Mr Hamdy Ahmad
شباب ياللا يا شباب-
عدد المشاركات
978 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
-
Days Won
7
كل منشورات العضو Mr Hamdy Ahmad
-
بطل نيجيريا فاز على الدراويش 2-1 الإسماعيلي يقلص آماله في دوري الأبطال بخسارته من هارتلاند خسر الفريق الأول لكرة القدم بالنادى الإسماعيلى من مضيفه فريق هارتلاند النيجيرى بهدفين مقابل هدف واحد فى المباراة التى أقيمت بينهما الأحد فى إستاد "دان أنيياما" بمدينة أويرى النيجيرية فى الجولة الرابعة من دورى المجموعات "دور الثمانية" لبطولة دورى رابطة الأبطال الإفريقى . وتقدم النادى الإسماعيلى عن طريق نجمه محمد حمص فى الدقيقة 31 من الشوط الأول، وتعادل لفريق هارتلاند النيجيرى اللاعب إيكى فى الدقيقة 40 من نفس الشوط . وأضاف اللاعب أوفوجو الهدف الثانى لفريق هاتلاند النيجيرى فى الدقيقة 40 من الشوط الثانى . وبهذه النتيجة توقف رصيد النادى الإسماعيلى عند 3 نقاط من فوز وحيد وتقلصت آماله فى التأهل للدور قبل النهائى لبطولة دورى رابطة الأبطال الأفريقى، بينما رفع فريق هاتلاند النيجيرى رصيده إلى 4 نقاط فى المجموعة الثانية لدور الثمانية للبطولة. وتأثر لاعبو الإسماعيلى باللعب أثناء الصيام وانكمش الفريق بلا أى مبرر لامتصاص حماس لاعبى هارتلاند أغلب فترات المباراة، واستغل فريق هارتلاند أنه يلعب على أرضه ووسط جماهيره وسيطر على مجريات اللعب تماما وأهدر لاعبوه العديد من الكرات الخطيرة فى ظل تألق محمد صبحى حارس مرمى الدراويش.
-
الأهلى يحقق 7 انتصارات ويخسر 4 مباريات أمام الأندية الجزائرية قبل مواجهة شبيبة القبائل فى إياب أبطال افريقيا خاض فريق الأهلى المصرى لكرة القدم 13 مباراة أمام الفرق الجزائرية خلال البطولات الافريقية المختلفة , وذلك قبل مباراته المرتقبة الاحد أمام فريق شبيبة القبائل باستاد القاهرة ضمن مباريات الجولة الرابعة للمجموعة الثانية لبطولة دورى أبطال افريقيا . حقق فريق الأهلى "نادى القرن" 7 انتصارات منها مباراتين فى الجزائر فيما خسر فى أربعة لقاءات بينما تعادل الأهلى مرتين فقط مع الفرق الجزائرية في مستهل رحلته مع الأندية الجزائرية التقى النادي الاهلى بفريق مولودية الجزائر بملعب 5 يوليو في 29 مايو 1976 وخسر الأهلى بثلاثية نظيفة أمام أبناء باب الواد . وفي لقاء الإياب بستاد القاهرة يوم 10 يونيو من نفس العام فاز الأهلى بهدف للاشئ أحرز الهدف أسطورة الاهلى محمود الخطيب وكان بمثابة إعلان توديع الأهلى لبطولة أبطال الدوري مبكرا. فى بطولة أبطال الكئوس الافريقية عام 1984 كان موعد الثأر من مولودية الجزائر في دور 16 , حيث خسر الأهلى لقاء الذهاب على ملعب 5 يوليو بهدف نظيف بتاريخ 9 مايو إلا انه استطاع بعد أسبوعين الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدف لينتزع بطاقة التأهل من المنافس الجزائري العنيد والجدير بالذكر أن الاهلى استطاع مواصلة المشوار وتحقيق لقب أبطال الكئوس للمرة الأولى في تاريخه . أما المواجهة الثالثة فجمعت النادي الأهلى بفريق وفاق سطيف في بطولة أبطال الدوري وكان الأهلى يدافع عن لقبه ويبحث عن تحقيق الثلاثية لبطولة أبطال الدوري والاحتفاظ بالكاس للأبد كما فعل في بطولة أبطال الكئوس لكنه فشل في ذلك عام 1988 في دور قبل النهائي عندما خسر بهدفين مقابل لا شئ وفي لقاء العودة فاز الاهلى بهدفين مقابل لا شئ ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح من نقطة الجزاء ليفوز وفاق سطيف بنتيجة 4-2 . وفي دوري المجموعات لبطولة ابطال الدوري بنظامها الجديد عام 2001 التقى الاهلى مع شباب بلوزداد وفاز الأهلى في لقاء الذهاب يوم 24 أغسطس عام 2001 بهدف نظيف أحرزه حسام غالى كابتن الأهلى الحالي , ثم يكسر الأهلى القاعدة ويفوز للمرة الأولى على ستاد ملعب 5 يوليو في لقاء العودة بتاريخ 21 أكتوبر عام 2001 بهدف نظيف أحرزه إبراهيم سعيد ليواصل الأهلى مشواره ويفوز باللقب الغائب عن خزينته منذ 14 عاما . وأمام فريق إتحاد العاصمة الجزائرى في دور 16 لبطولة دوري أبطال افريقيا عام 2005 أقيم لقاء الذهاب على ملعب عمر حمادي بالجزائر , حيث واصل النادى الأهلى انتصاراته داخل الجزائر وفاز بهدف نظيف أحرزه النجم محمد بركات وفي لقاء الإياب على ستاد القاهرة تعادل الفريقان بهدفين لكل منهما . وخلال مواجهته في دوري المجموعات لبطولة دوري أبطال افريقيا أمام شبيبة القبائل عام 2006 أقيم لقاء الذهاب على ستاد القاهرة واستطاع الأهلى الفوز بهدفين دون رد بتوقيع أحمد صديق وأسامة حسنى وفي لقاء الإياب كان التعادل سيد الموقف بهدفين لكل فريق وهو التعادل الذي أهدى الأهلى بطاقة التأهل للدور نصف النهائي ويواصل المشوار ليتوج باللقب الغالي للعام الثاني على التوالي ويحتفظ بالكأس للأبد ويتجه للمشاركة الثانية بكأس العالم للأندية ويحقق الميدالية البرونزية . وعاود الاهلى منازلة الأندية الجزائرية والصدفة العجيبة أن المواجهة الجديدة جمعته هذا العام أيضا أمام فريق شبيبة القبائل - أخر الفرق الجزائرية التى واجهت الأهلى - الذى نجح فى الفوز فى لقاء الإياب بالجزائر منذ أسبوعين بنتيجة 1 / صفر .
-
هرمون الحب يخفف المشاكل بين الأزواج ويزيد الثقة بالنفس
موضوع تمت اضافته Mr Hamdy Ahmad في قسم السياحه
هرمون الحب يخفف المشاكل بين الأزواج ويزيد الثقة بالنفس يفرزه المخ عند الاحساس بالسعادة أكد باحثون سويسريون ان هرمون الحب او الأوكسيتوسين يخفف حدة الخلافات والمشاكل بين الأزواج، وقد عمد الباحثون إلى تقييم تصرفات الأزواج بعد حقنهم بهذا الهرمون، وحقن آخرين بحقن لا مفعول لها، وإنما يظن من يأخذها أنها تهدئ الأعصاب. وطبق الباحثون دراستهم على أزواج راشدين أدخلوا في نقاش يبرز الاختلافات بينهم. ووجدوا أن الاوكسيتوسين يزيد من القدرة على التواصل بإيجابية أكثر من المادة الأخرى، كما أنه يخفض معدلات الإجهاد إلى أدنى مستوى ممكن. وقال المسؤول عن الدراسة بيت ديتزن إن "الأوكسيتوسين" يساعد في رفع تأثيرات العلاج العادي، والاستفادة من التفاعل الاجتماعي، لكنه على الأرجح لن يحل مكان العلاجات المتبعة في الماضي، فالحب عملية كيميائية محلها الدماغ الإنساني. وباتت تجمع كل النظريات العلمية على أن الدماغ هو العضو الإنساني المسؤول أولا وأخيرا عن الحب، وبذلك صار الأخذ بمقولة القلب المحب من قبيل الخطأ العلمي، في الوقت الراهن، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل صار الحب موضوعا علميا يمكن ملاحظته وتحليله وتفسيره، ومن ثمة التحكم فيه وتوجيهه، كما ذكر فى موقع "لايف ساينس" الامريكى. ويذكر أن هرمون اوكسيتوسين هو الهرمون الذي يفرزه المخ عند الجماع بين الزوجين اوعند الولادة ويساعد على تكوين العلاقات الحميمة بين الجنسين كما أنه المسؤول عن الارتباط العاطفي بين الأم وطفلها. كما اكدت الدراسة ان هرمون "أوكسيتوسين" المعروف باسم هرمون الحب، يلعب دورا في زيادة الثقة فى النفس، رغم تأكيد دراسات سابقة على ان المشاعر الحميمة تضفي غشاوة على الحكم على الأمور فتجعل المرء يثق بالآخر من دون أي وعي أو تمييز. -
التركيز مع الأهلي .. هو سبب فشل الزمالك الأبدي كتب:كريم سعيد دائما وأبدا ما يرجع البعض سواء داخل نادي الزمالك أو خارجه عدم فوز الفريق بالبطولات إلي اللاعبين تارة والي الجهاز الفني تارة أخرى، والي مجلس الإدارة في تارة ثالثة، ولكن إذا تمعنا في الأمر قليلا سنجد أن السبب الرئيسي في عدم فوز الزمالك بأي بطولة مؤخرا هو تصاعد نسبة تركيز المنظومة البيضاء مع كل ما هو أهلاوي ومنتمي للأهلي. بدون شك، كانت مشكلة جدو والزمالك الشغل الشاغل لجميع وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ولم تكد القضية تلفظ أنفاسها الأخيرة بنهاية تعتبر صادمة لمحبي النادي الأبيض بالتحديد، حتى انطلقت علامات الاستفهام لتسأل "هو الزمالك ليه كده"؟ حاولت أن ارتب أفكاري لمعرفة الإجابة علي هذا السؤال الأبدي الذي بدأ في الازدياد بشكل تدريجيي منذ عام 2004 وهو العام الذي اعتبره نقطة فاصلة في تاريخ الزمالك حيث تحول فريق كرة القدم بالنادي في العام المذكور من فريق بطل علي المستوي المحلي والقاري إلي فريق متوسط قد يكون قادرا فقط علي المناوشة من الحين إلي الأخر ولكنه افتقد كل مقومات البطولة. وبدون مجاملات أو إجابات "منمقة" أو "مزوقة" وجدت أن حال الزمالك بدأ في التدهور بشكل خطير للغاية منذ عام 2004 بسبب حالة التركيز المتصاعدة داخل المنظومة البيضاء مع كل ما هو أهلاوي، فكانت البداية مع تصريحات عنترية من الكابتن احمد رمزي مدير الكرة الأسبق بالفريق في العام المذكور تجاه الأهلي الذي كان قد اعد فريقا عالميا بكل ما تعنيه الكلمة تحت قيادة مديره الفني "الفلتة" مانويل جوزيه، مرورا بمجالس إدارات ولاعبين جدد كانوا دائما وأبدا ما يقدموا قسم الولاء للزمالك بطريقة واحدة فقط هي انتقاد الأهلي في أي جملة مفيدة وكان أخرها علي سبيل المثال التصريح الذي أدلى به لاعب الفريق الجديد محمد عاشور الأدهم عندما قال بأنه كان ليتبرأ من والده لو كان أهلاويا، وصولا إلي اضطرار مسؤولي الزمالك لخداع الجميع في قضية جدو لدرجة كادت أن تصيبهم هم شخصيا بشكل جنائي وكان السبب طبعا هو تفضيل اللاعب الانتقال للأهلي عن الانتقال للزمالك. فقضية جدو نفسها اكبر دليل واضح علي أن الزمالك ومسؤوليه علي استعداد للتضحية بمستقبلهم الشخصي لمجرد عدم إتاحة الفرصة للأهلي بأخذ شيء منهم، فلا خلاف أن جدو اخطأ تماما في التوقيع علي أوراق بيضاء للزمالك، ولكن خطأ اللاعب لم يكن ليستدع كل ما فعله مسؤولي الزمالك معه، فمن حق اللاعب تغيير رغبته كيفما شاء عقب عودته من كأس الأمم الإفريقية، ومن حقه أيضا إلغاء كافة الأوراق التي وقع للزمالك عليها طالما إنها ليست رسمية ولم تكن كاملة من الناحية القانونية، ولكن علي الرغم من ذلك وعلي الرغم من تصريحات اللاعب برغبته في اللعب للأهلي وتأكيد اتحاد الكرة علي قانونية انتقاله للنادي الأحمر، رفض الزمالك ومسؤوليه إغلاق الملف وبدءوا في التفكير بأي طريقة للنيل من اللاعب الأمر الذي أوصلهم لدرجة اتهامه بتقاضي أموال منهم رغبة في الإضرار به بأي شكل كان. بدون مجاملات أو إجابات "منمقة" أو "مزوقة" وجدت أن حال الزمالك بدأ في التدهور بشكل خطير للغاية منذ عام 2004 بسبب حالة التركيز المتصاعدة داخل المنظومة البيضاء مع كل ما هو أهلاوي ولكن الفصل الأخير في القضية بين اللاعب والزمالك جاء عادلا تماما عندما انتهت القضية علي انتقال جدو بشكل سليم إلي الأهلي بالإضافة إلي عدم حصول الزمالك علي أي مبالغ مالية بعدما كشفت تحقيقات النيابة مستور الـ1.2 مليون جنيه التي ادعي مسؤولو الزمالك حصول اللاعب عليها، وكم كان القدر رحيما بالزمالك ومسؤوليه عندما اهتدوا إلي الحل الودي مع اللاعب والذي لو لم يكن ليتم لكان حدث ما لا يحمد عقباه. هذه هي الأمور التي أراها السبب الحقيقي وراء انهيار الزمالك كرويا منذ عام 2004، فالتركيز مع الأهلي والتفكير في إضراره علي حساب التفكير في ما يمكن أن يفيد الزمالك نفسه يجعل كل من داخل المنظومة البيضاء وكل من يحاول الدخول فيها لا يفكر في أي شيء يفيد النادي بقدر ما يفكر في أي شيء يمكنه تقديمه لكي يثبت انه " ضد الأهلي" والسلام. فكلما تذكرت الأحداث التي واكبت كل موسم مر علي الزمالك منذ ذلك العام أجد أن المشكلة لم تكن في لاعبين فاشلين أو في مجلس إدارة مفكك أو جهاز فني علي غير المستوي، وإنما أجده في أمور خارجية وقضايا أقحم النادي نفسه فيها بشكل مباشر أو غير مباشر بغرض واحد فقط هو رغبته الداخلية في التنافس مع الأهلي علي أي شيء قد يمكنه من خلاله علي تحقيق انتصار ولو معنوي علي منافسه اللدود. فسنويا، يعتبر الزمالك أكثر الأندية المصرية صرفا من الناحية المادية سواء علي مستوي شراء اللاعبين أو علي مستوي تغيير أجهزته الفنية، ولكن علي الرغم من كل ذلك لم يتمكن الفريق الأبيض من حصد أي بطولة دوري منذ موسم 2003-2004 حتى الآن واكتفي فقط بتحقيق بطولة كأس يتيمة في موسم 2007-2008 كانت هي الوحيدة له وسط بطولات عديدة شارك بها الإفريقية منها والعربية أيضا بجانب البطولات المحلية. الزمالك والزملكاوية علي وجه العموم تفرغوا تماما وبنسبة تزيد عن الـ90% منذ عام 2004 للتركيز مع الأهلي غاضين البصر عن مصلحة ناديهم الشخصية، الأمر الذي اجبرهم علي النظر للأمور من أسفل إلي أعلي وليس من الخلف للامام والفرق شاسع بين الاثنين. فعندما تنظر من أسفل إلي أعلي، فيصبح تركيزك منصب فقط علي ما تنظر إليه بشكل لا إرادي الأمر الذي يوصلك لان تكون رد فعل لكل فعل يصدر من الجهة التي تلفت انتباهك، أما عندما تنظر من الخلف إلي الأمام، فيكون تركيزك فقط منصب علي أهدافك الشخصية وغير متأثر بمن حولك، الأمر الذي يجعلك تسير بشكل مستقيم دون أن يؤثر فيك أي احد. ولتبسيط الأمر بشكل أخر، يمكنني القول بان تأشيرة العمل في الزمالك من بعد عام 2004 سواء كان هذا العمل إداري أو مهاري أو فني، تحولت من تصريحات تفيد الزمالك نفسه، إلي تصريحات شماتة و"غيظ" ونقد اعمي في ما هو أهلاوي من اجل اكتساب حب وتعاطف الجماهير البيضاء. الزمالك والزملكاوية علي وجه العموم تفرغوا تماما وبنسبة تزيد عن الـ90% منذ عام 2004 للتركيز مع الأهلي غاضين البصر عن مصلحة ناديهم الشخصية فالكثيرين من الإداريين واللاعبين والمدربين داخل الزمالك علي مدار الـ6 سنوات الماضية حاولوا اكتساب شهرة زائفة في النادي بالتدخل في أي قضية أهلاوية حتى لو لم يكن الزمالك نفسه طرفا فيها، وكان الهدف بالطبع إثبات مدي " زملكاويتهم" حتى أصبح الأمر نفسه تنافسي بين الزملكاوية وبعضهم البعض. بل الأكثر من ذلك، أن في مسألة مثل شراء اللاعبين مثلا، كان الهدف الأساسي هو جلب لاعبين للزمالك بهدف إضرار الأهلي معنويا بغض النظر عن مدي إفادتهم فنيا للزمالك ويأتي علي رأس هؤلاء القطري حسين ياسر المحمدي والحارس عصام الحضري، فالأول استغني عنه الأهلي لعدم استفادته منه وعلي الرغم من وجود لاعب مثل علاء علي في الزمالك، فضل مسؤولي النادي الأبيض استقدام اللاعب لإحراز انتصار معنوي علي الغريم التقليدي ولكن هاهو حسين ياسر يتمرد علي الزمالك ويزيد من مشاكله، أما الحضري فكانت صفقة "العجب العجاب"، فالزمالك يضم عبدالواحد السيد والذي بمقدوره سد عرين الفريق لسنوات طويلة قادمة وكان يحتاج فقط لحارس صغير السن بجانبه ولكن حب مسؤولي الزمالك في تحقيق انتصار معنوي أخر علي الأهلي باستقدام حارسه الأسبق الشهير جعلهم يضرون فريقهم بدلا من أن يفيدوه. وقد يقول لي البعض من محبي الزمالك ان هناك أيضا من مسؤولي الأهلي من يضع الزمالك في أي جملة مفيدة في حديثه، وهنا سأرد مجيبا نعم قد يكون هذا صحيح، ولكن نسبة هؤلاء بالمقارنة بنظرائهم في الزمالك ستكون اثنين إلي خمسة. بالتأكيد الأهلي هو منافس الزمالك الأول في مصر تاريخيا ولكن الفارق الأبدي بين الاثنين أن الأهلي دائما ما يضع أهدافه وطموحاته التي تفيده شخصيا دون النظر إلي ماهية المنافس، فيما يضع منافسوه أهدافهم وطموحاتهم بناء علي أهداف وطموحات الأهلي نفسه ولذلك يظلوا دائما وأبدا وبشكل لاإرادي خلف الأهلي في كل شيء حتى ولو لم يبذل الأهلي أي جهد. ولكن نسبة هؤلاء بالمقارنة بنظرائهم في الزمالك ستكون اثنين إلي خمسة. ملحوظة أخيرة بعض من السلبيات التي ذكرتها في مقالي أري إنها بدأت أيضا في التسرب إلي داخل الأهلي نفسه، ولذلك لا تستغرب عندما تجد أن الفريق الذي سيفوز بالدوري هذا العام علي سبيل المثال سيكون الفريق الأقل ارتكابا للأخطاء وليس الفريق الأكثر جدارة. منقووووووووووووووووووووول
-
سنصوم 30 يوما فلكى كويتى: عيد الفطر الجمعة أكد العالم الفلكى الكويتى صالح العجيرى أن أول أيام عيد الفطر المبارك سيكون الجمعة الموافق 10 سبتمبر المقبل. وأوضح أن جميع الدلائل الفلكية تشير إلى أننا هذا العام سنكمل عدة شهر رمضان ،،أى أننا سنصوم 30 يوما. وأكد العجيرى أنه لن تكون هناك حاجة إلى التثبت من رؤية الهلال لأن أغلب الدول الإسلامية ستكمل عدة شهر رمضان، ولذلك لن تكون هناك حاجة إلى تلمس رؤية الهلال، وهو ما تشير إليه جميع الحسابات الفلكية. وقال العجيرى إن رؤية الهلال بعد يوم 29 من رمضان ستكون مستحيلة، إذ لن يكون بالإمكان مشاهدته فى جميع الأقطار الإسلامية، لذا سيتعين الأخذ بإكمال عدة رمضان حتى الخميس 9 سبتمبر على أن يعلن العيد الجمعة.
-
الأجواء الروحانية المصاحبة للصيام تقى من أزمات القلب طبيب:الصيام مفيد لمرضى السكر والضغط وضار على القلب قال الدكتور محمد حجازى استشارى أمراض القلب أن الأجواء الروحانية المصاحبة للصيام تقى من أزمات القلب ناصحاً مرضى القلب الذين يعانون من قصور فى الشرايين التاجية ويعتمدون على عقاقير بعدم الصيام. وأوضح حجازى فى لقاء مع برنامج صباح الخير يا مصر بالتليفزيون المصرى السبت أن مرضى هبوط القلب وهم نوعان الأول متكافىء أى يتعاطى عقاقير للقلب بشكل منتظم وقلبهم يعمل بكفاءة يمكن أن يصوموا بينما لا يمكن أن يصوم مرضى النوع الثانى الغير متكافىء الذين يعتمدون على العقاقير بشكل تام. وتابع الطبيب المصرى أن الصيام يفيد مرضى ارتفاع ضغط الدم والأصحاء الذين هم عرضة للإصابة بالشرايين التاجية حيث يرفع من نسبة الكولسترول النافع ويقلل من نسبة الأحماض الأمينية الضارة التى تنتج فى الجسم وتؤدى الى تصلب الشرايين وانسدادها مما يسبب الجلطة الدماغية ومرض الألزهايمر إذا زاد تركيزه عن معدله الطبيعي في الدم. وأضاف أن الصيام ايضاً ينظم نسبة الأنسولين فى الدم وبالتالى تنـظيم تركيز السـكـر مشيراً الى أن الأجواء الروحانية المصاحبة للصيام تقى من أزمات القلب والأوعية الدموية داعياً مرضى القلب لإستشارة طبيب مختص بإمكانية الصيام نظراً لإن حالة كل مريض تختلف عن الأخر. ونصح مرضى القلب بإتباع نظام غذائى خاص فى شهر رمضان وعدم الإكثار من تناول الأطعمة الدسمة وتقليل الملح بالطعام والإكثار من شرب الماء والمرطبات مثل العرقسوس والزبادى نظراً لأنهم فى حاجة للإحتفاظ بالماء فى جسدهم أطول فترة ممكنة.
-
الأهلي يرفع شعار "الخطأ ممنوع" قبل لقاء الشبيبة الجزائري
موضوع تمت اضافته Mr Hamdy Ahmad في المنتدى الرياضى
الأهلي يرفع شعار "الخطأ ممنوع" قبل لقاء الشبيبة الجزائري رفع الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي شعار "الخطأ ممنوع " مع بدء العد التنازلي للمباراة المرتقبة والمصيرية للفريق أمام شبيبة القبائل الجزائري الاحد حيث دخل الجميع في سباق مع الزمن استعدادا لهذه المباراة العصيبة المقررة علي استاد القاهرة في الجولة الرابعة من مباريات المجموعة الثانية في دور الثمانية لدوري ابطال افريقيا. ويدرك الجميع ان التهاون مرفوض في هذه المباراة حيث تعاهد اللاعبون علي نسيان الفترة الماضية التي شهدت بعض الاهتزاز في مستوي الفريق ونتائجه. كانت حالة من الارتياح قد سادت ارجاء الفريق بعد انتهاء أزمة اللاعب محمد ناجي جدو نجم الفريق مع نادي الزمالك وبالتالي لم يعد هناك ما يشغل اللاعب أو يشتت تركيزه بعيدا عن التألق في المباريات ولذلك حرص حسام البدري المدير الفني للفريق علي الاجتماع باللاعب لمطالبته بتقديم مستواه الحقيقي في المباريات القادمة وامتاع واسعاد جماهير الأهلي مثلما سبق وان امتع الجميع باهدافه الرائعة مع المنتخب الوطني في كأس الأمم الافريقية 2010 بأنجولا. في نفس الوقت اطمأن الجهاز الفني للفريق علي حالة اللاعبين وائل جمعة وأحمد فتحي اللذين تعرضا للاصابة بكدمة في السمانة واجهاد العضلة الخلفية في لقاء الفريق أمام المصري يوم الثلاثاء الماضي ولكنهما عادا للتدريبات بداية من أمس الأول الخميس كما اطمأن الجهاز الفني علي حالة اللاعب حسام عاشور الذي تعرض للاصابة بكدمة في الركبة خلال نفس المباراة وغاب عن مران الفريق يوم الخميس ولكن الاصابة لن تحرمه من المشاركة في لقاء الشبيبة. كان الجهاز الفني قد ركز خلال اليومين الماضيين علي دراسة عدد من الشرائط لمباريات الشبيبة الأخيرة في دوري الابطال وخاصة المباراة بين الشبيبة والاسماعيلي علي ملعب الأخير للتعرف بدقة علي أسلوب لعب الشبيبة في المباريات التي يخوضها خارج ملعبه وبناء علي دراسة الشرائط استقر الجهاز الفني للأهلي علي الخطة التي سيخوض بها اللقاء وهي خطة متوازنة تعتمد في المقام الأول علي تكثيف التواجد بوسط الملعب لاحكام السيطرة علي منطقة المناورات مع الهجوم السريع. كما عكفت ادارة الأهلي علي تجهيز جميع الترتيبات الخاصة بالمباراة لضمان خروجها بالشكل اللائق ودون أي مشاكل ويضع مسئولو النادي مع الجهات الأمنية اليوم الروتوش الأخيرة علي الاستعدادات الخاصة بدخول الجماهير وخروجهم قبل وبعد المباراة وكذلك تأمين الفريق الضيف والحكام وغيرها من الأمور الخاصة بالنواحي الأمنية لضمان اقتصار المباراة علي مواجهة رياضية نظيفة بعيدا عن أي تعصب أو أعمال شغب خاصة في ظل التوقعات بحضور أعداد كبيرة من المشجعين الجزائريين سواء من الجالية الجزائرية بمصر أو من انصار الشبيبة الذين وصلوا مؤخرا للقاهرة. -
مختار مختار يستبعد أمير عبد الحميد وعبد الوهاب من قائمة المصرى الشناوى يتألق فى حراسة المرمى استبعد مختار مختار المدير الفنى للنادى المصرى البورسعيدى حارس المرمى أمير عبدالحميد وتامر عبد الوهاب لاعب الفريق الأول لكرة القدم بالنادى من قائمة المباريات خلال الفترة المقبلة عقب غيابهما عن تدريبات الفريق اعتراضا على عدم ضمهما للتشكيل الأساسى للفريق خلال مباراة الأهلى الأخيرة . وأدى تألق أحمد الشناوى الحارس الناشىء 19 عاما إلى اعتماد الجهاز الفنى على الشناوى بديلا لأمير عبد الحميد وكذلك الاعتماد على هانى سعيد والغانى ألياسو بخط الدفاع بدلا من تامر عبد الوهاب مما أدى لتمرد اللاعبين عن التدريبات . كان مختار مختار قد منح اللاعبين العديد من الفرص خلال تدريبات النادى المصرى منذ بداية الموسم ير أن تمرد اللاعبين أجبر مختار على اتخاذ قراره باستبعادهما ويحتل النادى المصرى المركز الثامن بقائمة الدورى الممتاز برصيد 4 نقاط عقب تعادل وفوز خلال 3 مباريات .
