اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
دعوه للجنه

أجمل ما يمكن قراءته فى تفسير سورة البقرة" للشيخ محمد حسان"

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

" تفسير سورة البقرة للشيخ محمد حسان"

 

 

تلخيص ما فسره الشيخ محمد بإيجاز

 

......................

سورة اليقرة سورة مدنية باتفاق أي نزلت كلها بالمدينة حتى أخرأية من القرأن الكريم كله نزلت، هي أية من أيات سورة البقرة ألا وهي قوله تعالى

(واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون ) نزلت تلك الأية على النبي(صلى الله عليه وسلم) بالمدينة قبل وفاته بتسع ليالٍ وقيل بشهر ،وأما الأية التي نزلت عليه (صلى الله عليه وسلم)في حجة الوداع وهي قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) هذه الأية الكريمة ليست بأخر ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 0

وقد سميت سورة البقرة بهذا الأسم لأن الله تعالى ذكر فيها قصة بقرة بني اسرائيل والتي أمر نبي الله موسى (عليه السلام) بني اسرائيل أن يذبحوها لحكمة أرادها الله تعالى 0

وهي مكونة من 286أية، وتتكون من 6221كلمة وتتكون من 25500 حرف وقد تعمدت ذكر هذا لتعلموا فضل قراءتها فقد قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول (الم) حرف بل ألفٌ حرف ولامٌ حرف وميمٌ حرف 0

فياله من فضل كبيرلمن قرأ تلك السورة الكريمة ومن ثمّ ها هو فضل سورة البقرة0وهذه السورة الكريمة هي أطول سور القرأن الكريم كله، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ بها في صلاة الليل لا أقول كان يقرأ بها وحدها في صلاة الليل بل كان يقرأ بها مع النساء وأل عمران في ركعة واحدة ،روى مسلمٌ وغيره من حديث حذيفة ابن اليمان -رضي الله عنه- قال صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم)ذات ليلة قال فافتتح النبي(صلى الله عليه وسلم) البقرة، فقلت يركع عند المائة قال فمضى (صلى الله عليه وسلم) فقلت يصلي بها في ركعة قال فمضى فقلت يركع بها قال فافتتح النساء، فقلت يركع بها قال فافتتح أل عمران يقرأ مترسلاً إذا مر بأيةٍ فيها تسبيحٌ سبح وإذا مر بسؤالٍ سأل وإذا مر بتعوذٍ استعاذ ،قال ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم نحواً من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده فأطال قيامه نحواً من ركوعه أو قريباً من ركوعه ثم سجد فجعل يقول سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى قريباً من ركوعه أو قريباً من قيامه 00

بأبي هو وأمي وروحي (صلى الله عليه وسلم) فهل جربت ذلك أنا شخصياً حاولت أن أجرب هذا ففشلت وما استطعت ومن ذا الذي يحاكي المصطفى (صلى الله عليه وسلم)

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تجعلوا بيوتكم مقابرإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤتى يوم القيامة بالقرأن وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وأل عمران كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أي ضوء ونور أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما .

قال عليه الصلاة والسلام أقرأوا القرأن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعٌ لآصحابه ،إقرأوا الزهراوين البقرة وأل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامةكأنهما غمامتان أوغايايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما إقروا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة -أى السحرة -0

............................................................

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين :

( ألم )هذه الأحرف المتقطعة بدأ الله -عز وجل- بها بعض سورالقرأن الكريم لحكمةٍ وإن غابت عن بعض البشر ولا يوجد في القرأن الكريم كله كلمة وجدت بلا معنى وبلا مغزى وبدون حكمة ، فما من كلمة إلا ولها معنى و لها حكمة ولها مراد وإن غابت الحكمة عن كل البشر فهي لا تغيب أبداً عن الحق -تبارك وتعالى-

هذه الأحرف بدون التكرار للحروف نرى أنها تتكون من 14 حرفاً جمعت في جملهٍ بليغةٍ بديعةٍ وهي (نصٌ حكيمٌ قاطعٌ له سرٌ) واختلف العلماء والمفسرون في هذا السر، فبعضهم قال أن هذه الحروف إنما هي أسماء السور، ومنهم من قال انها فواتح أفتتح الله بها القرأن الكريم ، ومن أهل العلم من قال بل هي أسماء لله تعالى، بل قال ابن عباس بل هي اسم الله الأعظم ،لكن أكثر أهل العلم قالوا هذه الحروف المقطعة أنزلها الله تعالى ليبين اعجاز القرأن الكريم (فإنهم ولو اجتمعوا فإنهم عاجزون عن الإتيان بمثله مع أنه مكون من هذه الحروف المقطعة التي تتكلمون بها وتتحدثون بها ) وإن كنت أنا أميل إلي هذا الرأي الأخيرفهذا هو أبلغ التفسيرات وأحبها إلي قلبي وهذا هو ما قال به أكثر أهل العلم 0ولذلك ما أنزلها الله تبارك وتعالى جملة واحدة في أول القرأن وإنما تكررت في كثير من سور القرأن الكريم فلماذا؟للتحدي وللتبكيت وللتعجيز فقال تعالى (ألم ) أي أن هذه الحروف إنما هي من جنس حروفكم التي تتخاطبون بها وتتحدثون بها ومع ذلك فأنتم عاجزون عن الإتيان بمثل هذا القرأن الذي يتلوه محمد (صلى الله عليه وسلم) فطلب منهم الحق تعالى أن يأتوا بمثله فلما عجزوا طلب منهم أن يأتوا بعشر سور فلما عجزوا طلب منهم أن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ وهذا اعجاز وتبكيت وتعجيزوما زال هذا التحدي موجود ليومنا هذا 0وللتعجيز ايضاً أن هذه الأحرف تارةً تأتي في حرفٍ واحدا (ص ، ن ، ق) وتارة تأتي مكونة من حرفين(حم ، طه ) وتارة من ثلاث أحرف (ألم ، ألر) وتارة من أربع أحرف (ألمر ،ألمص) و تارة من خمس احرف (كهيعص، حم عسق ) قمة التبكيت والتعجيز وكأنها قرعٌ بالعصى لكل من تحدى القرأن الكريم لتكون منبهةٍ لهم إذا انصتوا إليه 0

(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين) معنى ذلك أن هذا القرأن الذي بين أيديكم لا شك فيه إنه نزل من عند الله تعالى 0و الكتاب هو القرأن الكريم ،والقرأن اسم من اسماء الكتاب، ومن اشهر أسماء القرأن الفرقان والذكرو التنزيل ومعنى القرأن هو كلام الله المعجزبلفظه ومعناه و المنزل على قلب محمد(صلى الله عليه وسلم) والمتعبد بتلاوته والمتحدى بأقصر سورة فيه المنقول إلينا بالتواتر والمكتوب في المصاحف من سورة الفاتحة إلي سورة الناس ، يتكون القرأن الكريم من (114) سورة (6236)بعد الكوفيين ،وبعد غير الكوفيين (6666) أية 0 وهي تشتمل على 1000أية أوامر،1000 اية نواهي ،1000 أية وعد ،1000 أية وعيد ، القصص والأخبار 1000 أية ، العبر والأمثال 1000 أية ، الحلال والحرام 500 أية ، الدعاء 100 أية ، والناسخ والمنسوخ 66 أية 0هذا هو القرأن

(لا ريب فيه) ومن العلماء من فرق بين الشك والريب ،فقالوا الريب شك مع تهمة ،وأما الشك وقوف النفس بين شيئين متناقضين بحيث لا يترجح أحدهما على الأخر بأمارة واضحة ، والقرأن الكريم لا شك فيه ولا ريب فيه لا مع تهمة ولا بغير تهمة فهو كنز معانٍ وبحر حقائق ونهر جواهر ودرج زواهر ومعين درر وعالم علم ودقة نظم وجمال أسلوب وعذوبة لفظ وبهاء رونق وكمال بيان أشهد أنه كلام الرحيم الرحمن0

والوقوف على (لا ريب فيه) أولى من الوقوف على(لا ريب) إذ أن الوقوف على (لا ريب فيه) أي لاشك أنه من عند الله وهو هدىً للمتقين 0 أما الوقوف على (لا ريب) أي أن هذا الكتاب لا شك أنه من عند الله (فيه هدىٍ للمتقين) أي أن في بعضه هدىً للمتقين، والقرأن كله فيه هدىً للمتقين وليس في بعضه ،ولذا فالوقوف على (لا ريب فيه ) أولى 0

(هدىً للمتقين) من هم المتقون هم المؤمنون الذين يتقون الشرك بالله ويعملون بطاعته -عز وجل-

 

 

فما هي صفات هؤلاء المتقين؟

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

هدىً للمتقين)

من هم المتقون هم المؤمنون الذين يتقون الشرك بالله ويعملون بطاعته -عز وجل- فما هي صفات هؤلاء المتقين؟

انتبهوا معي أخواني فقد خص الله -جل وعلا- المتقين بالهدى فإن كان القرأن كله في ذاته هدىً إلا أنه لا ينتفع بهداية القرأن إلا أهل الإيمان والتقى وإلا فكثيرٌ من الناس يسمع القرأن ولا يتأثربه لأنه لا يحقق الإيمان بالله -جل وعلا-لأنه لم يحقق التقوى لله -تبارك وتعالى- والهداية ها هنا هداية الدلالة والتعريف والإرشاد والبيان ، ولذا نسأل كثيراً لماذا لاينتفع الناس بالأيات؟ لماذا يرى الناس الأيات العظيمة الجليلة ولا تتأثر القلوب بها ؟ لقد حسم القرأن هذه المسألة وأجاب على هذا السؤال جواباً بيناً واضحاًَ فقال تعالى (إن في ذلك لأيةً لمن خاف عذاب الأخرة) 0وحين تتبعت كلمة هدىً في القرأن الكريم كله فوجدتها قد وردت في القرأن على 13 معنى ،ولا يتسع الوقت لذلك فقد نفسر كلٌ في موضعه إن شاء الله تعالى ،لكن معنى هدىً هاهنا أي أن هذا القرأن مصدر الهدى والإرشاد والدلالة والتعريف والبيان للمتقين المؤمنين الذين يتقون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه والوقوف عند حدوده- تبارك وتعالى-0

المتقون : أصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخاف وقاية ،وتقوى العبد لربه -جل وعلا- أن يجعل بينه وبين غضب الله وسخط الله وعذاب الله وقاية ،هذه الوقاية هي فعل الطاعات واجتناب المعاصي ،

قال عليٌ بن أبي طالب-رضي الله عنه-التقوى هي العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والرضا بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل 0

قال أبو هريرة وثبت أنه أيضاً كلام أُبي بن كعب -رضي الله عنهما- سأل سائلٌ أبا هريرة فقال ما التقوى ؟قال له هل مشيت على طريقٍ فيه شوك ؟، قال نعم ،قال وماذا صنعت؟ قال كنت إذا رأيت الشوك اتقيته ،فقال أبو هريرة ذاك التقوى 0قيل أن السائل هو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - 0 وعرف التقوى طلق بن حبيب فقال التقوى أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله 0

ثم بعد ذلك يذكر ربنا -جل وعلا- بعض صفات هؤلاء المتقين،

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

(الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)0

(الذين يؤمنون بالغيب) قال ابن عباس (يؤمنون) أي يصدقون ،فالإيمان لغةً هو التصديق ،ومعنى الإيمان الإصطلاحي هو قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، قولٌ بالأركان وعملٌ بالجنان

وأركان الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخروالقدر خيره وشره والبعث والحساب وكل ما هو غيب ،

وللإيمان حلاوة ، وللإيمان نور،وللإيمان طعم ، فأول صفة من صفات المؤمنين المتقين إيمانهم بالغيب اعتقاداً وقولاً وفعلاً ، وكما إن الإيمان يزيد في القلب بالطاعة فهو ايضاَ ينقص بالمعصية إذا ارتكب الإنسان كبيرة من الكبائرقد تخرج الإيمان من القلب كله وهذا ليس تكفيراً بالكبيرة فأهل السنة ولله الحمد لا يكفرون بكبائرالذنوب ولكن المؤمن إذا ارتكب كبيرة من كبائرالذنوب خرج منه الإيمان وأصبح فوق رأسه كأنه ظلة فإن ندم واستغفر وتاب إلى الله عاد إليه الإيمان مرة أخرى ،

وفي سنن الترمذي وغيرها من حديث أبي هريرة بسندٍ صحيح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر ثُقل قلبه فإن عاد عادت وإن زاد زادت فذلك الران 0

والسؤ ال الأن ما هو الغيب؟ الغيب اختلفت عبارات السلف في معناها في هذه الأية وكلها صحيحة فمنهم من قال الغيب أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخروالجنة والنار والبعث والحساب والصراط إلى غير ذلك ،ومنهم من قال الغيب هو القدر، ومنهم من قال الغيب هو الله هكذا قالوا يؤمنون بالغيب أي يؤمنون بالله - جل وعلا- لأننا لا نرى ربنا - سبحانه وتعالى- لكننا نرى أياته من العرش إلى الفرش، ومن السماء إلى الأرض،فكل هذا غيب 0

الغيب هو كل ما غاب عنا وأخبرنا به ربنا -جل وعلا-على لسان نبينا (صلى الله عليه وسلم) مما لا تنتهي إليه العقول وحدها ولا تدركه العقول وحدها لمَ ؟ لأن محاولة إدراك الغيب بالعقل المحدود بحدود الزمان والمكان فتكليف هذا العقل المحدود أن يعرف اللامحدود وأن يعرف المطلق وأن يعرف الغيب الذي لا يحد بزمانٍ ولا مكانٍ فهو محاولةٌ بائسةٌ فاشلةٌ عابثةٌ 0

لا يستقل العقل دون هداية بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا

كالطرف دون النورليس بمدركٍ حتى يراه بكرةً وأصيلا

نورالنبوة مثل نور الشمس للعين البصيرة فاتخذه دليلاً

فإذا النبوة لم ينلك ضياؤها فالعقل لا يهديك قط سبيلاً

طرق الهدى محدودةٌ إلاعلى من أمَ هذا الوحي والتنزيلَ

فإذاعدلت عن الطريق تعمداً فاعلم بأنك ما أردت وصولاً

يا طالباً درك الهدى بالعقل دون النقل لن تلق لذاك دليلاً

يا ترى أي عقلٍ عرفته الأرض أزكى وأطهروأنور إنه عقل المصطفى ومع ذلك لم يستطع نور قلوبنا بعقله أن يتعرف على حقائق الإيمان وحقائق الوحي قال ربنا تعالى وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم 0

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(ويقيمون الصلاة) نعم فالمتقون يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة (يقيمون الصلاة) أي يتمون ركوعها وسجودها والتلاوة فيها ويحققون فيها الخشوعويقبلون فيها على الله –جل وعلا- هذا هو معني إقامة الصلاة، فالمصلون كثير والمقيمون الصلاة قليل، أي أنهمن يصلي كثير ولكن من يقيمون الصلاة فيصبغون لها الوضوء ويتمون لها الركوع،والسجود، والقيام،والقراءة ويتمون أركانها وواجباتها ويحققون الخشوع فيها، فهؤلاء هم القليلون، وهؤلاء هم المقيمون للصلاة،أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم ،

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد النبوي ورسول الله(صلى الله عليه وسلم) جالسٌ في ناحية المسجد فدخل الرجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي(صلى الله عليه وسلم) فقال له (صلى الله عليه وسلم) بعدما رد السلام ارجع فصلي فإنك لم تصلي.فرجع الرجل فصلى، فلما قضى صلاته أتي النبي (صلى الله عليه وسلم)فسلم عليه فرد عليه النبي(صلى الله عليه وسلم) السلام ثم قال له (عليه الصلاة والسلام) ارجع فصلي فإنك لم تصلي،فرجع الرجل مرةً أخرى وأعاد الصلاة ثم أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) في المرة الثالثة فسلم عليه فرد عليه النبي(صلى الله عليه وسلم) السلام ثم قال له ارجع فصلي فإنك لم تصلي، فقال الرجل والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني يا رسول الله كيف أصلي؟

يا الله ما عنفه النبي(صلى الله عليه وسلم)وما وبخه وما جرح مشاعره وإنما قال له (صلى الله عليه وسلم) إذا قمت إلى الصلاة فأصبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر،ثم اقرأ الفاتحة وما تيسر معك من القرءان،ثم اركع حتى تطمئن راكعاً،ثم ارفع حتى تستوي قائماً،ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً،ثم افعل ذلك في صلاتك كلها0

قال تعالى:(فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)0 هذه هي إقامة الصلاة فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة وروى مالك بن أنس في الموطأ من حديث النعمان بن مرة وفيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته 0فقالوا يا رسول الله وكيف يسرق صلاته؟! قال (صلى الله عليه وسلم) لا يتم ركوعها ولا سجودها0 يا الله انظر إلى عدد من يسرق الآن صلاته !!

وفي صحيح مسلم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن الرجل يؤخر صلاة العصر إلى قبيل الغروب أو حتى تطلع الشمس من مغربها فقال(عليه الصلاة والسلام) تلك صلاة المنافق0

فلا حول ولا قوة إلا بالله0 وهل يصلي المنافق؟ نعم وقد وصف الله –تبارك وتعالى- صلاة المنافق في قوله تعالى :

(وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا)

وقد روى الطبراني وابن خزيمة من حديث أبي عبد الله الأشعري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلاً يصلي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده فقال النبي(عليه الصلاة والسلام) حينما رأه على هذه الحالة قال لو مات هذا على حاله هذه مات على غير ملة محمد، ثم قال النبي(صلى الله عليه وسلم) مثل الذي لا يتم ركوعه ولا سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين فلا يغنيان عنه شيئاً،0

إذن فالمتقون يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة أي يتمون ركوعها وسجودها والتلاوة فيها ويحققون فيها الخشوعويقبلون فيها على الله –جل وعلا- ويستحضرون فيها هيبة الله وعظمة الله وجلال الله , ولو كان ذلك مستحيلاً ما أمر الله به المكلفين،فالكثير يعتقد أن الخشوع في الصلاة وإقامة الصلاة أمرٌ مستحيل وذلك لأن قلوبنا الآن قد انشغلت بالدنيا إلى حدٍ خطير فأصبحت القلوب مزدحمةً ممتلئةٌ بالشهوات والشبهات فلا نجد مكاناً للخشوع داخل القلب، إذن فلابد من التخلية قبل التحلية ،ليستحضر القلب جلال وعظمة من أنت واقفٌ بين يديه سبحانه وتعالى،

أما عن فضل الصلاة فعظيم، فواجب على المسلم أن يعرف فضل الصلاة ليجاهد نفسه في تحقيق إقامة الصلاة، فالصلاة ركن من أركان الدين،

ألا تستحي يا من تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ألا تستحي يا من وفقك الله للإسلام ،وأعانك الله على النطق بكلمة التوحيد والإيمان، ومنّ عليك بنعمه الظاهرة والباطنة، وأسبغ عليك فضله، ألا تستحي أن تضيع صلاةً أنا لا أتكلم على من ضيع الصلاة بالكلية وإنما على من هو مضيعٌ للصلاة وهو مع ذلك غارقٌ في نعم الله وفضله، فكيف يهناً لك بال ويقر لك قرار؟ كيف تسعد بطعام؟ كيف تهنأ بشراب؟ كيف تسعد مع زوجة أو ولد؟ كيف تنفق نعم الله وأمواله التي منّ بها عليك؟ وأنت في غاية الدعة والراحة وقد ضيعت فرضاً لله -تبارك وتعالى- بل ضيعت الركن العملي الأول من أركان الإسلام بعد نطقك بالشهادتين! الصلاة صلتك بربك فماذا أنت صانعٌ يا من ضيعت وقطعت هذه الصلة؟ والله ستخسر في الدنيا والآخرة، فالصلاة أمر بها ربك فقال تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) وحذر تبارك وتعالى من تركها فقال تعالى (فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) والغي وادٍ في جهنم بعيدٌ قعره خبيثٌ طعمه شديدٌ حره ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقد قال نبينا (عليه الصلاة والسلام) من حديث جابر بن عبد الله (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) وقال(صلى الله عليه وسلم) كما في حديث بريدة (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)

ومع كل ذلك فانظر إلى هؤلاء الملايين المضيعين للصلاة على المقاهي والنواصي والطرقات يسمعون الأذان ولم تحترق قلوبهم ويقوموا للصلاة ثم تجدنا نشكو الضعف، ونشكو المهانة، ونشكو الضعف، ونشكو الذل، وما إلى ذلك0 قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم)أرأيتم لو أن نهراً على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فهل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يا رسول الله، قال ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا

يا الله يا أخي كم تحترق بالخطايا في كل يوم وفي كل ساعة وكم تلوث بالذنوب في كل لحظة فهيا طهر بدنك وطهر فؤادك وطهر ظاهرك وباطنك بالصلاة، فالصلاة تطهيرٌ للذنوب ومحيٌ للمعاصي، وما أكثر الذنوب! وما أكثر المعاصي!

أيها المؤمن التقي أعلم بأنك لم تحقق أركان الإيمان والتقى إلا إذا حققت أركان هذا الدين ومن أعظم أركان الدين الصلاة

قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط 0

تأتي إلى الصلاة في فتورٍ وكأنك قد دعيت إلى البلاءِ

وإن أديتها جاءت بنقصٍ لما قد كان منك من شرك الرياءِ

وإن تخلو عن الإشراك فيها تدبر للأمور بالالتقاءِ

ويا ليت التدبر في مباحٍ ولكن في المشقة والشقاءِ

وإن كنت المصلي يوماً بين خلقه أطلت ركوعها بالانحناءِ

وتعجل خوف تأخيرٍ لشغلٍ وكأن الشغل أولى من لقائي

وإن كنت المجالس يوماً أنثى قطعت الوقت من غير اكتفاءِ

أيا عبدٌ لا يساوي الله معك أُنثى تناجيه بحبٍ أو صفاءِ0

فيا للعار ويا للشنار اللهم اجعلنا ممن يقيمون الصلاة واجعلنا من أهلها واختم لنا بها يا أرحم الراحمين اللهم لا تحرمنا من نعمة الصلاة حتى نلقاك يا رب العالمين، ويا أيها المقيم للصلاة اسجد لربك شكراً فقد أنعم الله عليك بنعمةٍ ورب الكعبة لو ظللت ساجداً على الطين والتراب لتشكر الملك الوهاب على هذه النعمة ما وفيت الله حقه فاحمد الله الذي منّ عليك بهذه النعمة وسل الله يثبتك عليها وأن يختم لك بها إنه ولي ذلك والقادر عليه .

