ali desoky 391 قام بنشر August 25, 2010 الصوم ودورة فى الصيانة الربانية لاحتراق البشرية أظهر العلم الحديث أن ما نراه من أشياء في الحياة الدنيا، هو مظاهر متباينة للطاقة، وأن الحركة في الكون لا تنشأ إلا عن عملية احتراق، والاحتراق ظاهرة لا تحتاج إلى دليل، فكل ما في صفحة الكون في حال احتراق، فأَلْسِنَةُ اللهب تتطاير مئات الكيلو مترات من الشموس، وضوؤها يصل لنا فيبعث فينا الطاقة والطاقة ملازمة لموج البحار وحركة الرياح، حتى الشجر الأخضر وعملية التمثيل الغذائي الكلوروفيللي التي يقوم بها، ينتج عنها غاز الأكسجين الذي هو أساس عملية الاحتراق وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ يس ، ولا بد للإنسان من الطاقة وعملية الاحتراق حتى يسعى في الأرض، وقد عرف الإنسان منذ القدم الحاجة إلى الطعام، وقد أظهر الطب الحديث أن الطعام لا يمد الإنسان بالفيتامينات والمعادن والأملاح فقط، وإنما يمده أيضًا بالسعرات الحرارية، وعندما درس العلماء صنوف الطعام والشراب، علموا مقدار الطاقة التي يقدمها كل منها، وبالتالي تحولت عملية هضم الطعام إلى احتراق يحول الطعام إلى سعرات حرارية، ويستخلص منه ما ينفع الجسم من الفيتامينات وغيرها ومن البديهي أن أهم المهام التي يتولاها مصممو الأجهزة والآلات والماكينات التي تتعامل مع الطاقة بأي صورة من صورها، أن يجعل لها أنظمة تبريد وتشحيم، سواء أثناء حركة الآلة نفسها أو في فترات الصيانة الدورية، وكلنا نعلم أن السيارات والطائرات والقطارات والسفن وغيرها تدفعها المحركات، ولا بد للأجزاء المتحركة من زيوت معينة، ونقاوة ولزوجة محددة، حتى تحافظ على معدلات أدائها، وأي خلل في عملية التبريد هذه تصيب الآلة بأعطال وخلل في أداء وظيفتها، وكل صانع يضع مواصفات أنظمة التبريد لما يبتكره من آلات فيا ترى ما التبريد الذي يحتاجه الإنسان حتى تكون حركته في الحياة الدنيا على أمثل صورة؟ إننا دائما نتوجه بمثل هذا السؤال إلى علماء النفس أو الأطباء أو غيرهم، وهم من خلال علمهم وأبحاثهم يقدمون العديد من الإجابات، فهل فكرنا في أن نطرح هذا السؤال على خالق الإنسان؟ إذا أردت أن تعرف الإجابة فعليك أن تتوقع وجود نظامين للصيانة والتبريد أحدهما ملازم لحركة الإنسان اليومية في الحياة، والثاني صيانة دورية سنوية تتجدد فيه أجهزة الاحتراق، لتعود إلى حالة التشغيل الأمثل، والضبط الشامل لكل الأجزاء أولاً الصيانة المصاحبة للحركة اليومية دعنا نتأمل حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي يرويه عن النبي حيث يقول «تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الفجر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يُكتب عليكم شيء حتى تستيقظوا» قال الألباني في صحيح الترغيب رواه الطبراني في الصغير والأوسط وإسناده حسن إن تكرار كلمة احتراق عشر مرات في الحديث ليست مصادفة، وإنما هو أسلوب تأكيد تعرفه العرب، فالاحتراق الأول منذ استيقاظ المسلم من نومه حتى صلاة الفجر، يغسله الوضوء الأول لصلاة الفجر، والمراد هنا التبريد، بمعناه المعاصر، واحتراق المرء في حياته إما أن يثمر طاعة الله تعالى في قلبه، أو يثمر معصية ينكت في قلبه سواد على قدر ذلك الذنب، والوضوء لا يغسل الجوارح ويلطف من درجة حرارة الأعضاء فقط، وإنما يزيل سواد المعصية، ويستبدله بضياء المغفرة، فالأطباء وعلماء النفس وغيرهم يغفلون دور الشيطان في عملية الاحتراق ودورة التبريد اللازمة لها، وعندما نرجع إلى الوحي يتبين لنا أمور جديدة، ففي الحديث عن رَسُول اللَّهِ «إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خُلق من