-
سلامة ينقذ حرس الحدود من الهزيمة أمام زاناكو الزامبى
موضوع تمت اضافته Mr Hamdy Ahmad في المنتدى الرياضى
سلامة ينقذ حرس الحدود من الهزيمة أمام زاناكو الزامبى في كأس الاتحاد الأفريقي أنقذ اللاعب أحمد سلامة فريق حرس الحدود المصري من الهزيمة أمام مضيفه زاناكو الزامبي وسجل له هدف التعادل 1/1 قبل سبع دقائق من نهاية المباراة التي جمعت الفريقين السبت في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية بدور الثمانية (مجموعات) من بطولة كأس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وحصد كل من الفريقين نقطة واحدة بالتعادل ليرفع حرس الحدود رصيده إلأى نقطتين في المركز الثاني حيث أنه التعادل الثاني له في المجموعة ويحصد زاناكو أول نقطة له محتلا المركز الرابع. -
إبراهيم حسن : سنوقع أقصى عقوبة على المحمدى لغيابه عن التدريبات اللاعب يطالب بمليونى ونصف المليون جنيه فى الموسم الواحد أكد إبراهيم حسن مدير الكرة بنادى الزمالك أن النادى سيوقع على لاعب الفريق الأول لكرة القدم حسين ياسر المحمدى أقصى عقوبة لغيابه عن التدريبات دون أذن مسبق من الجهاز الفنى بقيادة حسام حسن المدير الفنى. وأضاف حسن - فى تصريح له السبت أن اللاعب تغيب عن تدريبات الفريق الجمعة حتى يتم تعديل عقده مع الزمالك بالمبلغ الذى يطلبه حيث طالب المحمدى بمضاعفة عقده السنوى ليصل إلى مليونى ونصف المليون جنيه فى الموسم الواحد وهو ما كان يساوى قيمة عقده فى ناديه السابق "الأهلى" . من جهة آخرى أكد مدير الكرة بالزمالك أن الجهاز الفنى طالب اللاعبين بنسيان نتيجة مباراة إنبى والتى خسرها الفريق 1 / 3 والتركيز فى المباريات المقبلة وحصد النقاط وتحقيق الفوز للعودة البطولات إلى القلعة البيضاء من جديد. مما يذكر أن لقاء الزمالك أمام الإسماعيلى ضمن الأسبوع الرابع من الدورى قد تأجل بسبب مشاركة الإسماعيلى فى بطولة دورى أبطال أفريقيا أمام هارتلاند النيجيرى كما سيتوقف الدورى عقب تلك الجولة لارتباط المنتخب الوطنى بتصفيات أمم أفريقيا. ويحتل الزمالك المركز السابع فى جدول الدورى بعد انتهاء منافسات الأسبوع الثالث من البطولة برصيد أربع نقاط جمعها من الفوز على بتروجيت 2 / صفر والتعادل مع حرس الحدود (2 / 2) والهزيمة من إنبى (1 / 3) .
-
رمضان وتربية الأولاد (2) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد مرّ سالفًا حديثٌ حولَ تربية الأولاد وأهميته، وأن شهرَ رمضانَ فرصةٌ عظيمةٌ لأن يقفَ الإنسانُ مع نفسه وحالِه مع الأولاد، ومرّ ذكرٌ لبعض مظاهر التقصير في تربية الأولاد. والحديث في هذه الليلة-إن شاء الله-سيكون في السبل والأسباب المعينة على تربية الأولاد، والتي تَكْفُلُ -بإذن الله- لمن أخذ بها أن يعان، ويوفق، وأن يجد الآثار الطيبة عاجلًا أو آجلًا. فمن تلك السبل: العنايةُ باختيار الزوجةِ الصالحة؛ فالزوجة أمُّ الأولاد، ولها الأثرُ الأكبر عليهم وعلى زوجها؛ فحري بالإنسان إذا أراد الزواج أن يستشير، ويستخير، ويبحثَ عن ذات الدين، والخلق القويم. قال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "قد أحسنت إليكم صغارًا وكبارًا، وقبل أن تولدوا". قالوا: "وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ " قال: "اخترت لكم من الأمهات من لا تُسبُّون بها". وأنشد الرياشي : فأول إحساني إليكم تخيُّري ... لماجدةِ الأعراقِ بادٍ عفافُها ومن السبل المعينة على تربية الأولاد سؤالُ الله الذريةَ الصالحة، وسؤاله الإعانةَ على تربية الأولاد، وكثرةُ الدعاء للأولاد بالصلاح، والحذرُ كلَّ الحذر من الدعاء عليهم، أو تركُ الدعاء لهم إذا رأى الوالد منهم تماديًا في الشر؛ فإجابة الدعاء قد تتأخر لحكمة، وقد يُقْصِرون عن بعض الشر بسبب الدعاء، وقد يصلحون بعد حين، أو بعد فراق الوالد الدنيا، وهكذا... ومن أعظم ما يعين على صلاح الأولاد، أن يغرس الوالدُ الإيمانَ، والعقيدةَ الصحيحةَ في نفوس الأولاد وهم صغار، وأن يتعاهد ذلك بالسقي والرعاية، فيلَقِّن الوالدُ أولادَه منذ الصغر النطق بالشهادتين، ويعلمهم بأن الله رَبُّهم، والإسلامَ دينُهم، ومحمدًا -صلى الله عليه وسلم-نبيهم. وينمي في قلوبهم محبة الله -عز وجل- ومراقبتَه، وأنه في السماء، وأنه سميعٌ بصيرٌ إلى غير ذلك من أمور العقيدة المُيَسَّرة الملائمة لسن الأولاد. ومن أعظم ما يعين على صلاحهم-أيضًا- غرسُ الأخلاق الحميدة والخلال الكريمة في نفوس الأولاد، وتجنيبُهم الأخلاقَ الرذيلة وتقبيحُها إليهم، فيحرصُ الوالد على تربيتهم على التقوى، والعفة، والحلم والصدق، والصبر والبر، والصلةِ، والعلم، والجهاد، والدعوة، ويكرِّه إليهم في الوقت نفسه أضرارَ تلك الأخلاق، فيكرّه إليهم الفجورَ، والكذبَ، والخيانةَ، والحسدَ، والغِيبةَ، والنميمةَ، والعقوقَ، والقطيعةَ، والجبنَ، والأَثَرة، وغيرَها من سَفْساف الأخلاق، ومرذولها. وإذا سار بهم على هذه السُّنَّةِ شبوا متعشقين للبطولة، محبين لمكارم الأخلاق، نافرين عن مرذولها. ومن ذلك تعليمُهم الأمورَ المستحسنةَ، وتدريبُهم عليها، كتشميت العاطس، والأكلِ باليمين وآداب قضاء الحاجة، وآدابِ السلام وردِّه، وآدابِ الرد على الهاتف، واستقبال الضيوف، ونحو ذلك. فإذا تدرب الولد على هذه الأخلاق منذُ الصغر أَلِفَها، وأصبحت سجيّة له؛ فالصغير يقبل التعليم والتوجيه، وَيَشِبُّ على ما عُوِّد عليه كما قيل: وينشأ ناشئُ الفتيانِ منا ... على ما كان عوَّده أبوه ومما ينبغي للوالدين مراعاتُه أن يحرصا في مخاطبة الأولاد على انتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة، وأن يربآ بأنفسهم عن السب، والشتم واللجاج، وغير ذلك من العبارات البذيئة المقذعة، وبذلك تعف ألسنة الأولاد، وتنأى عن السباب، والفحش. ومن أجلِّ ما يمكن أن يقوم به الوالدان تجاه الأولاد: أن يحرصا على تحفيظهم كتاب الله-عز وجل-لما في ذلك من الأجر العظيم وحفظ الوقت، وحماية الأولاد من الانحراف، وغير ذلك من الفضائل التي لا تعد ولا تحصى. ومن المسائل المهمة في التربية: مسألةُ التربية بالقدوة؛ فينبغي للوالدين أن يكونا قدوةً للأولاد في الصدق، والاستقامة، والبر، وأن يتمثلا كل ما يقولانه، ويأمران به. ومن الأمور المستحسنة في ذلك: أن يقوم الوالدان أو أحدُهما، بالصلاة أمام الأولاد؛ حتى يتعلموا الصلاة عمليًّا من الوالدين. ولعل هذا من أسرار مشروعية أداء السنة الراتبة في البيت، وكونِ الصلاةِ في البيت أفضلَ من الصلاة في المسجد إلا المكتوبة. ومما تحصل به القدوة - أيضًا - كظمُ الغيظِ، وحسنُ استقبال الضيوف، وبرُّ الوالدين، والوفاءُ بالعهد والوعد. ومما يجب على الوالد تجاه أولاده أن يحميهم من المنكرات، وأن يطهرَ بيته منها، حتى يحافظَ على سلامة فطرهم، وعقائدهم وأخلاقهم. ويجدر به - أيضًا - أن يوجدَ لهم البدائل المناسبة المباحة التي تجمع بين المتعة والفائدة، وبذلك يجد الأولاد ما يشغلون به فراغهم. ومما يجب على الوالدين - أيضًا - أن يجنبا أولادهم أسباب الانحراف الجنسي، وذلك بحمايتهم من مطالعةِ القصص الغراميةِ، والمجلاتِ الخليعةِ، والأغاني الماجنة والكتبِ الجنسية وغيرِها، وتجنيبهم الزينةَ الفارهةَ، والميوعةَ القاتلة؛ فَيُمْنَعَ الولد من الإفراط في التجمّل، والمبالغة في التأنق والتطيب، وينهى عن التعري، والتكشف؛ لأن هذه الأعمالَ تتسبب في فساد طباعهم، وتقودهم إلى إغواء الآخرين وفتنتهم، وتدعو إلى جرّ الأولاد إلى الرذيلة؛ خصوصًا إذا كانوا صغارًا أو ذوي مرأًى حسن. بل يحسن بالوالد أن يعوِّدَ أولاده على الرجولة، والخشونة، والجد، وأن يجنبهم الكسل، والبَطالة، والراحة، والدعة؛ فإن للكسل والبَطالة عواقبَ سوءٍ، ومغبةَ ندمٍ، وللجد والتعب عواقب حميدة؛ فأروحُ الناسِ أتعبُ الناس، وأتعبُ الناسِ أروحُ الناس؛ فالسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى لا يوصل إليها إلا على جسرٍ من التعب؛ فالراحة تعقب الحسرة، والتعب يعقب الراحة. ومما يحسن في هذا الصدد أن يعوِّد الوالدُ أولاده الانتباه آخر الليل؛ فإنه وقت الغنائم، وتفريق الجوائز، فمستقلٌّ، ومستكثر، ومحروم؛ فمن اعتاده صغيرًا سَهُل عليه كبيرًا. ومما يحسن بالوالد - أيضًا - أن يجنب أولاده فضولَ الكلام، والطعام، والمنام، ومخالطة الأنام؛ فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوِّت على العبد خيرَ دنياه وآخرته، ولهذا قيل: من أكل كثيرًا، شَرِب كثيرًا، فنام كثيرًا، فخسر كثيرًا. ومن الأمور النافعة المجدية في التربية مراقبةُ ميول الولد، وتنميةُ مواهبه، وتوجيهُه لما يناسبه. وبهذا يجد الولد في المنزل ما ينمِّي مواهبَه، ويصقلُها، ويُعِدُّها للبناء. قال ابن القيم -رحمه الله-: "ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي، وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيأٌ له منها، فيعلمَ أنه مخلوقٌ له، فلا يَحْمِله على غير ما كان مأذونًا فيه شرعًا؛ فإنه إنْ حَمَلَه على غير ما هو مستعد له لم يفلحْ فيه، وفاته ما هو مهيأٌ له؛ فإذا رآه حسنَ الفهمِ جيدَ الحفظ واعيًا؛ فهذه علامات قبوله، وتَهيُّئه للعلم؛ لينقشه على لوح قلبه ما دام خاليًا، وإن رآه ميالًا للتجارة والبيع والشراء، أو لأي صنعةٍ مباحةٍ فليمكِّنْه منها؛ فكلٌّ ميسر لما خلق له" ا هـ. ومن الأمور النافعة في التربية: إشباعُ عواطف الأولاد، وإشعارُهم بالعطف والرحمةِ، والنفقةُ عليهم بالمعروف، والعدلُ بينهم، والقيامُ على حوائجهم، وإشاعةُ روحِ الإيثار بينهم؛ فذلك مما يشعرهم بالمحبة، ويقضي على كثير من المشكلات. ومن أسس التربية الناجحة: أن يكون التفاهمُ قائمًا بين الزوجين؛ فعليهما أن يحرصا كل الحرص على تجنّب الوسائل المفضية للشقاق أمام الأولاد وأن يبتعدا عن العتاب أمامهم؛ حتى يسود الهدوء البيت، وتشيع الألفة فيه، فيجد الأولاد فيه الراحة والسكن، والأنس والسرور. ومما يحسن بالوالدين إذا لم يُقَدَّر بينهما وفاقٌ، وحصل الطلاق أن يتقيا الله -عز وجل-وأن يكون التسريح بإحسان، وألا يجعلا الأولاد ضحية لعنادهما، وشقاقهما، وألا يغري كل واحد منهما بالآخر. بل عليهما أن يعينا الأولاد على البر، وأن يوصي كلُّ واحدٍ منهما الأولاد ببر الآخر بدلًا من التحريش، وإيغار الصدور، وتبادل التهم، وتأليب الأولاد؛ فإن اتقيا الله في حال الطلاق لم يعرضا الأولاد للاضطراب والتمرد، وإن كانت الأخرى فإن الوالدين هما الخاسر الأول، وإن الأولاد سيعقّون الوالدين. ومما يحسن التنبيه عليه في تربية البنات-على وجه الخصوص-أن يعلمهن ما يَحْتَجْن إليه من أمور دينهن ودنياهن، فكم من الناس من فرط في هذا الحق، وكم من النساء من يجهلن -على سبيل المثال- أحكامَ الحيض والنفاس ومسائل الدماء عمومًا بالرغم من أنه يتعلق بها ركنان من أركان الإسلام وهما الصلاة والصيام، بل والحج. وكم من النساء من تجهل إقامة الصلاة على الوجه المطلوب، وهكذا... فينبغي للوالد - أبًا أو أمًّا - أن يُعنى بتعليم بناته أمور دينهن، كما ينبغي حَمْلُهن على الحشْمة، والعفاف والستر، وأن يعلِّمهن-أيضا -أمور حياتهن الخاصة من كيٍّ وغسيلٍ، وطبخٍ، وخياطةٍ، وتدبيرٍ للمنزل وغير ذلك؛ حتى يكُنَّ على أتم استعداد للحياة الزوجية. ومما يجب على الوالد تجاه أولاده: أن يمنع البنين من التشبه بالبنات، وأن يمنع البناتِ من التشبه بالبنين، وأن يمنع الأولادَ من التشبه بالكفار والكافرات، وأن يمنع البنات من الخروج من المنزل وحدهن، سواء للسوق أو الطبيب، أو غير ذلك، بل لا بد من وجود المحرم معهن، وألا يخرجن إلا للحاجة الملحة. كما عليه أن يمنع البنين من الاختلاط بالنساء، ويمنعَ البناتِ من الاختلاط بالرجال، كما عليه أن يحرص كلَّ الحرص على تزويج أبنائه إذا بلغوا سن الرشد عند المقدرة والحاجة، وأن يحرص على تزويج بناته إذا تقدم لهن من يرضى دينه وخلقه. ومما يحسن بالوالدين أن يرعياه أن يعتنيا بصحة الأولاد خصوصًا وهم صغار؛ لأن كثيرًا من العاهات تبدأ مع الأولاد في ذلك السن؛ فإذا أهمل علاجها لازمت الأولاد طيلة أعمارهم. كما يحسن بالوالدين أن يقوما بشؤون الأولاد إذا أصيبوا بعاهات مزمنة، أو إذا ولدوا معاقين أو مصابين ببعض التشوهات الخِلقية، أو ما شاكل ذلك؛ فحريٌّ بالوالدين أن يقوما برعاية الأولاد، وأن يحسنا تربيتهم، وأن يشعروهم بمكانتهم، كما يحسن بهما أن يحتسبا الأجر، وأن يحذرا من التسخط، بل عليهم أن يحمدا الله، وأن يتحرَّيا الخيرة؛ فربما كان الخير في ذلك البلاء، وربما رحم الله الأسرة جميعها، وأدرَّ عليهم الأرزاق، ودفع عنهم صنوف البلاء، بسبب هؤلاء المساكين. معاشر الصائمين: للحديث صلة في الليلة القادمة -إن شاء الله تعالى- وصلى الله وسلم على نبينا محمد . تابع السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــا
-
فإنه أغضُّ للبصر (2) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد كان الحديث بالأمس يدور حول أثرِ الصيام في غضِّ البصر، وذلك انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري : « من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء » . وقد جاء في الحديث الماضي ذكرٌ لأضرار إطلاق البصر، والحديث هاهنا إكمال لما مضى، وبيان لفوائد غضّ البصر. معاشرَ الصائمين قد يقول بعض الناس: إذا نظرتُ نظرةً، فاشتدَّ تعلقي بمن نظرتُ إليه؛ فهل لي أن أكررَ النظرَ، لعلي أراه دون ما في نفسي، فَأَسْلوَ عنه؟ والجواب: أن ذلك من تلبيس الشيطان، ولا يجوز فعلُه لأوجهٍ عديدةٍ ذكرها ابن الجوزي ، وابن القيم - رحمهما الله - ومن تلك الأوجه ما يلي: أولًا: أن الله - سبحانه - أمر بغضِّ البصر، ولم يجعلْ شفاءَ القلبِ فيما حرَّمه على العبد. الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن نظر الفجأة ، وقد علم أنَّه قد يؤثر في القلب، فأمر بمداواته بصرف البصر، لا بتكرار النظر. الثالث: أنه صرح بأن الأولى له، وليست له الثانية، ومحالٌ أن يكون داؤه مما هو له، ودواؤه فيما ليس له. الرابع: أن الظاهرَ أن الأمرَ كما رآه في أول مرة؛ فلا تحَسُنُ المخاطرةُ بالإعادة. الخامس: أنه ربما رأى ما هو فوق الذي في نفسه؛ فزاد عذابُه. السادس: أن إبليس عند قصده للنظرة الثانية، يقوم في ركائبه، فيزيِّن له ما ليس بحسن؛ لتتمَّ البلية. السابع: أنه لا يعان على مطلوبه، إذا أعرض عن امتثال أمر الشرع، وتداوى بما حرمه عليه، بل هو جديرٌ أن تتخلَّف عنه المعونة. الثامن: أن النظرةَ الأولى سهمٌ مسمومٌ من سهامِ إبليس، ومعلومٌ أن الثانية أشدُّ سُمًّا؛ فكيف يتداوى من السم بالسم؟ ! التاسع: أن صاحبَ هذا المقام في مقام معاملة الحق - عز وجل - في ترك محبوب - كما زعم - وهو يريد بالنظرة الثانية أن يتبينَ حالَ المنظور إليه؛ فإن لم يكن مرضيًّا تَرَكَهُ؛ فإذًا يكون تَرْكُهُ لأنه لا يلائم غرضه، لا لله - تعالى - فأين معاملة الله - تعالى - بترك المحبوب لأجله؟ وبهذه الأوجه وغيرها مما لم يذكر يتبينُ لنا خطورةُ إطلاقِ البصر، وإتْبَاعُ النظرةِ النظرة. معاشر الصائمين: لغضِّ البصر فوائدُ عظيمةٌ، لو استحضرها العاقل لقادته إلى غض البصر، ولمنعته من الاسترسال فيه، ومن تلك الفوائد ما يلي: الفائدة الأولى: تخليص القلب من ألم الحسرة. الفائدة الثانية: أنه يورثُ القلبَ نورًا وإشراقًا، يَظْهرُ في العين، وفي الوجه، وفي الجوارح. الفائدة الثالثة: أن غضَّ البصر يورثُ صحةَ الفِرَاسَة؛ فإنها من النور، وثمراته، وإذا استنار القلبُ صحَّت الفِراسةُ؛ لأنه يصير بمنزلة المرآةِ المجلوَّةِ تظهر فيها المعلوماتُ كما هي، والنظرُ بمنزلة التنفُّس فيها؛ فإذا أطلق العبد نظره تنفَّست نفسُه الصُّعَداءُ في مرآة قلبه، فطمست نورها كما قيل: مرآةُ قلبِكَ لا تُريكَ صلاحَهُ ... والنَّفسُ فيها دائمًا تتنفسُ والله - عز وجل - يجازي العبدَ على عمله بما هو من جنسه، فمن غضَّ بصرَه عن المحارم عوَّضه الله إطلاقَ بصيرتِه؛ فلما حبس بصرَه لله أطلق اللهُ نور بصيرتِه، ومن أطلق بصره في المحارم حبس الله عنه بصيرتَه. الفائدة الرابعة من فوائد غض البصر: أنه يفتحُ للعبد طرقَ العلمِ ويسهلُ عليه أسبابَه، وذلك بسب نور القلب؛ فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائقُ المعلومات، وانكشفتْ له بسرعة، ونفذَ من بعضها إلى بعض. ومن أرسلَ بصَره تكدَّر عليه قلبه، وأظلم، وانسدَّ عليه بابُ العلم وطرقُه. الفائدة الخامسة: أن غضَّ البصر يورث القلبَ سرورًا، وفرحًا، وانشراحًا، أعظم من اللذة والسرور الحاصلِ بالنظر؛ وذلك لقهره عدوَّه بمخالفته، ومخالفة نفسه، وهواه. ثم إنه لما كفَّ لذَّتَهُ، وحبسَ شهوتَه لله وفيها مسرةُ نفسه الأمارةِ بالسوء أعاضه الله مَسَرَّةً ولذةً أكملَ منها، كما قال بعضهم: والله لَلَذَّةُ العفةِ أعظمُ من لذة الذنب. ولا ريب أن النفس إذا خالفت هواها أعقبها ذلك فرحًا، وسرورًا، ولذّةً أكملَ من لذّة الهوى بما لا نسبة بينهما، وهاهنا يمتاز العقل من الهوى. الفائدة السادسة: أن غضَّ البصر يُخَلِّص القلب من أسر الشهوة؛ فإن الأسير هو أسيرُ شهوته وهواه. الفائدة السابعة: أن غضَّ البصر يسد عنه بابًا من أبواب جهنم؛ فإن النظرة باب الشهوة الحاملة على مواقعة الإثم. الفائدة الثامنة: أن غضَّ البصر يقوي العقلَ، ويزيده ويثبِّته؛ فإن إطلاق البصر وإرسالَه لا يحصل إلا من خِفة العقل، وطيشِه، وعدمِ ملاحظته للعواقب. الفائدة التاسعة: أنه يُخَلِّصُ القلب من سُكْرِ الشهوة، ورقدةِ الغفلة. وبالجملة ففوائدُ غضِّ البصر، وآفاتُ إرسالِه أضعافُ أضعاف ما ذكر؛ فعلى من يريد السلامة لنفسه أن يغضَّ طرفَه عما تشتهيه نفسُه من الحرام، وليكن له في ذلك الغض نيةٌ يحتسب بها الأجرَ، ويكتسب الفضلَ، ويدخل في جملة مَنْ نهى النفسَ عن الهوى. وهكذا معاشر الصائمين: يتبيَّن لنا أثرُ الصيامِ في غضِّ البصر، ويتّضح لنا آثار إرسالِ البصر، وثمراتُ غَضِّه. وإذا استفاد الصائم هذا الدرس من صيامه بعثه ذلك إلى غضِّ بصره، واستحضار مشاهدة الرب - عز وجل - له؛ فينال بذلك فوائدَ غضِّ البصر، ويدخل في زمرة المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم. اللهم اجعلنا ممن خافك، واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين. وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد . لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــا
-
رمضان وتربية الأولاد (1) الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن رمضان شهرُ التربية، وشهر المحاسبة، وشهر المراجعة. فالمؤمن يربي نفسه في رمضان، ويربي من تحت يده على الفضائل، ويحاسب نفسه، ويراجع حاله مع ربه، ومع الأمانات التي ائتمنه الله عليها. وإن من أهم المهمات، وأوجب الواجبات على المؤمن رعايتَه لأولاده، وتربيتَه لهم. وهذا الشهر الكريم فرصةٌ سانحة يقف الإنسان فيها مع نفسه، وينظر في حاله مع أولاده، فإن كان محسنًا حمد الله، وازداد إحسانًا، وإن كان مقصرًا نزع عن تقصيره، وتدارك ما فاته. والحديث هاهنا سيكون حول تربية الأولاد، ومظاهر التقصير فيها، والسبل المعينة على تربيتهم. أيها الصائمون الكرام: الأولاد أمانة في أعناق الوالدين، والوالدان مسؤولان عن تلك الأمانة. قال الله-سبحانه وتعالى-: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } . وقال: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } . وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: « كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته » . رواه البخاري . وقال: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة » . متفق عليه. فالبيت هو المدرسة الأولى للأولاد؛ فالولد قبل أن تربيه المدرسة أو المجتمع يربيه البيت والأسرة. وهو مدين لأبويه في سلوكه الاجتماعي المستقيم، كما أن أبويه مسؤولان إلى حدٍّ كبيرٍ عن انحرافه الخُلقي. قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكم ممن أشقى ولده، وفِلْذَة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وتركِ تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه؛ ففاته انتفاعُه بولده، وفوَّت عليه حظَّه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قِبل الآباء". ا هـ. أيها الصائمون الكرام: التقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى، ومظاهر عديدة؛ تتسبب في انحراف الأولاد وتمردهم، وإذا تأملت تلك الأنماط الخاطئة في التربية رأيتها ما بين إفراط وتفريط. فمن الأخطاء في تربية الأولاد: تنشئتُهم على الجبن والهلع والخوف والفزع؛ فذلك يلاحظ على كثير من الناس؛ فتجدهم يخوفون أولادهم إذا بكوا أو أزعجوا؛ ليسكتوا، ويهدأوا؛ فتجد بعض الناس يخوفهم بالغول، أو الحرامي، أو العفريت، أو صوت الريح أو نحو ذلك. وبعض الناس يخوفهم بالأستاذ، أو الطبيب أو المدرسة. وإذا جرح الولد أو أصيب بأي مصيبة أخذت الأم تولول، وَتَلطِمُ وجهها، وتضرب صدرها، وهكذا ينشأ الولد جبانًا رِعديدًا يَفْرَقُ من ظله، ويخاف مما لا يخاف منه. ومن الخطأ في التربية -أيضًا- تربيةُ الأولاد على التهور، وسلاطةِ اللسان، والتطاول على الآخرين، وتسميةِ ذلك شجاعةً، وهذا نقيض الأول، والحق إنما هو في التوسط. ومن الخطأ في التربية: تربية الأولاد على الميوعة، والفوضى، وتعويدهم على البذخ، والترف، والإغراق في النعيم، وبسط اليد لهم، وإعطائهم ما يريدون. فمثل هذه التربية تفسد فطرتهم، وتقضي على استقامتهم، ومروءتهم، وشجاعتهم. وفي مقابل ذلك نجد من الوالدين من يأخذ أولاده بالشدة المتناهية، فتراه يقسو عليهم أكثر من اللازم، فيضربهم ضربًا مبرِّحًا إذا أخطأ ولو للمرة الأولى، ويبالغ في توبيخهم عند كل صغيرة وكبيرة، ويحرمهم من العطف والشفقة والحنان، ويقتِّر عليهم في النفقة؛ فلا ينفق عليهم إلا بشق الأنفس. وهذا النمط من التربية يفسد الأولاد، ويقضي على إنسانيتهم، ويقودهم إلى البحث عن المال أو العطف خارج المنزل إما: بالسرقة، أو بسؤال الناس، أو الارتماء في أحضان رفقة السوء. ومن الأخطاء في التربية: أن يقتصر اهتمام بعض الوالدين على المظاهر فحسب؛ فيرى أن التربيةَ مقتصرةٌ على توفير الطعام الطيب، والشراب الهنيء، والكسوة الفخمة، والدراسة المتفوقة، ولا يدخل عندهم تنشئةُ الأولاد على التدين الصادق، والخلق الكريم. ومن الأخطاء في التربية: المبالغةُ في إحسان الظن بالأولاد؛ فتجد من الوالدين مَن لا يتفقَّد أولادَه، ولا يعرف عن أحوالهم، ولا أصحابهم شيئًا، وتراه لا يقبل بهم عذلًا، ولا عدلًا، ولا صرفًا، وذلك لفرط ثقته بأولاده، بل ربما دافع عنهم إذا شكاهم أحدٌ إليه. وفي مقابل ذلك تجد من يبالغ في إساءة الظن بأولاده؛ فتراه يتهم نياتِهم، ولا يثق بهم البتة، ويشعرهم بأنه وراءهم في كل صغيرة وكبيرة، دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم أو زلاتهم. ومن مظاهر الخطأ في تربية الأولاد: التفريقُ بينهم، سواءٌ كان ذلك ماديًّا، أو معنويًّا؛ فهناك من يُفرِّق بين أولاده في العطايا، والهدايا، والهبات وهناك من يفرق بينهم بالملاطفة والمزاح، والمحبة، إلى غير ذلك من صور التفريق، التي تسبب شيوع البغضاء، وتبعث على النفور والتنافر. ومن مظاهر الخطأ في تربية الأولاد: تركُ المبادرة في تزويج الأبناء مع الحاجة والقدرة، وتأخيرُ تزويج البنات، والمتاجرة بهن، وتزويجهن بغير الأكْفَاء. وهذا من إضاعة الأمانة، والتسبب في شقاء الأولاد. ومن مظاهر التقصير في حق الأولاد: تسميتهم بأسماءٍ سيئة، أو مخالفة، فمن الناس من لا يأبه بذلك، فمنهم من يسمي ولده بالاسم القبيح؛ بحجة أن جدَّه فلانًا أو جدَّته فلانة تسميا بهذا الاسم؛ فهو يرى أن من البر أن يسمي بأسمائهم، ولو كانت غير مناسبة. ومن الأخطاء التي تقع في تسمية المواليد تسميتهم بالأسماء الممنوعة شرعًا؛ كتسميتهم بأسماء الله المختصة به مثل أن يُسمي الولد: بالأحد، أو الله، أو الرحمن، أو الخالق. ومن ذلك تسميتهم بالأسماء المعبدة لغير الله مثل: عبد النبي، أو عبد علي، أو عبد الحسين. وكذلك تسميتهم بالأسماء الأجنبية، الخاصة باليهود والنصارى؛ لأن هذا يجر ولو على المدى البعيد إلى موالاتهم. ومن الخطأ في التسمية تسميتهم بأسماء الجبابرة، والطواغيت. ومن ذلك تسميتهم بالأسماء التي يظن أنها من أسماء الله كالتسمية بـ"عبد المقصود، وعبد الموجود، وعبد الستار". ومن ذلك تسميتهم بالأسماء المكروهة أدبًا وذوقًا، كالأسماء التي تحمل في ألفاظها تشاؤمًا أو معانيَ تكرهها النفوس. ومن ذلك تسميتهم بالأسماء التي تسبب الضحك والسخرية، أو التي توحي بالتميع، والغرام، وخدش الحياء. ومن صور التقصير في تربية الأولاد: مكثُ الوالدِ طويلًا خارجَ المنزل؛ خصوصًا إذا كان ذلك لغير حاجة؛ فهذا يعرِّض الأولاد للفتن، والمصائب، والانحراف، ويَحْرِمُ الأولادَ من النفقة والرعاية. ومن الخطأ في تربية الأولاد: الدعاءُ عليهم، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: « لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً؛ فيستجيب لكم » رواه مسلم . ومن مظاهر الخطأ في تربية الأولاد: تربيتهم على سفاسف الأمور، وسيئ العبارات، ومرذول الأخلاق، ومن ذلك: فعل المنكرات أمام الأولاد، وجلب المنكرات لهم في المنزل، والعهد للخادمات والمربيات بتربية الأولاد؛ خصوصًا إذا كُنَّ غيرَ مسلمات. ومما يتسبب في ضياع الأولاد وانحرافهم: كثرة المشكلات بين الوالدين، وترك البنات يذهبن للسوق بلا محرم، وبلا حاجة، وإهمالُ الهاتف وترك مراقبته، والغفلةُ عما يقرؤه الأولاد، وقلةُ الاهتمام باختيار مدارس الأولاد، وقلةُ التعاون مع مدارسهم أو انعدامه بالكلية. ومن الخطأ في تربية الأولاد: احتقارُهم، وتركُ تشجيعهم؛ فبعض الناس يَسْخَرُ كثيرًا بأولاده، ويشنِّع عليهم إذا أخطأوا، ويسكتهم إذا تكلموا؛ مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه. وأشدُّ صورِ السخرية أن يسخرَ بالولد إذا استقام على أمر الله، فتجد من الآباء من يَسْخَرُ بابنه إذا رآه مستقيمًا، مطبقًا للسنة، مقبلًا على العلم؛ فهذه السخرية قد تسبب انحراف الولد، فيكون عالة على والده، وسببًا لجر البلايا إليه، وما علم ذلك الوالد أنه هو الرابح الأول من صلاح ابنه في الدنيا والآخرة. ومن الخطأ في التربية: قلةُ العناية بتربية الأولاد على تحمل المسؤولية، وعدم إعطائهم فرصةً للتصحيح والتغيير للأفضل. وهكذا ينشأ الولد وهو يشعر بالنقص، وقلة الثقة بالنفس. هذه بعض مظاهر التقصير في تربية الأولاد، فماذا نؤمل بعد هذا الإهمال؟ وماذا سنحصد من جرّاء هذا التقصير؟ ومن هنا نعلم أي جناية نجنيها على الأولاد حين نقذف بهم إلى معترك الحياة في جو هذه التربية الخاطئة! ثم ما أسرعنا إلى الشكوى إذا رأيناهم عاقين متمردين، ونحن قد غرسنا بأيدينا بذور الانحراف! أيها الصائمون: للحديث بقيةٌ-إن شاء الله-حيث سيكون حول السبل المعينة على تربية الأولاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــا
-
فإنه أغضُّ للبصر (1) الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء » . قال ابن حجر في شرح الحديث: (الوجاء: رضُّ الخصيتين، وقيل: رضُّ عُروقِهما، ومن يُفعَل به ذلك تنقطع شهوته، ومقتضاه أن الصومَ قامعٌ للشهوة). انتهى كلامه. معاشر الصائمين: في هذا الحديث إشارة إلى فائدة كبرى من فوائد الصوم، ألا وهي غض البصر، وإحصان الفرج. فالصائم ينال هذه الفضيلة، ويسلم من معاطب إطلاق البصر وآفاته؛ فالعين مرآةُ القلب، وإذا أطلق الإنسان بصرَه أطلق القلبُ شهوتَه، ومن أطلق بصرَه دامت حسرتُه؛ فأضرُّ شيٍء على القلب إرسالُ البصر؛ فإنه يريد ما يشتدُّ إليه طلبُه، ولا صبر له عنه، ولا سبيل إلى الوصول إليه، وذلك غايةُ ألمه وعذابه. ثم إن النظرةَ سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس - كما جاء في الحديث - وشأنُ السهمِ أن يسريَ في القلب؛ فيعملَ فيه عملَ السمِّ الذي يُسقاه المسموم، فإن بادر واستفرغه وإلا قتله ولا بد. وكذلك النظرةُ؛ فإنها تفعل في القلب ما يفعله السهمُ في الرَّميَّة، فإن لم تقتله جرحته. والنظرةُ بمنزلة الشرارة تُرمى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقْه كلَّه أحرقت بعضه كما قيل: كلُّ الحوادثِ مبداها من النظر ... ومعظمُ النارِ من مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها ... فتكَ السهام بلا قوسٍ ولا وتر والمرءُ ما دام ذا عينٍ يقلبها ... في أعين الغيد موقوفٌ على الخطر يسرُّ مُقْلَتَهُ ما ضرَّ مهجتَه ... لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر والناظر يرمي من نظره بسهامٍ غَرضُها قلبه وهو لا يشعر، قال المتنبي : وأنا الذي اجتلب المنيةَ طرفُهُ ... فَمَنِ المطالبُ والقتيلُ القاتلُ قال ابن القيم رحمه الله: (ولما كان النظرُ أقربَ الوسائلِ إلى المحرم اقتضت الشريعةُ تحريمَه، وأباحتْه في موضع الحاجة. وهذا شأن كلِّ ما حُرِّم تحريم الوسائل؛ فإنه يباح للمصلحة الراجحة). قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: « سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرفَ بصري » . قال ابن القيم رحمه الله: (ونظرُ الفجأةِ هي النظرة الأولى، التي تقع بغير قصد؛ فما لم يتعمدْه القلبُ لا يعاقب عليه، فإذا نظر الثانيةَ تَعَمُّدًا أثِم؛ فأمره النبي صلى الله عليه وسلم عند نظرة الفجأة أن يصرفَ بصرَه، ولا يستديم النظر، فإنَّ استدامته كتكريره). معاشر الصائمين: ما أحوجنا إلى غضِّ البصر، وإلى ما يذكرنا به، خصوصًا في هذه الأزمنة، التي كثرت فيها الفتن، وتنوعت؛ حيث التبرجُ والسفورُ، والمجلاتُ الهابطةُ، والأفلام الخليعة، والقنوات الفضائية التي تغري بالرذيلة، وتزري بالفضيلة. فغض البصر - بإذن الله - أمانٌ من الفتنة، وسبيلٌ إلى الراحة والسلامة؛ فإذا غض العبدُ بصره غضَّ القلب شهوتَه وإرادته. قال - تعالى - : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ } (النور: من الآية 30). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فجعل - سبحانه - غضَّ البصر، وحفظَ الفرج هو أقوى تزكيةٍ للنفوس. وزكاةُ النفوسِ تتضمن زوالَ جميعِ الشرورِ من الفواحش، والظلم، والشرك، والكذب، وغير ذلك). وقال ابن الجوزي رحمه الله: (والواجب على من وقع بصرُه على مُسْتَحسنٍ، فوجد لذةَ تلك النظرةِ في قلبه أن يصرفَ بصرَه؛ فمتى ما تَثَبَّت في تلك النظرة أو عاود وقع في اللوم شرعًا وعقلًا. فإن قيل: فإن وقع العشقُ بأول نظرةٍ فأي لومٍ على الناظر؟ فالجواب: أنه إذا كانت النظرةُ لمحةً لم تَكَدْ توجبُ عِشقًا، إنما يوجبه جمودُ العين على المنظور بقدر ما تَثْبُتُ فيه، وذلك ممنوع منه. ولو قَدَّرنا وجودَه باللمحة، فأثَّر محبةً سَهُلَ قمْعُ ما حصل). إلى أن قال رحمه الله: (فإن قيل: فما علاج العشق إذا وقع بأول لمحة؟ قيل: علاجهُ الإعراضُ عن النظر؛ فإن النظرةَ مثلُ الحبةِ تُلْقَى في الأرض؛ فإذا لم يُلتَفَتْ إليها يَبَستْ، وإن سقيت نَبَتَتْ؛ فكذلك النظرةُ إذا أُلحقت بمثلها). وقال: (فإن جرى تفريطٌ بإتْباعِ نظرةٍ لنظرةٍ فإن الثانية هي التي تُخاف وتُحذر؛ فلا ينبغي أن تُحْقَر هذه النظرةُ؛ فربما أورثت صبابةً، صبَّت دمَ الصبِّ). وقال ابن القيم : (فعلى العاقلِ ألا يُحَكِّم على نفسه عشقَ الصور؛ لئلا يؤدِّيَه ذلك إلى هذه المفاسد، أو أكثرِها، أو بعضِها؛ فمن فعل ذلك فهو المفرِّط بنفسه، المُضِرُّ بها؛ فإذا هلكت فهو الذي أهلكها؛ فلولا تكرارُه النظرَ إلى وجه معشوقه، وطمعه في وصاله لم يتمكَّنْ عِشْقُه من قلبه) ا هـ . اللهم إنَّا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى، وللحديث صلة - إن شاء الله - وصلى الله وسلم على نبينا محمد . لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــا
-
أثر الصيام في اكتساب العزَّة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن العزةَ خصلةٌ شريفةٌ، وخَلّةٌ حميدة، وخُلُقٌ رفيع، وأدبٌ سامٍ، تَعْشَقُها قلوبُ الكرام، وتهفو إلى اكتسابها النفوسُ الكبار. وإن الإسلام لَدِينُ العزة والكرامة، ودينُ السموِّ والارتفاع، ودينُ الجدِّ والاجتهاد، فليس دينَ ذلةٍ ومَسْكنة، ولا دينَ كسلٍ وخمولٍ ودعة. وإن شهرَ رمضانَ لميدانٌ فسيحٌ لاكتساب العزَّة، والتحلي بها، وذلك من وجوه عديدةٍ متنوعة؛ فالصائمُ - على سبيل المثال - ينال هذا الخُلقَ من جراء صيامه، وتركِه لطعامه، وشرابه، وشهواته المباحةِ فضلًا عن المحرمة. وهذا يبعثه إلى الترفع عن الدنايا، ومحقرات الأمور، ويطلقه من أسر العادات، وأهواء النفوس. وينال العزة ـ كذلك ـ من جراء بعده عن الجدال والمراء والجهل والرفث، والصخب، والإساءة إلى الناس، امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: « إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب » . وفي رواية « ولا يجهل » ، وفي رواية « ولا يجادل » . وإذا كان الصائم كذلك حفظ على نفسه عزَّتها وكرامتها، ورَفَعها عن مجاراة الطائفةِ التي تلذُّ المهاترةَ والإقذاع. وينال المؤمن الصائم العزَّة في هذا الشهر من جراء صيامه، وكثرة أعماله الصالحة، وانقطاعه عما سوى الله، وهذا هو سر العزة الأعظم؛ إذ ينال بسبب ذلك عزةَ نفسٍ، وزيادةَ إيمانٍ، واتصالًا وقربًا من الرحمن { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } )(المنافقون: من الآية 8). وينال المؤمنون العزَّة في هذا الشهر بسبب كثرة إنفاقهم، وإحسانهم إلى الفقراء والمعوزين. وفي ذلك صيانةٌ للوجوه من السؤال، وإنقاذٌ لكثير من الناس من عوز الفقر، وذِلَّة الحاجة اللذين قد يَنجرِفان بهم إلى فساد الأخلاق، وضيعة الآداب. وهكذا يتبيَّن لنا أثرُ الصيام في اكتساب العزة، سواء للأفراد أو للأمة. وما أحوجنا، وما أحوج أمتنا إلى هذا الخلق العظيم، الذي أرشدنا إليه دينُنا، وحثنا على التحلِّي به، ووجهنا إلى اكتسابه، وبيَّن لنا جميعَ السبلِ الموصلةِ إليه. ومن مظاهر تربية الإسلام للمسلمين على هذا الخلق، أن وجَّههم إلى إفراد الله بالمسألة دقَّت أو جَلَّت، كثرت أو قلّت. ومن ذلك توجيه المسلمين إلى الكسب المباح، عن طريق الكدح والعمل، والمشي في مناكب الأرض، حتى يُعِفَّ الإنسانُ نفسَه، ويستغني عن غيره. كما وجههم في المقابل إلى أن يترفعوا عن مسألة الناس، ونفَّرهم من ذلك الخلق الذميم إلا من كان مضطرًا أو متحمِّلًا حَمَالةً، أو من أصابته جائحة، أو فاقةٌ، أو نحوُ ذلك. كما أرشدهم إلى أن اليدَ العليا خيرٌ من اليد السفلى؛ فَمَنَعَ القادرَ على الكسب من بسط كفه؛ للاستجداء إذا كان في استجدائه إراقة لماء وجههِ. بل إن من أحكام الشريعة إباحةَ التيممِ للمكلَّف، وعدمَ إلزامهِ بقبول هبةِ ثَمنِ الماء؛ لما في ذلك من المنَّة التي تُنْقِصُ حظًّا وافرًا من أطراف الهمة الشامخة. بل ومنها عدم إلزامِ الإنسانِ باستهابة ثوبٍ يسترُ بِهِ عورتَه في الصلاة؛ صيانة لضياء وجهه من الانكساف بسواد المطالب. ومن الأحكام القائمة على رعاية هذا الخلق أن التبرعات لا تتقرَّر إلا بقبول المُتَبَرَّعِ له؛ إذ قََْد يَرْبأ بِهِ خُلقُ العزةِ عن قبولها؛ كراهةَ احتمالِ مِنَّتِها، والمنَّةُ تصدَعُ قناةَ العزةِ؛ فلا يحتملها ذو مروءة إلا في حال ضرورة، ولا سيما منةً تجيء من غير ذي طبع كريم، أو قدر رفيع. ثم إن الشريعةَ أرشدت المسلمَ إذا أخذ المال أن يأخذه بسخاوة نفس؛ ليبارِكَ اللهُ له فيه، وألا يأخذه بإسرافٍ، وهلع، وتعرضٍ، وذلَّةٍ، وإشراف. وإذا اتصف المرء بعزة النفس وَفُرت كرامتُه، وارتفع رأسُه، وسلم من ألم الهوان، وتحرَّر من رقِّ الأهواء وذلِّ الطمع، ولم يَسِرْ إلا على وَفْقِ ما يمليه عليه إيمانُه، والحقُّ الذي يحمله. ولهذا تجدُ أن أشدَّ الناس عزمًا ومضاءً هو أنزهُهُم نفسًا، وأبعدهم عن الطمع وجهةً. ثم إن عزةَ النفس تُلقي على صاحبها وقارًا، وجلالًا، ومكانةً في القلوب، وذلك مما تنشرح له صدورُ العظام. وإنما يعاب الرجل إذا جعل هذه المكانةَ غايتَه المنشودةَ، دون أن يكون الحاملُ عليها رضا الله، ومن ثَمَّ نفع الآخرين. وكما أن للعزة أثرًا في الأفراد فكذلك لها آثارٌ صالحةٌ في الأمة؛ فالأمة التي تُشْرَب في نفوسها العزةَ يشتد حرصُها على أن تكون مستقلةً بشؤونها، غنيَّةً عن أمم غيرها، وتبالغ في الحذر من الوقوع في يدِ مَنْ يطعن في كرامتها، أو يهتضم حقًّا من حقوقها. معاشر الصائمين هذا شيء من معالم العزَّة، وأثرِ الصيام في اكتسابها. وإليكم نبذةً من النصوص الشرعية الواردة في شأن العزة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: « إذا سألت فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعن بالله » رواه أحمد والترمذي ، وقال: هذا حديث حسن صحيح . وقال صلى الله عليه وسلم: « لأن يأخذَ أحدُكم أَحْبُلًا، فيأخذَ حزْمةً من حطب؛ فيكفَّ الله به وجْهَهُ ـ خيرٌ من أن يسألَ الناسَ أعطي أو منع » رواه البخاري ومسلم . وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: « من يستغنِ يغنِهِ الله، ومن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، ومن يتصبرْ يصبرْهُ الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً أو خيرًا أوسع من الصبر » رواه البخاري ومسلم . وفيهما ـ أيضًا ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما يزال الرجلُ يسأل الناسَ حتى يأتيَ يومَ القيامة، وليس في وجهه مُزْعةُ لحمٍ » . وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من سأل الناس تكثرًا فإنما يسأل جمرًا؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أو ليستكثر » . بل لقد أوصى - عليه الصلاة والسلام - نفرًا من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا؛ ففي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه « أنه لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم مع طائفة من أصحابه قالوا: فعلام نبايعك؟ قال: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا...) وأسر كلمةً خفيةً: (ولا تسألوا الناس شيئًا ). » قال عوف : فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطُ أحدِهم؛ فما يسأل أحدًا يناوله إياه. وعن قَبيصةَ بنِ مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: « تحملت حَمَالةً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: (أقم حتى تأتينَا الصدقةُ؛ فنأمرَ لك بها). قال: ثم قال: (يا قبيصةُ , إن المسألة لا تَحِلُّ إلا لأحد ثلاثةٍ: رجلٍ تحمَّل حمالةً، فحلَّت له المسألةُ؛ حتى يصيبَها ثم يُمْسِك، ورجلٍ أصابتْه جائحةٌ اجتاحت ماله؛ فحلَّت له المسألةُ، حتى يصيب قوامًا من عيش - أو قال: أو سدادًا من عيش - ورجلٍ أصابته فاقةٌ حتى يقومَ ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومه: لقد أصاب فلانًا فاقةٌ، فحلَّت له المسألةُ حتى يصيبَ قوامًا من عيش - أو سدادًا من عيش - . فما سواهن يا قبيصةُ سحتًا يأكلها سحتًا » رواه مسلم . معاشر الصائمين وكما تظافرت نصوصُ الشرع في الثناء على خلق العزّة، والحثِّ عليه، فكذلك تتابعت وصايا العلماء والحكماء. قال وهب بن منبه رحمه الله لرجل يأتي الملوك: (ويحك تأتي من يغلق عنك بابَه، ويظهر لك فقرَه، ويواري عنك غناه، وتدعُ من يفتح لك بابَه بالليل والنهار ويظهر لك غناه، ويقول: (ادعني استجب لك)!. وقال طاوسٌ - لعطاءٍ - رحمهما الله: (إياك أن تطلبَ حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، ويجعل دونها حُجَّابَه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تدعوَه، ووعدك بأن يجيبك). وقيل لأبي حازم رحمه الله: (ما مالُك؟ قال: ثقتي بالله، وإياسي من الناس). وكتب أمير المؤمنين إلى أبي حازم : ارفع إليّ حاجتك. قال أبو حازم : (هيهات! رفعت حاجتي إلى من لا يَخْتَزِنُ الحوائجَ؛ فما أعطاني قنعت، وما أمسك عني منها رضيت). وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله إذا قرأ عليه الطالبُ وانتهى يقول: (اقرأ من الباب الذي يليه ولو سطرًا؛ فإني لا أحب الوقوف على الأبواب). وأنشد الإمام أحمد بن يحيى ثعلب رحمه الله: من عفّ خفّ على الصديق ... لقاؤه وأخو الحوائج وجهه مبذول وأخوك مَنْ وفَّرْتَ ما في كيسه ... فإذا استعنت به فأنت ثقيل ولله در الشيخِ المَكُّوديّ إذ يقول: إذا عرضت لي في زمانيَ حاجةٌ ... وقد أشكلت فيها عليَّ المقاصدُ وقفت بباب الله وقفةَ ضارعٍ ... وقلت إلهي إنني لك قاصدُ ولست تراني واقفًا عند باب مَنْ ... يقول فتاهُ سيدي اليومَ راقدُ معاشر الصائمين: هذه هي العزّة، وها نحن في شهر الخير والعزّة، أفلا نستشعر هذا المعنى من جرَّاء صيامنا؟ وندرك أن العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين؛ فنلتمس العزة من مظانها، ونسعى لإدراكها، والاتصاف بها؛ فيكون لنا عزٌّ وسرورٌ وذكرٌ جميلٌ في العاجل، وأجرٌ وذخرٌ وعطاءٌ غيرُ مجذوذٍ في الآجل؟ اللهم أعزنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
-
حقوق الجار الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن رمضانَ شهرُ الترابط، وشهرُ التواصي، وشهرُ التقارب، وشهر المودّات. والحديث اليوم سيدور حول معنى من هذه المعاني، ألا وهو حق الجار؛ فلقد أوصى الإسلام بالجار، وأعلى من قدره؛ حيث قرن الله حق الجار بعبادته - عز وجل - وبالإحسان إلى الوالدين، واليتامى، والأرحام. قال الله - عز وجل - : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ } (النساء: من الآية 36). أما السنَّةُ النبويةُ فقد استفاضت نصوصُها في بيان رعاية حقوقِ الجارِ، والوصايةِ به، وصيانةِ عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسدّ خلَّته، وغضِّ البصر عن محارمه، والبعد عن كل ما يريبه، ويسيء إليه. ومن أجلِّ تلك النصوص وأعظمها ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيوَرِّثه » . أي: ظننت أنه سَيبْلُغني عن الله الأمرُ بتوريث الجارِ الجارَ. أيها الصائم الكريم: الجار في الاصطلاح الشرعي هو من جاورك جوارًا شرعيًّا، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، برًّا أو فاجرًا، صديقًا أو عدوًّا، محسنًا أو مسيئًا، نافعًا أو ضارًّا، قريبًا أو أجنبيًّا، غريبًا أو بلديًّا. وله مراتب بعضها أعلى من بعض، تزيد وتنقص بحسب قربه وقرابته، ودينه وتقواه، ونحو ذلك؛ فيعطى بحسب حاله وما يستحق. أما حدّ الجوار؛ فقد اختلفت عباراتُ أهل العلم في حدِّ الجوار المعتبر شرعًا، والأقرب - والله أعلم - أن حدَّ الجوار يُرجع فيه إلى عُرْفِ الناس؛ فما عُلِمَ عُرْفًا أنه جارٌ فهو جار. ولا ريب أن الجوارَ في المسكن هو أجل صور الجوار وأوضحُها، ولكنَّ مفهوم الجار والجوار لا يقتصر على ذلك فحسب، بل هو أعمُّ من ذلك وأشمل؛ فالجار معتبرٌ في المتجر، والسوق، والمزرعة، والمكتب، ومقعد الدرس. ومفهومُ الجارِ يشمل الرفيقَ في السفر؛ فإنه مجاورٌ لصاحبه مكانًا وبدنًا، والزوجةُ كذلك تسمى جارةً، وكذلك مفهومُ الجوارِ يشمل الجوارَ بين المدن، والدول، والممالك، فلكل منهما حق على الآخر. أيها الصائمون الكرام: حقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة جدًّا، أما أصولها فتكاد ترجع إلى أربعة حقوق. أولها: كف الأذى: فالأذى على كل أحد بغير حق محرم، وأذية الجار أشد تحريمًا. جاء في صحيح البخاري عن أبي شريح رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه » . وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه » . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره » . وفي مسند الإمام أحمد ، والأدب المفرد للبخاري ، وعند الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « قيل يا رسول الله إن فلانةً تصلي الليل، وتصوم النهار، وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها سليطة، قال: (لا خير فيها هي في النار). وقيل له: إن فلانةً تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق بالأثوار(وهي القطع الكبيرة من الأقط وهو اللبن الجامد المستحجر) وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي جيرانها، قال: (هي في الجنة). » ولفظ الإمام أحمد : « لا تؤذي بلسانها جيرانها » . بل لقد جاء الخبر بلعن من يؤذي جاره، ففي حديث أبي جُحيفة رضي الله عنه قال: « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له: (اطرح متاعك في الطريق). قال: فجعل الناس يمرون به فيلعنونه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما لقيتُ من الناس؟ قال: وما لقيتَ منهم ؟ قال: يلعنوني، قال: فقد لعنك الله قبل الناس قال: يا رسول الله فإني لا أعود » . أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والبزار ، والحاكم ، وصححه، ووافقه الذهبي . قال علي بن أبي طالب للعباس - رضي الله عنهما - : (ما بقي من كرمِ إخوانك؟ قال الإفضالُ إلى الإخوان، وتركُ أذى الجيران). فانظر كيفَ عدَّ العباسُ رضي الله عنه تركَ أذى الجيران من الكرم. ولقد كان العرب يتمدحون بكف الأذى عن الجار، قال هُدْبَةُ بنُ الخَشْرم : ولا نَخْذِلُ المولى ولا نرفع العصا ... عليه ولا نزجي إلى الجار عقربا وقال لبيد : وإن هوانَ الجارِ للجار مؤلمٌ ... وفاقرةٌ تأوي إليها الفواقر الثاني من حقوق الجار: حماية الجار: فمما ينبه لشرف همّة الرجل نهوضُه لإنقاذ جاره من بلاءٍ يُنال به في عرضه، أو بدنه أو ماله، أو نحو ذلك. ولقد كانت حمايةُ الجار من أشهر مفاخر العرب التي ملأت أشعارهم، قال عنترة : وإني لأحمي الجارَ من كل ذلّة ... وأفرحُ بالضيف المقيم وأَبْهَجُ وقالت الخنساءُ تمدح أخاها بحمايته جارَه: وجارُكَ مَحْفُوظٌ منيعٌ بنجوة ... من الضيم لا يُؤذى ولا يتذللُ بل لقد غالى العرب، وبالغوا في المحاماة عن الجار؛ إذ لم تتوقَّف محاماتُهم عن الجار الإنسان، بل لقد تعدّوا ذلك؛ فأجاروا ما ليس بإنسان إذا نزل حول بيوتهم حتى ولو كان لا يعقل ولا يستجير؛ مبالغةً في الكرامة والعزَّة، وتحديًا لأن يَخْفِرُ الجوارَ أحدٌ، مثل ما فعل مدلجُ بنُ سويدٍ الطائيُّ ، الذي نزل الجرادُ حول خبائه؛ فمنع أن يصيدَه أحدٌ حتى طار وبَعُدَ عنه. وكان كليبٌ يجير الصيدَ، فلا يَعْرِضُ له أحدٌ. الثالثُ من حقوق الجار: الإحسانُ إليه؛ فذلك دليل الفضل، وبرهان الإيمان، وعنوان الصدق. جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره » الحديث، ولمسلم - أيضًا - : « فليحسن إلى جاره » . ومن ضروب الإحسان إلى الجار تعزيته عند المصيبة، وتهنئته عند الفرح، وعيادته عند المرض، وبداءته بالسلام، وطلاقة الوجه عند لقائه، وإرشاده إلى ما ينفعه في دينه ودنياه، ومواصلته بالمستطاع من ضروب الإحسان. الرابع: من حقوق الجار احتمال أذاه: وذلك بأن يغضيَ عن هفواته، ويتلقى بالصفح كثيرًا من زلاته، ولا سيّما إساءةً صدرت من غير قصد، أو إساءةً ندم عليها، وجاء معتذرًا منها؛ فاحتمالُ أذى الجارِ ومقابلةُ إساءتِه بالإحسان من أرفع الأخلاق، وأعلى الشيم. ولقد فقه السلف هذا المعنى، وعملوا به، روى المرّوذي عن الحسن : ليس حسنُ الجوارِ كفَّ الأذى، حسنُ الجوارِ الصبرُ على الأذى. هذه هي الأصولُ الأربعةُ التي عليها مدارُ حقوقِ الجارِ، ومع عظم ذلك الحقِّ إلا أن هناك تقصيرًا كبيرًا في حقِّ الجار من كثيرٍ من الناس. فمن صورِ ذلك التقصير مضايقةُ الجارِ، وحسدُه، واحتقارُه، وكشفُ أسراره، وتتبعُ عثراته، والفرحُ بزلاته. ومن ذلك: إيذاؤه بالجلبة، ورفعُ الأصوات، وتأجيرُ مَنْ لا يرغب الجيران في إسكانه. ومن صور التقصير في حق الجار: خيانتُه، والغدرُ به، وقلةُ الإحسان إليه، وتركُ النهوضِ لحمايته، وقلةُ الحرص على التعرُّف على الجيران، وقلةُ التفقُّد لأحوالهم. ومن ذلك: قلّةُ التهادي بين الجيران، والتكبُّرُ عن قبول هداياهم، ومنعُهم ما يحتاجون إليه من الأدوات اليسيرة، وقلةُ الاهتمام بإعادة المعار من الجيران إليهم. ومن صور التقصير في حق الجيران: تركُ الإجابةِ لدعوتهم، وقلَّةُ المبالاة بدعوتهم إلى الولائم والمناسبات، وقلَّةُ المناصحة لهم، وقلةُ التعاون معهم على البر والتقوى. ومن ذلك: كثرةُ الخصومةِ معهم، والتهاجرُ، والتدابرُ عند أدنى سبب، وقلةُ الحرص على إصلاح ذات البين إذا فسدت بين الجيران. ومن صور التقصير في حق الجار: تركُ الإحسان إلى الجار الغريب، وقلّةُ العناية باختيار الجار الصالح، والتفريطُ به، وقلّةُ الوفاء للجيران بعد الرحيل عنهم. وخلاصة القول: إن انتظام رابطة الجوار أكبر شاهد على رقي المجتمع، وسمو آدابه، والعكس بالعكس، وبإصلاح تلك الرابطة تطوى عند المحاكم قضايا كثيرة لا منشأ لها إلا عدم رعاية حق الجار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــــا
-
رمضان شهر السخاء والجود الحمد لله الكريم الوهاب، والصلاة والسلام على من أنزل إليه خير كتاب، أما بعد: فإن رمضانَ شهرُ الجود، وشهر السخاء؛ فالنفوس في هذا الشهر تقترب من مولاها، وتنبعث إلى ما يزكيها ويطهرها من شحها، { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (الحشر: من الآية 9). ولقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل في كل ليلة، فيدارسه القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة » . هكذا وصف حال النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } (الأحزاب: من الآية 21). أيها الصائمون الكرام: للصدقة والسخاء فضائلُ، لا تُحصى كثرة؛ فالصدقة تطفئ غضبَ الرب، وتدفعُ ميتةَ السوء، وتدل على الإيمان بالله، والثقة به، وإحسان الظن به -عز وجل- . والصدقة دليل على الرحمة، والشعور بالآخرين، كما أنها سبب لتيسير الأمور، وتفريج الكربات، وإعانة الرب -جل وعلا- فالله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه. والصدقة مدعاة لزيادة المال، ونزول الخيرات، وحلول البركات، وهي سبب للاستظلال في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، كما أن لها تأثيرًا في دفع البلايا. قال ابن القيم رحمه الله: (وللصدقة تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر، أو ظالم، بل من كافر، وهذا أمر معلوم عند الناس، وأهل الأرض مُقِرُّون بذلك) ا هـ. والصدقة تشرح الصدر، وتفرح النفس. قال ابن القيم رحمه الله: (المتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح لها صدره، وقوي فرحه، وعظم سروره. ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة لكان العبد حقيقًا بالاستكثار منها، والمبادرة إليها). أيها الصائمون الكرام: ومن فضائل الصدقة: أنها سبب للخلف من الله -عز وجل- قال النبي صلى الله عليه وسلم: « ما من يوم يصبح فيه العباد، إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا » متفق عليه. ثم إن للسخاء أثرًا في صيانة الأعراض، ونباهة الذكر، وائتلاف القلوب، وتأكيد رابطة الإخاء. وللسخاء أثرٌ في القضاء على كثير من الأخلاق المرذولة، كالحسد من الفقراء للأغنياء، وكالكبر من الأغنياء على الفقراء. وللسخاء أثرٌ في ستر العيوب، قال الشافعي رحمه الله: وإنْ كثرت عيوبُكَ في البرايا ... وَسرَّك أن يكون لها غطاءُ تَسَتَّرْ بالسخاء فكلُّ عيبٍ ... يُغَطِّيه كما قيل السخاءُ ثم إن السخيَّ قريبٌ من الله، ومن خلق الله، ومن الجنةِ، والبخيلُ بعكس ذلك. والسخاءُ مُتَّصِل بفضائلَ أخرى؛ فالسخيُّ في أغلب أحواله يأخذ بالعفو، ويتحلّى بالحلم، ويجري في معاملاته على الإنصاف، ويؤدي حقوقَ الناسِ من تلقاء نفسه. ولتجدنّ السخيَّ بحق متواضعًا، لا يطيش به كبر، ولا تستخفه خيلاء، ولتجدنَّه أقربَ الناس إلى الشجاعة وعزة النفس؛ وإنما يخسر الإنسانُ الشجاعةَ والعزةَ بشدَّة حرصه على متاع الحياة الدنيا. ولقد جَرَتْ سُنةُ اللهِ بأن السخيَّ بحقٍّ يفوز بالحياة الطيبة، ولا تكون عاقبتُه إلا الرعايةَ من الله والكرامة؛ فلما كان رحيمًا بالفقراء، والمساكين، والمحتاجين، حريصًا على إسعادهم، وإدخال السرور والبهجة على نفوسهم - كان جزاؤه من جنس عمله. هذا، وإن السخاء ليس مقتصرًا على بذل المال فحسب، بل إن مفهومَه أوسعُ، وصورَهُ أعمُّ وأشمل. فمن صور السخاء: أن يكونَ للإنسان دَيْنٌ على آخر؛ فيطرحَه عنه، ويُخْلِيَ ذمته منه، وهو يستطيع الوصول إليه، دون عناء ولا تعب. كان قيسُ بنُ سعدِ بنِ عبادة - رضي الله عنهما- من الأجواد المعروفين، حتى إنه مرض مرة، فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم فقيل له: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدَّيْن، فقال: أخزى الله مالًا يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر مناديًا ينادي: من كان لقيس عليه مالٌ فهو منه في حِل؛ فما أمسى حتى كُسِرتْ عتبةُ بابِه من كثرة من عاده. ويدخل في قبيل الأسخياء مَنْ يستحق على عمل أجرًا؛ فيترك الأجر من تلقاء نفسه. ويدخل في قبيلهم مَنْ يسعى في قضاء حوائج الناس، وتفريج كرباتهم، فعن الحسن رحمه الله قال: (لأنْ أقضيَ حاجةَ أخٍ لي أحبُّ إلي من أن أعتكفَ سنة). وقيل لابن المنكدر رحمه الله: (أي الأعمال أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، وقيل: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان). وقال الشافعي رحمه الله: وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورى رجلٌ ... تُقضى على يدهِ للناسِ حاجاتُ ويدخل في السخاء سخاوة الإنسان بجاهه؛ بحيث يبذله في سبيل الخير، والشفاعات الحسنة: من إحقاق حق، ونُصْرِة مظلوم، وإعانة ضعيف، ومَشْيٍ مع الرجل إلى ذي سلطان، قال - تعالى - : { مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا } (النساء: من الآية 85). وقال صلى الله عليه وسلم: « اشفعوا تؤجروا » رواه البخاري ومسلم . ومن السخاءِ سخاءُ الإنسان برياسته؛ فيحمله سخاؤه على امتهانها، والإيثار في قضاء حاجات الملتمس. ومن السخاءِ سخاءُ الإنسانِ براحته، ووقته، ونصحه؛ في سبيل نفع الناس. ومن أعلى مراتبِ السخاء سخاءُ الإنسان بالعلم؛ فذلك أشرف من السخاء بالمال. ومن السخاءِ سخاءُ الإنسانِ بِعِرضه؛ بحيث يعفو ويصفح عمن ناله بسوء.. مر الشعبيُّ رحمه الله بقوم يذكرونه بسوء، فتمثَّل بقول كُثَيِّر عزةَ : هنيئًا مريئًا غيرَ داءٍ مخامرٍ ... لِعَزَّةَ من أعراضنا ما استحلتِ أسيئي بنا أو أحسني لا ملومةً ... لدينا ولا مقليةً إن تقلَّتِ وفي هذا السخاءِ من سلامة الصدر، وراحة القلب، والتخلُّص من معاداة الخلق ما فيه. ومن السخاءِ السخاءُ بالصبر، والاحتمال، والإغضاء، وهي مرتبةٌ شريفةٌ لا يقدر عليها إلا النفوسُ الكبار. ومن السخاءِ السخاءُ بالخلق، والبشر، والتبسم، والبشاشة، والبسطة، ومقابلة الناس بالطلاقة؛ فذلك فوق السخاء بالصبر، والاحتمال، والعفو، وهذا هو الذي بلغ بصاحبه درجةَ الصائم القائم، وهو أثقلُ ما يوضع في الميزان، وفيه من أنواع المسارّ والمنافع والمصالح ما فيه. يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: وإني لأكسو الخلَّ حُلَّةَ سُندسٍ ... إذا ما كساني من ثياب مداده ويدخل في السخاء حَضُّ الناس على الخير، ودِلالتهم على وجوهه، وشُكْرُ الأسخياءِ، والدعاءُ لهم. ومن صور السخاء الخفية المحمودة سخاء النفس بترفُّعها عن الحسد، وحبِّ الاستئثار بخصال الحمد، وذلك بأن يحب المرء لإخوانه ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، فيفتح لهم المجالات، ويعطيهم فرصة للإبداع، والحديث، والمشاركة، ونحو ذلك؛ فيفرح لنجاحهم، ويحزن لإخفاقهم؛ فهذه من الصور الخفية للسخاء، وقلَّ من يتفطَّن لها، ويأخذ نفسه بها. ومن جميل السخاءِ سخاءُ المرء عما في أيدي الناس، فلا يلتفت إليه، ولا يستشرف له بقلبه، ولا يتعرَّض له بحاله ولسانه. وأروع ما في السخاء، سخاء المرء بنفسه، وأروع ما في ذلك ما كان في سبيل الله - عز وجل - . أيها الصائمون الكرام: يتفاضل الناس بالسخاء، على قدر هممهم، وشرف نفوسهم. فيتفاضلون من جهة الإنفاق؛ فالذي ينفق في السر أكمل من الذي لا ينفق إلا في العلانية. ويتفاضلون من جهة استصغارِ ما يُنْفَق واستعظامِه؛ فالذي ينفق في الخير، وينسى أو يتناسى أنه أنفق، هو أسخى ممن ينفق ثم لا يزال يذكر ما أنفق، ولا سيما إذا كان في معرض الامتنان. ويتفاضل الناس في السخاء من جهة السرعة إلى البذل، والتباطؤ فيه؛ فمن يبذل المال لذوي الحاجة لمجرد شعوره بحاجتهم، يَفْضُل مَنْ لا يبذل إلا بعد أن يسألوه. ومن يقصد بالبذل موضع الحاجة - عرفه أو لم يعرفه - يكون أسخى ممن يَخُصُّ بالنوال من يعرفهم ويعرفونه. ومن يعطي عن ارتياحٍ، وتلذُّذٍ بالعطاء يعد أسخى ممن يحسن وفي نفسه حرجٌ. ومن علامات الرسوخ في السخاء ملاقاةُ السائلين بأدب وحفاوة؛ حتى يحفظ عليهم عزتهم. وأبلغ ما يدل على أصالة الرجل، ورسوخ قدمه في فضيلة السخاء - أن يرقَّ عطفُه، حتى يبسط إحسانه إلى ذي الحاجة، وإن كان من أعدائه؛ فذلك من كِبَر النفس، وضروب العزة، والترفع عن العداوات. ومن علامات الرسوخ في السخاء أن يتألمَ المرءُ، وأن يتأسف أشد الأسف إذا سئل شيئًا وهو غيرُ واجدٍ له، قال الشافعي رحمه الله: إن اعتذاري لمن قد جاء يسألني ... ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات ومن الأسخياء من تَسْمُو به الحال، فيرى أن الفضل والمنَّة إنما هي لمن جاء يستجديه ويسأله؛ حيث أحسن الظنَّ به، وتكرَّم عليه؛ فهذا من غرائب السخاء. ينسب لابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا طارِقَاتُ الهمِّ ضَاجعت الفتى ... وأعْمل فكرَ الليلِ والليلُ عاكرُ وباكرني في حاجة لم يجدْ بها ... سواي ولا مِنْ نكبة الدهرِ ناصرُ فَرَجتُ بمالي همَّهُ من مقامه ... وزايله همٌّ طروقٌ مسامرُ وكان له فضل عليَّ بظنه ... بي الخير إني للذي ظنَّ شاكرُ وأرفع درجات السخاء أن يكون الإنسان في حاجة ملحَّة إلى ما عنده؛ فيدع حاجته، ويصرف ما عنده في وجوه الخير؛ وذلك ما يسمى بالإيثار. اللهم قنا شح أنفسنا، واجعلنا من المفلحين، وصلِّ اللهم وسلم على خاتم المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. لمتابعة السلسلة من هنــــــــــــــــــــــــــــا
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لو تقدر عليه ....... اعصيه للدكتور حازم شومان للتحميـــــــل من هنـــــــــــــــــــــا أو من هنــــــــــــــا أو من هنـــــــــــــــــا .
-
رائع مستر علي نقل موفق
-
أصلنا مبنتعلمش يامستر جميل وجزاك الله خيرا
-
شهر الصيام آثاره وأسراره (2) - الدرس السادس عشر
Mr Hamdy Ahmad replied to Mr Hamdy Ahmad's topic in رمضانيات
-
شهر الصيام آثاره وأسراره (2) في رحاب رمضان - سلسلة الدروس الرمضانية الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأكرمنا بأن كتب علينا فريضة الصيام، والصلاة والسلام على خير الأنام، نبينا محمد وعلى آله وصحبه السادة الكرام، أما بعد: فإن الإسلامَ دينُ تربيةٍ للملكات، والفضائل والكمالات، فهو يَعُد المسلم تلميذًا ملازمًا في مدرسة الحياة دائمًا فيها، دائبًا عليها، يتلقى فيها ما تقتضيه طبيعتُه من نقصٍ وكمال، وما تقضيه طبيعتُها من خيرٍ وشر. ومن ثَمَّ فهو يأخذهُ أخذَ المربي في مزيج من الرفق والعنف بامتحانات دورية متكررة، لا يخرج من امتحان إلا ليدخل في امتحان آخر، وفي هذه الامتحانات من الفوائد للمسلم ما لا يوجد عشرُه ولا مِعْشاره في الامتحانات المدرسية المعروفة. وامتحاناتُ الإسلام تتجلى في هذه الشعائر المفروضةِ على المسلم، تلك الشعائر التي شرعت للتربية، والتزكية، والتعليم، لا ليضيَّق بها على المسلم، ولا لِيُجْعل عليه في الدين من حرج، ولكنَّ الإسلامَ يريد ليطهرَه بها، وينميَ ملكاتِ الخيرِ والرحمةِ فيه، وليقويَ إرادتَه وعزيمتَه في الإقدام على الخير، والإقلاع عن الشر، ويروضَه على الفضائل الشاقة كالصبر والثبات، والحزم، والعزم، والنظام، وليحرِرَه من تعبُّد الشهوات له، ومَلكِها لعنانه. وفي كل فريضةٍ من فرائض الإسلام امتحانٌ لإيمان المسلم، وعقله، وإرادته، غيرَ أن الصيامَ أعسرُها امتحانًا؛ لأنه مقاومة عنيفة لسلطان الشهوات الجسمية، فعليه تروَّض النفوس المطمئنة، وبه تروض النفوس الجامحة، فمدتُه شهرٌ قمريٌّ متتابعٌ، وصورتُهُ الكاملةُ فطمٌ عن شهوات البطن، والفرج، واللسان، والأذن، والعين. وكلَّ ما نقص من أجزاء ذلك الفطام فهو نقصٌ في حقيقة الصيام، كما جاءت بذلك الآثار عن صاحب الشريعة، وكما تقتضيه الحكمةُ الجامعةُ من معنى الصوم. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: « الصوم جنة » . أي وقاية، ففي الصومِ وقايةٌ من المأثم، ووقايةٌ من الوقوع في عذاب الآخرة، ووقاية من العلل والأدواء الناشئة عن الإفراط في تناول الملذات. إذا المرء لم يتركْ طعامًا يُحِبُّهُ ... ولم يَنْهَ قلبًا غاويًا حيث يمما فيوشك أن تلقى له الدهرَ سُبَّةً ... إذا ذُكِرَتْ أمثالها تملأ الفما فلا يتوهم المسلمُ أن حقيقةَ الصومِ إمساكٌ عن بعض الشهوات في النهار ثم يعقبه انهماكٌ في جميع الشهوات في الليل؛ فإن الذي نشاهده من آثار هذا الصوم إجاعةُ البطنِ، وإظماءُ الكبدِ، وفتورُ الأعضاءِ وانقباضُ الأساريرِ، وبذاءة ُ اللسانِ، وسرعةُ الانفعالِ، واتخاذُ الصومِ شفيعًا فيما لا يُحَبُّ من الجهر بالسيئ من القول، وعذرًا فيما تَبْدُرُ به البوادرُ من اللّجاج والخصام، والأيمان الفاجرة. كَلا إن الصومَ لا يَكْمُل، ولا تَتِمُّ حقيقتُه، ولا تظهر حِكَمُهُ، ولا آثاره - إلا بالفطام عن جميع الشهوات الموزعةِ على الجوارح؛ فللأذن شهواتٌ في الاستماع، وللعين شهوات من مدِّ النظر وتسريحه، وللِّسان شهواتٌ في الغيبة والنميمة ولذاتٌ في الكذب، واللغو. وإن شهواتِ اللسانِ لَتربو على شهوات الجوارح كلها، وإن له لضراوةً بتلك الشهوات لا يستطيع حَبْسَهُ عنها إلا الموفقون من أهل العزائم القوية. أيها الصائمون الكرام: صومُ رمضان محكٌّ للإرادات النفسية، وقمعٌ للشهوات الجسمية، ورمزٌ للتعبد من صورته العليا، ورياضةٌ شاقةٌ على هجر اللذائذ والطيبات، وتدريبٌ منظمٌ على تحملِ المكروه من جوع وعطش، ونطقٍ بحقٍّ، وسكوتٍ عن باطل. والصومُ درسٌ مفيدٌ في سياسة المرء لنفسه، وَتَحكُّمِهُ في أهوائه، وضبطِه بالجد لنوازع الهزل، واللغو، والعبث. وهو تربيةٌ عمليةٌ لخلُقِ الرحمةِ بالعاجز المعدم؛ فلولا الصيامُ لما ذاق الأغنياء الواجدون ألمَ الجوع، ولما تصوروا ما يفعله الجوعُ بالجائعين. وفي الإدراكاتِ النفسيةِ جوانبُ لا يغني فيها السماعُ عن الوجدان؛ فلو أن جائعًا ظل وبات على الطّوى خمس ليال، ووقف خمسًا أخرى يصور للأغنياء البِطَانِ ما فعله الجوعُ بأمعائه وأعصابه، وكان حالُه أبلغَ في التعبير من مقاله-لما بلغ في التأثير فيهم ما تبلغه جوعةٌ واحدةٌ في نفس غنيٍّ مترف. ولذلك كان نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يدارسه جبريل القرآن، فلرسولُ الله أجودُ بالخير من الريح المرسلة. أيها الصائمون الكرام: رمضان نفحاتٌ إلهيةٌ تَهُبُّ على العالم الأرضي في كل عام قمريٍّ مرةً، وصفحةٌ سماويةٌ تتجلى على أهل الأرض فتجلو لهم من صفات الله عطفَه وبرَّه، ومن لطائف الإسلام حِكمتَه وسرَّه؛ فلينظرِ المسلمون أين حظهم من تلك النفحة، وأين مكانُهم من تلك الصفحة. ورمضانُ مستشفى زمانيّ يجد فيه كل مريض دواءَ دائه، حيث يستشفي فيه مرضى البخلِ بالإحسان، ومرضى البِطْنةِ بالجوع والعطش، ومرضى الخصاصةِ والجوع بالكفاية والشِّبَع. شهرُ رمضانَ عند الأَيْقاظ المُتَذَكِّرين شهرُ التجلياتِ الرحمانية على القلوب المؤمنة، ينضحها بالرحمة، ويفيض عليها بالرَّوح، ويأخذها بالمواعظ، فإذا هي كأعواد الربيع جِدَّةً ونُضْرَةً، وطراوةً وخُضْرةً. ولحكمةٍ ما كان شهرًا قمريًّا لا شمسيًّا، ليكون ربيعًا للنفوس، متنقلًا على الفصول، فيروِّض النفوس على الشدة في الاعتدال، وعلى الاعتدال في الشدة. ثم إن رمضانَ يحرك النفوسَ إلى الخير، ويسكِّنها عن الشر، فتكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وأبعد عن الشر من الطفولة البريئة.ورمضانُ يطلق النفوسَ من أسر العادات، ويحررُها من رق الشهوات، ويجتث منها فسادَ الطباع، ورعونةَ الغرائز، ويطوفُ عليها في أيامه بمحكمات الصبر، وَمُثبِّتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله، والقرب منه.ثم إن الصومَ ينمِّي في النفوس رعايةَ الأمانة، والإخلاصَ في العمل، وألا يراعى فيه غيرُ وجهِ الله -تعالى- . وهذه فضيلةٌ عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق. والصومُ من أكبر الحوافز لتحقيق التقوى، وأحسنِ الطرق الموصلة إليها؛ ولهذا السر خُتِمتْ آياتُ الصومِ بقوله -تعالى- : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } . شهرُ الصيام يربي في النفوس مكارمَ الأخلاقِ، ومحاسنَ الأعمالِ، فيبعثها إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأهل والجيران. ومن أثر الصيام على النفوس حصولُ الصحة العامة بجميع معانيها، ففيه صحةٌ بدنيةٌ حسيةٌ، وفيه صحةٌ روحيةٌ معنويةٌ، وفيه صحةٌ فكريةٌ ذهنية. فالصحة البدنية تأتي من كون الصيام يقضي على المواد المترسبة في البدن، ولا سيما أبدان أولي النَّعمة والنَّهْمة والتُّخمة وقليلي العمل والحركة؛ فقد قال الأطباء: إن الصيام يحفظ الرطوباتِ الطارئةَ، ويطهر الأمعاءَ من فساد السموم التي تحدثها البِطْنة، ويحول دون كثرةِ الشحوم التي لها خطرها على القلب، فهو كتضمير الخيل الذي يزيدها قوةً على الكر والفر. وأما الصحةُ المعنويةُ فكما تقدم من أن الصوم من أعظم ما تصح به القلوب، وتزكو به الأرواح. وأما الصحة الفكرية فتأتي من أثر الصيام الصحيح، حيث يحصل به حسنُ التفكير، وسلامةُ النظرةِ، والتدبرُ في أمر الله ونهيه وحكمته. وبذلك يصح للصائم تفكيرُه، ويستنير بنور ربه، ويستجيب لنداءاته، ويحقق طاعته، فيخرج من صيامه بنفس جديدة، وفكر نيِّر، يسلم به من وصف البهيمية، ويصعد في مراتب السعادة والسيادة درجات. أيها الصائمون الكرام: هذه بعض أسرار الصوم في النفوس؛ فجدير بالصائم أن يستحضر هذه المعاني، وأن يكون له من صيامه أوفر الحظ والنصيب، وألا يفعل بعد إفطاره، أو نهاية شهره ما يُخِلُّ بهذه القوة أو يوهِنُها، فَيهدِم في ليله ما بناه في نهاره، وفي نهاية شهره ما بناه في شهره؛ فما أسعد الصائم، وما أحزمه لو اغتنم شهر الصيام، وجعله مدرسةً يتدرب فيها على هجر مألوفاته التي اعتاد عليها. وإنْ هو عكس الأمرَ، فصار يتأفف على ما حَرَمَهُ منه الصيامُ، ويتلهف لساعة الإفطار؛ ليسارع إلى تناول مألوفاته، المضرَّةِ به، فقد ضيع الحزمَ والعزمَ، وبرهن على خوره، وضعف نفسه، وقلةِ فائدته من صيامه. هذه صورة عامة مجملة، وإشارات سريعة عابرة لبعض الحكم والآثار والأسرار التي ينطوي عليها شهر الصيام. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد . لمتابعة السلسلة من هنا
-
جزاك الله خيرا اخي الكريم وجاري التحميل
-
مذكرة اللغة الانجليزية للصف الثاني الابتدائي 2011 سلسلة سمارت إعداد مستر حمدي احمد أعزائي الطلاب والطالبات وأولياء الأمور أقدم لكم مذكرة اللغة الانجليزية للصف الثاني الابتدائي من مقرر Hand in Hand هذه مذكرة الترم الأول وسوف أقدم مذكرة الترم الثاني في موعدها إن شاء الله تعالى حمل من الرابط التالي http://www.4shared.c...pbTel/____.html انجليزي الصف الثاني الابتدائي _ اللغة الانجليزية للصف الثاني الابتدائي _ مذكرة انجليزي _ الصف الثاني الابتدائي _ انجليزي ثانية ابتدائي _ الفصل الدراسي الأول _ اللغة الانجليزية الصف الدراسي الأول _ Hand in Hand _ مذكرة اللغة الانجليزية للصف الثاني الابتدائي الفصل الدراسي الأول _ مستر حمدي أحمد _ Mr. Hamdy Ahmad
- 1 reply
-
- 1
-
جزاكي الله خيرا اختي نونا 19 على المرور العطر وجزاك كل الخير اخي عاشق الصداقة جعل مشاركتك في ميزان حسناتك