اذهب الي المحتوي
منتديات ياللا يا شباب

عاشقة الفردوس

فريق عمل ياللا يا شباب
  • عدد المشاركات

    1,241
  • انضم

  • تاريخ اخر زيارة

  • Days Won

    54

كل منشورات العضو عاشقة الفردوس

  1. آااااااه يا زمن ازاي بتغيرنا وتقلب موازين الامور .....اسفي على زمن مضى 

    1. عاشق الصداقه

      عاشق الصداقه

      لا تحزني أماه (لعله خير) أليس ذلك ما تعلمناه هنا؟

  2. صباح مفعم ....مليء بالمشاعر الجميلة يبتسم كالنور في قلوبنا وعقولنا

    1. عاشق الصداقه

      عاشق الصداقه

      مرحباً أمنا الفاضله :)

      أسعدك الله وأكرمك بالصحه والعافيه والسعاده

  3. كل سنة وانتم طيبين

    1. عاشق الصداقه

      عاشق الصداقه

      وحضرتك طيبة يا أمنا الفاضلة :)

      دمتِ أماً لكل أعضاء المنتدى ..

      دمتِ أمي :)

    2. المبدعة الشطورة

      المبدعة الشطورة

      كل عام وحضرتك بخير واقرب الى الله smile emoticon

    3. HindoyaIbrahim

      HindoyaIbrahim

      وَانَتْ طِيَبّةِ

  4. مين يعرف حكاية العبارة الي كل يوم نقولها: "الموضوع فيه إن" معلومة ماكنت اعرفها من قبل وكنت اسمع بها وهي دارجة بين الناس وكان اذا حصل الشك في شي يقال الموضوع فيه ( إنّ ) والقصة يقال انها كما يلي كان في مدينةِ حلَب أميرٌ ذكيٌّ فطِنٌ شجاعٌ اسمه ( علي بن مُنقِذ ) وكان الملكُ وقتها ( محمود بن مرداس ). حدثَ خلافٌ بين الملكِ والأميرِ ( علي بن منقذ )، ففطِن عليٌ إلى أنّ الملكَ سيقتله، فهرَبَ مِن حلَبَ وراح إلى بلدتِه دمشق. فطلب الملكُ من الكاتبِ أن يكتبَ رسالةً إلى عليِّ بنِ مُنقذ، ويطمئنُهُ فيها ويستدعيه للرجوعِ إلى حلَب. وكان الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي تُرسَلُ للملوك، بل وكان أحياناً يصيرُ الكاتبُ ملِكاً إذا مات الملك. شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الشرَّ بـ ( علي بن مُنقِذ ) فكتب له رسالةً عاديةً جداً، ولكنه كتبَ في نهايتها : " إنَّ شاء اللهُ تعالى " بتشديد النون ! فأدرك ابنُ مُنقِذٍ أن الكاتبَ يُحذِّرُه وهو يشدِّدُ النون، ويذكّره بقولِ الله تعالى : ( إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوك ) فردّ علي بنُ منقِذٍ برسالة عاديّةٍ يشكرُ الملكَ أفضالَه ويطمئنُه على ثقتِهِ الشديدةِ به، وختمها بعبارة "إنّا الخادمُ المُقِرُّ بالإنعام" وفطِن الكاتبُ إلى أنّ ابنَ مُنقِذٍ يطلبُ منه التنبهَ إلى قولِ اللهِ تعالى : (إنّا لن ندخلَها أبداً ما داموا فيها) وعلِمَ أنّ ابنَ مُنقِذٍ لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ الملكِ ( محمود بن مرداس ) من كتاب : [ المثَل السائر في أدبِ الكاتبِ والشاعر ] للعلّامة : ضياء الدين ابن الأثير من هذه الحادثةِ صارَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يقولونَ للموضوعِ إذا كان فيه شكٌّ أو سوءُ نية : ( الموضوع فيه انّ )! ذكاء العرب وفصاحة اللغة......
  5. إذا كنت تشعر أن حفظ القرآن صعب فلا تظن أن الجنة سهل دربها.. فأعلى مراتبها لحافظ القرآن.. قال أحد السلف: لم أر خليلا يرفع قدر خليله كالقرآن، القرآن هو الوحيد الذي يصحبك طول رحلتك إلى الله فبقدر ما توسع للقرآن في قلبك متكأ.. يوسع الله لك الحياة في صدرك

  6. لما رأيت انواره سطعت ***وضعت من خيفتى كفى على بصرى خوفاُ على بصرى من حسن صورته*** فلست انظره الا على قدرى روح من النور فى جسم من القمر*** كحلية نسجت من الأنجم الزهر ...صلى عليك الله يا خير خلق الله

  7. وقود ومشتقاتها ذكرت 4 مرات فى القرآن الكريم: فى البقرة، وأل عمران ،والتحريم ،والبروج وقودها الناس والحجارة مرتان :فى البقرة والتحريم ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ 1- فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [البقرة : 24] 2- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ [آل عمران : 10] 3- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم : 6] الأمر بوقاية الإنسان نفسه وأهله النار وقد ""روى مسلم"" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر يقول : (قومي فأوتري يا عائشة). وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (رحم الله امرأ قام من الليل فصلى فأيقظ أهله فإن لم تقم رش وجهها بالماء. رحم الله امرأة قامت من الليل تصلى وأيقظت زوجها فإذا لم يقم رشت على وجهه من الماء). ومنه قوله صلي الله عليه وسلم : (أيقظوا صواحب الحجر). ويدخل هذا في عموم قوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة : 2]. وذكر القشيري أن عمر رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية : يا رسول الله، نقي أنفسنا، فكيف لنا بأهلينا؟. فقال : (تنهونهم عما نهاكم الله وتأمرونهم بما أمر الله). وقال مقاتل : ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه. قال الكيا : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب. وهو قوله تعالى { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} [طه : 132]. ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم { وأنذر عشيرتك الأقربين} . [الشعراء : 214]. { عليها ملائكة غلاظ شداد} يعني الملائكة الزبانية غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استرحموا خلقوا من الغضب، وحبب إليهم عذاب الخلق كما حبب لبني آدم أكل الطعام والشراب. { شداد} أي شداد الأبدان. وقيل : غلاظ الأقوال شداد الأفعال. وقيل غلاظ في أخذهم أهل النار شداد عليهم. 4- النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ [البروج : 5]
  8. توجيهات جدّ قيّمة ، جزاك الله خيرا بانتظار المزيد من المشاركات
  9. بارك الله فيك عضونا الجديد صدام فكراوي موضوع قيم جداا نفع الله بك وننتظر منك المزيد من المشاركات القيمة
  10. اشعر بالرضى جزاك الله خيرا ابو تسنيم تمتعنا دائما بمواضيعك المميزة
  11. اسعدني مروركم يا غاليين الله ينفعنا وينفع بنا ويرزقنا الإخلاص والصدق
  12. الفرق بين الحياء والاستحياء ( يستحى ) - يستحيون نسائهم ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ 1- الحياء : الحياء خُلُق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة، وهو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام ولم ترد في القرآن ولكن وردت في الأحاديث الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان 2- الاستحياء ( يستحيى ) فعل المتصف بخلق الحياء فإذا أردنا القيمة الخلقية قلنا "الحياء"، وإذا أردنا وصف حالة من فيه حياء قلنا: استحيا، وجاء ذكر يستحيي في القرآن 3 مرات
  13. ohabo raby سعدت جداااااااااا باطلالتك من جديد حبيبتي

