اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
نـــــــــــور

من معـــــــــــــاني العيد

Recommended Posts

f15up.gif

mnm3any_4.gif

 

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً،

والصلاة والسلام على النعمة المُسداة، والرحمة المهداة نبينا محمد بن عبدالله،

وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

أما بعد:

 

230187lgegqqomjs.gif

 

فإن العيد مظهرٌ من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمة،

ومعانٍ جليلة، وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها.

 

فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه فحسب،

ولكنها تعتلج في سرائره رضاً واطمئناناً، وتنبلج في علانيته فرحاً وابتهاجاً،

وتُسفر بين نفوس المؤمنين بالبشر والأنس والطلاقة، وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

والعيد في معناه الإنساني يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالةٍ

من وحي السماء، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

يتجلى العيد على الغني المُترف فينسى تعلقه بالمال، وينزل من عليائِه متواضعاً للحق وللخلق،

ويذكرُ أن كل من حوله إخوانه وأعوانه، فيمحو إساءة عام بإحسان يوم.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

ويتجلى العيد على الفقير المُترب فيطرح همومه، ويسمو من أفق كانت تصوره له أحلامهُ،

وينسى مكاره العام ومتاعبه، وتمحو بشاشةُ العيد آثار الحقد والتبرم من نفسه،

وتنهرم لديه دواعي اليأس على حين تنتصر بواعث الرجاء.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح،

وبين انطلاق تنفتح له اللهواتُ، وتتنبّه له الشهوات.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

والعيد في معناه الزمني قطعةٌ من الزمن خُصصَت لنسيان الهموم، واطراح الكُلف،

واستجمام القوى الجاهدة في الحياة.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

والعيد في معناه الإجتماعي يومُ الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح، ويوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة،

ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور،

ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها،

فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

وفي هذا كله تجديدٌ للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب، والوفاء، والإخاء.

 

وفيه أروعُ ما يُضفي على القلوب من الأنس، وعلى النفوس من البهجة، وعلى الأجسام من الراحة.

 

وفيه من المغزى الاجتماعي - أيضاً - تذكير لأنباء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين؛

حتى تشملَ الفرحةُ بالعيد كل بيتٍ، وتعمَّ النعمةُ كلَّ أسرة.

 

وإلى هذا المعنى الاجتماعي يرمُزُ تشريعُ صدقة الفطر في عيد الفطر،

أو في أيامه إطلاقاً للأيدي الخيِّرة في مجال الخير؛ فلا تشرق شمسُ العيد إلا والبسمة تعلو كل شفاهٍ،

والبهجةُ تغمرُ كل قلبٍ.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

في العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة،

وفيه يذوق المُعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

في العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

في العيد أحكام تقمع الهوى، من ورائها حكمٌ تُغَذي العقل، ومن تحتها أسرارٌ تُصَفي النفس،

ومن بين يديها ذكرياتٌ تثمر التأسي في الحق والخير، وفي طيَّها عِبرٌ تُجلي الحقائق،

وموازينُ تقيم العدل بين الأصناف المتفاوتة بين البشر، ومقاصدُ سديدةٌ في حفظ الوحدة،

وإصلاح الشأن، ودروسٌ تطبيقيةٌ عالية في التضحية، والإيثار، والمحبة.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

في العيد تظهر فضيلةُ الإخلاص مُستعلنة للجميع،

ويُهدي الناسُ بعضُهم إلى بعض هدايا القلوب المُخلصةِ المُحِبة، وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

في العيد تتسع روح الجوار وتمتد، حتى يرجع البلدُ العظيم وكأنه لأهله دارٌ واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي.

 

في العيد تنطلق السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

العيد في الإسلام سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار.

 

والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات، ومجال منافسة في المكرمات.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

ومما يدل على عظم شأن العيد أن الإسلام قرن كلَّ واحدٍ من عيديه العظيمين بشعيرة من شعائره العامة

 

التي لها جلالُها الخطير في الروحانيات، ولها خَطَرُها الجليل في الاجتماعات،

ولها ريحُها الهابَّةُ بالخير والإحسان والبر والرحمة،

ولها أثرها العميق في التربية الفردية والجماعية التي لا تكون الأمةُ صالحة للوجود، نافعة في الوجود إلا بها.

 

هاتان الشعيرتان هما شهر رمضان الذي جاء عيدُ الفطر مِسك ختامِه

، وكلمة الشكر على تمامه، والحجُ الذي كان عيدُ الأضحى بعض أيامه، والظرف الموعي لمعظم أحكامه.

 

فهذا الربط الإلهي بين العيدين. وبين هاتين الشعيرتين كاف في الحكم عليهما،

وكاشفٌ عن وجه الحقيقة فيهما،

وأنهما عيدان دينيان بكل ما شُرع فيهما من سنن، بل حتى ما ندب إليه الدينُ فيهما

 

230187lgegqqomjs.gif

 

من أمور ظاهرُها أنها دنيوية

كالتجمل، والتحلي، والتطيب، والتوسعة على العيال، وإلطاف الضيوف، والمرح، واختيار المناعم والأطايب،

واللهو مما لا يخرج إلى حدِّ السرف، والتغالي، والتفاخر المذموم؛

فهذه الأمور المباحة داخلة في الطاعات إذا حسنت النية

 

 

فمن محاسن الإسلام أن المباحات إذا حسنت فيها النيةُ،

وأُريد بها تحقُقُ حكمةِ الله، أو شُكرُ نعمته انقلبت قرباتٍ

كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : «حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك» .

 

230187lgegqqomjs.gif

 

كلا طرفي العيد في معناه الإسلامي جمال، وجلال، وتمام وكمال، وربط واتصال، وبشاشة تخالط القلوب،

واطمئنان يلازم الجنوب، وبسط وانشراح، وهجر للهموم واطراح، وكأنه شبابٌ وخَطَتُه النُضرة،

أو غُصنٌ عاوده الربيع، فوخَزًتهُ الخُضرةُ.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

وليس السرُّ في العيد يومَهُ الذي يبتدى بطلوع الشمس وينتهي بغروبها،

وإنما السرُّ فيما يعمر ذلك اليوم من أعمال، وما يغمره من إحسان وأفضال،

وما يغشى النفوس المستعدة للخير فيه من سمو وكمال؛

فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في العيد لا اليومُ نفسهُ.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

هذه بعض معاني العيد كما نفهمها من الإسلام، وكما يحقُقُها المسلمون الصادقون؛

فأين نحن اليوم من هذه الأعياد؟

وأين هذه الأعياد منا؟ وما نصيبنا من هذه المعاني؟

وأين آثار العبادة من آثار العادة في أعيادنا؟

 

230187lgegqqomjs.gif

 

إن مما يؤسف عليه أن بعض المسلمين جَرَّدوا هذه الأعياد من حِلْيتها الدينية،

وعَطَّلوها عن معانيها الروحية الفوارة التي كانت تفيض على النفوس بالبهجة،

مع تَجَهُّم الأحداث، وبالبشر مع شدة الأحوال؛ فأصبح بعض المسلمين - وإن شئت

فقل: كثير منهم - يلقون أعيادهم بهمم فاترة، وحس بليد، وشعور بارد، وأسَرِّةٍ عابسة،

حتى لكأنَّ العيد عملية تجارية تتبع الخصب والجد، وتتأثر بالعسر واليسر، والنفاق والكساد،

لا صبغة روحية تؤثر ولا تتأثر.