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

(ومما رزقناهم ينفقون) وهي الصفة الثالثة من صفات المتقون رزقناهم

يا الله على روعة هذه اللفظة فهي تؤكد أن المتقين يعتقدون أن ما يمتلكونه من مالٍ إنما هو رزق الكبير المتعال أي أن كل ما أملك إنما هو رزقٌ رزقنيه الله إياه فمالك رزقٌ لك من الله أنت مؤتمنٌ عليه، أنت مستخلفٌ فيه،والرزق كما قال بن منظورٍ في لسان العرب ليس مالٌ فحسب بل هو ما تقوم به حياة كل كائن حي مادياً كان هذا الرزق أو معنوياً، فالمال رزق وهو أخر درجات الرزق بل يسبقه الإيمان، فالإيمان رزق، والهداية رزق، والإسلام رزق، والعلم رزق ،والخلق رزق،والحلم رزق، والوفاء رزق، والأدب رزق، الزوجة الصالحة رزق، والولد الصالح رزق،واذكر ما شئت000 وأخيراً المال لأنه ظلٌ زائل وعاريةٌ مسترجعة،وقد منّ الله بالمال على المؤمن والكافر على السواء، بل يفتن كثيرٌ من المسلمين الآن بكثرة الأموال بين أيدي الكافرين (أيحسبون أنما نمدهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) بل لا يشعرون أنهم مستدرجون بهذه النعم، بل لا يشعرون أن الله يريد أن يعجل لهم طيباتهم في الدنيا، بل لا يشعرون أن الله يريد ألا يجعل لهم حظاَ في الحياة الدنيا، نعم (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أُتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون* فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) وقال تعالى (إن الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم) وقال تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم أذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) فليس المال هو المشكلة فالمال مع المسلم وغير المسلم، لكن المؤمن التقي يعلم أن المال عنده رزق الرب العلي فسخره في الإنفاق فهذا هو العاقل الذكي التقي سخر المال في الإنفاق وبذله أناء الليل وأناء النهار لأنه يؤمن ابتداءاً أن المال مال الله، ورزق الله،

النفس تجزع أن تكون فقيرةً والفقر خيرٌ من غناً يطغيـــــــــــــها

وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيـــــــــــــها

هي القناعة فالزمها تكن ملكاً لو ما تملك إلا راحة البـــــــــــــــدنٍِ

وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الطيب والكفـــــــــــنِ؟!

فدع الحرص على الدنيا وفي العيش فلا تطمــــع

ولا تجمع من المال(الحرام) فما تدري لمن تجمع

فإن الرزق مقسومٌ وسوء الظن لا ينفـــــــــــــــع

فقيرٌ كل من يطمـــــــع غنيٌ كل من يقنــــــــــــع0

اللهم ارزقنا الغنى بالقناعة والرضا يا أرحم الراحمين ،

إذن فالمال ليس مالك وإنما هو مال الله، قال تعالى (وأتوهم من مال الله الذي أتاكم) وقال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) وقال جل وعلا (ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شرٌ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) أما عن قوله تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنةً) نعم ففي الآيات الأول التي ذكرت ذكر فيها الله تعالى أن المال ماله ثم أضاف ماله جل وعلا إلينا إضافة تشريفٍ وبرٍ وتكريمِ وابتلاءٍ واختبارٍ وتمحيصٍ (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) هذه الإضافة إضافة تشريفٍ وبرٍ وتكريمِ وابتلاءٍ أيضاًَ فلابد أن نجمع بين الآيات وبعضها البعض حتى لا نضرب القرءان بعضه ببعض ، قال تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) وقال الحسن اشترى منهم أنفساً هو خالقها وأقترض منهم أموالاً هو رازقها وجزاهم على ذلك الجنة0

فالمؤمنون المتقون ينفقون، فماذا ينفقون؟ يخرجون حق الله –تبارك وتعالى- في أموالهم من الزكاة المفروضة، ومن الحقوق الواجبة، كالنفقة على الأهل، كالنفقة على الأولاد، كالنفقة على الملك ملك اليمين وغير ذلك،فهم ينفقون يؤدون النفقة الواجبة التي افترضها الله-عز وجل- عليهم لا ولن يقتصر إنفاقهم على إخراج حق الله وعلى إخراج النفقة الواجبة فقط وإنما هم يتصدقون بما منّ الله –عز وجل- عليهم من مال على الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل كل ذلك من أموال الصدقات وليست من أموال الزكاوات فأموال الزكاوات حقٌ خالصٌ لله،

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعظم ديناراً من ينفقه الرجل على أهله وأولاده0

قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم)إذا انفق الرجل على أهله نفقةٍ يحتسبها كانت له بها صدقة0

وعن سلمان أن رسول الله(صلى الله عليه وسلم)قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى الرحم اثنتان صدقةٌ وصلة 0

كما قال عنه (صلى الله عليه وسلم)أفضل الصدقة جهد المقل وابدأ بمن تعول0

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(والذين يؤمنون بما اُنزل إليك وما أُنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون) اختلف المفسرون من أئمتنا وأكابرنا في الموصفين ثانياً يا تًرى هل هم الموصفون أولاً؟ في قوله – تبارك وتعالى- (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) أم أن الموصوف أولاً يختلف عن الموصوف ثانياً أختلف أئمتنا على ثلاثة أقوال ذكرها شيخ المفسرين الإمام الطبري –رحمه الله تعالى-

القول الأول : أن الموصوف أولاً هم الموصوفين ثانياً وهم كل مؤمن من مؤمنو العرب ومؤمنو الكتاب، أي أن هذه الصفات كلها للمؤمنين من العرب وللمؤمنين من أهل الكتاب0

القول الثاني : أن الموصوف أولاً يختلف عن الموصوف ثانياً فالموصوفين أولاً بالإيمان بالغيب وإقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله هم مؤمنو العرب من المؤمنين المتقين، والموصفون ثانياً بقوله تعالى والذين يؤمنون بما أُنزل إليك 000الآية هم مؤمنو أهل الكتاب0

القول الثالث : أن الموصوفين أولاً هم مؤمنو العرب والموصوفين ثانياً هم مؤمنو أهل الكتاب 0

والراجح الذي يرجحه جماهير المفسرين و أميل إليه بقوة أن الموصوفين أولاً هو الموصوفين ثانياً وهم المؤمنون المتقون أن، فالمؤمنون المتقون يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله ويؤمنون بما أنزله الله - جل وعلا- على النبي(صلى الله عليه وسلم)من القرءان الكريم ويؤمنون بما أنزل الله – جل وعلا-على جميع المرسلين والنبيين من قبل سيد النبيين وإمام المرسلين فهم يؤمنون أيضاً بما أنزل الله – جل وعلا- على إبراهيم من الصحف وعلى موسى من الصحف (صحف إبراهيم وموسى) ويؤمنون بما أنزل الله – جل وعلا- على داوود من الزبور ويؤمنون أيضاً بالتوراة التي أنزلها الله على موسى(لا بالتوراة المحرفة المزورة)، ويؤمنون كذلك بالإنجيل الذي أنزله الله على عيسى (عليه السلام)وهو إنجيلٌ واحدٌ وليس أناجيل متعددة ولا متفرقة (فالإنجيل أيضاً حُرف وزُوّر وبُدّل) أما الإنجيل الذي أنزله الله على نبيه عيسى عبده ورسوله (صلوات الله عليه وسلامه) فالمؤمنون المتقون يؤمنون به، بل يؤمنون بجميع الرسل والأنبياء وبما أنزل الله عليهم من كتبٍ وصحفٍ على سبيل التفصيل والإجمال فهم يؤمنون بما ذكره الله مفصلاً على سبيل التفصيل، ويؤمنون بما ذكره الله مجملاً على سبيل الإجمال بل لا يفرق المؤمنون المتقون بين أحدٍ من رسل الله وأنبياءه ولا يفرقون بين كتابٍ وكتاب ولا حرج على الإطلاق في أنهم يفضلون رسولاً عن رسول، أو كتابٍ على كتاب إذ أن الله تعالى قد فضل القرءان على جميع الكتب فجعله مهيمناً على كل الكتب السابقة، وفضل المصطفى فكرمه على جميع الرسل والأنبياء السابقين، ولا تعارض بين هذا التفضيل وبين الإيمان من حيث الأصل بهم جميعاً بلا تفضيل فنحن نؤمن بهم جميعاً من حيث الأصل بلا تفضيل ونفضل بعضهم على بعضٍ بمقتدى حكم الملك الجليل - جل جلاله- (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) 0000 الآية

فهذا تفضيلٌ ونبينا(صلى الله عليه وأله وسلم) يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ( فضلت على الأنبياء بست، أُتيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب(وفي لفظ البخاري مسيرة شهر)، وأُحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون0) فالذي يترجح عندي وأقول به أن هذه الصفات إنما هي صفاتٌ للمؤمنين المتقين، فالمؤمنون المتقون يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله ويؤمنون بما أنزله الله - جل وعلا- على النبي(صلى الله عليه وسلم) من القرءان الكريم ويؤمنون بما أنزل الله – جل وعلا-على جميع المرسلين والنبيين من الصحف والكتب على سبيل التفصيل والإجمال0فهذه كلها صفاتٌ للمتقين0

(وبالآخرة هم يوقنون) فهم كذلك يؤمنون بالآخرة إيماناً جازماً لا شك فيه فقد قال عبد الله بن مسعود اليقين هو الإيمان كله، فالإيمان لا يغني فيه الظن فضلاً عن الشك،فأهل الإيمان المتقون الصادقون يؤمنون بالآخرة إيماناً جازماً لا شك فيه لا تعصف به ريح الريبة قط، ويؤمنون بكل ما يرتبط بالآخرة من أشراطٍ صغرى للساعة وأشراطٍ كبرى وبالموت وبالبعث والحشر والصراط والميزان والحساب والجنة والنار وبكل ما يتعلق بالآخرة مما أخبرنا به نبينا (صلى الله عليه وسلم)عن ربه – جل وعلا- فالمؤمنون المتقون بالآخرة يوقنون أي يؤمنون إيماناً لا شك فيه يعلمون ذلك علم اليقين ويعتقدون ذلك اعتقاداً جازماً، هؤلاء الأفاضل السعداء هم أهل الهدى وأهل الفلاح وأهل النجاة وأهل السعادة في الدنيا والآخرة0

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون) أولئك على هدىً من ربهم أي على نورٍواستقامةٍ وبصيرةٍ هداهم الله –جل وعلا- هداية إرشادٍ ودلالة فاهتدوا، فهداهم هداية توفيق، وجعل الهدى في قلوبهم وجعل الإيمان في قلوبهم ووفقهم - سبحانه وتعالى- في كل وقتٍ، وفي كل قولٍ وفي كل فعلٍ وفي كل حالٍ لما يتفق مع مراضيه - جل علاه- هذه هي هداية التوفيق لما اهتدوا هداية الدلالة والغرشاد فامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي ووقفوا عند الحد وحققوا الإيمان والتقوى هداهم الله - جل وعلا- هداية توفيق، (وأولئك هم المفلحون) الفلح والفلاح في لغة العرب معنهاه الظفر بالبغية وإدراك الأمل، ما شاء الله اللهم أجعلنا من أهل الفلاح،،،، فالذي يظفر ببغيته ويدرك أمله في مرضاة الله –جل وعلا- هذا هو المفلح، هذا هو السعيد في الدنيا والأخرة،

(أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون) من أمنّ بالله وأمنّ بالغيب وأقام الصلاة وأتى الزكاة وأنفق مما رزقه الله -جل وعلا- وأمنّ بالنبي(صلى الله عليه وسلم) وبما أنزله الله عليه من القرءان وأمنّ بما أنزل الله على جميع إخوانه من النبيين والمرسلين هؤلاء هم أهل السعادة، هؤلاء هم أهل النجاة في الدنيا والأخرة،هؤلاء هم أهل الهدى،هؤلاء هم أهل الفلاح، (أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون) قال بعض أهل العلم أولئك السعداء الذين ادركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا، وبعد أن ذكر ربنا –تبارك وتعالى- صفات المؤمنين المتقين في هذه الأيات الكريمة المباركة ذكر صفات الكافرين الجاحدين المستكبرين المعاندين المعرضين، إنها الصورة الأخرى المقابلة لهذه الصورة المشرقة، إنها الصورة المظلمة المقابلة لهذه الصورة المضيئة، إنه الصنف النكد الذي أعرض عن الهدى والحق، الذي جحد الحق وستره وغطاه وأعرض عنه وعانده واستكبر عليه وكذبه إنهم الكافرون فقال -جل جلاله- (إن الذين كفروا سواءٌ عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون* ختم الله علي قلبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذابٌ عظيم) انتبهوا معي أخوتي فهذه الأيات تحتاج منا ورب الكعبة إلى وقفات هذه الأية هي خطابٌ من الله للنبي ( صلى الله عليه وسلم) يقول ربنا –جل وعلا- لنبينا بأن في معنى الأية بأن الكافرين الجاحدين المعاندين للحق المستكبرين عن الإذعان والخضوع للحق هؤلاء الكافرون يستوي عندهم الإنذار، والإنذار هو البلاغ بالتخويف والتهديد والترهيب فهؤلاء الكافرون سواء عليك يا محمد أنذرتهم بتخويف بترهيب أو حتى بترغيب فلن يؤمنوا، يستوي عندهم أن تنذرهم أو لا تنذرهم!!يستوي عندهم ذلك فمهما ذكرت وحذرت فالقلوب ولا حول ولا قوة إلا بالله مختومٌ عليها، ومطبوعٌ عليها!!!!!

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم فهم لا يؤمنون)فالختم على الراجح من أقوال المدققين من المحققين الختم هو أي الطبع يكون على القلب وعلى السمع أما الغشاوة وهي العمى أو حجب الأبصار عن الرؤية وحجب البصيرة عن معاينة الحقيقة فلا تكون إلاعلى الابصار،فهؤلاء قلوبهم كالأموات في القبور فهؤلاء موتى ماتت قلوبهم في صدورهم، وماتت قلوبهم في أبدانهم، فإن أنذرت هؤلاء أو لم تنذرهؤلاء فلن يستجيبوا للحق الذي جئت به من عند رب الأرض والسماء - سبحانه وتعالى- 0

وهذاعقاباً لهم من الله وجزاءاً لهم من عند الله بسبب عنادهم وإعراضهم وتكبرهم على الحق، فلا ينبغي أن نحتج بمثل هذه الأيات ثم بالقدرعلى ما يسميه القدرية الجبرية أو حتى القدرية النفاة على التلاعب بالقدر على غير مرضاة الله، فالقدرية الجبرية يحتجون بمثل هذه الأية على أن الله – جل وعلا- جبر الكافرين على الكفر وهذه اللفظة لا أعلم لها أصلاً في قرءانٍ ولا في سنةٍ، ومن الأصل والفقه والعلم ألا نستعمل في مبحث الاعتقاد إلا لفظاً قرأنياً ونبوياً ولا حرج في حالة واحدة أن نستعمل غير هذه الألفاظ من باب التنزل لمناقشة الخصم أو مجادلته أو محاورته، وإلا فالأصل إذا أصّل العالم أو الداعي إلى الله أن يلتزم بمفردات القرءان الكريم وبمفردات سنة النبي(صلى الله عليه وسلم) فأنا لا أقف أبداً على دليلٍ للفظة الجبر بل وللفظة الاختيار من القرءان والسنة والتي يستخدمها القدرية الجبرية في أن الله –جل وعلا- قدّر على العبد فعل المعصية وجبره على ذلك، لالالا (وما ربك بظلامٍ للعبيد) فلا ينبغي الاحتجاج بالقدر علىفعل المعصية أو ترك العمل،،

تدبروا معي أن الله تعالى ختم على قلوب الكافرين وعلى أسماعهم وأعمى أبصارهم و بصائرهم عقوبةً منه-جل وعلا- لهم وجزاءاً لإعراضهم عن سماع الحق،

والسؤال الآن هو ما معنى الكفر لغةً واصطلاحاً؟ وما حقيقة الكفر؟ وما أنواعه؟

الكفر لغةً هو الستر والتغطية ومنه قيل للزراع كفار أي المعنى اللغوي(كمثل غيثٍ اعجب الكفار نباته) أعجب الكفار أي الزراع وذلك لأنهم يسترون و يغطون البذور والحبوب في الأرض بالتراب، وحتى الليل يسمى كافراً لآنه يغطي كل شىءٍ بسواده وظلامه، ولذلك يسمي الكافر كافراً لآن الكفر غطى قلبه كله أو لآنه غطى الحق بالباطل أو لآنه غطى وستر نعم الله عليه و جحدها0

أما الكفر اصطلاحاً وشرعاً فهو ضد الإيمان ونقيضه وهو ينقسم إلى قسمين:

(1)كفر أكبر : مخرجٌ من الملة و(2) كفر أصغر: غير مخرجٍ من الملة،

أما الكفر الأكبر المخرج من الملة فينقسم إلى ستة أنواع وهم :

(ا)كفر التكذيب : أي يكذب صاحبه ما جاء به النبي (صلى الله عليه وسلم) من عند الله - جل وعلا- وأن يكذب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بأيات الله وأولئك هم الكاذبون)0

(ب) كفر الجحود : أي حجد الكافر ما جاء به النبي(صلى الله عليه وسلم) من عند الله من الحق في قوله تعالى (وجحدوا به واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا ًفانظر كيف كان عاقبة المفسدين) وقوله تعالى (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بأيات الله يجحدون)0

(ج) كفر العناد والاستكباروالإباء : ومنه كفر إبليس، فإبليس هنا ما أنكر الأمر وما حجد الأمر ولكنه استكبر على الأمر(إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين)هذ كفر عناد وكفر استكبار فقد لا ينكر الكافرهذا الحق ويؤمن به ولكنه يعرض عنه استكباراً وعناداً لله – جل وعلا- وللنبي (صلى الله عليه وأله وسلم)0

(د) كفر الإعراض : وهو الإعراض عن الحق الذي جاء به النبي (صلى الله عليه وسلم) من عند الله كما أعرض المشركون عن الحق الذي جاء به رسول الله وهم يعلمون يقيناً أنه الحق قال تعالى في شأن أهل الكتاب (الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) فهذا كفر إعراض يعلم الكافر الحق ولكنه يعرض عنه0

(هـ)كفر النفاق : وله وقفةً بالتفصيل بعد صفات الكافرين في (13) أية وذلك لخطر النفاق على الإسلام وأهله، وهو أن يبطن المرء الكفر الأكبرونفاق الإعتقاد ويظهر الإسلام بلسانه أو بأقواله وأفعاله قال تعالى (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) اللهم جنبنا النفاق0

(و) كفر الشك والتردد : ومعناه أن يظل المرء في شك الله وفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من عند الله – جل وعلا- (إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) وقال تعالى (إنما يستئذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الأخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون)0

أما الكفر الأصغر: هو كل ما أطلق عليه الشرع الحكيم كفراً ودلت الأدلة الشرعية على أن الشرع لم يرد في ذات الوقت الكفر الأكبر المخرج من الملة وإنما ذكر لفظة الكفر على سبيل التهديد والوعيد والزجر الشديد، ولا ينبغي ان تستخدم هذه الألفاظ للنوع الأول من أنواع الكفر ألا وهو الكفر الأكبر، وهذا المناط يحتاج إلى العلماء المجتهدين ليفرقوا بين لفظة الكفر هذه هل يقصد بها الكفر الأكبر أم يقصد بها الكفر الأصغر، فعلى سبيل المثال يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، أي المقصود هنا في هذا الحديث لا يراد بها الكفر الأكبروالدليل على ذلك ان الله تعالى ذكر المؤمنون وذكر أنهم ربما يتقاتلون أو يقاتل بعضهم بعضاً ومع إثبات هذا القتال بينهم فلم يخرجهم ربنا –جل وعلا- بهذا القتال من مسمى الإيمان فقال تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)0

وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض كل هذا لا يراد به الكفرالأكبر وإنما المقصود به الكفر الأصغر0

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

0ومنه أيضاً الرياء فقد قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث أحمد وابن حبان من حديث محمود بن لبيد - رضي الله عنه- إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الاصغر يا رسول الله قال الرياء0 ولذا فأنا أحذر شبابنا من التعجل بإسقاط الحكم بالتكفيربلا علم باللغة ولا بالأصول ولا بالمجمل ولا بالمفصل ولاحول ولا قوة إلا بالله0 ولذلك يحذرنا نبينا(صلى الله عليه وسلم) من إسقاط الحكم بالتكفير بلا رويةٍ ولا تؤدةٍ ولا علم فقال(صلى الله عليه وسلم) من قال لآخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، واسمع قول الرسول(صلى الله عليه وسلم) لآخيه فلم يقل إذا قال الرجل للرجل بل قال إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، وفي لفظةِ فقد حارت عليه أي عادت عليه ورجعت إليه، فنحن لا نكفر إلا من كان كفره ثابتٌ في القرأن والسنة فالتكفير حكمٌ شرعي ليس حق لآحدٍ منا أن يكفر الأخر بدون علم،

أما الكفار فهم أربعة أصناف:

(أ‌) (ا) كافرمحارب : وهو عدو صائل يجب محاربته إلى أخر قطرة في دمائنا وكان ذلك فرض عين على كل مسلم كبيراً أو صغيراً، رجالٌ ونساءٌ، صغارٌ وشيوخٌ كما هو الحال الآن في فلسطين والعراق والشيشان بأي صورة من الصور مصداقاً لقوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)

(ب‌) كافر مُعاهد : وهو الذي أخذ عهداً بالدخول إلى بلادنا فى يحل لمسلم أن ينقض العهد أو يعتدي أحد على هذا المُعاهد أو يقتله0

(ج) كافرمؤتمن :من الذي اعطيته عهداً بالأمان لدخول بلادي أي وهي التأشيرة للمرور في بلادنا المعروفة الآن، فالعهد يختلف عن الأمان (د) كافر ذمي : وهم غير المسلمين الذين يعيشون معنا في الدولة المسلمة أو الذين يدفعون الجزية*الضريبة الآن* ولا يجوز قتله بأي حالٍ من الأحوال قال (صلى الله عليه وسلم)من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن رائحتها لمسيرة أربعين عاماً 0وقال تعالى (وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه)

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذابٌ عظيم)0 فبعد أن ذكر الله تعالى المؤمنين المتقن قال شيخنا ابن القيمأن الله تعالى ذكر في صدر سورة البقرة أصناف الناس الثلاثة المؤمنينوالكافرين والمنافقين فذكر في المؤمنين أربع أيات وذكر في الكافرين أيتين وذكر في المنافقين ثلاث عشرة أيهولذا ستطول وقفتنا مع النفاق وأهله نسأل الله تعالى أن يعصمني وإياكم من النفاقوأن ينجيني وإياكم من المنافقين إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولكننا لم ننته بعد من تفسير قوله تعالى (إن الذين كفروا سواءٌ عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) أي أن الذين كفروا من اليهود أو من المشركين أو من المنافقينفالاية عامة في كافر في كل زمان ومكان من اليهود والمنافقين والمشركين إن الذين كفروا تناهوا في الغواية والضلال وأعرضوا واستكبروا على الحق وكفروا بالله ورسوله وأعرضوا وعاندوا ما جاء به النبي (صلى الله عليه وسلم) من عند الله فهم سواءٌ عليهم أأنذرتهم وقلنا أن الإنذار هو التبليغ بالتخويف أو حتى بالترغيب فهم لا يؤمنون فلم ؟ لآن الله تعالى عاقبهم بكفرهم وإعراضهم واستكبارهم على الحق وتكذيبهم للرسول (صلى الله عليه وسلم) ولمَ جاء به من عند الله جل وعلا عاقبهم الله تبارك وتعالى بالقفل على القلب، بالطبع على القلب، بغلق القلوب،بالطبع على الأسماع، بالغشاوة على الأبصار، فهم لا يعقلون ولا يهتدون ولا يبصرون ولا يعقلون ولا يسمعون،فهذا الختم على القلب والسمع جزاءٌ عدلٌ لإعراضهم وكفرهم بالله سبحانه وتعالى،،قال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وقال جل وعلا (بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) وقال تعالى (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون)فهذا خطابٌ من ربنا جل وعلا لحبيبنا ونبينا(صلى الله عليه وسلم) ألا يقطع نفسه على هؤلاء حسرات، فهؤلاء لا يؤمنون, لا يسمعون, ولا يهتدون،لآن قلوبهم مغلقة، لآن أسماعهم مغلقة مؤصدة، لآن أبصارهم قد حجبت عن رؤية الهدى، وحجبت عن رؤية الحق، هذا جزاءٌ عدلٌ من الله جل وعلا لهؤلاء

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) وقف وهذا الوقف التام الكامل عند جماهير القراء ثم ابتدأ القرأءة بقوله تعالى (وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذابٌ عظيم) ما هو الختم ما معنى ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وهنا يجب أن نقف على معنى الختم و على ابتلاء الله لقلوب الكافرين والمعاندين والمعرضين والجاحدين والمنافقين ابتلاء الله لقلوبهم بأمراضٍ خطيرةٍ كالختم والطبع والقسوة والمرض والران والريبة والشك إلى غير ذلك من أمراض القلوب، ثم لماذا قدم الله القلوب في الأية على الأسماع؟؟ ولماذا قدم الله الأسماع على الابصار؟؟

 

فالختم في اللغة بمعنى الطبع والخاتِم والخاتَم بكسر التاء وفتحها كله بمعنى فخاتمة الشئ أخره وأمة محمد (صلى الله عليه وسلم ) هي الأمة الخاتمة أي هي أخر الأمم قال (صلى الله عليه وسلم) أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى،فخاتمة الشئ أخره وختمت بفتح التاء على الشئ أي كتمت عليه وغطيته هكذا يقول العرب ومنه ختمت الكتاب أي طبعته وختمت على الباب أي أغلقت الباب وقفلته هذا هو معنى الختم ولذا اقتربت جدا عبارات سلفنا في تفسير معنى الختم

فقال السدي:ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم أي طبع الله على القلوب والأسماع،

وقال قتادة: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم أي استحوذ عليهم الشيطان فأطاعوه فختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل على أبصارهم غشاوة فهم لا يبصرون نور الهدى ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون،

وكذا قال مجاهد: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم أي طبع الله عليها يقول أي ثبتت الذنوب على القلب فحفت به من كل نواحيه، أي غطت الذنوب القلب حتى علا الران هذه القلوب فحجب الران هذه القلوب عن السماع عن الله وعن السماع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

 

فالله سبحانه وتعالى يعاقب الكافرين والمعاندين والمتكبرين والمنافقين فعاقب قلوب هؤلاء بأمراضٍ خطيرةٍ كالختم والطبع (بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا)

والزيغ (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)

والضيق (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد في السماء)

 

سبحان الله ربما تسمع الكثير من الناس يقولن أشعر بضيقٌ في صدري وربما يكون في حديقةٌ غنّاء،وفي بساتين فيحاء ومع ذلك يشعر بالإختناق لآن السعة والضيق ليست في المكان في المقام الأول وإنما في الصدور،

والران(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)

والقسوة (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة)0

 

يا ألهي ما طبيعة تلك القلوب القاسية الصلدة التي فاقت في قساوتها وغلظتها وجفاءها وشدتها الحجارة الصلدة القاسية الشديدة؟!! فأي شكل تكون عليه تلك القلوب القاسية أسأل الله أن يرزقني وإياكم اللين والحكمة والرحمة إنه ولي ذلك والقادرعليه،فكلٌ يجيد الشدة وكلٌ يجيد القسوة،لكن الله جل وعلا لا يمن بالرحمة ولا بالرفق ولا باللين إلا على من يحب،قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله يحب الرفق في الأمر كله0

 

فأسأل الله تعالى أن يرقق قلوبنا ويجعل عيوننا من العيون الباكية الخاشعة الدامعة إنه ولي ذلك والقادر عليه ،،وهذه الأمراض قد ابتلى بها كثيرٌ من الخلق بل أكثر الخلق على وجه الأرض بهذه الأمراض

قال الله تعالى (وما يؤمن اكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وقال تعالى(فأبى أكثر الناس إلا كفورا)

وقال تعالى (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) قال تعالى (وما آمن معه إلا قليل)

وقال تعالى(وقليلٌ من عبادي الشكور)

 

فأكثر أهل الأرض مريضٌ الآن بهذه الأمراض وأنا أعجب إذا ابتلي الإنسان بمرضٍ عضوي لا يتردد في أن ينفق كل ماله بل ولا يستحيي أن يستدين لكي يداوي مرضاً من أمراض بدنه وإن لم يداوى منه فالنتيجة الحتمية الموت فإن كان من الصالحين فهو من أهل الجنة ،ولكن لا يلتفت أكثر الخلق إلى أمراضٍ تودي بحياتهم الدنيوية والأخروية تكون نهاية هذه الأمراض أن لم تداوى وتعالج النارعافانا الله وإياكم منها،

 

ولذا قال تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم أذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) فهذه الأمراض الخطيرة تكون عقوبة من الله للكافرين للمنافقين الذين يقعوا في النفاق الأكبر نفاق الإعتقاد كما سأبين إن شاء الله

وللمتكبرين المعاندين الجاحدين الشاكين المترددين المعرضين عن الحق الذي جاء به سيدنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من عند رب العالمين فيبتليهم الله تعالى بهذه الأمراض التي تودي بحياتهم في الدنيا والأخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

فإن مرض قلبك فابحث عن دواء لمرض قلبك عند طبيبٍ من الربانيين من العلماء الصادقين

والدعاة المخلصين العاملين

فأنت مستعد أن تدفع مالك كله لمرض البدن وقد يمرض القلب بل يموت القلب وصاحبه لا يدري وكم من قلوبٍ مريضةٍ وكم من قلوبٍ قد ماتت في هذه القبور أقصد الصدور

 

ولذلك يقول حبيبنا (صلى الله عليه وسلم) كما في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلبٍ أُشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلبٍ أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين قلبٍ أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه وقلبٍ أبيضا لا تضره الفتن ما دامت السماوات والأرض،

 

اللهم اجعلني وإياكم من أصحاب هذه القلوب التقية النقية البيضاء، فانظر الآن إلى خطر القلب أريد أن ألفت الأنظار إلى خطر القلب وإلى مكانة القلب في الإنسان كعضو لا أقول من أخطر الأعضاء بل أقول إن القلب أخطر الأعضاء ألم يقل إمام الأنبياء(صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير وفيه ألا إن في القلب لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب،

 

فالذنوب إذاغلفت القلب حجبته عن الله وهذه عقوبة لهذا القلب المعرض عن الله فحجبها الله عن السماع عنه أو السماع لرسوله الكريم(صلى الله عليه وسلم) ولذلك يقول الحبيب (عليه الصلاة والسلام)

 

كما في سنن الترمذي بسندٍ صحيح من حديث أبي هريرة إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر ثُقل قلبه (أي أصبح قلبه كالمرأة الصافية النقية وهذا فضل التوبة) فإن عاد عادت وإن زاد زادت وذلك الران، فتعرض الفتن على القلب فتنة شهوة ثم فتنة شبهة وذلك لآن الفتن نوعان شهوات وشبهات فتعرض الفتن على القلب قلب متقتح للفتن يتشرب الفتن أُشربها أي صارت فيه فتخللت كل جزء فيه كما يتخلل الماء أوالشراب في البدن وذلك كقوله تعالى (وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) أي حباً للعجل

 

فأصبح حب العجل في كل خلجاتهم وأعضاءهم وكيانهم ولا حول ولا قوة إلا بالله ،إذا تشرب القلب الفتنة لا يمكن على الإطلاق إلا إذا شاء ربي شيئاً أن يعبد إلهاً غير الهوى،(أفرأيت من اتخذ ألهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة)0

 

إن قلت قال الله قال رسوله همزوك همز المنكر المتغالي

أو قلت قال الصحابة والتابعـون لهم في القول والأعمالِ

أو قلت قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والإمام الغالــــي

صدوا عن وحي الأله ودينه واحتـالوا على حرام الله بالإحلالِ

يا أمة لعبت بدين نبيها كتلاعب الصبيان في الأوحــــالِ

حاش رسول الله يحكم بالهوى تلك حكومة الضُــــلالِ

 

قال تعالى( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديد بما نسوا يوم الحساب) لكي لا تتصور بأنني بعيد عن الهوى أو أنك بعيد عن الهوى لا فهذا أمرمن الله لنبي كريم من أنبياءه،،

 

فالقلب أيها الأفاضل ملك الأعضاء فيجب ان ننتبه إليه!! لأن القلب إن تشرب الفتنة صار صاحب هذا القلب عبداً للهوى حتى تعود القلوب على قلبين قلبٍ أسود مرباداً كالكوز مجخياً أي قلب يختلط فيه الحق بالباطل والسواد بالبياض كالكوز مجخياً أي منكوساً مقلوباً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه، وقلبٍ أبيضا لا تضره الفتن ما دامت السماوات والأرض،

 

كلما عرضت عليه فتنة بفضل الله عز وجل إزداد إيماناً بالله، وازداد يقيناً في الله، وازداد ثباتاً كما قال المؤمنون حين رأوا الاحزاب (هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً)

 

تعرض الفتن فتزيد المؤمنين إيماناً بالله- جل وعلا- لا تعصف ريح الشك بقلوب المؤمنين أبداً مع أي محنة، ولا مع أي فتنة، لآنهم يعلمون أن الله يبتلي العباد بالخير والشر للتمحيص وللتطهيرولرفع الدرجات عند الملك القدير( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهو لا يُفتنون*ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) اسمع قول النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم) مبيناً خطر القلب قال كما في سنن ابن ماجة بسندٍ صحيح من حديث أبي موسى الأشعري

مثل القلب مثل الريشة تقلبها الرياح بفلاة0 أي بصحراء أرضٍ صحراوية فانظر إلى الريح في الصحراء وانظر إلى الريشة التي تقلبها الرياح في هذه الصحراء المترامية لا أقول تقلبها كل دقيقة بل كل ثانية كل لحظة كذلك القلب متقلب

ما سُمي القلب إلا من تقلبه فاحذرعلى القلب من قلب وتحويلِ،

 

يا الله اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب،،

 

لذا يقول رسول الله(صلى الله عليه وسلم) كما في مسند أحمد والحاكم بسندٍ صحيح من حديث المقداد بن عمرو لقلب ابن أدم أشد تقلباً من القدر إذا اجتمعت غليانه، والقدرهو الإناء الذي يوضع فيه الماء ويوضع على النار فانظر إلى الإناء حين يغلي على نار مشتعلة متأججة انظر إلى تقلب الماء بهذه الحركة المعروفة لنا فلقلب ابن أدم أشد تقلباً من القدر إذا اجتمع غليانه فلذا كان حبيب القلوب(صلى الله عليه وسلم) يكثر في دعاءه ويسأل الله - جل وعلا- فيقول يا مقلب القلوب ثبتك قلبي على دينك،

 

فآهٍ من الختم على القلوب، والطبع على القلوب، وزيغ القلوب، ومرض القلوب، يا الله اللهم طهر قلوبنا من كل هذه الأمراض وكلنا لسنا برءاء منه فقد خاف الكفر الأصلي على نفسه خليل الله إبراهيم ودعا ربه جل وعلا فقال (واجنبي وبني أن نعبد الأصنام)

 

واستعاذ نبينا من الشرك فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أُشرك به شيئاً أعلمه واستغفرك مما لا أعلمه، وخاف النفاق عمر بن الخطاب وذهب لحذيفة يقول أنشدك الله يا حذيفة هل سماني رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لك في المنافقين؟!!

 

وقال الحافظ بن حجر أنهم يقصدون النفاق الأكبر وليس معنى ذلك أنهم وقعوا فيه ولكن هذا من شدة ورعهم وخوفهم رضوان الله عليهم،فالكلام لنا جميعاً فأهٍ لو ختم على القلب والسمع وابتيلت القلوب بهذه الأمراض اللهم نجني وإياكم،

 

يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا مقلب القلوب ثبتك قلبي على دينك، فتقول أم سلمة يارسول الله أو إن القلوب لتتقلب فيقول نعم،ما من قلبٍ من قلوب بني أدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحد إن شاء الله أقامه وإن شاء الله أزاغه،

 

وفي رواية مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: إن قلوب بني أدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحدٍ يصرفه حيث شاء ثم قال اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، يالله يارب أرزقنا حسن الخاتمة ،

 

وقال حذيفة بن اليمان القلوب أربع قلبٌ أجرد فيه سراجٌ مزهر وذلك قلب المؤمن، وقلبٌ أغلف وذلك قلب الكافر، وقلبٌ منكوس عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمي فذلك قلب المنافق، وقلبٌ تمده مادتان مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما0

 

فهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث حذيفة بن اليمان لكنه يضعف مرفوعاً إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ومدار تضعيفه لليث بن أبي سليم وكذلك لعلة أخرى في السند فهذا يصح عن حذيفة- رضي الله عنه-0

 

أي إنه إذا غلبت على قلبك مواد الإيمان مال قلبك ناحية الإيمان، وإن غلبت مواد النفاق على قلبك مال قلبك ناحية النفاق فاحذر على قلبك من مواد النفاق وما أكثرها! وماأخطرها! عبر هذه الفضائيات التي لا ترقب في المؤمنين إلاً ولا ذمةً، وما أكثر هذه الفضائيات التي تبث النفاق والضلال والغواية في الليل والنهار فما أخبثها!! وما أكثرها!!

 

فالقلب هو مركز الفهم والفقه والعقل والتفكر وقد أثبتت الدراسات العلمية الطبية الحديثة أن القلب هو مركز كل هذا وليس العقل الذي في الدماغ، اسمع قول الله تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها)

 

واسمع لقوله أيضاً (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو أذانٌ يسمعون بها فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) الله أكبر إذن فالقلب محله التدبر والتعقل وإذن فإن القلوب هذه تعمى ولا ترى ولا تفقه ولا تتدبر إن ختم عليها وطبع عليها وقفلت وأغلقت جزاءً عادلاً من الله تعالى لأصحاب هذه القلوب بسبب كبرهم وعنادهم وإعراضهم عن منهج علام الغيوب ومنهج حبيب القلوب،

 

وقد قدم الله سبحانه السمع على البصر وفي هذا دليلٌ على خطر السمع وأهميته لأنه يعمل في الجهات الست أي أنك تسمع من الأمام ومن الخلف وتسمع من اليمين وتسمع من اليسار وتسمع من فوق وتسمع من تحت ويعمل أيضاً في النور والظلام،

 

تدبر لتعرف أن مصدرية القرأن دليل إعجازه ليس في كل كلمة بل في كل حرف من حروف القرأن الكريم أما البصر فلا يعمل إلا في جهة النور ولا يعمل إلا في جهة الأمام فقط، فأنت مبصر ولكنك لا يمكن أن ترى وأنت في الظلام أبداً لابد من نورٍ لترى ولا يمكن أن ترى من خلفك ولا يمكن أن ترى عن يمينك أو في باقي الإتجاهات إلا إذا تحركت ببصرك، لكن بالسمع وانت في إتجاهٍ واحدٍ تسمع وهكذا، فانظر إلى الفرق بين السمع والبصر،

 

كالطرف دون النور ليس بمدركٍ حتى يراه بكرةً وأصيلاً

 

فقدم الله السمع على البصرو هذا ملحظ قرأنيٌ خطيرٌ جداً يبين لنا أهمية السمع وخطره، فالراجح أن الختم والطبع والغلق والقفل يكون على القلب والسمع، أما الغشاوة فلا تكون إلا على البصر وأنا أجزم بهذا وذلك لقوله تعالى (أفرأيت من اتخذ ألهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة)0فأنا اقطع وأجزم لآن منهجنا هو تفسير القرآن بالقرأن وبكلام النبي (عليه الصلاة والسلام) 0

 

فما معنى الغشاوة الحجاب أو الغطاء الذي يحجب البصر عن الرؤية أو يحجب الرؤية تماماً لآعراضهم واستكبارهم ،

 

(ولهم عذابٌ عظيم) العذاب مشتقٌ في لغة العرب من العذب وهو القطع ومنه سُمي الماء الفرات عذباً لآنه يقطع العطش لمن شربه وحين يصف ربنا جل جلاله العذاب بأنه عظيم فهو عظيم بالغ حد العظمة كماً وكيفاً فهو شديد الإلام طويل الزمان

 

روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير أنه (صلى الله عليه وسلم) قال إن أهون أهل النارعذاباً لرجلٌ يوضع في أخمص قدميه جمرتان من نارفيغلي منهما دماغه، اللهم سلم سلم،

 

يا أخي يا أختي هل تطيقون نار شمعة؟! نار كبريت! فضلاً عن حريقٍ مدمرٍ لا تقوى أن تقترب منه فضلاٍ عن أن تلج فيه (ولهم عذابٌ عظيم) الله جل جلاله هو الذي يصفه بأنه عظيم وتنكير كلمة عذاب للشمول والعموم،عظيم نعم عظيم فكيف لايكون العذاب عظيماً! والطعام في النار نار

وزقوم (شوك)

وضريع(نوع من الشوك)

وغسلين(عصارة أهل النار)،

والشراب في النار نار،

 

فهم يريدون أن يطفئوا النار المتأججة في البطون من الطعام فيطلبون الماء ويستغيثون فيغاثوا بماءٍ كالمهل (الزيت الذي يغلي) يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء ،(وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم )

 

وقوله تعالى (إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها إن يسثغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)

 

فأهٍ من الظلم وأعلى الظلم الشرك (إن الشرك لظلمٌ عظيم)

 

وقال تعالى (واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيد من وراءه جهنم ويسقى من ماءٍ صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن وراءه عذابٌ غليظ)

 

حتى الثياب تفصل لهم من نارقال تعالى(هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قُطعت لهم ثيابٌ من ناريصب من فوق رؤسهم الحميم يُصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أُعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق)

 

يالله حتى الثياب تفصل وتقطع للمجرمين والكافرين من النار فحقاً هو عذابٌ عظيم00

 

ولنا لقاءٌ في الأيات التاليات مع أخبث الأصناف مع أخبث الخلق والناس مع المنافقين فلقد ذكر الله تعالى في المؤمنين أربع أيات في ابتداء سورةالبقرة، والكافرين في آيتين، والمنافقين في ثلاثة عشر آية0

 

فسنتعرف على معنى النفاق لغةً واصطلاحاً وما هي أقسام النفاق؟ وما هو نفاق الإعتقاد؟ وما هو نفاق العمل ؟ وما هي أصول النفاق العملي؟

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)

أيها الأفاضل هذه الآية بأجماع أهل التفسير نزلت في النفاق وأهله 0وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أوصاف الناس الثلاثة المؤمنين في أربع أيات في ابتداء سورة البقرة، والكافرين في آيتين، والمنافقين في ثلاثة عشر أية، وذلك لخطرهم وخبثهم ومكرهم وخداعهم وخطورتهم على الإسلام وآهله فإن بلية الإسلام بهم عظيمة وإن خطرهم على الإسلام كبير لا في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) فحسب بل في كل زمنٍ وحينٍ،فالكافرون ظاهرون معروفون لكن المنافقين خبثاء يندسون في الصف ويصلون مع المسلمين يحضرون معهم الجماعات وربما يشهدون مع المؤمنين الغزوات وربما يتزوجون المؤمنات الطيبات ولكنهم في الوقت ذاته يظهرون الإسلام بألسنتهم التي تعودت الكذب والتي تقطر بالنفاق ويبطنو الكفر في قلوبهم ولا حول ولا قوة إلا بالله،

لذا ذكر الله عز وجل في شأنهم في صدر هذه السورة فحسب ثلاث عشرة آية مع أنه جل وتعالى ذكر في الكافرين آيتين آثنتين وذكر في المؤمنين أربع آيات وإن دلًّ ذلك فإنما يدل على خطر النفاق وأهله وعلى خُبث النفاق وأهله0

 

قال جل وعلا(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) والآن قبل أن نقف على مفردات الآيات وعلى معاني تلك الآيات القرأنية يجب أن نقف وقفة متأنية لنأصل فيها النفاق لغةً واصطلاحاً ولنتعرف على خطر النفاق وآهله وعلى أخبث صفات المنافقين وسأسقط على الواقع،

نعم أيها الأفاضل فما أخبث النفاق وما أخطر المنافقين وما هُزمت الآمة قط وما تحكم فيها الآراذل والأنجاس إلا على أيدي المنافقين المخادعين المضللين المهرجين الذين يحسنون الكلم ويجيدون العزف على أوتارالمشاعر والعواطف فيظهرون بكلماتهم أعذب الكلمات وآنهما أحرص الناس على أمة رسول رب الأرض والبريات وهم في الحقيقة أعداءٌ حقيقيون، وهم في الحقيقة خبثاء ومجرمون لا يريدون الخير لهذا الدين ولا لهذه الآمة وشاء ربي وهو أحكم الحاكمين الذي له الحكمة البالغة والحجة الساطعة والرحمة الواسعة شاء جل جلاله أن يظهر المنافقين في كل زمنٍ وحين, نعم يعرفهم أهل البصيرة ويعرفهم أهل الإيمان يعرفونهم بالنظر إلى سيماهم فالنفاق يظهر على الوجوه أي ورب الكعبة النفاق يظهر على الوجوه بل ويظهر على الألسنة، وأنا أُضيف لشيخنا ابن القيم الذي قال –رحمه الله- يأبى الله إلا أن يظهر المنافقين في كل زمنٍ وحينٍ على صفحات وجوههم وفي زلات ألسنتهم فأضيف وأقول يأبى الله إلا أن يظهر المنافقين في كل زمنٍ وحينٍ على صفحات وجوههم وفي زلات ألسنتهم وفي مداد أقلامهم العفن النتن وفي كلماتهم الخبيثة التي تظهر بكل جرأةٍ ووقاحة على شاشات الفضائيات فما أخبث المنافقين في هذه الأيام! كان المنافقون على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) يستترون لكنهم في عصرنا يظهرون نفاقهم بكلماتهم الخبيثة وأفعالهم الشنيعة ولا يستحي الواحد منهم أن يعلن أنه مصلحٌ بل صالحٌ في ذاته مصلحٌ لمجتمعه ومصلحٌ لآمته زمصلحٌ لغيره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

فتعالوا بنا آيها الأفاضل لنقف الليلة على هذا التأصيل المهم مع معنى النفاق لغة واصطلاحاً ثم بعد ذلك نطوف معاً في هذا البستان اليانع الماتع لنقف على معاني كلمات الملك الجليل في هذه الآيات الطويلة في شأن المنافقين وفي خبث وخطر النفاق أعاذني الله وإياكم من النفاق ومن شر المنافقين،

ما هو النفاق؟ النفاق لغةً مأخوذ في لغة العرب من مادة نفق والنفق هو المسلك النافذ بين ممرين أو بين طريقين الذي يمكن الخروج منه (فكلنا يعرف الآنفاق) فيمكن أن تدخل من جهةٍ وتخرج من جهةٍ أخرى فالنفق مادةٌ في لغة العرب تدل على الخروج ،والمنافقون هم الخارجون من دين الله،

قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) أي الخارجون من دين الله جل وعلا فالنفاق مأخوذ من مادة نفق التي تدل على الخروج ولذلك

النافقاء حجر الضب واليربوع وسمى علماء اللغة المنافق منافقاً لآظهاره خلاف ما يبطن وغير ما يضمر فالمنافق مخادع ماكر خبيث شرير فالنفاق من جنس الخداع ولذا فالنافقاء الذي هو جحر الضب واليربوع ظاهره تراب وباطنه حفرٌعميقٌ إذا اقتربت رأيته تراباً ولكن في باطن هذا الجحر حفرٌعميقٌ يخرج الضب منه إذا داهمه الخطر من الناحية الآخرى بحيث لا تراه لكي يخدع صياده فيظهر له التراب حتى إذا مد يده في التراب ليصطاد الضب يكون هو قد حفر حفراً عميقاً فيخرج من الجهة الاخرى000 وكذلك المنافق فهو مخادع ماكر خبيث ظاهره إيمان وباطنه كفر فالنفاق من جنس الخداع والمكر والشر والخبث والدهاء 0

هذا هو المعنى اللغوي للنفاق وهو لا يبتعد كثيراً عن المعنى الشرعي الاصطلاحي للنفاق،

 

فالنفاق شرعاً واصطلاحاً هو إظهار الإسلام والإيمان باللسان وإبطان الكفر بالقلب أو كتمان الكفر في القلب أو اعتقاد الكفر في القلب وهو قسمان نفاقٌ أكبر ونفاقٌ أصغر0

أما النفاق الأكبر: هو الذي عرفته أنفاً هو نفاق الإعتقاد هو أن يظهرالمنافق الإسلام والإيمان بلسانه

(إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوانَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (وما أيسر قول المنافقين وما أبرعهم في التنظيرتراهم في مجلس من الجالس أو في محفلٍ من المحافل الدولية والمحلية يتكلم بكلماتٍ خلابةٍ كما سأبين بإذن الله تعالى يظهر الإسلام بلسانه ويظهر الإيمان ببيانه وهو يعتقد الكفر بجنانه ويبطن الكفر بقلبه وباطنه ولا حول ولا قوة إلا بالله هذا هو النفاق الأكبر نفاق الإعتقاد وصاحبه في الدرك الأسفل من النار0 أما القسم الثاني فهو النفاق الأصغر: وهو نفاق العمل 0

 

وإياك أن تعتقد أن هذا الكلام ليس لي أو لك أولكِ فهذا الكلام لنا قبل غيرنا حتى لا تسقطه على غيرك

 

وقد جمع النبي (صلى الله عليه وسلم) أصول النفاق العملي في خمس خصال (وسنفتش هكذا لنعلم كم خصلة موجودة فينا ولا حول ولا قوة إلا بالله) أقول وقد جمع النبي (صلى الله عليه وسلم) أصول النفاق العملي في خمس خصال بمجموع الروايتي أبي هريرة وعبد الله بن عمرو والروايتين في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما الرواية الأولى

عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان0

 

وفي الروية الأخرى لعبد الله بن عمرو في الصحيحين أنه(صلى الله عليه وسلم) قال أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلةٌ منهن كان فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها وإذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر 0

 

يا ترىفيك كم صفة موجودة إلى الآن إذا حدث كذب وهل مصيبة البشرية والعالم إلا بالكذب؟!! آزمة العالم آزمة صدق فالكل يكذب إلا من رحم ربي - جل وعلا- فالحاكم يكذب على محكوميه، والمحكومون يكذبون على الحاكم والنائب يكذب على ناخبيه والناخبون يكذبون على النائب والوالد يكذب على أولاده والأم تكذب على أولادها والأولاد يكذبون على الوالدين والأخ يكذب على أخيه والتاجر يكذب على زبائنه والزبائن يكذبون على التاجر حالةٌ من الكذب لا يعلمها إلا الله قلّ أن تجد الآن من يصدق في قوله وفي فعله وفي حاله صار الصادقون في البشرية عامة وفي الآمة خاصة صاروا قلة

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

سمع حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- رجلاً يقول اللهم أهلك المنافقين فالتفت إليه حذيفة وقال لوهلك المنافقون لاستوحشتم في الطرقات (أي لوجدتم الشوارع فارغة لم تجد فيها ماشياً لمِّ؟ لكثرة المنافقين وقلة المؤمنين) فأزمة العالم والبشرية أزمة كذب ،قلّ الصادقون ولا حول ولا قوة إلا بالله0 هذه صفات المنافقين هذا هو النفاق العملي 0

وستجد الآن من يقول ما لنا وما النفاق كان ذلك في عهد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ما لنا نحن الآن بالنفاق لتفرد له حلقة كاملة

 

أهٍ روى البخاري تعليقاً بسندٍ صحيح عن ابن أبي مُليكة قال أدركت ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) كلهم يخاف النفاق على نفسه 0

يالله والله العظيم يكاد القلب أن ينخلع،والله أتعرف من كان في هؤلاء الثلاثون؟ قال الحافظ بن حجر منهم على بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة، حقاً إنه شئٌ يخلع القلب أتظن آنني أكبر من الوقوع في النفاق أو أن حضرتك أكبر من أن تقع في النفاق هذه هي الكارثة هذه هي المصيبة فالكل يتصور أن الكلام ليس لنا مالنا ومال النفاق وقد نكون غرقى في النفاق في نفاق العمل، وخذ حذرك فنفاق الإعتقاد ونفاق العمل العقلاء يخافونه ويخشونه والله لقد قطَّّع الخوف من النفاق قلوب الصحابة المؤمنين الصادقين السابقين المخلصين الذين زكاهم رب العالمين وعدّلهم سيد المرسلين

يقول أدركت ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) كلهم يخاف النفاق على نفسه كلهم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل

أما نحن الآن فتجد من يقول لا أنا إيماني أعلى من إيمان جبريل وأعلى من إيمان ميكائيل فإيماني يفوق إيمان الصديق وإيمان عمر! كلنا إلا ما رحم ربنا يقول إيماني على من إيمان جبريل وعلى من إيمان ميكائيل وعلى إيمان أبي بكر وعمرسبحان الله0

علي بن أبي طالب المبشر بالجنة الذي قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) لآعطين الراية غداً لرجل يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله0

 

الذي قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) ألا ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى غيرأنه لا نبي بعدي يخاف علىٌّ على نفسه النفاق 0

عمربن الخطاب الذي أجرى الله الحق على لسانه وقلبه كان يخشى النفاق ذهب إلى حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه-الذي أطلعه النبي (صلى الله عليه وسلم) على أسماء المنافقين في طريق عودته من غزوة تبوك أولئك المجرمون الذي أرادوا أن يكسعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من على الجبل ليسقطوه في الوادي ليقتلوه في الليل البهيم الأسود الشديد الظلام والسواد وأطلع الله نبيه على المنافقين على أسماء أولئك الخبثاء المجرمين وأطلع النبي حذيفة بن اليمان على أسماء هؤلاء فحذيفة هو أمين السر النبوي ولما سمع عمر بن الخطاب أن رسول الله أطلع حذيفة على أسماء المنافقين ذهب عمر الفاروق إلى حذيفة يقول نشدتك بالله - وفي لفظٍ أنشدك الله - يا حذيفة هل سماني لك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المنافقين قال لا ، ولا أُزكي بعدك أحداً0

ياالله ياالله ياالله اللهم نجنا من النفاق واعصمنا من الرياء وارزقنا الصدق والإخلاص يا أرحم الراحمين،

الفاروق عمر يخاف من النفاق يا سادة يا سادة يا من تزعمون أنكم على إيمان جبريل وميكائيل وأنكم تفوقتكم بإيمانكم على إيمان الصديق وعلى إيمان عمر،

عمر يخشى على نفسه النفاق ،

 

على بن أبي طالب ،أبي هريرة ،عبد الله بن عمر،عبد الله بن عمرو ،عبد الله بن عباس ،أم المؤمنين عائشة ،أم المؤمنين أم سلمة يخشون على أنفسهم النفاق فماذا أقول أنا؟!! ماذا نقول نحن؟!! والله قد قطّع النفاق قلوب الصحابة الصادقين 0

قال الحسن البصري - رحمه الله- ما أمن النفاق إلا منافق وما خاف النفاق إلا مؤمن0

ولما مات عثمان بن مظعون- رضي الله عنه- وهو أول من لُقب بالسلف الصالح وهوأول من دُفن بالبقيع وهو ممن شهدوا بدراً والرسول يقول لعل الله أطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

لما مات قالت امرأة من الأنصار يقال لها أم العلاء قالت رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك أن الله أكرمك فسمعها رسول الله وقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم) وما يدريكِ أن الله أكرمه! فقالت سبحان الله فمن؟! قال (صلى الله عليه وسلم) أما هو فقد جاءه اليقين ووالله إني لآرجو له الخير ثم قال والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم0

تجد الآن من يقول أنا تحدثني أنا عن النفاق! أنا أقع في النفاق ! هذا غارقٌ في النفاق ،أما من هو في رعبٍ وفي فزع يصلي ويصوم ويعتمر ويزكي ويحج ويقيم الليل ويخشى لسانه ونظره وجنانه ويراقب جوارحه وآركانه ومع ذلك خائف يدعو الله اللهم نجنا اللهم سلمنا يارب هذا هو المؤمن هذا هو المؤمن،

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ تحت جبلٍ يخاف أن يخر عليه، أما المنافق يرى ذنوبه كذباب سقط على أنفه فقال به هكذا أي ذبه فطار

فالمؤمن خائف من الذنوب وكأنه قاعدٌ تحت جبل وفي أي لحظةً سوف يقع عليه هذا الجبل فيدمره، خائف من الذنوب تهلكه تدمره في الدنيا والأخرة،أماالمنافق فهو لا يكترث بالذنوب ولا يأبه بالمعاصي لا يخشى من لسانه ولا من عفن جنانه ولا من خبث جوارحه وآركانه هذا هو المنافق ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالمؤمن يخشى النفاق ويخشى ان يقع في النفاق في أي لحظة، يا أخي

ما سُمّي القلب إلا من تقلبه فاحذر على القلب من قلبٍ وتحويلِ

فهذا القلب يتقلب في لحظة في ثانية الريشة في الصحراء تقلبها الريح ظهراً لبطن مرات ومرات ومرات كذلك القلب قلبك الآن على حال وبعد قليلٌ نفترق وتقلب على فضائية أخرى لا ترعى في المسلمين إلاً ولا ذمةً فيتحول قلبك إلى حالٍ أخر

يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك،ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب،

والله لقد مُلئت قلوب القوم إيماناً ويقيناً وإحساناً وتسليماً ومع ذلك يخشون النفاق،! يخشون على أنفسهم من الوقوع في النفاق،!وهذا عن دلَّ فإنما يدل على ورعهم وعلى خوفهم وإجلالهم لربهم تبارك وتعالى،

أيها الأحبة : لخطورة النفاق وأهله كاد القرأن الكريم كله أن يكون في المنافقين، ماذا تقول أيها الشيخ؟ أقول لخطورة النفاق وأهله كاد القرأن الكريم كله أن يكون في المنافقين، انظر في صدر سورة البقرة ثم بعد ذلك أفرد الله عزوجل للمنافقين سورة كاملة ألا وهي سورة المنافقون بل وذكر صفاتهم الخبيثة في سورة براءة - سورة التوبة- وأكثر منها جداً وذكر صفاتهم الخبيثة أيضاً في سورة النور وفي غيرها وغيرها من سو رالقرآن الكريم ولا سيما السورالمدنية التي نزلت في المدينة على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لآن النفاق لم يظهر إلا في المدينة كما سيأتي بيانه إن شاء الله0

أقول لخطورة النفاق وأهله على الإسلام والمسلمين كاد القرأن الكريم كله أن يكون في شأن النفاق وفي بيان خطرالمنافقين، فلقد كشف القرآن الكريم أستارهم، وهتك أسرارهم، وفضح أمورهم،وبيّن سماتهم، وبيّن كلماتهم،وأظهر أفعالهم، وبيّن أخلاقهم، بصورةٍ جليةٍ واضحةٍ ولا ينبئك عن القوم مثل خبير،

فقال جل جلاله (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )

 

إن بلية الإسلام بهم شديدةً لآنهم ينسبون إليه وهم أعداءه في الحقيقة وهذا مكمن الخطر، فالكافر كافر،ظاهر،عدوك الأصلي ظاهر إنما المنافق معك في الصف يرفع معك نفس الراية ويثبطك ويملأ قلبك بالإرجاف وبالهزيمة النفسية، فبلية الإسلام بهم عظيمة، ونكبة الإسلام بهم كبيرة، وخطورتهم على الإسلام والمسلمين شديدة،لآنهم يظهرون أنهم يريدون الإصلاح والخير للدين وللأمة وهم أعداء الدين والأمة في الحقيقة، فلله كم من معقلٍ للإسلام قد هدموه! وكم من حصنٍ للإسلام قد خربوه! وكم من علمٍ للإسلام قد طمسوه! وكم من لواءٍ للإسلام قد وضعوه! فلا يزال الإسلام وآهله منهم في بلية بعد بلية، ومحنة بعد محنة، وبعد كل ذلك يزعمون إنهم مصلحون نعم مصلحون (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)

نعم يزعمون إنهم مصلحون وإنهم يحملون برامج إصلاحية وإنهم يريدون تقدم الأمة وحريتها وسعادتها وهم المفسدون أعداء الأمة في الحقيقة0

لبسوا ثياب آهل الإيمان على قلوب آهل الزيغ والكفروالخسران0

فالظواهر ظواهر الأنصار والبواطن بواطن الكفار، ألسنتهم ألسنة المسالمين وقلوبهم قلوب المحاربين، ومع ذلك يقولون وبكل صفاقة ووقاحة (آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ*فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) إنه أخبث مرض، مرض النفاق فلكل واحدً منهم وجهان، وجهٌ يلقى به المسلمين فيتكلم معهم إذا لاقاهم بالآية وبالحديث، وله وجهٌ أخر يلقى به إخوانه من الشياطين فإذا لاقاهم غمز ولمز، ولا حول ولا قوة إلا بالله00

ولكل واحدٍ منهم لسانان، لسان يخاطب به المسلمين و المؤمنين إذا ما واجههم وقابلهم، ولسانٌ يعبر به عما في صدره من حقد وكفرٍ دفين،

(إِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون*اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ*أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ)

ما كانوا مهتدين ولم يكونوا أبداً مهتدين إلا إذا تابوا إلى رب العالمين وطهروا القلوب من هذا النفاق والغل والحقد الدفين،

كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ* سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)

لووا رءوسهم كانوا يلوون رءوسهم تكبراً، لن يغفر الله لهم يا الله إن الله لا يهدي القوم الفاسقين أي الخارجين عن دين رب العالمين ترى الواحد منهم حائراً،تائهاً، كالشاة الحائرة بين الغنمين تيعر إلى هذا القطيع تارة وتيعر إلى هذا القطيع تارة (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)

فهم من ألطف الناس بياناً ومن أخبث الناس جناناً ومن أجمل الناس وجوهاً وأجساماً (وَإِذَارَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)

ومن أقبح صفات هؤلاء الذين جلاها لنا تبارك وتعالى أنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوااللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)

أي والله بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، بخلاء حريصون على المال وعلى الدنيا ولو انفق ينفق من أجل السمعة والرياء لا من أجل رب الأرض والسماء، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف فأصبحت البدعة عندهم سنة، وأصبح الحلال عندهم حرام، وأصبح المعروف عندهم منكراً، وأصبح الهدى عندهم ضلالة،واصبح الحق عندهم باطلاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون أي هم الخارجون عن ملة الإسلام وعن دين رب العالمين،

 

ومن أخبث وأخطر صفاتهم أنهم معرضون عن شرع الله - جل وعلا- فهم لا يريدون أن يتحاكموا إلى شرع الله،

 

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)

تجدهم يقولون لا نحن سنأخد من القرآن ما يتفق معنا الآن أتريد أن تعود بنا ألف واربعمائة عام؟! أتريد ان يكون عهدنا كعهد النبي لا هذا لن ينفع الآن !! ولاحول ولا قوة إلا بالله0

أما أنا فأقول أن هذا القرآن لكل زمانٍ ومكانٍ لا أقول صالحٌ لكل زمان ومكان بل أقول يصلح كل زمانٍ ومكانٍ لآنه كلام الرحيم الرحمن الذي قال (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )

إذاً فالمنافقون بنص القرآن الكريم هم الذين يصدون حكم رب العالمين، ويمنعون تشريع رب العالمين، أقسم بالله كلنا مسئول عن تطبيق شرع الله جل وعلا وعن تحكيم دين الله جل وعلا فلا تعلق هذا على غيرك كلنا مسئول أمام ربنا جل جلاله،

 

أعد قراءة الآيات مرة بعد مرة ستجد أن من اخبث صفاتهم أنهم يصدون شرع رب العالمين، ويصدون حكم أحكم الحاكمين وحكم سيد المرسلين،

فصفاتهم يجليها لنا ربنا بأجلى بيان،وبأوضح كلام،

أهٍ، هذا هو الإسلام وهذا هو الإيمان فلتنظر كل نفسٍ أين هي من الإسلام، وأين هي من الإيمان؟ يقسم ربنا الرحمن فيقول تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تسليما)

قال شيخنا ابن القيم تحكيمهم لرسول الله في كل شئٍ مقام إسلام، وعدم وجود الحرج في الصدر لحكمه (صلى الله عليه وسلم) مقام إيمان، والتسليم المطلق لحكمه (صلى الله عليه وسلم) مقام إحسان،

 

فهل يصح بعد الآن أن أكون أنا العبد الفقير أن أشرع بعيداً عن الملك الرحمن؟!، أنا العبد الحقير الفقير المحكوم بالشهوات، والمحكوم بالنزوات، والمحكوم بالرغبات، المحدود بالزمان المحدود بالمكان الذي إن عشت في زمنٍ لا أعيش في غيره، وإن عشت في مكانٍ لا أعيش في غيره، فكيف لي بجرأة وصفاقة أن أدعيّ أنني أستطيع أن أشرع لبني البشر ما يسعدهم في الدنيا والأخرة؟!!!

يا أخي لو تعطلت سيارتك فلن تذهب بها على طبيب أسنان بل تذهب بها إلى الميكانيكي المتخصص في تصليح السيارات لأن هذه صنعته وأنت صنعة الخالق جل وعلا (صنع الله الذي أتقن كل شئ)

فإن تعطل فيك شئ أو تعطل فيك عضو فيجب أن ترد هذا العطل وهذا العطب إلى خالقك جل جلاله، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) ترجع إلى الخالق تعرف أين العلة؟ وما سببها؟ وما الداء؟ وما الدواء؟

أسمع ماذا سأقول الآن

إن الحياة البشرية من خلق الله ولن تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من عند الله ولن تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يقدم لها من عند الله بيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكل الطرق إلى الله مسدودة إلا من طريق المصطفى (صلى الله عليه وسلم)0

وسامحوني اخواني على هذا التطويل فأستطيع أن القي بمعنى كل كلمة من كلمات القرآن وأنهي البقرة في شهرٍ واحدٍ ولكني أُريد أن أتربى مع أمتي الحبيبة بالقرأن كما ربى الحبيب المصطفي الأمة بالقرأن أول مرة،والله كان عندي الكثير من المعاني عن النفاق ولكن يكفي ذلك

اللهم أعصمني وإياكم من النفاق، وقني وإياكم شر المنافقين، واجعلني وإياكم من المؤمنين الصادقين،إنه ولي ذلك والقادر عليه

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ*في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )

أيها الأفاضل هذه الآية بإجماع أهل التفسيرنزلت في النفاق وأهله وقد تحدثنا بفضل الله -جل وعلا- عن النفاق لغة واصطلاحاً وعن أقسام النفاق النفاق الأكبر نفاق الإعتقاد وعن النفاق الآصغر نفاق العمل نفاق العمل وبينَّت خطر النفاق وتحدثت على كثير من صفات المنافقين، والنفاق والمنافقون نموذجٌ متكرر لا يخلو منه ولا منهم زمانٌ ولا موطنٌ ولو أهلك الله المنافقين لاستوحش المؤمنون في الطرقات كما قال حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه- نعم أيها الأفاضل كثيرةٌ هي صفات المنافقين وهي صفات مشتركةٌ فالمنافقون تجمعهم صفاتٌ واحدة في زمن الوحي وفي زماننا وفي كل زمنٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن أخبث صفاتهم أنهم يعلنون الإيمان بأقوالهم وكلماتهم وآلسنتهم ويبطنون الكفر بقلوبهم هذه هي أخبث صفات المنافقين بل هذا هو النفاق الأكبر نفاق الإعتقاد الذي يخرج صاحبه من الملة باتفاق آهل العلم أن يظهر الإسلام والإيمان بكلامه وقوله ولسانه وبيانه وأن يبطن الكفر بقلبه أعاذني الله وإياكم من النفاق كبيره وصغيره،

 

أقول أنهم يعلنون الإيمان بأقوالهم وكلماتهم وآلسنتهم ويبطنون الكفر بقلوبهم وهو يعتقدون بذلك انهم أذكياء وأنهم يمتلكون من الدهاء ومن الخداع ومن التضليل ما يستطيعون أن يخدعوا به المؤمنين الصادقين بل ورب العالمين - جل جلاله- هكذا يزعم المنافقون في كل زمان ومكان

(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

 

لماذا هذا التضليل؟

لماذا هذا الخداع؟

ولماذا هذا الدهاء؟

ولماذا هذا المكر؟

وذلك لآن قلوبهم مريضة بأخبث الآمراض ألا وهو مرض النفاق.

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )

 

أقول يدعون أنهم أذكياء ويدعون أنهم يمتلكون من الدهاء ومن الخداع ومن التضليل ما يستطيعون أن يخدعوا به المؤمنين الصادقين بل ورب العالمين - جل جلاله- وهنا يفاجأ المنافقون الأغبياء مفاجأة شديدة حادة، فيفاجأ المنافقون بالقرآن يتنزل على قلب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يهتك أستارهم، ويكشف أسرارهم، ويبين خبث صفاتهم، بل ويخرج ما يحمله القوم في قلوبهم من كفرٍ دفينٍ، ومن حقدٍ خبيث على الإسلام وآهله فينزل قول الله -جل وعلا- ليفضح أستارهم فقال تعالى

(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

نعم فهم مغفلون، مخدعون، مضلَلون، وإن زعموا وظنوا أنهم خادعون مضلِلون ماكرون أذكياء يمتلكون قدراً كبيراً من المكر والدهاء فهم مخدعون مغفلون سذج لا يعلمون أن الله تعالى يعلم سرهم ونجواهم ويُظهر ما يحملونه في قلوبهم من كفر وفي صدورهم من حقدٍ دفين على الإسلام وآهله

 

فهم لا يخدعون إلا أنفسهم ولا يهلكون إلا أنفسهم ويريدون بأنفسهم الشر من حيث لا يشعرون بل يجرون أنفسهم إلى شر مصير إلى النار وبئس المصير

(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)

 

 

(وَمِنْ النَّاسِ) اختلف النحويون على لفظة الناس فانتبهوا معي بالله عليكم فستجد أن الله تبارك وتعالى يكذب أولئك الناس مهما أدعوا وقالوا بألسنتهم بأنهم مؤمنون فالله جل وعلا يكذب دعواهم، ويكذب قولهم، فيقول سبحانه

(إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لكاذبون)

ويقول سبحانه وتعالى في الآية التي معنا (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ) فمهما ادعى القوم ومهما رددوا بألسنتهم فما هم بمؤمنين إنهم كذابون في دعواهم بأنهم يؤمنون بالله تعالى وباليوم الآخر، لا ليس الأمر كذلك ما حقق القوم الإيمان بالله قط، وما حقق القوم الإيمان باليوم الآخر قط، وإنما هم كاذبون في دعواهم يكذبهم ربنا جل وعلا الذي يعلم سرهم ونجواهم فيقول سبحانه وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ ،،

 

(وَمِنْ النَّاسِ) الناس قال آهل اللغة هو اسم من اسماء الجموع أي لا مفرد له من لفظه وإنما مفرده إنسان للمذكر وإنسانة للمؤنث على غير لفظة الناس، فمفرد الناس إنسان والمفردة المؤنتة منه إنسانة وتصغيره نويس هكذا قال النحويون

 

فالناس من النوس مشتقٌ هذا اللفظ من النوس وهو الحركة، يقول العرب ناس ينوس أي تحرك، ومنه حديث أم ذرع (أناس من حليٍ أُذنيَّ) أي أتى لها زوجها بالذهب الذي يتحرك في أُذنيها دلالة على إكرامه لها وعلى العز الذي تعيش فيه مع زوجها (أناس من حليٍ أُذنيَّ) أي ذهبٌ به حركة وفيه إظهار للكرم والعز والغنى الذي تعيش فيه..

 

وقيل أيضاً بل لفظة الناس مشتقة من نسيَّ أي من النسيان،

وقد قال ابن عباس - رضي الله عنه- نسى أدم عهد الله فسُميَّ إنساناً..

وفي التنزيل العزيز( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)

وفي الحديث فنسى آدم فنسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته.

بل ولله در القائل

 

فإن نسيت عهوداً منك سالفةً فاغفرفأول ناسٍ أول الناسِ

بل وقيل لفظ الناس مشتقٌ من الأُنس وسُميًّ الإنسان إنساناً لآنسه بحواء ،

 

وقيل لآن الله - جل وعلا- قد أناط بهذا الأنس بين آدم أي آدم وحواء أي حواء،لآن الله قد أناط بهذا الانس امتداد النسل البشري على ظهرالأرض،

وقيل بل سميًّ الإنسان إنساناً لآنسه بربه - جل وعلا- ولا يخفى أنه لا يأنس بربه -جل وعلا- إلا المحبون من المؤمنين الصادقين،

هذا كلام آهل اللغة في تفسير لفظة الناس

 

(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)

 

 

 

هؤلاء المنافقون يزعمون في كل عصرٍ وفي كل مصرٍ ويرددون بآلسنتهم وبكلماتهم وأقوالهم أنهم يؤمنون بالله –جل وعلا- ويؤمنون باليوم الآخر ولكن ليس الآمر كذلك فربنا تبارك وتعالى يرد عليهم ويكذبهم ويقول جل جلاله (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِين)

 

 

فمهما أعلن المنافقون ومهما رددوا من كلماتٍ فليعلم المنافقون أن الإيمان ليس مجرد كلماتٍ ترددها الآلسنة فقط،

فانتبهوا معي الإن فكل ما سبق ماهو إلا مقدمة، فانتبهوا الآن أقول

مهما ردد المنافقون في كل زمانٍ وفي كل مكانٍ لفظة الإيمان وشهادة الإيمان فليعلم المنافقون أن هذه اللفظة وإن عصمت في الدنيا دماءهم وأموالهم فليعلم المنافقون أنهم في الدرك الأسفل من النار ولو رددوها في الليل والنهار فهي تنفعهم في الدنيا ولا تنفعهم في الآخرة بل هم في الآخرة في الدرك الاسفل من النارهذا إن رددوا بآلسنتهم شهادة الإيمان ، شهادة التوحيد واعتقدت قلوبهم الكفر عياذاً بالله،

فليعلم المنافقون أن الإيمان ليس مجرد كلمةٍ ترددها الآلسنة فحسب، ولكن الإيمان الذي ينجي أصحابه في الدنيا والأخرة قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان وعملٌ بالجوارح والآركان ، وهنا أرى لزاماً عليَّ الليلة كما أصلت قضية الكفر وكما أصلت قضية النفاق أرى لزاماً عليَّ الليلة أن ألجَّ وأن أدخل هذا المعترك الصعب، وأن ألجَّ هذه البحور الهائجة، وأن أصارع هذه الأمواج المتلاطمة لنصل معاً بإذن الله تعالى إلى شاطئ الأمان بالتعرف على حقيقة الإيمان، والتأصيل لهذه القضية الخطيرة بالدليل من كتاب الله ومن سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن قول سلف الأمة الأخيار أسأل الله أن يجمعنا بهم مع نبينا المختارفي الفردوس الأعلى إنه ولى ذلك والقادر عليه،،

 

قضية الإيمان

 

1- ما الإيمان لغةً واصطلاحاً؟

2- ما حقيقة الإيمان؟

3- ما أركان الإيمان؟

4- هل فيه زيادةٌ أو نقصان؟

5- هل هناك تفاضل بين المؤمنين في الإيمان؟

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

قضية الإيمان

 

1-ما الإيمان لغةً واصطلاحاً؟

2- ما حقيقة الإيمان؟

3- ما أركان الإيمان؟

4- هل فيه زيادةٌ أو نقصان؟

5- هل هناك تفاضل بين المؤمنين في الإيمان؟

 

ينفي الله تعالى الإيمان عن أولئك السابقين فيقول تعالى (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِين) إذن فليس الإيمان مجرد كلماتِ ترددها الألسنة فقط ،

بل الإيمان قولٌ واعتقادٌ وعمل، فالإيمان قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالجوارح والأركان،

والآن نبدأ ونعرف الإيمان لغةً، فالإيمان لغةً أي في لغة العرب كما قال ابن منظور في لسان العرب قال الإيمان لغةً هو التصديق، وانتبه معي نحن نتكلم عن اللغة لآن التصديق في الإصطلاح لا يكفي لآن تعريف الإيمان بالتصديق فقط اصطلاحاً وشرعاً لايكفي ، بل وهذا موطن المعركة بين آهل السنة والفرق الآخرى التي ضلت في هذا الباب .

فتبيّن معي وانتبه الإيمان في اللغة بمعنى التصديق كما قال جل وعلا حكايةً عن إخوة يوسف (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ) قالوا لأبيهم (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا) أي وما أنت بمصدقٌ لنا (وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) أي في الحقيقة

إذن فالإيمان لغةً بمعنى التصديق وضده التكذيب ، فالإيمان ضد الكفر وهو لغةً بمعنى التصديق وضده التكذيب قال تعالى (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا )

 

ويقال كما قال ابن منظور آمن به قومٌ وكذب به قومٌ ، أي صدقه قومٌ وكذبه أخرون هذا كلامٌ جميل إلا أن شيخ الإسلام - لله دره- لا يرى الصواب في تسمية الإيمان لغةً بالتصديق لا يرى صواب ذلك

 

وإنما يرى شيخ الإسلام - رحمه الله- أن لفظ الإيمان مشتقٌ من الآمن الذي هو القرار والطمأنينة، والقرار والإستقرار والطمأنينة لا تحصل أبداً للقلب إلا بالتصديق، فيحصل القرار والطمأنينة إذا استقر في القلب التصديق للخبر المخبر به ،ويحصل أيضاً إذا انقاد القلب لهذا الخبر الخبر به أو المخبر عنه،

إذن فشيخ الإسلام يرى أن لفظة الإيمانِ مشتقةٌ من الآمنِ

 

إذن فالإيمان لغةً مشتقٌ من التصديق ووعند شيخ الإسلام مشتقٌ من الآمن الذي هو القرار والطمأنينة ولا يحصل القرار والطمأنينة في القلب إلا بالتصديق والإنقياد،

لذا يعرف علماؤنا علماء آهل السنة الإيمان شرعاً واصطلاحاً بقولهم الإيمان قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالجوارح والأركان،

يقول الإمام البخاري - إمام الدنيا في الحديث- لقيت اكثر من ألف رجلٍ من علماء الأمصار اتفقوا على أن الإيمان قولٌ وعمل يزيد وينقص

انتبهوا معي لتلك الشبهات في تلك القضايا المثارة الآن هل الأعمال من الإيمان؟ هل الأعمال شرط صحة في الإيمان؟ هل الأعمال شرط كمالٍ في الإيمان؟ جنس العمل هل شرط صحة ام شرط كمال؟ إلى غير ذلك من هذه الآسئلة المثارة الآن وبقوة على الساحة وقد مزقت الشمل ، وشتت الصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

وبين أيدينا كلام ربنا وكلام نبينا وكلام آئمتنا وسادتنا وعلماءنا من سلفنا الصالح الذين هم أعرف الناس بمراد الله ومراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فعضوا علي ما سأأصله لك الليلة بالنواجز ووالله إنه لجليل ،

قال الإمام البخاري لقيت اكثر من ألف رجلٍ من علماء الأمصار اتفقوا على أن الإيمان قولٌ وعمل يزيد وينقص

قولٌ باللسان، وقولٌ بالقلب،وهل للقلب قولٌ؟ نعم وسنتعرف عليه الآن وعملٌ بالجوارح، وعملٌ بالقلب، إذن فهو قولٌ وعمل

وإليك التفصيل أسألكم بالله أن تركزوا معي ولا تنشغلوا عني الليلة فأنا أتحدث عن أجل قضية، وعن أعظم قضية، وعن أخطر قضية، بل اسمع مني ما أقول بل إني أتحدث الآن عن القضية التي من أجلها خلق الله السماواتِ والأرض، والجنة والنار، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، إنني أتحدث عن القضية التي من أجلها رُفعت السيوف وشُرع الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا إنني أتكلم الآن عن قضية القرآن الكريم كله من أوله إلى أخره فيها ألا وهي قضية الإيمان بالله جل وعلا،

نعم القرآن كله في قضية الإيمان بالله جل وعلا، فالقرآن حديثٌ مباشرٌ عن الله، عن أسماءه الحسنى، عن صفاته العلى، عن افعاله - جل وعلا-،

و حديثٌ عن المؤمنين الذين حققوا الإيمان بالله جل وعلا وعما أعدَّ الله لهم في الآخرة من دار النعيم،

 

وحديثٌ عن الكافرين الذين كفروا بالله جل وعلا وعاندوا الإيمان، وأعرضوا عن قضية الإيمان وعما أعدًّه الله جل وعلا لهم في الآخرة من عذابٍ أليم،

 

وحديثٌ عن المنافقين الذين أعلنوا الإيمان بآلسنتهم وأسروا الكفروأبطنوه بقلوبهم ولا حول ولا قوة إلا بالله

وحديثٌ طويلٌ عن قصص المؤمنين، وقصص الكافرين، وأمثال أولئك، وأمثال أولئك، إلى غير ذلك فالقضية كلها في الإيمان بالله جل وعلا

الموضوع جليل ، الموضوع كبير، يحتاج منك بالفعل إلي التركيز وأن تنصت بأذني قلبك، وأذني رأسك، وكيانك، وسمعك، وبصرك،فالقضية كما ذكرت ورب الكعبة من الأهمية والجلال والعظمة والخطورة بمكان،

 

أ- الإيمان قولٌ باللسان، فما الأدلة على ذلك؟

1- قال تعالى : (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ) انتهينا يكفي هذا الدليل لو لم اذكر من الآدلة إلا هو لكفى (قُولُواْ) الله يأمر آهل الإيمان أن يعلنوا إيمانهم بالله جل وعلا

(قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْافَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُالْعَلِيمُ)

الله الله على هذا الدليل الرائع أو دليلٌ من القرآن على قول اللسان (قُولُواْ) قل يا اخي قولي يا اختي آمنا بالله ، نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر خيره وشره ،

 

2-قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُعَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوابِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)

 

أما الإدلة من السنة

 

1-روى مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي عمرة سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه- جاء فقال يا رسول الله حدثني بأمرٍ اعتصم به وفي رواية مسلم قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك فقال له قل آمنت بالله ثم استقم، وفي رواية حدثني بأمرٍ اعتصم به قال قل ربي الله ثم استقم ، قال فما أخوف ما تخاف عليَّ يا رسول الله فأخذ رسول الله بلسانه (صلى الله عليه وسلم) وقال أخوف ما أخاف عليك هذا ،

2- وفي الصحيحين أيضاً من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحاسبهم على الله تعالى،

 

إذن فموضع الدليل في هذا الحديث الجليل حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله،

3- وفي حديث مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الآذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان.

 

وأكتفي بهذا في الأدلة النبوية على هذه القضية الجليلة الكبيرة، إذن هذا هو القسم الأول قولٌ باللسان هذه الأدلة عليه من كتاب الرحيم الرحمن، ومن كلام سيد ولد عدنان عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام

 

ب‌-واعتقادٌ بالجنان أي بالقلب فما الأدلة على ذلك؟

 

انتبه معي اعتقاد القلب هو قول القلب وعمله، أي أن اعتقاد القلب يتكون من قول القلب وعمل القلب، قول القلب هو الإعتقاد، وعمل القلب على التفصيل هو نيته وإخلاصه ومحبته وإنقياده

1-قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) أي لم تعصف ريح الشك بحقيقة الإيمان أو بمعتقدهم في قلوبهم أي لم يتشككوا في إيمانهم بربهم جل وعلا ، لم تعصف ريح النفاق على القلوب، ولم تعصف ريح الشك بالإيمان في القلوب،

 

2-قال تعالى (قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)

 

3-قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ )

 

ما أسطعها من آيات وما أروعها وأوضحها من أدلة

4- قال تعالى (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُالْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَوَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)

 

اكتفي بهذه الأدلة من كتاب ربنا جل وعلاعلى إعتقاد القلب، على قول وفعل القلب، على اعتقاد القلب وعمل القلب من نية وإخلاص وحب وإنقياد وإذعان واسستلام وخضوع .... إلى غير ذلك من هذه المترادفات والمعاني

أما الادلة في السنة النبوية المباركة 1- قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه- ما من أحدً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار .

اشترط –صلى الله عليه وسلم- الصدق فهل هذا الحديث مطلق أم مقيد؟

لا هو مقيد بشرط الصدق،وهذا الحديث واضح أنه لا يكفي أن تقول بلسانك الشهادة وإنما يجب عليك أن يقر قلبك هذه الشهادة وأن يعتقدها وأن تترجم هذا الإقرار باللسان وهذا الإعتقاد بالجنان بالعمل بجوارحك كما سأبين الآن إن شاء الرحيم الرحمن

 

2- في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي من حديث أبي برذة أنه (صلى الله عليه وسلم) قال يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته وفي لفظً يفضحه في جوف رحله.. كل هذه أدلة نبوية واضحة على اعتقاد القلب، فالإيمان قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان أي بالقلب وعرفت الأدلة على هذين الأمرين من كتاب ربنا ومن كلام نبينا (صلى الله عليه وسلم)

ثالثاً وعملٌ بالجوارح والأركان

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

تعريف الإيمان وهو عملٌ بالجوارح والآركان

1- قال تعالى في آية البر الجامعة

(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِوَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِيالْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِوَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ)

انظروا إلى هذه الأعمال الكثيرة الجليلة

2- قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَوَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)

1- قال تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)

2- قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)

3- قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...)

إلى غير ذلك من الأدلة الواضحة بل ذكر آئمتنا كلماتٍ حاسمةًٍ واضحة ولكن قبل أن أذكر هذه الأقوال تعالوا لندلل ببعض الإحاديث الصحيحة عن النبي المختار (صلى الله عليه وسلم)

1- قال (عليه الصلاة والسلام) كما في حديث مسلم من حديث أبي سعيد الخدري من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فقلبه وذلك أضعف الإيمان)

2- وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون،فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

2- قال الإمام الأجورّي في الشريعة: الأعمال بالجوارح تصديق للإيمان بالقلب واللسان، قال فمن لا يصدق الإيمان بعمله وجوارحه كالطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك من لم يصدق الإيمان بعمله بجوارحه لهذه الأعمال وغيرها ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً.

 

أي أني أُقر بلساني أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله واعتقد وأصدق ذلك بجناني فالأعمال بالجوارح تصديق لهذا الإقرار باللسان و تصديق لهذا المعتقد بالجنان

4- وقال ايضاً في موطنٍ أخر في كتاب الشريعة : اعلموا رحمنا الله وإياكم أني قد تصفحت القرآن الكريم فوجدت ما ذكرته في خمسين موضعاً من كتاب الله جل وعلا أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم سبحانه وتعالى وبما وفقهم له من الإيمان والعمل الصالح.

ثم سرد الآيات الكريمة الدالة على ذلك

هذا الكلام والله نفيس فعضوا عليه بالنواجز

5- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الإيمان المطلق مستلزمٌ للأعمال.

قال تعالى (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)

 

فنفى ربنا تبارك وتعالى الإيمان عن من لا يفعل هذا أو عن غيرهؤلاء

6- وقال تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَوَرَسُولَهُ)

فلا يمكن ان يأتي هؤلاء الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر بأعمالٍ تحاد وتناقض بل تنقض هذا الأصل ألا وهو أصل الولاء لله ورسوله وللمؤمنين أبداً .

ومن أروع وأنفس ما قاله شيخنا ابن القيم –رحمه الله – في كتابه القيم الصلاة وحكم تاركها فانتبهوا معي فوالله قلَّ أن تقف على هذا الكلام لغير هذا الإمام،

 

4-قال ولما كان الإيمان أصلاً له شعبٌ متعددة، وكل شعبة منه تسمى إيماناً، فالصلاة من الإيمان،وكذلك الصيام والزكاة والحج والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه سبحانه حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق وهي شعبة من شعب الإيمان، وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها (كشعبة الشهادة)، ومنها ما لا يزول الإيمان بزوالها (كشعبة إماطة الآذى عن الطريق) وبين هاتين الشعبتين شعبٌ متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يلحق بشعبة الشهادة ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الآذى عن الطريق.وكذلك الكفر ذو اصلٍ وشعب فكما أن شعب الإيمان إيمانٌ، فشعب الكفر كفرٌ،قال وشعب الإيمان قسمان قوليةٌ وفعليةٌ، وشعب الكفر قسمان قوليةٌ وفعليةٌ، فكما أن الإيمان يزول بزوال شعبةٍ قوليةٍ من شعبه كذلك يزول الإيمان بزوال شعبة فعلية من شعبه كالذي يسجد للصنم اختياراً لا إكراهاً ولا إضطراراً،فشعب الإيمان إيمانٌ وشعب الكفر كفرٌ، ومنها ما يزول الإيمان بزوالها ومنها ما لا يزول الإيمان بزوالها

 

ومنها أأصل أنا( أي شيخنا حفظه الله ) وأقول لكم أيها الأفاضل فمن الأعمال ما هو شرطٌ في صحة الإيمان (كالشهادة)، ومن الأعمال ما هو شرطٌ في كمال الإيمان (كإماطة الآذى عن الطريق)، فهل تدبرتم معي هذا الكلام النفيس؟!!!

8- قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما سبق أصلٌ وهاهنا أصلٌ أخر ما أروعه وما أبينه وما أحوج الأمة إليه الآن وهو أن حقيقة الإيمان مركبةٌ من قولٍ وعملٌٍ، والقول قسمان والعمل قسمان كما بينّا من قبل فالقول قول القلب وهو الإعتقاد وقول اللسان وهو النطق بكلمة التوحيد، والعمل قسمان عمل القلب وهو نيته ومحبته وإخلاصه وانقياده وعمل الجوارح وهو أن تصدق بأعمالك وجوارحك إقرار اللسان وتصديق الجنان واعتقاده، فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء ، فإن تصديق القلب شرطٌ في اعتقادها وكونها نافعة، فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفعه تصديقه بقلبه،

 

 

 

، فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفعه تصديقه بقلبه، فإبليس لم ينكر كان مصدقاً فلم ينفعه تصديقه، وكذلك فرعون وقوم فرعون، بل والمشركون كانوا مصدقين للنبي (عليه الصلاةوالسلام)

 

قال تعالى (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) فلن ينفعهم هذا التصديق ، لآنه زال عمل القلب فلا توجد نية فلم يصرفوا العبادة لله ولا توجد محبة لله ولا إذعان ولا خضوع ولا استسلام لله، فلم ينفعهم التصديق بان الرسول حقٌ وبأن ما جاء به من عند الله هو الحق

قال تعالى (وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)

 

فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع الخلاف بين آهل السنة وبين المرجئة والكرامية والمعتزلة والخوارج وما غير ذلك من الفرق ، فآهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأن تصديقه لا ينفعه مع انتفاء عمل القلب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

لآنه يلزم من عدم طاعة القلب ، ويلزم من عدم انقياد القلب وحبه وإذعانه واستسلامه، فإنه يلزم من كل ذلك عدم التصديق المستلزم للطاعة ، فلم؟!

لآنه لو صدق لانقاد، ولو انقاد وأحب وأذعن لصدق ، والتصديق المستلزم للطاعة هو حقيقة الإيمان،

 

فإن الإيمان ليس مجرد التصديق كما بينّت وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والإنقياد، وكذلك الهدى ليس مجرد أن تعرف الحق لا يكفي هذا في أنك قد اهتديت وإنما تعرف الحق وتعمل به وتنقاد له حينئذٍ تكون قد اهتديت وعرفت الهدى واتبعت الهدى، لكن أعرف الهدى دون أن أتبعه ودون أن أعمل بموجب الهدى فلست بمهتدٍ إذن،

 

 

 

ولذلك يترجم إمام الدنيا في الحديث الإمام البخاري –رحمه الله تعالى0 في باب الإيمان باباً من اعظم تراجم الإمام البخاري ،وعلماؤنا يقولون فقه البخاري في تراجمه فيقول باب من قال إن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى (وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون )

وقال البخاري قال عدةٌ من آهل العلم في قوله تعالى ) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)قال أي عن لا إله إلا الله،

وقال تعالى (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ )

 

 

 

ثم روى الإمام البخاري في هذا الباب حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) سئل أي العمل افضل فقال إيمانٌ بالله ورسوله قيل ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم أي قال حجٌ مبرور

 

بل وقال الإمام ابن منده في كتاب الإيمان اسم الإيمان واقعٌ على من يصدق بجميع ما أتى به النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الله نيةً وإقراراً وعملاً وإيماناً وتصديقاً ويقيناً وأن من صدَّق ولم يقر بلسانه ولم يعمل بجوارحه الطاعات التي أُمر بها لم يستحق اسم الإيمان، ومن أقر بلسانه وعمل بجوارحه ولم يصدق بذلك قلبه لم يستحق اسم الإيمان،

وهذا الأصل العظيم الجليل هو الذي ذكره إمام الدنيا في الحديث الإمام البخاري حيث ترجم في كتاب الإيمان أبواباً عظيمة تؤكد هذا الأصل الذي هو من أعظم أصول آهل السنة،

فقال الإمام البخاري باب أمور الإيمان، ثم قال باب الصلاة من الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، باب حب الرسول (صلى الله عليه وسلم) من الإيمان، باب الحياء من الإيمان، باب اتباع الجنائز من الإيمان، باب قيام ليلة القدر من الإيمان، باب صوم رمضان احتساباً من الإيمان، .......إلى أخر هذه التراجم الفقيهة البليغة..

