد كبير خط صديقتها ... وحاولت مرة أخرى أن تبعد هذه الشكوك والهواجس عن رأسها ... ولكنها ظلت تلاحقها ... وتلح عليها

 

وقررت أن تذهب إلى صديقتها فى الحال ... وتواجهها بما يدور فى رأسها من شكوك وهواجس حتى تتوصل إلى الحقيقة ... ويهدأ فؤادها ... ويرتاح بالها ... ودقت جرس الباب ... وكانت هذه الزيارة مفاجئة لصديقتها التى لم تستطع أن تخفى معالم الحيرة والدهشة التى بدت على وجهها عندما رأتها ... وواجهتها نجوى بما يدور فى خاطرها .. فانهارت هناء وخانتها دموعها ، واضطرت أن تصارحها بالحقيقة ... وتعترف لها بأنها صاحبة الرسالة ... وأن هدفها كان نبيلا ... لم تقصد أن تهزأ بها ... أو تسخر منها ... أو تسىء إليها ... إنما أرادت أن تملأ قلبها بالأمل ، وأن تعيد الثقة إلى نفسها إنها تكن لها حبا جما ، ولم تشأ أن تتركها تتعذب فى وحدتها ... فكتبت لها الرسالة الأولى .. وكانت تنوى أن تتبعها برسائل أخرى ... لعلها تجد فى رسائلها ما يؤنس وحدتها ... ويملأ عليها حياتها ... وطلبت منها أن تسامحها وتصفح عنها

 

وهنا أمسكت نجوى بالرسالة وأخذت تمزقها فى هدوء ، وهى تقول بصوت يملؤه الحسرة ويغلفه الأسى : ياليتك لم تعترفى لى بالحقيقة ... ياليتك أنكرتى أنك صاحبة الرسالة ... لقد أحسست لأول مرة فى حياتى بشعاع من الأمل يضىء قلبى ... ويجعلنى أكثر تعلقا بالحياة ... وها هو ذا ينطفىء فى لحظات ... ياللخسارة

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

قصه جميله جدا سردها رائع لكن نهايتها حزينه ونهايه سريعه

 

بدات القصه بتفاصيل وتعابير جميله وانتهت نهايه مباشره

 

سلمت يادك اختي وبارك الله فيكي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

ما اجمل الصداقه والحب بين الاصدقاء

 

وما اتعس حياة لهذه الفتاه فى ظل الوحده التى تعيشها

 

ولكن...

 

ما اعظم اللجوء الى الله فى كل وقت .. وما اهدأ اللحظات التى نقف فيها بين يدى الله

 

وما احلى التسليم لله .. وامضاء معه العقد ليتصرف فى امور حياتنا ...

 

انه عقد لن يضيعنا ابدا ...

 

سلمت يداك اختى الغاليه ** البرنسيسه وسام **

 

وعلى الرغم من نهايه القصه المؤلمه ... الا انها بصيص امل للخروج من كل يأس باللجوء الى الله

 

جزاكى الله خيرا وجعله الله فى ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر
وهنا أمسكت نجوى بالرسالة وأخذت تمزقها فى هدوء ، وهى تقول بصوت يملؤه الحسرة ويغلفه الأسى : ياليتك لم تعترفى لى بالحقيقة ... ياليتك أنكرتى أنك صاحبة الرسالة ... لقد أحسست لأول مرة فى حياتى بشعاع من الأمل يضىء قلبى ... ويجعلنى أكثر تعلقا بالحياة ... وها هو ذا ينطفىء فى لحظات ... ياللخسارة

 

هى قصة جميلة وفكرة حلوة وكل شئ

ولكن رايى ايضا

ياليتك لم تعترفى لى بالحقيقة ... ياليتك أنكرتى أنك صاحبة الرسالة ... لقد أحسست لأول مرة فى حياتى بشعاع من الأمل يضىء قلبى ... ويجعلنى أكثر تعلقا بالحياة ... وها هو ذا ينطفىء فى لحظات ... ياللخسارة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..