  14. اخبارهم فى الجوع والعطش فى الهواجر الايام والساعات روى البخارى فى صحيحه فى كتاب العلم فى باب حفظ العلم 190:1 وفى اول كتاب البيوع 274:4 عن ابى هريرة رضى الله عنه قال ان الناس يقولون اكثر ابو هريرة من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون ما للمهاجرين والانصار لا يحدثون مثل احاديثه ولولا ايتان فى كتاب الله ما حدثت حديثا ثم يتلو (ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم) ثم يقول ابو هريرة ان اخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاسواق وان اخواننا من الانصار كان يشغلهم العمل فى اموالهم وان ابا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشبع بطنه ويحضر مالا يحضرون ويحفظ مالا يحفظون قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى 192:1 عند شرح هذا الحديث فى هذا الحديث ان التقلل من الدنيا امكن لحفظ العلم. انتهى. واسوق بعد هذا طرفا من اخبار العلماء فى شدائد الجوع فأقول 86 - قال المؤرخ النسابة ابن سعد فى كتابه الطبقات الكبرى 372:6 وهو يتحدث عن الامام سفيان الثورى من الخليفة العباسى المهدى لكلمة حق قالها فاغضبت المهدى فطلبه ليوقع به الاذى والعذاب فاختفى حيث كان بمكة وتوارى عن الناس ولقيه فى تلك الايام فقر وضنك شديدان وهو على هذه الحال من الفاقه والقلق بعثت اليه اخته من الكوفة مع صاحبه ابى شهاب الحناط بجراب فيه كعك وخشكنانج (1) فقدم ابو شهاب الحناط مكة فسأل عن سفيان فقيل له انه ربما يقعد دبر الكعبة مما يلى باب الحناطين قال ابو شهاب فأتيته هناك وكان لى صديقا فوجدته مستلقيا فسلمت عليه فلم يسائلنى تلك المساءلة ولم يسلم على كما كنت اعرف منه فقلت له ان اختك بعثت اليك معى بجراب فيه كعك وخشكنانج قال فعجل به على واستوى جالسا فقلت يا ابا عبد الله اتيتك وانا صديقك فسلمت عليك فلم ترد على ذاك الرد فلما اخبرتك انى اتيتك بجراب كعك لا يساوى شيئا جلست وكلمتنى فقال يا ابا شهاب لا تلمنى فان هذه لى ثلاثة ايام لم اذق فيها ذواقا قال ابو شهاب فعذرته 91 - وقال الامام ابن الجوزى رحمه الله تعالى فى كتابه صيد الخواطر 330:2 متحدثا عن الشدائد التى نالته فى بدء طلبه للعلم وعن محامد صبره على تلك الشدائد ولقد كنت فى حلاوة طلبى العلم القى من الشدائد ما هو عندى احلى من العسل لاجل ما اطلب وارجو كنت فى زمن الصبا اخذ معى ارغفة يابسة فاخرج فى طلب الحديث واقعد على نهر عيسى فى بغداد فلا اقدر على اكلها الا عند الماء فكلما اكلت لقمة شربت عليها وعين همتى لا ترى الا لذة تحصيل العلم فأثمر ذلك عندى انى عرفت بكثرة سماعة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم واحواله وادابه واحوال اصحابه وتابعيهم 92 - وقال ايضا ولم اقنع بفن واحد بل كنت اسمع الفقه والحديث واتبع الزهاد ثم قرأت اللغة ولم اترك احدا ممن يروى ويعظ ولا غريبا يقدم الا واحضره واتخير الفضائل ولقد كنت ادور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفسى من العد لئلا اسبق وكنت اصبح وليس لى مأكل وامسى وليس لى مأكل ما اذلنى الله لمخلوق قط ولو شرحت احوالى لطال الشرح انتهى من مقدمة الاستاذ على الطنطاوى لكتاب صيد الخاطر ص 27. 93 فى اخبارهم فى العرى الدائم ونفاد المال والنفقات فى الغربات الجانب الخامس فى اخبارهم فى العرى الدائم ونفاد المال والنفقات فى الغربات ..وان قارئ هذه الاخبار او سامعها ليعجب من اولئك العلماء الاجلاء كيف تحملت قلوبهم ما نزل بهم من الشدائد والرزايا التى يتململ الانسان عند سماعها ولكنها كانت قلوبا عامرة بالايمان بالله راجية ما عنده من رضوان وثواب فهان عليها فى سبيل مرضاته كل صعب وشديد 96 - حكى الخطيب البغدادى فى ترجمة الامام البخارى المتوفى سنة 256 فى تاريخ بغداد 13:2 قال قال عمر بن حفص الاشقر انهم فقدوا البخارى اياما من كتابة الحديث بالبصرة قال فطلبناه فوجدناه فى بيت وهو عريان وقد نفد ما عنده ولم يبق معه شئ فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى اشترينا له ثوبا وكسوناه ثم اندفع معنا فى كتابة الحديث الجانب الخامس فى اخبارهم فى العرى الدائم ونفاد المال والنفقات فى الغربات ..وان قارئ هذه الاخبار او سامعها ليعجب من اولئك العلماء الاجلاء كيف تحملت قلوبهم ما نزل بهم من الشدائد والرزايا التى يتململ الانسان عند سماعها ولكنها كانت قلوبا عامرة بالايمان بالله راجية ما عنده من رضوان وثواب فهان عليها فى سبيل مرضاته كل صعب وشديد 96 - حكى الخطيب البغدادى فى ترجمة الامام البخارى المتوفى سنة 256 فى تاريخ بغداد 13:2 قال قال عمر بن حفص الاشقر انهم فقدوا البخارى اياما من كتابة الحديث بالبصرة قال فطلبناه فوجدناه فى بيت وهو عريان وقد نفد ما عنده ولم يبق معه شئ فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى اشترينا له ثوبا وكسوناه ثم اندفع معنا فى كتابة الحديث 97 - وقال الخطيب البغدادى فى ترجمة (ابى العباس احمد بن عبد الرحمن الابيوردى) الفقيه كان متجملا فى فاقة يقال انه مكث سنين لا يقدر على شراء جبة يلبسها فى الشتاء ويقول لاصحابه لى علة تمنعنى لبس المحشو (1) 98 - وقال التاج السبكى فى طبقات الشافعية الكبرى 90:3 فى ترجمة (الامام ابى اسحاق الشيرازى) ابراهيم بن على المولود سنة 393 والمتوفى سنة 476 ببغداد رحمه الله تعالى وكان امام الشافعية فى عصره غير مدافع قال ابو العباس الجرجانى كان ابو اسحاق الشيرازى لا يملك شيئا من الدنيا فبلغ به الفقر مبلغه حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا ولقد كنا نأتيه وهو ساكن فى القطيعة حى من احياء بغداد فيقوم لنا نصف قومة ليس يعتدل قائما من العرى كى لا يظهر منه شئ 99 - قيل وكان اذا بقى مدة لايأكل شيئا جاء الى صديق له باقلانى أى فوال فكان يثرد له رغيفا اى يفته ويثريه اى يبله ويلينه بماء الباقلاء فربما اتاه وكان قد فرغ من بيع الباقلاء فيقف ابو اسحاق ويقول تلك اذا كرة خاسرة ويرجع والامام ابو اسحاق الشيرازى هذا هو قائل البيتين السائرين سألت الناس عن خل وفى فقالوا ما الى هذا سبيل تمسك ان ظفرت بذيل حر فان الحر فى الدنيا قليل.. (2) 100 - وقال القاضى ابن خلكان فى الوفيات 234:1 فى ترجمة (القاضى ابى الطيب طاهر بن عبد الله الطبرى) رحمه الله تعالى حكى المؤرخ النسابة السمعانى فى الذيل عن شيخه (ابى اسحاق على بن احمد اليزدى) انه كان له عمامة وقميص بينه وبين اخيه اذا خرج ذاك قعد هذا فى البيت واذا خرج هذا احتاج ذاك ان يقعد قال السمعانى وسمعته يقول يوما وقد دخلت عليه داره مع على بن الحسين الغزنوى الواعظ مسلما عليه فوجدناه عريانا متازرا بمئزر فاعتذر من العرى وقال نحن اذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضى ابو الطيب الطبرى قوم اذا غسلوا ثياب جمالهم لبسوا البيوت الى فراغ الغاسل 101 - وقال سفيان بن عيينة سمعت شعبة بن الحجاج يقول من طلب الحديث افلس بعت طست امى بسبعة دنانير حكاه الذهبى فى تذكرة الحفاظ فيه 8:1 خرج الامام احمد الى عبد الرزاق بصنعاء اليمن سنة سبع وتعسين ومئة ورافق يحيى بن معين فى هذه الرحلة قال يحيى لما خرجنا الى عبد الرزاق الى اليمن حججنا فبينا انا بالطواف اذا بعبد الرزاق فى الطواف فسلمت عليه وقلت له هذا احمد بن حنبل اخوك فقال حياه الله وثبته فانه بلغنى عنه كل جميل فقلت لأحمد قد قرب الله خطانا ووفر علينا النفقة واراحنا من مسيرة شهر فقال احمد انى نويت ببغداد ان اسمع من عبد الرزاق بصنعاء والله لا غيرت نيتى قال يحيى فلما خرجنا الى صنعاء نفدت نفقة احمد فعرق علينا عبد الرزاق دراهم كثيرة فلم يقبلها فقال له اقبلها على وجه القرض فأبى وعرضنا عليه اى على احمد نفقاتنا فلم يقبل فاطلعنا عليه واذا به يعمل التكك ويفطر على ثمنها 10 - ثم قال العليمى 14:1 ولما كان احمد باليمن رهن سطلا عند بقال بحضور سليمان بد داود الشاذكونى (1) واخذ منه ما يتقوت به ثم جاء بفكاكه فأخرج اليه سطلين فقال ايهما سطلك فخذه فقال قد اشتبه على انت فى حل من السطل وفكاكه فقال الشاذكونى للبقال اخرجت سطلين الى رجل من اهل الورع والسطول تتشابه فقال والله انه لسلطه بعينه وانما اردت امتحانه 104- ونقل القاضى ابن ابى يعلى فى طبقات الحنابلة 209:1 فى ترجمة (عبد الرزاق بن همام الصنعانى) شيخ الامام احمد وابن الجوزى فى مناقب الامام احمد ص 226 ان عبد الرزاق ذكر احمد بن حنبل فدمعت عيناه ثم قال قدم علينا فاقام هاهنا سنتين الا شيئا وبلغنى ان نفقته نفدت فأخذت بيد فاقمته خلف الباب واشار الى بابه وما معى ومعه احد فقلت انه لا يجتمع عندنا الدنانير فخذها فأرجو ان لا تنفقها حتى يتهيأ عندنا شئ قال فقال لى احمد يا ابا بكر لو قبلت شيئا من الناس قبلت منك ثم نقل ابن الجوزى عن اسحاق بن راهويه قال لما خرج احمد الى بعد الرزاق انقطعت به النفقة فاكرى نفسه من بعض الجمالين الى ان وافى صنعاء وقد كان اصحابه عرضوا عليه المواساة فلم يقبل من احد شيئا وقال احمد بن سنان الواسطى بلغنى ان احمد رهن نعله عند خباز على طعام اخذه منه عند خروجه من اليمن. انتهى. ونحو هذا فى الحلية لابى نعم 174:8 – 175 وقد وقع للعبد الضعيف جامع هذه الصفحات نفاد النفقة اكثر من مرة (1) ومنها اثناء دراستى فى كلية الشريعة بالقاهرة فقد ابطأت نفقتى على من اهلى فى حلب واصبحت ولم يبق معى سوى 13 قرشا مصريا وكان اليوم يوم الخميس ولم افطر بعد فذهبت الى الكلية على غير طعام ولما عدت منها مررت بالمطعم ودخلته للغداء قبل ورود الاكلين فتسابق الى الندل _ خدم المطعم _, استئناسا منهم بمظهري العلمي الشامي , وكل منهم يبدي الاهتمام بي بغية إكرامه بشئ. ولما جلست للطعام تظاهرت بالمرض ووأنه لا يواتيني من الطعام سوي الحساء (الشوربة) مع الخبز , وهو أرخص طعام في ذلك المطعم. ثم خرجت من المطعم علي بقية جوع حسنة , وبقي لدي عشرة قروش , وما أن وصلت إلي غرفتي التي أسكنها واستقررت فيها , حتى أرسلت جارة لي ولدها تقترض مني خمسة قروش , فأقرضتها , وبقي لدي خمسة قروش , ونمت كما أنا دون أن آكل شيئا , علي أمل أن أفطر فولا في الغد صباح الجمعة , فيقوتني إلي آخر النهار, ويبقي من القروش بقية. فلما أصبحت ظهرت إلي ساحة السطح الذي كانت غرفتي عليه , فإذا زميل لي من الطلبة السوريين الفقراء, كان يسكن علي سطح يبعد عني نحو خمسين مترا ,فأشار إلي هل لديك فلوس؟ فأشرت إليه: ليس لدي سوي خمسة قروش فأشار أنه يريد الفلوس للفطور, فقلت بالإشارة: وأنا أريد الفطور أيضا , فأنا أرميها لك ,فاشتر بها فولا وخبزا لفطورنا جميعا , وتعال به إلي , ثم رميت له بقطعة خمسة قروش , علي اعتدادي أنه فهم مني وأن الفطور سيأتي قريبا وأفطر. ثم عدت إلي غرفتي وانتظرت ثم انتظرت , ثم انتظرت فلم يأت أحد وقاربت صلاة الجمعة فذهبت إلي الصلاة , ثم عدت وبقيت دون طعام إلي صبح يوم السبت ,فذهبت إلي الكلية وعلائم الجوع والتأثير بادية علي وجهي ,فقال لي بعض زملائي الحمويين: ما بك؟ قلت: لا شئ ,قال: لابد ,فاني أري وجهك ذاويا متغيرا فأخبرني , وأصر علي بإخباره ,فأخبرته بجوعي منذ يومين , فأخذني لمنزله وأضافني أكرمه الله , وأقرضني من نفقته حتى جاءت نفقتي , وأوسع الله علي وذهبت الفاقة. 113- وبعد أ، وقعت لي هذه الحادثة , وجاءتني النفقة من بلدي حلب أخبارهم في فقد الكتب أو بيعها أو نحو ذلك عند الملمات الجانب السادس في أخبارهم في فقد الكتب أو بيعها أو نحو ذلك عند الملمات والكتب من حياة العالم تحل منه محل الروح من الجسد والعافية من البدن وسنري من أخبارهم في فقد الكتب أو تلفها أو احتراقها العجب العجاب , وقد أأكثروا القول في انتكابهم بها ,وأجتزئ مما قالوه باليسر: 116- وهذا القاضي الجرجاني (أبو الحسن علي بن عبد العزيز) , يذكر موقع الكتاب من نفسه ومن لذاذة حياته , فيقول كما في ترجمته في (وفيات الأعيان) 1: 325م ما تطعمت لذة العيش حتى... صرت للبيت والكتاب جليسا ليس شئ عندي اعز من العلم... فما أبتغي سواه أنيسا إنما الذل في مخالط النا... س فدعهم وعش عزيزا رئيسا 118- قال الحافظ السخاوي رحمه الله تعالي في (فتح المغيث بشرح ألفية الحديث) ص 157" كان أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني من الحفاظ الكبار _ وتوفي في أصبهان سنة 234- رؤي بعد موته في النوم وفقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي , فقيل: بماذا؟ قال: كنت في طريق أصبهان , فأخذني المطر , كان معي كتب , ولم أكن تحت سقف ولاشئ! فانكببت علي كتبي حتى أصبحت وهدأ المطر , فغفر الله لي بذلك في آخرين " 119- وهذا إمام المحدثين وشيخ البخاري (علي بن المديني) المتوفي سنة 234 رحمة الله تعالي , - وهو الذي قال فيه الخطيب البغدادي:" فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها ,ولسان طائفة أهل الحديث وخطيبها " _قد ألأف كتابه العظيم (المسند) علي الأطراف (1) واستقصي فيه واستوعب ما أمكنه , ثم رحل رحلة طويلة , فطوف فيها ما طوف من بلاد الإسلام في ثلاث سنين , ثم عاد إلي بلده: البصرة , فرأي (مسند) قد أكلته دودة الكتب وقضت عليه , فمات الكتاب في حياة مؤلفه! حكي الخطيب في ترجمته في (تاريخ بغداد) 11: 462 أنه قال: كنت صنفت (المسند) علي الطرف مستقصي وكتبته في قراطيس , وصيرته في قمطر كبير (2) وخلفته في المنزل , وغبت هذه الغيبة , فلما قدمت ذهبت يوما لأطالع ما كنت كتبت , فحركت القمطر , فإذا هي ثقيلة رزينة بخلاف ما كانت , ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصارت طينا! فلم أنشط بعد لجمعه!) 120- وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان) وأنباء الزمان) 1: 337, في ترجمة الشريف المرتضي أبي القاسم (علي بن الطاهر) : حكي الخطيب أبو زكريا يحيي بن علي التبريزي اللغوي , أن أبا الحسن علي بن أحمد بن علي سلك الفالي الأديب , كانت له نسخة من كتاب (الجمهرة) لابن دريد في غاية الجودة , فدعنه الحاجة إلي بيعها, فاشتراها الشريف المرتضي أبو القاسم المذكور بستين دينارا , وتصفحها فوجد بها أبياتا بخط بائعها أبي الحسن الفالي المذكور, وهي: أنست بها عشرين حولا وبعتها... لقد طال وجدي بعدها وحنيني وما كان ظني أنني سأبيعها... ولو خلدتني في السجون ديوني ولكن لضعف وافتقار وصبية... صغار عليهم تستهل شؤوني فقلت ولم أملك سوابق عبرتي... مقالة مكوي الفؤاد حزين "وقد تخرج الحاجات يا ام مالك... كرائم من رب بهن ضنين " فارجع النسخة اليه وترك له الدنانير رحمه الله تعالى ". انتهى (1) 122 - وهذا الشيخ ابو الحسن على بن محمد بن ثابت الخولانى، المعروف بالحداد المهدوى (1) ، يبيع كتبه اضطرارا وفقرا، فتسأله زوجته وهى تعرف حبه لكتبه وشدة تعلقه بها: كيف بعت الكتب وهى اعز شئ لديك؟! فيقول لها كما حكاه الحافظ السلفى فى كتابه " معجم السفر " وياقوت الحموى فى " معجم البلدان " عند اسم (المهدية) 8: 208: قالت وابدت صفحة... كالشمس من تحت القناع بعت الدفاتر وهى آخـ... ـــر ما يباع من المتع فاجبتها ويدى على... كبدى وهمت بانصداع لا تعجبى مما رأيت... فنحن فى زمان الضياع! خبر ابراهيم الحربى 134 - قال الخطيب البغدادى فى " تاريخ بغداد " 6: 31، وابن ابى يعلى فى " طبقات الحنابلة " 1: 86 - 88، وشمس الدين النابلسى فى " مختصرة " ص 51 و 294، فى ترجمة (ابراهيم بن اسحاق الحربى) المولود سنة 198 والمتوفى سنة 285 ببغداد رحمه الله تعالى. وهو الامام العلم فى العلم والزهد والفقه والحديث والادب واللغة، قال الخطيب: " قال ابراهيم الحربى: افنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين، ان جاءتنى امى او اختى اكلت، والا بقيت جائعا عطشان فى الليلة الثانية. وافنيت ثلاثين سنة من عمرى برغيف فى اليوم والليلة، ان جاءتنى امرأتى او احدى بناتى به اكلته، والا بقيت جائعا عطشان الى الليلة الاخرى. والان اكل نصف رغيف واربع عشرة تمرة ان كان برنيا، او نيفا وعشرين ان كان دقلا، ومرضت ابنتى فمضت امرأتى فاقامت عندها شهرا فقام افطارى فى هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف! ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين، فقامت نفقة شهر رمضان كله بدرهم واربعة دوانق ونصف. قال ابو القاسم بن بكير: سمعت ابراهيم الحربى يقول: ما كنا نعرف من هذه الاطبخة شيئا، كنت اجئ من عشى الى عشى وقد هيأت لى امى باذنجانة مشوية، او لعقة بن - البن بكسر الباء: الشحم -، او باقة فجل. قال ابو على الخياط المعروف بالميت: كنت يوما جالسا مع ابراهيم الحربى على باب داره، فلما ان اصبحنا قال لى: يا ابا على قم الى شغلك، فان عندى فجلة قد اكلت البارحة خضرها، اقوم اتغدى بجزرتها ". 135 - ثم روى الخطيب البغدادى بسنده الى احمد بن سلمان النجاد، احد المحدثين من السادة الحنابلة المتقدمين، واحد الفقهاء الفقراء الشاكرين رحمه الله تعالى " قال احمد بن سلمان النجاد القطيعى: اضقت اضاقة شديدة، فمضيت الى ابراهيم الحربى لابثه ما انا فيه، فقال لى: لا يضق صدرك، فان الله من وراء المعونة، وانى اضقت مرة حتى انتهى امرى فى الاضافة الى ان عدم عيالى قوتهم! فقالت لى الزوجة: هب انى انا واياك نصبر، فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه او نرهنه! فضننت بذلك، وقلت لها: اقترى لهما شيئا وانظرينى بقية اليوم والليلة. وكان لى بيت فى دهليز دارى فيه كتبى، فكنت اجلس فيه للنسخ والنظر، فلما كان فى تلك الليلة اذا داق يدق الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران، فقلت: ادخل، فقال: اطفئ السراج حتى ادخل، فكببت على السراج شيئا وقلت: ادخل، فدخل الدهليز فوضع فيه صرة كبيرة، وقال لى: انا اصلحنا لصبياننا طعاما، فاحببنا ان يكون لك وللصبيان فيه نصيب، وهذا شئ اخر، فوضعه الى جانب الصرة الكبيرة وقال: تصرفه فى حاجتك، وانا لا اعرف الرجل وتركنى وانصرف. فدعوت الزوجة وقلت لها: اسرجى السراج، فاسرجت وجاءت، واذا الصرة منديل له قيمة، وفيه خمسون وسطا فى كل وسط لون من طعام والى جانب الصرة كيس فيه الف دينار، فقلت للزوجة: انبهى الصبيان حتى يأكلوا، ولما كان الغد قضينا دينا كان علينا من ذلك المال. وكان وقت مجئ الحاج من خراسان، فجلست على باب دارى من غد تلك الليلة، واذا جمال يقود جملين عليهما حملان رزقا (1) ، وهو يسأل عن منزل ابراهيم الحربى، فحط الحملين وقال: هذا الحملان انفذ هما لك رجل من اهل خراسان، فقلت من هو؟ فقال: قد استحلفنى ان لا اقول من هو. قال احمد بن سلمان النجاد: فقمت من عند ابراهيم الحربى، ومضيت الى قبر احمد فزرته ثم انصرفت، فبينا انا امشى الى جانب الخندق، اذ لقيتنى عجوز من جيراننا فقالت لى: مالك مغموما؟ فاخبرتها، فقالت: ان امك قبل موتها اعطتنى ثلاث مئة درهم، وقالت لى: اخبئ هذه عندك، فاذا رأيت ابنى مضيقا مغموما فاعطيه اياها، فتعال معى حتى اعطيك اياها، فمضيت معها فدفعتها الى. 136 - وكان احمد بن سلمان النجاد هذا - كما حكى الخطيب فى ترجمته فى " تاريخ بغداد " 4: 191 - يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف، ويترك منه لقمة، فاذا كان ليلة الجمعة تصدق بذلك الرغيف، واكل تلك اللقم التى استفضلها. 140 - هذه صفحات او قبسات من تاريخ العلماء، وما لا قوه من شدائد واهوال ومتاعب فى تحصيل العلم وتلقيه، وقد بذلوا فى سبيله المهج والارواح كما رأينا، وصبروا اشد الصبر حتى نالوه، فكانوا الائمة الهداة لمن بعدهم، فرحمة عليهم ورضوانه العظيم. وقد استحسنت ان اورد فى ختام هذه الاخبار، عن اولئك الاخيار الابرار، قصيدة القاضى الجرجانى، التى جمع فيها ما ينبغى ان يكون عليه طالب العلم ليسمو به علمه الى اعلى المقامات، وينبل قدره، وينتفع الناس به. يقولون لى: فيك انقباض وانما... راوا رجلا عن موقف الذل احجما ارى الناس من داناهم هان عندهم... ومن اكرمته عزة النفس اكرما ولم اقض حق العلم ان كنت كلما... بدا مطمع صيرته لى سلما وما زلت منحازا بعرضى جانبا... عن الذل اعتد الصيانة مغنما اذا قيل: هذا منهل قلت: قد ارى... ولكن نفس الحر تحتمل الظمأ انزهها عن بعض ما لا يشينها... مخافة اقوال العدا: فيم او لما؟ فاصبح عن عيب اللئيم مسلما... وقد رحت فى نفس الكريم معظما وانى اذا ما فاتنى الامر لم ابت... اقلب كفى اثره متندما ولكنه ان جاء عفوا قبلته... وان مال لم اتبعه: هلا وليتما واقبض خطوى عم حظوظ كثيرة... اذا لم انلها وافر العرض مكرما واكرم نفسى ان اضاحك عابسا... وان اتلقى بالمديح مذمما وكم طالب رقى بنعماه لم يصل... اليه وان كان الرئيس المعظما وكم نعمة كانت على الحر نقمة... وكم مغنم يعتده الحر مغرما ولم ابتذل فى خدمة العلم مهجتى... لاخدم من لاقيت لكن لاخذ ما ااشقى به غرسا واجنبه ذله... اذا فاتباع الجهل قد كان احزما فان قلت: زند العلم صانوه صانهم... ولو عظموه فى النفوس لعظما ولكن اهانوه فهانوا ودنسوا... محياة بالاطماع حتى تجهما! وما كل برق لاح لى يستفزنى... ولا كل من لاقيت ارضاه منعما ولكن اذا ما اضطرنى الضر لم ابت اقلب فكرى منجدا ثم متهما الى ان ارى مالا اغص بذكره... اذا قلت: قد اسدى الى وانعما خـــــــــاتـمـــة 143 - وبعد فهذه نبذ يسيرة من حياة علمائنا السابقين، وابائنا المتقدمين ندرك منها: كيف كان عيش الكثيرين منهم، يتدثرون الفقر، ويلتحفون الطوى، وياكلون الخشن والقليل عد ما وفاقه، مع اظهار التجمل والغنى. ويممتطون المصاعب والشدائد، ويصبرون حتى يكاد الصبر يتململ من مصابرتهم له، كا ذلك فى سبيل العلم وتحصيله. وكانوا يجمعون الى ذلك فى قرارة نفوسهم الرضا عن الله تعالى، والحمد والشكر له سبحانه، حتى كانوا القدوة الصالحة لمن بعدهم من طلبة العلم واهله، فرضى الله عنهم، وجزاهم عن العلم والدين والاسلام خير الجزاء. 144 - واخلص من هذا الى بعض ما تفيدنا هذه الصفحات، من عبر وعظات، فاقول: هذه وقائع لذ لنا درسها، وطاب لنا سمعها، وعظم لدينا وقعها، وتحملها اباؤنا بصبر ورضا، ابتغاء رضوان الله تعالى، وفى سبيل خدمة كتاب الله وسنة رسوله وعلومهما، فكانت عطرا يطيب به تاريخ العلم والعلماء فى الاسلام، ويشنف به سمع الزمان على مر الايام: اولئك ابائى فجئنى بمثابهم... اذا جمعتنا يا جرير المجامع 145 -شهدنا فى هذه الصفحات اخبارا عن صبر العلماء وشدائد حياتهم وما لا قوة فى سبيل العلم والتحصيل، وليست هذه الصفحات على كثرتها الانزرا يسيرا من تاريخهم فى هذا الجانب، وعلى قلة ما سمعنا او قرانا من اخبارهم، ندرك مدى ما تحملوه من شدائد ومحن وتضحيات، فهذه باقة من مكارم الاباء، تهدى الى كرام الابناء. 146 - شهدنا فى هذه الصفحات: بطولات وتضحيات، وعزائم نافذات، وقعت من اناس متباعدى الديار، مختلفى البيئات والاقطار، فيهم العربى والعجمى، والمشرقى والمغربى، والشامى والمصرى، والخراسانى والعراقى، والابيض والاسود. وهى تعرفنا ان نيل المقامات العلمية الرفيعة، لا يقتصر على جنس دون جنس، ولا بلد دون بلد، ولا لون دون لون، ولا عرق دون عرق، ولا قوم دون قوم، بل كل من جد واجتهد، وداب واصطبر، وتفرغ واقبل: نال وارتفع بقدر جده ومواهبه وفضل الله عليه. فالمقامات والمكارم العالية لا تنال الا بالاجتهاد والدأب، ومتابعة الجد والطلب، كما قال: فقل لمرجى معالى الامور... بغير اجتهاد: رجوت المحالا! وقد وقعت منهم هذه الوقائع المتشابهة والمتوافقة، على اختلاف السنتهم والوانهم، وتباعد اجناسهم واوطانهم، ولكن الناظر فى اخبارهم لا يلمح لهذه المفارقات اى اثر، ذلك لان الاسلام هو الذى سواهم فاحسن تسويتهم وصقلهم فوحد سيرتهم، وكونهم هذا التكوين الفريد العجيب، ولسان حال كل واحد منهم يقول: ابى الاسلام لا اب لى سواه... اذا افتخروا بقيس او تميم 147 - شهدنا فى هذه الصفحات ان مرحلة تحصيل العلم مرحلة صعبة شاقة جدا تنقطع دون بلوغها حيازيم الصبر، وتنحسر امامها عزمات الرجال، ولا يصبر على اجتيازها الا الافذاذ الابطال، ممن كان مغرما بالعلم، ذائقا لذاته، عازما على تحصيله ولو لقى فى سبيله الالاقى! 148 - شهدنا فى هذه الصفحات رجال العلم وطلابه يواجهون الفقر والاملاق تارة، والعرى والجوع والعطش تارة اخرى، والعقبات والنوائب حينا اخر، وشهدنا فى هذه الصفحات بعض ائمة العلم والدين يطالع العلم فى الليل على ضوء سراج الحارس، لفقده المال لشراء زيت السراج! وشهدنا فيهم من يقنع بورق الكرنب يعيش عليه فى سبيل العلم، ولديه من العقل والذكاء ما لو صرفه لتحصيل المال والغنى، لغمر بالمال غمرا ولكان من اغنى الناس يدا، ولكنه اثر الفقر على الغنى من اجل تحصيل العلم، وشهدنا فيهم من يقنع برائحة الخبز يشمها يتغذى بها، ومن يتناول الايام الطوال حشيش الارض ومنبوذ القمامات يقتات به! بل لقد جعل بعض ائمة العلم منهم الجوع ونسيان الجوع فى سبيل العلم: شرطا لحصول لذة العلم، فكان ابو الحسن المازنى البصرى (النضر ابن شميل) اللغوى المحدث الحافظ الامام فى العربية والحديث والادب والشعر يقول: لا يجد الرجل لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه. نقله الحافظ الذهبى فى ترجمته فى " تذكرة الحفاظ 149 - شهدنا كل هذا وامثاله ينتاب اولئك الرجال خدمة الشريعة والدين، فما ونت هممهم، ولا استكانت عزائمهم، ولا اختلت موازين الحق والعلم والدين بين ايديهم، بل كانوا احرص الناس على دينهم، وارعى الناس لاماناتهم، فما تاثروا بتلك الشدائد والازمات التى تاخذ بالانفاس والتلايب، فى ارائهم واستنباطاتهم واحكامهم على غيرهم من الناس، اغنياء كانوا او فقراء اصدقاء كانوا او اعداءا. 150 - شهدنا فى هذه الصفحات: ان علوم الاسلام العظيم، لم تدون على ضفاف الانهار، وتحت ظلال الاشجار والاثمار، وانما دونت باللحم والدم وظمأ الهواجر، وسهر الليالى على السراج الذى لا يكاد يضئ نفسه، وفى ظل العرى والجوع وبيع الثياب، وانقطاع النفقة فى بلد الاغتراب، والرحل المتواصلة المتلاحقة، والمشاق الناصبة المتعانقة، والصبر على اهوال الاسفار، وملاقاة الخطوب والاخطار، والتية فى البيد والغرق فى البحار، وفقد الكتب العزيزة الغالية والاسفار، وحلول الامراض والاسقام، مع البعد عن الاهل والدار! فما اثر كل ذلك فى امانة علم اهلها، وما نقص من متانة دينهم، وما وهن من قوة شكيمتهم، وما اخلت خشونة العيش القاسية فيهم، بالحاق الحق والعدل الذى بين ايديهم، مع التفانى فى سبيله. 151- شهدنا من هذه الصفحات ان المكارم والمعالي، منوطة بالمكارة والمصاعب، ومحفوفة بالعقبات الصعداء، لا يعبر اليها الا على جسر من المشقة والتعب، ولاتقطع فيا فيها الا على راحلة الجد والنصب، وكما قال الامام يحيى بن ابى كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم. كما رواه عنه الامام مسلم فى صحيحه فى (باب اوقات الصلوات الخمس) 5:113 فمن طمحت نفسه الى مراقى هؤلاء الائمة، فواجب عليه ان يسير على المحجة التى سلكوها، ويخوض الغمرات التى خاضوها، وهى فى ابتدائها لا تنفك عن ضروب المشقة والكراهية والتاذى، ولكن متى اكرهت النفس عليها، وسيقت طائعة او مكرهة اليها: صبرت على لاوائها وشدتها، واستلانت ما استوعره غير ابناء بجدتها، وافضت من رحلتها هذه الى رياض مونقة، ومقاعد صدق رفيعة متالقة، ومقام كريم، ونعيم مقيم، تجد كل لذة كانت بلغتها قبل لذة هذا المقام: مثل لذة لعب الصبى بالعصفور، بالنسبة الى لذات الملوك وارباب القصور، كما قال: وكنت ارى ان قد تناهى بى الهوى... الى غاية ما بعدها لى مذهب فلما تلاقينا وعاينت حسنها... تيقنت انى انما كنت العب! 152 - شهدنا من هذه الصفحات: ان طالب العلم اذا بذل جهده فى الطلب والتحصيل، وتحمل المشاق والمتاعب، وغالب الصعاب والعقبات، لا يخيب الله معاه، ولا يهضم الناس حقه، ولا يتخلف عنه التفوق والنبوغ، فالنبوغ صبر طويل. كما قال الهذلى: وان سيادة الاقوام فاعلم... لها صعداء مطلعها طويل 153 - راينا فى هذه الصفحات من بدا حياته فقيرا معوزا، لا يملك من الدنيا شيئا فما اخضر عذاره، وطر شاربه الا وهو الامام المقدم فى الامة، والمرجع الموثق عند الناس فى دينهم وشريعتهم، وقد فتحت عليه ابواب الخير والرزق من كل جانب. وهذه سنة مطردة فى الحياة، ان " من كانت بدايته محرقة، كانت نهياته مشرقة "، وان من جود واحكم ما يزاوله فى امر الدين او امر الدنيا نجح وافلح، فكيف بطالب العلم الذى تضع له الملائكة اجنحتها رضاء بما يصنع فان عون الله لا يتخلف عنه، بل ما اسرعه منه. 154 - شهدنا فى هذه الصفحات دروسا فى الصبر على الشدائد والمكارة والفقر والعدم والعرى والضيق، فينبغى ان نتعلم منها: البعد عن النفاق والتملق اذا املقنا، فان الله هو الرزاق ذو القوة المتين، ونتعلم منها: ان الصبر على الحق، والتضحية فى سبيله، هى مفتاح العون الالهى والامداد السماوى للعالم الصالح. 155 - شهدنا فى هذه الصفحات ان العفة عن المال من يد الحكام، سبب لاستنارة البصائر، وانبساط اللسان بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر، ووضع القبول فى الارض، فالحلال الطيب القليل ارضى الله، وابرك على صاحبه، واصلح فى سلوكه، من الكثير المدخول. 156 - شهدنا من هذه الصفحات ان الذى يتعفف عن الحرام او المشبوه مع شدة الحاجة والفقر، يعوضه الله الطيب الطاهر الحلال، فياكل طيبا، ويقول طيبا، ويجعل الله فى كلامه النفع والقبول، والخير المثمر للناس، ويكون كلامه شفاء للقلوب وبلسما للارواح. 157 - شهدنا من هذه الصفحات ان العلم يذكر اهله على وجه الدهر، ولو كانوا فى حياتهم فقراء معوزين، واذا كان العدم لحق بهم، فانما لحق بهم فى مظاهر الحياة الماضية الزائلة، ولكنهم عاشوا بعد موتهم اغنياء بالذكر الحسن، والسيرة العطرة، وكانوا القدوة الحسنة لمن بعدهم فى التذرع بالصبر عند الشدائد، فلم يزالوا بذلك احياء فى الناس وان ماتوا، ولم يفت التخلق باخلاقهم الحميدة وان فاتوا: جمال ذى الارض كانوا فى الحياة وهم... بعد الممات جمال الكتب والسير وكما قال الاخر: يموت قوم فيحيى العلم ذكرهم... والجهل يلحق امواتا باموات! 158 - شهدنا فى هذه الصفحات ان العلم الحق ياخذه الناس من عالمه وحافظه، دون تمييز بين ان يكون ذلك العالم من سادات البيوتات، او من الموالى الذين اعتقتهم السادات، فالعلم فى ذاته شرف وسيادة، ونسب رفيع لحامله وشهادة، فبعد ثبوت الامانة من ناقله، لا يتلفت الى عنصره او جنسه، او كونه حرا او رقيقا، او مولى او معتقا، او فقيرا او غنيا، او متقشفا او متبسطا او مخشوشنا. فالعلم سدة رفيعه تحنى لها الجباة، وحكم عدل يخضع له المتكبرون والكبراء، والملوك والعظماء: ان الملوك ليحكمون على الورى... وعلى الملوك لتحكم العلماء 159 - شهدنا فى هذه الصفحات: المفارقة الكبيرة بين حالنا اليوم وحال طلاب العلم فى القديم، فقد كانوا يضربون اباط الابل، ويقطعون الفيافى والقفار فى الليالى والهواجز مشيا على الاقدام، ويقعون فى المتاعب والمهالك حتى يلقوا عالما، او يسمعوا محدثا، او ياخذوا عن فقيه، او يتلقوا من اديب. كل ذلك يكون منهم وهم صامتون، فلا تشهد منهم غرور المغرورين، وانتفاخ المدعين، كالذى تبلى به من بعض الناس اليوم، وقد اوتوا - رحمهم الله- من دقة العلم وكثرته واتقانه ما يبهر الانظار، ويخضع لعظمته ومتانته وتحقيقه واستيعابه المجدون المنصفون ذوو الالباب، قد ونوا كل ذلك، بصمت العابد، وتواضع العالم، وامانه الفطن الصالح الدقيق البصير، الذى لا يفرط فى قير ولا قطمير (1) . واليوم - والحمد لله - تيسرت كل السبل، ولانت الوسائل، ودنا القاصى والبعيد، وطويت ابعاد الزمان والمكان، ومع هذا اليسر كله: ونت الهمم وفترت العزائم، وضعف الانتاج، وغاب النبوغ، والحال فى العلوم الاسلامية واهلها الى ما ترى! ومع هذا: كثر فى الناس اليوم المدعون، مع كثرة الشطط وتجهيل السلف! 160 - راينا فى هذه الصفحات: كيف بلغ اولئك الائمة الاعلام الذروة فى العلم، دون تشجيع يصنع اليهم، او مكافأة مادية تدر عليهم، او منزلة حكومية يرتقبونها، او وظيفة دنيوية يتشبهون بها، انما كان همهم وقصارى مرادهم مما ركبوا فيه الصعب والذلول: خدمة دينهم، وارضاء ربهم، ونصر كتابهم، ونشر سنة نبيهم، وعلوم اسلامهم، فنالوا ما املوه فى الدنيا، ولهم عند الله تعالى من الاجر والمقام المحمود: ما لا عين رات، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وما اغمضت منهم العيون لوداع هذه الدار الفانية، حتى تلقتهم رحاب الخلد واستقبلتهم حورها فى الدار الباقية، فلقوا التكريم والهناء، ونسوا الشقاء والبلاء، فكان لهم كما قيل: هناء محا ذاك العزاء المقدما... فما عبس المحزون حتى تبسما 161 - شهدنا من خلال هذه الصفحات: الوان الصبر العجيب، والجهود الجبارة، والعزائم الخارقة، والعقول الكبيرة المبدعة، التى شادت هذه المكتبة الاسلامية التى ملات الخافقين، مع ما ذهب منها وسود ماء دجلة اياما طوالا، ومع ما احرقته محاكم التفتيش والاسبان اشهرا كثيرة، ومع ما اتلفته ايدى المغول والتتر فى عيثهم فى بلاد الاسلام فسادا. 162 - شهدنا من خلال هذه الصفحات، سر عظمة هذه المكتبة الاسلامية وسر سعتها، وانها ما كانت تكون بهذه الكثرة التى لا تنقطع، لولا تلك العزائم الايمانية، والقلوب الطاهرة، والنفوس الزكية، التى وهبت وجودها للاسلام وعلومه. فرضوان الله تعالى على تلك الاجساد التى بنت لنا هذه الامجاد، واشادت بدمها ونور عيونها وشعلة عقولها: ما خضع لفضله وتفوقه كل عدو وصديق. وبارك الله فى شبابنا المتعلم، وجعل فيه من يخلف اولئك العلماء: علما وعملا وسيرة. ونشرا للعلم وتاليفا فيه، وذوبانا فى تحصيله، ومكن لهم نصر كلمة الحق فى الارض، لتقر بهم العيون، وتستنير بهم العقول، وتستروح بهم القلوب والارواح، وبذلك فليفرح المؤمنون. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. انتهى بحمــد الله و فضله .. منقول للفائدة
  15. أخبارهم في الصبر على الفقر وشظف العيش ومرارته وبيع الملبوسات أو المفروشات. وهذا جانب يعد أوسع الجوانب في هذه الصفحات , إذ كان الفقر شعار العلماء ودثارهم على الغالب , فيما مضى من الزمن وفيما يأتي. ـــ قال ياقوت الحموي في ((معجم الأدباء)) في ترجمة (ابن حزم: علي بن أحمد) 12: 239 ((ذكر أن أبن حزام اجتمع يوماً مع الفقيةأبى الوليد سليمان بن خلف الباجى صاحب التواليف الكثيرة , وجرت بينهما مناظرة ـــ في سنة 440 ـــ فلما انقضت قال أبو الوليد الباجي لابن حزم: تعذرني فان أكثر مطالعاتي كانت على سرج الحراس , قال ابن حزم: وتعذرني أيضاً فأن اكثر مطالعاتى كانت على مناثر الذهب والفضة. ـــ أي على المصابيح المصنوعة من الذهب والفضة ــ (1) . قال ياقوت الحمرى: أراد أن الغنى أضيع لطلب العلم من الفقر!)) . 54ـــ يقول العلامة الجليل الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى فى كتابه ((ابن حزم)) 56, بعد ذكره خبر اعتذار كل من الباجى وابن حزم لصاحبه بالحال التى نشأ عليها من الفقر المدقع أو الغنى المفظع ((يرى ابن حزم أن كثرة المال وطيب العيش تسد مسالك العلم الى النفوس ,فلا تتجه الى العلم,فان الجدة قد تسهل اللهو ,وتفتح باب , واذا انفتح باب اللهو سد باب النور والمعرفة ,فلذائذ الحياة وكثرتها يطمس نور القلب ,وتعمى البصيرة ,وتذهب جدة الادراك. أما الفقير ,ان شغله طلب القوت ,قد سدت عليه أبواب اللهو ,فأشرقت النفس , وانبثق نور الهداية ,هذا نظر ابن حزم أما نظر الباجى فانه متجه الى الاسباب المادية من حيث تسهيل الحياة المادية, من غير نظر الى الاسباب النفسية التى تتضمن أن الغنى يكون فى كثر من الاحوال معه الانصراف عن العلم الى اللهو , وقد توفرت ذرائعه)) . انتهى. 55ــ قال عبد الفتاح: الذى أراه أقرب الى الصواب هو اعتذار الباجى, فقد قال الامام الشافعى رضى الله عنه وقوله القول الفصل: ((لا تستشر من ليس فى بيته دقيق ,لانه مد له العقل)) (1) والحقيقة أن الفقر له حالان: حال تتبلبل فيها الخواطر من الهم والغم الكثرة العيال وانكسار النفس الناشىء عن ذلك ,وما الى هذا من علل الفقر التى تأخذ بالانفاس التلابيب, ولنعبر عن هذا بالفقر الاسود كما يقال ,هو الذى يبدد الذهن ,ويقتل النبوغ ,ويذوى صاحبه كما تذوى الشجرة الخضراء اذا انقطع عنها الماء. وحال ثانية : يكون الانسان فيها فقيرا , ولكنه يقول خفيف المؤونة , وأما خاطره فمستقر مشرق , ثابت منجمع , ولنسم هذا بالفقر البيض كما يقال , وهو نعمة بالنظر الى طالب العلم فى أول حيا ته , حتى لا تشده الدنيا الى مشاغلها وغمراتها ومفاتنها , فان التقلل من الدنيا أمكن لحفظ العلم. 56ـــ وهذا النوع يشهد له خبر فقر أبى هريرة , الذى يأتى فى (الجانب الرابع) ص 69ـــ 70,فقد دعاه فقره الى ملازمة رسوا الله صلى الله عليه وسلم على طمأنينة وخفة مسؤلية ,فكان فقره فى ماله حسنه عليه وعلى الناس , اذ كان يلزم مجلس رسول الله صلى الله عايه وسلم لشبع بطنه ,وكان فى طى ذلك حفظه السنة للمسلمين عن رسول الله صلى الله عليه سلم. ولو كان صاحب تجارة أو نخيل, كالذين عناهم فى حديثه الاتى ص70 من المهاجرين والانصار , لشغله ما شغلهم عن مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد حلفت كتب الادب التراجم التاريخ والاخلاق باقوال العلماء فى فقرهم وغربتهم وصبرهم على شدائدهم الخانقة , واستهانتهم بها وعدم اكتراثهم لها ,تمسكا منهم بمثوبة الصبر , المستحب فيه الاجر , والذى كانوا فيه من الفائزين. فهذا قائل منهم يقول مسائلا الفقر عن مسكنه ومنزله ليعرف فيجتنبه, فيخبره الفقر أنه جليسه وأنيسه , وخديته , لا يبارحه ولا يفارقه! قلت للفقر: أين أنت مقيم...؟ ... قال لى: فى عمائم الفقهاء! ان بينى وبينهم لاخاء... وعزيز على ترك الاخاء! أخر يجعل الفقه هو الفقر بعينه , انما استدارت راء الفقر فصارت هاء فيقول مشيرا الى التلازم بين الفقه والفقر:إن الفقه هوالفقير وإنما... راء الفقير تجمعت أطرافها 57ــــ وهذا الامام الشافعي رضي الله عنه يستهين بسطوة الفاقة , ويكسر جبروتها بصبره الذي غلبها , فيقول فيما نسب إليه رضي الله عنه: أمطري لؤلؤا سماء سرند يب... وفيضي أبار تكرور تبرا (1) أنا إن عشت لست أعدم قوتا... إذا مت أعدم قبرا همتي... همة الملوك نفسي... نفس حر ترى المذلة كفرا إذا ما قنعت بالقوت عمري... فلماذا أزو ر زيدا عمرا...؟ 58ـــ وهذا القاضي أبو الحسن على بن عبد العزيز الجرجاني يقتدي بالامام الشافعي فيقول , كما فى ترجمته فى ((وفيات الأعيان)) :325: وقالوا: توصل بالخضوع الى الغنى... ما علموا أن الخضوع هو الفقر وبين وبين المال شيئان حرما... على الغنى: نفسي الأبية والدهر إذا قيل: هذا اليسر أبصرت دونه... مواقف خير من وقوفي بها العسر! 59ـــ وهذا أخر من العلماء يشمخ على الفقر والسؤال حتى لو كان فيه نيل العلياء , فينهى عن السؤال ومد اليد , ولو للعلماء , فمد اليدمن العالم ذلة وانكسار نفس , والعالم داعية الحق ,فكسر نفسه بالسؤال إضعاف للحق الذى يدعو إليه , فيقول ذلك الفقر الشامخ الأبي: ولا تمدن للعلياء منك يدا... حتى تقول لك العلياء هات يدك واخر من العلماء يتململ ويضعف عن منازلة الفقر وأهواله ,وعن الصبر عن الاستعانة والاسترفاد فيقول: الصبر يوجد إن باء له كسرت... لكنه بسكون الباء مفقود واخر منهم يصابر الخطوب الأحدث فيصبرها , ويقول: تنكر لي دهري ولم يدر أني... أعز أحداث الزمان تهوى فبات يريني الدهر كيف اعتداؤه... بت أليه الصبر كيف يكون واخرمن العلماء يشمخ على الفقر والامه وهجماته ,وينازل الشدائد بصبره وعزماته , بل ينازل الصبر ويقاومه , فيغلب الصبر ويهزمه , فيقول فى ذلك مخبرا عن قوة نفسه ومتانة شكيمته: صابر الصبر فا ستغاث به الصبر... فقال الصبور: يا صبر صبرا ويقف اخر من الشدائد يمدحها يقرظها , لا حبا بها واستدامة لظلها, ولكن لأنها كشفت له العدو من الصديق , والدعي من الوفي , فيقول: جزى الله الشدائد كل خير... وإن كانت تغصصني بريقي وما مدحي لها شكرا ولكن... عرفت بها عدوي من صديقي 60ــــ وينصح الامام ابن هشام النحوي المصري , صاحب كتاب (القطر) (المغني) وغيرهما, طلبة العلم بالصبر على مشاق العلم والتحصيل , إذ هو شرط فى نيل المراد العزيز الغالي , فيقول: ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل ومن لم يذل النفس فى طلب العلا... يسيرا يعش دهرا طويلا أخاذل 61ــــوكثيرا ما كان أولئك العلماء المملقون إذا عضهم الفقر بنابه, ينشدون قول الأديب الوزير المهلبي (الحسن بن محمد الأزدي) المنوفي سنة352,وكان قد حل به الاملاق وأقام عندطويلا: ألا موت يباع فأشتريه... فهذا العيش مالا خير فيه ألا موت لذيذ الطعم يأتي... يخلصني من العيش الكريه إذا أبصرت قبرا من بعيد... وددت لو أنني مما يليه ألا رحم المهيمن نفس حر... تصدق بالوفاة على أخيه وقوله أيضا وقد اشتد به الاضاقة ــــ ونسيت لآبي نواس ـــ كما في ترجمة الوزير من ((الوفيات)) 142:1 ولأني استزدتك فوق ما بي... من البلوى لأ عوزك المزيد ولو عرضت على الموتى حياة... بعيش مثل عيشي لم يريدوا! 62ـ وأختم ما قالوه في هذا الباب بقول الشاعر أبي إسحاق الغزي ,على لسان هؤلاء الأعلام الأ ماجد الصابرين , وقد أحسن فيه كل الاحسان إذقال بلسان حالهم: حملنا من الأيام مالا نطيقه... كما حمل العظم الكسير العصائبا وبقول القائل الذي عانقه الفقر الأسود ولم يفارقه! وأخذ منه بخناقه وأنفاسه وصادقه ولم يصادقه! وصاحبه مع دوام تقلقله فى الأسفار , وقطعه البراري والقفار ,فقال معبرا بلسان شكواه , عن بيان فقره وبلواه!: (قال ابن القاسم: أقضى بمالك طلب العلم إلى أن نقص سقف بيته فباع خشبه , ثم مالت عليه الدنيا بعد) .ثم نقل القاضي عياض68:2 (قال مالك: لا ينال هذا الأمرـ يعني العلم ــــ حتى يذاق فيه طعم الفقر)) ترجمة القاضي أبى يسف تلميذ أبي حنيفة المتوفى سنة 182: (قال أبو يوسف كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقل رث الحال , فجاء أبي يوما وأنا عند أبي حنيفة خبز مشوي ,أنت تحتاج الى المعاش ,فقصرت عن كثير من الطلب ,وأثرت طاعة أبي. فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني , فجعلت أتعا هد مجلسه ,فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخري عنه ,قال لي: ما شغلك عنا؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة والدي , فجلست , فلما انصرف الناس دفع الى صرة وقال استمتع بهذه ,فنظرت فأذا فيها مئة درهم ,فقال لي: الحلقة ,وإذا نفدت هذه فأعلمني , فلزمت الحلقة, فلما مضت مدة يسيرة دفع الى مئه أخرى, ثم كان يتعاهد ني , ما أعلمته بخله قط ولا أخبرته بنفاد شيء ما ,كان كأنه يخبر بنفادها حتى استغنيت وتمولت) . 67ــ وهناك رواية ثانية في نشأة الامام أبى يوسف , ((قال علي بن الجعد: أخبرني أبو يوسف قال: توفى أبي: إبراهيم بن حبيب , خلفي صغيرا في حجر أمي , فأسلمتني إلى قطار أخدمه , فكنت أدع القطار وأمر إلى حلقة أبي حنيفة ,فأجلس أستمع , فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة, فتأخذ بيدي وتذهب بي إلى القطار ,وكان أبو حنيفة يعني بي لما يرى من حضوري وحرصي على التعلم..فلما كثر ذلك على أمي وطال عليها هربي , قالت لأبي حنيفة: ما لهذا الصبي فساد غيرك! هذا صبي يتيم لا شي له ,وإنما أطعمه من مغزلي! وأمل أن يكسب دانقا يعود به على نفسه فقال لها أب حنيفة: مري يا رعناء ,هو ذا يتعلم أكل الفالوذج يدهن الفستق. فانصرف عنه وقالت له: أنت شيخ قد خرفت وذهب عقلك! قال أبو يوسف: ثم لزمت أبا حنيفة وكان يتعاهدني بماله, فما ترك لي خلة ,فنفعني الله بالعلم رفعني حتى تقلدت القضاء , وكنت أجالس هارون الرشيد ,واكل معه على مائدته , فلما كان في بعض الأيام قدم إلى هارون الرشيد فالوذج ,فقال لي هارون: يا يعقوب كل منه فليس يعمل لنا مثله كل يوم , فقلت زما هذا يا أميرالمؤمنين؟ فقال: هذا فلو ذج بدهن الفستق , فضحكت ,فقال لي: مم ضحكت؟ فقلت: خيرا أبقى الله أمير المؤمنين ,قال لتخبرني ــ وألح علي ــــ فأخبرته بالقصة من أولها الى أخرها ,فعجب من ذلك وقال: لعمري: إن العلم ليرفع وينفع دينا ودنيا, ترحم على أبي حنيفة وقال كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه) قال الواقدي: ضيقة شديدة وحضر العيد! , فقالت لي امرأتي: أما نحن في أنفسنا فنصبر على البؤس الشدة , وأما صبياننا فقد قطعوا قلبي رحمة لهم , لآنهم يرون صبيان الجيران قد تزينوا في عيدهم , واصلحوا ثيابهم , وهم على هذه الحال من الثياب الرثة! فلو احتلت بشئ تسرفه فى كسوتهم! فكتبت إلى صديقي الهاشمي اسأله التوسعة علي بما حضره , فوجه إلي كيساً مختوماً , ذكر أن فيه ألف درهم , غما استقر قرارى ختى كتب إلي الصديف الاخر: يشكو مثل شكواى إلى صاحبى فوجهت إليه الكيس بحاله وخرجت إلى المسجد فأقمت فيه ليلى مستحيياً من امرأتي , ثم رجعت , فلما دخلت عليها استحسنت ما كان مني لم تعنفني عليه. فبينما أنا كذلك , أذ وافاني صديقى الهاشمى ومعه الكيس كهيئته , فقال لي: اصدقي عما فعلته فيما وجهت إليك , فعرفته الخبر على جهته. فقال: إنك وجهت إلى تسألني العن وما أملك إلا ما بعثت به إليك ,وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة فجه إلى بكيسي بخاتمي , قال الواقدي: فتواسينا الألف وقسمناها بيننا أثلاثاً , بعد أن أخرجنا للمرأة مئة درهم , ونمي الخبر إلى المأمون , فدعاني فشرحت له الأمر , فأمر لنا بسبعة ألاف دينار / لكل واحد منا ألفا دينار، وللمرأة ألف دينار)) . 71 ـــ وهذا إمام الأئمة في علم الجرح والتعديل (يحي بن معين) شيخ البخاري ومسلم وسواهما من أئمة الحديث , المتوفى سنة 233 , قال العليمي فى ترجمته في ((المنهج الأحمد)) 1: 95 ((ولد في خلافة أبى جعفر المنصور سنة 158 , وكان أبوه (معين) كاتباً لعبد الله بن مالك , ثم صار على خراج الري , فمات , فخلف لابنه (يحي) ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم , فأنفقه كله يحيى على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه وخلف يحيى من الكتب مئة قمطر وأربعة عشر قمطرا (1) وأربع حباب شبرانية مملوءة كتبا... قال زكريا بن دلويه بعث الأمير طاهر بن عبد الله الخزاعى الى محمد بن رافع بخمسة الاف درهم على يد رسول له فدخل عليه بعد صلاة العصر وهو يأكل الخبز مع الفجل فوضع الكيس بين يديه وقال بعث الأمير طاهر بهذا المال لتنفقه على أهليك فقال له محمد بن رافع خذ خذ لا أحتاج اليه فان الشمس قد بلغت رأس الحيطان انما تغرب بعد ساعة قد جاوزت الثمانين الى متى أعيش فرد المال ولم يقبله فأخذ الرسول المال وذهب دخل على محمد بن رافع ابنه فقال له يا أبه ليس لنا خبز الليلة وكان محمد بن رافع يخرج الينا فى الشتاء الشاتى وقد لبس لحافه الذى يلبسه بالليل من العلماء من رخص فى اخذ الاجرة على التحديث منهم ابو نعيم الفضل بن دكين المولود سنة 130 والمتوفى سنة 219 شيخ البخارى واحمد واسحاق بن راهويه وابن المبارك وخلق كان ياخذ العوض على التحديث بحيث انه كان اذا لم يكن مع الطلبة دراهم صحاح بل مكسورة اخذ صرفها اى الفرق الذى يكون بين القطع الصغيرة والكبيرة وكان يقول يلوموننى على الاخذ وفى بيتى ثلاثة عشر انسانا وما فى بيتى رغيف
  16. أخبارهم في هجر النوم والراحة والدعة وسائر اللذاذات. 34 ـــ قال الحافظ ابن كثير في ((االبداية والنهاية)) 8: 298 في ترجمة الإمام (ابن عباس) : ((قال البيهقي ـــ وساق ابن كثير سنده إلى عكرمة ـــ قال: قال ابن عباس: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير , فقال يا عجباً لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم؟ (1) . قال: فترك ذاك , وأقبلت أنا أسال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإن كان ليبلغنى الحديث عن الرجل فأني بابه وهو قائل , فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب , فخرج فياني فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلى فأتيك؟ فأقول: لا , أنا أحق أن أتيك , قال: فأسأله عن الحديث. قال: فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رأني , وقد اجتمع حولي الناس يسألوني , فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني. 40 ـــ وقال القاضي عياض في ((ترتيب المدارك)) في ترجمة (عبد الرحمن بن قاسم العتقي المصري) 3: 250 أحد أصحاب مالك والليث وغيرهما , المولود سنة 132 والمتوفى بمصر سنة 191 رحمه الله تعالى: ((قال أبن القاسم: كنت أتي مالكاً غلساً فأسأله عن مسألتين 'ثلاثة 'أربعة 'وكنت أجد منه في ذلك الوقت انشراح صدر'فكنت أنى كل سحر. فتوسدت مرة عتبته'فغلبتني عيني فنمت 'وخرج مالك إلى المسجد ولم أشعر به 'فركضتني جارية سوداء له برجلها 'وقالت لي: إن مولاك قد خرج 'ليس يغفل كما تغفل أنت 'اليوم له تسع وأربعون سنة ' قلما صلى الصبح إلا بوضوء العتمة ـــ ظنت السوداء أنه مولاه من كثرة اختلافه إليه. قال الحافظ ابن كثير: ((وقد كان البخاري يستيقظ فى الليلة الواحدة من نومه , فيوقد السارج ويكتب الفائدة تمر بخاطره , ثم يطفئ سراجه , ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريباً من عشرين مرة)) . كان أسد بن الفرات , ـــ قاضى القيروان وتلميذ الإمام مالك ومدون ـــ مذهبه , وأحد القادة الفاتحين , فتح صقلية واستشهد بها سنة 213 ـــ وكان قد خرج من القيروان إلى الشرق سنة 172 , فسمع ((الموطأ)) على مالك بالمدينة , ثم رحل إلى العراق , فسمع من أصحاب أبى حنيفة وتفقه عليهم , وكان أكثر اختلافه إلى محمد بن الحسن الشيبانى , ولما حضر عنده فال له: إنى غريب قليل النفقة , والسماع منك نزر , والطلبة عندم كثير , فما حيلتى؟ فقال له محمد بن الحسن: اسمع مع العراقيين بالنهار , وقد جعلت لك الليل وحدك , فتبيت عندي وأسمعك , قال أسد: وكنت أبيت عنده وينزل إلى: ويجعل بين يديه قدحاً فيه الماء ثم يأخذ في القراءة , فإذا طال الليل ونعست , ملأ يده ونفح وجهي بالماء فأنتبه , فكان ذلك دأبه ودأبي , حتى أتيت على ما أريد من السماع عليه. 46 ـــ وقال الحافظ الذهبى فى ((تذكرة الحفاظ)) 3: 912 و 915 في ترجمة (الإمام الطبراني) : ((هو الحافظ الإمام العلامة الحجة بقية الحفاظ , أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي الشامي الطبراني مسند الدنيا , ولد سنة ستين ومئتين , ومات سنه ستين وثلاث مئة , فاستكمل مئه عام وعشرة أشهر , وحديثه قد ملأ البلاد زادت مؤلفاته عن 75 مؤلفاً قال الذكواني: سئل الطبراني عن كثرة حديثة فقال: كنت أنام على البواري ـــ أى الحصر ـــ ثلاثين سنة!. 48 ـــ ثم قال الذهبي: ((قال علي بن أحمد الخوارزمي: قال ابن أبى حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة , نهارنا ندور على الشيوخ , وبالليل ننسخ ونقابل , فأتينا يوماً أنا ورفيق لي: شيخاً فقالوا: هل عليل , فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها , فلما صرنا إلى البيت حضر وقتت مجلس بعض الشيوخ فمضينا , فلم تزل السمكة صلاصه أسام , وكادت أن تنتن فأكلناها نيئةً لم نتفرغ نشويها , ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد!)) . قال القاضي ابن خلكان في ((وفيات الأعيان)) 1: 152 , في ترجمة الرئيس أبي علي بن سينا (الحسين بن عبدالله بن سينا) , العالم المتفنن الفيلسوف والطيب المشهور , المولود سنة 370 , والمتوفى سنة 428 غفر الله لنا وله: ((ولما بلغ عشر سنين من عمره , كان قد أتقن القرأن العزيز والأدب , وحفظ أشياء من أصول الدين والحساب والجبر والمقابلة , ثم أحكم علم المطق وأقليدس والمجسطي , وفاق شيخه: (الخكيم أبا عبد الله الناتلي) أضعافاً كثيرة وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد , واشتغل بتحصيل العلوم كالطبيعي والالهي , وفتح الله عليه أبواب العلوم. ثم رغب بعد ذلك فى علم الطب , وتأمل الكتب المصنفة فيه , وعالج تأدباً ـــ أي تعلماً وتعليماً ـــ لا تكسباً , وعلم الطب حتى فاق فيه الأوائل والأواخر في أقل مدة , وأصبح فيه عدبم النظير فقيد المثل , واختلف إليه فضلاء هذا الفن وكبراؤه , يقرؤون عليه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة ' وسنه , ذ ذاك نحو ست عشرة سنة! وفي مدة اشتعاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها , ولا اشتغل في النهار بسوى المطالعة , وكان إذا أشكلت عليه مسألة توضأ وقصد المسجد الجامع , وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له , وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه , وصنف ما يقارب مئة مصنف , ما بين مطول ومختصر ورسالة في فنون شتى , رحمه الله تعالى)) . 50 ـــ وما أجمل قول علامة العربية ورئيس أهل اللسان فيها أبى القاسم الزمخشري , يحكى تلذذ العلماء بإيقاظ ليلهم وطول سهرهم: سهري لتنقيح العلوم ألذلي... من وصل غانية وطيب وعناق وتمايلى طربا لحل عويصة... أشهى وأحلى من مدامة ساق وصرير أقلامى على اوراقها... أحلى من الدوكاه عن أوراقي أأبيت سهران الدجى وتبيته نوماً وتبغى بعد ذاك لحاقي؟ !
  17. أخبارهم فى التعب والنصب والرحلة فى طلب العلم وقطع المسافات .. .... من طريق عبد الله بن عقيل , أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول: ((بلغنى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاشتريت بعيراً ثم شددت رحلي , فسرت إليه شهراُ حتى قدمت الشام , فاذا عبد الله بن أنيس , فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب , فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم. فخرج عبد الله بن أنيس فاعتنقني , فقلت: حديث بلغنى عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه , فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الله الناس يوم القيامة عراة غرلاً (1) بهماً , قلنا ما بهمأ؟ قال: ليس معهم شئ. فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك ـــ أنا الديان ـــ , لا ينبغى لأحد من أهل الجنة , وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة , ولا ينبغى لأحد من أهل النار يدخل النار , وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة ـــ يعني لا يدخل أهل الجنة: الجنة. وأهل النار: النار إلا بعد تصفيه الحساب ـــ قلت: وكيف؟ وإنما نأتي الله عراة بهماً؟ قال: بالحسنات والسيئات)) . بعني القصاص يكون بالحسنات والسيئات. انتهى. وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) 1: 159 بعد أن أورد حديث جابر هذا في رحلته إلى عبد الله بن أنيس: ((وفي هذا الحديث ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنن النبوية)) . قال الحافظ ابو إسحاق الحبال: كنت يوماً عند أبى نصر السجزي , فدق الباب , فقمت ففتحته , فدخلت امرأة وأخرجت كيساً فيه ألف دينار , فوضعته بين يدي الشخص الشيخ وقالت: أنفقها كما ترى. قال ما المقصود؟ قالت: تتزوجني , ولا حاجة لي في الزواج ولكن لأخدمك , فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف. فلما انصرفت قال: خرجت من سجستان بنية. طلب العلم ومتى تزوجت سقط عني هذا الاسم , وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئاً)) . تأملت نفسى بالإضافه إلى عشيرتى الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم , فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه , ثم تأملت حالي فاذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم , وجاهي بين الناس أعلى من جاههم , وما نلته من معرفة العلم لا يقوم. فقال لي إبليس: ونسيت تعبك وسهرك؟ ! فقلت له: أيها الجاهل , تقطيع الأيدي لا وقع له ـــ أي لا يذكر وليس بشئ ـــ عند رؤية (يوسف) , ما طالت طريق أدت إلى صديق: جزى الله المسير إليه خيراً... وإن ترك المطايا كالمزاد)) 32 ـــ وسيأتي في الخبر الجامع الثاني خبر (محمد ابن طاهر المقدسي) في ص 114 أنه بال الدم في طلب الحديث مرتين , إذ كان يقطع المسافات الطوال فى الهواجر , فناله من ذلك ما قاله! ولا شك أن صبرهم على هذه المشاق الفادحة أعقبهم الله به كريم الأجر وجميل الذكر. 33 ـــ وحسبك أن تعلم أن هلاء الذين أسلفت لك الحديث عنهم , قد اشتهى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ـــ وهو ملك دنيا الإسلام في عصره ــــ أن يكون واحداً منهم , وهم العلماء الذين حفيت قدامهم من السير في طلب العلم 'وذبلت أجسامهم من الصبر على مشاق الاسفار فيه , قال الحافظ السيوطي في تارخ الخلفاء في ترجمة أبى جعفر المنصور ص 177: ((أخرج ابن عساكر , عن محمد بن سلام الجمحي قال: قيل للمنصور: هل بقي من لذات الدنيا شئ لم تنله؟ فال بقيت خصلة: أن أقعد في مصطبة , وحولي أصحابى الحديث , ويقول المستملي: من ذكرت رحمك الله؟ ـــ يعني: فأقول: حدثنا فلا , قال: حدثنا فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـــ , قال فغداً ـــ أي بكر ـــ عليه الندماء وأبناء الوزراء بالمجابر والدفاتر , فقال لهم: لستم يهم! ـــ أي لستم بأصحاب الحديث الذين أعنيهم ـــ إنما هم الدنسة ثيابهم (1) , المشققة أرجلهم , الطويلة شعورهم , برد الأفاق ـــ أي جوابو البلدان والمسافات البعيدة ـــ ونقلة الحديث)) . انتهى. وهم الذين قال أبو عبدالله الحاكم النسابورى فيهم وفى كتابه ((معرفة علوم الحديث)) ص 2 ـــ 3 وهو يذكر فضل أصحاب الحديث وطلابه: ((هم قوم سلكوا محجة الصالحين , واتبعوا أثار السلف من الماضين , ودمغوا أهل البدع والمخالفين , بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى أله أجمعين. أثروا قطف المفاوز والقفاز , على التنغيم في الدمن والطار , وتنعموا بالبؤس في الأسفاء , مع مساكنة أهل العلم والاخبار , وقنعوا عند جمع الحاديث والأثار , بوجود الكسر والأطمار. جعلوا المساجد بيوتهم , وأساطينها تكاياهم (2) , وبواريها فرشهم (1) , نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم , وجعلوا غذاء هم الكتابة , وسمرهم المعارضة (2) , واسترواحهم المذاكرة , وخلوقهم المداد ,ونومهم السهاد , واصطلاءهم الضياء , وتوسدهم الحصى. فالشدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء , ووجود الرخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس! فعقولهم بلذاذة السنة غامرة , وقلوبهم بالرضاء في الأحوال عامرة , وتعلم السنن سرورهم , ومجالس العلم حبورهم , وأهل السنة قاطبة إخوانهم , وأهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم)) .
  18. سأنشر لكــم أقتباسات (طويلة و قصيرة ).. من كتاب: صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل للمؤلف عبدالفتاح أبو غدة الحمد لله الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين، وعلى من تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد فان اخبار العلماء العاملين، والنبهاء الصالحين، من خير الوسائل التى تغرس الفضائل فى النفوس، وتدفعها الى تحمل الشدائد والمكارة فى سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة، وتبعثها الى التاسى بذوى التضحيات والعزمات، لتسمو الى اعلى الدرجات واشرف المقامات. ومن هنا قال بعض العلماء من السلف: (الحكايات جند من جنود الله تعالى، يثبت الله بها قلوب اوليائه) . وشاهده من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: (وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك) . وقال الامام ابو حنيفة رضى الله عنه: (الحكايات عن العلماء ومحاسنهم احب الى من كثير من الفقه، لانها اداب القوم) وشاهده من كتاب الله تعالى قوله سبحانه: (لقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب) نقله الحافظ السخاوى فى "الاعلان بالتوبيخ " في هذا الكتاب: (صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل) قبولا كريما من القراء وطلبة العلم، والفضل لله والحمد له وتلقيت كلمات كثيرة من كبار العلماء تخصه بالتقدير والثناء ... قسمت هذه الصفحات الى ستة جوانب من حياة العلماء: الجانب الاول: فى أجباهم فى التعب والنصب والرحلة فى طلب العلم وقطع المسافات. الجانب الثانى: فى أخبارهم فى هجر النوم الراحة والدعة وسائر اللذ اذات. الجانب الثالث: فى أخبارهم فى الصبر على شظف العيش ومرارة الفقر وبيع الملبوسات أو المفروشات. الجانب الرابع: فى أخبارهم فى الجوع او العطش فى الهواجر الا يام والساعات. الجانب الخامس: فى أخبارهم فى العرى الدائم ونفاد المال والنفقات فى الغربات. الجانب السادس: فى اخبارهم فى فقد الكتب أو بيعها والخروج عنها أو نحو ذلك عند الملمات. خاتمة: استخلصت فيها ما يستفاد من هذه الصفاحات ,من الحقائق والنصائح والعظات البالغات.
  19. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ما من إنسان في الغالب أعطي الجدل إلا حرم بركة العلم ؛ لأن غالب من أوتي الجدل يريد بذلك نصرة قوله فقط ، وبذلك يحرم بركة العلم .. أما من أراد الحق ؛ فإن الحق سهل قريب ، لا يحتاج إلى مجادلات كبيرة ؛ لأنه واضح .. ولذلك تجد أهل البدع الذين يخاصمون في بدعهم علومهم ناقصة البركة لا خير فيها ، وتجد أنهم يخاصمون ويجادلون وينتهون إلى لا شيء ! .. لا ينتهون إلى الحق . "

×
×
  • اضف...

Important Information

By using this site, you agree to our Terms of Use, اتفاقيه الخصوصيه, قوانين الموقع, We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue..