اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
دعوه للجنه

أجمل ما يمكن قراءته فى تفسير سورة البقرة" للشيخ محمد حسان"

Recommended Posts

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

فلا زالت الآيات الكريمة أيها المسلمون الأفاضل تحدثنا عن المنافقين وعن صفات المنافقين وقد أطلت النفس في الحلقة الماضية

في قوله - جل وعلا- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)

 

وبينت فساد المنافقين في الأرض وأن فسادهم فسادٌ خطير لآن فسادهم أشد من فساد الكفار الذين أعلنوا كفرهم لآنهم معروفون للمؤمنين، أما المنافقون فإفسادهم أعظم لآنهم يُظهرون الإيمان بألسنتهم، ويُظهرون الإسلام بكلماتهم، ويُبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله،

وذكرت أيضاً من إفساد المنافقين أنهم متلونون، مخادعون ، ماكرون، فهم يظهرون بوجوه مختلفة، يظهرون مع أهل الإيمان بوجه ومع شياطينهم من أهل الكفر والنفاق بوجهٍ أخر، ومن فساد المنافقين أنهم يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف،

 

ومن أخبث صفات المنافقين أنهم يُعرضون عن شرع رب العالمين ويصدون عنه

 

كما قال ربنا سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)

لكن بكل أسف مع هذا الإفساد البشع بأشكاله المتعددة وألوانه المختلفة لا يشعر المنافقون بأنهم مفسدون بل يتبجحون ويستعلون ويقولون أنهم مصلحون إن ذكَّرهم أي مذَّكرٍ لهم وقد فصلت ذلك، فقد ردوا بتبجحٍ واستعلاءٍ

 

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

 

وهنا يكذبهم ربنا جل وعلا مرةً ثانيةً كما كذبهم - جل وعلا- فنفى عنهم الإيمان بقوله تعالى ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) ينفي ربنا تبارك وتعالى عن المنافقين صفة الإصلاح بل ويحكم عليهم بالإفساد وكان حقيقاً بالمنافقين في هذا الوقت - وفي هذا الوقت الذي نحياه- كان حقيقاً على المنافقين في كل زمانٍِ ومكانٍ أن يعلموا أنهم مفسدون وأنهم ليسوا مصلحين وليسوا صالحين،

 

ولكن لآن القوم غارقون في الكذب لأنهم ظلوا يكذبون حتى صدقوا أنفسهم في الكذب وصار الكذب ملازماً لهم، صفةً لا تنفك عنهم ومن ثمَّ فهم لا يشعرون بفسادهم وإفسادهم قالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فكذبهم ربنا - جل وعلا- بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

 

وأنا أعجب لجلال القرآن وجماله فربنا - تبارك وتعالى - في هذا الموطن يحذف مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) فيشعرون فعلٌ وفاعلٌ

 

لكن أين المفعول؟

 

يحذف الله - تبارك وتعالى - مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) وهذا الحذف قد يكون حذف اختصار أو قد يكون حذف اقتصار، وهذا هو الأبلغ والأولى عندي الحذف للمفعول حذف اختصار كما قال آهل اللغة بل قد يكون الحذف هنا للإقتصار فهذا التبلد وعدم الشعور بالمرة صار صفةً للمنافقين (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

 

وتعالوا معي أيها الأفاضل لنعيش الليلة مع صفتين أخرتين من صفات المنافقين فتذكر الآيات الكريمة صفةًُ خامسةً من صفات المنافقين الخبثاء ألا وهي الإستعلاء الكبر، الإعراض عن الإيمان، الإعراض عن الحق، الإستهزاء بالمؤمنين الصادقين وأتهامهم بالسفه ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

تدبروا معي قول ربنا - جل وعلا- (وَإِذَاقِيلَلَهُمْآمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُقَالُواْأَنُؤْمِنُكَمَاآمَنَالسُّفَهَاءأَلاإِنَّهُمْهُمُالسُّفَهَاءوَلَكِنلاَّيَعْلَمُونَ)

 

تدبروا معي هذه الآية الكريمة والتي تبين صفةٌ أخرى خبيثةٌ من صفات المنافقين ممن لا يخلوة منهم زمانٍ ولا مكانٍ، فإذا قيل لهؤلاء الخبثاء آمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ أي آمنوا كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فهم سادة المؤمنين وعلى رأس المؤمنين - رضوان الله تعالى عليهم- رد المنافقون الخبثاء وقالوا (أنُؤْمِنُكَمَاآمَنَالسُّفَهَاءأَلاإِنَّهُمْهُمُالسُّفَهَاءوَلَكِنلاَّيَعْلَمُونَ)

 

 

 

وهم يقصدون بالسفهاء أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)..

انتبه معي فالمنافقون في كل عصرٍ وفي كل مصرٍ يتهمون الصحابة - رضوان الله عليهم- بالسفه فكل من يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة فهو السفيه، فهو المنافق الخبيث، بشهادة رب العالمين - تبارك وتعالى-

(وَإِذَاقِيلَلَهُمْآمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ)

 

قال ابن عباس - رضي الله عنهما- أي إذا قيل لهم آمنوا كما آمن أصحاب محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) وقولوا إنه نبيٌ ورسولٌ وإن ما أُنزل عليه حق، وصدقوا بالآخرة، وأنكم مبعوثون من بعد الموت، قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء؟! يعنون أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)،، وكما قال الحافظ بن كثير-رحمه الله تعالى-

 

وإذا قيل للمنافقين (آمِنُواْكَمَاآمَنَالنَّاسُ) أي كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أو كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار ... وغير ذلك قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء يقصدون الصحابة - رضوان الله عليهم- ..

وبهذا فسر الآية أيضاً عبد الله بن مسعود وغيره من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)

فما هو السفه؟

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

ما هو السفه؟

وما أصل السفه في اللغة؟

السفه في لغة العرب معناه الخفة (أي خفة العقل) والطيش والحمق والجهل إلى غير ذلك من المفردات

والسفهاء جمع سفيه ، وكما قلنا السفيه هو خفيف العقل الذي لا يعرف بواطن الأمور، الذي لا يعرف المصالح والمفاسد، هذا هو السفيه عند العرب وفي لغة العرب، فأصل السفه خفة العقل وخفة الرأي مع الطيش ومع الجهل، هذا هو السفه !

فهؤلاء الخبثاء يتهمون رسول وإمام الأنبياء وصحابته –رضي الله عنهم- بالسفه (صلى الله عليه وسلم)

فكل منافقٍ خبيثٍ في أي زمانٍ ومكانٍ هو الذي يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفه لآن الله - جل وعلا- هو الذي حكم عليهم بالنفاق كما قال سبحانه وتعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ)

 

فهؤلاء هم المنافقون ويحكم الله عليهم أيضاً بالسفاهة وخفة الرأي والجهل والطيش والعجلة وعدم ضبط الكلمات والأفعال، فهؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله هم السفهاء (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ)

أنا أريد أن أأصل الآن أن الحكم إذا كان من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني

فانتبهوا معي جميعاً إذا رأيتم رجلً يحكم على أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة أو بأي صفةٌ خبيثةٌ أخرى فاعلم يقيناً أنه منافق، وأنه زنديق، وأنه خبيث، وأنه سفيه،

بشهادة الله جل وعلا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ( لماذا؟

لآنه ينفي عنهم العقل، وينفي عنهم الإيمان، وينفي عنهم الرجاحة، وينفي عنهم الصدق وما إلى ذلك من صفاتٍ حكم بها لهم ربنا-جل وعلا- العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى، فالذي حكم لأصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) بالإيمان الكامل، وبالإيمان الحق،وبالصدق، وبالعدالة، هو ربنا - جل وعلا- ونبينا(صلى الله عليه وآله وسلم)

 

قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم)

 

(وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِ) أي المهاجرين (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوا) أي الذين استقبلوهم في المدينة النبوية المطهرة ونصروهم وأنزلوهم في قلوبهم وعيونهم قبل أن ينزلوهم في دورهم وبيوتهم أي الأنصار، ثم اسمع إلى حكم العلي الأعلى (أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) الله أكبر

 

شهادة من؟

شهادة ربنا - جل وعلا- حتى لا تسمح لآي سفيهٍ خبيثٍ منافقٍ أن ينال صحابياً جليلاً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام عينيك وبين يديك وإلا ورب الكعبة في إيمانك عور، ورب الكعبة لو سمحت لأحدٍ ولو أذنت لأحد ينال صحابياً جليلاً من أصحاب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دون أن ترد عليه ودون أن تبين له الحق بدليله ودون أن تبين له سفاهته ففي إيمانك عور، وفي دينك خلل، وفي إيمانك نقص، اعلم أن حب الصحابة من الإيمان، اعلم أن حب المهاجرين من الإيمان، اعلم أن حب الأنصار من الإيمان،

ونحب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا نفرط في حب احدٍ منهم

ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم،

فحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان

 

ومن بركة العلم أن ننسبه لآهله فهذا من نفيس كلام الإمام الطحاوي

تدبروا معي مرة أخرى قول الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) إذن فالمنافق الخبيث عندما نقول له آمن كما أمن أصحاب الإيمان الحق بشهادة رب العالمين ثم يحكم على هؤلاء أصحاب الإيمان الحق بأنهم سفهاء إذن فهو السفيه وهو المنافق الخبيث بحكم رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى فهذه الأيات في المنافقين ثم يحكم عليهم ربنا بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ) قال تعالى (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْلَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِيقُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

 

 

يا أيها الأفاضل هذه شهادة رب العالمين وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الصنف الثالث اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا

وما أكثر الآيات التي تتحدث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولست بصدد الحديث الآن عن فضل الصحابة الكرام ومكانتهم وما أحوجنا إلى تكرار الحديث في هذا الموضوع الجليل الآن لأننا نعيش زماناً ينال فيه الأقزام من القمم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسأل الله أن يجمعنا بهم مع نبينا في جنات النعيم

 

ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم

يا الله يا أخي هذه شهادة النبي (عليه الصلاة والسلام) فالرسول يشهد لهم بالخيرية خير الناس قرني أي أهل زماني ممن أمنوا بالله ورسوله وعاشوا على الإسلام وماتوا على ذلك ،

فالصحبة كما قال الحافظ بن حجر أن الصحابي هو من لقيَّ رسول الله وآمن به ومات على الإسلام، والذين يلونهم أي من التابعين ثم الذين يلونهم من تابعي التابعين

 

وفي الصحيحين من حديث أنس مروا بجنازةٍ على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأثنى الصحابة عليها خيراً فقاتل النبي وجبت، ثم مر الناس بجنازةٍ ثانية والرسول يجلس مع أصحابه فأثنوا عليها شراً فقال النبي وجبت، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما وجبت؟ فقال أما الأولى فأثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وأما الثانية فأثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار فأنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض

يا ألهي وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي نظر يوماً إلى النجوم فقال (عليه الصلاة والسلام) النجوم أمانةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمانةٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمانةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون00

وأنا أؤكد أن من نال من أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) ومن وجد في قلبه غيظاً وحقداً على أصحاب المصطفى فقد أصابه قول الله - جل وعلا- (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار)

 

كما قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)

سُئل الإمام مالك يوماً عن رجلٌ يسب أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) فقال -رحمه الله- من وجد في قلبه غيظاً على أحدٍ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أصابه قول الله جل وعلا (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )

وقال الحافظ الكبير أبو ذرعة - رحمه الله- إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من النبي (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنه زنديق وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وأن ما جاء به من عند الله حق،وأن الذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة وهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة، فالصحابة كلهم عدول كما قال الخطيب البغدادي وغيره من أئمة أهل السنة ، والدليل على ذلك أن المصطفى في حجة الوداع أصّل ما أصّل للأمة فتكلم عن الأعراض والدماء والربا ومكانة المرأة وتكلم عن القرآن والسنة

 

ثم قال (عليه الصلاة والسلام) في أخر خطبته العصماء في حجة الوداع على جبل عرفات قال ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب

الله الله استمع مرة أخرى (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) ولأنهم عدول فكلفهم بالبلاغ،

 

ولو كان في الصحابة أحدٌ ليس عدلاً لقال النبي (صلى الله عليه وسلم) فليبلغ فلان وفلان وحدد (صلى الله عليه وسلم) أهل العدالة فيهم،

 

أما وقد أطلق النبي هذا الأمر وقال (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) فهذه شهادةُ نبويةٌ من رسول الله بعدالة الصحابة

 

قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

وهذه هي شهادة أخرى بعدالة الصحابة من القرآن الكريم، عدلهم رسول الله وعدلهم ربنا جل علاه

 

وتفسير الآية أن الملائكة شهدت لله بالوحدانية وشهد أولو العلم لله بالوحدانية وقال أبن القيم إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ثم ثنى بملائكته ثم ثلث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله تعالى لا يستشهد بمجروح ولا شك ولا ريب أن أهل العلم على رأسهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هم المرادون ابتداءاً بهذه الآية الكريمة وبعد ذلك يأتي من سار على دربهم وعلى طريقهم ورفع رايتهم واعتقد معتقدهم بإحسانٍ إلى يوم الدين (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

الله أكبر إذن تدبر معي إذا قيل لهم آمنوا كما أمن أصحاب النبي(عليه الصلاة والسلام) كما أمن الكُملُ، المؤمنون حقا، الصادقون، نجد الخبثاء المجرمون المنافقون يتطاولون على أصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) ويتهمونهم بالسفه وخفة الرأي وعدم معرفتهم ببواطن الأمور وعدم إتقانهم ومعرفتهم بالمصالح والمفاسد وهؤلاء مجموعة من الدراويش ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يجيدون إلا الأكل والشرب كما قال المنافقون قديماً في عهد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وكما يقول المنافقون الآن حديثاً في عصرنا،

هذه كلمات المنافقين لا تتغير بتغير العصور ولا تتغير بتغير الأماكن، فهم يرددون نفس الكلمات، فالمنافق له ألف لسان، وله ألف وجه، له لسانان لسانٌ يلقى به المؤمنين ويتكلم به مع المؤمنين بلغة الإيمان والإسلام ولغة التقى والهدى وإذا خلا بالصنف الأخر الذي سأتحدث عنه الآن يتكلم بلسانه الحقيقي فيظهر ما في قلبه ويخرج ما في صدره من عفنٍ وكفرٍ ونفاقٍ أكبر ألا وهو نفاق الإعتقاد

فهو يظهر بلسانه الإسلام والإيمان ويعتقد الكفر ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء) وهنا ينتصر الله تعالى لآصحاب النبي (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)

فصار السفه ملازماً لهم فأصبحوا لا يعلمون بسفههم، صار الكذب ملازماً لهم فصاروا لا يشعرون بكذبهم،

وكما أقول هو يصرخ في صحراء فيرجع إليه صدى الصوت فيصدق نفسه ويصدق كذبه وهو منافقٌ خبيثٌ كذابٌ أشر، لا يعلم فالموازين بين أيديهم مختلة، والمعايير بين أيديهم مختلفة، يحكمون بموازين الهوى ويحكمون بموازيين الظلم والضلال والباطل فيحكمون على أهل الإيمان بالسفاهة والضلال

ولكن ما أسعد أهل الإيمان بانتصار الله لهم وبرد الله عنهم! فالله جل وعلا يرد عن الصحابة وعن المؤمنين، يذب عنهم، ويدفع عنهم أقوال الخبثاء من المنافقين المجرمين فيحكم الله على من أتهمهم بهذا الحكم (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

ما هو السفه؟

وما أصل السفه في اللغة؟

السفه في لغة العرب معناه الخفة (أي خفة العقل) والطيش والحمق والجهل إلى غير ذلك من المفردات

والسفهاء جمع سفيه ، وكما قلنا السفيه هو خفيف العقل الذي لا يعرف بواطن الأمور، الذي لا يعرف المصالح والمفاسد، هذا هو السفيه عند العرب وفي لغة العرب، فأصل السفه خفة العقل وخفة الرأي مع الطيش ومع الجهل، هذا هو السفه !

فهؤلاء الخبثاء يتهمون رسول وإمام الأنبياء وصحابته –رضي الله عنهم- بالسفه (صلى الله عليه وسلم)

فكل منافقٍ خبيثٍ في أي زمانٍ ومكانٍ هو الذي يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفه لآن الله - جل وعلا- هو الذي حكم عليهم بالنفاق كما قال سبحانه وتعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ)

 

فهؤلاء هم المنافقون ويحكم الله عليهم أيضاً بالسفاهة وخفة الرأي والجهل والطيش والعجلة وعدم ضبط الكلمات والأفعال، فهؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله هم السفهاء (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ)

أنا أريد أن أأصل الآن أن الحكم إذا كان من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني

فانتبهوا معي جميعاً إذا رأيتم رجلً يحكم على أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة أو بأي صفةٌ خبيثةٌ أخرى فاعلم يقيناً أنه منافق، وأنه زنديق، وأنه خبيث، وأنه سفيه،

بشهادة الله جل وعلا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ( لماذا؟

لآنه ينفي عنهم العقل، وينفي عنهم الإيمان، وينفي عنهم الرجاحة، وينفي عنهم الصدق وما إلى ذلك من صفاتٍ حكم بها لهم ربنا-جل وعلا- العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى، فالذي حكم لأصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) بالإيمان الكامل، وبالإيمان الحق،وبالصدق، وبالعدالة، هو ربنا - جل وعلا- ونبينا(صلى الله عليه وآله وسلم)

 

قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم)

 

(وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِ) أي المهاجرين (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوا) أي الذين استقبلوهم في المدينة النبوية المطهرة ونصروهم وأنزلوهم في قلوبهم وعيونهم قبل أن ينزلوهم في دورهم وبيوتهم أي الأنصار، ثم اسمع إلى حكم العلي الأعلى (أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) الله أكبر

 

شهادة من؟

شهادة ربنا - جل وعلا- حتى لا تسمح لآي سفيهٍ خبيثٍ منافقٍ أن ينال صحابياً جليلاً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام عينيك وبين يديك وإلا ورب الكعبة في إيمانك عور، ورب الكعبة لو سمحت لأحدٍ ولو أذنت لأحد ينال صحابياً جليلاً من أصحاب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دون أن ترد عليه ودون أن تبين له الحق بدليله ودون أن تبين له سفاهته ففي إيمانك عور، وفي دينك خلل، وفي إيمانك نقص، اعلم أن حب الصحابة من الإيمان، اعلم أن حب المهاجرين من الإيمان، اعلم أن حب الأنصار من الإيمان،

ونحب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا نفرط في حب احدٍ منهم

ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم،

فحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان

 

ومن بركة العلم أن ننسبه لآهله فهذا من نفيس كلام الإمام الطحاوي

تدبروا معي مرة أخرى

قول الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْوَجَاهَدُواْفِي سَبِيلِاللّهِوَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُالْمُؤْمِنُونَ حَقّاًلَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم)

 

إذن فالمنافق الخبيث عندما نقول له آمن كما أمن أصحاب الإيمان الحق بشهادة رب العالمين ثم يحكم على هؤلاء أصحاب الإيمان الحق بأنهم سفهاء إذن فهو السفيه وهو المنافق الخبيث بحكم رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى

فهذه الأيات في المنافقين ثم يحكم عليهم ربنا بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لا َّيَعْلَمُونَ)

 

قال تعالى (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْلَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِيقُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

 

 

يا أيها الأفاضل هذه شهادة رب العالمين وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الصنف الثالث اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا

وما أكثر الآيات التي تتحدث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولست بصدد الحديث الآن عن فضل الصحابة الكرام ومكانتهم وما أحوجنا إلى تكرار الحديث في هذا الموضوع الجليل الآن لأننا نعيش زماناً ينال فيه الأقزام من القمم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسأل الله أن يجمعنا بهم مع نبينا في جنات النعيم

 

ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم

يا الله يا أخي هذه شهادة النبي (عليه الصلاة والسلام) فالرسول يشهد لهم بالخيرية خير الناس قرني أي أهل زماني ممن أمنوا بالله ورسوله وعاشوا على الإسلام وماتوا على ذلك ،

فالصحبة كما قال الحافظ بن حجر أن الصحابي هو من لقيَّ رسول الله وآمن به ومات على الإسلام، والذين يلونهم أي من التابعين ثم الذين يلونهم من تابعي التابعين

 

وفي الصحيحين من حديث أنس مروا بجنازةٍ على النبي (صلى الله عليه وسلم) فأثنى الصحابة عليها خيراً فقاتل النبي وجبت، ثم مر الناس بجنازةٍ ثانية والرسول يجلس مع أصحابه فأثنوا عليها شراً فقال النبي وجبت، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما وجبت؟ فقال أما الأولى فأثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وأما الثانية فأثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار فأنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض

يا ألهي وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي نظر يوماً إلى النجوم فقال (عليه الصلاة والسلام) النجوم أمانةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمانةٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتي أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمانةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون00

وأنا أؤكد أن من نال من أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) ومن وجد في قلبه غيظاً وحقداً على أصحاب المصطفى فقد أصابه قول الله - جل وعلا- (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار)

 

كما قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)

سُئل الإمام مالك يوماً عن رجلٌ يسب أصحاب النبي(صلى الله عليه وسلم) فقال -رحمه الله- من وجد في قلبه غيظاً على أحدٍ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أصابه قول الله جل وعلا (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )

وقال الحافظ الكبير أبو ذرعة - رحمه الله- إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من النبي (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنه زنديق وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وأن ما جاء به من عند الله حق،وأن الذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة وهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة،

 

فالصحابة كلهم عدول كما قال الخطيب البغدادي وغيره من أئمة أهل السنة ، والدليل على ذلك أن المصطفى في حجة الوداع أصّل ما أصّل للأمة فتكلم عن الأعراض والدماء والربا ومكانة المرأة وتكلم عن القرآن والسنة

 

ثم قال (عليه الصلاة والسلام) في أخر خطبته العصماء في حجة الوداع على جبل عرفات قال ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب

الله الله استمع مرة أخرى (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) ولأنهم عدول فكلفهم بالبلاغ،

 

ولو كان في الصحابة أحدٌ ليس عدلاً لقال النبي (صلى الله عليه وسلم) فليبلغ فلان وفلان وحدد (صلى الله عليه وسلم) أهل العدالة فيهم،

 

أما وقد أطلق النبي هذا الأمر وقال (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) فهذه شهادةُ نبويةٌ من رسول الله بعدالة الصحابة

 

قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

وهذه هي شهادة أخرى بعدالة الصحابة من القرآن الكريم، عدلهم رسول الله وعدلهم ربنا جل علاه

 

وتفسير الآية أن الملائكة شهدت لله بالوحدانية وشهد أولو العلم لله بالوحدانية وقال أبن القيم إن أول من شهد لله بالوحدانية هو الله ثم ثنى بملائكته ثم ثلث بأهل العلم وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها فإن الله تعالى لا يستشهد بمجروح ولا شك ولا ريب أن أهل العلم على رأسهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر وعمر وعثمان وعلي هم المرادون ابتداءاً بهذه الآية الكريمة وبعد ذلك يأتي من سار على دربهم وعلى طريقهم ورفع رايتهم واعتقد معتقدهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

(وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

الله أكبر إذن تدبر معي إذا قيل لهم آمنوا كما أمن أصحاب النبي(عليه الصلاة والسلام) كما أمن الكُملُ، المؤمنون حقا، الصادقون، نجد الخبثاء المجرمون المنافقون يتطاولون على أصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام) ويتهمونهم بالسفه وخفة الرأي وعدم معرفتهم ببواطن الأمور وعدم إتقانهم ومعرفتهم بالمصالح والمفاسد وهؤلاء مجموعة من الدراويش ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يجيدون إلا الأكل والشرب كما قال المنافقون قديماً في عهد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وكما يقول المنافقون الآن حديثاً في عصرنا،

هذه كلمات المنافقين لا تتغير بتغير العصور ولا تتغير بتغير الأماكن، فهم يرددون نفس الكلمات، فالمنافق له ألف لسان، وله ألف وجه، له لسانان لسانٌ يلقى به المؤمنين ويتكلم به مع المؤمنين بلغة الإيمان والإسلام ولغة التقى والهدى وإذا خلا بالصنف الأخر الذي سأتحدث عنه الآن يتكلم بلسانه الحقيقي فيظهر ما في قلبه ويخرج ما في صدره من عفنٍ وكفرٍ ونفاقٍ أكبر ألا وهو نفاق الإعتقاد

فهو يظهر بلسانه الإسلام والإيمان ويعتقد الكفر ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء) وهنا ينتصر الله تعالى لآصحاب النبي (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)

فصار السفه ملازماً لهم فأصبحوا لا يعلمون بسفههم، صار الكذب ملازماً لهم فصاروا لا يشعرون بكذبهم،

وكما أقول هو يصرخ في صحراء فيرجع إليه صدى الصوت فيصدق نفسه ويصدق كذبه وهو منافقٌ خبيثٌ كذابٌ أشر، لا يعلم فالموازين بين أيديهم مختلة، والمعايير بين أيديهم مختلفة، يحكمون بموازين الهوى ويحكمون بموازيين الظلم والضلال والباطل فيحكمون على أهل الإيمان بالسفاهة والضلال

ولكن ما أسعد أهل الإيمان بانتصار الله لهم وبرد الله عنهم! فالله جل وعلا يرد عن الصحابة وعن المؤمنين، يذب عنهم، ويدفع عنهم أقوال الخبثاء من المنافقين المجرمين فيحكم الله على من أتهمهم بهذا الحكم (أَلا إِنَّهُم ْهُم ُالسُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

وتحدثنا الآيات الكريمة عن صفةٍ سادسةٍ أخرى من صفات المنافقين الخبثاء ألا وهي صفة التلون، وهي صفة لا تفارق المنافقين أبداً فها هو النفاق فالمنافق مخادع، متلون، ماكر، وهذا هو الأصل اللغوي للنفاق كما أصلت وبنيت من قبل،

قال تعالى مبيناً هذا الصفة في المنافقين

فقال (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) وهنا ينتصر ربنا –جل وعلا- مرةً ثانيةً لآهل الإيمان، ويرد على أهل النفاق الخبثاء فيقول تعالى(اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)

فالمنافقون متلونون خبثاء يظنون أن التلون براعة، وأن المكر سياسة،وأن الدهاء والخداع ذكاء،هذا هو منطق المنافقين فهم يتلونون ولكنهم جبناء هم أجبن من أن يواجهوا الحق بالإيمان الصريح الواضح، فضلاً عن أن يواجهوا الحق بإنكاره بأسلوبٍ صريحٍ واضحٍٍ هم أجبن من هذا وذاك، أجبن من أن يعلنوا ويظهروا إيمانهم بالحق بأسلوبٍ ظاهرٍ واضحٍ، وهم أجبن من أن يردوا الحق أيضاً، وينكروا الحق أيضاً ويكفروا بالحق أيضاً بإسلوبٍ صريحٍ واضحٍ ، بل هم متلونون إن جالسوا آهل الإيمان، وآهل الحق تكلموا بلغةٍ،

 

(وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)

أي يتظاهرون بالإيمانٍ ويعلنونه بآلسنتهم وكلماتهم إذا جالسوا آهل الإيمان، ولذلك أنا أكاد أن أجن وأصرخ وأنا أرى بعض أهل الإيمان ينتظرون نصرة للمؤمنين من أهل النفاق ومن المنافقين الخبثاء الذين وقعوا في نفاق الإعتقاد أي في النفاق الأكبر، الذين غرقوا في أوحال الكفر والشرك والضلال، فالنفاق لا ينصر إيماناً قط ،كما أن الشرك لا ينصر توحيداً أبداً،

فكيف ينتظر أهل الإيمان من هؤلاء نصرة؟!!

متى نصر النفاق الإيمان؟!!

 

ومتى نصر الشرك التوحيد والإيمان؟!!

متى؟؟ محال!!

فلا يكون ذلك أبداً إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط، لا يكون ذلك أبداً إلا إذا استخرجنا الماء العذب الفرات من النار المشتعلة المتأججة، وهذا لا يكون, ولن يكون، لآنه مخالفٌ للنواميس ،وسنن الله في الكون التي لا تتبدل ولا تتغير، نعم أيها الأحبة إذا جالسوا أهل الإيمان أظهروا الصفاء والود والمحبة والحرص عليهم وحب الخير لهم إلى غير ذلك ...

وإذا تركوا مجالس المؤمنين، وتركوا مجلس أهل الإيمان، ذهبوا وانصرفوا إلى مجالس شياطينهم

(وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) إنما نحن نستهزئ بالقوم ونتلاعب بهم ، وبمشاعرهم وعواطفهم، ومصالحهم وهمومهم، (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) فمن شياطينهم؟! من المراد بالشياطين هنا ؟!! قال ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ومن التابعين ..أن الشياطين هم رؤوس الكفر والشرك والنفاق، أي إلى رؤوس اليهود والمنافقين والمشركين والسادة والكبراء ،، فإذا خلوا تعني كل هذه المفردات التي ذكرتها قالها الصحابة والتابعين لهم بإحسان

(وَإِذَا خَلَوْاْ) خلوا لفظة قرآنية عجيبة ، وإذا ما بدلنا كلمة خلوا بكلمة أخرى فلنقل انفردوا ، لا يمكن أن تؤدي لفظة أخرى نفس الأداء لكلمة خلوا

فالقرآن الكريم كنز معانٍ، ونهر حقائق، وبحر دقائق، ودرج زواهر، وعالم علم، ودقة نظم، وجمال أسلوب، وبراعة بيانٍ، ما أعظم القرآن!! أشهد بعقلي وكياني وجوارحي بأنه كلام الله فمصدرية القرآن دليل اعجازه ، لو تدبرت كل لفظةٍ في القرآن قي سياقها القرآني في موطنها بين السابق واللاحق من كلمات القرآن ، والله الذي لا إله غيره، لصرخت وازددت إيماناً بالله ويقيناً بأن القرآن كلام الله - جل وعلا- 00

فمحال أن توضع لفظةٌ قرأنيةٌ في سياقها بغير غاية وبغير هدف وبغير دقة، بل لا يمكن البتة أن تأتي كلمةٌ أخرى مرادفة لهذه الكلمة لا يمكن أبداً أن تؤدي نفس الأداء أو أن تؤدي نفس المعنى الذي أدته اللفظة القرآنية التي وضعها ربنا - جل وعلا- في سياقها القرآني

(وَإِذَا خَلَوْاْ) يا إلهي ألم تشعر معي بشئٍ من الخلوة، الخفاء، فالمنافقون خبثاء لا يعملون في النور أبداً ، لن يعملوا على سطح الأرض بل لابد لهم من الخلوة والخفاء والسرية ليس عندهم ظهور ولا استعلاء بالإيمان، واستعلان ، لا (وَإِذَا خَلَوْاْ) تشعرك اللفظة القرآنية بشئ من الدس في الخفاء، فهذا هو الفارق الكبير بين منهج الإيمان ومنهج النفاق،

فمنهج الإيمان منهج معلن ، فلا نخشى أحداً على وجه الأرض ، أبداً،، لا نتكلم في الظلام وفي السراديب تحت الأرض، بل نتكلم في النور ، في المساجد والفضائيات وفي الكتب وفي المجالس العامة والخاصة سواء فلا فرق بين أهل الإيمان أبداً بين مجلس عامٍ ومجلس خاصٍ ، لآن آهل الإيمان لا يجيدون التلون ، ولا يعرفون الخداع والتضليل، ولا يجيدون الظهور بوجهين في أي وقت ولا في أي مكان، فهم فوق أي أرض وتحت أي سماء يعتقدون منهجاً واضحاً كالشمس في ضحاها، والنهار إذا جلاها ، لا يجيدون اللف والدوران، هم فوق سطح الأرض كحالهم تحت سطح الأرض إن قدر الله لهم ذلك، هم في النور كحالهم في الظلام،

يتكلمون في الظلام نفس كلامهم في النور، ويتكلمون في النور نفس كلامهم في الظلام، يتكلمون بين الآلاف والملايين بنفس الكلام الذي يتكلمونه بين الأفراد أو بين الآحاد والعشرات والمئات، لا يحسنون أبداً التلون والخداع والتضليل

فرقٌ كبير بين منهج الحق ومنهج الباطل، فمنهج الحق أبلج ومنهج الباطل لجلج، منهج الحق ظاهرٌ واضحٌ، يعمل في النور والأمان

لذلك فأنا أناشد الآن المسئولين ألا يحاربوا أبداً منهج العلماء الربانيين ومنهج الدعاة الصادقين الذين يتحركون للحق وللدين في وضوح في وضح النهار فيجب على كل أفراد الأمة أن يدعموا هذا المنهج لآنه سيقضي على المنهج الآخر منهج الدس ومنهج الخفاء ومنهج العمل في الظلام وتحت السراديب في باطن الأرض0

وأنا أقول لكم لله إذا كان المنهج يُدرس ويُتلقى في الظلام فهو منهج مظلم،وإذا كان المنهج يُدرس تحت الأرض في السراديب فهو منهج منحرفٌ بانحراف السراديب ،

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..