حمدى السيد 3 قام بنشر September 10, 2014 بسم الله الرحمن الرحيم إن أجلّ رسالة يؤديها المرء في الحياة ، وأعظم عمل يقوم به ليرضي الله ، ويكتسب المنزلة الكريمة عند خلق الله ؛ هو دعوة الخلق إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والقدوة الطيبة ، والخلق الكريم ، وذلك لقول الله عزَّ شأنه : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فصلت30 وتلكم هي أعظم رسالة يقوم بها الصالحون ، نيابة عن الأنبياء والمرسلين ؛ سر قوله صلى الله عليه وسلم : {العلماءُ ورثةُ الأنبياء}{1} وبيّن صلى الله عليه وسلم حقيقة هذا الإرث فقال : {نحنُ معاشرُ الأنبياء لا نوَرِّثُ درهماً ولا ديناراً ، وإنما نوَرِّثُ علماً ونورا}{2} والقائمون بهذا الأمر ، والحاملون لواء هذا العمل الجليل في كل زمان ومكان ، يقول فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : {قال الله إن أوليائي من عبادي ، وأحبائي من خلقي ؛ الذين يُذْكَرُون بذكري ، وأُذْكَرُ بذكرهم}{3} وقد نعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم أولياء الله وذلك حين سئل صلى الله عليه وسلم : من أولياء الله ؟ فقال : {الذين إذا رءوا ؛ ذُكِرَ الله}{4} وأخبر صلى الله عليه وسلم أنهم خيار هذه الأمة ؛ وذلك حين قال : {ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : خياركم الذين إذا رُءوا ؛ ذُكِرَ الله}{5} وذكر صلى الله عليه وسلم حال هؤلاء القوم ، وموقفهم من الفتن التي تتعرض لها الأمة ، وأنهم المحفوظون من الفتن الموقون ؛ فقال: {إن لله عز وجل ضنائنَ من عباده يغذوهم في رحمته ، ويحييهم في عافيته ، وإذا توفَّاهم توفَّاهم إلى جنته ، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم ، وهم منها في عافية}{6} وقد وصف ذو النون المصري رضي الله عنه هؤلاء القوم ، ومنزلتهم عند الله ، ومهامهم التي يقومون بها لخلق الله ؛ طلباً لمرضاة الله ؛ وذلك إجابة لسؤال أحد مريديه حيث يقول : قلت لذى النون المصري رحمه الله : صف لي الأبدال؟ فقال : {إنك لتسألني عن دياجي الظلم ؛ لأكشفنها لك يا عبدالباري : هم قوم ذكروا الله عز وجل بقلوبهم ؛ تعظيماً لربهم لمعرفتهم بجلاله ؛ فهم حجج الله على خلقه ألبسهم النور الساطع من محبته ، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته ، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته ، وأفرغ لهم الصبر عن مخالفته ، وطهَّر أبدانهم بمراقبته ، وطيَّبهم بطيب أهل مجاملته، وكساهم حللا من نسج مودته ، ووضع على رؤسهم تيجان مسرته ، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب ؛ فهي معـــلقة بمواصلته ، فهمومهم إليه ثائرة ، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة ، قد أقامهم على باب النظر من قربه ، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته ثم قال : إن أتاكم عليلٌ من فقري فداووه ، أو مريضٌ من فراقي فعالجوه ، أو خائفٌ مني فأمِّنوه ، أو آمنٌ مني فحذِّروه ، أو راغبٌ في مواصلتي فهنِّئوه ، أو راحلٌ نحوي فزوِّدوه ، أو جبانٌ في متاجرتي فشجِّعوه ، أو آيسٌ من فضلي فعدوه ، أو راجٍ لإحساني فبشِّروه ، أو حسنُ الظن بي فباسطوه، أو محبٌ لي فواظبوه ، أو معظمٌ لقدري فعظِّموه ، أو مستوصفكم نحوي فارشدوه ، أو مسيءٌ بعد إحسان فعاتبوه ومن واصلكم فيَّ فواصلوه ، ومن غاب عنكم فافتقدوه ، ومن ألزمكم جناية فاحتملوه ، ومن قصرَّ في واجب حقي فاتركوه ، ومن أخطأ خطيئة فناصحوه ، ومن مرض من أوليائي فعودوه ، ومن حزن فبشِّروه ، وإن استجار بكم ملهوف فأجيروه يا أوليائى : لكم عاتبت ، وفيّ إياكم رغَّبت ، ومنكم الوفاء طلبت ، ولكم اصطفيت وانتخبت ، ولكم استخدمت واختصصت ؛ لأني لا أحب استخدام الجبارين ، ولا مواصلة المتكبرين ، ولا مصافاة المخلِّطين ، ولا مجاوبة المخادعين ، ولا قرب المعجبين ، ولا مجالسة البطَّالين ، ولا موالاة الشرهين يا أوليائى : جزائي لكم أفضل الجزاء ، وعطائي لكم أجزل العطاء ، وبذلى لكم أفضل البذل ، وفضلي عليكم أكثر الفضل ، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة ، ومطالبتي لكم أشد المطالبة أنا مجتبي القلوب ، وانا علام الغيوب ، وأنا مراقب الحركات ، وأنا ملاحظ اللحظات ، أنا المشرف على الخواطر ، أنا العالم بمجال الفكر ؛ فكونوا دعاةً إلي ، لا يفزعكم ذو سلطان سوائي ، فمن عاداكم عاديته ، ومن والاكم واليته ، ومن آذاكم أهلكته ، ومن أحسن إليكم جازيته ، ومن هجركم قليته} وإلى جانب الدعوة إلى الله ، فللصالحين رسالة اجتماعية عظيمة ، يقوم أساسها على نشر المحبة والمودة بين الناس ، واقتلاع جذور الأحقاد والشحناء والإحن من النفوس ، والسعي للإصلاح بين المتخاصمين ، ونشر التكافل الإجتماعي ، وإحياء القيم الإسلامية بالقدوة الطيبة والأخلاق الكريمة ، ومقاومة التيارات المادية والإلحادية كالوجودية والعلمانية وأعظم ما في رسالة الصالحين أنها تربِّي الفرد تربية أخلاقية مثالية ، وعن طريق تربية الأفراد الفاضلة نصل إلى مجتمع متكامل متكافل فليتنا معشر المسلمين والمؤمنين في هذا الزمان نطرح الخلافات السطحية والشخصية جانباً ، ونتخلى عن العصبيات المذهبية والطائفية ونتكاتف ونتعاون ونضع أيدينا في أيدي بعض لنعلي شأن دين الله ، ونعمل على تطبيق شرع الله ، وتنفيذ سنة حبيبه ومصطفاه ، لا طمعاً في زخارف فانية ، أو مناصب دانية ، وإنما طمعاً في رضاء الله جلَّ في علاه (1) صحيح ابن حبان و سنن أبن ماجه عن أبي الدرداء (2) سنن أبي داود عن أبي الدرداء ، حلة الأولياء (3) رواه أبو نعيم عن عمرو بن الجموح {4} الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البزار - المصدر: الأحكام الشرعية الكبرى - الصفحة أو الرقم: 3/293 ، (5) أسماء بنت يزيد فى سنن إبن ماجه {6} الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البوصيري - المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم:8/74 منقول من كتاب {رسالة الصالحين} للشيخ فوزي محمد أبوزيد 1 شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر
حمدى السيد 3 قام بنشر September 12, 2014 (تعديل) [frame=8 10] أكرم الله عز وجل هذه الأمة ، بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعله مثالاً يُحتذى به ، وقدوة يقتدى به في كل أحواله وأعماله ، وقال لنــا عزَّ شأنه ؛ في شأن حبيبه بالنسبة لنا أجمعين : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21 والعلماء العاملون ، والأولياء ، والصالحون ، ما التفَّ حولهم الخلق ، وما نالوا منزلة ووجاهة وقربة عند الله ، ولا أكرمهم الله عز وجل بالفتح في قلوبهم ، وبالنصر والتمكين في دعواتهم ، إلا على قدر إتِّباعهم ، وإقتدائهم بالحَبيب المختار صلى الله عليه وسلم فكلما كان الرجل الصالح أقرب الناس تأسِّياً بحبيب الله ومُصطفاه ، وأكثر تشبُّهاً بحقيقته صلى الله عليه وسلم في ظاهره وباطنه ؛ كان أقرب منزلة إلى مولاه ، وكانت معه عناية الله ، ورعاية الله في كل أنفاسه وخطواته في هذه الحياة وما سيَرُ الصالحين أجمعين ؛ إلا تحقيقاً لهذه الآية ، في الأسوة الطيبة ، والقـدوة الصالحة لسـيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ، فرسول الله نذر نفسه لله ، وجعل وقته كله ، وحاله كله لمولاه ؛ طالباً لرضاه ، ورغبة فيما عند الله لا يرجو من الخلق جاهاً ، ولا مالاً ، ولا منصباً ، ولا غنائماً ، ولا مكاسباً ، ولا حتى دعاءًا وإنما كل الذي يرجوه منهم أن يتبعوا هديه ، ويمشوا على شريعته ؛ لينالوا رضاء الله عز وجل ولذلك كان دأب الأنبياء أجمعين ، كسيد الأولين والآخرين ، حياتهم كلها ليست لأنفسهم ؛ وإنما لغيرهم يدلون الخلق على الله ، ويأخذون بأيدي الضَّالين إلى طريق الهداية الذي أوقف الله الصالحين على بابه ويسوقون الخلق مرة بالعلم ، وآونة بالحال ، وأحياناً بالدعاء ؛ ليجعلونهم يمشون إلى الله عز وجل مسارعين ؛ لينالوا رضا الله عز وجل في كل وقت وحين فمنهم من يدلونه بالكلمات ومنهم من يدخلونه على الله عز وجل بالدعوات ، فالذي لم تفلح معه الكلمات ؛ قال في شأنه سيد السادات " اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين " ؛ فاستجـاب الله دعـاءه ، وحـقق الله له رجـاءه ، ودخل عمر الإسلام بدعائه صلى الله عليه وسلم وقتـه كلـه لله ، ماذا يطلب مقابل ذلك؟ {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} الأنعام90 حتى أن الصلاة والتسليمات على حضرته لم يطلبها ؛ ولكنَّ الله عز وجل - حدباً علينا ، وحرصاً علينا ، وشفقة بنا ، وليس لمصلحة أو منفعة يحتاجها حبيبه ومُصطفاه - أمرنا بها الله في كتاب الله جلَّ في علاه ، فلا تظنوا أنها شكراً لله على نعمة حبيبه ومُصطفاه فقط ،ولكن اعلموا - علم اليقين - أن فيها منافع جمة لنا أجمعين ، في الدنيا ويوم الدين ولذلك وجَّـهنا إليها رب العالمين عز وجل لأنه جعل حياته لله ، وأنبأه الله عز وجل أن يعلن هذه الحقيقة - لمن يريد أن يتأسى بحضرته ، وأن يمشي على نهجه ودعوته - فقال له : قل لهم : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الأنعام162 كُـلُّهُ لله عز وجل ، فلما كان كله لله ؛ سخَّر الله عز وجل كل شيء له في هذه الحياة فكان كل شيء في الملك والملكوت ؛ طوع أمره ورهن إشارته ، - وإن كان هو لا يريد ذلك ، ولا يطلب ذلك ، ولا يفرح إذا ظهر ذلك - ولكن الله أيده بذلك ؛ لأنه يريد أن ينشر دين الله ، ويبلِّغ شرع الله لخلق الله ، صلوات الله وتسليماته عليه إذا أشار إلى القمر ؛ إنشق بإشارته ، وإذا أشار إلى الشمس ؛ وقفت استجابةً لدعوته ، وإذا أمر الأرض ؛ إئتمرت بأمره فوراً ، وهكذا كل شيء في عالم الملك والملكوت ؛ طائع لمن كانت حياته كلها للحي الذي لا يموت {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ} النساء64 علَّم المعلِّم الأعظم والنبي الأكرم ، أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين هذه الحقائق بقاله وبفعله وبحاله ؛ فساروا على هذا المنهاج وجعلوا حياتهم كلها لله ووهبوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم وكل ما يملكون لدعوة الله ؛ ليكون لهم شرف التأسي بحبيب الله ومُصطفاه ؛ فأكرمهم الله وراثة لحبيب الله ومُصطفاه أكرمهم الله عز وجل بفتح في أنفسهم ، فوهبهم من المواهب الإلهية - ما لا يستطيع أحد أن يحيط به في هذه الأوقات القصيرة - علَّمهم علماً بغير تعلم ، وأماط عن قلوبهم كل حجاب ، وكشف عنهم كل نقاب ؛ حتى صاروا كما قال فيهم الكريم الوهاب : {وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122 فكانوا يمشون بنور الله معهم فراسة الله ، تأييداً من الله ؛ لأنهم يدعون إلى الله ، ولا يريدون من الخلق إلا أن يدلوهم على طريق الله ، ويسوقوهم سوقاً إلى حضرة الله ، لا يريدون أن يكون خلـفهم أتباع ، ولكن يريدون أن يكونوا أئمتهم إلى حضرة الله ، ويسوقوهم إلى فضل الله ، وكرم الله ، وعطاء الله لا يريدون منهم مالاً ولا غنائماً ولا جاهاً ولا شيئاً من متع الدنيا ؛ لأنهم تحققوا أن الدنيا كلها بما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة - ولو كانت تساوي جناح بعوضة ؛ مـا سقى الكافر منها جرعة ماء - فقالوا كما أنبأ الله عن حالهم : {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} الإنسان9 لا يطلبون من الخلق جزاءًا لأنهم يعلمون أن الخلق أجمعين - من أول الدنيا إلى يوم الدين - لو اجتمعوا في صعيد واحد ، على أن يعطوا داعياً إلى الله ثمن كلمة علم واحدة يهديهم بها إلى الله ما استطاعوا وما بلغوا ؛ لأن هذا لا يقدر قدره إلا الله عز وجل هو وحده الذي يستطيع المكافأة والجزاء على هذه الأعمال علموا أن العمل الذي يرضاه الله ، هو الذي أشار إليه مع نبي الله موسى عندما قال له : يا موسى هل عملت لي عملاً قط ؟ قال : نعـم يــا رب ، صليت لك ، وصمت لك ، وتصدقت من أجلك ، قـال : يا موســى ، أما الصلاة فهي لك صلة ، وأما الصيام فهو لك نــور ، وأما الصدقة فهي لك برهـــان ، ولكن هل عملت لي عملاً قط؟ فالأعمال الصالحة كلها ، من الأذكار وتلاوة القرآن وكل أنواع العبادات ، يقول فيها الله عز وجل في خير الكلم : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} الجاثية15إنه لك فما العمل الذي هو لله؟ قال : يا رب ما العمل الذي هو لك؟ قال عزَّ شأنه : هل واليت لي ولياً ؟ أو عاديت لي عدواً ؟ فعلم أن العمل الذي هو لله أن تأخذ الضالين من عباد الله ، وتردهم إلى طريق الهـداية ، لينالوا رضا الله جلَّ في علاه ، وأن تذهب إلى العصاة ، وترغِّبهم في رحمة الله وفي سعة مغفرة الله ولا تزال بهم حتى تأخذ بأيديهم إلى طريق الله ، فيقبلوا على الله ؛ فيفرح الله عز وجل بهم، ويفرح الله بك قبلهم ؛ لأنك سبب هذه الهداية ، وأنت الباعث لهم على هذه العناية ، قال عزَّ شأنه: " يا داود من ردَّ إلىّ هارباً ؛ كتبته عندي جُهْـبُذَاً" والجهبذ يعني العالِم الكبير ؛ فجعلوا هذه هي التجارة التي لن تبور "]منقول من كتاب {رسالة الصالحين} تم تعديل September 12, 2014 بواسطه حمدى السيد شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر
حمدى السيد 3 قام بنشر September 13, 2014 [frame=7 10] انشغل العباد بالعبادات ؛ طلباً للمنازل العالية في جنة الله ورضوان الله ، وانشغل العلماء العاملون والعارفون والصالحون بجهاد غيرهم ليسوقوهم إلى رب العالمين عز وجل ، وتلكمُ هي دعوة النبيين وتلكمُ هي رسـالة المرسلـين أجمعين في كل وقت وحين وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولذلك أكرمهم الكريم بما يحتاجون له من معدات لتطهير النفوس ومن آلات لتنقية القلوب ومن علوم ليجذبوا المبعدين والمبغضين والعصاة والمذنبين إلى رب العالمين ، عـــلوماً ترقق القلوب وتأخذها إلى الله عز وجل أعطاهم الله عز وجل أحوالاً تجعل الرجل منهم إذا نظر إلى عاصٍ - وهو من رأسه إلى أخمص قدميه في المعاصي - وقال : يا رب تب عليه من أجلي يستجيب الله دعاءه ، ويتوب عليه في الحال جعلوا دعاءهم ليس لأنفسهم لتكثير خيرهم من الدنيا ؛ لأنهم علموا أن أمر الدنيا قد انتهى منه الله قبل خلق آدم بألفي عام كما ورد فى الأثر {إن الله خلق الخلقَ ، وخلق الأرضَ ، وقدَّرَفيها أقواتها ، قبل خلق آدم بألفي عام} ولم يجعلوا دعائهم لأولادهم ، وبناتهم ، وزوجاتهم ؛ وإنما خصوا بدعائهم العصاة والمذنبين والغافلين والبعيدين عن طريق رب العالمين ؛ لأنهم علموا أن هؤلاء يحبُّ الله عز وجل أن يرجعوا إليه سمعوه عزَّ شأنه وهو يقول كما ورد فى الأثر إذا تاب العبد: " بشرى يا ملائكتي ، فقد اصطلح عبدي معي ، افتحوا أبواب السموات لقبول توبته ، ولدخول أنفاس حضرته ، فلنـفس العبد التائب عنـــدي يا ملائكــــتي أعزُّ من الســــــموات والأراضين ، ومن فيهن " فاشتغلوا بهذه التجارة ونعم التجارة يقول فيها النبي المختار صلى الله عليه وسلم: {لأن يهديَ بك اللهُ رجلاً واحداً ؛ خيرٌ لك من حُمر النَعَم}{1} ويقول صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى : {لأن يهدي بك الله رجلاً واحداً ؛ خيرٌ مما طلعت عليه الشمس أو غربت} ويكفيك قوله صلوات ربي وتسليماته عليه : {الدَّالُ على الخيرِ كفاعله}{2} كلما قرَّبت إلى حضرة الله عبداً صار لك مثل أجره ، ورُفِع لك عند الله عز وجل مثل حسناته ؛ لأنك سبب في توبته إلى الله ورجوعه إلى الله {من سنَّ سُنَّةً حسنة ؛ فله أجرها ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة}{3} فساروا على هذا الدرب ؛ ففتح الله لهم في قلوبهم علوماً غيبية وإلهامات نورانية يقول فيها عز وجل في محكم الآيات القرآنية {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} الكهف65 من الذي يُعَّلِم هنا؟ الله عز وجل ، من الذي علَّم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أجمعين؟ الله عز وجل ، ونبيه صلى الله عليه وسلم ، ولما خرجوا لله وصدقوا ما عاهدوا عليه الله ونذروا أنفسهـــــــم لله جعلهم الله عز وجل في الدنيا سادة وقادة وأئمة ومكَّن لهم في الأرض ، وأجرى على أيديهم الآيات - مع أنهم ليسوا طالبيها أو راغبين فيها - وإنما أجراها الله على أيديهم ؛ لأنه علم حرصهم على تبليغ دعوة الله عز وجل ما الآيات؟ وما الكرامات؟ إنها تأييد من الله عز وجل لعباده الصالحين ؛ لأنهم يريدون أمراً يرضي رب العالمين فلذلك يؤيدهم الله بمدد من عنده وجند من جنده ، ومثل هذا الباب لو فتحناه - بالنسبة للأصحاب - يتوه فيه اللبيب الفصيح يذهب الرجل ليؤدي رسالة عن الحَبيب صلى الله عليه وسلم - وهو سيدنا سفينة - فيجد القوم يرجعون مسرعين ، فيسألهم ، فيقولون : أن هناك أسداً جائعاً على الطريق ، فيقول لهم : تعالوا معي ولا تخشوا شراً ، ويذهب إلى الأسد ، ويقول له بلغته العربية - ومن المترجم الذي ترجمها إلى اللغة الأسدية ، واعقل وافهم؟ أيها الأسد معي رســالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بتبليغها ،فبصبص الأسد ، وهزَّ ذيله ، ثم تنحَّى عن الطريق ، لأنه خاطبه بنيته ، ولأنه كان يريد أن يبلِّغ ما كلَّفه به حَبيب الله ومُصطفاه هذه آيةٌ أجراها الله لرجل من أهل العناية ؛ لأن غايته تبليغ دعوة الله ، لا يريد بها شهرة ولا ظهوراً ولا أن يسوق الناس عنه أحاديث ويروون عنه كرامات ، وإنما كل همِّه أن يبلِّغ دعوة سيد السادات ، فجعل الله عز وجل كل ما في الأرض رهن إشارتهم وطوع أمرهم وراثة للحَبيب المختار صلى الله عليه وسلم {1} مسند أحمد بن حنبل عن سهل بن سعد{2} سنن الترمذي – الجامع الصحيح عن انس بن مالك{3} صحيح مسلم عن منذر بن جرير عن أبيه منقول من كتاب {رسالة الصالحين} [/frame]" rel="nofollow" target="_blank">http://www.fawzyabuzeid.com/data/Book_resalat_elsaleheen.jpg[/img][/center][/frame] شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر
حمدى السيد 3 قام بنشر September 15, 2014 [frame=5 10] العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه يقول عنه أبو هريرة رضي الله عنه : " أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل البحرين ، وكنا معه ، فرأينا منه ثلاثة أشياء لا تحدث إلا لنبي : أولها : انقطع عنَّا الماء ، وكدنا نهلك من الظمأ ، فذهبنــا له ، وأخبرناه ، فقال لنا : ولمَ لمْ تخبروني من قبل؟ هل معكم ماء يكفي لوضوء رجل؟ فقال رجل : نعم ، معي قدر من الماء يكفي لوضوء رجل واحد ، قال : فأتني به ، فتوضأ ، ثم صلى ركعتين لله ، وسأل الله ، فأجابه مولاه وهذا سلاح سلَّحهم به الله لأنهم لا يسألون الله إلا لله ، ولدعوة الله ، ولا يسألون الله لأشياء فانية ولا لحاجات زائلة وإنما يرغبون في تبليغ دعوة الله إلى عباد الله ، وتكليف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقوموا بإتمامه ، كما كلَّفهم به حَبيب الله ومُصطفاه قال أبو هريرة : وإذا بالوادي يسيل بالماء ولم نر سـحاباً ، قال وملأت دلواً كان معي وتركته عند الماء ، وبعد أن شربنا وملأنا أوعيتنا وسرنا وقطعنا مرحلتين من الطريق ، رجــعت إلى دلوي لأنظر إلى الوادي هل ظلَّ الماء به على حالته ؟ قال: فرجعت ، فوجدت الدلو مملوءاً بالماء ، ولم أجد في الوادي أثراً لأي ماء ؛ فعلمت أنه مددٌ من السماء ، أمده به الله عز وجل و ثانيها : قال : فلما وصلنا إلى شاطئ البحر ، وكان بيننا وبين القوم عرض البحر ، وليس معنا مراكب نستطيع أن نركبها ونعبر بها إليهم ، فلما رأونا ؛ جمعوا ما في البحر من السفن ، وأحرقوها جميعاً ؛ حتى ينقطع الطريق إليهم فقال العلاء : يا عباد الله ، توكلوا على الله ، وهيا بنا نمشي إليهم ، ثم قال كلمات " يا حليم ، يا عليم ، يا علي ، يا عظيم ، انصرنا عليهم ، ومكنَّا منهم " ، قال : فمشينا بإبلنا وخيولنا على الماء ، فلم تبتل أخفاف الإبل من الماء ؛ فكأن الله قد جمَّد الماء ليمشوا عليه حتى يبلغوا شاطئ البحر الآخر قال : فلما رآنا القوم قالوا: لا قبل لنا بهؤلاء ، هؤلاء إمَّا جنٌّ أو ملائكة ولا قبل لنا بقتال الجنِّ أو الملائكة ، واستسلموا وأسلموا ، كيف حدثت هذه المعجزة؟ لأنه لا يريد أن يكون ملكاً على الجزيرة ، أو يكتسب شهرة بين أهل الجزيرة ، وإنما يريد أن يدلَّهم على الله ، ويبلغ دعوة حَبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم ؛ فأيده الله عز وجل بما رواه الرواة ، وبما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه وثالثها : قال: فعندما رجعنا مات العلاء فدفناه ومشينا ، وإذا برجل – واسمعوا وعِوا - فأصحاب رسول الله كما ذكرنا ، سخر الله لهم الأكوان كما سخرها للنبي العدنان ؛ لأنهم جعلوا أنفسهم وقفاً لدعوة الرحمن ، فمات الرجل فدفنوه ومشوا ، وإذا بمن يقابلهم ولا يعلم بما دار لكنها أسرار ويعلمها العزيز الغفار فسألهم : أين دفنتم صاحبكم؟ قالوا : دفناه في أرض كذا ، قال : فإنها مأسدة - يعني تكثر فيها الأسود - فاذهبوا إليه واحملوه حتى إذا وصلتم إلى أرض كذا فادفنوه فيها ، أراد الله أن يكشف لهم عن آية من التي يخص بها أهل العناية ، قال : فرجعنا وحفرنا القبر فلم نجد شيئاً فعلمنا أن الله عز وجل رفعه إليه وفي قصص أصحاب النبي آلاف من هذه الآيات وسببها تأييدهم في نشر دعوة الله ، وفي العمــــــــل بكتــــاب الله وفي التأســي بحَبيب الله ومُصطفــاه صلى الله عليه وسلم ، وهكذا الصالحون من بعدهم إلى يوم الدين ، فالصالحون خصوا بهذه الدعوة وجعلوا أنفسهم داخلين في من عناهم الله بقوله: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران104 أخذوا هذا الاختصاص أن يدعوا الخلق إلى الله ؛ رغبة فيما عند الله ، لا يرجون من الخلق حتى كلمة "جزاك الله خيراً" ، لأنهم يعلمون أنهم في حضانة الله وفي كفـالة الله وفي صيانة الله ، وأنهم موضع نظر الله جلَّ في علاه فتكفَّل الله لهم بكل ما يحتاجونه ؛ لأنهم جند الله فما يحتاجونه لإلانة القلوب ؛ أعطاه لهم علام الغيوب: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} سبأ10 فألان لهم حديد الطباع والقلوب القاسية وجعلها تخرج من الضلالات والزيغ إلى رضوان رب العالمين وإلى واحة الحضور بين يدي الله في بيوته في كل وقت وحين ، وهذه هي الكرامات العظمى فليست الكرامة : أن تطير في الهواء أو أن تمشي علـى المـاء ؛ ولكن الكرامة أن يكرم الله بك عبداً في هاوية الظلمات ؛ فتخرجه إلى نور القرب من الله عز وجل ، وهذه كرامة الأنبياء والمرسـلين أجمعين في كل وقت وحين ومن عجزوا عن إقناعه بالكلام ؛ دعوا الله عز وجل له فيستجيب الله عز وجل لهم في الحال "]منقول من كتاب {رسالة الصالحين} شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شار ك علي موقع اخر