ABOTASNEEM 117 قام بنشر June 15, 2010 الإرشاد النفسي الديني على الرغم مما في القرآن الكريم من معلومات كثيرة وشاملة عن النفس الإنسانية ، أكثر مما في العلوم الدنيوية الأخرى ، فليس في القرآن الكريم " نظرية نفسية " مخططة مبوبة ذات فصول وتفصيلات ، ولكن هذه المعلومات المنبثقة في ثنايا القرآن الكريم يمكن أن تستوحى في استخلاص نظرية شاملة عن النفس ( حسن محمد على ثاني ، 1993 ، 155 ) ، ( ناهد عبد العال الخراشي ، 1999 ، 27 – 28 ) . يشير محمود إبراهيم عبد العزيز فرج ( 1998 ، 32 ) إلى أنه لا توجد فنيات محددة للإرشاد النفسي الديني ، ولكن المرشد النفسي يستخدم الفنيات التي يتميز بها الإرشاد النفسي الديني أو الموجودة في الإرشاد الدنيوي Secular Counseling فهو يستخـدم العلاج التحليلي ، والسلوكي ، والمعرفي ، والإرشاد النفسي الديني . الإرشاد النفسي الديني Religious Psychological Counseling إرشاد شامل لاتجاهات واستراتيجيات إرشادية أخرى كثيرة ، حيث نجد له جانباً حليلياً يبرز كيفية تناوله وتحليله لأسباب وأعراض الاضطراب النفسي لدى الشخص ، ومثل ما يقوم به المرشد النفسي الديني أثناء المقابلة الإرشادية في الكشف عن مكبوتات اللاشعور ، وتعرفها وإخراجها إلى حيز شعور المسترشد لعلاجها ، كما يحدد المرشد النمو الديني والقيم المؤثرة على المسترشد ، وكيفية الإفادة منها في عملية الإرشاد ، بالإضافة إلى امتلاكه جانباً إنسانياً يبرز في تعامله مع الإنسان كوحدة كلية شاملة ، وفي نظرته لصاحب الإرادة القوية والعقيدة الصحيحة على أنه مسئول عن اختياراته وأفعاله وأقواله ، مما يجعله متمتعاً بالتوافق والصحة النفسية ، بالإضافة إلى الجانب المعرفي المتمثل في تناول العمليات المعرفية العقلية وآليات التفكير الشامل ، أما الجانب السلوكي في الإرشاد النفسي الديني فيتمثل في استخدامه مبادئ وقوانين التعلم وعمليات عادة التعلم وتغيير وتعديل السلوك لمساعدته على التغلب على اضطراباته النفسية ، بالإضافة إلى أساليب الترغيب والترهيب من وسائل الثواب والعقاب (إيمان حسني محمد العيوطي ، 2004، 6 )، ويتفق ذلك مع ما أوضحته دراسة محمد درويش ( 1995، 205 ) حيت أسفرت عن أن الإرشاد النفسي الديني يشتمل على خصائص العلاجات النفسية الحديثة . يرى محمد عبد التواب معوض أبو النور ( 1996 ، 130 – 131 ) أنه توجد العديد من الفنيات الخاصة بالعلاج النفسي الديني التي لها أثر فعال في علاج النفس الإنسانية من اضطراباتها المختلفة ، وهذه الفنيات تستمد منهجها وإجراءاتها من الكتاب والسنة ، وهي عديدة ومتنوعة ، وتتناول العلاج بالتوحيد ، بالأدعية والأذكار ، بالاستغفار، بالصبر ، بالصلاة ، بالتخيل ، بالاسترخاء ، بالأضداد ، وتلك الفنيات يمكن اعتبارها فنيات معرفية سلوكية في آن واحد ، وتركز على أفكار المريض واتجاهاته المرضية المختلة وظيفياً وتمده بالمهارات التي تساعده على ممارسة السلوكيات المتكيفة. يشيرWorthington ( 1989, 596 – 597 ) إلى أن اختيار المعالج أو المرشد النفسي للفنيات الإرشادية في عملية الإرشاد النفسي الديني يتوقف على شروط مهمة ، وهي : 1- أن يعرف المرشد أن استخدام أي فنية علاجية إنما تساعد في تحقيق التعزيز الإيجابي للناحية الدينية للعميل . 2- أن يستخدم المرشد الفنيات الموجودة في الدين الذي يؤمن به ، بالإضافة إلى الفنيات الأخرى ، مثل : فنيات التحليل النفسي ، أو السلوكية ، أو المعرفية ، أو الوجودية وغيرها. 3- الاندماج الديني Religious Involvement أي المشاركة الدينية بين المعالج والعميل التي تؤدي إلى العلاقة القوية وإزالة الفوارق بينهما. هذا ما يميز الإرشاد النفسي الديني عن الإرشاد النفسي الانتقائي أو التكاملي ، كأسلوب وصفي متكامل منظم لمزيج من الفنيات المختلفة ، التي ينتقل خلالها المرشد حسب ظروف المسترشد صاحب المشكلة ، الذي يأتي للعلاج الانتقائي بمجموعة من الاضطرابات النفسية الناتجة عن مشكلات متعددة ؛ الأمر الذي يحتم على المرشد مواجهتها بعلاجات متعـددة الوسائل ، مع التركيز على استدامة العلاج ؛ باستخدام الأبعاد السبعة للشخصية BASIC– ID ، هي : السلوك ، والوجدان ، والإحساس ، والتخيل ، والمعرفة ، والعلاقات الشخصية ، والعقاقير ( مفتاح محمد عبد الفتاح ، 2001 ، 147 – 150 ) ، (هالة أحمد السيد ، 2005 ، 77 ) ، ولذا تشير Qulsoom Inayat(2001, 381) إلى أن الإرشاد النفسي التكاملي Integrative Counseling يعد وسيلة من وسائل الإرشاد النفسي الذي يتعامل مع العميل داخل الإطار الطبيعي والاجتماعي له ، ولكن الإرشاد النفسي الإسلامي ينتفع من المبادئ الأساسية للإرشاد التكاملي ، ويضيف إليها بعداً جديداً ، وهو العلاقة بين العميل وخالقه . ويرى ابن القيم أن أساليب العلاج الديني هي الأساليب الإيمانية المعروفة من محاسبة النفس والتوبة والإنابة والرجوع إلى الله والدعاء والذكر والعبادات ، وقد أورد الكثير من هذه الجوانب في كتبه ، مثل : مدارج السالكين ، والوابل والصيب من الكلم الطيب ، وإغاثة اللهفان، وطريق الهجرتين وباب السعادتين ، والجواب الكافي (الداء والدعاء) ، والطب النبوي000وغيرها (محمد محروس الشناوي ، 2001 ، 76 ) . ومن خلال المراجعة المسحية للدراسات الساب قة حول الإرشاد النفسي الديني في خفض قلق المستقبل – على حد علم الباحث – عرضت تلك الدراسات لعديد من الفنيات : كالأدعية والأذكار ، والوضوء ، والصلاة ، والتوحيد ، وقراءة القرآن الكريم ، وأمثلة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأسفرت عن فعاليتها في علاج النفس الإنسانية من اضطراباتها المختلفة ؛ لأنها تستمد منهجها وإجراءاتها من القرآن الكريم والسنة النبوية ، ويمكن استخدام بعض هذه الفنيات في إطار الفنيات النفسية التي نادت بها نظريات الإرشاد النفسي الحديثة ؛ لتدعيم تلك الفنيات النفسية بالمحتوى الديني ؛ لتعرف مدى فعاليتها في تخفيف قلق المستقبل المهني . 2- الصلاة Pray : الصلاة وسيلة يلجأ إليها الفرد طلباً للأمن والطمأنينة ، وهو يسير في خضم شدائد الحياة ، فقد أشار كل من Martin & Carlson 1988 إلى أن الصلاة تعد من أقدم الفنيات التي تستخدم في التدخلات العلاجية ، وأضاف أيضاً كل من Finne & Malony 1985 أن الصلاة كفنية علاجية مناسبة لخفض القلق (في : محمد عبد التواب معوض ، 1996 ، 135). فيتعلم الفرد منها الاسترخاء الذي يسهم كفنية للعلاج النفسي الديني