 

فما أخرج آهل السنة العمل من الإيمان قط،

قال شيخ الإسلام - رحمه الله- وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل ، فالعمل من الإيمان، والإيمان من العمل،فمن أمن بلسانه وعرف بقلبه وصدّق بعمله، فتلك العروة الوثقى لا انفصام لها،ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدق بعمله كان في الآخرة من الخاسرين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

 

وأختم بكلمات ماتعة للإمام ابن بطة في كتابه الماتع الإبانة يقول

 

وأما الإيمان بما فرضه الله عز وجل من العمل بالجوارح تصديقاً لما أيقن به القلب ونطق به اللسان فذلك في كتاب الله تعالى يكثر على الإحصاء وأظهر من أن يخفى

 

 

 

أيها الافاضل الإيمان قولٌ واعتقادٌ وعملٌ بقى أن نتحدث بإيجاز عن أركان الإيمان، وعن حلاوة الإيمان، وعن طعم الإيمان، وعن نور الإيمان،وعن زيادة الإيمان ونقصانه بالطاعات والمعاصي، وعن تفاضل آهل الإيمان في الإيمان، وعن الفرق بين الإيمان والإسلام لغةً واصطلاحاً

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

اسمحوا لي أيها الأحبة أن أواصل هذه الليلة نفس الموضوع الكبير الجليل وفي قضية القرآن الأولى ألا وهي قضية الإيمان بالله جل وعلا ، ألا وهي قضية إفراد الحق سبحانه وتعالى بالألوهية والعبادة ،

 

بل هي القضية التي من أجلها خلق الله السماء والأرض، والجنة والنار،وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، بل من اجلها شرع الجهاد، وبها يتمايز الناس في الدنيا والآخرة إلى فريقين فريقِ مؤمنِ أو فريق إيمان لا نفاق فيه، وفريق نفاقِ لا إيمان فيه، وفي الآخرة إلى فريقين أيضاً فريقِ في الجنة وفريقٍ في السعير،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "أصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرارٌ بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه وهي تصديقٌ لما في القلب ودليلٌ عليه، وشاهدٌ له وهي شعبةٌ (أي الأعمال الظاهرة) من مجموع الإيمان المطلق وبعضٌ له، لكن ما في القلب هو الأصل لما على الجوارح

 

فشيخ الإسلام - رحمه الله- طالما ما فرق في كتبه بين الإيمان المطلق، ومطلق الإيمان،

فالإيمان المطلق هو الإيمان الكامل التام، أما مطلق الإيمان فهو أصل الإيمان فحسب

 

يقول شيخ الإسلام وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح،

فكلنا يحفظ أن لكل فعل رد فعل فإذا استقر الإيمان في القلب فلابد أن يظهر ذلك على الجوارح، لابد أن يظهر في الأعمال والأقوال، فلابد أن تترجمه الجوارح

 

ويقول وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه ، وانتبه لتلك الكلمتين دلَّ على عدمه أو ضعفه أي يدل على عدم وجود الإيمان بالكلية، أو وجود الإيمان مع ضعفه

إذن فهناك فرق بين الإيمان المطلق وبين مطلق الإيمان

 

وتدبر معي قوله أيضاً في موضعٍ أخر، وهي كلماتٍ والله يجب أن نعض عليها بالنواجز لحسم هذا الخلاف الطاحن في قضية الإيمان

 

يقول شيخ الإسلام أيضاً "فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق كما قال أئمة أهل الحديث قولٌ وعملٌُ -أي الإيمان قول وعمل- قولٌ باطنٌ وظاهرٌ، وعملٌ باطنٌ وظاهرٌ، والظاهر تابعٌ للباطن لازمٌ له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر،

 

فلا يصح أن نقول أن القلب ملئ بالإيمان والجسد بعيدٌ عن الإعمال، أو لا يستجيب لهذه الأعمال، انظروا إلى هذا التلازم بين الظاهر والباطن عند آهل السنة

 

ولذلك يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث النعمان بن بشير ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب

 

فإذا صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر، فالتلازم موجود بين الظاهر والباطن عند آهل السنة

ويبقى الآن سؤالٌ خطيرٌ جداً ولطالما أُثير ولا زال يثار ألا وهو

 

ما حكم تارك الأركان العملية الأربعة الصلاة والصيام والزكاة والحج ؟

والجواب أيها الأفاضل : في ترك المباني الأربعة والأركان الأربعة خلافٌ ونزاعٌ مشهورٌ بين أئمة آهل السنة يقول شيخ الإسلام - طيب الله ثراه- وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأتِ بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها ونحن إذا قلنا آهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا وشرب الخمر، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاعٌ مشهور

ففي أحدى الروايات عن الإمام احمد أنه يكفر من ترك واحدةً منها،

 

وفي رواية ثانية عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط

 

وفي رواية ثالثة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها ،

 

وفي رواية رابعة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة

وفيها خلاف مشهور ايضاً بين آهل العلم، فهناك من يكفر تارك الصلاة الجاحد لها المنكر لوجوبها، وهناك من يفسقه إن تركها تكاسلاً وعصياناً

 

وفي رواية خامسة للإمام أحمد قال لا يكفر بترك شئٍ منهن

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وهذه أقوالٌ معروفةٌ للسلف

 

بل ومن نفيس كلام سماحة أستاذنا وشيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- يقول "من ادعي الإيمان بهذه الاصول ثم لم يؤدي شرائع الإسلام الظاهرة فلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و لم يصلي، و لم يزكي، و لم يحج مع الإستطاعة ، أو ترك غير ذلك من شعائر الإسلام الظاهرة التي أوجبها الله عليه فإن ذلك دليلٌ على عدم إيمانه أو على ضعف إيمانه،"

 

انظر على هاتين الكلمتين والتي ذكرهما قبل ذلك الإمام ابن تيمية - طيب الله ثراه- فلابد أن ننتبه إلى دقة الكلمات والألفاظ في هذا المعترك الشديد، والنزال الصعب،

 

اسمع أيضاً ماذا قال الشيخ قال "قد ينتفي الإيمان بالكلية كما ينتفي بترك الشهادتين إجماعاً، وقد لا ينتفي أصله (أي مطلق الإيمان) ولكن ينتفي كماله وتمامه، لعدم أداءه ذلك الواجب المعين كالزكاة والصيام والحج وما غير ذلك عند الجمهور من آهل العلم فإن تركها فسقٌ وضلالٌ ولكن ليس ردةً عن الإسلام عند أكثرهم إذا لم يجحد وجوبها،(أما إن جحد وجوب أي عملٍ من هذه الأعمال الظاهرة أومن هذه المباني فلا خلاف على كفره) أما الصلاة فذهب قومٌ إلى أن تركها ردةٌ ولو مع الإيمان بوجوبها وهذا أصح قولي آهل العلم ، قال وقال آخرون بل تركها - أي بل ترك الصلاة- كفرٌ دون كفرٍ إذا لم يجحد وجوبها،،"

 

أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في بيان هذه المسألة التي طال فيها الخلاف،

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

 

اسمحوا لي أيها الأحبة أن أواصل هذه الليلة نفس الموضوع الكبير الجليل وفي قضية القرآن الأولى ألا وهي قضية الإيمان بالله جل وعلا ، ألا وهي قضية إفراد الحق سبحانه وتعالى بالألوهية والعبادة ،

 

بل هي القضية التي من أجلها خلق الله السماء والأرض، والجنة والنار،وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، بل من اجلها شرع الجهاد، وبها يتمايز الناس في الدنيا والآخرة إلى فريقين فريقِ مؤمنِ أو فريق إيمان لا نفاق فيه، وفريق نفاقِ لا إيمان فيه، وفي الآخرة إلى فريقين أيضاً فريقِ في الجنة وفريقٍ في السعير،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "أصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرارٌ بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه وهي تصديقٌ لما في القلب ودليلٌ عليه، وشاهدٌ له وهي شعبةٌ (أي الأعمال الظاهرة) من مجموع الإيمان المطلق وبعضٌ له، لكن ما في القلب هو الأصل لما على الجوارح

 

فشيخ الإسلام - رحمه الله- طالما ما فرق في كتبه بين الإيمان المطلق، ومطلق الإيمان،

فالإيمان المطلق هو الإيمان الكامل التام، أما مطلق الإيمان فهو أصل الإيمان فحسب

 

يقول شيخ الإسلام وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح،

فكلنا يحفظ أن لكل فعل رد فعل فإذا استقر الإيمان في القلب فلابد أن يظهر ذلك على الجوارح، لابد أن يظهر في الأعمال والأقوال، فلابد أن تترجمه الجوارح

 

ويقول وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه ، وانتبه لتلك الكلمتين دلَّ على عدمه أو ضعفه أي يدل على عدم وجود الإيمان بالكلية، أو وجود الإيمان مع ضعفه

إذن فهناك فرق بين الإيمان المطلق وبين مطلق الإيمان

 

وتدبر معي قوله أيضاً في موضعٍ أخر، وهي كلماتٍ والله يجب أن نعض عليها بالنواجز لحسم هذا الخلاف الطاحن في قضية الإيمان

 

يقول شيخ الإسلام أيضاً "فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق كما قال أئمة أهل الحديث قولٌ وعملٌُ -أي الإيمان قول وعمل- قولٌ باطنٌ وظاهرٌ، وعملٌ باطنٌ وظاهرٌ، والظاهر تابعٌ للباطن لازمٌ له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر،

 

فلا يصح أن نقول أن القلب ملئ بالإيمان والجسد بعيدٌ عن الإعمال، أو لا يستجيب لهذه الأعمال، انظروا إلى هذا التلازم بين الظاهر والباطن عند آهل السنة

 

ولذلك يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث النعمان بن بشير ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب

 

فإذا صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر، فالتلازم موجود بين الظاهر والباطن عند آهل السنة

ويبقى الآن سؤالٌ خطيرٌ جداً ولطالما أُثير ولا زال يثار ألا وهو

 

ما حكم تارك الأركان العملية الأربعة الصلاة والصيام والزكاة والحج ؟

والجواب أيها الأفاضل : في ترك المباني الأربعة والأركان الأربعة خلافٌ ونزاعٌ مشهورٌ بين أئمة آهل السنة يقول شيخ الإسلام - طيب الله ثراه- وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأتِ بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها ونحن إذا قلنا آهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا وشرب الخمر، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاعٌ مشهور

ففي أحدى الروايات عن الإمام احمد أنه يكفر من ترك واحدةً منها،

 

وفي رواية ثانية عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط

 

وفي رواية ثالثة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها ،

 

وفي رواية رابعة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة

وفيها خلاف مشهور ايضاً بين آهل العلم، فهناك من يكفر تارك الصلاة الجاحد لها المنكر لوجوبها، وهناك من يفسقه إن تركها تكاسلاً وعصياناً

 

وفي رواية خامسة للإمام أحمد قال لا يكفر بترك شئٍ منهن

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وهذه أقوالٌ معروفةٌ للسلف

 

بل ومن نفيس كلام سماحة أستاذنا وشيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- يقول "من ادعي الإيمان بهذه الاصول ثم لم يؤدي شرائع الإسلام الظاهرة فلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و لم يصلي، و لم يزكي، و لم يحج مع الإستطاعة ، أو ترك غير ذلك من شعائر الإسلام الظاهرة التي أوجبها الله عليه فإن ذلك دليلٌ على عدم إيمانه أو على ضعف إيمانه،"

 

انظر على هاتين الكلمتين والتي ذكرهما قبل ذلك الإمام ابن تيمية - طيب الله ثراه- فلابد أن ننتبه إلى دقة الكلمات والألفاظ في هذا المعترك الشديد، والنزال الصعب،

 

اسمع أيضاً ماذا قال الشيخ قال "قد ينتفي الإيمان بالكلية كما ينتفي بترك الشهادتين إجماعاً، وقد لا ينتفي أصله (أي مطلق الإيمان) ولكن ينتفي كماله وتمامه، لعدم أداءه ذلك الواجب المعين كالزكاة والصيام والحج وما غير ذلك عند الجمهور من آهل العلم فإن تركها فسقٌ وضلالٌ ولكن ليس ردةً عن الإسلام عند أكثرهم إذا لم يجحد وجوبها،(أما إن جحد وجوب أي عملٍ من هذه الأعمال الظاهرة أومن هذه المباني فلا خلاف على كفره) أما الصلاة فذهب قومٌ إلى أن تركها ردةٌ ولو مع الإيمان بوجوبها وهذا أصح قولي آهل العلم ، قال وقال آخرون بل تركها - أي بل ترك الصلاة- كفرٌ دون كفرٍ إذا لم يجحد وجوبها،،"

 

أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في بيان هذه المسألة التي طال فيها الخلاف،

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر ثقل قلبه - أي اصبح قلبه كالمرآة الصافية – فإذا زاد زادت، وإذا عاد عادت، وإذا زاد زادت فذلك الران

الذي قال الله فيه ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)

 

قال البخاري –طيب الله ثراه- لقيت أكثر من ألف رجلٍ من العلماء بالأمصار اتفقوا جميعاً على أن الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص،،

هذا كلام إمام الدنيا في الحديث ، وبذلك نكون قد انتهينا بفضل الله تعالى من الأصل الأول الكبير في الإيمان

 

وبقي أن نتعرف على أصل في غاية الأهمية ألا وهو (يزيد وينقص) تعرفنا على أن الإيمان (قولٌ وعملٌ)

 

الإيمان (يزيد وينقص) انتبهوا معي أيها الافاضل لأن هذا أيضاً أصلٌ كبيرٌ من أصول آهل السنة أسأل الله أن يختم لي ولكم بالتوحيد والسنة

الإيمان (يزيد وينقص) يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والذنوب والزلات وينقص ويقل أيضاً بضعف الطاعات،

 

خذ الأدلة على ذلك من كلام ربنا وكلام نبينا (صلى الله عليه وسلم) وكلام سادتنا وعلماءنا - رحم الله الجميع-

 

1- قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)

أمرٌ عجيبٌ فما أصرح الآية ! وما أوضحها!فأعجب لأولئك الذين يتعسفون في ليِّ هذه المعاني لهذه الكلمات القرآنية الصريحة الواضحة ،

 

2- قال تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)

 

أي أن هناك زيادة في الإيمان ، فهذا المشهد زاد المنافقين نفاقاً وإرجافاً وخذلاناً لكنه زاد المؤمنين إيماناً وتسليماً ،،

 

3- قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)

 

الآية صريحة في إثبات زيادة في الإيمان بتنزل السكينة عليهم من الرحيم الرحمن

 

4- قال تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

 

والآية أيضاً صريحة في إثبات زيادة الإيمان

وما أكثر الآيات ! ولا أُريد أن أطيل النفس أكثر من ذلك، فما أكثر الآيات التي تثبت زيادة الإيمان! ،،

 

أما السنة فالأحاديث كثيرة

1- روى الإمام مسلم في صحيحه أن حنظلة الأُسيدي - وكان حنظلة كاتباً من كتاب الوحي للنبي (صلى الله عليه وسلم)- ومع ذلك يقول حنظلة - رضي الله عنه- لقيني أبو بكرٍ - رضي الله عنه - يوماً فقال كيف أنت يا حنظلة؟ فقال له حنظلة نافق حنظلة، فقال الصديق: وما ذاك؟ فقال : نكون عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكرنا بالجنة والنار حتى كأن رأي عين، فنبكي وتخضل لحانا ، فإذا عدنا إلي بيوتنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال الصديق- رضي الله عنه- : قال الصديق والله إنا لنلقى مثل ذلك، فانطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالا: نافق حنظلة يا رسول الله قال : وما ذاك قال نكون عندك فتذكرنا بالجنة والنار حتى كأن رأي عين، فنبكي وتخضل لحانا ، فإذا عدنا إلي بيوتنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال له (صلى الله عليه وسلم) : والذي نفسي بيده لو تدومون على الحال التي تكونون بها عندي وفي الذكر لصافحتكم الملآئكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن ساعةً وساعة، ساعةً وساعة ، ساعةً وساعة، حتى كأن رأي عين: أي حتى كأننا نرى الجنة والنار رأي العين ، يا إلهي

 

فتخضل لحانا أي من البكاء والخشوع والخشية والتوبة والإنابة،

 

عافسنا الأزواج والأولاد: أي لعبنا الأزواج والأولاد والضيعات المقصود بها الإنشغال بالأموال والتجارة،

ونسينا كثيراً أي فإذا ما تركنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نسينا هذا البكاء وهذا الخشوع وهذا الخضوع والإنابة والتوبة والأوبة وانشغلنا فلعبنا النساء والأولاد وانشغلنا بالأموال والتجارة ،

 

قال الصديق والله إنا لنلقى مثل ذلك هذا: الصديق الذي يدق قلبه على دقات قلب المصطفى ، والذي ينبض قلبه على نبض قلب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)،

 

ولكن ساعةً وساعة: أي ساعة أبكي فيها ولتخضل لحيتك من البكاء من خشية رب الأرض والسماء ولتبكي وتتململ بين يديه - جل وعلا- كتململ العصفور المبلل بماء المطر من شدة الخشية والحب والخوف في آن، وأقضي ساعة أخرى داعب فيها زوجتك وأولادك ولا حرج البتة أن تنشغل بضيعاتك وأموالك وتجارتك،

ولا حرج عليك في ذلك هذا هو المراد ،

 

فالحديث يثبت بجلاء أنم ساعةٌ يزيد فيها الإيمان بالطاعة ،وأن ساعةٌ يقل فيها الإيمان بالبعد عن الطاعة وبيئة الطاعة ،

 

2- لذا روى الحاكم في المستدرك بسندٍ حسن من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قالإن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم

كما يخلق الثوب أي كما يبلى الثوب، فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم لذا كان الصحابي يلقى أخاه فيقول له هيا بنا نؤمن ساعة هو لا يقصد أصل الإيمان أو مطلق الإيمان، وإنما يقصد زيادة الإيمان، يقصد الإيمان المطلق كما فرَّق بينهم شيخ الإسلام- طيب الله ثراه- هيا بنا نؤمن ساعة أي هيا بنا نجدد الإيمان في قلوبنا، هيا بنا لنقبل على الله ليزداد الإيمان في قلوبنا،

3- روى البخاري ومسلم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الآذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان.

 

فهذا حديثٌ واضحٌ جداً على تفاوتٍ بيٍّن كبير في شعب الإيمان فأفضل هذه الشعب قول لا إله إلا الله وأدنى هذه الشعب إماطة الآذى عن الطريق

 

وقد ذكرت قول شيخنا ابن القيم حيث قال وبين هاتين الشعبتين شعبٌ متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يلحق بشعبة الشهادة ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الآذى عن الطريق.

 

4- روى الإمام مسلم من حديث أبي مالك الاشعري -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الطهور شطر الإيمان أي نصف الإيمان ويحدد النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث أيضاً جزءاً من الإيمان،،

 

5- وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود والترمذي والطبراني وابن أبي شيبة وغيرهم من حديث أبي أُمامة - رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) قال من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان،،

 

6- روى البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- قال حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثين رأيت أحدهما وانا انتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت (وهو السواد اليسير) ثم ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيبقى أثرها مثل المَجْلِ كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراهمنتبرًا(أي منتفخاً) وليس فيه شيء ، ثم أخذ (صلى الله عليه وسلم) حصىً فدحرجه على رجله فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، حتى يقال: إنفي بني فلانٍ رجلاً أمينًا، حتى يقال للرجل: ما أعقلَهُ وما أظرفَهُ وما أجلدَهُ ومافي قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى عليَّ زمانٌ وما أبالي أيَّكم بايعت،لئن كان مسلمًا ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانيّا ردَّهُ عليَّ ساعيه، فأمااليوم فما كنت أبايع إلا فلانًا وفلانًا".

 

وهذا دليلٌ نبويٌ صريح على أن القلب قد يخلو تماماً وقد يزول فيه الإيمان بالكلية وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،،

 

أما أقوال أئمة آهل السنة في زيادة الإيمان ونقصانه فكثيرة جداً لا أستطيع حتى أن أقف على بعضها الآن

 

ويكفينا قول البخاري - لقيت أكثر من ألف رجلٍ من العلماء بالأمصار اتفقوا جميعاً على أن الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص،،

هذا أصلٌ من أصول آهل السنة (قولٌ وعملٌ ) (يزيد وينقص)

 

وبقي أن أتحدث في مسألة آخرى متعلقةٍ بهذا الأصل الثاني بزيادة الإيمان ونقصانه ألا وهي تفاضل آهل الإيمان في الإيمان، وهذا أيضاً أصلٌ ومعتقدٌ لآهل السنة، فآهل الإيمان يتفاضلون في الإيمان

 

قال تعالى ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِبِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)

 

آية صريحة في تفاضل آهل الإيمان فَمِنْهُمْظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ

1- وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال بينَّ أنا نائم إذ عُرض علي الناس وعليهم قمص منها ما يبلغ الثُديَّ ومنها ما دون ذلك، قال إذ عُرض عليَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وعليه قميصٌ يجتره، قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين،،

2- وفي رواية آخرى في الصحيحين من حديث ابن عمر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينَّ أنا نائم إذ أُتيت بقدح لبن فشربته حتى إني أرى الريَّ يخرج من بين أظفاري ثم أعطيت فضلتي لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فشرب قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم

 

3- روى الإمام أحمد في مسنده وكذلك الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في السنة بسندٍ حسنٍ ورواه كذلك الإمام البيهقي في الشُعب بسندٍ صححه الإمام العجلوني في كشف الخفاء أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال لو وزن إيمان أبي بكرٍ بإيمان آهل الارض لرجح إيمان أبي بكر ،،

 

نعم هناك تفاوت في الإيمان ولا يمكن على الإطلاق أن نكون كأعلى الناس أولي العزم من الرسل والأنبياء وهم ، نوح وإبراهيم وموسي وعيسى ومحمد (صلوات الله عليهم جميعاً) ، وأدناهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، وبين هذين من التفاوت ما الله به عليم

 

 

بل أنا أقول قد يتفاضل المؤمنون في العمل الواحد في المكان الواحد في الوقت الواحد وأضرب لذلك مثالاً واحداً قد يقف الناس في مسجدٍ جامعٍ في الحرم على سبيل المثال أو المسجد النبوي أو في المسجد الأقصى ....إلخ فيقف الناس في مكانٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ خلف إمامٍ واحدٍ لصلاة فريضة واحدة وبينهم من التفاوت في الإيمان ما يتساوى تماماً مع أعدادهم في هذا المكان فمنهم من يشعر أن الصلاة قرة عينه ويتمنى لو أن الإمام أطال القراءة والركوع والسجود فهو لا يريد أن يخرج من هذه الجنة في الدنيا ، ففي الدنيا جنة من لا يدخلها لا يدخل جنة الآخرة ، ومنهم في نفس الصف من يشعر أنه في سجنٍ ضيقٍ يود أنه لو انتهى الإمام ليخرج منه بسرعة، ومنهم من يقف وقد تشتت قلبه وهام في كل واد في الشهوات في الشبهات في الأهواء..إلخ ، ومنهم من وقف في الصلاة لا يدري هل قرأ التشهد قائماً أم قرأ الفاتحة جالساً؟!! ومنهم من تخرج صلاته ينبعث منها النور تشرق حتى تفضي إلى عرش العزيز الغفور، ومنهم من تخرج صلاته مظلمة ولا حول ولا قوة إلا بالله ...وهكذا

تفاوت وتفاضل لا يعلمه إلا الله ، يتفاوت الناس ويتفاضل الناس في العمل الواحد، وكذلك يتفاضلون في إيمانهم بربهم تبارك وتعالى وعلى ذلك يموتون ، وعلى ذلك يبعثون، وعلى ذلك يحشرون ، وبهذا التفاوت والتفاضل تقسم أنوارهم على الصراط،،

اللهم اجعلنا من آهل الأنوار،

يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوامَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْيَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

 

قال عبد الله بن مسعود والأثر رواه أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن خزيمة وغيرهم

قال ابن مسعود - رضي الله عنه- منهم من يكون نوره كالجبل، ومنهم من يكون نوره كالنخلة، ومنهم من يكون نوره كالرجل القائم، ومنهم من يكون نوره على إبهامه يوقد مرة وينطفئ مرة، ومنهم من تحيط الظلمة به من كل ناحية،

قال تعالى (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَانَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًافَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُمِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ* يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)

 

يُنَادُونَهُمْ أي ينادي أهل الظلمات آهل الأنوار، ينادي آهل النفاق آهل الإيمان وهكذا أيها الأفاضل ، هكذا يحشرون ، وعلى هذا التفاضل أيضاً يدخلون جنات رب العالمين

 

قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )

 

قال تعالى (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا )

قال تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم* ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ )

 

وكلنا يحفظ حديث الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ومن حديث أبي ذر وفيه أن الفقراء من آهل المدينة أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا يا رسول الله ذهب آهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال (عليه الصلاة والسلام) ألا أدلكم على ما تصدقون به؟ قالوا: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم أن وضعها في الحرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: وكذلك لو وضعها في الحلال فله فيها أجر،

 

وفي روايةٍ قالوا يا رسول الله سمع إخواننا آهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال (صلى الله عليه وسلم) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم،

 

أيها الأحبة بقي في هذا المبحث المهم أن نتعرف على الفرق بين الإيمان والإسلام ؟ وسنرجأها إلى موضعها في تفسير القرآن الكريم إن شاء الله الملك الجليل حتى لا أطيل النفس أكثر من ذلك في هذا المبحث المهم والله تبارك أسأل أن يرزقنا وإياكم الإيمان وأن يعلمنا ويفهمنا، وأن يبصرنا ويرزقنا الإخلاص والتوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه،،

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

قلنا قبل ذلك أن المنافقون نموذجٌ متكرر في كل زمانٍ ومكانٍ، فلو هلك المنافقون لاستوحش المؤمنون في الطرقات، وذلك لكثرة المنافقين ولقلة المؤمنين الصادقين أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المؤمنين الصادقين ،

 

تجمع المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ صفات مشتركة ، ومن أخبث هذه الصفات إنهم يعلنون الإيمان بألسنتهم ويرددون الإيمان بأقوالهم ولكنهم في الوقت ذاته يدمرون ويبطنون الكفر في قلوبهم ،

 

فالمنافقون متلونون لا يمتلكون القدرة والشجاعة ما يواجهون به الحق بالإيمان به بصورة صريحة واضحة ولا حتي يملكون القدرة والشجاعة التي بها يرفضون الحق بطريقة واضحة صريحة،

 

ولكنهم متلونون، مخادعون ومع ذلك يظنون بغباء أنهم اذكياء وأنهم يملكون من الدهاء ما يستطيعون أن يخادعوا به رب العالمين والمؤمنين الصادقين الطيبين ،

 

ولكنهم يفاجئون بمفاجأة حادة شديدة فوجئوا بالقرآن الكريم يتنزل على قلب النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم) يهتك استارهم ويظهر أسرارهم ويطلع المؤمنين الطيبين الصادقين على ما يحمله القوم في قلويهم من خداع ومكر ونفاق ودهاء وخبث وإلى غير ذلك من صفاتهم الخبيثة الدنيئة ،

 

نعم أيها الأفاضل قال الله تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ)

 

وليس الأمر كذلك فليس الإيمان كلمةٌ تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان وعملٌ بالجواح والأركان، لذا يكذبهم الرحيم الرحمن الذي يعلم السر وأخفى وينفي عنهم الإيمان

فيقول تعالى (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)

 

بل ويشهد سبحانه وتعالى على كذبهم وضلالهم فيقول جل جلاله (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)

 

 

(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

 

الخداع لغةً الإخفاء، أصل الخداع في لغة العرب الإخفاء ومنه الأخدعان وهما عرقان مستبطنان في العنق،

 

وتقول العرب مخدع البيت بضم الميم وكسرها،

 

وتقول العرب أيضاً خدع الضب حارشه أي الذي يريد اصطياده، فيظهر الضب لحارشه الذي يريد اصطياده أنه سيخرج من فتحة الجحر الذي يمد الحارش فيها يده ثم يخدعه الضب فيخرج من الناحية الأخرى من النافقاء وهي جحر الضب، فظاهر جحر الضب تراب وباطنه حفر،

 

ومنه سُمي المنافق منافقاً لآن المنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر

 

ولذا سُمي المنافق منافقاً من النافقاء،

 

والعرب أيضاً يقولون الخداع هو الفساد، فالمنافقون مفسدون لآنهم يفسدون الإيمان الذي يعلنونه بآلسنتهم وآقوالهم بما يبطنونه ويدمرونه في قلوبهم من نفاقٍ ومن كفرٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله،،

 

إذن الخداع أيها الأفاضل مصدر خادع الدال على معنى المفاعلة والمخادعة،

 

فالخداع لغةٌ هو قولٌ أو فعلٌ أو حالٌ ما يوهم به صاحبه الآخرين أنه يريد الخير للغير وهو يريد ويقصد خلاف ذلك، ويقصد خلاف ذلك، يوهم الآخرين أنه يريد لهم النفع والمصلحة ولكنه في الحقيقة يريد لهم الشر والسوء هذه هي حقيقة الخداع

 

وبهذا التأصيل اللغوي المبين يتبين غباء المنافقين ويتبين جهل المنافقين الفاضح فبجهلهم وبغباءهم يتصورون أنهم بهذا الدهاء المشئوم، وبهذا الخداع المزعوم يتصورون أنهم سيخادعون رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم مكنون الضمائر، الذي يعلم السرائر، الذي لا يغيب عنه شئٌ في الأرض ولا في السماء، بل الذي يسمع ويرى النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء،

يتوهم المنافقون الجهلاء أنهم بهذا الدهاء والمكر والخداع يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين جل جلاله، الذي يعلم السر وأخفى بل السر عنده كالعلانية

 

قال تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَاإِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍإِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَيَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(

وقال تعالى (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْمُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَىاللَّهِ يَسِيرٌ)

 

فما أقبح الجهل! وما أشنع خداع المخادعين من المنافقين! الذين لا يشعرون لغبائهم وجهلهم أنهم لايخدعون إلا أنفسهم ، وأنهم ينتهون بأنفسهم إلى شر مصير، إلى جهنم وبئس المصير، لذا يفضحهم العليم الخبير، ويجعل سرهم علانية،

 

فيقول تعالى(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

فهم يخادعون الله بظنهم فظنهم فاسد، وعقلهم كاسد، وقلوبهم مريضة، لا علم لهم ولا فقه لهم، فلا فقه لقلوبهم، ولا عقل في قلوبهم ولا في صدورهم، لا يعقلون ولا يفقهون، ولا يفهمون، فقومٌ يتصورون أنهم يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين لجهلاء، لسفهاء، لا فهم لهم ولا عقل،

 

ولا يشعر هؤلاء الأغبياء أن الله يرد عليهم خداعهم ونفاقهم وأنهم لا يخدعون إلا أنفسهم بل ولا حتى يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين الذي يعلم سر القوم ويعلم ما أخفوه القوم في الصدور والقلوب من خبثٍ وحقدٍ فيطلع المؤمنين على خداعهم وعلى نفاقهم، ويظهر نفاقهم على صفحات وجوههم، وفي لحن قولهم،بل وفي مداد أقلامهم العفن النتن، فالمنافقون لا يخلو منهم زمانٍ ولا مكانٍ يسودون كل يوم صفحات الجرائد والمجلات، ويملأون الفضائيات بطنطنة فاضحة، وكلماتٍ خبيثةٍ يريدون أن يملأوا بها قلوب المؤمنين إرجافاً وهزيمة نفسية نكراء،

 

قال تعالى(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْلِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍعَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون(

وما أكثرهمالآن وهم بكل أسف يديرون دفةالتوجيه والتربية في الأمةبل في العالم كله،

 

وصدق المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- سيأتي على الناس سنواتٌ خداعات يصدق فيها الكاذب،ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، وفي لفظٍ قال الرجل السفيه

 

وما أكثر التافهين! وما أكثر السفهاء! وهذا والله الذي لا إله غيره حقٌ تحقق الآن بمثل ما قال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى،

 

نعم ، يقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه من مثقال حبة خردلٍ من إيمان ، مملوءٌ بالنفاق ومع ذلك يطبل له الناس، ويزمر له الإعلام، وربما يرفع على الأعناق، ولو أُقيم حد الله جل وعلا لآقيم على مثله وأمثاله من إخوانه الذي قال في حقهم المصطفى كما في حديث حذيفة بن اليمان في الصحيحين

رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

 

نعم أيها السادة الافاضل: بهذا التأصيل يتبين لنا فساد المنافقين بل وغباءهم، بل وبله المنافقين، قومٌ سفهاء يعتقدون أن الله تعالى لا يعلم سرهم ونجواهم، ولا يعلم ما تخفيه قلوبهم من نفاقٍ، وما تحمله صدورهم من حقدٍ، وما تحمله نفوسهم من أمراضٍ،

 

(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ )

 

بل حتى لا يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين يظهر خداع المنافقين للمؤمنين ، يجعل سر المنافقين للمؤمنين علانية، ولا يُنبئك عن القوم مثل خبير،

 

(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)

ويالها والله من كرامة للمؤمنين الصادقين، يالها والله من كرامة أن يجعلهم الله جل وعلا في معيته، وأن يجعل الحرب المعلنة عليهم حرباً معلنة عليه جل جلاله،

(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) يجعل الحرب المعلنة علي المؤمنين حرباً معلنة عليه جل جلاله

 

هل وقفتم على هذه المنقبة؟؟

 

هل تدبرتم أيها المؤمنون هذه الكرامة؟؟

 

يالها والله من معية لو عرف المؤمنون قدرها ، يالها والله من معية لو عرف المؤمنون جلالها أيها المؤمن الصادق معك الحق الذي من أجله خلق الله السماء والأرض،الذي من أجله خلق الله الجنة والنار، الذي من أجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، معك رصيد الفطرة التي فطر الله الناس كل الناس عليها،

 

ومعك قبل ذلك ومعك بعد كل ذلك معك الله ويالها من معيةٍ كريمةٍ أنت ولي الله جل وعلا ، المؤمنون أولياء الله، المؤمنون أصفياء الله، يتولى الله بنفسه جل وعلا الدفاع عنهم وحفظهم

 

قال تعالى (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ )

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)

وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري وغيرهمن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) قال قال الله تعالى في الحديث القدسي من عادى لي ولياً فقد أذنته بالحرب،،

 

اللهم أجعلنا من أوليائك وأصفيائك يا أرحم الراحمين ،،

 

يالها والله من كرامة أن يجعل الله المؤمنين معه في معيته وأنا أقصد المعية الخاصة؟ فالمعية نوعان ، معيةٌ عامةٌ وهي معية المراقبة ومعية العلم الشامل المحيط فالله لا يغيب عن علمه شئ (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

 

أَيْنَ مَا كَانُواأي بعلمه أي بسمعه أي ببصره، أي بقدرته وإرادته وإحاطته فلا يغيب عنه شئولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات أو في الأرضجل جلال الله ،

قال أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه،يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

 

جل جلاله سبحانه سبحانه سبحانه، جلًّ عن الشبيه وعن النظير وعن المثيل

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

 

قال الله تعالى(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

والسؤال يخادعون الله أمرٌ مستحيل،!!

 

ولكننا نريد أن تقف معنا وقفةٌ عند قول الله تبارك وتعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)

لآن الله عز وجل رد عليهم خداعهم في الآية التي نحن معنا (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

وقال تعالى في سورة النساء (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَايَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا* مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)

قد يسأل سائل بل وحتماً سيسأل كثيرٌ من السائلين كيف يخادع الله المنافقين؟ في قوله تعالى (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) فهذا السؤال موطنٌ تضل فيه الأفهام وتزل فيه الأقداموتسئُ فيه كثيرٌ من الأقلام

 

وسأذكر الأن في هذا الموطن قاعدةً جليلةً من أعظم قواعد الاسماء والصفات نستطيع من خلال فهمنا لهذه القاعدة أن نتعامل مع كل هذه الأفعال التي أطلقها ربنا جل وعلا على نفسه في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل، وسنمر على كثيرٍ من هذه الأفعال في آيات القرآن الكريم ألا وهي

المؤمنون العارفون بقدر الله وجلاله يؤمنون ويثبتون لله سبحانه وتعالى كل الاسماء الحسنى والصفات العلى التي أثبتها لنفسه جل جلاله في القرآن الكريم، والتي أثبتها له أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) في السنة الصحيحة من غير تحريف لألفاظها ومعانيها ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ،

 

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ)

إ

لى غير ذلك من الأدلة العظيمة فلسنا اعرف بالله من الله، ولسنا اعرف بالله من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا ينبغي ان نصرف النص القرآني عن ظاهره ما الداعي لذلك ؟!!

الله جل وعلا يثبت لذاته اسماً ويثبت لذاته وصفته صفةً فلنثبت هذا الاسم وتلك الصفة من غير تعطيل، أو تحريف، أو تكييف، أو تمثيل، أو تشبيه،

 

كذلك ذكر ربنا جل وعلا وأطلق على نفسه أفعالاً في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل،

 

وهذه الأفعال في موضعها في السياق القرآني الذي وضعت فيه وسيقت فيه أقول هذه الأفعال في هذا الموضع أفعال مدح وكمال، أطلق الله تعالى لنفسه أو على نفسه أفعالاً وُضعت في سياق القرآن الكريم بدقةٍ فهي في هذا السياق وهذا الموضع أفعال مدح وكمال وجلال ولا يجوز أن نخرجها من سياقها وأن نطلقها مفردة وحدها بعيدةً عن السياق وإلا أوهم ذلك نقصاً في حق الله، تعالى الله عن كل نقصٍ وعن كل عيبٍ،

 

ولا يجوز أن نشتق من هذه الأفعال أسماء لله تعالى،

 

قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)

وقال تعالى (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

 

وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

 

انظر على هذا الجمال والكمال، أي وربي، يا أخي سبحان الله لو أُطلقت هذه الافعال على واحدٍ من الخلق جازى بها واحداً من الخلق الآخرين جزاءاً عادلاً لاستُحسن منه ذلك ، فكيف بالخالق جل وعلا؟؟؟؟

كيف تنسب لنفسك ما تريد أن تنفيه عن خالقك جل جلاله؟!!

 

إذا عاملت إنساناً معاملةً عادلةً من باب صنيعه أو من باب فعله، فأنت محسن، بل ولا يُستقبحُ صنيعك ولا فعلُك،

 

فالله تعالى يقول (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

 

وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

فهذا جزاءٌ عدل من جنس أعمال هؤلاء الخبثاء والمنافقينن لكن لا يجوز ان تأخذ هذا الفعل من وسط هذا السياق القرآني البديع الجليل وأن تفرد هذا الفعل، كأن تقول - ولاحول ولا قوة إلا بالله- الله ماكر، مخادع، ناسي، مستهزئ، ....إلى غير ذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً،

بل من تفوه بذلك واشتق من هذه الأفعال التي سيقت في موضعها القرآني فكانت مدحاً وكمالاً أسماء وصفات للكبير المتعال فقد فاه بأمرٍ عظيمٍ

والله لقد أتى شيئاً إدا، تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدا، أن يجعل هذه أسماءاً لله تعالى، وأن يقرن اسم المخادع، والماكر، والناسي، و المستهزئ، كأسماءٍ لله - حاش لله- مع اسم الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، الميهمن، ..إلى غير ذلك من أسماء الجلال، فلا يجوز ذلك على الإطلاق،

 

فأرجو أن تتدبروا هذه القاعدة الجليلة لآننا سنتعامل بها مع كل هذه الأفعال التي ستقابلنا في القرآن الكريم، وهذا معتقد سلفنا الصالح، ومعتقد آهل السنة والجماعة، في هذا المبحث الجليل المهم، مبحث الاسماء والصفات،

 

فعليك أيها المؤمن أن تقطع الطمع بسكين اليقين والإيمان في إدراك كيفية ذات الله - جل وعلا- كما قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفيات أمورٍ كثيرةٍ، ومخلوقاتٍ عديدةٍ تعيش معك وتراها بعينيك وتسمع دبيبها بأذنيك،

 

اضرب لكم مثالاً أوضح به ما أقول

 

أنت لا تنكر البتة لغة النمل

قال تعالى (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)

 

فأنت لا تنكر أن النمل له لغة وله حوار وربما أكون صادقاً إذا قلت أن النمل له لغةٌ مرئيةً فإن لم تسمع لغة النمل ترى اللغة، تراها مجسدةٍ في حركةٍ دءوب، فترى نملةٍ لا تستطيع أن تحمل حبة قمحٍ أو حبة ذرةٍ، فتسرع هذه النملة لتعود بعد قليل بسربٍ طويلٍ من النمل يمشي وراءها ليحمل هذا السرب كله حبةَ الذرة إلى حيث شاء ربي وقدر جل وعلا ، نعم للنمل لغة، وله خطاب، وله حوار، وإن كنت لا تسمعها لكن أقول لك هل طمعت يوماً أيها العاقل أن تأتي بمكبر صوت( ميكروفون) أو بمسجل (كاسيت) لتضع مكبر الصوت أو المسجل في وسط سربٍ من النمل لتسجل لغة النمل أو لترفع صوت النمل لتُسمعُ هذا الصوت لمجموعةٍ كبيرةٍ من الناس؟،

والجواب لا، ما طمع عاقلٌ في ذلك أبداً

 

اسمع ما أقول الآن أقول لكَ ، قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفية كلام النمل، ولم تقطع الطمع بسكين الإيمان واليقين في إدراكِ كيفية كلام رب العالمين جل جلاله،

 

لابد أن تؤمن بالأسماء والصفات، ولابد أن تعلم أن الأفعال التي وردت في هذا السياق القرآني سيقت للمدح، وللكمال ، ولا يجوز أن نفردها وأن نخرجها من سياقها القرآني، ولا يجوز أبداً أن نشتق منها أسماءاً لله - جل وعلا-،

 

فالأسماء توقيفية فأنت تحزن إن سماك الناس باسمٍ لم يسمك به والداك، فلا يجوز لك البتة أن تطلق على ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، أسماً لم يسمي الله به نفسه، ولم يسمه به أعرف الخلق به نبينا محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) فهناك أسماء ثبتت في السنة النبوية الصحيحة لم تثبت في القرآن الكريم، فكل ما أثبته ربنا لذاته من الاسماء والصفات نثبته ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، وكل ما أثبته نبينا لربنا جل وعلا في السنة الصحيحة نثبته،ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ،

 

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

هل عرفتم الآن معنى قوله تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

 

وقد يتعجب سائل وحُق له أن يعجب، فقد يتعجب سائل فيقول عجباً لهؤلاء البلهاء ويطرح هذا السؤال فكيف يتوهم المنافقون أنهم يخادعون رب العالمين ؟ كيف يظن هؤلاء الأغبياء أنهم يمكرون بالله سبحانه وتعالى ويخدعونه

 

وإليك الجواب لآنهم في قلوبهم مرض

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ)

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)

فما المرض؟ المرض في لغة العرب أي الفساد والنقصان والظلمة.. تقول العرب مرض فلان أي فسد جسمه ، وتقول العرب أيضاً بدنٌ مريض أي ناقص القوة ، وقلبٌ مريض أي مظلمٌ ناقص الدين، ويقولون المرض إظلام الطبيعة بعد صفائها ومنه قول شاعرهم:

في ليلةٍ مرضت في كل ناحيةٍ فما يضئ لها شمسٌ ولا قمرٌ

مرضت أي أظلمت، وأيضاً لا حرج أن أقول فسدت، هذا هو المعنى اللغوي

فالمرض عند العرب الفساد والنقصان والظلمة، ومرض القلب خروجه عن صحته واعتداله بجهله بالحق أو بإعراضه عن الحق، إما بالشك والريب والهوى، وإما بإيثار الباطل على الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

فالمرض في الآية الكريمة كما قال ابن مسعودٍ وابن عباس - رضي الله عنهما- وغيرهما قال في قلوبهم مرض أي في قلوبهم نفاق ،

وفسر ابن عباس رضي الله عنهما الآية مرة أخرى فقال أي في قلوبهم شك ،

وفسرها عطاء و طاووس وغيرهما في قلوبهم مرض أي في قلوبهم رياء،

 

ولا مانع على الإطلاق أن نجمع كل هذه الأقوال فالمنافقون في قلوبهم مرض، وفي قلوبهم نفاق، وفي قلوبهم رياء، في قلوبهم ريب، في قلوبهم شك، في قلوبهم زيغ، في قلوبهم ضلال، في قلوبهم هوى، كل هذه الأمراض .... وغيرها ملئت بها قلوب المنافقين

 

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) ألم أقل لكم الآن أنأنه الجزاء العدل من جنس العمل

قال تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)

 

وقال تعالى (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)

وقال تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

فالجزاء من جنس العمل،

 

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) كما قال تعالى في شأن المؤمنين

(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)

نعم أيها الأفاضل المنافقون يتوهمون كل هذا، ويظنون كل هذا، لآن قلوبهم مريضةٌ ولآنها مملوءة بكل هذه الأمراض الخبيثة، في قلوبهم مرضٌ فاستحقوا من الله جل وعلا هذا العقاب، وهذا الجزاء العدل من جنس العمل،

فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الدنيا والآخرة، وإن كان جمهور المفسرين على أن هذا العذاب الأليم مدخرٌ لهم في الآخرة ،

والألم في لغة العرب هو الوجع، والأليم هو الموجع

ويكفي أن يسميه الله تعالى أليماً فهو أليم، وقد ذكرت قبل ذلك في العذاب العظيم

أن الله تعالى حين يسمي العذاب عظيماً فهو عظيم، وحين يسمي العذاب أليماً فهو أليم، فهو مؤلم، فهو موجع، فالطعام في النار نار،والشراب في النار نار، والثياب في النار نار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، والطعام في النار نار

، وزقوم (شوك(وضريع(نوع من الشوك (وغسلين(عصارة أهل النار(،

والشراب في النار نار،

قال تعالى (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ)

وقال تعالى(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ *عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ* تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً* تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ* لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ )

وقال تعالى (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ* خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ* وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ)

والغسلين عصارة آهل النار من القيح والدماء والصديد، عافانا الله وإياكم من النار، وحرمنا وإياكم هلى النار، إنه ولي ذلك والقادر عليه ،،

فإذا أكلوا هذه النار المشتعلة المتأججة وتأججت في بطونهم ناراً مشتعلة استغاثوا وطلبوا الماء، فأغيثوا ولكن بماءٍ كالزيت المغلي يشوي الوجوه ويزيد النار ناراً واشتعالاً،

قال تعالى (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (اللهم سلم سلم يا أرحم الراحمين

قال تعالى (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنيَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُوَسَاءتْ مُرْتَفَقاً)

 

قال تعالى (وََاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* مِّنوَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُيُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنوَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ)

حتي الثياب تفصل لهم من النار

 

قال تعالى (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْفَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِرُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود* وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ)

ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

(وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ولهم أي للمنافقين الخبثاء عذابٌ أليم في الدنيا يفضحهم الله تعالى، نعم ففي لحن اللقول تعرفهم، بسيماهم تعرفهم، في مداد أقلامهم العفن وكلماتهم الخبيثة تعرفهم، نعم يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر المنافقين على صفحات وجوههم، وفي زلات ألسنتهم،

 

كما قال شيخنا ابن القيم - رحمه الله- يأبى الله جل وعلا إلا أن يُظهرهم إلا أن يبين خطرهم، وخبثهم، وخداعهم، ونفاقهم ومكرهم للمؤمنين، ليحذر المؤمنون هذا الصنف الخبيث الذي يندس في الصف من حيث لا يدري ولا يشعر المؤمنون،

(وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ) وقرأها أهل المدينة، وأهل الحجاز، وأهل البصرة

 

(وََلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَُكْذِبُونَ) بضم الباء والقراءتان صحيحتان ، وثابتاتان، والصفتان موجودتان أصيلتان في المنافقين، فهم يَكذبون ويُكذبون، فالكذب ديدنهم وصفتهم، نعم يظهرون بآلسنتهم أقوالاً ويبطنون بقلوبهم أفعالاً وأحوالاً ومعتقداتٍ فاسدةٍ راكدةٍ أخرى تصطدم اصطداماً مباشراً مع ما تردده آلسنتهم الكاذبة،

ويُكذبون أي يُكذبون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويُكذبون ما جاء به من عند الله تعالى

 

أيها الأفاضل إن أخطر الأمراض مرض القلوب بالنفاق والشك والريب والزيغ ........ وغير ذلك من الأمراض،

وأعجب كثيراُ لهذه الكلمات لسفيان الثوري ولغيره أيضاً نُسبت لسفيان وغيره حين ذهب إليه رجلٌ مريض القلب ليقول له: يا سفيان لقد أُبتليت بمرض قلبي فصف لي دواءاً، فقال له سفيان: عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع، ضع هذا كله في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية، وصفه بمصفاة المراقبة، وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الإستغفار وتمضمض بالورع، وابتعد عن الحرص والطمع، تُشفى من مرضك بإذن الله،

 

أسأل الله تعالى أن يشفي آمراض قلوبنا، أسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم بحفظه، من النفاق كبيره وصغيره، إنه ولي ذلك والقادر عليه،

(فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ)

فالكذب من أقبح صفات المنافقين، ومن أخبث خصالهم، بل الكذب من أخبث الخصال والصفات، ولا ينبغي أبداً أن يقع فيها المؤمن الصادق لآن الله تعالى قد حذَّر من الكذب ونهى عن الكذب، وأمر بالصدق، وأمر أن نكون مع الصادقين في كثيرٍ من أيات القرآن الكريم، أو كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- لقد حذر الله من الكذب والكذابين في أكثر من مائتي وأربعين أية من آيات القرآن الكريم،

وأنا أقول بملئ فمي أزمة العالم أزمة كذب، أزمة العالم قلة صدق، نعم فالجل يكذب إلا من رحم الله، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصادقين، ولذلك لا تعجب معي وأنت تقرأ هذا الأمر الرباني لمن حققوا الإيمان بالرب العلي، والحبيب النبي

 

فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)

 

والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من حديث عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه- وفيه أنه (صلى الله عليه وسلم)

قال

ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتي يكتب عند الله كذاباَ...الحديث

ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

فإياك والكذب، وكن مع ومن الصادقين، فيكفي أن تعلم أن الكذب خصلةٌ ذميمةٌ، وصفةٌ قبيحةٌ من خصال وصفات المنافقين،

 

كما قال سيد الصادقين (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان،

وفي رواية عبد الله بن عمرو في الصحيحين أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر،

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

حدثنا ربنا جل وعلا وحدثتنا الآيات الكريمة عن بعض صفات المنافقين والتي أولها وأخبثها والتي هي صفة مشتركة في المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ

1-الصفة الأولى: أنهم يعلنون بألسنتهم وأقوالهم الإيمان بالله تعالى ولكنهم يبطنون في قلوبهم الكفر

قال تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)

2- الصفة الثانية: أنهم يتوهمون بغباء وجهلٍ شديد أنهم يمتلكون من الدهاء والمكر والذكاء ما يستطيعون به أن يخادعوا رب الأرض والسماء وهل يظن هذا الظن السيئ إلا صاحب فهم فاسدٍ ، إلا صاحب عقلٍ كاسدٍ، إلا صاحب قلبٍ مريضٍ

قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْوَمَا يَشْعُرُونَ)

3- الصفة الثالثة: ألا وهي صفة مرض قلوبهم بالنفاق والريب والشك والتردد

قال تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

 

وها نحن الليلة بتوفيق الله ومدده مع صفتين من صفات المنافقين الخبثاء يبينهما ربنا تبارك وتعالى بوضوحٍ وجلاءٍ ،

 

4- الصفة الرابعة : أنهم مفسدون في الأرض ويزداد الأمر خطراً وفساداً أنهم يتوهمون أنهم هم الصالحون المصلحون وأنهم بمنأى عن الفساد والإفساد في الأرض،

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

وإذا قيل لهم؟

من القائل هنا؟!

للعلماء في الجواب على هذا السؤال المطروح أقوال

1- القول الأول: من آهل العلم من قال أن القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هو الله جل وعلا فهو تعالى الذي يأمره المنافقين بعدم الإفساد في الأرض،

2-القول الثاني: ومن آهل العلم من قال بل القائل هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فالذي أمرهم ونهاهم عن الإفساد هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

 

3- القول الثالث: ومن آهل العلم من قال بل القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هم المؤمنون الذين عايشوهم وخبروهم ورأوا واطلعوا على خلقهم وفسادهم فنهوهم عن ذلك الفعل الخبيث ألا وهو الإفساد

 

4- القول الرابع: ومن آهل العلم من قال بل القائل هم بعض من أصابهم إفساد المنافقين لما أصيبوا بفسادهم و خبثهم نهوهم عن الإفساد بعدما أصابهم فسادهم وخبثهم، فرد المنافقون على هؤ لاء بقولهم (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

 

5- القول الخامس: ومن آهل العلم من قال أن القائل هم فريقٌ من المنافقين أنفسهم ممن خافوا أن يفتضح أمرهم، وأن ينكشف سترهم، فقالوا لكبراءهم لا تفسدوا في الأرض حتى لا ينكشف أمرنا ويفتضح سترنا، فرد الكبراء بكبر وإستعلاء فقالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

 

فكلها أقوالٌ محتملةٌ،

ما معنى الفساد ؟

 

وما هو الفساد؟

 

الفساد هو ضد الصلاح، والصلاح نقيض الفساد، وحقيقة الفساد العدول عن الإستقامة إلى عكسها وضدها فكل من انحرف عن طريق الإستقامة فهو فاسد أو مفسد بل هو حتماً فاسدٌ مفسدٌ ، لآنه انحرف عن الصراط المستقيم وعن الإسلام وعن القرآن وعن طريق النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو فاسد مفسد ،

 

فاسد في ذاته ومفسد في سلوكه هذا، ومفسدٌ في انحرافه هذا عن هذا السبيل وعن هذا الصراط المستقيم،

أو هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، وهذا فسادٌ بعد فساد أي أنهم يفسدون مرتين ومفسدون مرتين، فهم لا يتركون الشئ الذي خلقه الله تعالى صالحاً لا يتركونه صالحاً لا يتركونه لينتفع الخلق به، فلقد خلق الله تعالى كل شئ وأودعه هداه ، وجعل فيه هداه،

 

قال تعالى (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وهذه هي الهداية العامة بمعنى كما قال العلامة الألوسي وغيره،

 

بمعنى أن الله جل وعلا خلق كل شئٍ في الكون وأمده بالمنفعة التي وجد هذا الشئ من أجلها ليؤدي هذا الشئ هذه المنفعة التي أوجدها الله عز وجل فيه إلى الوقت الذي شاء ربي تعالى وقدَّر،

 

فالعين قد خلقها الله تعالى بهذه الطريقة وأمدها بنوعٍ من أنواع الهدى لتؤدي المصلحة والمنفعة التي خلقت من أجلها، وكذلك الأنف، وكذلك اللسان، وكذلك الفم، وكذلك اليد، وكل جارحةً في الإنسان فضلاً عن كل شئٍ في الكون،

 

فلو نظرت إلى المخلوقات وإلى عوالم رب الأرض والسماوات لطاش عقلك ورأيت العجب العجاب، انظر إلى عالم النمل وإلى هدايات عالم النمل، انظر إلى عالم النحل وهدايات عالم النحل، انظر إلى عالم البحار وهدايات عالم البحار، انظر حتى إلى عالم النبات سترى حياةً من نوعٍ عجيب غريب حتى في النباتات نعم لو اطلعت على هذ العالم لرأيت العجب العجاب فربنا جل وتعالى هو الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى، أي هيأه ووفقه للمنفعة والمصلحة التي وجد من أجلها وخُلق من أجلها ،

 

ووالله لو لم يتدخل الإنسان لإفساد خلق الله في الكون وفي الأرض لكانت صالحة، والله لقد كانت الأرض صالحة، صالحةً بالتوحيد الذي فطر الله تعالى الخلق كل الخلق عليه، ولكن الخلق إلا من رحم الله تعالى هم الذين أفسدوا الأرض وحولوا صلاحها إلى فساد

 

إذن فالمنافقون مفسدون مرتين لم يتركوا الاشياء التي خلقها الله تعالى، ولم يتركوا منهج الله تبارك وتعالى ليصلح الأخرين، وإنما راحوا ليفسدوا ما خلقه الله تعالى ثم راحوا مرةً أخرى ليفسدوا بنفاقهم، بتلونهم، بخداعهم، بكفرهم، بمعاصيهم، بذنوبهم، كما بيَّن أئمة السلف من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

 

إذن فالفساد هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، والمنافقون لا يتركون الشئ الصالح على صلاحه، بل ولم يزده صلاحاً، وما أكثر هؤلاء المفسدين في الأرض التي خلقها الله تعالى صالحةً، وكثيراً ما نرى في الخلق وفي الكون أموراً كثيرةً خلقها الله تعالى صالحةً مُصلحةً فلم يتركها الخبثاء المفسدون لم يتركوها على صلاحها، بل لم يزيدوا هذه الأمور صلاحاً بتهيأتها لينتفع بها الخلق وليستفيد بها الناس وإنما راحوا ليفسدوا صلاحها،

 

وليفسدوا بصنيعهم مرةً ثانيةً ليفسدوا صلاح الشئ الصالح في ذاته وليفسدوا بإيذائهم للآخرين مرةً ثانيةً ، فالمنافقون يفسدون مرتين يفسدون بعد فساد، يفسدون الشئ الواحد مرتين فلا يتركونه صالحاً فضلاً عن أنهم يؤذون ويفسدون بعد إفسادهم لهذا الشئ الصالح غيرهم من الخلق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

 

نعم أيها الأحبة تدبروا معي لم يترك المنافقون هذا الشئ صالحاً بل أفسدوه

 

وقد ورد لفظ الفساد على ثلاثة أوجه في القرآن الكريم :

الوجه الأول: العصيان كما في الآية التي معنا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)

أي لا تفسدوا في الأرض بالكفر والشرك وفعل المعصية، فالكفر هو أكبر ألوان المعاصي وهو أشنع وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض، فلا تفسدوا الأرض بالشرك والكفر بعد أن أصلحها الله تعالى بالتوحيد الذي فطر الله الخلق كل الخلق عليه

قال تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)

وقال تعالى (‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [172] أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنالنبي (صلى الله عليه وسلم)قال كل مولودٌ يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه،

نعم فالإفساد هنا بالكفر، فالكفر أخبث ألوان المعاصي وأشنع صور الإفساد في الأرض، فهو أظلم الظلم وأقبح الجهل،

( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)

ولذلك يقول ربنا لإمام الموحدين، وسيد النبيين،

 

(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)

تأمل معي الله جل جلاله من يخاطب الله تعالى في هذه الآية السابقة ؟

يخاطب إمام الموحدين المصطفى (صلى الله عليه وسلم)

قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‏)

فالشرك أظلم الظلم وأقبح الجهل وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض،

 

وقال تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)

أي لا تفسدوا في الأرض بالشرك، والكفر، والمعاصي كبيرها وصغيرها بعد أن أصلحها ربنا جل وعلا بالتوحيد الذي فطر الخلق كل الخلق عليه

 

الوجه الثاني: الهلاك

قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّالْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي لهلكتا أي السماء والارض

 

الوجه الثالث: السحر

قال تعالى (فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَسَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)

فجمهور آهل التفسير ان المراد بالمفسدين في هذه الآية هم السحرة، ولا شك ولا ريب أنهم مفسدون في الأرض بصنيعهم هذا، وسحرهم هذا، وباطلهم هذا الذي يزعمون أنهم يبطلوا به الحق

هذه هي أوجه الفساد في القرآن الكريم

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ) وقلنا أن المعنى المراد هنا أي لا تفسدوا بالكفر وفعل المعصية

 

قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والسدي - رضي الله عنهم جميعاً- قال غير واحدٍ من آئمة السلف من آهل التفسير أن المراد بالآية هنا وأن المعنى المقصود بلا تفسدوا في الأرض أيها المنافقون الخبثاء بإعلانكم وإظهاركم للإيمان وأنتم تبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا تفسدوا في الأرض بالكفر وفعل المعاصي وما أكثر عصيان المنافقين!

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

فالمنافقون مفسدون في الأرض بنفاقهم بل فسادهم أشر من الكفار المظهرين لكفرهم

 

وقد أجمع جمهور العلماء على أن السحر فيه الآية هو الإفساد في الأرض، لأنه كما قلنا قبل ذلك هم معك في الصف، بل يصلي معك الجماعات، ويحضر معك المعارك والغزوات، ويقتسم الغنائم، ويتزوج المؤمنات،

 

فالمنافق خبيث، يتلون في كل ساعةٍ له لسان، وله وجه، بل له ألف لسان، وألف وجه، يتغير ويتلون إذا جالس المؤمنين أسمعهم كلام الإيمان، وظهر لهم بوجه المؤمنين، وإذا جالس الشياطين أظهر وجهه الحقيقي،وأخرج كلامه الخبيث، الذي يخالف به معتقده، فهو يظهر بكلامه ولسانه كلاماً ويقول بلسانه وكلماته قولاً ولكنه يبطن خلافه، ويبطن ضده،ويعتقد خلافه، فهو يظهر الإيمان والإسلام، ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

يظهر بلسانه إنه يريد الصلاح ويريد الإصلاح، وهو في قرارة نفسه لا يريد إلا الإهلاك والإفساد والتخريب،

 

ولا ينبغي أن يُخدع المؤمنون بكلمات المنافقين الخبيثة من أنهم صالحون في ذوات أنفسهم، مصلحون لا يريدون إلا النفع لأمة النبي (صلى الله عليه وسلم)

 

فالله جل وعلا ينبئنا ويخرج لنا ما يحمله القوم في صدورهم (وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)

 

أي أن من فساد المنافقين أنهم يعلنون الإيمان ويبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا خطر أكبر من خطر الكافر الذي يظهر كفره بوضوح وعلانية

 

 

ومن إفساد المنافقين أنهم مخادعون ومتلونون ويريدون بهذا الخداع لا أن يخدعوا المؤمنين فحسب بل يريدون بهذا وبغباء أن يخدعوا رب الأرض والسماء الذي يعلم السر وأخفى

ومن إفسادهم أنهم يفسدون في الأرض بموالاتهم لليهود والنصارى والكافرين على حساب المؤمنين فهم لا يريدون أبداَ للمؤمنين نصرة، ولا يريدون أبداً للمؤمنين عزاً، ولا استخلافاً ولا تمكيناً،

يا أمتي الحبيبة تعرفي على صفات المنافقين فهم مندسون بينكم،

 

فالمنافقون يوالون الكفار، يوالون أعداء العزيز الغفار، ينصرونهم باللسان وبالجنان، ينصرونهم بالسنان، ومع ذلك يعلن الخبثاء الخبثاء المجرمون أنهم مؤمنون، وخطرهم أخطر من خطر الكفار الأصليين الذين تعد العدة لهم لآن المنافقين بين الصفوف مندسون

تدبروا من إفسادهم في الأرض أنهم يوالون الكافرين

 

ولذلك قال حذيفة بن اليمان أمين السر النبوي - رضي الله عنه- فليحذر أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يدري

يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

 

فالمنافقون مفسدون بموالاتهم لأعداء الله الكافرين ، مفسدون بموالاتهم لأعداء رب العالمين، لا يريدون أبداً للدين نصرة، ولا يريدون للإسلام عزةً، ولا يريدون للأمة استخلافاً ولا تمكيناً،

 

لذا هم المرجفون الذين يملئون الآن قلوب المؤمنين على شاشات الفضائيات بالإرجاف والهزيمة النفسية، لتظل الأمة مهزومة مشلولة الفكر والحركة لتظل الأمة مهزومة ومشلولة الفكر والحركة ، هؤلاء هم المنافقون،

 

هؤلاء هم الخبثاء المجرمون الذين لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكانٌ، بل لو خلت الأرض منهم لاستوحش المؤمنون في الطرقات لقلة السالكين كما قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- ولا حول ولا قوة إلا بالله

فالمنافقون يوالون أعداء رب العالمين

أتحب أعداء الحبيــب وتدعي حبـــــاً له ما ذاك في الإمكــانِ

وكذا تعـادي جاهــداً أحبابـه أين المحبة يا أخا الشيطـــــــــانِ؟

شــرط المحبـة أن تـوافـق من تحـب على محبته بلا نقصــانِ

فإن ادعــيت له المحبة مع خلافك ما يحب فأنت ذو بطــــلانِ

لو صدقت الله فيــما زعمـته لعــاديت من بــالله ويحك يكــــفرُ

وواليت أهل الحـــق سـراً وجهرةً ولما تعاديهم وللكفر تنصـرُ

فما كل من قد قال ما قلـــت مسلمٌ ولكن بأشراط هنالك تذكـــر

مباينة الكفار في كل مـوطنٍ بذا جاءنا النـص الصحيح المقرر

وتصدع بالتـوحيد بين ظهـــورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهرُ

هذا هو الدين الحنيــفي والهـدى وملة إبـراهيم لو كنت تشعرُ

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

فخذ حذرك أنت من تحب؟

ومن تنصر؟

 

 

فوالله لو عبدت الله مائة عام بين الركن والمقام في بيت الله الحرام لبعثت يوم القيامة مع من تحب ، تحب من ، أتحب الله؟

أتحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟

أتحب الأطهار من الصحابة الاخيار؟

 

أتحب العلماء الأبرار الأطهار؟

 

أتحب المؤمنين الصادقين؟ تحب من ستحشر وستبعث مع من يحب

 

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المرء مع من أحب،

 

ويقول أنس ووالله ما فرحنا بشئٍ كفرحنا بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا ، ثم قال أنس –لله دره- وأنا أحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابا بكرِ وعمرَ وأسأل الله أن يحشرني معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم،

 

وأنا وأنتم نقول جميعاً على لسان وقلب رجلٌ واحد ونشهدك يا ربنا أننا نبينا وأبا بكرٍِ وعمرَ وعثمانَ وعلياً وجميع أصحاب الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ونسألك بمنك وكرمك ورحمتك أن تحشرنا معهم وإن لم نعمل بمثل أعمالهم وإن قصرت أعمالنا فبحبنا يا أرحم الراحمين،،،

 

فالمنافقون مفسدون في الأرض بموالاتهم للكفار، والمنافقون مفسدون في الأرض لآمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فالأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر هذا للمؤمنين،

 

أما المنافقون أعوذ بالله يا أخي يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، فتجدهم أطلقوا عن الحجاب أنه تخلف ورجعية وتأخر وتلك المحجبة العفيفة هي في نظرهم مرعبة للأطفال والأولاد،

 

 

وأما عن الخمر فأطلقوا عليها أسماءأً أخرى كالمشروبات الروحية التي تنعش القلب والروح وليست تلك التي كانت محرمة في أرض الجريرة قديماً، وكذلك لحم الخنزير فقد كان حراماً قديماً لأنه كان موبوءاً ومريضاً أما الخنازير اليوم فهي تحظى بالرعاية البيطرية والعيادات الخاصة وتخضع للكشف الشامل وما إلى ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،،

 

فتجد ذلك الصحابي الذي نزع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من يده خاتماً من الذهب وطرحه على الأرض ثم قال: حرام الذهب والحريرعلى رجال أمتي وحلٌ لنساءها، ثم تركه (صلى الله عليه وسلم) وانصرف، فقالوا له ألا أخذت الخاتم فانتفعت به فقال هذا الصحابي الجليل :والله ما كنت أخذه بعدما طرحه على الأرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ،،

 

 

سبحان الله فرقٌ كبير بين منطق الإيمان ومنطق النفاق،منطق الإيمان السمع والطاعة بلا تردد ولا انحراف، منطق النفاق لماذا حرام؟ هذا كان قديماً أنت الآن في عصر الفضائيات والذرة وما إلى ذلك من تلك الحجج

 

إن قلت قـال الله قـال رسوله همزوك همز المنكـر المتغـــــالي

أو قلت قـال الصحابــة والتابعــــــون لهم في القول والأعمـالِ

أو قلت قـال الشافـــعي وأحمـد وأبو حنـــيفة والإمام الغالــــي

صدوا عن وحي الأله ودينه واحتـالوا على حرام الله بالإحلالِ

يا أمـة لعبت بدين نبيـها كتلاعــب الصبيــــــان في الأوحــــالِ

حاش رســـول الله يحكـــــــم بالهوى تلك حكومة الضُــــــــلالِ

 

 

إذن فما علامة المنافق؟ تجده يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف،

 

قال تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوااللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)

 

وتجدهم أيضاً بخلاء أشحاء عندهم جشع، طماعون، أما المؤمن فالمال في يده وليس في قلبه، سخي، منفق، باذل، لا يتردد بل إذا طُلب منه الألف قدم الألفين، ها هو المؤمن لآنه على يقين بوعد رب العالمين ووعد الصادق الأمين

 

 

(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم)

 

قال تعالى (وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)

 

سبحان الله العظيم نجد الله تعالى في هذه الآية الكريمة وقد قدم المنافقين والمنافقات على الكفار،ولهم عذابٌ مقيم أي دائم لا ينقطع ولا ينتهي وقدم الله المنافقين والمنافقات على الكفار،

 

 

وذلك لآن الكافر كفره ظاهر ومعروف، أما المنافق فهو خبيث كافر مع خبث وتلون وخداع وتضليل وتزييف ومكر ولا حول ولا قوة إلا بالله ،

وآهل النفاق مفسدون في الأرض بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، كما أنهم يصدون عن منهج الله ولا يريدون أن يتحاكموا إلى شرع الله،

 

 

قال تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوابِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (

 

 

وهذه شهادة من رب العالمين، واحذر إذا جاءك الحكم من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني لا يحتمل فيه قولان وليس محل خلاف ، أي أنه يا محمد ألم ترى الي ذلك الزعم الباهت وإلى هذا الكذب الفاضح ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أُنزل إليك ،

 

ليس هذا فحسب بل يزعمون انهم أمنوا بكل ما أُنزل على الرسل من قبلك، بل وإذا قيل لهم تعالوا، أتقوا الله وكفاكم فساداً في الأرض تعالوا إلى ما أُنزل الله أي إلى القرآن وإلى الرسول أي الرجوع إليه في حياته الشريفة والرجوع إلى السنة بعد مماته كما قال ميمون بن مهران،

 

تعالوا إلى القرآن، تعالوا إلى السنة، تعالوا إلى السعادة ، تعالوا إلى النجاح، تعالوا إلى الفلاح، تعالوا إلى سفينة نوح في عصرنا وسط هذه الرياح الهوجاء، والأمواج المتلاطمة، أيتها البشرية تعالي إلى النجاة

 

 

(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى*وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)

 

إنه الضنك الذي تحياه البشرية الآن، والله إنه الضنك، ولا حول ولا قوة إلا بالله،،

 

 

فشعار المؤمن العبد سمعت وأطعت، الرب العلي يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن يقول سمعت وأطعت، وكذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن والأمة المؤمنة يقولون سمعنا وأطعنا، هذا هو قول المؤمن

 

(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)

 

واكتفي بهذا القدر الليلة فالحديث عن النفاق يتعب القلب ، فاعذروني وما زلت إلى الآن ما فارقت قوله تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا)

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زائر
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..