 

ولئن كان من حق العيد أن نبهج به ونفرح وكان من حقنا أن نتبادل به التهاني، ونطرح الهموم،

ونتهادى البشائر - فإن حقوق إخواننا المشردين المعذبين شرقاً وغرباً تتقاضى أن نحزن لمحنتهم ونغتم،

وتُعنى بقضاياهم ونهتم؛ فالمجتمع السعيد الواعي هو ذلك الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة،

ويمتد شعوره الإنساني إلى أبعد مدى، وذلك حين يبدو في العيد متماسكاً متعاوناً متراحماً،

حتى ليخفق فيه كل قلب بالحب، والبر، والرحمة، ويذكر فيه أبناؤه مصائب إخوانهم في الأقطار

حين تنزل بهم الكوارث والنكبات.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

ولا يراد من ذلك تذراف الدموع، ولبس ثياب الحداد كما يعتكف المرزوه فقد حبيب أو قريب،

ولا أن يمتنع عن الطعام كما يفعل الصائم.

 

وإنما يراد من ذلك أن تظهر أعيادنا بمظهر الأمة الواعية، التي تلزم الاعتدال في سرَّائها وضرَّائها؛

فلا يحول احتفاؤنا بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريقٌ من أبنائها.

 

ويراد من ذلك أن نقتصد في مرحنا وإنفاقنا؛ لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه أمتنا في صراعها المرير الدامي.

 

ويراد من ذلك أن نقتصد في مرحنا وإنفاقاتنا؛ لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه من أمتنا في صراعها المرير الدامي.

 

ويراد من ذلك - أيضاً - أن نشعر بالإخاء قوياً في أيام العيد؛ فيبدو علينا في أحاديثنا عن نكبات إخواننا

وجهادكم ما يقوي العزائم، ويشحذ الهمم، ويبسط الأيدي بالبذل، ويطلق الألسنة بالدعاء؛

فهذا هو الحزن المجدي الذي يُترجم إلى عمل واقعي.

 

230187lgegqqomjs.gif

 

أيها المسلم المستبشر بالعيد: لا شك أن تستعد أو قد استعددت للعيد أياً كنت أو أماً أوشاباً، أو فتاة،

ولا ريب أنك قد أخذت أهبتك لكل ما يستلزمه العيد من لباس، وطعام ونحوه؛ فأضف إلى ذلك استعداداً

تنال به شُكوراً، وتزداد به صحيفتك نوراً، استعداداً هو أكرم عند الله، وأجدر في نظر الأُخوَّة والمروءة.

 

ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة من حولك من البؤساء، والمعدمين، من جيران، أو أقربين أو نحوهم؛

فتِّش عن هؤلاء، وسَل عن حاجاتهم، وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم.

 

وإن لم يُسعِدك المال فلا أقل من أن يسعدك المقالُ بالكلمة الطيبة، والابتسامة الحانية، والخفقة الطاهرة.

 

230187lgegqqomjs.gif

وتذكّر صببيحة العيد، وأنت تقبل على والديك، وتأنس بزوجك، وإخوانك وأولادك،

وأحبابك، وأقربائك، فيجتمع الشمل على الطعام اللذيذ، والشراب الطيب،

تذكَّر يتامى لا يجدون في تلك الصبيحة حنان الأب، وأيامى قد فقدن ابتسامة الزوج،

وآباءً وأمهاتٍ حُرموا أولادهم، وجموعاً كاثرة من إخوانك شردهم الطغيان،

ومزقهم كل ممزق؛ فإذا هم بالعيد يشرقون بالدمع، ويكتوون بالنار، ويفقدون طعم الراحة والاستقرار.

 

وتذكّر في العيد وأنت تأوى إلى ظلك الظليل، ومنزلك الواسع،

وفراشك الوثير تذكَّر إخواناً لك يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضورون في العراء.

 

واستحضر أنك حين تأسو جراحهم، وتسعى لسدِّ حاجتهم أنك إنما تسد حاجتك، وتأسو جراحك

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة:71 ]،

{وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ} [البقرة:272]،

و {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} [فصلت:46]،

 

و «من نفّس عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،

والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»

 

و «من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم»،

 

«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد،

إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» .

 

بارك الله للمسلمين عيدهم، ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

f15down.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥



×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..