ما هذا الاستخفاف أيُعقل أن يأمر ربي بهذا ؟!..

[ابن تيميــــة 158]

لا أريد لهذه الطرحة أن تُلف على رأسي سأمزقها لقد خنقتني !..

ما هذا الاستخفاف أيُعقل أن يأمر ربي بهذا ؟!..

 

أيُّ حجابٍ هذا الذي يُعرض عليَّ !..

 

كيف لـ طرحةٍ تُلف على جزء من رأسي ولربما رأسي كله لتغطي شعري أن تحميني وأن ترفع قدري أكان شعري وحده هو سبب الافتتان حتى أُداريه وراء قطعةِ قماش ؟!..

 

وباقي جسدي ماذا عنه ؟!..

 

كيف أترك مفاتني الحقيقة موقع لذةٍ للأنظارمرسومةً بثياب تفصلها تفصيلاً دقيقاًوأهرع لتغطية شعري تاركةً مفاتن جسدي دون سترٍ وغطاء !!..

 

أهذا هو الحجاب ؟!..

 

إن كان هو فأنا لا أريدهُ !!..

 

نعم هي صرخات لـ فتاةٍ استحال عقلها أن يرضخ لـ تناقضٍ بشع تناقض لا أدري كيف سرى بمجتمعاتنا الإسلامية .

 

نعم اختلفنا على تغطية الوجه والاختلاف على قولين الوجوب والاستحباب وإن كنتُ أُدين لله بتغطية الوجه ولكني لن أتحدث عن هذا فـ الموضوع في ذلك واسع وأقوال العلماء لمن أراد البحث مُيسرة وسيقتصر حديثي على ما اتفق عليه العلماء ولم يختلفوا عليه أبداً ألا وهو تغطية الجسد .

 

فلقد عمّ البلاء مجتمعاتنا الإسلامية وغُرِر بكثير من فتياتِنا وأخواتنا المسلمات وصُـوِّر لهن الحجاب على أنه غطاء الرأس وهو ما يعرف بالخمار كما ورد في القرآن الكريم أو ما يعرف في هذه الآونة بـ ( الإشارب ) أي الطرحة وأُسقط ومُحِي الجلباب من معنى الحجاب وكأنه لم يُذكر في الكتاب والسنة - ومعنى الجلباب هو الرداء والملاءة أو ما يعرف بالعباءة التي تلتحف به المرأة فوق ثيابها ساتر من الرأس إلى القدم - حتى وصل البعض إلى حد الإنكار لوجوب الجلباب والتحريف في معناه وطريقة إسداله ، ولا أدري من وراء ما وصل إليه مفهوم الحجاب من تقلص حجمه وتحريف معناه وتغير الثوابت التي يقوم عليها والشروط الواجب توافرها فيه .

 

هل نحن كـ مسلمات وراء ذلك بانقيادنا لدعاة إعمال العقل وإبطال النقل وتحريف النص عن مبتغاه ومعناه والانقياد وراء حجاب عصري يُرضي أعداءنا ويجعل منا أكثر عصرية وانفتاح في نظر أولئك الأعداء ،أم استسلام علماؤنا وعدم إنكارهم المفاهيم الخاطئة عن الحجاب وعدم إيقافهم للعابثين بنصوص ديننا الحنيف حتى استشرى الوباء وعم العباد والبلاد فـ أصبح هذا الحجاب بمفهومه الجديد هو الحجاب الإسلامي لمن أرادت إرضاء الله بإتباع ما فرض من حجاب .

 

أهذا الإشارب هو المحقق لشروط الحجاب التي اجتمع واتفق عليها العلماء والواضحة من نصوص القرآن والسنة ، أيكون هو المحقق للحجاب الذي نُص في أول شروطه استيعابه لجميع البدن بدليل القرآن حيث قال الحق تبارك وتعالى في سورة الأحزاب : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} وقال تعالى في سورة النور : {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}فـ هذا الاستيعاب لجميع البدن وهذا الجمع بين الخمار والجلباب قد فرّطن به بعض النساء المسلمات وأفردن الخمار بـ الوجوب وأهملن الجلباب واكتفين بما عليهن من ثياب وهذا خطاءٌ فادح وتحريف لنص القرآن والسنة وميل وابتعاد عن أقوال السلف والعلماء .

وإذا أكملنا باقي الشروط تبين لنا عِظم ما وصل إليه مفهوم الحجاب من أخطاء وتحريف ما أنزل الله بها من سلطان فمن شروطه أيضاً أن لا يكون زينة في نفسه تحقيقاً لقول الحق تبارك وتعالى في سورة النور : {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}فـ الزينة هاهنا هي اللباس ؛ أي ما ظهر من اللباس الذي لا يمكن ستره إلا بلباس ثانٍ ، أي أن الجلباب هو اللباس الثاني الذي وظيفته ستر زينة اللباس الأولوعليه فالمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة فلا يُعقل حينئذٍ أن يكون الجلباب نفسه زينة ولكن ما نعاني منه الآن هو تفشي ظاهرة الجلباب المطرز بألوان وأشكال ملفتة للنظروإلغاء المعنى الحقيقي للجلباب وهو ستر الزينة إذ أصبح الجلباب هو الزينة بعينها والمحتاج إلى جلباب آخر يغطيه ويستره .

وكلما ذكرنا شرطاً من الشروط تبين لنا المعنى الحقيقي للحجاب فمن شروطه كذلك أن يكون سميكاً كثيفاً لا يشف فالستر لا يتحقق بالشفاف من القماش إنما يجعل المرأة كاسية بالاسم عارية في الحقيقة كما قال صلى الله عليه وسلم : (سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات , على رُؤوسهن كأسنمة البُخت , العنوهن فإنهن ملعونات) وقال- أيضاً- في شأنهن: (لايدخلن الجنة , ولا يجدن ريحها , وإن ريحها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا) ، واشترط في الحجاب أيضاً أن يكون واسعاً فضفاضاً وبه يحدث الستر فـ لا يكون ضيقاًيصف حجم المرأة ومفاتنهافـ يُلغي ذلك معنى الحجاب والغرض منه وهو الستر لـ قول أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: ( كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبْطِيَّةً كثيفة مما أهداها له دِحْيَةُ الكلبي , فكسوتُها امرأتي , فقال:" ما لك لم تلبس القُبْطِيَّةً ؟ " , قلت: ( كسوتُها امرأتي ) , فقال: " مُرها , فلتجعلت حتها غُلالة – وهي شعار يُلْبَسُ تحت الثوب – فإني أخاف أن تَصِفَ حجمَ عِظامِها) . كما أُشترط فيه أن لا يكون مُبخراً مطيباً لقوله - صلى الله عليه وسلم- (أيما امرأة تطيبت ثم مرت على الرجال ليجدوا ريحها فهي زانية)لما للطيب من أثر بالغ في نفوس الرجال إذا كان صادراً عن جسد المرأة فـ هو محرك لشهوتهم ومستثير لهافـ كان المنع هنا رحمةً من الله بالرجال وحمايةً وحرصاً على أعراض النساء . كما أُشترط فيه كذلك أن لا يكون فيه تشبه بلباس الرجال فـ لقد لعن الرسول –صلى الله عليه وسلم- المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ، وأشترط فيه أن لا يشبه لباس الكافرات وذلك من ما تقرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين –رجالاً ونساءً- التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم ، كذلك أُشترط أن لا يكون لباس شهرة لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا) - ولباس الشهرة هو كل ثوب يَقْصِد به صاحبُه الاشتهارَ بين الناس , سواء كان الثوب نفيسًا , يلبسه تفاخراً بالدنيا وزينتها , أو خسيسًا يلبسه إظهارًا للزهد والرياء , فهو يرتدي ثوباً مخالفاً مثلاً لألوان ثيابهم ليلفت نظر الناس إليه , وليختال عليهم بالكِبْرِ والعُجْبِ -.

وبعد سرد كل هذه الشروط أيُعقل أن يكون الخمار (الإشارب)هو المقصود من وراء هذه الشروط ؟!

من المؤكدأن الواضح من الشروط هو الجمع بين الخمار والجلباب وأن الجلباب فرض لا يمكن إلغاؤه أو محوه أو الاقتصار على الخمار كحجاب لما في ذلك من تحريف واضح وطعن في تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وعليه فإنه لا وجود لاختلاف بين

العلماء على وجوب الجلباب وأنه أمر من الله سبحانه وتعالى وفرض على كل مسلمة ليس لها الخيار فيما فرض الله وإنما عليها السمع والطاعة والانقياد للحق تبارك وتعالى حيث قال أعز من قائل سبحانه في سورة الأحزاب : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًاأَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}فـ امتثلي أختي الحبيبة لأمر الخالق تبارك وتعالى فـ لا خيار فيما فرض وأمرولا تصدقي قول الهاتفين لكِ بأن ما أنتِ عليه من تبرج هو الحجاب الإسلامي فما أنتِ عليه من تبرج بعيد بعد المشرق عن المغرب عن معنى الحجاب وما فرض الله ورسوله بل أسوء من ذلك إذ أنكِ بـ حجابكِ المتبرج هذا كذبتي على ديننا وشريعتنا إذ لم تأمر بهذا أبداً فـاتقِ الله وعودي إليه بتوبة نصوحة وبحجاب إسلامي مستوفي الشروط ولـ يكن قولكِ قول المؤمنين والمؤمنات الذين قال فيهم ربنا تبارك وتعالى في سورة النور { إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُالْمُفْلِحُونَ}و لا تجعلي من نفسك وتبرج حجابك فتنة للآخرين وقدوة للمراهقات من الفتيات واعملي أن من اتبعتكِ في طريقة حجابكِ فعليكِ وزرها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً. ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئاً) . وإذا أردتِ التجمل والسعي وراء الموضة فـ هذا حق لكِ كـ أنثى تسعى وراء الجمال ولكن عليكِ أن يكون ذلك بـ اقتدار وبما يتناسب مع شريعتناولا يكون التجمل للحجاب إنما لما تحت الحجاب من لباس . وعلينا جميعاً معشر النساء المسلمات الفخر والاعتزاز بحجابنا الذي أُنزل فيه قرآن يُتلى إلى يوم القيامة . كما أنه علينا أن نسعى لـ تصحيح معنى الحجاب ونشر شروطه وأدلته ولا نقف موقف المُتفرج لما آلَ إليه الحجاب من تقلص حجمهِ وتحريف معناه ولنتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -(مثل القائم على حدود الله والواقع فيهاكمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا،فإن تركوهم هلكوا وهلكوا جميعاً،وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)

====\

اللهم اجعل ما قلناه زادا الي حسن المصير اليك وعتادا الي يمن القدوم عليك انك بكل جميل كفيل وانت حسبنا ونعم الوكيل = والحمد لله رب العالمين

منقول من فرسان السنة

 

 

 

 

[لامار 94]

بارك الله فيك و جزيت خيرا