نار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» أبو داود ، وضعفه الألباني ويحلل الأطباء ظاهرة الغضب أن سببًا ما أدى إلى ارتفاع ضغط الدم، ولا يدركون أن الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، قد وسوس للغضبان في عقله ونفسه، ودفع طاقة زائدة في دمه، فظهرت أعراض ارتفاع ضغط الدم، وعلاج هذا العرض عند الأطباء حبوب تخفض الدم، وهذا جيد، ولكن الداء الحقيقي علاجه في الوضوء الذي يعادل الطاقة الزائدة ويحدث تبريدًا سريعًا، فيسبب انخفاضًا في درجة حرارة أعضاء الوضوء، ومن ثم تضيق الشُعيرات الدموية المعرضة لماء الوضوء، وبالتالي تقل الدماء التي تصلها، وتُطفئ ثورة الشيطان في عروق ابن آدم، وتضيق عليه مجرى العروق، فيقضي على الداء وأعراضه معًا فالوضوء إذن له دور مهم في عملية الاحتراق، وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ قال «إذا توضأ العبد المسلم، فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًا من الذنوب» مسلم وإذا كان الوضوء هو الطهور الحقيقي للمثول بين يدي الله ومناجاته ففي الحديث الشريف «الطهور شطر الإيمان» مسلم فما بالك بالصلاة؟ وهي أشرف مناجاة بين العبد وربه، فرضها الله تعالى على نبيه من فوق سبع سماوات، ولهذا من أداها يتلقى خلالها نور الهداية والتوفيق من الله تعالى، فيضيء قلبه في الدنيا ويُحشر يوم القيامة ووجهه كالبدر يوم تمامه، أما من يحترق طوال يومه حائرًا بين المعاصي، ضائعًا في دروب النفس والشيطان والهوى، يتردى بين الكبر والخُيلاء، والظلم والاستبداد والحسد والحقد والبغضاء، فإن قلبه في الدنيا مُغلف بسواد المعصية ويُحشر يوم القيامة مع من قال فيهم الحق تبارك وتعالى وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ الزمر وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي قال لبلال عند صلاة الفجر «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؟ فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة»، قال ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» البخاري ، ومسلم وعن أبي هريرة أيضًا أن رَسُول اللَّهِ قال «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رَسُول اللَّهِ، قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط» مسلم والمراد هنا الجهاد في سبيل الله، فجهاد النفس والشيطان يكون بدوام الطهارة وإسباغ الوضوء، وحب الصلاة والمداومة عليها من أعظم الإيمان، فالصلاة عماد الدين، ومن أقامها أقام الدين واستعمل الأسلوب الرباني في صيانة الكيان الإنساني، وضمن أن يُبعث يوم القيامة ونوره يسعى بين يديه ثانيا الصيانة السنوية للإنسان كتب علينا الصيام كما كتب على الذين من قبلنا، فبدلت الأمم أحكام الصيام، وحافظ عليها المسلمون كما أداها النبي وأصحابه، وكانت معظم شعوب الدنيا، ترى أن الصيام هو الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير من الأمراض وقد انتبه الحكماء قديمًا وحديثًا لفوائد الصيام؛ فقد أوصت به مخطوطات حكماء الإغريق، ومنهم سقراط وأفلاطون وأرسطو وجالينوس، وأكدوا أن الصوم هو الطريق الطبيعي للشفاء من الأمراض، والأطباء يجددون في العصر الحديث دعوتهم إلى الصيام بعدما رأوا النتائج المبهرة التي يقدمها هذا الصوم للإنسان في مواجهة مختلف الأمراض حتى إننا نجد اليوم على شبكة الإنترنت مواقع ومجلات بأكملها خاصة بالصوم، مثلاً موقع الصوم إن الدواء لكثير من الأمراض موجود في داخل كل منا، فجميع الأطباء يؤكدون اليوم أن الصوم ضرورة حيوية لكل إنسان حتى ولو كان يبدو صحيح الجسم، فالسموم التي تتراكم خلال حياة الإنسان لا يمكن إزالتها إلا بالصيام والامتناع عن الطعام والشراب يقول أحد الأطباء يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مئتي كيلو جرام من المعادن والمواد السامة، كل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلو جرامات من المواد السامة والملوثة مثل أكاسيد الكربون والرصاص والكبريت إن الحل الأمثل لاستئصال هذه المواد المتراكمة في خلايا الجسم هو استخدام سلاح الصوم الذي يقوم بصيانة وتنظيف هذه الخلايا بشكل فعال، وإن أفضل أنواع الصوم ما كان منتظمًا، ونحن عندما نصوم لله شهرًا في كل عام إنما نتبع نظامًا ميكانيكيًّا جيدًا لتصريف مختلف أنواع السموم من أجسادنا الصوم أقوى سلاح ضد الاضطرابات النفسية من أغرب الأشياء التي لفتت انتباهي في الصوم قدرته على علاج الاضطرابات النفسية القوية مثل الفصام حيث يقدم الصوم للدماغ وخلايا المخ استراحة جيدة، وبنفس الوقت يقوم بتطهير خلايا الجسم من السموم، وهذا ينعكس إيجابيًّا على استقرار الوضع النفسي لدى الصائم حتى إن الدكتور يوري نيكولايف مدير وحدة الصوم في معهد موسكو النفسي قد عالج أكثر من سبعة آلاف مريض نفسي باستخدام الصوم؛ حيث استجاب هؤلاء المرضى لدواء الصوم فيما فشلت وسائل العلاج الأخرى، وكانت معظم النتائج مبهرة وناجحة واعتبر أن الصوم هو الدواء الناجع لكثير من الأمراض النفسية المزمنة مثل مرض الفصام والاكتئاب والقلق والإحباط الصوم يخفّض الشهوة الجنسية إن إنتاج الهرمون الجنسي يكاد يكون معدومًا أثناء الصوم، وهذا ما حدثنا عنه الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بقوله «فعليه بالصوم فإنه له وِجاء» متفق عليه والوِجاء هو رضّ عروق الخصيتين؛ فيكون شبيهًا بالخصاء، وفي هذه الكلمة إشارة قوية وعلمية لانخفاض شهية الصائم الجنسية بسبب انخفاض هرمون الجنس عنده حتى الحدود الدنيا صيام المتقين إن هدف الصوم كما حدده القرآن الكريم هو الوصول إلى مقام التقوى، فقد ختم آية التكليف بالصيام بقوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة ، وفي السُنة المطهرة نجد للصوم دوره البارز في خفض تأثير الشيطان على ابن آدم، فشهر رمضان بمثابة معركة بين الإنسان وأعدائه اللألداء من الشياطين وأعوانهم، فالصيام من العبادات القليلة التي لا مجال للرياء فيها، وكان إغلاق أبواب جهنم، وفتح أبواب الجنان، وتصفيد الشياطين، كل ذلك من عون الله تبارك وتعالى للعبد، وتيسيره له حتى يخلص في عبادته، ولا بد للمرء من جهد يبذله، وعمل صالح يقدمه، والصوم يحاصر الشيطان ويضيق عليه مجاري العروق، فيحد من تأثيره على أعضاء جسد الإنسان، ووسوسته الخبيثة على نفسه، فشهر رمضان يمثل حصارًا مستمرًا على الشيطان، ولو أداه ابن آدم كما ينبغي، ولم يمنع الطعام والشراب فقط، بل توقف عن الغيبة والنميمة، وأكل الربا، والخوض في الأعراض، وأكل السحت والمال المكتسب من الرشوة والحرام، وشهادة الزور، وقول الباطل، والانسياق وراء المفاسد والشهوات، وتجنب المنكرات، وسارع إلى الخيرات، بل لو صاحب الصيام، طول القيام، مع تلاوة خالصة للقرآن، يعيش خلالها في رياض الذكر الحكيم، وقصص أنبياء الله الصالحين القانتين، فسيشارف العبد على منازل الشهداء والصديقين إن الامتناع عن الطعام والشراب طوال شهر كامل يحقق صيانة سنوية للجهاز الهضمي مع التضييق على الشيطان وحركته في العروق، ويعرج بالروح إلى بلاد الأفراح، فتشتاق الأرواح إلى دار السعادة في مقعد صدق عند المليك المقتدر، فاللهم وفقنا لطاعتك في هذا الشهر الفضيل، وما بعده من أيام عمرنا، ومتعنا بأسماعنا وقوتنا أبدًا ما أبقيتنا، واجمعنا مع حبيبك ومصطفاك في الدنيا والآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر