اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب
Mr Hamdy Ahmad

رمضان شهر الصلة (2) - الدرس الثالث عشر

Recommended Posts

17558217.gif

 

 

رمضان شهر الصلة (2)

 

 

 

 

 

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

 

 

 

فقد مرّ بنا - سالفًا - حديث عن صلة الرحم وفضلها، وعن قطيعة الرحم، وصورها، والأسباب الحاملة عليها.

والحديث هاهنا إكمال لما مضى، حيث سيدور حول الأسباب المعينة على صلة الرحم؛ فهناك آداب يجدر بنا سلوكها مع الأقارب، وهناك أمور تعين على الصلة.

 

 

 

 

فمن ذلك:

 

 

التفكرُ في الآثار المترتبة على الصلة؛ فإن معرفَة ثمراتِ الأشياء، واستحضارَ حُسْنِ عواقبها من أكبر الدواعي إلى فعلها، وتَمثُّلها، والسعي إليها.

 

 

 

 

 

وكذلك النظرُ في عواقب القطيعة، وتأمُّلُ ما تجلبه من همٍّ، وغمٍّ، وحسرةٍ، وندامة، ونحوِ ذلك، فهذا مما يعين على اجتنابها، والبعد عنها.

 

 

 

 

 

 

ومما يعين على الصلة:

 

 

الاستعانةُ بالله، وسؤالُه التوفيقَ، والإعانةَ على صلة الأرحام.

 

 

 

ومما يحسن سلوكه مع الأقارب:

 

 

مقابلةُ إساءتهم بالإحسان، فهذا مما يبقي على الود، ويحفظ ما بين الأقارب من العهد، ويهون على الإنسان ما يلقاه من شراسة الأقارب؛ وقد « أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلُهم ويقطعونني، وأُحْسِنُ إليهم ويسيئون إليّ، وأَحْلُم عنهم ويجهلون عليّ. قال: (لئن كنت كما قلت؛ فكأنما تسفهم الملّ) » رواه مسلم .

 

 

 

 

 

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: (وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكلَ الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثمُ العظيمُ في قطيعتهِ، وإدخالِهم الأذى عليه.

وقيل معناه: إنك بالإحسان إليهم تخزيهم، وتحقِّرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك، وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف الملّ.

 

 

 

 

 

 

وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم؛ والله أعلم) ا هـ.

فهذا الحديث عزاءٌ لكثير من الناس ممن ابتلوا بأقارب شرسين، يقابلون الإحسانَ بالإساءة، وفيه تشجيعٌ للمحسنين على أن يستمروا على طريقتهم المثلى؛ فإن الله معهم، وهو مؤيدهم، وناصرهم، ومثيبهم.

ومن جميل ما قيل في هذا المعنى قولُ المقنّعِ الكنديِّ يصف حالَه مع قرابته:

 

 

وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمِّي لَمُختلفٌ جِدّا إذا قدحوا لي نارَ حربٍ بزندهم ... قدحت لهم في كلِّ مكرمةٍ زندا وإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهُمْ ... وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا ولا أَحْمِل الحقدَ القديمَ عليهمُ ... وليس رئيسُ القومِ مَنْ يَحْمِلُ الحقدا وأعطيهمُ مالي إذا كنت واجدًا ... وإن قلّ مالي لم أكَلّفْهمُ رِفْدا

 

 

 

 

 

 

 

ومما يحسن فعله مع الأقارب:

 

 

 

أن يقبل الإنسانُ أعذارَهم إذا أخطأوا واعتذروا.

 

 

 

 

ومن جميل ما يذكر في ذلك ما جرى بين يوسف - عليه السلام - وإخوته، فلقد فعلوا به ما فعلوا، وعندما اعتذروا قَبِلَ عُذْرَهُم، وصَفَحَ عنهم الصفحَ الجميلَ، فلم يقرِّعْهم، ولم يوبِّخْهم، بل دعا لهم، وسأل الله المغفرة لهم.

 

 

 

 

بل يحسن بالإنسان أن يصفح عن أقاربه، وينسى معايبهم ولو لم يعتذروا، فهذا دليل سمو النفس، وعلو الهمة.

ومن جميل ما يذكر في ذلك قول القائل:

 

 

وحَسْبُكَ من ذلٍّ وسوءِ صنيعةٍ ... مناواةُ ذي القربى وإن قيل قاطعُ ولكنْ أواسيه وأنسى عيوبَه ... لِتُرْجِعَهُ يومًا إليَّ الرواجعُ ولا يستوي في الحكم عبدانِ ... واصلٌ وعبدٌ لأرحامِ القرابةِ قاطعُ ومما يحبب الإنسان لقرابته، ويدنيه منهم تواضُعُه ولينُ جانبه مَنْ كان يَحْلُم أن يسودَ عشيرةً ... فعليه بالتقوى ولينِ الجانب ويغضَّ طرفًا عن مساوي من أسا ... منهم ويحلم عند جهل الصاحب

 

 

ومما يجمل فِعْلُه مع الأقارب: بذلُ المستطاعِ لهم من الخدمة بالنفس، أو الجاه، أو المال، وأن يدعَ المنةَ عليهم، ومطالبتَهم بالمثل، فالواصل ليس بالمكافئ، والعاقلُ الكريمُ يوطِّن نفسَه على الرضا بالقليل من الأقارب؛ فلا يستوفي حقه كاملًا، بل يقنع بالعفو وباليسير، حتى يستميلَ بذلك قلوب أقاربه، ويُبْقي على مودتهم.

 

 

 

إذا أنت لم تستبق ودّ صحابةٍ ... على دَخَن أكثرتَ بثَّ المعايبِ

 

 

 

 

 

ثم إن الأقارب يختلفون في أحوالهم، وطباعهم، ومنازلهم؛ فمنهم من يرضى بالقليل؛ فتكفيه الزيارةُ السنوية، والمكالمةُ الهاتفية، ومنهم من يرضى بطلاقة الوجه، والصلة بالقول، ومنهم من يعفو عن حقه كاملًا، ويلتمس المعاذير لأرحامه، ومنهم من لا يرضى إلا بالزيارة المستمرة، وبالملاحظة الدائمة؛ فمعاملتهم بهذا المقتضى تعين على الصلة، واستبقاء المودة.

 

 

 

 

 

ومما يغري بالصلة تركُ التكلف مع الأقارب، ورفعُ الحرج عنهم، وتجنبُ الشدة في عتابهم، فإذا علموا بذلك عن شخص قريب لهم انبعثوا إلى زيارته، وصلته.

 

 

 

 

ومن أجملِ الآدابِ

 

 

التي ينبغي سلوكُها مع الأقارب تَحَمُّلُ عتابِهم، وحَمْلُه على أحسن المحامل، فهذا أدب الفضلاء، ودأب النبلاء ممن تمت مروءتهم، وكملت أخلاقهم، وتناهى سؤددهم، ممن وسِعوا الناس بحلمهم، وحسن تربيتهم، وسعة أفقهم؛ فإذا عاتبهم أحدٌ من الأقارب، وأغلظ عليهم؛ لتقصيرهم في حقه - لم يثرّبوا عليه، ولم يُجاروه في عتابه، بل يتلطّفون به، ويحملون عتابه على المحمل الحسن؛ فيرون أن هذا المعاتبَ محبٌ لهم، حريصٌ على مجيئهم، ويشعرونه بذلك، ويشكرونه، ويعتذرون إليه، حتى تَخِفَّ حِدَّتُه، وتهدأ ثورته؛ فبعضُ الناس يُقَدِّر ويحب، ولكنه لا يستطيعُ التعبيرَ عن ذلك إلا بكثرة اللوم والعتاب.

 

 

 

 

 

 

والكرامُ يحسنون التعامل مع هؤلاء، ولسانُ حالهم يقول: لو أخطأت في حُسْنِ أسلوبك ما أخطأتَ في حسن نيتك.

 

 

 

 

 

ومما يَحسن سلوكُه مع الأقارب: أن يعتدل الإنسانُ في مزاحه مع أقاربه، وأن يتجنَّب الخصامَ، وكثرةَ الملاحاةِ، والجدالَ العقيمَ معهم؛ ذلك أن مجالسَ الأقاربِ كثيرةٌ، واجتماعاتِهم عديدةٌ متكررةٌ، واللائق بالعاقل أن يداريَهم، وأن يبتعدَ عن كلِّ ما مِنْ شأنهِ أن يكدرَ صفو الودادِ معهم.

 

 

 

 

 

وإذا شَعُرَ بأن واحدًا من الأقارب قد حَمَل في نفسه مَوْجِدَةً أو موقفًا - فليبادر إلى الهدية؛ فالهدية تجلب المودة، وتكذِّب سوء الظن، وتستل سخائمَ القلوب.

 

 

 

 

ومما يعين على الصلة:

 

 

 

أن يستحضر الإنسانُ أن أقاربَه لُحْمَةٌ مِنْه؛ فلا بد له منهم، ولا فِكَاكَ له عنهم، فعزُّهم عزٌّ له، وذُلُّهم ذلٌّ له، والرابح في معاداة أقاربه خاسر، والمنتصر مهزوم.

 

 

 

 

 

ومما يحسن بالإنسان أن يحرص عليه كلَّ الحرص تَذَكُّرُ قراباته في المناسبات والولائم.

ومن الطرق المجدية: أن يسجِّل أسماء أقارِبِه، وأرقامَ هواتِفهم، ثم يحفظها عنده؛ حتى يستحضرهم جميعًا، ويتصلَ بهم إما مباشرة، أو عبر الهاتف، أو غير ذلك.

 

 

 

 

 

 

ثم إذا نسي أحدًا منهم فليذهبْ إليه، وليعتذرْ منه، ولْيَسْعَ في تطييب قلبه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.

 

ومما يحسن بالأقارب: أن يَسْعوا إلى إصلاح ذات البين، إذا فسدت بين بعضهم، وأن تكونَ لهم اجتماعاتٌ دوريةٌ سنويةً كانت أو شهريةً، أو نحو ذلك، وأن يكون هناك دليل خاص، يحتوي على أرقام هواتف القرابة، يقوم بعض الأفراد بإعداده، وطبعه وتوزيعه؛ فهذا الصنيع يعين على الصلة، ويذكر المرء بأقاربه، إذا أراد السلام عليهم، أو دعوتهم.

 

 

 

 

 

 

ومما يحسن فعلُه في هذا الصدد، أن يكون للقرابة صندوقٌ تُجْمَع فيه تبرعاتُ الأقارب واشتراكاتهم، ويشْرِفُ عليه بعض الأفراد، فإذا ما احتاج أحدٌ من الأسرة مالًا لزواج، أو نازلة أو غير ذلك - قاموا بدراسة حاله، ورفدوه بما يستحق؛ فهذا مما يولد المحبة بين الأقارب.

 

 

 

 

 

ومما يحسن بالأقارب إذا كان بينهم ميراثٌ أن يعجِّلوا قِسْمَتَهُ؛ حتى يأخذ كلُّ واحدٍ نصيبَه، لئلا تكثر المطالباتُ والخصومات، ولأجل أن تكون العلاقةُ بين الأقارب خالصةً صافيةً من المكدرات.

 

 

 

 

 

 

وإذا كان بين بعض الأقارب شَرِكة في أمر ما؛ فليحرصوا كلَّ الحرص على الوئام التام، والاتفاق في كل الأمور، وأن تسودَ بينهم روحُ المودةِ، والإيثارِ، والشورى، والرحمةِ، والصدقِ، وأن يحبَّ كلُّ واحدٍ منهم لأخيه ما يحبه لنفسه، وأن يعرف كلُّ طرفٍ ما له وما عليه.

 

 

 

 

 

كما يحسن بهم أن يناقشوا المشكلاتِ بمنتهى الوضوح، والصراحة بعيدًا عن المجاملة والمراوغة، والمواربة، وأن يحرصوا على الإخلاص في العمل، وأن يتغاضى كلٌّ منهم عن صاحبه.

ويجمل بهم أن يكتبوا ما يتفقون عليه، فإذا كانت هذه حَالَهم أيسَ الشيطان منهم، وسادت بينهم المودة، ونزلت عليهم الرحمة، وحلَّت عليهم بركات الشركة.

 

 

 

 

 

وأخيرًا: يراعى في صلة الأرحام أن تكون الصلةُ قربةً لله، خالصة لوجهه الكريم، وأن تكون تعاونًا على البر والتقوى، لا يقصد بها حمية الجاهلية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللهم اجعلنا من الواصلين، وأعذنا من القطيعة يا رب العالمين.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

لمتابعة السلسلة

 

 

 

 

 

 

 

من هنا

تم تعديل بواسطه Mr Hamdy Ahmad

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شار ك علي موقع اخر

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

♥ تسجيل دخول ♥

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

♥ سجل دخولك الان ♥

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..