بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ان الله نحمده و نستعينه و نسترضيه و نعوذ بالله من شرور انفسنا و من سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتدي و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ..
و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و اشهد ان محمد عبده و رسوله
أما بعد ...,,,,
احبابي في الله ... جميعنا يعلم ماهي الحياة الدنيا ..
فهي دار ممر لا دار مقر.
كما قال سيد ولد آدم عليه الصلاة و السلام (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وماوالاه وعالماً أو متعلماً )
او كما قال ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل )
فالدنيا حقيرة فانية لا تستحق كل هذا التنافس و كلنا في النهاية سنرد الى عالم الغيب و الشهادة
فكلنا يغدوا و يروح ... فأي الغاديين انت ..؟؟؟
فهناك أناس رضوا بالرذائل و شهوات النفوس و خبائث الامور ..
يتهافتون على الحقير الفاني و يتركون العظيم الباقي
يتهافتون على جمع الذهب و الفضة بكل سبيل و لو بقتل الانفس و ازهاق الارواح ..
و كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى
(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم
فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم
تكنزون . التوبة/ 34 :35 .)
و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم
( يقول ابن آدم مالي مالي قال وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت)
فهؤلاء اعماهم بريق الاصفر و الابيض و لم يكتحلوا بنور القناعة ولا ضياء الرضى
فإن كلمتهم بقول الله و قول رسوله فكأنما سببت آبائهم و اسلافهم الاولين ...
فهؤلاء عبدوا المال إلاها من دون الله
و رضوا بالبخس الرخيص و تركوا جنان الخلد من رب العالمين
فيا مصيبة هؤلاء يوم تبيض وجوه و تسود و جوه .. عندما تنكفيء هذه الوجوه المنعمة في نار جهنم
و يقال لهم ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون)
فكل يغدو و يروح ... فأي الغاديين انت ؟؟؟
و هناك طائفة اخرى .. ظهر لهم الحق و اتبعوا هداه. و شقّوا طريق الاستقامة ,, و لكن عند اول فتنة و اول امتحان انقلبوا على اعقابهم ,,
و انحرفوا عن الطريق .. فهم ذوو عزم ضعيف و ارادة هشة تكسر من اول اصطدام بصخور الشهوات و جنادل الشبهات
هؤلاء نسوا او تناسوا حكمة الله و تمييزه لعباده الصالحين
(الم ( 1 ) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) .
فيا خسارة هؤلاء
فخسارتهم مضاعفة
لقد خسروا الدنيا و الاخرة
قال تعالى(ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)
نعم والله انه الخسران المبين
و اي خسران اكبر من غضب الله و الطرد من رحمته
اي خسران اكبر من فقد الجنان و السقوط في النيران
فيا بائعا هذا ببخس معجل *** كأنك لا تدرى ؛ بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة *** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم
فكل يغدو و يروح ... فأي الغاديين انت ؟؟؟
و هناك اقوام جندّوا انفسهم لخدمة دين الله ...
عرفوا الحق و تمسكوا به و عضوا عليه بالنواجذ .. لا تضرهم فتنة و لا تثنيهم شبهة
قلوبهم صافية بيضاء خالصة
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : " تعرض الفتن
على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء،
وأيما قلب رفضها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصبح القلوب على قلبين: قلب أبيض
خالصاً، وقلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً
" رواه مسلم و أحمد
هؤلاء لم يرضوا بالبخس الخسيس ,, و لكن تطلعوا الى معالي الامور و سنامها
لم يرضوا بتوافه الامور و سفسافها ,, و لكن تصلقوا قمم الجبال العواليا
هؤلاء جند الله .. هؤلاء الذين ارادهم الله و رضي عنهم ,, هؤلاء هم حزبه و أحق الناس بنصره
قال تعالى (أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
فيا فلاحكم و نجاحكم ..
تراهم ضياغم على اعدائهم ... حملانا على اخوانهم
لم يرضوا بمولاة اعداء الله .. فوليهم الله وحده و رسوله و المؤمنون
فيا سعادتهم في الدنيا و الاخرة
فهنيئا لكم بلذة الايمان في الدنيا ,, فإنها جنة الله على الارض
هنيئا لكم نصر الله في الدنيا و دفاعه عنكم فأنتم حزبه الغالب
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب)
و يا خسارة من يعاديكم ..
و هنيئا لكم بجنات لم ترى العين مثلها و لم تسمع الاذن عنها و لم تتخيل العقول بهائها
فقد اعتنى الله بها بنفسه
ففي الحديث الشريف الطويل عندما سأل موسى عليه السلام عن اعلى اهل الجنة منزلة
( أي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال : سأحدثك عنهم ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر )
نعم انهم صدقوا الله فصدقهم
ولله أفراح المحبين عندما *** يخاطبهم من فوقهم ويسلم
ولله ابصار تري الله جهرة *** فلا الضيم يغشاها ولا هى تسأم
فيا نظرة اهدت الي الوجه نضرة *** أمن بعدها يسلو المحب المتيم
ولله كم من خيرة إن تبسمت *** أضاء لها نور من الفجر أعظم
فيا لذة الأبصار ان هى اقبلت *** ويالذة الأسماع حين تكلم
ويا خجلة الغصن الرطيب اذا انثنت *** ويا خجلة الفجرين حين تبسم
فان كنت ذا قلب عليل بحبها *** فلم يبق الا وصلها لك مرهم
فكل يغدوا و يروح ,,, فأي الغاديين انت ؟؟؟؟
اعمل قلبك و عقلك معا وكن من جند الله المنصورين ...
فلا ترضى ببخس العيش و انما تطلع الى قمم الجبال العواليا
اللهم اجعلنا من عبادك المخلصَين الصادقين
اللهم ارزقنا الاخلاص في القول و العمل
اللهم ارزقنا الثبات
اللهم اجعلنا من جندك المنصورين و اوليائك الصالحين
سبحانك اللهم و بحمدك ,, اشهد ان لا اله الا انت ,, استغفرك و اتوب اليك
كتبه الفقير الى عفو ربه
Dr Abcarino
3 جمادي الآخر 1432هــــ