ali desoky 391 قام بنشر December 25, 2010 هل بيننا من يستحق أن يفخر به أبناؤه بعد موته ؟ منذ أيام عرض الإعلامي عمرو الليثي في برنامجه "اختراق" حلقة عن "المجموعة 39 قتال" وعن البطولات التي قامت بها خلال حرب أكتوبر. وجدت نفسي أتابع الحلقة تلقائيا وبشكل عفوي، وأنتظر المزيد لأعرفه عن هؤلاء الأبطال، الذين ضحوا بأرواحهم لكي نتمكن نحن الآن على الأقل من السير في الشوارع، معلومات كثيرة رواها شهود العيان وأفراد المجموعة الذين ما زالوا أحياء عن زملائهم الذين استشهدوا وقدراتهم القتالية الفائقة ، لكن المشكلة بالنسبة لي لم تكن فى أثناء مشاهدة الحلقة ولكن فيما حدث بعد انتهاءها وحتى وقت كتابة هذه الكلمات. وقبل أن أقول لحضراتكم عن مشكلتي هناك نقطة استوقفتني في الحلقة مرتبطة بأحد أبناء شهداء هذه المجموعة ، وهو الملازم أول محمد مجدي عبد الحميد والذي كان مكلفا هو ومجموعة من زملائه بتدمير محطة بترول بلاعيم بالسويس حتى لا يستفيد منها العدو الإسرائيلي خلال المعركة، المهم أن ظروفه قادته ليبتعد عن زملائه في منطقة محاجر، وكان بجواره كتيبة إسرائيلية، وظل في هذا المكان لمدة 12 يوما، كل يوم يهاجم الكتيبة ويقتل أحد أفرادها بالسلاح أبيض، وكل يوم أعداد القتلى في تزايد ، حتى علموا بأمره وهاجموا المكان المتواجد فيه، لم يستسلم ولكنه ظل بمفرده يقاتل كتيبة، حتى نفذت ذخيرته، لم يستسلم أيضا بل قرر أن يموت مرفوع الرأس ووضع سلاحه بجواره وجلس واضعا قدم على الأخرى حتى استشهد، الجميل أن الإسرائيليين اعتبروه بطلا، ودفنوه وأعطوا له التحية العسكرية، هذا الكلام رواه أحد الضباط الإسرائيليين بعد ذلك، المهم نعود إلى ابنه الذي مات أبوه وعمره تقريبا 5 سنوات، هذا الابن تحدث كثيرا عن أبيه وفخره به وعن كيفية تعامله مع الموقف في هذا الوقت، ولكن هناك نقطة كانت فاصلة في كلامه، وهي أنه يشعر بالأسى لأن والده ليس له قبر ليزوره. نعود إلي مشكلتي أنا .. وأتمنى أن تكون مشكلة الجميع بعد ذلك، وأن نقف وقفة جادة مع أنفسنا، المشكلة أن رأسي أصبحت مليئة بالأسئلة والأفكار المتداخلة، وكلما حاولت الهروب من واحدة للإجابة على أخرى أجدني أسعى للبحث عن تفسير فكرة ثالثة، لتخطفني فكرة رابعة . لكن السؤال الأهم .. ماذا قدمت أنا لمصر؟ وماذا قدم كل من حولي لها ؟، صحيح أن بعضنا يؤدي عمله بنوع من الإخلاص ومراعاة الضمير، لكن معظمنا إن لم يكن كلنا لا يفعل ذلك من أجل مصلحة مصر، بل هدفه الأول هو المصلحة الشخصية، أنا أبذل مجهودا في عملي حتى أنال رضا رؤسائي، وحتى أحقق المقابل المادي الجيد.. ولكن يبق أيضا السؤال .. ماذا لو طلب أي رئيس عمل من مرؤسيه - إختياريا - أن يأتوا إلى العمل يوم الإجازة ويكون المقابل هو أن "مصر محتاجاهم، أو علشان خاطر مصر" بالتأكيد سيكون الرفض هو الرد الطبيعي، لكن طبيعيا أن يتغير الرد إذا كان هناك مقابلا ماديا مغريا أو ترقية منتظرة، إذا ما يحكمنا هو المصلحة، أما مصلحة البلد فهى آخر ما نفكر فيه، وبدون تذويق ولا لف أو دوران ..هذا الكلام ينطبق على الجميع وأنا أولهم. فكرة أخرى طاردتني .. بعد 20 عاما من الآن .. ماذا سأقول لابني او بنتي ان شاء الله ، هل أجد تاريخا مشرفا أو بطوليا هل سيكون هناك انتصارات وانكسارات تدعو للفخر سأرويها له مثلما فعل معي جيل الآباء، الفكرة دارت برأسي وظللت أبحث عن قصة نجاح .. نجاح بجد، فلم أجد ..حتى لو أصبحت صحفيا مشهورا فأنا مثل الكثيرين نبحث عن الشهرة من أجل أنفسنا في المقام الأول، حتى العلماء الذين كنا نتوسم فيهم الخير كل همهم الحصول على الدرجة العلمية من أجل الوجاهة الاجتماعية والحصول على لقب أستاذ جامعي، وقس على ذلك في كل المجالات حتى تصل إلى القمة، نعود إلى ابني ، لا أعرف .. هل سأخبره بالصعوبات والعقبات التي واجهت أغنية "خليها ....." لنجم الجيل والكبار والصغار وولاد الـ... تمورة ، أم سأخبره بالانتخابات التاريخية لمجلس الشعب في 2010 والتي حققنا فيها أرقاما وإنجازات لم تسبقنا إليه أي دولة أخرى لدرجة أن كل الدول المتقدمة تتمنى وتحلم بأن تكون بنفس ذكاء من أداروا الانتخابات لدينا، أم سأخبره بالإعلامي الفلتة شلولو وصولاته وإنفراداته وقفشاته ونكاته السخيفة، أم سيكون حديثنا الأهم عن الحارس العملاق وخلعه لثوب الفلاحين بعد أن أكرمه الله، عفوا إبني فأنا حتى الآن لا أملك تاريخا مشرفا لأرويه لك، إلا إذا مشيت مع الموجة وقلت لك أنا فرعون ابن فرعون. ما زالت الأفكار تطاردني .. وما زال السؤال ملحا، هل فعلا يمكن أن نساوي هؤلاء الأبطال بنجوم الكرة، هؤلاء ضحوا بدمائهم ولم يكن لديهم ما ينتظرونه، أما لاعبى الكرة فهم حققوا إنجازات لمصر لكن بالطبع لا يمكن أن يكون في نفس ما فعله هؤلاء الأبطال، فلاعب الكرة ينتظر مقابلا ماديا، وقد يتمرد ويرفض اللعب للمنتخب مثلما فعل شيكابالا وبركات، المقارنة ليست منطقية، وهذا هو ما يدفعنا لوضع سؤال آخر .. ماذا لو عاد بنا الزمان؟ ماذا لو أعاد التاريخ نفسه، واضطررنا إلى خوض معركة حربية، هل يوجد بيننا الآن من سيضحي بنفسه؟ أو يملك شجاعة ورجولة هؤلاء الأبطال؟ كلمة أخيرة .. عفوا ( ابني او بنتي).. صحيح أنني لم أقصر في حقك ووفرت لك حياة كريمة وأبذل كل ما في وسعي من أجل راحتك، ورغم أنك مستقبلي في هذا البلد فأنا حتى الآن لم أدافع عن هذا المستقبل، أنا حتى الآن لا أملك تاريخا مشرفا لكي تفخر به عندما تكبر، لا أعلم هل يأتي هذا اليوم أم لا ؟! شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر