-
عدد المشاركات
9,336 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
-
Days Won
103
كل منشورات العضو دعوه للجنه
-
الدكتور مظهر شاهين: هناك خونة يسعون إلى تقسيم مصر أكد الدكتور مظهر شاهين خطيب مسجد عمر مكرم أن هناك خونة يسعون إلى تقسيم مصر إلى أربع دويلات، مشيراً إلى أن القوي السياسية تركت مصلحة البلاد الأساسية والتفوا حول أمور فرعية وتركوا البلاد لمخططات أجنبية ستدخل بمصر إلى طرق مظلمة. أضاف مظهر شاهين خلال خطبة الجمعة: إنه يجب علينا أن نتطرق إلى موطن الخلاف، خاصة إذا كان هذا الخلاف يتعلق بمصلحة الأمة، لافتاً إلى أن مازال هناك حكام عرب يضعون أيديهم في أيدي أعداء الأمة ويقومون بتصدير البترول لمن يستخدمونه في قتل شباب الأمة، بالإضافة إلى أنهم يقومون بتجويع شعوبهم بإذن من أعداء الأمة حتي أنهم لا يزرعون الأرض بالقمح إلا بإذن منهم. ووجه "شاهين" رسالة إلى حكام الدول العربية والإسلامية قائلاً: اتقوا الله في شعوبكم ولا تتعاملوا مع أعداء الأمة طالما يديرون قتل شبابها. وتعجب "شاهين" من اتحاد دول أوروبا التي تختلف في الدين والعرق والثقافة وعدم اتحاد الدول العربية والإسلامية التي لها ثقافة واحدة ودين واحد ولغة واحدة، متمنياً أن تتحد الدول العربية في دولة واحدة ليرفع ذلك من شأنها بين الأمم علي المستوي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وأشار إلى أن هناك خلاف كبير بين الأمة المصرية وأخذوا يهاجمون بعضهم البعض دون معرفة موطن الخلاف بينهم، لافتاً إلى أن السلفيين يهاجمون الليبراليين والعلمانيين علي الرغم من عدم علمهم معني الليبرالية والعلمانية.
-
....حتى إذا متنا من أجلها " إنتفضت حية ! " ...
دعوه للجنه replied to ابن تيميــــة's topic in المنتدى الإسلامى العام
اللهم اجعلنا من جيل التبلغ ولو بآية وأرزقنا الثبات على مثل ما ساروا عليه جزاكم الله خيرا أخى ونفع بكم ورزقت شرف الدعوة بثبات حتى الممات " تم التقيم" ============================ -
السيدة رقية بنت رسول الله (صلى الله علية وسلم)
دعوه للجنه replied to فجرالاسلام's topic in المنتدى الإسلامى العام
رضى الله عنها وجعلنا سيرا على دربها اللهم امييييييين جزيتى خيرا حبيبتى " واهلا بالعودو من جديد " ف ميزان حسناتك ان شاء الله -
البشير يعلن الطوارئ في ولاية النيل الأزرق ويعين حاكما عسكريا البشير يعلن الطوارئ في ولاية النيل الأزرق ويعين حاكماً عسكرياأصدر الرئيس السوداني عمر البشير، أمس الجمعة، قرارا جمهوريا بإعلان حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق وتعيين قائد المنطقة العسكرية بالدمازين حاكما عسكريا عليها. جاء ذلك القرار في أعقاب إعلان القوات المسلحة السودانية اليوم عن تعرضها لهجوم من قبل الجيش الشعبي في ولاية النيل الأزرق. وأنها تصدت له وسيطرت على الأوضاع في مدينة الدمازين عاصمة الولاية واستمرت في تأمين كافة إرجاء الولاية ومطاردة فلول المتمردين هناك بعد تعرضها للهجوم. وقال العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات السودانية في بيان أصدره أمس الجمعة: إن الهجوم على مواقع قواته في الدمازين يؤكد ما جاء على لسان مالك عقار والي ولاية النيل الأزرق قبل أيام حيث طالب الشباب بالاستعداد للحرب. يذكر أن القوات المسلحة السودانية قد أكدت في وقت سابق أمس سيطرتها على الأوضاع في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق واستمرارها في تأمين كافة أرجاء الولاية ومطاردة فلول المتمردين بعد تعرضها لهجوم من قبل قوات الجيش الشعبي.
-
كل لحظة وانتى بكل خير يا سومة ربنا يعزك ويبارك فيكى ياااااااارب ،، بس ليه زعلانه منى؟ انا عارفه ان مقصرة فى حفك شوية بس صدقا لانشغالى الايام دى بس انتى مش بتغيبى عن بالللى خالص وياااااااارب بكل خير تكونى "بحبك فى الله"
-
أسعد الله قلوبًا بالخير دوما تذكرتها وبالدعاء ديمًا حفظت لها حقوقها وبالمغفرة والتبات دومًا دعوت لها .......
-
جزاكِ الله خيرا نوارة المنتدى ف ميزان حسناتك ان شاء الله
-
القبض على أخطر تاجر مخدرات بالمنصورة شنت مديرية أمن الدقهلية حملة على أوكار الجريمة وتجارة المخدرات فى مدينة المنصورة، وتمكنت الحملة من إلقاء القبض على أحد أكبر تجار المخدرات بالمنصورة ليلة العيد. اشترك فى الحملة الجيش والشرطة بقيادة العميد سعيد عمارة "مدير المباحث"، والنقيب أحمد جعفر" للقبض على سعد السيد سعد "سعد الأبيض" تاجر مخدرات مواليد 1979، وتم القبض عليه وبحوزته فرد خرطوش وطلقة عيار 12 وبلطه ذات يد خشبية، وتم تحرير المحضر 71 جنح عسكرية، وتم تسليمه للقوات المسلحة لمحاكمته.
-
نصر فريد واصل: الثلاثاء أول أيام عيد الفطر والشائعات تضر بالإسلام أكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه لا صحة لما تردد بشأن خطأ مصر فى حساب أيام شهر رمضان الكريم وتحديد يوم الثلاثاء كأول أيام عيد الفطر المبارك، قائلا "لليوم السابع" هذا الكلام غير دقيق لأن التقارير الفلكية القادمة من مراصد الإفتاء السبعة أكدت أن الثلاثاء أول أيام الفطر وليس الاعتماد فقط على التقارير الفلكية بل اعتمدت الفتوى على رؤية العين المجردة للهلال. وأوضح فريد واصل أن الفتوى الشرعية فى هذا الأمر لا تأتى إلا بالتوافق مع اللجان السبعة، مضيفا أنها مكونة من خيرة علماء الفلك ومنتشرة بأنحاء الجمهورية "أسوان، قنا، الوادى الجديد، مرسى مطروح، سيناء، 6 أكتوبر، حلوان". وأضاف فريد واصل أن ما صدر من الإفتاء حكم شرعى وأمور البلبلة وخروج الشائعات فى تلك الأمور لا يليق بأمر العبادات، مؤكدًا أنها تضر بالإسلام أكثر مما تنفعه، مشيرا إلى أن مخالفة بعض الدول لمصر لا يضر بصحة ما قالته دار الإفتاء والاختلاف بين الدول وارد بل حدث بالفعل منذ عهد الصحابة، وهذا متوافق مع ظاهر الحديث النبوى "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته". من جانبه، أكد الدكتور محمد شلبى، نائب المفتى أن الهلال تم مشاهدته بالعين المجردة فى توشكى وسوهاج، مؤكدًا أن ما قالته دار الإفتاء صحيح لأنها تعتمد على التقارير الفلكية والرؤية بالعين المجردة وهذا هو المتوافق عليه فى أمور الإفتاء.
-
خبير الشؤن الصهيونية: الكيان الصهيوني يهرول في إفريقيا الأربعاء قال العميد حسين حمودة خبير الشؤن الصهيونية: إن الكيان الصهيوني في الفترة الحالية يعمل علي تحقيق أهدافه في إفريقيا من خلال التأثير على الأمن المائي والغذائي العربي وكذلك من أجل الحفاظ علي مصالحه في البحر الأحمر حسب وصفه، وإضعاف التأيد الإفريقي للمصالح العربية وتنفيذ السياسات الغربية فيها محققًا المصالح الإقتصادية التي يرغب فيها. وأضاف في لقاء تليفزيوني علي فضائية الجزيرة مباشر مصر: إن الكيان الصهيوني يهرول في إفريقيا وكانت محطته الأخيرة في الإعلان بعمل علاقات دبلوماسية مع جنوب إفريقيا والتصريحات الخاصة بمساعدة جنوب السودان على النمو والتقدم وذلك بعدما لعب الدور الكبير في انفصالها عن شمالها. وأشار إلى أن الكيان الصهيوني له علاقات مع جميع دول حوض النيل من سياسية وجغرافية ويعمل على تدعيم هذه العلاقة بكل جدية بعلاقته الجيدة مع جنوب السودان حيث أصبح يمتلك صداقة 9 دول من دول المنبع في تهر النيل وهذا مايخدم أهدافه في المنطقة. وطالب الجانب المصري بسرعة التحرك علي الصعيد الدبلوماسي الرسمي والشعبي ويكون بتفكير مختلف عن التفكير البطئ وتفكير رد الفعل والتي كنا نلجا إليه في العصر السابق مطالبًا بوجود إدارة أزمات وإدارة صراع دولي في مصر من أجل تناول القضايا والعلاقات الدولية بين الدول من أجل الإرتقاء بها. واستطرد بأن الكفاءة في الدبلوماسية المصرية ستحسم مسألة علاقة جنوب السودان والكيان الصهيوني حيث هذه الأمور تتطلب أن تكون دبلوماسيات الدول علي كفائة عالية وليست المتبع في مصر من دبلوماسبة رد الفعل والتفكير البطئ وأيضا العمل على إظهار الدبلوماسية الشعبية من الشباب المصري والتي سيكون لها دور بارز في الفترة القادمة وخاصة بعد ثورة يناير المجيدة. ويأتي ذلك بعد أن أعلنت الحكومة الصهيونية وحكومة جمهورية جنوب السودان عن إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. ومن المقرر أن تجري مباحثات قريبا حول النواحي العملية لهذا الإعلان، بما في ذالك تبادل سفراء وذلك من خلال القنوات الدبلوماسية.
-
خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة" : الملفات الأولى بالرعاية صحيح طبعا أن ملفات الإصلاح الدستورى وتعديل التشريعات الحاكمة للعمل السياسى والبرلمانى تمثل أولوية استراتيجية لبناء الجمهورية الجديدة فى مصر على قاعدة تداول السلطة، لكن الصحيح أيضا أن ملفات الفقر والبطالة والتعليم والصحة ومياه الشرب لا تقل أهمية بأى حال عن الإصلاح السياسى. أنت وأنا نسمع كلاما كثيرا عن فساد ما قبل الثورة، وأنت وأنا نتابع اجتماعات وحوارات وطنية عن وضع مصر السياسى ما بعد الثورة، ولكن حديث ما قبل وما بعد لن يكون له قيمة تذكر فى الرصيد الشعبى، إن لم ينعكس ذلك مباشرة على تفاصيل الحياة اليومية للناس. غاية الديمقراطية هى أن تضع على قمة الحكم إدارة رشيدة توفر لأهل هذا البلد ماء نظيفا وطعاما كريما وعملا شريفا ومستشفى آمنا ومدرسة تصنع المستقبل، وبدون التفكير فى هذه الأولويات الحياتية فلن يكون للتغيير قيمة، ولن يصبح لأى إصلاح دستورى أو قانونى أى معنى، الشعب يريد ترجمة باللغة العربية لهذا الحوار الاستراتيجى.. الشعب يريد أن يبدأ الحديث عن فرص العمل فى دولة المستقبل، وعن المدرسة فى عالم ما بعد الثورة، وعن دور الحكومة فى نظافة الشوارع بعد 25 يناير. الشعب يريد المعنى الحقيقى للديمقراطية.. الحياة الكريمة هى الغاية والمعنى.
-
صحيفة: الجزائر ستسلم القذافى للمحكمة الدولية إذا دخل أراضيها قالت صحيفة جزائرية أمس، الثلاثاء، إن الجزائر ستسلم الزعيم الليبى المخلوع معمر القذافى إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا دخل أراضيها، وذلك بعد يوم من منحها ملاذاً آمناً لأفراد فى أسرته. وأعلنت الجزائر، أن زوجة القذافى واثنين من أبنائه وابنته عبروا الحدود إلى أراضيها، مما دفع المجلس الوطنى الانتقالى الحاكم فى ليبيا للمطالبة بتسليمهم لمحاكمتهم. وذكرت صحيفة الشروق الجزائرية نقلاً عن مصادر جزائرية فى موقعها على الإنترنت أن الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة قال لوزراء فى حكومته خلال اجتماع وزارى أمس، إن الجزائر ستحترم القانون الدولى فى كل القضايا التى لها علاقة بالصراع فى ليبيا. وقالت الصحيفة، إنه إذا حاول القذافى دخول الأراضى الجزائرية فى ظل الحديث عن إحكام الثوار قبضتهم على المعابر الحدودية مع تونس ومصر، فإن الجزائر ستلقى القبض عليه وستسلمه إلى المحكمة الجنائية الدولية امتثالاً للاتفاقيات الدولية. وأضافت، أن القرار ليس رد فعل على إسقاط نظام القذافى، لكنه يأتى اتساقاً مع مذكرات اعتقال أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق القذافى وابنه سيف الإسلام ورئيس مخابراته بسبب اتهامات بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. ولم يتسن الحصول على تعليق فورى من الحكومة الجزائرية على الأمر. وفى تقرير منفصل قالت الصحيفة، إن أفراد أسرة القذافى الذين دخلوا الجزائر موجودون في ولاية إيليزى بجنوب شرق الجزائر التى تقع على الحدود مع ليبيا، وأضافت أنه لن يسمح لهم بالذهاب إلى الجزائر العاصمة. ومازال مكان القذافى مجهولاً بعد أسبوع من سقوط طرابلس فى أيدى المعارضين. وذكرت صحيفة الوطن الجزائرية اليوم نقلاً عن مصادر دبلوماسية أن الجزائر ستغلق حدودها الجنوبية مع ليبيا. وقالت الصحيفة، إن توجيها صدر لقوات الأمن بإغلاق الحدود الجنوبية المشتركة مع ليبيا بسبب الوضع غير المستقر هناك. ولم يتسن على الفور الاتصال بالحكومة الجزائرية للتعليق. وتمتد الحدود الجزائرية مع ليبيا مئات الكيلومترات وسط صحراء خالية. ويقول المسئولون الجزائريون، إنهم قلقون من أن يكون مقاتلون إسلاميون قد اخترقوا المجلس الوطنى الانتقالى الليبى ومن أن يستفيد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإٍسلامى من حالة الفوضى فى ليبيا للحصول على أسلحة ومتفجرات. ونفى المجلس الوطنى الانتقالى هذه الاتهامات ورد بغضب باتهام الجزائر بالانحياز للقذافى خلال الانتفاضة الليبية وهو ما تنفيه السلطات الجزائرية.
-
جزاكم الله خيرا أخى ونفع بكم وجعل الموضوع حجة لنا جميعا لا علينا رحماك ربنا باخواننا فى الصومال
-
الثورة المضادة في القرآن من الناس مَن يريدونها فوضى، ويبغونها عوجًا، ويزعمون الإسلام، ولا يتحاكمون إليه، ويريدون القانون ولكن لا يطبق على أشخاصهم، ومنهم الذين يجلسون في مجالس الرأي؛ فإذا ما انفض المجلس عن عمل فيه الصالحُ العام؛ بيّت طائفةٌ منهم غير الذي تقول، وهؤلاء بحاجة إلى استفاقة ووقفة، وأحرى بهم أن يتأملوا الشرع، ويتدّبروا القرآن، عسى الله أن يشرح صدورهم، وينقشع ما على أعينهم من الضباب. ومنهم الذين يعملون على بثِّ الفتنِ والقلاقل في المجتمع لقاءَ تحقيقِ مكاسبَ سياسيةٍ، كما يفعل بعضُ قادة الأحزاب من أجل تأليب الرأي العام على القادة المنافسين. فقد ظهر بعد الثورة المصرية العديد من الشائعات من أجل إرعاب الشعب المصري، ومن ذلك حينما ترى بعض الصحف المشبوهة تنشر عدة أخبار عن دخول فيالق من المسلحين الإسلاميين أرض سيناء من تنظيم كذا من أجل تنفيذ عدة عمليات إرهابية بحقِّ الشعب المصري حسب وصف الصحيفة. والهدف من وراء هذه الأخبار الكاذبة واضح ومكشوف، فمعلوم أن الصحيفة علمانية التوجه، وتهدف إلى إحراج التيار الإسلامي في مصر وتشويه صورته أمام الشعب المصري. فيتلقف السفهاء الخبر فيذيعونه، وينتشر الرعب بين الآمنين، وأحرى بهم أن يردوا هذا الأمر لأهل التخصص، وبالفعل تصدر وزارة الداخلية بيانًا يُكذّب الأخبار التي تفبركها الصحيفة المشبوهة- التي أطلق عليها البعض صحيفة الأمريكي اليوم- وقد وصف بيان الوزارة هذه الممارسات الصحفية بالعبث الإعلامي. ومثل هذه التصرفات الإعلامية لا تنطلي على الذين يَسْتَنْبِطُونَ ما وراء الأنباء، وينظرون نظرة تبصر متجردة إلى الأمور.. ﴿مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)﴾ (النساء) مَن يستجب لأمر الرسول فقد استجاب لأمر الله، وقد قال- صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه-: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ"؛ باعتبار أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- لا ينطق إلا عن وحي يُوحى، وليس هذا تقديسًا لشخص الرسول- صلى الله عليه وسلم- إنما هو تعظيم لأمر الله نفسه، فإنما أمَر اللهُ على لسان رسله، وما أرسل الله من رسول إلا ليطاع بأمر الله، وطاعة الرسول الذي يبعثه الله سبحانه بالكتب إنما هي طاعةٌ لمن بعثه فـ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)﴾ (آل عمران). وقد أنكر القرآن نفسه على طائفة اتخذت من بعض الأنبياء والحكام أربابًا آلهة، فقال فيهم: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)﴾ (التوبة). مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وهذا لرسول الله فحسب، وإنما كان رسول الله يُعصم بالوحي، أما غيره من سائر الحكام، فلسان حالهم –: "أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.. إن أحسنتُ فأعينوني، وإن زغت فقوموني". مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، فالله هو الخالق، وهو المشرّعُ على لسان رسله.. ألا له الخلق والأمر.. وأما من خلقه الله وخرج عن أمره؛ وأعرض ونأى عن منهجه، فلستَ عليهم بمسيطر، ولا إكراه في الدين، إنْ عليك إلا البلاغ، وما أنت عليهم بحفيظ، وما أرسلك الله على الناس تحفظ أعمالهم، أو تحصي أفعالهم فتعاقبهم على معتقداتهم! إن كان الله قال ذلك لرسوله المعصوم، فكيف ترى بعض البشر بأيديهم سياطٌ كأذناب البقر، يضربون به الناس؛ لأنهم خالفوهم في الرأي؟ ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)﴾ (النساء). يقولون إذا أمرتهم بتكليف كان واجبًا عليهم: سمعًا وطاعة! فإذا خرجوا من عندك وبرزوا بين الناس، فعلوا غير ما أُمروا به، وقد بيّت جماعةٌ منهم غير الذي أقروا به، فأقوالهم في العلن، غير أقوالهم في السر، ويظهرون بمظهر غير الذي يُخفون، إنهم يظهرون للناس بمظهر المصلحين، ويلبسون لباس الشرفاء، وهم كالذئاب في مسلاخ النبلاء، وإذا خلوا إلى شياطينهم؛ قدّروا بليل غير ما أعلنوه نهارًا، وانقلبوا على إرادة الأمة في أمر قُدِّر بليل، وقد أجمعوا أمرهم عشاءً فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء- كما قال ابن حِلِّزة-! لكن اعلمْ أن الله يكتب مَا يُبَيِّتُونَ، ويحصي عليهم كيدهم، فسيُعدون الخطط، وينفقون الأموال، ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ صفحًا، وعظهم، وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، وامض في عملك لرسالتك السامية، ولا تعبأ بكيد الكائدين، وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً تُفوض إليه أمورك، ويشهد لك عليهم، وحافظًا لدعوتك! ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (82)﴾(النساء):وهؤلاء المرضى، الذين تخالف أقوالُهم أفعالهم، ويُبيّتون غير الذي يقولون؛ أحرى بهم أن يتأملوا القرآن! أفلا ينظرون آياتِ القرآن، ويتفهمون معانيه، ويتفكرون في مبانيه، فقد بلغ غاية الاستحكام، وغاية الجمال والكمال، لا يأتيه الخلل من بين يديه ولا من خلفه، يهدي للتي هي أقوم. وَلَوْ كَانَ هذا المنهج الرباني مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ؛ كأن يؤلفه مؤلف أو يفلسفه متفلسف أو يقننه قانوني أو ينظمه شاعر أو ينثره أديب لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا؛ وتناقضًا كثيرًا، وتضاربًا مريعًا، فالجهد البشري منقوص، والعقل الإنساني يعتريه الخرف. فمواد الدستور التي يكتبها البشر للبشر، ومسودة القانون التي ينظمها الخبراء فيما بينهم، والقصيدة التي ينظمها الشاعر كحبات اللؤلؤ، والقصة والخطبة والمقالة، كلها أعمال بشرية، يرى المتخصصون ما بها من دَخَن، ويحدّثُك الخبراءُ عما فيها من ثغرات؛ أمام كتاب الله فلا ترى فيه عوجًا ولا شططًا. ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا (83)﴾ (النساء): فتنةٌ أن تذاعَ الأخبارُ دون تثبت، ومصيبةٌ حينما تنشر الأنباء الكاذبة بين الناس، فإن كان "الخبرُ الكاذب" عن الأمن أو الخير أو النصر؛ يفرح الناسُ؛ ثم يُصدمون فور ظهور الحقيقة، فيكون شعورُ الإحباط وعدم الثقة بين الحكومة والشعب. وإن كان "الخبرُ الكاذب" عن الخوف أو الهزيمة أو الفقر، دب الرعب في نفوس الآمنين من حيث لا خطر، وانتشر الخوف بين الناس من حيث لا خوف، كما يفعل شياطين الإعلام الصهيوني. هؤلاء المرجفون المعوقون الذين يفتُّون في عضُد الصف؛ إِذَا جَاءَهُمْ خبرٌ عن الأمْنِ الذي يعود بالخير على المجتمع أَوِ خبرٌ من الْخَوْفِ من حروب أو هزائم أو خسائر؛ لم يتثبّتوا على أية حال جاء بها الخبر، ولم يتحروا مصدر النبأ، وعلى التو ينشرون الخبر، فأَذَاعُوا بِهِ بين الناس، واللهُ أستأمنهم على مسامع الناس وأفئدتهم، فلم يتقوا الله فيما مكنهم فيه من وسائل الإعلام. وَلَوْ رَدُّوا هذا الأمر إلى الكتاب والسنة، من حيث المصالح والمفاسد المترتبة على إذاعة هذا الخبر- ولو ردوا هذا الخبر إلى قادتهم الأمناء، لَعَلِمَهُ أهل الاستنباط المتخصِص، وعرفه أربابُ التحليل العلمي، والساسةُ والخبراءُ الذين يفهمون ما وراء الخبر، ويفقهون ما لا يفقهه العوام. وقد كره الله "قيل وقال" (من حديث "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ" البخاري (1477)) والخوض مع "الخائضين"! ويأمر- سبحانه- المؤمنين: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾ (الحجرات). ومن الأمثلة العملية في التثبّت من الأخبار، أن عمر- رضي الله عنه- حينما دخل المسجد فوجد الناس يقولون طلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نساءه؛ فلم يتكلم، حتى أتى إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- واستأذن منه، واستفهمه: أطلقت نساءك، فقال: "لا" الحديث، قال عمر: فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي، لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ (النساء: من الآية 83) فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الأمْرَ. (أخرجه مسلم). وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وعظيم نعمه، وَرَحْمَتُهُ الواسعة، لوقعتم ضحايا هذه الأنباء الكاذبة، والشائعات المغرضة، ولاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً، فالشيطان يعد ويمنِّي ويوحي إلى أوليائه، وينفث في الصدور. ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا (84)﴾ (النساء: 84): عرفتَ فالزم؛ فقاتل في سبيل الله، لا تُسألُ إلا عما كُلّفت به لا عما كُلّف به غيرُك، وكُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ، وكل نفس بما كلّفها الله رهينةٌ. وحرضِ المؤمنين على قتال العدو، واستنفرهم، واشحذ من هممهم، وارفع من معنويات المسلمين. عسى بهذا الجهاد القتالي والجهد الإعلامي أن يدفع اللهُ بأس العدو، فيقذف في قلوبهم الرعب، والله أشد قوةً وأشد تنكيلاً بأعدائكم. إن الشائعات لها خطر عظيم على المجتمعات، فقد تشعل كلمةٌ حربًا سنةً، كلمة تُزهق بسببها الأرواح، وتهتك على إثرها الأعراض، وههنا يتجلى قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ" (أخرجه البخاري).
-
اقتران الصبر بالتقوى.. حكم وأسرار إن ما يتعرض له الدعاة إلى الله من صنوف البلاء، سُنَّة من سنن الله في العقائد والدعوات، كما أن تعاقب الليل والنهار سُنَّة من سنن الله في الكون، لا يخلو منها نبي ولا ولي، وإلا قد عُفي منها الأنبياء- عليهم السلام- وهم أحب الخلق إلى الله. وأعداء الله- عزَّ وجلَّ- يمكرون بالدعاة ويريدون لهم أن يكونوا في السجون أو القبور، ولا يريدون لفكرتهم أن تنتصر وتنتشر، ويلصقون بها كل نقيصة، وواجب الدعاة إلى الله أن يتمسكوا بما أمرهم الله به أثناء وقوع هذه السنة عليهم، كما وضح في كتابه الكريم، فقد أمر سبحانه المؤمنين بالصبر والتقوى، وقرن بينهما في القرآن في مواضع كلها مواضع محنة وابتلاء شديدين للمؤمنين. ولما التزم المؤمنون توجيهات ربهم- سبحانه وتعالى- أثمرت هاتان الصفتان ثمارًا يانعةً منها: أولاً: بالصبر والتقوى تتحقق السلامة من شر الأشرار وكيد الفجار: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)) (آل عمران). قال ابن كثير- رحمه الله-: "يرشدهم تعالى إلى السلامة من شرِّ الأشرار وكيد الفجار باستعمال الصبر والتقوى والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائهم فلا حول ولا قوة لهم إلا به، وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يقع في الوجود شيء إلا بتقديره ومشيئته ومن توكَّل عليه كفاه" (1)، "فهو الصبر والعزم والصمود أمام قوتهم إن كانوا أقوياء; وأمام مكرهم وكيدهم إن سلكوا طريق الوقيعة والخداع. الصبر والتماسك لا الانهيار والتخاذل; ولا التنازل عن العقيدة كلها أو بعضها إتقاءً لشرهم المتوقع أو كسبًا لودهم المدخول. والخوف من الله وحده، ومراقبته وحده هو تقوى الله التي تربط القلوب بالله، فلا تلتقي مع أحدٍ إلا في منهجه, ولا تعتصم بحبل إلا حبله.. وحين يتصل القلب بالله فإنه سيحقر كلَّ قوة غير قوته; وستشد هذه الرابطة من عزيمته, فلا يستسلم من قريب, ولا يواد من حاد الله ورسوله, طلبًا للنجاة أو كسبًا للعزة! هذا هو الطريق: الصبر والتقوى" (2). ثانيًا: الصبر والتقوى شرط المدد الإلهي: قال تعالى: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)) (آل عمران)، فكل من قام بحقِّ أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر فلا بدَّ أن يؤذى، فما له دواء إلا الصبر في الله والاستعانة بالله والرجوع إلى الله عزَّ وجلَّ (3)، قال الحسن البصري- رحمه الله-: "فهؤلاء الخمسة آلاف ردء للمؤمنين إلى يوم القيامة" (4). ثالثاً: بالصبر والتقوى تنال ثواب أهل العزم: قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)) (آل عمران). وإن تصبروا وتتقوا تنالوا ثواب أهل العزم؛ "إنها سنة العقائد والدعوات، لا بدَّ من بلاء, ولا بدَّ من أذى في الأموال والأنفس، ولا بدَّ من صبر ومقاومة واعتزام. إنه الطريق إلى الجنة، وقد حفت الجنة بالمكاره، بينما حفت النار بالشهوات. ثم إنه هو الطريق الذي لا طريق غيره, لإنشاء الجماعة التي تحمل هذه الدعوة, وتنهض بتكاليفها، طريق التربية لهذه الجماعة; وإخراج مكنوناتها من الخير والقوة والاحتمال، وهو طريق المزاولة العملية للتكاليف; والمعرفة الواقعية لحقيقة الناس وحقيقة الحياة. ذلك ليثبت على هذه الدعوة أصلب أصحابها عودًا، فهؤلاء هم الذين يصلحون لحملها- إذن- والصبر عليها. فهم عليها مؤتمنون؛ وذلك لكي تعز هذه الدعوة عليهم وتغلو, بقدر ما يصيبهم في سبيلها من عنت وبلاء, وبقدر ما يضحون في سبيلها من عزيز وغال، فلا يفرطوا فيها بعد ذلك, مهما تكن الأحوال" (5). "إنها سنة الدعوات، وما يصبر على ما فيها من مشقة; ويحافظ في ثنايا الصراع المرير على تقوى الله, فلا يشط فيعتدي وهو يرد الاعتداء; ولا ييأس من رحمة الله ويقطع أمله في نصره وهو يعاني الشدائد.. ما يصبر على ذلك كله إلا أولو العزم الأقوياء. ومن ثَمَّ تستبشر بالابتلاء والأذى والفتنة والادعاء الباطل عليها وإسماعها ما يكره وما يؤذي.. تستبشر بهذا كله, لأنها تستيقن منه أنها ماضية في الطريق التي وصفها الله لها من قبل، وتستيقن أن الصبر والتقوى هما زاد الطريق، ويبطل عندها الكيد والبلبلة ويصغر عندها الابتلاء والأذى; وتمضي في طريقها الموعود, إلى الأمل المنشود.. في صبر وفي تقوى.. وفي عزم أكيد" (6). رابعًا: بالصبر والتقوى يتحقق الفلاح: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)) (آل عمران).. قال ابن القيم- رحمه الله - أمرهم بالصبر وهو حال الصابر في نفسه، والمصابرة وهي حاله في الصبر مع خصمه، والمرابطة وهي الثبات واللزوم والإقامة على الصبر والمصابرة، فقد يصبر العبد ولا يصابر وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبدٍ بالتقوى فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله التقوى، وأن الفلاح موقوف عليها فقال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فالمرابطة كما أنها لزوم الثغر الذي يخاف هجوم العدو منه في الظاهر فهي لزوم ثغر القلب لئلا يدخل منه الهوى والشيطان فيزيله عن مملكته (7). خامسًا: بالصبر والتقوى يتحقق العز والتمكين: قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (يوسف: من الآية90). فانظر إلى يوسف عليه السلام.. تعرَّض للبلاء، وهو سلالة الأنبياء، فهو الكريم ابن الكريم يعقوب ابن الكريم إبراهيم عليهم السلام، فكانت مكافأة الله له أن مكَّن الله له في الأرض. سادسًا: بالصبر والتقوى تتحقق وراثة الأرض: قال تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)) (الأعراف). إنه ليس لأصحاب الدعوة إلى رب العالمين إلا ملاذ واحد, وهو الملاذ الحصين الأمين, وإلا ولي واحد وهو الولي القوي المتين، وعليهم أن يصبروا حتى يأذن الولي بالنصرة في الوقت الذي يقدره بحكمته وعلمه. وألا يعجلوا, فهم لا يطلعون الغيب, ولا يعلمون الخير.. وإن الأرض لله، وما- الأشرار والفجار والمجرمون والظالمون- إلا نزلاء فيها، والله يورثها من يشاء من عباده- وفق سنته وحكمته- فلا ينظر الداعون إلى رب العالمين, إلى شيء من ظواهر الأمور التي تخيل للناظرين أن الطاغوت مكين في الأرض غير مزحزح عنها.. فصاحب الأرض ومالكها هو الذي يقرر متى يطردهم منها! وإن العاقبة للمتقين.. طال الزمن أم قصر.. فلا يخالج قلوب الداعين إلى رب العالمين قلق على المصير، ولا يخايل لهم تقلب الذين كفروا في البلاد, فيحسبونهم باقين" (8). ألا فليوطن الدعاة أنفسهم على الصبر ويغذوه بالتقوى إذا ضعف أو نفد؛ ليتحقق لهم موعود الله بالنصر والتمكين في الدنيا، والفلاح في الآخرة. ---------- * الهوامش: (1) تفسير ابن كثير، (ج1/528). (2) في ظلال القرآن، (ج1/447). (3) تفسير ابن كثير، (ج1/577). (4) تفسير القرطبي، (ج4/ 190). (5) في ظلال القرآن، (ج1/534). (6) في ظلال القرآن: 1/ 541. (7) عدة الصابرين ص 17 (8) في ظلال القرآن، (ج3/1355).
-
نحن والقرآن إذا كانت قرائن الأحوال، وشواهد الأحداث، وبواعث الحروب بين الشرق والغرب ونتائجها، تؤكد بوضوح ظاهر أن الغرب يمارس ضد الشرق الإسلامي حرب إبادة، ويكنُّ له بركانًا من الحقد الأسود، والتدمير الرهيب، فإن ذلك أمر لا يلام عليه الغرب، ولا ينكره عليه مسلم صادق الإيمان عميق اليقين؛ لأن الغرب ينسجم في اتجاهه هذا مع المهمة التي أخذها على نفسه منذ بزغ فجر الإسلام وانتشر نوره، وهي مهمة الكيد القاتل للإسلام.. واستجماع العزيمة كاملةً لتدميره وإبادة أهله. وهو ما أعلمنا الله به بقوله: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة: من الآية 120). والمتتبع لتاريخ العلاقات بين الشرق والغرب، يلاحظ حقدًا مريرًا، يملأ صدور الغرب حتى درجة الجنون، يصاحب هذا الحقد خوف رهيب من الإسلام، إلى أبعد نقطة في النفسية الأوروبية، هذا الحقد وهذا الخوف لا شأن لنا بهما إن كانا مجرَّد إحساس نفسي شخصي، أما إذا كانا من أهم العوامل التي تبلور مواقف الحضارات الغربية من الشعوب الإسلامية، سياسيًّا واقتصاديًّا، وحتى هذه الساعة؛ فإن موقفنا يتغير بشكل حاسم" (1). إنَّ إصرارَ الغرب الحاقد على مواقفه تلك، وعدم التحرج من إظهارها وإعلانها، والتحدي السافر لكل ما هو إسلامي وعربي، لم يقع منا موقع المفاجأة، ولم يحرك فينا أدنى شعور بالدهشة أو الاستغراب، بل إن محاولات الإنكار والتخفي، ومحاولة ترويج مبادئه وتنفيذ خططه عن طريق وسطاء أو عملاء يختارهم من بلادنا ومن أهل ملتنا، حتى لا يلفت أنظارنا إلى خططه، أو يهيج شعور الإيمان فينا، فننتفض في وجهه ونزلزل الأرض من تحت قدميه، تلك المحاولات كانت هي المستغربة والمدهشة. لقد حرص الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي حرصًا شديدًا على عدم إظهار عداوته أو كشف خططه على مدى مئات السنين، حتى وإن اقتضى الأمر أن يعلن رئيس دولتهم احترامه للإسلام، كما حدث مع نابليون في مصر؛ لأنه كان يدرك عن يقين، أن رصيد الإسلام المذخور في صدور هذه الأمة إذا ثار لا يقاوم ولا يصادم؛ لأن الفطرة يومها كانت نقية، والعقائد كانت قويةً، والسواعد كانت فتيةً، ولأن علماء الأمة وعوامها لم ينخدعوا بدعوى العلمانية وعزل الدين عن طبيعة الصراع، تلك الدعوى الخبيثة التي روج لها اليهود، وأقنعوا بها بعض أبناء جلدتنا ممن انهزموا أمامهم، وسارعوا فيهم، وألقوا قيادهم بأيديهم، آملين أن ينالوا رضاهم، وجعلوا من أنفسهم َخدَمًا للمستعمر حتى يحققوا عن طريقه بغيتهم في حكم البلاد وإذلال العباد، ولأن الأمة لم تنخدع بهذه الدعوى، دعوى العلمانية، فقد ظلت ثابتةً راسخةً شامخةً، يُخشى بأسها ويُتقى غضبها. إن المحاولات التي بذلها الغرب على مدى ثلاثة قرون كانت مرصودةً وموجهةً لعزل القرآن عن ميدان المعركة، فاجتهدوا للوصول إلى تحقيق هذا الهدف بكل وسيلة ممكنة، لقد أدركوا خطورة القرآن وأثره البارز في حياة المسلمين فحاولوا الطعن فيه أو التشكيك في آياته، أو تحريف بعض كلماته، لكن َحفَظَة كتاب الله، وغيرة العلماء المخلصين لم تمكنهم من ذلك، فقد أعد الله لهذا الكتاب العظيم سياجًا حاميًا من مكر الماكرين، وتدبير الحاقدين، ومحاولات الكافرين فاتجه مكرهم وكيدهم إلى عزل الناس عنه، أو عزله هو عن حياة الناس، ولا يظن القارئ أن عملية العزل تعني تغييبه وإخفاءه، فهم يدركون أن ذلك يحفز الأمة إلى زيادة الحرص عليه، والإقبال على حفظه وتجويده، لكن عملية العزل اتجهت إلى الحيلولة بين هديه ومنهجه، وبين حياة الناس؛ ليتحول القرآن بعظمته وجلاله وخطورته، إلى أداة كسب، أو وسيلة تبرك، أو تعويذة من الحسد، إمعانًا في إهانة القرآن وتهميش دوره، وإبطال أثره. وأصبح من المألوف المقبول أن تفتح إذاعة من إذاعات المسلمين وغير المسلمين فتجدها تبدأ بثها بالقرآن على سبيل التبرك، ثم يعقب القرآن مباشرةً، أغنية خليعة، أو رقصة ماجنة أو صورة فاضحة، لتؤكد في حس السامع والمشاهد أن القرآن شيء وما يمارسه الناس في حياتهم شيء آخر، وأنه لا علاقة بين القرآن وبين ما يقع من الحلال أو الحرام، وبكثرة وقوع هذا الأمر يتحول إلى شيء مألوف ومعتاد، وتنصرف أذهان الناس عن استقبال الآيات لتكون منهج حكم أو مصدر تشريع، أو وسيلة توجيه، أو تربية أو تقويم، وليقتصر دورها في حس العوام والمثقفين على جانب الطرب بصوت القارئ، أو الوجاهة بقراءته في سرادق ضخم، وعن طريق مطرب "قارئ" مشهور، ليبتلع هذا القارئ المحترف عشرات الآلاف من الجنيهات التي هي كل ما تركه المتوفى لصغاره الأيتام، وليحكم عليهم بالموت بعد أبيهم جوعًا وفقرًا، ولا بأس بذلك في نظر أعمامهم الجاهلين أو ذوي قرباهم ما داموا هم قد حققوا لأنفسهم الوجاهة، وأحاديث المقاهي على ألسنة الفارغين والجاهلين. إن المؤامرة على القرآن للحيلولة بينه وبين حياة المسلمين كانت أخطر معركة كسبها الكافر الصليبي واليهودي بمكره وحيلته، ولم يتعجل الخطوات ولم يستكثر الثمن، ولم يستبطئ النتائج؛ لأنه يدرك تمامًا أنه بطيء لكنه أكيد المفعول. وإذا كانت السذاجة والغفلة قد بلغتا من المسلمين– حكامًا ومحكومين- حدًّا جعلهم لا يدركون حقيقة القرآن وعظمة القرآن، وأثره في حياة الأمة، فإنني أردهم إلى كلمة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق "جلاد ستون" التي قالها أمام مجلس العموم البريطاني، هذا المجلس الذي اجتمع ليقف على نتائج عمل الجيوش البريطانية في بلاد الإسلام ولكي يطمئن إلى نفاذ الخطط ونجاحها، فجاء رئيس الوزراء ليقدم تقريره في أخطر معركة تقودها بريطانيا باسم "الغرب الصليبي" فوقف يقول: "ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان" (2). إن الله سبحانه وتعالى الذي أنزل القرآن قد لفت أنظار الأمة إلى خطورة أثره، ودلهم على كيفية التعامل به مع الناس، فقال يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم: (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)) (طه)، وخاطب الأمة كلها بأن تحسن التلقي، وترتفع بهمتها إلى مستوى التشريف بقوله: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ) (البقرة: من الآية 63). وأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بأن أعظم الجهاد هو الجهاد بالقرآن وأمره بأن يعتصم بهذا الكتاب ويتمايز بمنهجه عن الكافرين بقوله: (فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)) (الفرقان)، وأعلمه بالغاية التي من أجلها نزل القرآن، وهي قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ (1)) (إبراهيم). ودله على مكانة القرآن وأثره في حياة الأمة بقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (53)) (الشورى). وحتى تعلم الأمة فضل الله عليها بهذا الكتاب، فقد خاطبها ربها بقوله: (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (10)) (الأنبياء). وتأمل معي أخي القارئ هذا الاستفهام التعجبي الاستنكاري الذي يختم الله به الآية بقوله: (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ). إنني أحس أن الأمة اليوم تعاني غيابًا عقليًّا وروحيًّا فاضحًا، حتى احتاجت أن تخاطب بهذا التقريع الشديد، الذي افترض فيها غياب العقل، وعبثية العيش. ولا أجد ما يتناسب مع جلال القرآن وشهر القرآن إلا أن أذكِّر أمة الإسلام بالغائب العزيز الذي غاب بغيابه عزنا وفخرنا، وغابت بغيابه مكانتنا بين الأمم فصار حالنا كقول القائل: ويُقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهودُ فأجد لزامًا عليَّ وعلى كل من ابتلاه الله بالقدرة على إيقاظ الأمة وتنبيهها وحسن هدايتها إلى سبيل ربها، أن أذكِّر أمتي بقول خالقها سبحانه يخاطب نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)) (الزخرف). إنني أشعر بحالةٍ من الرهبة تصل إلى حد الرعب، وأنا أقرأ ختام الآيتين (وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)، ويزداد رعبي ورهبتي عندما أدرك عظمة مَن يتوعد، والذي سيتولى السؤال وهو الخالق الجبار سبحانه وتعالى، وهل تدرون ما معنى أن نُسأل؟ هذا ما يفسره حديث عائشة رضي الله عنها عندما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا".. فلما انصرف قلت: يارسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، من نُوقش الحساب عذب". وفي رواية "من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك" (3). إن الأمة التي أعطيت القرآن، وألهمت فقهه وأسراره، وهديت إلى عظمة ما فيه من تشريع وتقنين، أمة غير معذورة، إذا هي تركته َفضَلَّت، أو أهملت تشريعه فافترس القوي فيها الضعيف، وحرمت نوره وروحه فغابت عن حياتها نداوة الإيمان وبرد اليقين.. (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ) (التوبة: من الآية 67). إنني أشفق على أمتي التي هجرت القرآن دستورًا وضيعته شريعةً وأخلاقًا من قول ربي سبحانه: (وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)) (الصافات)، وأستحضر حالة الرعب والهول وحالة الألم والحزن عندما أسمع نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم يشكو إلى ربه حال أمته في قوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُورًا (30)) (الفرقان). يقول ابن كثير في بيان المقصود بالهجر في الآية: "ترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من هجرانه" (4). وقد تعجب إذا قلت لك إن غالب أبناء الأمة واقعون في جريمة هجر القرآن، بصورةٍ أو بأخرى، حتى وهم يقرءونه ويتنافسون في ختمه في رمضان، ويظنون ذلك غاية ما ينبغي فعله لخدمة القرآن وإعطائه حقه، وذلك راجع إلى جهلهم بالغاية التي من أجلها نزل القرآن، وهو أنه كتاب هداية وتشريع وبيان، نزل إلى الأرض ليحكم ويهدي ويشفي ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإذا اكتفى بعض المتدينين بكثرة القراءة والمنافسة في عدد مرات ختمه في رمضان أو في غير رمضان، فإنهم بذلك لا يزيدون عما تفعله إذاعاتنا من الاكتفاء بقراءته ثم البدء مباشرةً في مخالفته ومناقضته، ولا يعني ذلك أني أقلل من شأن القراءة، فأجر القراءة معلوم غير مجهول، لكنني أريد أن أعلم القارئ أن القراءة وسيلة إلى الفهم، والفهم وسيلة إلى التطبيق والتنفيذ، أما من يكتفي من القرآن بقراءته فقط ويحسب بتلك القراءة أنه أدى عبادةً وأعذر إلى الله، فإني لا أجد له مثالاً إلا بالمريض الذي ذهب إلى الطبيب، فشخص له داءه وكتب له دواءه، وبدلاً من أن يذهب المريض ليتعاطى الدواء طبقًا لوصف الطبيب، رأيناه يكتفي بقراءة تذكرة العلاج وحفظها عن ظهر قلب دون أن يتعاطى شيئًا منها، أترى هذا الفعل وحده كافيًا ليكون سببًا في الشفاء؟ ألست معي في أن هذا الفعل لا يليق بالعقلاء؟ لقد علَّمنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكون الجدية مع القرآن، فقد روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا" (5). إنني أهيب بأبناء أمتي- حكامًا ومحكومين- إن كانوا جادين في إخراج الأمة من حالة الغثائية والوهن، أن يعودوا بالقرآن إلى الناس منهاجًا لحياتهم، ودستورًا لتشريعهم، ومرجعًا لأخلاقهم، ومعيارًا دقيقًا لحلالهم وحرامهم، ونبعًا صافيًا لوجدانهم وقيمهم وآدابهم وسلوكهم: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)) (المائدة). --- ---------- * الهوامش: (1) جلال العالم – قادة الغرب يقولون – الطبعة التاسعة – دار السلام. (2) الإسلام على مفترق الطرق، محمد أسد، ص 39. (3) رواه الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن الزبير عن عائشة، وهو صحيح على شرط مسلم. (4) تفسير ابن كثير ج1 ص 317. (5) أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن عطاء بن السائب، وأخرجه ابن جرير في مقدمه تفسيره وصححه أحمد شاكر.
-
اقتران التوبة بالإصلاح في القرآن.. حكم وأسرار قرن الله سبحانه بين التوبة والإصلاح في مواضع من كتابه منها: قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)) (البقرة)، وقوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ (89)) (آل عمران)، وقوله تعالى: (وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)) (النساء)، وقوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)) (النساء)، وقوله تعالى: (فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (39)) (المائدة)، وقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (54)) (الأنعام)، وقوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (19)) (النحل)، وقوله تعالى: (إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5)) (النور). التَّوْبَةُ في الشرع التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرَّط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة (1). والصَّلاحُ: ضدّ الفساد (2).. قال ابن منظور- رحمه الله-: "الإصلاح نقيض الإفساد وأصلح الشيء بعد فساده: أقامه (3). اصطلاحًا: مأخوذ من الصُّلح: وهو عقد يرفع النزاع، وهو بمعنى المصالحة، وهو المسالمة خلاف المخاصمة، وأصلُه من الصَّلاح، وهو ضد الفساد ومعناه دال على حُسْنِه الذاتي (4). فالآيات تدل دلالةً واضحةً على أنه ليس المقصود بالتوبة ترك القبيح، بل يجب فعل الحسن وهو الإصلاح. فمثلاً لو أفسد المرء على غيره دينه بإيراد شبهة عليه يلزمه إزالة تلك الشبهة، ولو كتم عالم علمًا فيه هداية غيره ونفعه، فيجب عليه بيان ما كتمه. ولو سرق سارق ما، فلا يكفي توقفه عن السرقة، بل لا بد أن يرد الحقوق إلى أصحابها، ويتصدق، ويؤدي حقوق الله وحقوق العباد فيما أنعم الله عليه من مال حلال. ولو ظَلَم أحدًا فلا يكفي أن يكف الظالم عن ظلمه، بل لا بد أن يرد المظالم، ويظهر الإحسان إلى الناس. ومن أجل ذلك شرط سبحانه وتعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى؛ ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم، ويبينوا للناس ما كانوا يكتمونهم إياه، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)) (البقرة). وشَرَطَ في توبة المنافقين الذين كان ذنبهم إفساد قلوب ضعفاء المؤمنين وتحيزهم واعتصامهم باليهود والمشركين أعداء الرسول وإظهارهم الإسلام رياءً وسمعةً: - أن يصلحوا بدل إفسادهم. - وأن يعتصموا بالله بدل اعتصامهم بالكفار من أهل الكتاب والمشركين. - وأن يخلصوا دينهم لله بدل إظهارهم رياءً وسمعةً، فهكذا تُفهم شرائط التوبة وحقيقتها(5). ولفظ: (وَأَصْلَحُوا) أي عملوا صالحاتٍ كثيرةً؛ لأن حرارة إسرافهم على نفوسهم تلهب ظهورهم دائمًا، فهم يريدون أن يصنعوا دائمًا أشياءَ لاحقةً تستر انحرافاتهم السابقة وتذهبها (6). وتدل أيضًا: على أن مَنْ وقعتْ منه سيئة عليه أن يتبعها بحسنة، كما جاء الحديث، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: "اتَّقِ اللَّهَ أَيْنَمَا تَكُونُ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا" (7). وقد قدَّر العلماء الإصلاح بعد التوبة بمضي مدة يظن بها حسن الحال، وهي سنة يعتبر بها حال التائب بالفصول الأربعة التي تكشف الطباع (8). والإصلاح المطلوب من التائب: 1- أن يجعل نفسه صالحةً. 2- وأن يصلح عمله بعد أن أساء فيه. قال ابن عاشور– رحمه الله- ومعنى (أَصْلَحَ) صيِّر نفسه صالحةً، أو أصلح عمله بعد أن أساء (9). فالإفساد عمل شرير يمتد أثره على الخلق، فلا بد للتائب أن يُعوِّض ما أفسد بعمل إيجابيٍّ خيِّرٍ مصلحٍ. فالنفس الإنسانية لا بد أن تتحرك، فإذا هي كفَّت عن الشر والفساد ولم تتحرك للخير والصلاح بقي فيها فراغ وخواء قد يرتدان بها إلى الشر والفساد، فأما حين تتحرك إلى الخير والصلاح فإنها تأمن الارتداد إلى الشر والفساد بهذه الإيجابية وبهذا الامتلاء.. إن الذي يربّي بهذا المنهج هو اللّه.. الذي خلق والذي يعلم مَن خلق (10). فإذا أراد المفسدون التوبة من إفسادهم الذي عمَّ كل شيء في الحياة، فلا يقبل منهم فقط أن يكفوا عن إفسادهم، بل لا بد أن يعوضوا بدل كل إفساد أفسدوه صلاحًا، وأن يثبتوا بالأعمال الصالحة لمدة لا تقل عن سنة- كما شرط ذلك العلماء- صدق توبتهم وتوجههم إلى الإصلاح هذه هي حقيقة التوبة. وهذا ما أكده العلماء: قال القرطبي- رحمه الله-: "لا يكفي في التوبة عند علمائنا قول القائل: قد تبت حتى يظهر منه في الثاني خلاف الأول فإن كان مرتدًّا رجع إلى الإسلام مظهرًا شرائعه، وإن كان من أهل المعاصي ظهر منه العمل الصالح وجانب أهل الفساد والأحوال التي كان عليها، وإن كان من أهل الأوثان جانبهم وخالط أهل الإسلام، وهكذا يُظهر عكس ما كان عليه" (11). وقال شيخ الإسلام- رحمه الله-: "شرط الفقهاء في أحد قوليهم في قبول شهادة القاذف أن يُصلِح وقدَّروا ذلك بسنة، كما فعل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بصبيغ بن عسل لما أجله سنةً وبذلك أخذ أحمد- رضي الله عنه- في توبة الداعي إلى البدعة أنه يُؤجَّل سنةً كما أجَّل عمر صبيغ بن عسل" (12). فهل من عودة حميدة إلى المنهج القرآني نستقي منه إصلاحًا لأنفسنا ومجتمعنا؟ ---------- - الهوامش: (1) مفردات الراغب: 169. (2) المرجع السابق: 489. (3) لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، دار صادر، بيروت- لبنان ط:الأولى1300هـ، (ج2/516). (4) موسوعة نضرة النعيم : إعداد مجموعة من المختصين بإشراف: صالح بن عبد بن حميد، وعبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن مُلُّح، دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة، السعودية، ط: الثالثة، 1425هـ= 2004م (ج2/ 364). (5) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين: 17. (6) الشعراوي: 1073. (7) مسند أحمد بن حنبل، مسند معاذ بن جبل (22112)، قال الشيخ الألباني: (حسن) انظر حديث رقم: 97 في صحيح الجامع . (8) نظم الدرر: 5/ 237. (9) التحرير والتنوير: 6/ 126 . (10) في ظلال القرآن: 2/ 886 . (11) تفسير القرطبي، (ج2/ 184). (12) مجموع الفتاوى، (ج7/ 86).
-
بناء أمَّة وعالم أكثر سعادة إنه يعني البدء أولاً ببناء الفرد ثم الأسرة ثم المجتمع ثم الدولة ثم الأمَّة ثم العالمَ، وبناء الإنسان يعني بناءه نفسيًّا وفكريًّا وجسديًّا؛ ليسعدَ بحياته سعادة كاملة لا جزئية، حقيقية عميقة لا سطحية زائفة، ثم ليسعدَ بآخرته بتجهيزه لها بنوايا خير ٍفي كل أقواله وأفعاله الدنيوية. والبناء النفسي أن يكون بدوام تواصله مع أصل الخير والحياة، مع ربه مُوجدِهِ وخالقه ومُرَبِّيه ورازقه ومُعينه ومُوَفقه، ثم بدوام تمسّكه بكلِّ خُلُق ٍخيْريّ ٍفي كل كلماته وتصرفاته، ليسعدَ وليطمئنّ في الداريْن، كما يُفهَم من قوله (صلى الله) في الحديث المعروف: ".. احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله .. " (جزء من حديث رواه الترمذي وغيره). والبناء الفكري يكون بدوام العمل والإنتاج والإنجاز والتخطيط والتطوير والابتكار والربح، فيما هو خير وفقط، لتستمر سعادته وتكتمل ولا تفسد بقدْر أيّ شرّ ٍقد يُفكر فيه أو يفعله، كما يُفهَم من قوله صلى الله عليه وسلم: " احرص على ما ينفعك واستعِن بالله ولا تعجز" (جزء من حديث رواه مسلم وغيره). والبناء الجسدي يكون بالتوازُن في مُتع الحياة الجسدية الحلال، وهي النافعة المُسْعِدَة، لا الحرام، وهي المُضِرَّة المُتعِسَة، كما يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) (الأعراف: من الآية 31). ثم بناء الأسرة، ويعني تكوينها من ذكر ٍوأنثي قد تمَّ تربيتهما منذ صغرهما على الخير والسعادة.. أسرة تقوم علي قوله تعالى: (مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم: من الآية 21)، أي على الحب والحوار والتفاهم والتقارُب والتسامح والتنازل والتعاون والتكامُل والتخطيط والكسب وكل ما يحقق الأمن والهناء للنشيء الجديد، لينشأ بسهولة وبتلقائية بهذه الصفات الطيبة المُسْعِدَة له، وليُمكنه نقلها والفيض بها علي كل مَن حوله في مجتمعه بسلاسة ودون جهد. ثم بناء المجتمع، كما يُفهَم من قوله تعالى: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)) (البقرة)، والذي يعني بالأساس تكوينه من الأسر السعيدة والتي سبَقَ تربية أفرادها على أخلاق نظام الإسلام، وهي الأخلاق الوحيدة التي تُسعِد سعادة تامَّة حقَّة، كما يؤكد تعالى في قوله: (فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) (يونس: من الآية 58 )، بينما بقية الأنظمة فسعادتها غالبًا جزئية قِشريَّة وكثيرًا ما تُتعِس بظلمها كما يُثبت ذلك الواقع أمامنا. ثم بناء مؤسَّسات الدولة وإدارتها وحكومتها، مؤسَّساتها السياسية والاقتصادية والقضائية والعلمية والإعلامية والاجتماعية والفنية والرياضية والعسكرية والشرطية وغيرها.. بناؤها بالتخصّصات والمتخصّصين الأخلاقيين الوطنيين علي اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، تطبيقًا لقوله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص: من الآية 26)، ولقوله صلى الله عليه وسلام: "إذا وُسِّدَ الأمر إلي غير أهله فانتظر الساعة " (جزء من حديث رواه البخاري)؛ لأنه مَن كان مُتخصّصًا دون تربية فسيُفسِدُ في الغالب تخصّصه كما هو واضح واقعيًّا، وإن كان مُترَبيًّا دون تخصّص فسيُفسِد أيضًا لقلة خبراته أو انعدامها. بناؤها بمرجعية أخلاق الإسلام؛ لأنها المرجعية الوحيدة الكاملة التي تشمل كلَّ المرجعيات الأخرى، والتي لا يُمكن تغييرها لأيّ سبب ٍكان؛ لأنها من عند الله الذي لا يتغير.. إنها مرجعية العدل والحرية والشورى والوحدة والتعاون والانتماء والهُويَّة والإحسان والإتقان وكل الأخلاق التي تجعلها أفضل وأكمل دولة سعيدة لذاتها مُسعِدَة لغيرها. يقول تعالى عن هذه المرجعية المُسْعِدَة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)﴾ (النساء).. جاء في تفسير القطان: ".. عندما نضع قانونًا أو نريد أن نحكم في قضية، علينا أن نرجع إلى القرآن الكريم، فإن لم نجد رجعنا إلي سُنَّة رسوله، فإذا لم نعثر على طلبنا هناك سألنا أولي الأمر أن يجتهدوا رأيهم، وهذا الاجتهاد بابه مفتوح دائمًا لم يُغلق، وما على أهل العلم والرأي إلا أن يجدّوا ويجتهدوا في تحصيل الوسائل التي يكونون بها أهلا للاجتهاد.. " ثم يُضيف: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ (النساء: من الآية 83) وهذا صريح جدًّا في موضوع الاجتهاد.. وهذا حديث معاذ بن جبل حين ولاَّه رسول الله قاضيًا على اليمن أوضح دليل، فإنه قال له: "بمَ تقضي إذا عرَضَ لك قضاء؟" قال: بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد؟" قال : بسُنَّة رسول الله، قال: "فإن لم تجد؟" قال: أجتهد رأيي، فأقرَّه الرسول على ذلك..". ويقول الإمام السعدي في تفسيره: ".. فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إمَّا بصريحهما أو عمومهما، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يُقاس عليه ما أشبهه .. " وجاء في "أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري: ".. الحال الحسنة السعيدة في رَدَّ أمَّة الإسلام ما تتنازعَ فيه إلى كتاب ربها وسُنَّة نبيّها صلى الله عليه وسلم". ثم يقوم الأفراد بعد بناء دولتهم بحُسْن عرض هذا البناء المُتدرِّج الحَسَن من الفرد للأسرة للمجتمع للدولة.. يعرضونه وينشرونه بالدعوة إليه بالحسنى وبالإقناع وبالقدوة العملية التطبيقية، إلى كل الأمم والدول القريبة ثم البعيدة بالتدريج. ثم أمَّة ودولة خيريَّة أخلاقيَّة إسلاميَّة كاملة السعادة بجوار أخرى وثانية وثالثة ورابعة فصاعدًا، تتَّحِد فيما بينها على مراحِل وفيما يُمكِن التوحّد فيه، لتكوين اتحاد ٍإسلاميّ- أو ما كان يُسَمَّى سابقًا بالخلافة الإسلامية- يكون له مِن القوى البشرية والاقتصادية والعلمية والإعلامية والسياسية والعسكرية وغيرها ما يُمكنه مِن نشر الخير والأمن والسكون والسرور بأخلاق الإسلام بكلِّ حكمة وكل قدرة لكل البشرية وكل الحياة وكل الأرض وكل العالمَ، فيسعد الجميع بحياتهم ثم آخرتهم أتمّ سعادة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء: 107) وسيكون لكل مَن شارَك في هذا البناء ثوابه العظيم على قدْر نواياه وما قدَّّمَه ﴿إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)﴾ (الأعراف: من الآية 170). إنه بحدوث مثل هذه الأنواع من البناء، فإنها ستُزيح تدريجيًّا وتلقائيًّا أيَّ فسادٍ قد يكون موجودًا في الأفراد أو المجتمعات أو الحكومات مِن رشوة أو غش أو خيانة أو ضرر أو ديكتاتورية أو ظلم أو سطحية أو لامبالاة أو إهمال أو كسل أو سرقة أو عصبية أو طائفية أو ما شابه ذلك، وستُحِلّ الخير والسعادة مكان الشر والتعاسة. وهذا هو التطبيق العملي المنطقي الذي كان من الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام لقوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ (الأحزاب: من الآية 4)، والذي يعني أنه كلما ملأتَ الناس والمجتمع والحياة كلها بالخير والهناء انزاحَ وانقرضَ وتلاشى منها الشر والشقاء بالتدريج وبصورة تلقائية؛ لأنه كما تُثبت قوانين الفيزياء استحالة اجتماع مادتيْن في حيِّزٍ واحد. فكن أيها الداعي إلى الله والإسلام من هؤلاء البنَّائين المُخلصين الأخلاقيين المتخصّصين، السعداء لأنفسهم المُسْعِدين لغيرهم، المُثابين أكمل الثواب بإذن الله. ولا تكن مِمَّن يبنون بناءً ناقصًا، فيُركزّون فقط على التربية أو بعض صورها دون التركيز على التخصّص، فيُفسِد مثل هؤلاء شئون الحياة لقلة أو انعدام خبراتهم، أو مِمَّن يُركزّون وحَسْب على التخصّص دون اهتمامٍ بتربية، فيُفسِدون أيضًا بسوء أخلاقهم.. لتكتمل سعادتك ومَن حولك والأرض كلها.. ويكتمل ثوابك.
-
علاج قسوة القلب قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الزمر: من الآية 22)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" (رواه الترمذي، ك الزهد). تساؤل واتفاق عزيزي القارئ.. هل لم تشعر يومًا بوخزة ضمير، أو لم تتألم مرة من شكة ندم؟ وهل ما تأثرت يومًا بدمعة يتيم، أو ما أحسست مرة بمريض؟ وهل ما تفطر قلبك لمنظر تمزق جثة شهيد؟ وهل ما تمنيت مرة نصرة مظلوم من ظالم؟ وهل يلاحظ أهلك في قلبك القسوة والجمود؟ إذا كان هذا، أو شيء منه قد حدث فأنت مريض، وبقراءتك قد بقي فيك خير كثير حيث إنك تريد العلاج. ولكن ما هذا المرض؟ إنه عزيزي القارئ مرض قلبي. فهل تريد أن تعرف، وتتعرف على هذا المرض؟ لا تخجل قل: نعم، مرضاة لله تعالى وهل إن عرفت وتأكدت- لا قدَّر الله- أنك مريض عندك الاستعداد للعلاج من هذا المرض عن طريق (طب القلوب). لا تخجل قل: نعم، مرضاة لله تعالى إذن أدعوك- الآن- لقراءة هذا السطور أعراض قسوة القلب - عدم التأثر بالموعظة وذكر الله، وجمود العين وبخلها بالدموع، لا رحمة بالصغير ولا عطف على الفقير. - عدم التأثر بما يصيب الغير من الألم، أو الأذى. - عدم الاهتمام بأمور المسلمين، وفقدان الرغبة في نصرة الإسلام وأهله. - عدم الإحساس بخطورة احتلال المقدسات، وانتهاك الحرمات، واغتصاب أعراض المسلمات. لاحظ جيدًا أنه قد توجد هذه الأعراض كلها، أو شيئًا منها. مخاطر قسوة القلب قالوا ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه (أبو نعيم الأصفهاني حلية الأولياء [8/269،142)؛ ذلك أن قساوة القلب: [انظر رائد فؤاد باجوري الأمراض القلبية ص24 وما بعدها]. 1- تذهب اللين والرحمة والخشوع من القلب، وإن مجتمعًا ينعدم اللين والرحمة بين أفراده لهو مجتمع شين، كما أن مجتمعًا لا خشوع في قلوب أهله لهو مجتمع محروم من كل خير. 2- تزيل النعم وتأتي بالنقم، وتؤدي إلى الفرقة، وعدم التآلف، وذهاب الأخوة. 3- تكثر الضغناء والعداوة بين أفراد المجتمع بل بين المجتمعات. 4- تؤدي إلى كراهية الناس لصاحب هذا المرض، والانصراف من حوله، والابتعاد عنه، يقول تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: من الآية 159). 5- تقعد صاحبها عن الخير، وتصده عن الهداية، وتغرقه في بحار الشهوات. 6- تعتبر قسوة القلب بوابة تفتح القلب لدخول الأمراض فيه، وهجومها عليه. 7- تعرض صاحبها لإغواء الشياطين ووقوعه فريسة لهم، يقول تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)﴾ (الأنعام). 8- توقع صاحبها تحت تهديد المولى سبحانه وتعالى له بالعذاب الأليم في نار جهنم ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ (الزمر: من الآية 22). 9- تُقرِّب قاسي القلب من زمرة اليهود، وعصاة الأمم، ويقول تعالى لليهود: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ (البقرة: من الآية 74). المصابون بقسوة القلب والمصابون بهذا المرض اللعين فئات كثيرة، وبيانها كالتالي 1- اليهود: يقول تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)﴾ (البقرة)، ويقول تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ (المائدة: من الآية 13). وها هو ما يفعلونه في النساء والأطفال في فلسطين، ما يؤكد أنه لا قلوبَ لهم بالمرة. 2- كثير من الأمم السابقة: يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)﴾ (الأنعام). 3- الذين أوتوا الكتاب من قبل: يقول سبحانه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)﴾ (الحديد). 4- البعيدون عن ذكر الله وطاعته عامة، المشغولون بالدنيا: يقول سبحانه: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)﴾ (الزمر). أسباب قسوة القلب وهي كثيرة، نذكر منها- للتذكرة- ما يلي:- 1- الركون إلى الدنيا والغرور بأهلها: وهذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب والعياذ بالله تبارك وتعالى، فإذا اشتغل العبد بالأخذ والبيع واشتغل أيضًا بهذه الفتن الزائلة والمحن الحائلة، فسرعان ما يقسو قلبه؛ لأنه بعيد عن مَن يُذكِّره بالله تبارك وتعالى؛ فلذلك ينبغي على الإنسان إذا أراد أن يوغل في هذه الدنيا أن يوغل برفق. فديننا ليس دين رهبانية، ولم يحرم الحلال سبحانه وتعالى، ولم يحل بيننا وبين الطيبات، ولكن رويدًا رويدًا!! فأقدار قد سبق بها القلم وأرزاق قد قُضيت، يأخذ الإنسان بأسبابها دون أن يغالب القضاء والقدر، يأخذها برفقٍ ورضا عن الله تبارك وتعالى في يسيرٍ يأتيه، وحمد وشكر لبارئه، فسرعان ما تُوضع له البركة ويكفي فتنة القسوة. نسأل الله العافية منها. فلذا من أعظم الأسباب التي تستوجب قسوة القلب الركون إلى الدنيا، وتجدهم- أهل القسوة- غالبًّا عندهم عناية بالدنيا، يضحون بكل شيء! يضحون بأوقات الصلوات!! ويضحون بالأعمال الصالحة ولكن لا يضحون بلذات الدنيا. فلا يمكن أن يضحي الواحد منهم بدينار أو درهم منها!! فلذلك دخلت هذه الدنيا إلى القلب، والدنيا شعب، ولو عرف العبد حقيقة هذه الشعب لأصبح وأمسى ولسانه يلهج إلى ربه قائلاً: "رب نجني من فتنة هذه الدنيا". فإن في الدنيا شعبًا ما مال القلب إلى واحدٍ منها إلا استهواه لما بعده، ثم إلى ما بعده، حتى يبتعد عن الله عز وجل، وعندها تسقط مكانته عن الله ولا يبالي الله به في أي وادٍ من أودية الدنيا هلك، والعياذ بالله. إن هذا العبد الذي نسي ربه، وأقبل على هذه الدنيا مُجِلاً لها، ومكرمًا، فعظَّم ما لا يستحق التعظيم، واستهان بمَن يستحق الإجلال والتعظيم والتكريم سبحانه وتعالى، تكون عاقبته والعياذ بالله من أسوأ العواقب (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها). 2- الجلوس مع الفُساق ومعاشرة من لا خير في معاشرته: ولذلك ما ألف الإنسان صحبة لا خيرَ في صحبتها إلا قسي قلبه عن ذكر الله تبارك وتعالى ولا طلب الأخير إلا رققوا قلبه لله الواحد القهار، ولا حرص على مجالسهم، إلا جاءته الرقة شاء أو أبى، جاءت لكي تسكن سويداء قلبه؛ فتخرجه عبدًا صالحًا مصلحًا قد جعل الآخرة نصب عينيه. لذلك ينبغي للإنسان إذا عاشر الأشرار أن يعاشرهم بحذر، وأن يكون ذلك على قدر الحاجة حتى يسلم له دينه، فرأس المال في هذه الدنيا هو الدين (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها). 3- كثرة الكلام بغير ذكر الله: في حديث عمر، رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" (رواه الترمذي، كتاب الزهد). عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " كثرة الضحك تميت القلب" (رواه الترمذي وابن ماجه، كتاب الزهد). 4- كثرة الذنوب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكته سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه" فذلك الران [رواه البيهقي في الشعب رقم 1859]، الذي ذكر الله في كتابه ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)﴾ (المطففين) قال يحيى بن معاذ: ما جفت الدموع إلا لقساوة القلوب. ما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب. ما كثرت الذنوب إلا لكثرة العيوب. علاج قسوة القلب 1- المعرفة بالله تبارك وتعالى لأن معرفة العبد بربه ترقق قلبه من خشية الله تعالى، وتزيل منه قسوته وجموده. حيث إنك لا تجد قلبًا قاسيًا إلا وتجد صاحبه أجهل الناس بالله عز وجل، وأبعدهم عن المعرفة به وبطشه وعذابه، وأجهلهم كذلك بنعيم الله، ورحمته. وأيأس ما يكون من روح الله، وذلك لجهله بالله عزَّ وجلَّ. إذن لما جهل هذا الإنسان ربه تجرأ على حرماته، ولم يعرف إلا شهواته وملذاته. لذلك كانت المعرفة بالله طريقًا جيدًا لعلاج قسوة القلب (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها). 2- ذكر الله عزَّ وجلَّ في السر والعلانية، في السراء والضراء، في الليل والنهار في كل الأحوال: يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾ (الرعد). وفي الحديث "إن هذه القلوب تصدأ، كما يصدأ الحديد"، قيل فما جلاؤها يا سول الله؟ قال "تلاوة كتاب الله، وكثرة ذكره" (ابن رجب، أهوال القبور227، نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد). وقال يحيى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء. - قراءة القرآن بالتفكر. - وخلاء البطن. - وقيام الليل. - والتضرع عن السجود. - ومجالسة الصالحين (أبو نعيم الأصفهاني حلية الأولياء 8/269،142). وشكا رجل إلى الحسن قسوة قلبه، فقال له: "عليك بذكر الله". * * * * * ويقول تعالى داعيًا لأحبابه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)﴾ (الحديد). 3- النظر في آيات الله والاعتبار بها: حيث إنه ما نظر الإنسان- رجلاً كان أو امرأة- في آيات الله في الأنفس أو الآفاق، أو القرآن الكريم، وكان عند نظره، وقراءته، حاضر القلب مفكرًا متأملاً إلا وجدت العين منه تدمع، والقلب فيه يخشع، والنفس لديه تتوهج من أعماقها رقةً وخشوعًا وانكسارًا. وصدق الله إذ يقول في كتابه الكريم: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)﴾ (الزمر: من الآية 23). لذلك ما أهمل عبد تلاوة القلب، والتفكير فيه إلا قسا قلبه، وتحجرت عواطفه. ومن هنا كان النظر في آيات الله والاعتبار بها طريقًا جيدًا لعلاج قسوة القلب. 4- تذكر الآخرة: حيث إن من لا يتذكر أن لكل بداية نهاية، وأن العبد صائر إلى الله، وأنه لا بدَّ من حساب، وأنه لا بدَّ من جنة أو نار!. كما أن من لا يتذكر أن الحياة زائلة، وأن متاعها فانٍ وبهجتها راحلة، وأنها دار غرور!! دعاه كل ذلك إلى الإقبال على الدنيا، والانشغال بها، والبعد تدريجيًّا عن الخوف من الله، وقلة الاستعداد ليوم لقاه. وعندها يقسو القلب وتتحجر عواطفه. لذلك كان تذكر الآخرة مع زيارة القبور طريقًا جيدًا، لعلاج قسوة القلب. 5- زيارة المقابر: ففيها فوائد كثيرة منها: تُذكر الموت. وتُقصر الأمل. وتُرقق القلب. وتُوجد الخشية. قال ابن المنكدر عن رجل يكثر من زيارة المقابر، هذا رجل يحرك قلبه بذكر الموت، كلما عرضت له قسوة (ابن رجب أهوال القبور227 نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد). وقال أحد الصالحين ما اشتقت إلى البكاء إلا مررت عليه. قال له رجل وكيف ذلك؟ قال إذا أردت ذلك، خرجت إلى المقابر، فجلست إلى بعض تلك القبور، ثم فكرت فيما صاروا إليه من البلى، وذكرت ما نحن فيه من المهلة. قال فعند ذلك تختفي قسوة قلبي (ابن رجب ذم قسوة القلب ص 32 نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد). 6- الإحسان إلى اليتامى والمساكين: فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رجلاً شكا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قسوة قلبه. فقال له: "إن أحببت أن يلين قلبك، فأمسح رأس اليتم وأطعم المسكين" (أحمد في المسند2/ 263، والهيثمي في مجمع الزوائد8/160). 7- كثرة الدعاء: "اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني ومن شر قلبي" (رواه أبو داود الوتر، باب في الاستعاذة). قالوا يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أي المال نتخذ؟ قال" ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا وزوجةً مؤمنةً تعينه على أمر الآخرة" (رواه ابن ماجه، النكاح، من باب أفضل النساء). "اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك لسانًا صادقًا وقلبًا سليمًا، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، واستغفرك مما تعلم إنك علام الغيوب". اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى أن تهب لنا قلوبًا لينةً، تخشع لذكرك وشكرك. اللهم إنا نسألك قلوبًا تطمئن لذكرك. اللهم إنا نسألك ألسنةً تلهج بشكرك. اللهم إنا نسألك إيمانًا كاملاً، ويقينًا صادقًا، وقلبًا خاشعًا، وعلمًا نافعًا وعملاً صالحًا مقبولاً عندك يا كريم. اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. -------------------
-
يا مؤمن.. عدْ، ربك في انتظارك أحد أهم الأسباب التي تجعل المخطئين يتمادون في أخطائهم، أنهم يقنطون من رحمة الله وعفوه، ويعتقدون- خطأً- أن ليس لهم توبة، وأنهم مهما صنعوا من معروف فلن يقبل الله منهم شيئًا.. وهذا مخالف لحقيقة الإسلام، ومنافٍ لطبيعة البشر التي رُكِّب فيها الشر كما رُكِّب فيها الخير. وللأسف فإن الشيطان ينتهز تلك اللحظات، فيعد ويمنِّي، ويأمر بالفحشاء، ويباعد بين الإنسان والتوبة، ويزرع في نفسه اليأس من قبول الله له، فيتمادى المذنب في ذنوبه، وينسى ربه الذي يغفر الذنب ويقبل التوب ويتجاوز عن العصاة المسرفين.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم" (مسلم). لا بد أن يدرك المسلم أن كل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون، وأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، فإذا ما وقع- لا قدر الله- في ذنب، عاد إلى ربه سريعًا، مستغفرًا من ذنبه، طالبًا العفو والصفح، راجيًا من الله أن يبدل سيئاته حسنات، والله عز وجل لا يرد تائبًا، ولا يغلق أبواب الغفران في وجوه الطارقين، بل إنه ليفرح بعودة عبده التائب، وإنه لينقي صفحته حتى تصير بيضاء لا شيةَ فيها.. يقول الله تعالى: (قٍلً يا عٌبّادٌي الّذٌينّ أّسًرّفٍوا عّلّى" أّنفٍسٌهٌمً لا تّقًنّطٍوا مٌن رَّحًمّةٌ اللَّهٌ إنَّ اللَّهّ يغًفٌرٍ الذٍَنٍوبّ جّمٌيعْا إنَّهٍ هٍوّ الغّفٍورٍ الرَّحٌيمٍ (53)) (الزمر)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني، واللهِ للهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرّب إلي شبرًا تقرّبت إليه ذراعًا، ومن تقرّب إلى ذراعًا تقرّبت إليه باعًا، وإذا أقبل يمشي أقبلت إليه أهرول" (مسلم). إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ورب توبة أورثت ذلاًّ وانكسارًا، فصار صاحبها قريبًا من الله، حبيبًا إليه، ذاق طعم الطاعة إثر المعصية فثبت عليها وخالف هوى نفسه وشيطانه، فمثله كمثل رجل كلما أحدث حدثًا لجأ إلى ربه مستغيثًا به طالبًا مغفرته، وفي كل مرة يغفر الله ذنبه؛ لمخالفته الشيطان ولعلمه أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: يا رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره، فقال له ربه: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبًا آخر- وربما قال: ثم أذنب ذنبًا آخر- فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبًا آخر فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبًا آخر- وربما قال: ثم أذنب ذنبًا آخر- فقال: يا رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، فقال ربه: غفرت لعبدي فليعمل ما شاء" (البخاري ومسلم). وليس من حق أحد، كائنًا من كان، أن يفتي بعدم قبول الله توبة أحد من الناس، مهما كان ذنبه ومهما كانت معاصيه.. (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)) (التوبة)؛ لأن هذا حق الله وحده، فهو- سبحانه- يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها؛ فكيف يأتي بعد ذلك من يدَّعي أن الله لا يقبل توب التائبين، مغلقًا بذلك بابًا من أبواب الخير يلج منه العباد إلى حظيرة الإيمان وإلى حمى الله العزيز الغفار؟!.. عن ابن مسعود رضي الله عنه: "جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان، ففعلتُ بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبّلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعل ْبي ما شئتَ. فلم يقلْ الرسول صلى الله عليه وسلم شيئًا، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر نفسه، فاتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره، ثم قال: "ردوه عليَّ"، فردوه فقرأ عليه: { وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} (هود)، فقال معاذ: يا رسول الله، أله وحده أم للناس كافة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "بل للناس كافة" (مسلم). يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)) (الفرقان)؛ لتظل العلاقة بين العبد وربه قائمة على الثقة والإخلاص، ودعم إرادة الإنسان وعزيمته، فيصير صلبًا في مواجهة نفسه والشيطان. لا تقنطوا من رحمةالله.. ولا تستبعدوا مغفرته: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب، فأتاه".. فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال لا.. فقتله فكمل به مائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل عالم. فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، من يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق، فأتاه ملك الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط. فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم. فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له. فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة". وفي رواية: "فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر، فجُعل من أهلها". وفي رواية: "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أنْ تقاربي، وقال: قيسوا بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغُفر له" (البخاري ومسلم).
-
بسم الله الرحمن الرحيم المسلم الآلــــــى: تخيّــل نفسك كمبيوتر و اعمل: ● لحياتــك Refresh ● و لذنوبك Delete ● و لأصدقاء السوء Clear History ● للشيطان Format ● دائمـــا افتح في حياتـــك New Folder ● لو ضاعت منك الصلاة اعمـــل Search ● و لمّا تلاقي نفســك فى قمة الطاعة و الإيمان اعمل Save As ● و دائما كن مرتــب أفكارك Defragment ● و أي عقبة تواجهك لا تيــأس Control + Alt + Delete ● قل أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و اعملها Share
-
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد انتهاء الشهر الكريم نوجه عناية السادة المشاهدين الى اننا سنعود للبرامج الجادة المحترمة وكل عام انتم بخير..........................
- 1 reply
-
- 2