اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
m.helm

الإمام البنا في عيون الغرب

Recommended Posts

يقول ريتشارد ميتشل في كتابه الاخوان المسلمين.

 

"وافق وصول البنا إلى القاهرة فترة الغليان السياسي والفكري الشديد الذي ميز العشرينيات في مصر، فنظر إلى ذلك المشهد بعين القروي المتدين"، واستخلص ما اعتبره مشكلات جدية، وهي التنازع على حكم مصر بين حزبي الوفد والأحرار الدستوريين السياسيين، والجدل السياسي الصاخب وما نتج عنه من الفرقة التي أعقبت ثورة 1919 والدعوة إلى الإلحاد والإباحية التي كانت تحيط بالعالم الإسلامي، ومهاجمة الأعراف المستقرة والمعتقدات، التي ساندتها "الثورة الكمالية" بنبذها الخلافة والخط العربي، وهي مهاجمة تم انتظامها في حركة "التحرر الفكري والاجتماعي" لمصر ـ ثم التيارات غير الإسلامية بالجامعة المصرية التي أعيد تنظيمها آنذاك، والتي بدا أنها تستمد إلهامها من الفكرة القائلة إن "الجامعة لا يمكن أن تكون جامعة علمانية ما لم تثر ضد الدين، وما لم تحارب الأعراف الاجتماعية المستمدة منه"، يضاف إلى ذلك الدهريون والتحرريون من رواد الندوات الأدبية والاجتماعية، ثم الجمعيات والحفلات والكتب والصحف والمجلات التي روجت الأفكار التي كان هدفها الوحيد إضعاف أثر الدين.

 

 

 

 

 

وكان رد فعل هذه الصورة على البنا ونظرائه في التفكير ما عبر عنه بقوله: ليس يعلم أحد إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة، وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها، ونحلل العلل والأدواء، ونفكر في العلاج وحسم الداء. ويفيض بنا التأثر لما وصلنا إليه إلى حد البكاء.

 

ويضيف: "وهكذا انبعثت خطوته التالية من مخاوفه تلك ومن اقتناعه المتزايد بأن "المسجد وحده لا يكفي" لنشر العقيدة بين الناس، وبالتالي قام بتنظيم مجموعة من طلبة الأزهر ودار العلوم الراغبين في التدرب على مهمة "الوعظ والإرشاد"، وبعد مدة وجيزة دخل هؤلاء المساجد واعظين، وأهم من ذلك أن طريقتهم في الوعظ قد لاقت نجاحاً كبيراً فيما بعد، إذ اتبعوا سبيل الاتصال المباشر بالناس، في أماكن اجتماعاتهم العامة، كالمقاهي والمجتمعات الشعبية الأخرى، قاصدين بذلك تعزيز الفكرة الإسلامية ونشرها من جديد".

 

 

 

 

 

وعن أثر البنا نحو قضية فلسطين : "نادى البنا في المؤتمر العام الثالث المنعقد عام 1935م بجمع الأموال لمساندة قضية العرب، كما ألف لجنةً لتدعو لها عن طريق البرقيات والرسائل إلى السلطات المختصة، وعن طريق الصحافة والنشرات والخطب، وآزر هذه الوسائل قيام مظاهرات نيابية عن المضربين في فلسطين وإرسال المؤن والعتاد لهم.

 

 

 

 

 

ويضيف: "وكان أعظم ما شهر عن كفاح الاخوان هو ما قدموه من عون للمصريين الذين حوصروا في جيب الفالوجا؛ نتيجة الزحف الإسرائيلي بعد فشل الهدنة الثانية في أكتوبر 1948؛ إذ ساعد الاخوان على إمداد القوات المحاصرة في الميدان.

تم تعديل بواسطه دعوه للجنـــــة
ممنوع وضع روابط خارجية الا بعد موافقة الادارة.
  • أعجبني 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

جزاك الله خيرا أخى الفاضل

 

ولكن معذرة ف حذف الروابط الخارجية الموجودة فسياسة المنتدى تقضى عدم وضع روابط خارجية الا بموافقة الادارة أولا

 

 

اسمحلى اضف بعض ماقيل عن الامام الشهيد حسن البنا

 

 

فما قيل فيه لا يسطر ويجمع بلا شك رحمه الله واسكنه فسيح جناته

 

 

شهادة فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

 

لقد جاء الإمامُ "البنَّا" إلى الدنيا على قدَرٍ مقدورٍ، فإن العصرَ الذي وُلدَ فيه كان عصرًا مليئًا بالتيارات الهدَّامةِ والإلحادِ، والتحدياتِ المعاديةِ، وكان العالمُ الإسلاميُّ يتعرضُ لأبشعِ أنواعِ المخططاتِ الاستعماريةِ؛ نتيجةً لسيطرةِ الاستعمارِ الغربي الصليبي وغارتِه الفكريةِ والحضارية على كثيرٍ من البلدان الإسلامية، ولعل أبشعَ وأشنعَ ما نزل بالمسلمين في تلك الفترة كان إلغاءَ الخلافة الإسلامية عام 1924م، حيث تحولت دار الخلافة من رمزٍ لاتحاد المسلمين وقوتِهم، إلى دولة علمانية أُلغيت فيها الشريعة الإسلامية، لتَحِلَّ مكانها القوانينُ الوضعيةُ، وأصبح المسلمون كالشاة في الليلة المطيرة.. قُلبت المفاهيم.. واستَشرى الانحلال.. وفشا الإلحاد.. وشُوِّهت أمجادُ الإسلام العظيم.. وعُزلت الشريعةُ عن حياة المجتمع.. واستحالت دولة الخلافة إلى دويلات متنافرة.. ولم يبقَ لهذه الأمة من ملجأٍ ولا نصير إلا رحمةُ الله تعالى، ثم نجدةُ العقيدة وقوة الإيمان.

image015.jpg

ومن هنا يكتسب التوقيت- الذي ظهر فيه الإمام "حسن البنا" (رحمه الله)- أهميتَه، فقد أيقنَ الرجلُ أن جهود الدعاة إلى الله لن تؤتِيَ ثمارَها المرجوَّة طالما ظلت جهودًا فرديةً متفرقةً، وأدرَكَ أنه لابد من تجميع هذه القوى في جماعةٍ واحدةٍ تأخذ الإسلام كلَّه دينًا شاملاً ينظِّم نواحيَ الحياةِ جميعَها، ويُعيد تقديم الإسلام من جديد في صفائه وجلاله وكماله، فكان هو ذلك الإمام المجدد، كما ورد في الحديث الشريف: "‏إنَّ اللهَ يبعثُ لهذهِ الأمةِ على رأسِ كلِّ مائةٍ من يجددُ لها دينَها‏"‏ (رواه أبو داود مرفوعًا، وقد اعتمده الحُفَّاظ، وقد أخرجه الطبراني ورجاله ثقات، وصححه الحاكم).

 

 

وكان في تكوينه العلمي والعبادي، وفي صلته بالله تعالى وعميقِ فهمه للإسلام ولواقعِ مجتمعِه ومتطلباتِ النهضةِ التي لابد منها.. كان في ذلك كلِّهِ قدَرًا رحِيمًا من الله تعالى قيَّضَهُ لهذه الأمة، فأسَّس جماعتَه سنة 1928م بعد سقوط الخلافةِ بنحو أربعِ سنين؛ ليحاول وضع مشروعِ النهضة الإسلاميةِ الشاملة موضعَ التنفيذ، ونذَرَ لهذا المشروعِ- والدعوةِ إليهِ والتربيةِ عليهِ والجهادِ في سبيلهِ- عُمُرَه كلَّه، وقد كان وقت أن أسس جماعته في العشرينيات من عمره.

 

 

وكانت نفسُه المتوثِّبة تَتُوق إلى تحقيق أعظمِ الآمال لهذه الأمة، وإنْ رآها بعضُ البعيدينَ عنه ضَربًا من جُموحِ الخيال تنوءُ به القُوى الأرضيةُ الراسخةُ، وقد أجمل أهدافَ جماعتِه في أمرين، فقال لإخوانه: "واذكروا دائمًا أن أمامَكم هدفين أساسيين:

 

الأول: أن يتحررَ الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي.

 

الثاني: أن تقوم في هذا الوطنِ الحرِّ دولةٌ إسلاميةٌ حرةٌ، تعمل بأحكام الإسلام، وتطبِّق نظامَه الاجتماعي، وتبلِّغ دعوتَه للناس.

 

 

أما وسائل تحقيق هذه الأهداف فترتكز في مجموعها على تكوين الفرد المسلم؛ تكوينًا حقيقيًا يشمل جميع جوانبه العقَدية والفكرية والنفسية والجسدية والعبادية، وعلى كتِفِ ذلك الفردِ تؤسَّس الأسرةُ المسلمةُ، ومن مجموع ذلك يتحقق إصلاحُ المجتمعِ والدولةِ، بإذن الله..".

 

ولم يغفُل الإمامُ "البنَّا" عن دورِ المرأة المسلمةِ، فجعل من أهم أقسام جماعته قسم (الأخوات المسلمات)، يزكِّي نفوسَهن، ويستهدف تربيتَهن؛ لتتحققَ المرأةُ المسلمةُ بصحيح إسلامِها، وتكونَ أمًا صالحةً تُؤتَمن على تربية جيل النصر المنشود، وعُنصُرًا فاعلاً ومؤثرًا في مجتمعها، وهو الذي أسس مدارسَ (حراء) لتعليم الفتيات- في وقت كان تعليمهن في مصر أمرًا يُثير الاستغراب- ولتعلُّمهِن حِرَفًا يكتسبْن منها، وبنى دارًا للتائبات- منذ بداية تأسيسه الجماعة في الإسماعيلية- لتصحيح مسار النسوة اللائي انحرفَتْ أخلاقهن، وساءت سيرتُهن.. وأمضى الإمام "حسن البنا"- رحمه الله- حياتَه مدافعًا عن حق الأمة في الحرية السياسية، وحقِّها في التعبير عن نفسها، واختيار قادتها وأولي الأمر فيها، وأنَّ النظام النيابي هو أقربُ النظم إلى الإسلام.. أما الاستقلال عن الاستعمار بكافة أشكاله- السياسي والاقتصادي والعسكري والفكري- فكان حجر الزاوية في رؤيته السياسية، وقد مرَّ بنا أنه جعل تحرير الوطن الإسلامي كلِّه من كل سلطان أجنبي أولَ أهدافه العامة.

 

ولقد حدد الإمام الغاية والهدف والوسيلة، والغايةُ دائمًا هي الأصل (الله غايتنا)، فهذا أصل الأعمال، وهي القوة التي تدفع إلى الطريق، يقول الإمام: "مصدر تحديد هذه الغاية هو الإسلام، فهي تتجلَّى في كتاب الله وسنةِ رسولهِ، والتزامُنا بها هو انتسابٌ لأسمى مهمةٍ، فهو- سبحانَه- غايتنا الأصيلة، وأساسُ ومحورُ صلاتنا وأعمالنا، وهذا مصدر عزتِنا وقوتِنا، وليس بعد ذلك عزةٌ ولا قوةٌ" (رسالة إلى أي شيء ندعو الناس).

 

وعن المهمة يقول: (أيها المسلمون، عبادة ربكم، والجهاد في سبيل التمكين لدينكم، وإعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة، فإن أدَّيتموها حق الأداء فأنتم الفائزون، ومن أوصاف أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- أنهم رهبان بالليل، فرسان النهار) (المرجع السابق)، ثم يتحدث عن ضرورة إيقاظ الأمة من الغفلة التي سيطرت عليها، فيقول: "علينا أن نوقِظ الأمةَ من غفلتها، وأن نقفَ أمام هذه الموجةِ الماديةِ الطاغيةِ، ونستعيدَ مجدَ الإسلامِ.