في تخفيف أزمات الحياة ، وتكوين اتجاهات موجبة للتعامل مع ظروف الحياة ، والاقتناع بأن الأمور كلها بيد الله - - ، بالإضافة إلى أن ما يمكن أن يتعلمه الفرد من خلال الصلوات الخمس في اليوم ، يصبح عادة عامة في جميع مناحي سلوكه ، ويحميه من والتوتر والانفعالات الحادة (عبدالرحمن محمد العيسوي ، 2001 ، 184 – 190 ) . إن حالة الاسترخاء والهدوء النفسي التي تحدثها الصلاة تساعد على التخلص أيضاً من القلق الذي يشكو منه المرضى النفسيون ، فعادة ما تستمر تلك الحالة بعد الانتهاء من الصلاة ، وقد يواجه الفرد وهو في هذه الحالة – الاسترخاء – بعض الأمور أو المواقف المثيرة للقلق ، أو قد يتذكرها ، وتكرار تعرض لفرد لهذه المواقف المثيرة للقلق أو تذكره لها أثناء وجوده في حالة الاسترخاء والهدوء النفسي عقب الصلوات ، إنما يؤدي إلى ما يسمى بلغة النظرية السلوكية في عملية الإرشاد النفسي بـ : " الإنطفاء " التدريجي للقلق ، وإلى ارتباط هذه المواقف المثيرة للقلق بحالة الاسترخاء والهدوء النفسي ، وبذلك يتخلص الفرد من القلق الذي كانت تثيره هذه المواقف (سيد عبد الحميد مرسي ، 1985 ، 198). بالإضافة إلى ذلك ، فإن من أهم ما تعتمد علية نظرية التحليل النفسي - إحدى نظريات الإرشاد النفسي - أن مجرد إفضاء الفرد بمشكلاته وهمومه والتعبير عنها إلى شخص أخر يسبب له راحة نفسية ، من خلال تخفيف حدة قلقه ، وهذا ما يسمى بـ : " التفريغ الانفعالي " ، فإذا كانت حالة الإنسان النفسية تتحسن إذا أفضى بمشكلاته لآخرين ، فما بالك بمقدار التحسن الذي يمكن أن يطرأ عليه إذا أفضى بمشكلاته لله - سبحانه وتعالى - ويسبق الوضوء الصلاة وما له من أثار نفسية وجسمية وروحية واجتماعية عظيمة ، فهو ليس تطهيراً للجسد مما قد يكون علق به من درن ، ولكنه أيضاً تطهير للنفس وتحريرها من مشاعر الذنب والإثم والعصيان ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات, هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء. قال : فذلك مثل الصلوات الخمس, يمحو الله بهن الخطايا " ( رواه البخاري و مسلم )، بالإضافة إلى أن استخدام الماء في الوضوء - كما أشار رشاد عبد العزيز موسى ، وعبد المحسن عبد الحميد إبراهيم حمادة (2001 ) - يحدث حالة من تجديد النشاط ، وإزالة التوتر وإحداث حـالة الراحة والاسترخاء ، وهذا ما أشارت إليه نظريات الإرشاد النفسي الحديث ، كما أوضح حامد عبد السلام زهران ( 1995 ، 385 ) بـ : " الإرشاد النفسي بالماء " الذي يستعمل في علاج حالات القلق والهياج الحركي والانطواء ، وله تأثيره الإيجابي على الجهاز العصبي ، فيؤدي إلى استرخاء العضلات، وتهدئة المريض. يشير محمد عثمان نجاتي ( 1983، 122 ) إلى أن الماء البارد يهدئ من فورة الدم الناشئة عن الانفعال ، كما يساعد على تخفيف التوتر العضلي ، وقد استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء في علاج الاضطرابات النفسية ، ومن بينها الغضب ، حيث قال : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من نار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " (رواه أبو داود). شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر