-
عدد المشاركات
861 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
-
Days Won
3
كل منشورات العضو El-Saher Fantasy
-
ده بجد؟ معومات مذهلة فعلا جزاكي الله خيرا اختنا ارجوان لنشر العلم واثابك الله عليه وجعله في ميزان حسناتك وماتناميش كتير بقى تقبلي مروري
-
اجابة صحيحة يا رام تكسبي معانا رحلة من رحلات المنتدى مقدمة من الراعي الرسمي الرحالة صناع الحياة
-
حسن: المنتخب المصري ممتنع عن اللعب لحين اعتذار أديب.
El-Saher Fantasy replied to نودي's topic in المنتدى الرياضى
هو المنتخب ناقص؟؟ اسمحيلي اقتبس من الموضوع اللي فات كلمتين لنا الله -
--(( الــغــاز الــصــــور ))--
El-Saher Fantasy replied to bebo3bebo's topic in منتدى الفوازير والألغاز
انا باضم صوتي لصوت صحرااااااااااااااااااااااوي -
كيف تنطق اسمك باليابانيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
El-Saher Fantasy replied to ali desoky's topic in منتدى الفكاهه والنكت
هايل يا كاتاكي انا اسمي hamada rikarinkateka والله جامد اسم موسيقي حتى ولا ايه رأيك يا كاتاكي؟ ريكا رينكا تيكا كرروه علشان تحفظوه مستني الصيني وياريت الهندي لو تعرف يا كاتاكي rikaruku ludoto = Have fun عاجباني جدا والله مشكور على على الابتسامة الجميلة دي -
الواد ده عاقل انا بحب النظام بس كان ممكن يلخص كل الكلام ده ويفكره ان اللي مش قد الجن مايحضروش جامدة كالمعتاد
-
سبحان الله البيتين دول فكروني بالآية الكريمة {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169 مش هاقول رأيى في القصيدة لاني اتفه من أن أعلق على مثل عظيم هذه الكلمات ولكن ... تقبل مروري
-
الإيطاليون يتساءلون: هل "السجدة" وراء تفوق المنتخب المصري؟
El-Saher Fantasy replied to نودي's topic in المنتدى الرياضى
اللهم اهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى بجد ... تحيا مصر شكرا يا نودي على الخبر والتذكرة الجميلة باننا دعاة للاسلام في كل المجالات وان كنا مانقصدش ده -
يكفي انه حلم احسن من كتير بيعيشوا من غير حلم بطل تخاريف بقى جزيت خيرا
-
ده اللي هو ايه يعني؟؟ متميز يا جندي كالعادة شوفلنا حاجة بقى للفيزياء علشان الرام ماتزعلش انا مستني مصطلحات الكمبيوتر يا علي يا مرابط في انتظار مزيدك .... فهل من مزيد؟
-
مروحة المكتب او مروحة بخمس ريش او طاحونة الهوا شوفي الحل اللي يعجبك واعتبريه صح منتظرين المزيد
-
--(( الــغــاز الــصــــور ))--
El-Saher Fantasy replied to bebo3bebo's topic in منتدى الفوازير والألغاز
يا بيبو فكري كويس هو ده طيب يمكن يكون شباك مفتوح؟؟ يمكن .. مين عارف -
منتخب مصر يفقد زيدان في مباراته الحاسمة أمام أمريكا
El-Saher Fantasy replied to نودي's topic in المنتدى الرياضى
ربنا يستر -
الله يباركلك تم تجربة الموقع وطلع فعلا شغاااااااااااااااااااااال بس خد بالك لأنه بيحتاج رصيد على الموقع --- ممكن تاخد رصيد أكتر بأنك تبعت رسالة من الموقع لأصحابك تدعوهم للمشاركة فيه مشاركة أولى متميزة استمر ....... في انتظار المزيد
-
------------------ 1- أخرجه: مسلم 1/140 (223). (1) حجة لك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه، وحجة عليك إن لم تمتثل أوامره ولم تجتنب نواهيه. دليل الفالحين 1/171، وهذا ليس خاصاً بالقرآن بل يشمل كل العلوم الشرعية فما علمناه إما أن يكون حجة لنا وإما أن يكون حجة علينا، فإن عملنا به فهو حجة لنا وإن لم نعمل به فهو علينا وهو وبال أي إثم وعقوبة. انظر: فتح ذي الجلال والإكرام 1/41. 2- أخرجه: البخاري 2/151 (1469)، ومسلم 3/102 (1053) (124). (2) في الحديث: الحث على التعفف والقناعة، والصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. شرح صحيح مسلم للنووي 4/145 (1053). 3- أخرجه: مسلم 8/227 (2999). 4- أخرجه: البخاري 6/18 (4462). (3) ثقل: من شدة المرض. وفي الحديث: جواز التوجع للميت عند احتضاره، أما قولها بعد أن قبض، فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفاً بها لا يمنع ذكره بها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهراً وهو في الباطن بخلاف ذلك أو لا يتحقق اتصافه بها فيدخل المنع. دليل الفالحين 1/180. 5- أخرجه: البخاري 2/100 (1284)، ومسلم 3/39 (923). وفي الحديث: أن سعداً ظن أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرام، وظن أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نسي فذكره، فأعلمه النبي (صلى الله عليه وسلم) أن مجرد البكاء ودمع بعينٍ ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة وفضيلة، وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما. انظر : شرح صحيح مسلم للنووي 4/9 ( 923 ). - وفيه دليل على وجوب الصبر لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، قال: ((مُرها فلتصبر ولتحتسب)) وفيه دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. وأفضل من قول بعض الناس: (( أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك)) هذه صيغة اختارها بعض العلماء لكن الصيغة التي اختارها الرسول (صلى الله عليه وسلم) أفضل، لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر. والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة كما ظنها بعض العوام! يحتفل بها ويوضع لها الكراسي وتوقد لها الشموع ويحضر لها القراء والأطعمة!! لا. التعزية تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر. شرح رياض الصالحين 1/ 91 – 92. 6- أخرجه: مسلم 8/229 (3005). (4) جُوزَ ذلك إن قيل بإسلامه واستقامته لأنه رأى أن مصلحة تخلفه عنده تزيد على مفسدة تلك الكذبة، فهو نظير الكذب لإصلاح الخصمين، أو أنه من باب الكذب لإنقاذ المحترم من التعدي عليه بالضرب. دليل الفالحين 1/187. (5) الأكمه: الذي يولد أعمى. النهاية 4/201. والبرص: داء معروف، نسأل الله العافية منه ومن كل داء، وهو بياض يقع في الجسد. اللسان 1/377 (برص). (6) وفيه لغة صحيحة أخرى هي بالهمزة وهي الأفصح (المئشار). (7) فيه نصر من توكل على الله سبحانه وانتصر به وفرج عن حول نفسه وقواها، وما أحوجنا إلى التوكل الخالص على الله مع التوحيد التام والرجوع والالتجاء إلى الله في هذه الأيام الشديدة نسأل الله العافية. (8) قصد الغلام من هذا الكلام إفشاء توحيد الله تعالى بين الناس وإظهار أن لا مؤثر في شيءٍ سواه، ولم يفطن الملك لذلك؛ لفرط غباوته. (9) الصدغ: ما بين العين إلى شحمة الأذن. ووضع يده لتألمه من السهم. (10) أي شقت الأخاديد في الطرق وأشعلت فيها النار. انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/192 – 197. 7- أخرجه: البخاري 2/99 (1283)، ومسلم 3/40 (926) (15). (11) قال النووي: ((في الحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كل أحد، والاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء الإنسان أدبه معهم، وفيه ما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) من التواضع، وأنه ينبغي للإمام والقاضي إذا لم يحتج إلى بوّاب أن لا يتخذه)). شرح صحيح مسلم 4/11 (926). 8- أخرجه: البخاري 8/112 ( 6424 ). (12) يسمي العلماء هذا القسم من الحديث، الحديث القدسي؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رواه عن الله. والصفيّ: من يصطفيه الإنسان ويختاره من ولد، أو أخ، أو عم، أو أب، أو أم، أو صديق، المهم أن ما يصطفيه الإنسان ويختاره ويرى أنه ذو صلة منه قوية. إذا أخذه الله -عز وجل- ، ثم احتسبه الإنسان، فليس له جزاء إلا الجنة. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/101. 9- أخرجه: البخاري 4/213 (3474). (13) الطاعون: قيل: إنه وباء معين. وقيل: إنه كل وباء عام يحل بالأرض فيصيب أهلها ويموت الناس منه مثل الكوليرا. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/103. 10- أخرجه: البخاري 7/151 (5653). 11- أخرجه: البخاري 7/150 و151 (5652)، ومسلم 8/16 (2576). (14) من الصرع وهو مرض معروف نسأل الله العافية. 12- أخرجه: البخاري 4/213 (3477)، ومسلم 5/179 (1792). 13- أخرجه: البخاري 7/148 (5641)، ومسلم 8/16 (2573) (52). (15) المصائب تكون على وجهين: 1- تارة إذا أُصيب الإنسان تذكّر الأجر واحتسب هذه المصيبة على الله فيكون فيها فائدتان: تكفير الذنوب، وزيادة الحسنات. 2- وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره، ويغفل عن نية الاحتساب، والأجر على الله فيكون في ذلك تكفير لسيئاته، إذاً هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه. فإما أن يربح تكفير السيئات، وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر لأنه لم ينو شيئاً ولم يصبر ولم يحتسب الأجر، وإما أن يربح شيئين كما تقدم. ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة، فليتذكر الاحتساب من الله على هذه المصيبة. شرح رياض الصالحين 1/109. 14- أخرجه: البخاري 7/149 (5648)، ومسلم 8/14 (2571) (45). 15- أخرجه: البخاري 7/149 (5645). (16) قُرئت على وجهين وكلاهما صحيح، فمعناها بالكسر: أن الله يقدر عليه المصائب حتى يبتليه بها أيصبر أم يضجر؟ ومعناها بالفتح: أعم أي يصاب من الله ومن غيره. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/110. 16- أخرجه: البخاري 7/156 (5671)، ومسلم 8/64 (2680) (10). 17- أخرجه: البخاري 4/244 (3612) و 5/56 (3852). (17) نوع من الثياب معروف. النهاية 1/116. 18- أخرجه: البخاري 4/115 (3150)، ومسلم 3/109 (1062) (140). (18) في الحديث: دليل على أن للإمام أن يعطي من يرى في عطيته المصلحة ولو أكثر من غيره، إذا كان في هذا مصلحة للإسلام، ليست مصلحة شخصية يحابي من يحب ويمنع من لا يحب، لا، إذا رأى في هذا مصلحة للإسلام وزاد في العطاء؛ فإن هذا إليه وهو مسؤول أمام الله، ولا يحل لأحد أن يعترض عليه فإن اعترض عليه فقد ظلم نفسه.شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/116. 19- أخرجه: الترمذي (2396) بهذا اللفظ. وأخرجه: ابن ماجه (4031) باللفظ الثاني فقط. وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب)). 20- أخرجه: البخاري 7/109 (5470)، ومسلم 6/174 (2144) (23). وفي الحديث فوائد منها: دليل على قوة صبر أم سُليم رضي الله عنها، وفيه جواز التورية: أي أن يتكلم الإنسان بكلام تخالف نيته ما في ظاهر هذا الكلام، وفيه أنه يستحب التسمية بعبد الله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/121. 21- أخرجه: البخاري 8/34 (6114)، ومسلم 8/30 (2609) (107). (19) بيّن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن القوي الشديد ليس بالصرعة، بل القوي في الحقيقة هو الذي يصرع نفسه إذا صارعته وغضب، ملكها وتحكم فيها؛ لأن هذه هي القوة الحقيقية. ففي الحديث الحث على أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فإذا غضب، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وإن كان قائماً فليقعد وإن كان قاعداً فليضطجع وإن خاف خرج من المكان الذي هو فيه حتى لا ينفذ غضبه فيندم. انظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/124 – 125. 22- أخرجه: البخاري 4/150 (3282)، ومسلم 8/30 (2610) (109). (20) هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح. النهاية 5/165. 23- أخرجه: أبو داود (4777)، وابن ماجه (4186)، والترمذي (2021) وقال: حديث حسن غريب. (21) الغيظ: هو الغضب الشديد، والإنسان الغاضب هو الذي يتصور نفسه أنه قادر على أن ينفذ لأن من لا يستطيع لا يغضب لكنه يحزن، ولهذا يوصف الله بالغضب. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/125. 24- أخرجه: البخاري 8/35 (6116). 25- أخرجه: الترمذي (2399). 26- أخرجه: البخاري 6/76 (4642). (22) القراء: جمع قارئ، القارئ للقرآن المتفهم لمعانيه. دليل الفالحين 1/239. (23) الكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين، وقيل: من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين، وقيل: أراد بالكهل الحليم العاقل. النهاية 4/213. (24) بكسر الهاء وسكون التحتية كلمة تهديد. دليل الفالحين 1/240. (25) أي ما تعطينا العطاء الكثير. دليل الفالحين 1/241. (26) قال جعفر الصادق رحمه الله: ((ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه)). دليل الفالحين 1/241. 27- أخرجه: البخاري 4/241 (3603)، ومسلم 6/71 (1843). (27) أي أنه يستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها. والواجب على المسلمين في ذلك السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم واسألوا الحق الذي لكم من الله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/127. 28- أخرجه: البخاري 5/41 (3792)، ومسلم 6/19 (1845). (28) هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه؛ لأنه يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء، فيردون حوض الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر في الجنة أعطيه النبي (صلى الله عليه وسلم). ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك، وفيه أواني كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة، من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبداً. اللهم اجعلنا ممن يشرب منه. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/128. 29- أخرجه: البخاري 4/62 (2966)، ومسلم 5/143 (1742). (29) في الحديث: أن لا يتمنى الإنسان لقاء العدو، وهذا غير تمني الشهادة، تمني الشهادة جائز بل قد يكون مأموراً به. وفيه أن يسأل الله العافية والسلامة، وإذا لقيت العدو فاصبر، وينبغي لأمير الجيش أن يرفق بهم ويختار الوقت المناسب من الناحية اليومية والفصلية، وفيه الدعاء على الأعداء بالهزيمة. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/131.
-
بسم الله الرحمن الرحيم الباب الثالث الصـــــــبر -------------- قَالَ الله تَعَالَى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ( [آل عمران: 200]، وقال تعالى: )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ( [البقرة: 155]، وَقالَ تَعَالَى: )إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب( [الزمر:10]، وَقالَ تَعَالَى: )وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ( [الشورى: 43]، وَقالَ تَعَالَى: )اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ( [البقرة: 153]، وَقالَ تَعَالَى: )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ( [محمد: 31]، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ. 1- وعن أبي مالكٍ الحارث بن عاصم الأشعريِّ (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان، والحَمدُ لله تَمْلأُ الميزَانَ، وَسُبْحَانَ الله والحَمدُ لله تَملآن -أَوْ تَمْلأُ- مَا بَينَ السَّماوات وَالأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدقةُ بُرهَانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والقُرْآنُ حُجةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ (1). كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ نَفسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُها)) رواه مسلم. 2- وعن أبي سَعيد سعدِ بن مالكِ بنِ سنانٍ الخدري (رضي الله عنهما): أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَألوا رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فَأعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَألوهُ فَأعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِندَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أنْفْقَ كُلَّ شَيءٍ بِيَدِهِ: ((مَا يَكُنْ عِنْدي مِنْ خَيْر فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ. وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْر(2))) مُتَّفَقٌ عليه. 3- وعن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): ((عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ)) رواه مسلم. 4- وعن أنَسٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ(3) النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها: وَاكَربَ أَبَتَاهُ. فقَالَ: ((لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ)) فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبّاً دَعَاهُ! يَا أَبتَاهُ، جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي الله عنها: أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) التُّرَابَ؟! رواه البخاري. 5- وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) وحِبِّه وابنِ حبِّه رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرىءُ السَّلامَ، ويقُولُ: ((إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ)) فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ لَيَأتِينَّهَا. فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ، وَرجَالٌ (رضى الله عنهم)، فَرُفعَ إِلَى رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) الصَّبيُّ، فَأقْعَدَهُ في حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ: يَا رسولَ الله، مَا هَذَا؟ فَقالَ: ((هذِهِ رَحمَةٌ جَعَلَها اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ)) وفي رواية: ((فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّما يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَمَعنَى ((تَقَعْقَعُ)): تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ. 6- وعن صهيب (رضى الله عنه): أنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ: إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلاماً يُعَلِّمُهُ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ(4). فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ؟ فَأخَذَ حَجَراً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإن ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَيَّ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء. فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ، فَقَالَ: مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي، فَقَالَ: إنّي لا أشْفِي أحَداً إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى، فَإنْ آمَنْتَ بالله تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيري؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ، فَجيء بالغُلاَمِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرىء الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ (5) وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ! فَقَالَ: إنِّي لا أَشْفي أحَداً، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ: ارجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ(6) فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلاَّ فَاطْرَحُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا(7)، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فعلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانيهمُ الله تَعَالَى. فَقَالَ لِلمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ: بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ (8)، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ (9)، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ. قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ (10) وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ: يَا أُمهْ اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ!)) رواه مسلم. ((ذِروَةُ الجَبَلِ)): أعْلاهُ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا – و ((القُرْقُورُ)): بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن و َ((الصَّعيدُ)) هُنَا: الأَرضُ البَارِزَةُ وَ ((الأُخْدُودُ)) الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير، و َ((أُضْرِمَ)): أوْقدَ، وَ ((انْكَفَأتْ)) أَي: انْقَلَبَتْ، وَ ((تَقَاعَسَتْ)): تَوَقفت وجبنت. 7- وعن أنس (رضى الله عنه)، قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: ((اتّقِي الله واصْبِري)) فَقَالَتْ: إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ، فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: لَمْ أعْرِفكَ، فَقَالَ: ((إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى(11))) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية لمسلم: ((تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا)). 8- وعن أبي هريرة (رضى الله عنه): أنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لعَبدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ (12) مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلاَّ الجَنَّةَ)) رواه البخاري. 9- وعن عائشةَ رضيَ الله عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الطّاعُونِ(13)، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ. رواه البخاري. 10- وعن أنس (رضى الله عنه)، قَالَ: سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، يقول: ((إنَّ الله -عز وجل-، قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ)) يريد عينيه، رواه البخاري. 11- وعن عطَاء بن أبي رَباحٍ، قَالَ: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما: ألاَ أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَتْ: إنّي أُصْرَعُ (14)، وإِنِّي أتَكَشَّفُ، فادْعُ الله تَعَالَى لي. قَالَ: ((إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أنْ يُعَافِيكِ)) فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله أنْ لا أَتَكَشَّف، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. 12- وعن أبي عبد الرحمانِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ، ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَومي، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ)) مُتَّفَقٌ علَيهِ. 13- وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ الله عنهما، عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ أذَىً، وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ(15))) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. و((الوَصَبُ)): المرض. 14- وعن ابنِ مسعودٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: دخلتُ عَلَى النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) وهو يُوعَكُ، فقلت: يَا رسُولَ الله، إنَّكَ تُوْعَكُ وَعْكاً شَدِيداً، قَالَ: ((أجَلْ، إنِّي أوعَكُ كمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُمْ)) قلْتُ: ذلِكَ أن لَكَ أجْرينِ؟ قَالَ: ((أَجَلْ، ذلِكَ كَذلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصيبُهُ أذىً، شَوْكَةٌ فَمَا فَوقَهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بهَا سَيِّئَاتِهِ، وَحُطَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَ((الوَعْكُ)): مَغْثُ الحُمَّى، وَقيلَ: الحُمَّى. 15- وعن أبي هريرة (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ)) رواه البخاري. وَضَبَطُوا (( يُصِبْ )) بفَتْح الصَّاد وكَسْرها (16). 16- وعن أنس (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً، فَليَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي، وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. 17- وعن أبي عبد الله خَبَّاب بنِ الأَرتِّ (رضى الله عنه)، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً (17) لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ، فقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا؟ فَقَالَ: ((قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ)) رواه البخاري. وفي رواية: ((وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً)). 18- وعن ابن مسعودٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) نَاساً في القسْمَةِ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ، وَأَعطَى نَاساً مِنْ أشْرافِ العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: واللهِ إنَّ هذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، فَأَتَيْتُهُ فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: ((فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ اللهُ وَرسولُهُ؟)) ثُمَّ قَالَ: ((يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر)). فَقُلْتُ: لاَ جَرَمَ لاَ أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثاً (18). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَوْلُهُ: ((كالصِّرْفِ)) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ: وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر. 19- وعن أنسٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم): ((إِذَا أَرَادَ الله بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يومَ القِيَامَةِ)). وَقالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): ((إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ)) رواه الترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن)). 20- وعن أنسٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ (رضى الله عنه) يَشتَكِي، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَتْ: وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ: ((أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا))، فَوَلَدَتْ غُلاماً، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم)، وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَراتٍ، فَقَالَ: ((أَمَعَهُ شَيءٌ؟)) قَالَ: نَعَمْ، تَمَراتٌ، فَأخَذَهَا النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في فِيِّ الصَّبيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ الله. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية للبُخَارِيِّ: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ: فَرَأيْتُ تِسعَةَ أوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا القُرْآنَ، يَعْنِي: مِنْ أوْلادِ عَبدِ الله المَولُودِ. وَفي رواية لمسلمٍ: مَاتَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أمِّ سُلَيمٍ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لاَ تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْه عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا. فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيتَ لو أنَّ قَوماً أعارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أن يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لا، فَقَالَتْ: فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: تَرَكْتِني حَتَّى إِذَا تَلطَّخْتُ، ثُمَّ أخْبَرتني بِابْنِي؟! فانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فَأخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): ((بَارَكَ اللهُ في لَيْلَتِكُمَا))، قَالَ: فَحَمَلَتْ. قَالَ: وَكانَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) في سَفَرٍ وَهيَ مَعَهُ، وَكَانَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوا مِنَ المَدِينَة، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وانْطَلَقَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم). قَالَ: يَقُولَ أَبُو طَلْحَةَ: إنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أنْ أخْرُجَ مَعَ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أجدُ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلدَت غُلامَاً. فَقَالَتْ لِي أمِّي: يَا أنَسُ، لا يُرْضِعْهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ عَلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)، فَلَمَّا أصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم).. وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ. 21- وعن أبي هريرةَ (رضى الله عنه) أنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ))(19) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. ((وَالصُّرَعَةُ)): بضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وأَصْلُهُ عِنْدَ العَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ كَثيراً. 22- وعن سُلَيْمَانَ بن صُرَدٍ (رضى الله عنه)، قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبيّ (صلى الله عليه وسلم)، وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ (20)، فَقَالَ رَسُول اللهِ (صلى الله عليه وسلم): ((إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذَهَبَ منْهُ مَا يَجِدُ)). فَقَالُوا لَهُ: إنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((تَعَوّذْ باللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. 23- وعن معاذِ بنِ أَنسٍ (رضى الله عنه): أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((مَنْ كَظَمَ غَيظاً(21)، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الحُورِ العِينِ مَا شَاءَ)) رواه أَبو داود والترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن)). 24- وعن أبي هريرةَ (رضى الله عنه): أنَّ رَجُلاً قَالَ للنبي (صلى الله عليه وسلم): أوصِني. قَالَ: ((لا تَغْضَبْ)) فَرَدَّدَ مِراراً، قَالَ: (( لاَ تَغْضَبْ )) رواه البخاري. 25- وعن أبي هريرة (رضى الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم): ((مَا يَزَالُ البَلاَءُ بالمُؤمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ ووَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ)) رواه الترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن صحيح)). 26- وعن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ (رضى الله عنه)، وَكَانَ القُرَّاءُ(22) أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ (رضى الله عنه) وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً(23) كانُوا أَوْ شُبَّاناً، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ: يَا ابْنَ أخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: هِي(24) يَا ابنَ الخَطَّابِ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ(25) وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ (رضى الله عنه) حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ (صلى الله عليه وسلم): )خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ((26)[الأعراف: 198] وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا، وكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. رواه البخاري. 27- وعن ابن مسعود (رضى الله عنه): أن رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها!)) قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَّا تَأْمُرُنا؟ قَالَ: ((تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ(27))) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. ((وَالأَثَرَةُ)): الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ. 28- وعن أبي يحيى أُسَيْد بن حُضَير (رضى الله عنه): أنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ، قَالَ: يَا رسولَ الله، ألاَ تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً، فَقَالَ: ((إنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الحَوْضِ(28))) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. ((وَأُسَيْدٌ)): بضم الهمزة. ((وحُضيْرٌ)): بحاءٍ مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، والله أعلم. 29- وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ: ((يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا(29)، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ)). ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): ((اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وبالله التوفيق. _____________________.doc
-
ربنا يخليك يا حبيبي
انا اتمنى اننا نكون اخوات لاني مش باكتفي بالصداقة
الحمد لله يا حبيبي خلصت امتحانات ودعواتك علشان النتيجة بقى ...
-
--(( الــغــاز الــصــــور ))--
El-Saher Fantasy replied to bebo3bebo's topic in منتدى الفوازير والألغاز
أو ممكن يكون باب تلاجة وبردو الله أعلم -
--(( الــغــاز الــصــــور ))--
El-Saher Fantasy replied to bebo3bebo's topic in منتدى الفوازير والألغاز
انا جييييييييييييييييييييت بسم الله الرحمن الرحيم الاجابة تونس هههههههههههههههههههههه لا بجد ده تليفزيون من فيلم كرتون والله أعلم بس ردي بسرعة الله يكرمك -
بسم الله الرحمن الرحيم الباب الثاني التـــوبة ---------------------- قَالَ العلماءُ : التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب ، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط : أحَدُها : أنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ . والثَّانِي : أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا . والثَّالثُ : أنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَداً . فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ. وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ : هذِهِ الثَّلاثَةُ ، وأنْ يَبْرَأ مِنْ حَقّ صَاحِبِها ، فَإِنْ كَانَتْ مالاً أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه ، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا . ويجِبُ أنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي . وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الكتَابِ والسُّنَّةِ ، وإجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى وُجوبِ التَّوبةِ . قَالَ الله تَعَالَى : ) وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( [النور:31]، وَقالَ تَعَالَى : ) اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ( [هود:3] ، وَقالَ تَعَالَى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحا ( [التحريم:8]. 1- وعن أبي هريرةَ (رضي الله عنه) ، قَالَ : سمعْتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ، يقول : (( والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً )) رواه البخاري . 2- وعن الأَغَرِّ بنِ يسار المزنِيِّ (رضي الله عنه) ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ ، فإنِّي أتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ )) رواه مسلم . 3- وعن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ- خادِمِ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) - (رضي الله عنه) ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : (( للهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرهِ وقد أضلَّهُ في أرضٍ فَلاةٍ (1))) مُتَّفَقٌ عليه . وفي رواية لمُسْلمٍ : (( للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يتوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتهِ بأرضٍ فَلاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابهُ فأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتى شَجَرَةً فاضطَجَعَ في ظِلِّهَا وقد أيِسَ مِنْ رَاحلَتهِ ، فَبَينَما هُوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قائِمَةً عِندَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطامِهَا (2) ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ : اللَّهُمَّ أنْتَ عَبدِي وأنا رَبُّكَ ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ )) . 4- وعن أبي موسَى عبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأشْعريِّ (رضي الله عنه) ، عن النَّبيّ (صلى الله عليه وسلم) ،قَالَ : (( إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها )) رواه مسلم . 5- وعن أبي هُريرةَ (رضي الله عنه) ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) : (( مَنْ تَابَ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها تَابَ اللهُ عَلَيهِ )) رواه مسلم . 6- وعن أبي عبد الرحمان عبد الله بنِ عمَرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما ، عن النَّبي (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ : (( إِنَّ الله - عز وجل - يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ(3) )) رواه الترمذي، وَقالَ : (( حديث حسن )) . 7- وعن زِرِّ بن حُبَيْشٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ (رضي الله عنه) أسْألُهُ عَن الْمَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ ، فَقالَ : ما جاءَ بكَ يَا زِرُّ ؟ فقُلْتُ : ابتِغَاء العِلْمِ ، فقالَ : إنَّ المَلائكَةَ تَضَعُ أجْنِحَتَهَا لطَالبِ العِلْمِ رِضىً بِمَا يطْلُبُ . فقلتُ : إنَّهُ قَدْ حَكَّ في صَدْري المَسْحُ عَلَى الخُفَّينِ بَعْدَ الغَائِطِ والبَولِ ، وكُنْتَ امْرَءاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فَجئتُ أَسْأَلُكَ هَلْ سَمِعْتَهُ يَذكُرُ في ذلِكَ شَيئاً ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كَانَ يَأْمُرُنا إِذَا كُنَّا سَفراً - أَوْ مُسَافِرينَ - أنْ لا نَنْزعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيالِيهنَّ إلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ ، لكنْ مِنْ غَائطٍ وَبَولٍ ونَوْمٍ . فقُلْتُ : هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكرُ في الهَوَى شَيئاً ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كُنّا مَعَ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) في سَفَرٍ ، فبَيْنَا نَحْنُ عِندَهُ إِذْ نَادَاه أَعرابيٌّ بصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ (4) : يَا مُحَمَّدُ ، فأجابهُ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) نَحْواً مِنْ صَوْتِه : (( هَاؤُمْ (5))) فقُلْتُ لَهُ : وَيْحَكَ(6)! اغْضُضْ مِنْ صَوتِكَ فَإِنَّكَ عِنْدَ النَّبي (صلى الله عليه وسلم) ، وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ هذَا ! فقالَ : والله لاَ أغْضُضُ . قَالَ الأعرَابيُّ : المَرْءُ يُحبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يلْحَقْ بِهِمْ ؟ قَالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) : (( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَومَ القِيَامَةِ )) . فَمَا زَالَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى ذَكَرَ بَاباً مِنَ المَغْرِبِ مَسيرَةُ عَرْضِهِ أَوْ يَسِيرُ الرَّاكبُ في عَرْضِهِ أرْبَعينَ أَوْ سَبعينَ عاماً – قَالَ سُفْيانُ أَحدُ الرُّواةِ : قِبَلَ الشَّامِ – خَلَقَهُ الله تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ والأَرْضَ مَفْتوحاً للتَّوْبَةِ لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ. رواه الترمذي وغيره، وَقالَ: ((حديث حسن صحيح)). 8- وعن أبي سَعيد سَعْدِ بنِ مالكِ بنِ سِنَانٍ الخدريِّ (رضي الله عنه) : أنّ نَبِيَّ الله (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَ : (( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعينَ نَفْساً ، فَسَأَلَ عَنْ أعْلَمِ أَهْلِ الأرضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ . فقال : إنَّهُ قَتَلَ تِسعَةً وتِسْعِينَ نَفْساً فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوبَةٍ ؟ فقالَ : لا ، فَقَتَلهُ فَكَمَّلَ بهِ مئَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ . فقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فقالَ : نَعَمْ ، ومَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ انْطَلِقْ إِلى أرضِ كَذَا وكَذَا فإِنَّ بِهَا أُناساً يَعْبُدُونَ الله تَعَالَى فاعْبُدِ الله مَعَهُمْ ، ولاَ تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أرضُ سُوءٍ ، فانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذَابِ . فَقَالتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِباً ، مُقْبِلاً بِقَلبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى ، وقالتْ مَلائِكَةُ العَذَابِ : إنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خَيراً قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ - أيْ حَكَماً - فقالَ : قِيسُوا ما بينَ الأرضَينِ فَإلَى أيّتهما كَانَ أدنَى فَهُوَ لَهُ . فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أدْنى إِلى الأرْضِ التي أرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحمةِ )) مُتَّفَقٌ عليه . وفي رواية في الصحيح : (( فَكَانَ إلى القَريَةِ الصَّالِحَةِ أقْرَبَ بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أهلِهَا)). وفي رواية في الصحيح : (( فَأَوحَى الله تَعَالَى إِلى هذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي ، وإِلَى هذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي ، وقَالَ : قِيسُوا مَا بيْنَهُما ، فَوَجَدُوهُ إِلى هذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ )) . وفي رواية : (( فَنَأى بصَدْرِهِ نَحْوَهَا )) . 9- وعن عبدِ الله بن كعبِ بنِ مالكٍ ، وكان قائِدَ كعبٍ (رضي الله عنه) مِنْ بَنِيهِ حِينَ عمِيَ ، قَالَ : سَمِعتُ كَعْبَ بنَ مالكٍ (رضي الله عنه) يُحَدِّثُ بحَديثهِ حينَ تَخلَّفَ عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) في غَزْوَةِ تَبُوكَ . قَالَ كعبٌ : لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) في غَزْوَةٍ غزاها قط إلا في غزوة تَبُوكَ ، غَيْرَ أنّي قَدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ ، ولَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهُ ؛ إِنَّمَا خَرَجَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) والمُسْلِمُونَ يُريدُونَ عِيرَ (7) قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ الله تَعَالَى بَيْنَهُمْ وبَيْنَ عَدُوِّهمْ عَلَى غَيْر ميعادٍ . ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) لَيلَةَ العَقَبَةِ حينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ ، وإنْ كَانَتْ بدرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ مِنْهَا . وكانَ مِنْ خَبَري حينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) في غَزْوَةِ تَبُوكَ أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أَقْوى ولا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْهُ في تِلكَ الغَزْوَةِ ، وَالله ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا في تِلْكَ الغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) يُريدُ غَزْوَةً إلاَّ وَرَّى(8) بِغَيرِها حَتَّى كَانَتْ تلْكَ الغَزْوَةُ ، فَغَزَاها رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) في حَرٍّ شَديدٍ ، واسْتَقْبَلَ سَفَراً بَعِيداً وَمَفَازاً ، وَاستَقْبَلَ عَدَداً كَثِيراً ، فَجَلَّى للْمُسْلِمينَ أمْرَهُمْ ليتَأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهمْ فأَخْبرَهُمْ بوَجْهِهِمُ الَّذِي يُريدُ ، والمُسلِمونَ مَعَ رسولِ الله كثيرٌ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ ( يُريدُ بذلِكَ الدّيوَانَ (9)) قَالَ كَعْبٌ : فَقَلَّ رَجُلٌ يُريدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إلاَّ ظَنَّ أنَّ ذلِكَ سيخْفَى بِهِ ما لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ الله ، وَغَزا رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) تِلْكَ الغَزوَةَ حِينَ طَابَت الثِّمَارُ وَالظِّلالُ ، فَأنَا إلَيْهَا أصْعَرُ(10)، فَتَجَهَّزَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وطَفِقْتُ أغْدُو لكَيْ أتَجَهَّزَ مَعَهُ ، فأرْجِعُ وَلَمْ أقْضِ شَيْئاً ، وأقُولُ في نفسي : أنَا قَادرٌ عَلَى ذلِكَ إِذَا أَرَدْتُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمادى بي حَتَّى اسْتَمَرَّ بالنَّاسِ الْجِدُّ ، فأصْبَحَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) غَادياً والمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أقْضِ مِنْ جِهَازي شَيْئاً ، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أقْضِ شَيئاً ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بي حَتَّى أسْرَعُوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ ، فَهَمَمْتُ أنْ أرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ ، فَيَا لَيْتَني فَعَلْتُ ، ثُمَّ لم يُقَدَّرْ ذلِكَ لي ، فَطَفِقْتُ إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَحْزُنُنِي أنِّي لا أرَى لي أُسْوَةً ، إلاّ رَجُلاً مَغْمُوصَاً(11)عَلَيْهِ في النِّفَاقِ ، أوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الضُّعَفَاءِ ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ في القَوْمِ بِتَبُوكَ : (( ما فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ؟ )) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ : يا رَسُولَ اللهِ ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ (12). فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (رضي الله عنه) : بِئْسَ مَا قُلْتَ ! واللهِ يا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلاَّ خَيْرَاً ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) . فَبَيْنَا هُوَ عَلى ذَلِكَ رَأى رَجُلاً مُبْيِضاً يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) : (( كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ )) ، فَإذَا هُوَ أبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارِيُّ وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِيْنَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ . قَالَ كَعْبٌ : فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلاً مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِي بَثِّي ، فَطَفِقْتُ أتَذَكَّرُ الكَذِبَ وأقُولُ : بِمَ أخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدَاً ؟ وأسْتَعِيْنُ عَلى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رأْيٍ مِنْ أهْلِي ، فَلَمَّا قِيْلَ : إنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قّدْ أظَلَّ قَادِمَاً ، زَاحَ عَنّي البَاطِلُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيءٍ أَبَداً ، فَأجْمَعْتُ صدْقَهُ وأَصْبَحَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) قَادِماً ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلِكَ جَاءهُ المُخَلَّفُونَ يَعْتَذِرونَ إِلَيْه ويَحْلِفُونَ لَهُ ، وَكَانُوا بِضْعاً وَثَمانينَ رَجُلاً ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ عَلانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلى الله تَعَالَى ، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ. ثُمَّ قَالَ : (( تَعَالَ )) ، فَجِئْتُ أمْشي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فقالَ لي : (( مَا خَلَّفَكَ ؟ ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ ؟ )) قَالَ : قُلْتُ : يَا رسولَ الله ، إنّي والله لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا لَرَأيتُ أنِّي سَأخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ ؛ لقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً ، ولَكِنِّي والله لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليوم حَدِيثَ كَذبٍ تَرْضَى به عنِّي لَيُوشِكَنَّ الله أن يُسْخِطَكَ عَلَيَّ ، وإنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إنّي لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى الله - عز وجل - ، والله ما كَانَ لي مِنْ عُذْرٍ ، واللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ . قَالَ : فقالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : (( أمَّا هَذَا فقَدْ صَدَقَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فيكَ )) . وَسَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَة فاتَّبَعُوني فَقالُوا لِي : واللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أذْنَبْتَ ذَنْباً قَبْلَ هذَا لَقَدْ عَجَزْتَ في أنْ لا تَكونَ اعتَذَرْتَ إِلَى رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) بما اعْتَذَرَ إليهِ المُخَلَّفُونَ ، فَقَدْ كَانَ كَافِيكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) لَكَ . قَالَ : فَوالله ما زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُّ أَنْ أرْجعَ إِلَى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) فأُكَذِّبَ نَفْسِي ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ : هَلْ لَقِيَ هذَا مَعِيَ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلانِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ ، وَقيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قيلَ لَكَ ، قَالَ : قُلْتُ : مَنْ هُما ؟ قَالُوا : مُرَارَةُ بْنُ الرَّبيع الْعَمْرِيُّ ، وهِلاَلُ ابنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ ؟ قَالَ : فَذَكَرُوا لِي رَجُلَينِ صَالِحَينِ قَدْ شَهِدَا بَدْراً فيهِما أُسْوَةٌ ، قَالَ : فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي . ونَهَى رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) عَنْ كَلامِنا أيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ ، فاجْتَنَبَنَا النَّاسُ - أوْ قَالَ : تَغَيَّرُوا لَنَا - حَتَّى تَنَكَّرَتْ لي في نَفْسي الأَرْض ، فَمَا هِيَ بالأرْضِ الَّتي أعْرِفُ ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً . فَأمّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانا وقَعَدَا في بُيُوتِهِمَا يَبْكيَان . وأمَّا أنَا فَكُنْتُ أشَبَّ الْقَومِ وأجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أخْرُجُ فَأشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ ، وأطُوفُ في الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ ، وَآتِي رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَأَقُولُ في نَفسِي : هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْه برَدِّ السَّلام أَمْ لاَ ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَريباً مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ ، فَإِذَا أقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي نَظَرَ إلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي ، حَتَّى إِذَا طَال ذلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ المُسْلِمينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدارَ حائِط أبي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاس إِلَيَّ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَليَّ السَّلامَ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أنْشُدُكَ بالله هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ (صلى الله عليه وسلم) ؟ فَسَكَتَ ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَ : اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ ، فَبَيْنَا أَنَا أمْشِي في سُوقِ الْمَدِينة إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ (13) أهْلِ الشَّام مِمّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبيعُهُ بِالمَدِينَةِ يَقُولُ : مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إلَيَّ حَتَّى جَاءنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ ، وَكُنْتُ كَاتباً . فَقَرَأْتُهُ فإِذَا فِيهِ : أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنا أنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بدَارِ هَوانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ(14)، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ ، فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا : وَهَذِهِ أَيضاً مِنَ البَلاءِ ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا ، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ إِذَا رسولُ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) يَأتِيني ، فَقالَ : إنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يَأمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ ، فَقُلْتُ : أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ ؟ فَقالَ : لاَ ، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا ، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذلِكَ . فَقُلْتُ لامْرَأتِي : الْحَقِي بِأهْلِكِ(15) فَكُوني عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ في هَذَا الأمْرِ . فَجَاءتِ امْرَأةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَتْ لَهُ : يَا رَسُولَ الله ، إنَّ هِلاَلَ بْنَ أمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ ، فَهَلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ ؟ قَالَ : (( لاَ ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ )) فَقَالَتْ : إِنَّهُ واللهِ ما بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَى شَيْءٍ ، وَوَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَومِهِ هَذَا . فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي : لَو اسْتَأْذَنْتَ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) في امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِن لاِمْرَأةِ هلاَل بْنِ أمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَهُ ؟ فَقُلْتُ : لاَ أسْتَأذِنُ فيها رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ، وَمَا يُدْرِيني مَاذَا يقُول رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ ! فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ(16) لَنا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنا ، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحالِ الَّتي ذَكَرَ الله تَعَالَى مِنَّا ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أوفَى عَلَى سَلْعٍ(17)يَقُولُ بِأعْلَى صَوتِهِ : يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أبْشِرْ ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً(18)، وَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ . فآذَنَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) النَّاسَ بِتَوْبَةِ الله - عز وجل - عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجْر فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا ، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَساً وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أسْلَمَ قِبَلِي ، وَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ ، فَكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ ، فَلَمَّا جَاءني الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُني نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إيَّاهُ بِبشارته، وَاللهِ مَا أمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبسْتُهُما ، وَانْطَلَقْتُ أتَأمَّمُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يَتَلَقَّاني النَّاسُ فَوْجاً فَوْجاً يُهنِّئونَني بالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ لِي : لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ الله عَلَيْكَ . حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) جَالِسٌ حَوْلَه النَّاسُ ، فَقَامَ(19)طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ (رضي الله عنه) يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَني وَهَنَّأَنِي ، والله مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرينَ غَيرُهُ - فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ - . قَالَ كَعْبٌ : فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم) قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور : (( أبْشِرْ بِخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ )) فَقُلْتُ : أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُول الله أَمْ مِنْ عِندِ الله ؟ قَالَ : (( لاَ ، بَلْ مِنْ عِنْدِ الله - عز وجل - )) ، وَكَانَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذلِكَ مِنْهُ ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ : يَا رسولَ الله ، إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ أنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولهِ . فَقَالَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : (( أمْسِكَ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ )) . فقلتُ : إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيبَر . وَقُلْتُ : يَا رسولَ الله ، إنَّ الله تَعَالَى إِنَّمَا أنْجَانِي بالصِّدْقِ ، وإنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ لا أُحَدِّثَ إلاَّ صِدْقاً مَا بَقِيتُ ، فوَالله مَا عَلِمْتُ أَحَداً مِنَ المُسْلِمينَ أبْلاهُ الله تَعَالَى في صِدْقِ الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) أحْسَنَ مِمَّا أبْلانِي الله تَعَالَى ، واللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كِذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذلِكَ لِرسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) إِلَى يَومِيَ هَذَا ، وإنِّي لأرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي الله تَعَالَى فيما بَقِيَ ، قَالَ : فأَنْزَلَ الله تَعَالَى : ) لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ( حَتَّى بَلَغَ : ) إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيم وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ( حَتَّى بَلَغَ : ) اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( [التوبة:117-119] قَالَ كَعْبٌ : واللهِ ما أنْعَمَ الله عَليَّ مِنْ نعمةٍ قَطُّ بَعْدَ إذْ هَدَاني اللهُ للإِسْلامِ أَعْظَمَ في نَفْسِي مِنْ صِدقِي رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) أنْ لا أكونَ كَذَبْتُهُ ، فَأَهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذينَ كَذَبُوا ؛ إنَّ الله تَعَالَى قَالَ للَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ ، فقال الله تَعَالَى : ) سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ( [التوبة:95-96] قَالَ كَعْبٌ : كُنّا خُلّفْنَا أيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أمْرِ أُولئكَ الذينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وأرجَأَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) أمْرَنَا حَتَّى قَضَى الله تَعَالَى فِيهِ بذِلكَ . قَالَ الله تَعَالَى : ) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ( وَليْسَ الَّذِي ذَكَرَ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخلُّفُنَا عن الغَزْو ، وإنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إيّانا وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ واعْتَذَرَ إِلَيْهِ فقبِلَ مِنْهُ(20). مُتَّفَقٌ عليه . وفي رواية : أنَّ النَّبيّ (صلى الله عليه وسلم) خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبْوكَ يَومَ الخَميسِ وكانَ يُحِبُّ أنْ يخْرُجَ يومَ الخمِيس . وفي رواية : وكانَ لاَ يقْدمُ مِنْ سَفَرٍ إلاَّ نَهَاراً في الضُّحَى ، فإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بالمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ . 10- وَعَنْ أبي نُجَيد - بضَمِّ النُّونِ وفتحِ الجيم - عِمْرَانَ بنِ الحُصَيْنِ الخُزَاعِيِّ رضي الله عنهما : أنَّ امْرَأةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَتْ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى ، فقالتْ : يَا رسولَ الله ، أصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَدَعَا نَبيُّ الله (صلى الله عليه وسلم) وَليَّها ، فقالَ : (( أَحْسِنْ(21) إِلَيْهَا ، فإذا وَضَعَتْ فَأْتِني )) فَفَعَلَ فَأَمَرَ بهَا نبيُّ الله (صلى الله عليه وسلم) ، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فقالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُول الله وَقَدْ زَنَتْ ؟ قَالَ: (( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفضَلَ مِنْ أنْ جَادَتْ بنفْسِها لله - عز وجل - ؟! )) رواه مسلم . 11- وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَ : (( لَوْ أنَّ لابنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ ذَهَبٍ أحَبَّ أنْ يكُونَ لَهُ وَادِيانِ ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إلاَّ التُّرَابُ ، وَيَتْوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ )) مُتَّفَقٌ عليه . 12- وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنَّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَ : (( يَضْحَكُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى رَجُلَيْنِ يقْتلُ أَحَدهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ ، يُقَاتِلُ هَذَا في سَبيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتلِ فَيُسْلِم فَيُسْتَشْهَدُ )) مُتَّفَقٌ عليه . -------------------------- 1- أخرجه : البخاري 8/83 (6307). 2- أخرجه : مسلم 8/72 (2702) (41) و (42). 3- أخرجه : البخاري 8/84 (6309)، ومسلم 8/93 (2747) (7) و (8). (1) الفلاة : الصحراء الواسعة. اللسان 10/330 (فلا). (2) الخطام : الحبل الذي يقاد به البعير. اللسان 4/145 (خطم). 4- أخرجه : مسلم 8/99 – 100 (2759). 5- أخرجه : مسلم 8/73 (2703). 6- أخرجه : ابن ماجه (4253)، والترمذي (3537). (3) أي ما لم تبلغ روحه حلقومه . النهاية 3/360. 7- أخرجه : ابن ماجه (226)، والترمذي (3535) ، والنسائي 1/83 و 98. الروايات مطولة ومختصرة . (4) أي عالي شديد. النهاية 1/321. (5) بمعنى تعال وبمعنى خذ ، ويقال للجماعة . وإنما رفع صوته عليه الصلاة والسلام من طريق الشفقة عليه ، لئلا يحبط عمله من قوله تعالى: ]لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيّ[ [الحجرات:2] فعذره لجهله، ورفع النبي (صلى الله عليه وسلم) صوته حتى كان مثل صوته أو فوقه ، لفرط رأفته به . النهاية 5/284 . (6) ويح : كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب. النهاية 5/235. 8- أخرجه : البخاري 4/211 (3470)، ومسلم 8/103 (2766) (46) و (47) و (48). 9- أخرجه : البخاري 6/3 ( 4418 )، ومسلم 8/105 (2769) (53) و (54) و (55). (7) العِير : الإبل بأحمالها. النهاية 3/329. (8) أي ستره وكنى عنه ، وأوهم أنه يريد غيره. النهاية 5/177. (9) الديوان : هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء ، وأول من دوّن الدواوين عمر (رضى الله عنه). النهاية 2/150. (10) أي أميل. النهاية 3/31. (11) أي مطعوناً في دينه متهماً بالنفاق. النهاية 3/386. (12) البرود ثياب من اليمن فيها خطوط. وعطفاه جانباه وهي كناية عن العجب. انظر: دليل الفالحين 1/125. (13) النبط : جيل ينْزلون سواد العراق وهم الأنباط، والنسب إليهم نبطي. اللسان 14/22 (نبط). (14) فيها لغتان : كسر الضاد وإسكان الياء، وإسكان الضاد وفتح الياء. صحيح مسلم بشرح النووي 9/84 (2769). (15) هذا دليل على أن هذا اللفظ ليس صريحاً في الطلاق، وإنما هو كناية، ولم ينو به الطلاق فلم يقع. صحيح مسلم بشرح النووي 9/84 (2769). (16) كمل : بفتح الميم وضمّها وكسرها. شرح النووي 9/84. (17) جبل بالمدينة معروف. (18) فيه دليل للشافعي وموافقيه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت أو نقمة ظاهرة اندفعت. شرح النووي 9/85 (2769). (19) قال أهل العلم: القيام على ثلاثة أقسام: قيام إلى الرجل، وقيام للرجل، وقيام على الرجل. فالأول: كما في قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (( قوموا إلى سيدكم )) أي سعد بن معاذ وهذا لا بأس به. والثاني: وهو القيام للداخل إذا اعتاد الناس ذلك، وصار الداخل إذا لم تقم له يعد ذلك امتهاناً له فلا بأس به والأولى تركه. والثالث: كأن يكون جالساً ويقوم واحد على رأسه تعظيماً له فهذا منهي عنه. أما القيام على الرجل لحفظه أو لإغاضة العدو فلا بأس به. انظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/148 – 149. (20) في هذا الحديث فوائد كثيرة منها: إباحة الغنيمة لهذه الأمة وأنه ينبغي لأمير الجيش إذا أراد غزوة أن يوري بغيرها، لئلا يسبقه الجواسيس ونحوهم بالتحذير، وفيه جواز التأسف على ما فات من الخير وفيه رد غيبة المسلم، وفضيلة الصدق وملازمته وإن كان فيه مشقة، واستحباب صلاة القادم من سفر ركعتين في مسجد محلته أول قدومه، واستحباب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة، وترك السلام عليهم ومقاطعتهم تحقيراً لهم وزجراً، واستحباب بكائه على نفسه إذا وقعت منه معصية، ومسارقة النظر في الصلاة والالتفات لا يبطلها، ووجوب إيثار طاعة الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) على مودة الصديق والقريب وغيرهما. وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى لمصلحة، وفيها: لم يجعلك الله بدار هوان، واستحباب الكنايات في ألفاظ الاستمتاع بالنساء ونحوها، واستحباب التبشير بالخير وتهنئة من رزقه الله خيراً ظاهراً، واستحباب إكرام المبشر، وجواز استعارة الثياب للّبس، واستحباب القيام للوارد إكراماً له إذا كان من أهل الفضل، واستحباب المصافحة عند التلاقي وهي سنّة بلا خلاف. وقد عدّ النووي - رحمه الله - سبعاً وثلاثين فائدة لهذا الحديث. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 9/88 (2769). 10- أخرجه : مسلم 5/120 (1696). (21) قال النووي : (( هذا الإحسان له سببان: أحدهما: الخوف عليها من أقاربها أن تحملهم الغيرة ولحوق العار بهم أن يؤذوها، فأوصى بالإحسان إليها تحذيراً لهم من ذلك. والثاني : أمر به رحمةً لها، إذ قد تابت، وحرض على الإحسان إليها لما في نفوس الناس من النفرة من مثلها، وإسماعها الكلام المؤذي ونحو ذلك فنهى عن هذا كله )). شرح صحيح مسلم 6/182 (1696). 11- أخرجه : البخاري 8/115 ( 6436 )، ومسلم 3/100 (1049). وفي هذا الحديث : ذم الحرص على الدنيا وحب المكاثرة بها والرغبة فيها، ولا يزال حريصاً حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره. انظر: شرح صحيح مسلم 4/141 (1049). 12- أخرجه : البخاري 4/28 (2826)، ومسلم 6/40 (128) و (129). ___________________.doc
-
اسمحولي أذكركم ستكون الردود على الموضوع في شكل تطبيقات عملية على ما تعلمنا من هذا الباب لنكون بذلك ممن يتعلمون ويعلمون اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك ولي ذلك والقادر عليه
-
بســم الله الـرحمــن الرحيــم الباب الأول باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفية -------------------------------------- قَالَ اللهُ تَعَالَى : ) وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ( [ البينة : 5 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ( [ الحج : 37 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ([ آل عمران : 29 ]. 1- وعن أمير المؤمِنين أبي حَفْصٍ عمرَ بنِ الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عبدِ العُزّى بن رياحِ بنِ عبدِ اللهِ بن قُرْطِ بن رَزاحِ بنِ عدِي بنِ كعب(1) بنِ لُؤَيِّ بنِ غالبٍ القُرشِيِّ العَدويِّ (رضي الله عنه) ، قالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ، يقُولُ : (( إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا ، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه )) . مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ . رَوَاهُ إمَامَا الْمُحَدّثِينَ ، أبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعيلَ بْن إبراهِيمَ بْن المُغيرَةِ بنِ بَرْدِزْبهْ الجُعْفِيُّ البُخَارِيُّ ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُسْلمُ بْنُ الحَجَّاجِ بْنِ مُسْلمٍ الْقُشَيريُّ النَّيْسَابُورِيُّ رضي اللهُ عنهما فِي صحيحيهما اللَّذَيْنِ هما أَصَحُّ الكُتبِ المصنفةِ . 2- وعن أمِّ المؤمِنينَ أمِّ عبدِ اللهِ عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : قالَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( يغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ )) . قَالَتْ : قلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ،كَيْفَ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهمْ أسْوَاقُهُمْ(2) وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ؟! قَالَ : (( يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيّاتِهمْ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . هذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ . 3- وعن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها ، قَالَتْ : قَالَ النبي (صلى الله عليه وسلم) : (( لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ(3) فانْفِرُوا )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَمَعناهُ : لا هِجْرَةَ مِنْ مَكّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسلاَمٍ . 4- وعن أبي عبدِ اللهِ جابر بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) في غَزَاةٍ ، فَقالَ : (( إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً ، إلاَّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ )) . وَفي روَايَة : (( إلاَّ شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ )) رواهُ مسلمٌ . ورواهُ البخاريُّ عن أنسٍ (رضي الله عنه) ، قَالَ : رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : (( إنَّ أقْواماً خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً(4) وَلاَ وَادياً ، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا ؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ )) . 5- وعن أبي يَزيدَ مَعْنِ بنِ يَزيدَ بنِ الأخنسِ (رضي الله عنهم) ، وهو وأبوه وَجَدُّه صحابيُّون ، قَالَ : كَانَ أبي يَزيدُ أخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا ، فَوَضعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ ، فَجِئْتُ فأَخذْتُها فَأَتَيْتُهُ بِهَا . فقالَ : واللهِ ، مَا إيَّاكَ أرَدْتُ ، فَخَاصَمْتُهُ إِلى رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فقَالَ : (( لكَ مَا نَوَيْتَ يَا يزيدُ ، ولَكَ ما أخَذْتَ يَا مَعْنُ )) رواهُ البخاريُّ . 6- وعن أبي إسحاقَ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ مالِكِ بنِ أُهَيْب بنِ عبدِ منافِ بنِ زُهرَةَ بنِ كلابِ(5) بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لُؤيٍّ القُرشِيِّ الزُّهريِّ (رضي الله عنه) ، أَحَدِ العَشَرَةِ (6) المشهودِ لهم بالجنةِ (رضي الله عنهم) ، قَالَ : جاءنِي رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بي ، فقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إنِّي قَدْ بَلَغَ بي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى ، وَأَنَا ذُو مالٍ وَلا يَرِثُني إلا ابْنَةٌ لي ، أفأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : (( لا )) ، قُلْتُ : فالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فقَالَ : (( لا )) ، قُلْتُ : فالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : (( الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ - أَوْ كبيرٌ - إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغنِيَاءَ خيرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً(7) يتكفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بِهَا وَجهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فِيِّ امْرَأَتِكَ )) ، قَالَ : فَقُلتُ : يَا رسولَ اللهِ ، أُخلَّفُ(8) بعدَ أصْحَابي ؟ قَالَ : (( إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعملَ عَمَلاً تَبتَغي بِهِ وَجْهَ اللهِ إلاَّ ازْدَدتَ بِهِ دَرَجةً ورِفعَةً ، وَلَعلَّكَ أنْ تُخَلَّفَ حَتّى يَنتَفِعَ بِكَ أقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخرونَ . اللَّهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابي هِجْرَتَهُمْ ولاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أعقَابهمْ ، لكنِ البَائِسُ سَعدُ بْنُ خَوْلَةَ )) يَرْثي لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أنْ ماتَ بمَكَّة . مُتَّفَقٌ عليهِ . 7- وعنْ أبي هريرةَ عبدِ الرحمانِ بنِ صخرٍ (رضي الله عنه) ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : (( إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ ، ولا إِلى صُوَرِكمْ ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ وأعمالكم )) رواه مسلم . 8- وعن أبي موسى عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ (رضي الله عنه) ، قَالَ : سُئِلَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً ، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله ؟ فقال رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( مَنْ قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا ، فَهوَ في سبيلِ اللهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . 9- وعن أبي بَكرَةَ نُفيع بنِ الحارثِ الثقفيِّ (رضي الله عنه) : أَنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَ : (( إِذَا التَقَى المُسلِمَان بسَيْفَيهِمَا فالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ في النّارِ )) قُلتُ : يا رَسُولَ اللهِ ، هذا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المقْتُولِ ؟ قَالَ : (( إنَّهُ كَانَ حَريصاً عَلَى قتلِ صَاحِبهِ )) مُتَّفَقٌ عليهِ. 10- وعن أبي هريرةَ (رضي الله عنه) ، قَالَ : قالَ رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) : (( صَلاةُ الرَّجلِ في جمَاعَةٍ تَزيدُ عَلَى صَلاتهِ في سُوقِهِ وبيتهِ بضْعاً(9) وعِشرِينَ دَرَجَةً ، وَذَلِكَ أنَّ أَحدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضوءَ ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لا يُرِيدُ إلاَّ الصَّلاةَ ، لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَلاةُ : لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرجَةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ بها خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ ، فإِذا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ في الصَّلاةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِي تَحْبِسُهُ ، وَالمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ في مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ ، يَقُولُونَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيهِ ، مَا لَم يُؤْذِ فيه ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ )) . مُتَّفَقٌ عليه ، وهذا لفظ مسلم . وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (( يَنْهَزُهُ )) هُوَ بِفَتْحِ اليَاءِ والْهَاءِ وبالزَّايِ : أَيْ يُخْرِجُهُ ويُنْهضُهُ . 11- وعن أبي العبَّاسِ عبدِ اللهِ بنِ عباسِ بنِ عبد المطلب رضِيَ اللهُ عنهما ، عن رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فيما يروي عن ربهِ ، تباركَ وتعالى ، قَالَ : (( إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلِكَ ، فَمَنْ هَمَّ(10) بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَها اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً ،وَإنْ هَمَّ بهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَشْرَ حَسَناتٍ إِلى سَبْعمئةِ ضِعْفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثيرةٍ ، وإنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ تَعَالَى عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلةً ، وَإنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً )) مُتَّفَقٌ عليهِ . 12- وعن أبي عبد الرحمان عبدِ الله بنِ عمرَ بن الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما ، قَالَ : سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) ، يقول : (( انطَلَقَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ(11) مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ المَبيتُ إِلى غَارٍ فَدَخلُوهُ، فانْحَدرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ ، فَقالُوا : إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أنْ تَدْعُوا اللهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ . قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كبيرانِ ، وكُنْتُ لا أغْبِقُ(12) قَبْلَهُمَا أهْلاً ولاَ مالاً ، فَنَأَى(13) بِي طَلَب الشَّجَرِ يَوْماً فلم أَرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا ، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُما نَائِمَينِ ، فَكَرِهْتُ أنْ أُوقِظَهُمَا وَأَنْ أغْبِقَ قَبْلَهُمَا أهْلاً أو مالاً ، فَلَبَثْتُ - والْقَدَحُ عَلَى يَدِي - أنتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرِقَ الفَجْرُ والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ(14)عِنْدَ قَدَميَّ ، فاسْتَيْقَظَا فَشَرِبا غَبُوقَهُما . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاء وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ ، فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الخُروجَ مِنْهُ . قَالَ الآخر : اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمّ ، كَانَتْ أَحَبَّ النّاسِ إليَّ - وفي رواية : كُنْتُ أُحِبُّها كأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النساءَ - فأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا(15) فامْتَنَعَتْ منِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمئةَ دينَارٍ عَلَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفعَلَتْ ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا - وفي رواية : فَلَمَّا قَعَدْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا ، قالتْ : اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاّ بِحَقِّهِ(16)، فَانصَرَفْتُ عَنْهَا وَهيَ أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُها . اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا . وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ وأَعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُل واحدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهبَ، فَثمَّرْتُ أجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنهُ الأمْوَالُ، فَجَاءنِي بَعدَ حِينٍ ، فَقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، أَدِّ إِلَيَّ أجْرِي ، فَقُلْتُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أجْرِكَ : مِنَ الإبلِ وَالبَقَرِ والْغَنَمِ والرَّقيقِ ، فقالَ : يَا عبدَ اللهِ ، لاَ تَسْتَهْزِىءْ بي ! فَقُلْتُ : لاَ أسْتَهْزِئ بِكَ ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يتْرُكْ مِنهُ شَيئاً . الَّلهُمَّ إنْ كُنتُ فَعَلْتُ ذلِكَ ابِتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ ، فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ ))(17) مُتَّفَقٌ عليهِ . ------------------------------- 1- أخرجه : البخاري 1/2 ( 1 ) ، ومسلم 6/48 ( 1907 ) . ([1]) هنا يلتقي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . 2- أخرجه : البخاري 3/86 ( 2118 ) ، ومسلم 8/168 ( 2884 ) . الألفاظ مختلفة والمعنى واحد . (2) السوقة من الناس : الرعية ومن دون الملك ومن لم يكن ذا سلطان ، والذكر والأنثى فيه سواء . اللسان 6/437 ( سوق ) . 3- أخرجه : البخاري 5/72 ( 3900 ) ، ومسلم 6/28 ( 1864 ) . (3) الاستنفار : الاستنجاد والاستنصار : أي إذا طلب منكم النصرة فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة . النهاية 5/95. 4- أخرجه : مسلم 6/49 ( 1911 ) من حديث جابر بن عبد الله . وأخرجه : البخاري 4/31 ( 2838 ) من حديث أنس . (4) الشِّعب : ما انفرج بين جبلين . اللسان 7/126 ( شعب ) . 5- أخرجه : البخاري 2/138 ( 1422 ) . 6- أخرجه : البخاري 1/22 ( 56 ) ، ومسلم 5/71 ( 1628 ) ( 5 ) . (5) هنا يلتقي في نسبه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . (6) وهم كما رتبهم الشاعر : سعد سعيد زبير طلحة وأبو ...... عبيدة وابن عوف قبله الخلفا (7) جمع عائل ، وهو الفقير . النهاية 3/323 . (8) التخلف : التأخر . النهاية 2/67 . 7- اخرجه : مسلم 8/11 ( 2564 ) ( 34 ) . 8- أخرجه: البخاري 1/42 ( 123 )، ومسلم 6/46 ( 1904 ) ( 149 ) و( 150 ). 9- أخرجه : البخاري 1/14 ( 31 ) ، ومسلم 8/169 ( 2888 ) ( 14 ) و( 15 ) . 10- أخرجه : البخاري 1/129 ( 477 ) ، ومسلم 2/128 ( 649 ) ( 272 ) و( 273 ) . (9) البضع : في العدد بالكسر وقد يفتح ما بين الثلاث إلى التسع . وقيل : ما بين الواحد إلى العشرة ، لأنه قطعة من العدد . النهاية 1/132 . 11- أخرجه : البخاري 8/128 ( 6491 ) ، ومسلم 1/83 ( 131 ) ( 207 ) و( 208 ) . (10) همّ بالأمر يهمّ ، إذا عزم عليه . النهاية 5/274 . 12- أخرجه : البخاري 3/104 ( 2215 ) ، ومسلم 8/89 ( 2743 ) ( 100 ) . (11) نفر : هو اسم جمع ، يقع على جماعة الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة ، ولا واحد له من لفظه . النهاية 5/93 . (12) لا أغبق : أي ما كنت أقدم عليهما أحداً في شرب نصيبهما من اللبن الذي يشربانه . والغبوق شرب آخر النهار مقابل الصبوح . النهاية 3/341 . (13) نأى : بَعُد . (14) أي : يتصايحون ويبكون . (15) كناية عن الجماع . (16) الفض : الكسر والفتح ، والخاتم كناية عن الفرج وعذرة البكارة ، وحقه التزويج المشروع . دليل الفالحين 1/84. (17) في الحديث : استحباب الدعاء حال الكرب والتوسل بصالح العمل ، وفيه فضيلة بر الوالدين وفضل خدمتهما وإيثارهما على من سواهما ، وفيه فضل العفاف ، وفيه فضل حسن العهد وأداء الأمانة والسماحة في المعاملة وإثبات كرامات الأولياء وهو مذهب أهل الحق. انظر : دليل الفالحين 1/86 . ________________________________.doc