 

 

إنه شهيدُ هذه القضية، وقد كانت عنده- ومازالت عند جميع (الإخوان) في العالم- قضية الإسلام الكبرى، وهي- كما قال-: "قلب أوطاننا، وفلذة كبد أرضنا، وخلاصة رأسمالنا، وحجر الزاوية في جامعتنا ووحدتنا، وعليها يتوقف عزُّ الإسلام أو خذلانُه"، وكأنه يخاطبنا اليوم، ويعيش معنا، رضى الله عنه.

 

 

فالعصابات الصهيونية- ومن ورائها أمريكا- حوَّلت قضية فلسطين مع عصابات يهودية إلى معركةٍ كبرى، وقد تجسَّد الصراع بين قُوى الشرِّ والظُلم من ناحية وأهل فلسطين العزَّل من ناحيةٍ أخرى، ولم يكن الإمام غافِلاً عن حجم المتاعِب التي ستأتِي من التصدِّي لهذه القضيةِ، وكان يقولُ: "ريحُ الجنةِ تهبُّ من فلسطين"، ويقول: "إن (الإخوان المسلمين) لَيعلمون أن دعوتَهم عدوةٌ للاستعمار؛ فهو لها بالمرصاد.. وعدوةٌ للحكومات الجائرة الظالمة؛ فهي لن تسكت على القائمين بها.. وعدوةٌ للمستهزئين والمترفين والأدعياء، من كل قبيل؛ فهم سيناهضونها".

 

 

ولقد اهتم الإمام وإخوانه بقضية فلسطين؛ فدفعوا بشبابهم لمواجهة الصهيونيةِ، ونازَلوهم في كل مكان، وقدموا الشهداءَ الأبرارَ، وهم دائمًا على استعداد لو أتيح لهم أن يواجهوا الصهاينة في فلسطين، وما كانوا ليتخلَّفوا عن هذا الواجب وتلك الفريضة.

 

 

لماذا اغتيل الإمام الشهيد؟

 

 

لقد اغتيل الإمام "البنا" في 12 فبراير سنة 1949م والأمة كلها أحوج ما تكون إليه، ودخلت جماعتُه في محنةٍ طويلةٍ عصيبةٍ، فما وَهَنَ رجالُها وما ضُعُفوا وما استكانوا، بفضل الله وتوفيقه، وكانت دماءُ الإمام الشهيد- الذي قُتل في أكبر شوارع القاهرة، ومُنع الناسُ من تشييعِ جنازتِه؛ فما حمل جثمانَه الطهور إلا نساءُ بيتِه- أعظمَ تأثيرًا في أصحابِه من ألفِ خُطبةٍ يلقيها وألفِ رسالةٍ يكتبُها، وكما قال الشهيد "سيد قطب"- رحمه الله-: "إن كلماتِنا تظلُّ عرائسَ من الشمعِ حتَّى إذا مِتْنا في سبيلها دبَّت فيها الروح، وكُتبتْ لها الحياةُ"..

 

إن الرجل- الذي أرعَب الاستعمار الغربي الصهيوني- لما أعلن أنه سيمضي إلى الجهادِ في فلسطين على رأسِ الآلافِ من أصحابه، كان لابد أن يختفِيَ من على مسرحِ الأحداثِ؛ كي يُتاحَ للاستعمار العالمي حظٌّ من البقاءِ؛ وكي يُكتب للصهيونية العالمية احتلالُ أرضِ فلسطين وغيرها؛ وكي يُعاد تشكيلُ خريطة المنطقة العربية والعالم الإسلامي على النحو الذي خطَّط له الاستعمار وأعوانُه؛ ولينفسح السبيلُ أمامَ الانقلاباتِ العسكرية المتتالية، التي دفعت إلى سُدَّة الحكم في عالمنا العربي بأنظمةٍ عسكريةٍ مستبدةٍ..

 

لقد استُشهد الإمام "البنا" والدنيا كلها أهونُ شيء عندَه.. إمام قد أضنته العبادة الخاشعة، وقيامُ الليل الطويل، والأسفارُ المتلاحقة في سبيل الله.. لقد عرفتْه المنابر في جميع مدنِ مصر وقُراها، وهو يُرشد الأمة إلى الله بصوته الرَّخيم، ويجمعُها في ساحة الإسلام، ويؤلِّف بين القلوب.. لقد واجَهَ المادِّية والإلحاد والاستعمار بكل ألوانه، وحولَه الأبناءُ من شبابِ الصحوةِ واليقظةِ الإسلاميةِ، الذين ملأَ قلوبَهم حبُّ الإسلامِ والاستمساك به؛ ولذلك خرجَ من الدنيا تُشيِّعه الملائكةُ.. خرَج محمولاً على أكتاف بناتِه.. لم يستطع أحد- من شدة الإرهاب- أن يبكي عليه، ولم يترك تراثًا ماديًا، وهو في الثالثة والأربعين من عمره، رضي الله عنه وأرضاه.

 

وفي ذكرى موكب البطولات والشهداء والرجولة الفذَّة، نقول: يخطئ من يظن أن وسائلَ القمعِ والتضييقِ وإحصاءِ الأنفاسِ تُفلِح في إبعاد التيار الإسلامي عن الحياة، فهذا فهمٌ خاطئٌ لا ينطبق على هذه الدعوة؛ فهي كلمة الله، وإن المؤمنين بها لا خيار لهم ولا عذر لهم في تركِها والتخلِّي عنها.. إن هذه الدعوة لابد أن تنطلق من حيث لا يحتسب الذين يضيِّقون عليها، وتمضي إلى غايتها، بإذن الله.

 

 

إن دعوة الإسلام في القرن العشرين رفع لواءَها "حسن البنا"- المدرس الفقير- تحت قيادة الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- (الرسول قدوتنا)، وأقام جماعة (الإخوان المسلمين)، التي استطاعت أن تقاوم العواصف وأن تثبت أقدام رجالها- بإذن الله- رغم المحن والابتلاءات..

 

رحم الله الإمام الشهيد "حسن البنَّا"- مؤسسَ هذه الجماعة، وواضعَ نظريات العمل الإسلامي- رحمةً واسعةً، وجزاه عن المسلمين خيرَ الجزاءِ، وتقبلَه في الصالحين هناك.. في ظلِّ العرش.. في مقعد صدقٍ.. عند مليكٍ مقتدرٍ.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

 

 

 

--------------------------

 

 

 

 

شهادة محمد الغزالي:

 

الذي قال في مقدمة كتابه (دستور الوحدة الثقافية) الذي شرح فيه (الأصول العشرين) لحسن البنا قال الشيخ: (ملهم هذا الكتاب وصاحب موضوعه: الأستاذ الإمام حسن البنا، الذي أصفه ويصفه معي كثيرون بأنه مجدد القرن الرابع عشر للهجرة، فقد وضع جملة مبادئ تجمع الشمل المتفرق، وتوضح الهدف الغائم، وتعود بالمسلمين إلي كتاب ربهم، وسنة نبيهم وتتناول ما عراهم خلال الماضي من أسباب العوج والاسترخاء، بيد آسية، وعين لماحة فلا تدع سببا لضعف أو خمول.

 

 

ومن الخطأ القول بأن حسن البنا أول من رفع راية المقاومة في هذا القرن الذليل، لقد سبقه في الشرق العربي، والمغرب العربي، وأعماق الهند وإندونيسيا، وغيرها، رجال اشتبكوا مع الأعداء في ميادين الحرب والسياسة والتعليم والتربية، وأبلوا بلاء حسنا في خدمة دينهم وأمتهم.

 

وليس يضيرهم أبدا أنهم انهزموا آخر الأمر، فقد أدوا واجبهم لله. وأتم من بعدهم بقية الشوط الذي هلكوا دونه.

 

إن حسن البنا استفاد من تجارب القادة الذين سبقوه، وجمع الله في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين.

 

كان مدمنا لتلاوة القرآن يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره كأنه الطبري أو القرطبي، وله قدرة ملحوظة على فهم أصعب المعاني ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب.

 

وهو لم يحمل عنوان التصوف، بل لقد أبعد من طريقة كانت تنتمي إليها بيئته.

 

ومع ذلك فإن أسلوبه في التربية وتعهد الأتباع وإشعاع مشاعر الحب في الله، كان يذكر بالحارث المحاسبي وأبى حامد الغزالي.

 

وقد درس السنة المطهرة على والده الذي أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب، فأفاده ذلك بصرا سديدا بمنهج السلف والخلف.

 

ووقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا، ووقع بينه وبين الأخير حوار مهذب، ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد، وإفادته منها، فقد أبى التورط فيما تورط فيه. "يقصد: تصديه بعنف للحملة على الأزهر وعلمائه المقلدين للمذاهب، وعلى الطرق الصوفية وغيرهم فوافق الشيخ البنا الشيخ رشيد في فكره وخالفه في أسلوبه وطريقته. (القرضاوي)"

 

ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكري للجماهير مع لبقة من أسباب الخلاف ومظاهر التعصب.

5(61).jpgوقد أحاط الأستاذ البنا بالتاريخ الإسلامي، وتتبع عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، وتعمق تعمقا شديدا في حاضر العالم الإسلامي، ومؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده.

 

ثم في صمت غريب أخذ الرجل الصالح يتنقل في مدن مصر وقراها، وأظنه دخل ثلاثة آلاف من القرى الأربعة آلاف التي تكون القطر كله.

 

وخلال عشرين عاما تقريبا صنع الجماهير التي صدعت الاستعمار الثقافي والعسكري، ونفخت روح الحياة في الجسد الهامد

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

 

 

الإمام الشهيد في عيون العلماء والدعاة

ikh2624.jpg

- بالإجماع: البنا أكبر رمز دعوي في القرن الرابع عشر الهجري

- الخصوم قبل الاصدقاء شهدوا له بالنجاح

تحقيق: حسونة حماد

يُعد الإمام حسن البنا واحدًا من القلائل الذين يجود الزمان بمثلهم، وقد منَّ الله به على الأمة في الوقت الذي كانت تحتاج فيه إلى من يجدِّد لها دينها، ويبعث فيها الأمل، ويوضح لها طريق العمل على منهج قويم ومشروع إسلامي عظيم، يربط به الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على فهمٍ كاملٍ ونظرٍ ثاقبٍ وعقلٍ راجحٍ وتبصرٍ دائبٍ، فكان حقًّا مجدِّدَ الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين).

أسس الإمام جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م على عشرة ثوابت أو أسسًا اعتبرها أركانَ البيعة، وتتمثَّل هذه الأركان بتتابعها وترتيبها المتميز في الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوة والثقة.

وكان الإمام البنا رضي الله عنه في عصرِه من أكبر رموز الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، واستحوذ على لقب الداعية في كل حياته وتصرفاته اقتداءً بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

والآن وبعد مرور أكثر من نصف قرن على استشهاد الإمام- رضي الله عنه- نسأل كيف ينظر إليه الدعاة والعلماء؟

يقول الشيخ محمد عبد الله الخطيب- من علماء الأزهر الشرف وعضو مكتب الإرشاد-: إن الإمام البنا رضي الله عنه كان ملهمًا يُحسن التوكلَ على الله ويُحسن الأخذَ بالأسباب، وهو قدوةٌ طيبةٌ لمن رآه أو اقترب منه.

وكان رضي الله عنه يقول اعتزازًا بهذا الدين ورجاله: لو أستطيع أن أبلِّغ هذه الدعوة للطفل في بطن أمه لفعلت، وكان يقول نقاتل الناس بالحب.

ويرى الشيخ الخطيب أن هذا الكلام غير مسبوق، فمثلاً دخل عليه أحد زملائه بكلية دار العلوم بجامعة القاهر وكان من المتشددين- فقال له: إني أكرهك يا حسن، فردَّ عليه الأستاذ البنا قائلاً له: إني أحبك، فقال له الرجل والله العظيم إني أكرهك، فقال له البنا والله العظيم إني أحبك، فقال له الرجل ما تقوله يجعلني أبغضك أكثر، فردَّ عليه البنا وقال له وأنت ما تقوله يجعلني أحبك أكثر، وكان سبب هذا الحوار هو اعتراض هذا الرجل المتشدِّد على ارتداء الجوَّالة في الإخوان لما يُسمَّى (الشورت).

ويستطرد: إن البنا كان يحب جميع الناس وكان يدعو للملوك والرؤساء أن يهديَهم الله ويوفقَهم، وكان يقول: لو أعلم أن لي دعوةً مستجابةً عند الله لدعوتها لفاروق، فإن بصلاحه يستقيم خلقٌ كثيرٌ، ويؤكد الشيخ الخطيب أن هذه نظرةُ إنسان تجرَّد من كلِّ شيء في سبيل الله.

الاهتمام بالعلم

يقول الداعية الإسلامي الشيخ خيري ركوة: إن الأستاذ البنا يتميز بأنه كان يعي دورَه في الحياة، ولذلك لم يضيِّعْ شيئًا من وقته، حتى وهو طالب في المراحل الأولى من التعليم كان يتوسم في نفسه أنه سيكون صاحب دعوة، وذلك رُوي أنه في فترة المرحلتين الابتدائية والإعدادية أو ما يعادلهما في ذلك الوقت كان يجمع التلاميذَ معه وينظرون إلى البيئةِ التي تحيط بهم، ويحاولون أن يعالجوا ما ليس طيبًا فيها وبطريقةٍ سهلةٍ وليست مثيرةً أو عنيفةً، ككتابة الرسائل إلى بعض الناس يذكِّرونهم بالخيرِ ويحذِّرونهم من الانحرافِ إلى الشر، وفى سبيل ذلك لم يضيِّعْ وقتَه وأفادَ منه تمامًا، إذ كان يحرص على الدرس وطلب العلم والتزود منه، وكان يحب اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم وبها يمكن أن يتعاملَ مع القرآن والحديث، فكان يقرأ الكثير من كتب الأدب المنثور والشعر، فحفظ كثيرًا من الخطب الوصايا والنصائح للبلغاء من العرب سواء في العصر الجاهلي أو عصر النبوة وكذلك خطب الخلفاء الراشدين ومن بعدهم العصر الأموي والعباسي، حتى إنه عندما أراد الالتحاق بكلية دار لعلوم كان هناك امتحان شفوي (مقابلة) وامتحن في القرآن فكان يحفظه، ثم قيل له ماذا تحفظ من الشعر فقال احفظ 18 ألف بيت من الشعر، مما جعل لسانه فصيحًا وعباراته حلوة إذا تكلَّم أسمع غيره وإذا سمع له الناس أنصتوا له وفهموا ما يقول.

وبهذا ملك البنا ناصية البيان والبلاغة والحفظ لكثير من المأثور لكلام العرب، وذلك أعانه على أن يكونَ خطيبًا وكاتبًا فكانت كتابته موجهةً وهادفةً، إذ كانا قلمه ولسانه منشغلين بتبليغِ الدعوةِ وتوصيلها إلى الناس، وربما غَلَبَ عليه أسلوب الخطابة فكان أكثر من الكتابة، وكانت الكتابة عنده تتمحور في الكتابة الصحفية في الجرائد والمجلات، ولم يَكُنْ صاحب هدف في تأليف الكتب وإنما يؤلف بعض الرسائل التي يلقيها على شكل محاضرات يشارك في ندوات أو مؤتمرات، وأمثلة ذلك مجموعة الرسائل التي أصبح الآن يحتويها كتاب الرسائل للإمام الشهيد حسن البنا.

وكان أسلوبه من السهل الممتنع الذي نقرؤه فنراه سهلاً لكننا ليس من السهل أن نقول مثله.

ويؤكد الشيخ ركوة أن البنا كان يستحوذ على لقب الداعية في كل حياته في بيته وفي مدرسته وفي المساجد وفي المقاهي وفي المؤتمرات لا يدع مناسبة من المناسبات إلا ويدلي فيها بدلوه، وكان دلوه مليئًا لا ينضب، غزيرًا لا يجف من الآمال والآلام: الآلام التي يشهدها حوله في أمة جسم على صدرها الاحتلال بجوانبه الاقتصادية والثقافية والسياسية والفكرية والعسكرية، وهذه آلام امتلئت بها جنبات الرض في حينه وهو مشغول بها ليلاً ونهارًا، ويشرحها ويبينها ويرسم الحلول للوقوف أمام زحفها، فمن هنا قَرَأَ وَكَتَبَ وَخَطَبَ وبَيَّن وعَلَّم وجنَّد النَّاس معه على طريقة جمعت مميزات التربية والعلم والثقافة، حتى إنه في الفرد المسلم الذي يعد اللبنة الأولى لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها يكون هذا الفرد مثقفَ الكفر بمعنى أن يكون ذا علم ومعرفة بنفسه ورسالته وبما يدور حولها، وبما يتبرص به الأعداء، واختار في شعاره مع علامات القوة التي ينبغي أن تثبت بها الأمة كلمة "وأعدوا"، والإعداد هنا هو إعداد الأمة والأفراد بالمتطلبات بمعنى أن يكون كل فرد في هذه الدعوة دائمًا في وضع الاستعداد العملي والنفسي والمادي والبدني، فهو فردٌ قوي الجسم سليم العقيد صحيح العبادة مثقف الفكر منظم في شئونه حريص على وقته قادر على الكسب نافع لغيره.

سر البنا

ويوضح الدكتور عبد الحي الفرماوي- أستاذ التفسير بجامعة الأزهر- أن الإمام البنا مجدِّد الإسلام في القرن العشرين واحدٌ من القلائل الذين يجود الزمان بمثلهم، وقد منَّ الله به في وقت كانت الأمة أحوجَ إلى من يجدِّد شباب دينها ويبعث منها الأمل ويوضح لها طريق العمل على بساط من منهج قويم ومشروع إسلامي عظيم يربط به الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها على فهمٍ كاملٍ ونظرٍ ثاقبٍ وعقلٍ راجحٍ وتبصرٍ دائبٍ.

وكان من القلائل الذين يبنون الأشخاص قبل عرض النظريات، الأفراد الذين يقيمون الدولة بأرواحهم وقلوبهم، وعقولهم بدلا من أن يتشدقوا بمعلوماتهم ونظرياتهم وألسنتهم، ولأن ذلك هو السر في بقاء جماعته التي بناها وربَّى رجالها حتى يومنا هذا إلى أن تَرَى أمة الإسلام شريعتها مطبقةً ورايةَ دينها مرفوعةً، لعل ذلك هو السبب في بقاء هذه الجماعة شامخةً صامدةً أمام معاول الهدم وتيارات العداء ومحاولات التشكيك وصنوف الإيذاء بها من كل جانب وحاقد.

خصائص الداعية

 

ويقول د. منير جمعة- من علماء الجمعية الشرعية- إن الامام البنا أكبر رمز دعوي في القرن الرابع عشر الهجري المنصرم باعتباره كان يتميز بالخصائص النموذجية للداعية وهي:

1- الصدق مع الله سبحانه وتعالى، وهذا كان يتمثل في انشغاله التام بالدعوة والتضحية من أجلها وقيام الليل والحرص على عبادة الله سبحانه وتعالى.

2- سعيه إلى تجميع كلمة المسلمين ونبذ الخلافات والتعصب المذهبي وقصصه في ذلك معروفة.

3- حرصه على الوسطية والاعتدال ونبذ الشطط والغلو من جانب والتفريط والتساهل في الثوابت من جانب آخر.

4- دعوته إلى شمول الإسلام في وقت كادت هذه الفكرة أن تنقرض.

5- دعوته إلى العمل الجماعي المنظم، حيث رأى أنه وحده الذي يثمر وينتج وأن الانفراد مهما كان الشخص مخلصًا لا يؤدي النتائج المرجوة.

6- قدرته الفذة على القيادة والتنظيم والإدارة وحسن تعبئة الطاقات وتوظيفها.

7- حرصه على المنابع الصافية للإسلام وهي القرآن والسنة وعلى التمسك بالتفسير الصحيح لهما، ولذلك ضوابط الفهم في الأصول العشرين لفهم الدين.

8- كما أنه جمع بين الحقيقة الصوفية التي تعني الانشغال بالحق عن الخلق وتصفية النفس من الأكدار الدنيوية وبين الطريقة السلفية والبعد عن البدع والمحدثات في الدين، فعلى الرغم من أنه نشأ صوفيًّا، إلا أنه لما نضج فكريًّا رفض تجاوزات الصوفية وبدعهم وعَدَّ كثيرًا من أفعالهم لا يتهاون بها ولا يترك إنكارها مهما كانت الظروف.

9- كما أن من محاسنة تبنيه لعقيدة السلف، فقد رأى أن مذهب السلف في آيات الصفات هو المذهب الأسلم والأكمل والأحكم فإنه لما سُئل عن تفسير قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)﴾ (طه)، قال- كما جاء في مجلة المنار التي رأس تحريرها بعد الشيخ رشيد رضا-: لا نقول استوى بمعنى استولى ولا نقول استوى بمعنى استقر بل نقول استوى استواءً يليق بجلاله بلا تأويل ولا تكييف، ومذهبنا في هذا هو مذهب السلف في مثل هذه الآيات.

10- روحه الوثَّابة التي لا تعرف الكلل ولا الملل والتي جعلته يتطلع إلى معالي الأمور، فكان نموذجًا للحركة والنشاط، حتى إنه كان أحيانًا يصلي كل صلاة من الصلوات الخمس في محافظة من المحافظات في مصر، ولذلك كَتَبَ عنه الشيخ التلمساني أنه هو الملهم الموهوب وكَتَبَ عنه أعداؤه قبل أصدقائِه أنه كان قائدًا ناجحًا بكل ما تعني الكلمة من معنى.

شخصية نقية

ويؤكد الدكتور عبد العظيم المطعني- الأستاذ بجامعة الأزهر- أن الإمام البنا شخصيةٌ لا غبار عليها، وكانت شخصيةً مقبولةً عند الجماهير، وكان واضحًا في دعوته إلى التمسك بالإسلام والدعوة إلى الله وبالحكمة والموعظة الحسنة، ولذلك لقيت دعوته استجابةً واسعةً من الناس، وخاصةً في مصر ثم إلى البلاد الأخرى، فهو شخصيةٌ نقيةٌ، ويعتبر من أبرز الدعاة المخلصين في القرن العشرين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

 

 

 

الإمام الشهيد في عيون العلماء والدعاة

ikh2624.jpg

- بالإجماع: البنا أكبر رمز دعوي في القرن الرابع عشر الهجري

- الخصوم قبل الاصدقاء شهدوا له بالنجاح

تحقيق: حسونة حماد

يُعد الإمام حسن البنا واحدًا من القلائل الذين يجود الزمان بمثلهم، وقد منَّ الله به على الأمة في الوقت الذي كانت تحتاج فيه إلى من يجدِّد لها دينها، ويبعث فيها الأمل، ويوضح لها طريق العمل على منهج قويم ومشروع إسلامي عظيم، يربط به الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على فهمٍ كاملٍ ونظرٍ ثاقبٍ وعقلٍ راجحٍ وتبصرٍ دائبٍ، فكان حقًّا مجدِّدَ الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين).

أسس الإمام جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م على عشرة ثوابت أو أسسًا اعتبرها أركانَ البيعة، وتتمثَّل هذه الأركان بتتابعها وترتيبها المتميز في الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوة والثقة.

وكان الإمام البنا رضي الله عنه في عصرِه من أكبر رموز الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، واستحوذ على لقب الداعية في كل حياته وتصرفاته اقتداءً بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

والآن وبعد مرور أكثر من نصف قرن على استشهاد الإمام- رضي الله عنه- نسأل كيف ينظر إليه الدعاة والعلماء؟

يقول الشيخ محمد عبد الله الخطيب- من علماء الأزهر الشرف وعضو مكتب الإرشاد-: إن الإمام البنا رضي الله عنه كان ملهمًا يُحسن التوكلَ على الله ويُحسن الأخذَ بالأسباب، وهو قدوةٌ طيبةٌ لمن رآه أو اقترب منه.

وكان رضي الله عنه يقول اعتزازًا بهذا الدين ورجاله: لو أستطيع أن أبلِّغ هذه الدعوة للطفل في بطن أمه لفعلت، وكان يقول نقاتل الناس بالحب.

ويرى الشيخ الخطيب أن هذا الكلام غير مسبوق، فمثلاً دخل عليه أحد زملائه بكلية دار العلوم بجامعة القاهر وكان من المتشددين- فقال له: إني أكرهك يا حسن، فردَّ عليه الأستاذ البنا قائلاً له: إني أحبك، فقال له الرجل والله العظيم إني أكرهك، فقال له البنا والله العظيم إني أحبك، فقال له الرجل ما تقوله يجعلني أبغضك أكثر، فردَّ عليه البنا وقال له وأنت ما تقوله يجعلني أحبك أكثر، وكان سبب هذا الحوار هو اعتراض هذا الرجل المتشدِّد على ارتداء الجوَّالة في الإخوان لما يُسمَّى (الشورت).

ويستطرد: إن البنا كان يحب جميع الناس وكان يدعو للملوك والرؤساء أن يهديَهم الله ويوفقَهم، وكان يقول: لو أعلم أن لي دعوةً مستجابةً عند الله لدعوتها لفاروق، فإن بصلاحه يستقيم خلقٌ كثيرٌ، ويؤكد الشيخ الخطيب أن هذه نظرةُ إنسان تجرَّد من كلِّ شيء في سبيل الله.

الاهتمام بالعلم

يقول الداعية الإسلامي الشيخ خيري ركوة: إن الأستاذ البنا يتميز بأنه كان يعي دورَه في الحياة، ولذلك لم يضيِّعْ شيئًا من وقته، حتى وهو طالب في المراحل الأولى من التعليم كان يتوسم في نفسه أنه سيكون صاحب دعوة، وذلك رُوي أنه في فترة المرحلتين الابتدائية والإعدادية أو ما يعادلهما في ذلك الوقت كان يجمع التلاميذَ معه وينظرون إلى البيئةِ التي تحيط بهم، ويحاولون أن يعالجوا ما ليس طيبًا فيها وبطريقةٍ سهلةٍ وليست مثيرةً أو عنيفةً، ككتابة الرسائل إلى بعض الناس يذكِّرونهم بالخيرِ ويحذِّرونهم من الانحرافِ إلى الشر، وفى سبيل ذلك لم يضيِّعْ وقتَه وأفادَ منه تمامًا، إذ كان يحرص على الدرس وطلب العلم والتزود منه، وكان يحب اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم وبها يمكن أن يتعاملَ مع القرآن والحديث، فكان يقرأ الكثير من كتب الأدب المنثور والشعر، فحفظ كثيرًا من الخطب الوصايا والنصائح للبلغاء من العرب سواء في العصر الجاهلي أو عصر النبوة وكذلك خطب الخلفاء الراشدين ومن بعدهم العصر الأموي والعباسي، حتى إنه عندما أراد الالتحاق بكلية دار لعلوم كان هناك امتحان شفوي (مقابلة) وامتحن في القرآن فكان يحفظه، ثم قيل له ماذا تحفظ من الشعر فقال احفظ 18 ألف بيت من الشعر، مما جعل لسانه فصيحًا وعباراته حلوة إذا تكلَّم أسمع غيره وإذا سمع له الناس أنصتوا له وفهموا ما يقول.

وبهذا ملك البنا ناصية البيان والبلاغة والحفظ لكثير من المأثور لكلام العرب، وذلك أعانه على أن يكونَ خطيبًا وكاتبًا فكانت كتابته موجهةً وهادفةً، إذ كانا قلمه ولسانه منشغلين بتبليغِ الدعوةِ وتوصيلها إلى الناس، وربما غَلَبَ عليه أسلوب الخطابة فكان أكثر من الكتابة، وكانت الكتابة عنده تتمحور في الكتابة الصحفية في الجرائد والمجلات، ولم يَكُنْ صاحب هدف في تأليف الكتب وإنما يؤلف بعض الرسائل التي يلقيها على شكل محاضرات يشارك في ندوات أو مؤتمرات، وأمثلة ذلك مجموعة الرسائل التي أصبح الآن يحتويها كتاب الرسائل للإمام الشهيد حسن البنا.

وكان أسلوبه من السهل الممتنع الذي نقرؤه فنراه سهلاً لكننا ليس من السهل أن نقول مثله.

ويؤكد الشيخ ركوة أن البنا كان يستحوذ على لقب الداعية في كل حياته في بيته وفي مدرسته وفي المساجد وفي المقاهي وفي المؤتمرات لا يدع مناسبة من المناسبات إلا ويدلي فيها بدلوه، وكان دلوه مليئًا لا ينضب، غزيرًا لا يجف من الآمال والآلام: الآلام التي يشهدها حوله في أمة جسم على صدرها الاحتلال بجوانبه الاقتصادية والثقافية والسياسية والفكرية والعسكرية، وهذه آلام امتلئت بها جنبات الرض في حينه وهو مشغول بها ليلاً ونهارًا، ويشرحها ويبينها ويرسم الحلول للوقوف أمام زحفها، فمن هنا قَرَأَ وَكَتَبَ وَخَطَبَ وبَيَّن وعَلَّم وجنَّد النَّاس معه على طريقة جمعت مميزات التربية والعلم والثقافة، حتى إنه في الفرد المسلم الذي يعد اللبنة الأولى لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها يكون هذا الفرد مثقفَ الكفر بمعنى أن يكون ذا علم ومعرفة بنفسه ورسالته وبما يدور حولها، وبما يتبرص به الأعداء، واختار في شعاره مع علامات القوة التي ينبغي أن تثبت بها الأمة كلمة "وأعدوا"، والإعداد هنا هو إعداد الأمة والأفراد بالمتطلبات بمعنى أن يكون كل فرد في هذه الدعوة دائمًا في وضع الاستعداد العملي والنفسي والمادي والبدني، فهو فردٌ قوي الجسم سليم العقيد صحيح العبادة مثقف الفكر منظم في شئونه حريص على وقته قادر على الكسب نافع لغيره.

سر البنا

ويوضح الدكتور عبد الحي الفرماوي- أستاذ التفسير بجامعة الأزهر- أن الإمام البنا مجدِّد الإسلام في القرن العشرين واحدٌ من القلائل الذين يجود الزمان بمثلهم، وقد منَّ الله به في وقت كانت الأمة أحوجَ إلى من يجدِّد شباب دينها ويبعث منها الأمل ويوضح لها طريق العمل على بساط من منهج قويم ومشروع إسلامي عظيم يربط به الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها على فهمٍ كاملٍ ونظرٍ ثاقبٍ وعقلٍ راجحٍ وتبصرٍ دائبٍ.

وكان من القلائل الذين يبنون الأشخاص قبل عرض النظريات، الأفراد الذين يقيمون الدولة بأرواحهم وقلوبهم، وعقولهم بدلا من أن يتشدقوا بمعلوماتهم ونظرياتهم وألسنتهم، ولأن ذلك هو السر في بقاء جماعته التي بناها وربَّى رجالها حتى يومنا هذا إلى أن تَرَى أمة الإسلام شريعتها مطبقةً ورايةَ دينها مرفوعةً، لعل ذلك هو السبب في بقاء هذه الجماعة شامخةً صامدةً أمام معاول الهدم وتيارات العداء ومحاولات التشكيك وصنوف الإيذاء بها من كل جانب وحاقد.

خصائص الداعية

 

ويقول د. منير جمعة- من علماء الجمعية الشرعية- إن الامام البنا أكبر رمز دعوي في القرن الرابع عشر الهجري المنصرم باعتباره كان يتميز بالخصائص النموذجية للداعية وهي:

1- الصدق مع الله سبحانه وتعالى، وهذا كان يتمثل في انشغاله التام بالدعوة والتضحية من أجلها وقيام الليل والحرص على عبادة الله سبحانه وتعالى.

2- سعيه إلى تجميع كلمة المسلمين ونبذ الخلافات والتعصب المذهبي وقصصه في ذلك معروفة.

3- حرصه على الوسطية والاعتدال ونبذ الشطط والغلو من جانب والتفريط والتساهل في الثوابت من جانب آخر.

4- دعوته إلى شمول الإسلام في وقت كادت هذه الفكرة أن تنقرض.

5- دعوته إلى العمل الجماعي المنظم، حيث رأى أنه وحده الذي يثمر وينتج وأن الانفراد مهما كان الشخص مخلصًا لا يؤدي النتائج المرجوة.

6- قدرته الفذة على القيادة والتنظيم والإدارة وحسن تعبئة الطاقات وتوظيفها.

7- حرصه على المنابع الصافية للإسلام وهي القرآن والسنة وعلى التمسك بالتفسير الصحيح لهما، ولذلك ضوابط الفهم في الأصول العشرين لفهم الدين.

8- كما أنه جمع بين الحقيقة الصوفية التي تعني الانشغال بالحق عن الخلق وتصفية النفس من الأكدار الدنيوية وبين الطريقة السلفية والبعد عن البدع والمحدثات في الدين، فعلى الرغم من أنه نشأ صوفيًّا، إلا أنه لما نضج فكريًّا رفض تجاوزات الصوفية وبدعهم وعَدَّ كثيرًا من أفعالهم لا يتهاون بها ولا يترك إنكارها مهما كانت الظروف.

9- كما أن من محاسنة تبنيه لعقيدة السلف، فقد رأى أن مذهب السلف في آيات الصفات هو المذهب الأسلم والأكمل والأحكم فإنه لما سُئل عن تفسير قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)﴾ (طه)، قال- كما جاء في مجلة المنار التي رأس تحريرها بعد الشيخ رشيد رضا-: لا نقول استوى بمعنى استولى ولا نقول استوى بمعنى استقر بل نقول استوى استواءً يليق بجلاله بلا تأويل ولا تكييف، ومذهبنا في هذا هو مذهب السلف في مثل هذه الآيات.

10- روحه الوثَّابة التي لا تعرف الكلل ولا الملل والتي جعلته يتطلع إلى معالي الأمور، فكان نموذجًا للحركة والنشاط، حتى إنه كان أحيانًا يصلي كل صلاة من الصلوات الخمس في محافظة من المحافظات في مصر، ولذلك كَتَبَ عنه الشيخ التلمساني أنه هو الملهم الموهوب وكَتَبَ عنه أعداؤه قبل أصدقائِه أنه كان قائدًا ناجحًا بكل ما تعني الكلمة من معنى.

شخصية نقية

ويؤكد الدكتور عبد العظيم المطعني- الأستاذ بجامعة الأزهر- أن الإمام البنا شخصيةٌ لا غبار عليها، وكانت شخصيةً مقبولةً عند الجماهير، وكان واضحًا في دعوته إلى التمسك بالإسلام والدعوة إلى الله وبالحكمة والموعظة الحسنة، ولذلك لقيت دعوته استجابةً واسعةً من الناس، وخاصةً في مصر ثم إلى البلاد الأخرى، فهو شخصيةٌ نقيةٌ، ويعتبر من أبرز الدعاة المخلصين في القرن العشرين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥



×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..