Mr Hamdy Ahmad
شباب ياللا يا شباب-
عدد المشاركات
978 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
-
Days Won
7
كل منشورات العضو Mr Hamdy Ahmad
-
موضوع رائع جزاكي الله خيرا اختي الكريمة
-
حكم حامل المصحف فى صلاة التراويح خلف الامام
Mr Hamdy Ahmad replied to الفقيرة الى الله's topic in رمضانيات
جزاكي الله خيرا اختي الكريمة على المعلومة القيمة -
رمضان فرصة الجميع للتغيير رمضانُ أقبل قم بنا يا صاح *** هذا أوان تبتل وصـــلاح واغنم ثواب صيامه وقيامه *** تسعد بخير دائم وفلاح • فرمضان فرصة للتغيير .. ليصبح العبد من المتقين الأخيار ، ومن الصالحين الأبرار . يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] فقوله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} تعليل لفرضية الصيام ؛ ببيان فائدته الكبرى ، وحكمته العظمى . وهي تقوى الله والتي سأل أميرُ المؤمنين عمرُ رضي الله عنه الصحابيَ الجليل ؛ أبيَ بن كعب رضي الله عنه عن معنى التقوى ومفهومها ؟ فقال يا أمير المؤمنين : أما سلكت طريقا ذا شوك ؟ قال : بلى .. قال : فما صنعت ؟ قال : شمرتُ واجتهدت .. أي اجتهدتُ في توقي الشوك والابتعاد عنه ، قال أبي: فذلك التقوى . إذن فالتقوى : حساسيةٌ في الضمير ، وشفافيةٌ في الشعور ، وخشيةٌ مستمرة ، وحذرٌ دائم ، وتوق لأشواكِ الطريق ؛طريقِ الحياة الذي تتجاذبُه أشواكُ الرغائبِ والشهوات ، وأشواكُ المخاوفِ والهواجس ، وأشواكُ الفتنِ والموبقات ، وأشواكُ الرجاءِ الكاذب فيمن لا يملكُ إجابةَ الرجاء ، وأشواكُ الخوف الكاذب ممن لا يملكُ نفعاً ولا ضراً ، وعشراتٌ غيرُها من الأشواك .. خـــــل الـذنوب صغــــــــــيرها وكبيرها ذاك الـتقى واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تـحـقـرن صـغيرةً إن الجبـــــــالَ من الحـــــــــــصى هذا هو مفهوم التقوى .. فإذا لم تتضح لك بعد .. فاسمع إلى علي رضي الله عنه وهو يعبر عن التقوى بقوله : هي الخوفُ من الجليل ، والعملُ بالتنزيلُ ، والقناعةُ بالقليل ، والاستعدادُ ليوم الرحيل . هذه حقيقة التقوى ، وهذا مفهومها . فأين نحن من هذه المعاني المشرقةِ المضيئة ؟ .. لقد كان المجتمعُ الإسلاميُ الأول مضربَ المثل في نزاهتهِ ، وعظمةِ أخلاقه ، وتسابقِ أفرادهِ إلى مرضاةِ ربهمِ جل جلاله ، وتقدست أسماؤه ، وكانت التقوى سمةً بارزة في محيا ذلكِ الجيلِ العظيم الذي سادَ الدنيا بشجاعتهِ وجهاده ، وسارت بأخلاقهِ وفضائلهِ الركبان مشرقاً ومغرباً ، فقد كان إمام المتقين عليه الصلاة والسلام قمةً في تقواه وورعهِ ، وشدةِ خوفهِ من ربهِ العظيمِ الجليل ، فكان يقومُ الليل يصلي ويتهجد حتى تفطرتْ قدماه الشريفتان ، وكان يُسمعُ لصدره أزيزٌ كأزيزِ المرجل من النشيجِ والبكاء ، وهو الذي غُفر له ذنبه ما تقدم وما تأخر . وأما صاحبهُ المبجل ، وخليفته العظيم أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكان يقول : يا ليتني كنت شجرةً تعضدُ ثم تؤكل !! وكان له خادمٌ يأتيه بالطعام ، وكان من عادةِ الصديق أن يسأله في كل مرة عن مصدرِ الطعام ؛ تحرزاً من الحرام !! فجاءه خادمُه مرةً بطعامه ، فنسي أن يسألَه كعادته فلما أكلَ منه لقمة قال له خادمُه : لمَ لم تسألني - يا خليفةَ رسولِ الله - كسؤالكِ في كلِ مرة ؟ قال أبو بكر : فمن أين الطعامُ يا غلام ؟ قال : دفعه إليَّ أناسٌ كنتُ أحسنتُ إليهم في الجاهلية بكهانةٍ صنعتُها لهم ، وهنا ارتعدتْ فرائصُ الصديق ، وأدخلَ يده في فمــه ، وقاء كلَّ ما في بطنهِ وقال : واللهِ لو لم تخرجْ تلك اللقمة إلا مع نفسي لأخرجتها ، كل ذلك من شدةِ خوفه وتقواه وتورعهِ عن الحرام ، وأما خوفُ عمر رضي الله عنه وشدةِ تقواه فعجبٌ من العجب ، سمع قارئاً يقرأُ قولَه تعالى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً } [الطور:13] فمرض ثلاثاً يعـودهُ الناس . بل إنه قرأ مرةً قولَه تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } [الصافات:24] فمرض شهراً يعودُه الناسُ مريضاً ، وأما عليٌ رضي الله عنه فكان يقبض لحيته في ظلمة الليل ويقول : يا دنيا غُري غيري أليَّ تزينتِ أم إليَّ تشوقتِ طلقتك ثلاثاً لا رجعةَ فيهن زادُك قليل وعمرُك قصير ، وخرج ابن مسعود مرة في جماعة فقال لهم ألكم حاجة ؟! قالوا : لا ؛ ولكن حبُ المسيرِ معك !! قال : اذهبوا فإنه ذلٌ للتابع ، وفتنةٌ للمتبوع . دعنا من الخلفاء الراشدين المكرمين ، ولنتجاوز الزمن سنين عدداً ، فهاهو هارون الرشيد الخليفةُ العباسيُ العظيم الذي أذلَّ القياصرة وكسرَ الأكاسرة والذي بلغت مملكته أقاصي البلاد شرقاً وغرباً يخرج يوما في موكبهِ وأبهته فيقول له يهودي:يا أمير المؤمنين : اتق الله !! فينـزل هارونُ من مركبه ويسجدُ على الأرض للهِ ربِ العالمين في تواضعٍ وخشوع ، ثم يأمرُ باليهودي ويقضي له حاجته ، فلما قيل له في ذلك !! قال : لما سمعت مقولتَه تذكـرتُ قولَه تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } [البقرة:206] فخشيت أن أكون ذلك الرجل ، وكم من الناس اليوم من إذا قيل له اتق الله احــمرتْ عيناه ، وانتفختْ أوداجه ، غضباً وغروراً بشأنه ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : كفى بالمرء إثماً أن يقال له: اتق الله فيقول:عليك نفسَك !! مثلكُ ينصحنُي !! إذن فيوم عُمرت قلوبُ السلفِ بالتقوى ، جمعهم اللهُ بعد فرقة ، وأعزهم بعد ذلة ، وفُتحت لهم البلاد ومُصرت لهم الأمصار كل ذلك تحقيقا لـموعودِ الله تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الأعراف:96] فليكن هذا الشهر بداية للباس التقوى ؛ ولباس التقوى خير لباس لو كانوا يعلمون {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ } [القمر:54-55]. إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى *** تجرد عريانا وإن كان كاسيا وخير خصال المـرء طـاعة ربه *** ولا خير فيمن كان لله عاصيا • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مفرطاً في صلاته ، فلا يصليها مطلقاً ، أو يؤخرها عن وقتها , أو يتخلف عن أدائها جماعة في المسجد . ليعلم المتهاون في صلاته ، أنه يرتكب خطأً قاتلاً ، وتصرفاً مهلكاً ، يتوقف عليه مصيره كله ، و إن لم يتدارك نفسه ، فهو آيل لا محالة إلى نهاية بائسة ، وليل مظلم ، وعذاب مخيف ، جاء في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا قال :" أما الذي يثلغ رأسه بالحجر فإنه يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة " رواه البخاري (1143). إن التهاون بأمر الصلاة والاستخفاف بها ، خطأ فادح بكل المقاييس ، وجناية مخزية بكل المعايير . لا ينفع معها ندم ولا اعتذار عند الوقوف بين يدي الواحد القهار ، إني أدعوك بكل شفقة وإخلاص ، أدعوك والألم يعتصر قلبي خوفاً عليك ورأفة بك ، أدعوك في مثل هذا الشهر المبارك إلى إعادة النظر في واقعك ، ومُجريات حياتك ، أدعوك إلى مراجعة نفسك ، وتأمل أوضاعك قبل فوات الأوان ، إني أنصحك ألا تخدعك المظاهر ، ولا يغرك ما أنت فيه ، من الصحة والعافية والشباب والقوة ، فما هي إلا سراب بقيعة ، يحسبه الظمآن ماءً ، أو كبرق خُلب ، سرعان ما يتلاشى ، و ينطفئ ويزول ، فالصحة سيعقبها السقم ، والشباب يلاحقه الهرم ، والقوة آيلة إلى الضعف ، ولكن أكثر الناس لا يتفكرون . أخي الكريم : إن أصحابك الذين غروك بالتهاون بشأن الصلاة ، وزينوا لك إضاعتها ، إنهم لن يذرفوا عليك سوى دموع التماسيح ، يعودون بعدها ، إلى مزاميرهم وطربهم وأنسهم ، غير مكترثين بك ، ولا بألف من أمثالك ، إنهم أنانيو الطباع ، ميتو الإحساس ، لا همّ لهم إلا أنفسهم وملذاتهم ، ولو فقدوا الآباء والأمهات ، فضلاً عن الأصحاب والخِلان ، فاستيقظ يا هذا من غفلتك ، وتنبه من نومتك ، فالحياة قصيرة وإن طالت ، والفرحة ذاهبة وإن دامت ، واجعل من رمضان فرصة للمحافظة على هذه الصلاة العظيمة ، فقد وفقك الله للصلاة مع الجماعة ، وإلف المساجد ، وعمارتها بالذكر والتسبيح ، فاستعن بالله ، واعزم من الآن أن يكون هذا الشهر المبارك بداية للمحافظة على الصلاة ، والتبكير إليها يقول الله تعالى في وصــف المؤمنين:{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ } [المعارج: 24] . ويقول سبحانه : {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ } [المعارج:34-35] . • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن ابتلاه الله تعالى بتعاطي الحرام ، من خـمر ومخدرات ، أو دخان و مسكرات ، أن لا يفعل بعد إفطاره ما يخل بهذه العزيمة القوية ، أو يوهنها ، أو يقلل من شأنها ،تلك العزيمة التي جعلته يمسك طوال ساعات النهار ، فيهدم في ليله ما بناه في نهاره من قوة الإرادة التي صبر بسببها عن محبوباته ومألوفاته . فما أحزمه لو استغل شهر الصيام كمدرسة يتدرب بها على هجر ما يكرهه هو ، أو يكرهه الشارع ، من مألوفاته التي اعتاد أكلها ، أو شربها ، أو مقاربتها . تالله ما أحزمه لو واصل هذه الحمية عن ذلك بالليل ، كما عملها في النهار . أخي الصائم : إني أشجع فيك إيمانك العظيم ، ويقينك بالله تعالى . فمن الذي جعلك تمتنع عن تعاطي هذه السموم في وقت الصيام إلا خوفك من الجبار ، ومراقبتك للواحد القهار . وإلا فمَنْ مِنَ الناس يعلم أنك صائم أو لا ؟!! ولكن شعورك بنظر الله إليك ، ومراقبته لك ، صرفك عن تعاطي الحرام في وقت الصيام إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلــوت ولكن قل عليّ رقيب وإني أتساءل بصدق . . الإرادة التي استطاعت أن تصوم لأكثر من اثنتي عشرة ساعة ، أتعجز عن مواصلة مسيرتها الإصلاحية ؟!! والعزيمة التي صمدت عن تعاطي هذا البلاء ، لهذه الفترة الطويلة أثناء النهار . . أتنهار في آخر لحظات الإسفار ، وإرخاء الليل الستار ؟!! أين الهمة التي لا تقف أمامها الجبال الشامخات ؟ وأين العزيمة التي لا تصدها العاتيات !! استعن بالله تعالى على ترك هذا البلاء ، فالنصر صبر ساعة ، والفرج قريب ، وإن الله مع الصابرين . • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مقصرًا في نوافل العبادات ؛ فلم يجعل له منها نصيباً ، ولم يأخذ لنفسه قسماً مفروضاً ، فيغير من حاله ، ويبدل من شأنه ، ففي رمضان تتهيأ النفوس ، وتقبل القلوب ، وتخشع الأفئدة ، فينتهز هذه الفرصة ، فيحافظ على شيء منها ، فهي مكملة لفرائضه ، متممة لها ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة المكتوبة فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك " رواه ابن ماجه (1425) . وأقل الوتر ركعة ، وأقل الضحى ركعتان ، وعدد السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة ، ركعتان قبل الفجر ، وأربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة " رواه مسلم ، ويقول صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم . ولماذا لا تجعل من رمضان فرصة ، لأن يكون لك أيام تصومها لله رب العالمين فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً ، فهذه ستة من شوال ، ويوم عاشوراء ، وعرفة ، وصوم الإثنين والخميس ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر . فلا تحرم نفسك الدخول من باب الريان ، عندما ينعم عليهم المنان بدخول الجنان . . فبادر شبابك قبل هرمك . . وصحتك قبل سقمك . . وحياتك قبل موتك . . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " رواه البخاري . • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن هجر القرآن قراءة وتدبراً ، وحفظاً وعملاً حتى أصبح القرآن نسياً منسياً ، أن يكون هذا الشهر بداية للتغيير ، فترتب لنفسك جزءاً من القرآن ، لا تنفك عنه بأي حال من الأحوال ، ولو كان هذا الجزء يسيراً ، فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ، وقليل دائم ،خير من كثير منقطع ، ولا تنس الفضل الجزيل لمن قرأ كلام الله الجليل يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " رواه الترمذي (2910) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه . والقرآن يشفع لك يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي ربي إني منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيشفعان " رواه أحمد . قال الألباني ـ رحمه الله ـ : ( أي يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة ) . ولقد أدرك سلفنا الصالح عظمة هذا القرآن ؛ فعاشوا معه ليلاً ونهاراً . . قال وهيب بن الورد : قيل لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القـرآن أطرن نومي ، وقال أحمد بن الحواري : إني لأقرأ القرآن ، وانظر في آية ، فيحير عقلي بها ، وأعجب من حفاظ القرآن ، كيف يهنئهم النوم ، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله ، أما إنهم لو فهموا ما يتلون ، وعرفوا حقه ، وتلذذوا به ، واستحلوا المناجاة به ، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا . ومن المفارقة العجيبة ، أن يدرك أعداؤنا من عظمة هذا القرآن ، ما لا ندركه ، وأن يعملوا جاهدين على طمس معالمه ، ومحو آثاره في العباد والبلاد ، لخوفهم الشديد من عودة الأمة إلى هذا القرآن الذي يؤثر في النفوس ، ويحييها ، ويبعث فيها العزة والكرامة . يقول غلادستون : مادام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين ، فلن تستطيع أوربة السيطرة على الشرق ، ولا أن تكون هي نفسها في أمان ، وكان نشيد جيوش الاستعمار ،كان نشيدهم :أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة ، لأحارب الديانة الإسلامية ، ولأمحو القرآن بكل قوتي .(1) فما موقفك أنت يا رعاك الله ؟ أدع الإجابة لك ، وأسأل الله أن يوفقك للخير وفعله . • ورمضان فرصة للتغيير .. للمرأة المسلمة التي أصبح حجابها مهلهلاً ، وعباءتها مطرزة ، وثيابها فاتنة ، وعطرها يفوح و في كل يوم إلى الأسواق تروح . . قال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية " رواه أحمد . ويزداد الأمر سوءاً ، إذا كان الخروج بلا محرم . . فتركب مع السائق وحدها وما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطـان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . فليـكن - يا أخية - رمضان فرصة لأن تتربى نفسك على البقاء ، في المنـزل وعدم الخروج منه إلا لحاجة ماسة ، وبضوابط الخروج الشرعية ، وليكن رمضان فرصة لضبط النفس في قضايا اللباس ، والموضة والاعتدال فيهما ، بدون إفراط ولا تفريط ، وليكن رمضان فرصة للحفاظ على الحجاب الشرعي ؛ طاعة لله ، وإغاظة للشيطان وحزبه . • ورمضان فرصة للتغيير .. للرجل والفتاة اللذين عبثا بالهاتف طويلاً ، وتهاتفا بعبرات الحب والغرام ، والعشق والهيام ، والذي كله كذب وهراء ، ودجل وافتراء ، وتلاعب بالمشاعر والعواطف ، وقد تكون البداية قضاء وقت فراغ ، ثم يستدرجهما الشيطان للوقوع في الفاحشة البغيضة . . فتقع المصيبة وتحل الطامة العظيمة . . وينكسر الزجاج فأنى له أن يعود مرة أخرى !! تقول إحدى المعاكسات : كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية . تطورت إلى قصة حب وهمية ، أوهمني أنه يحبني ، وسيتقدم لخطبتي ، طلب رؤيتي ، رفضت . هددني بالهجر !! بقطع العلاقة !! ضعفت . . أرسلت له صورتي مع رسالة معطرة !! توالت الرسائل ، طلب مني أن أخرج معه . . رفضت بشدة . . هددني بالصور ، بالرسائل المعطرة ، بصوتي في الهاتف ـ وقد كان يسجل ـ خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن . . لقد عدت ولكن عدت وأنا أحمل العار ، قلت له الزواج .. الفضيحة ،قال لي بكل احتقار وسخرية : إني لا أتزوج فاجرة !! فاتق الله أيها الشاب ، واتقي الله أيتها الفتاة ، وليكن رمضان فرصة لتغيير المسار والابتعاد عن الأخطار ، وهتك الأعراض فالزنا دين كما قال الشاعر : يا هاتكاً حرم الرجال وتابعاً *** طـــرق الفساد فأنت غير مكــرم من يزن في قـوم بألفـي درهم *** في أهـــــــله يزنــي بربــــع الدرهـــــم إن الزنى دين إذا استقرضته *** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن تعود على حياة المترفين ، ونشأ على حب الدعة واللين ، أن يأخذ من رمضان درسا في تربية النفس على المجاهدة والخشونة في أمر الحياة ، فربما تسلب النعمة ، و تحل النقمة . فالدنيا غدارة غرارة مناحة مناعة ، وإقبال الدنيا كإلمامة ضيف ، أو غمامة صيف ، أو زيارة طيف ،عن أبي عثمان النهـدي قال : أتانا كتاب عمر بن الخطاب : ( اخشوشنوا واخشوشبوا واخلولقوا وتمعددوا ـ التمعدد ـ أي العيش الخشن الذي تعرفه العرب ـ كأنكم معد وإياكم والتنعم وزي العجم.) ، و عن عروة بن رويم قال : قال صلى الله عليه وسلم :" شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به همتهم ألوان الطعام وألوان الثياب يتشدقون في الكلام" . • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان يتابع الأكلات ، ويتتبع المطاعم ، فيوم هنا ، ويوم هناك ، حتى أصبح بطنه هو شغله الشاغل . ولو سألته عن أي مطعم في الشرق أو الغرب لأعطاك وصفة موجزة . ومفصلة بما تحتوي عليه تلك المطاعم وحسنها من قبيحها ، وجيدها من رديئها ، وما هكذا تورد الإبل يا سعد !! ولم نخلق من أجل أن نسعد بطوننا . . والطعام وسيلة لا غاية فافهم هذا حتى تبلغ الغاية ... كيف تصفو روح مَـرْءٍ *** نفسه للـطـعـم ولهى لقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى التقلل من الأكل كما في حديث المقدام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لابد محالة ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلثه لنفسه " رواه الترمذي وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من خبر برّ ثلاث ليال تباعا حتى قبــــــض . وصــــــــح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن " رواه البخاري ومسلم . ويقول عمر رضي الله عنه : إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، فإنه أصلح للجسد ، وأبعد عن السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه " قال الحارث بن كلدة الطبيب المشهور : الحمية رأس الدواء ، والبطنة رأس الداء . وقال غيره لو قيل لأهل القبور: ما كان سبب آجالكم ؟ لقالوا : التخم !! وقلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم ، وانكسار النفس ، وضعف الهوى والغضب . وكثرة الطعام يوجب ضد ذلك . عن عمرو بن قيس قال : إياكم والبطنة فإنها تقسي القلب . وعن سلمة بن سعيد قال : إن كان الرجل ليعير بالبطنة كما يعير بالذنب يعمله . وعن مالك بن دينار قال : ما ينبغي للمؤمن أن يكون بطنه أكبر همه ، وأن تكون شهوته هي الغالبة عليه . وقال سفيان الثوري : إن أردت أن يصح جسمك ، ويقل نومك ، فأقل من الأكل . فليكن هذا الشهر المبارك بداية للتقلل من الطعام والاستمرار على ذلك على الدوام . • ورمضان فرصة للتغيير .. من أخلاقنا . فمن جبل على الأنانية والشح وفقدان روح الشعور بالجسد الواحد ، فشهر الصوم مدرسة عملية ، له وهو أوقع في نفس الإنسان من نصح الناصح ، وخطبة الخطيب ، لأنه تذكير يسمعه ويتلقنه من صوت بطنه إذا جاع ، وأمعائه إذا خلت ، وكبده إذا احترت من العطش ، يحصل له من ذلك تذكير عملي بـجوع الجائعين ، وبؤس البائسين ، وحاجة المحتاجين ، فتسمح نفسه بأداء حق الله إليهم ، وقد يجود عليهم بزيادة ، فشهر الصيام شهر الجود والمواساة . . الصوم يمنحنا مشاعر رحمة *** وتعاون وتعفف وسماح فرمضان مدرسة للقضاء على صفة الأنانية والشح ، ومن ثم الشعور بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " رواه مسلم (2586) . • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان قليل الصبر ، سريع الغضب ، أن يتعلم منه الصبر والأناة . فأنت الآن تصبر على الجوع والعطش والتعب والنصب ساعات طويلة ، ألا يمكنك - أيضاً - أن تعود نفسك من خلال شهر الصبر . . الصبر على الناس وتصرفاتهم وأخلاقهم ، وما يفعلونه تجاهك من أخطاء ، وليكن شعـــارك الدائم .{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران:134] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضـَبِ " يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه ، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء " رواه الترمذي . . . فليكن هذا الشهر بداية لأن يكون الصبر شعارنا ، والحلم والأناة دثارنا. • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن ابتلاه الله تعالى بقلب قاسٍ كالصـخر الراسي ، لا تدمع له عين أن ينتهز فرصة هذا الشهر الذي تكون للنفوس فيه صولة . . وللقلوب فيه جولة . . فيحرص على ترقيق قلبه ، بصرفه عن الذنوب التي هي جالبة الخطوب ، و حاجبة القلوب عن علام الغيوب . قال عليه الصلاة والسلام : " تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ " رواه مسلم . وما أحسن قول القائل : رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانهـا وترك الذنوب حياة القلوب *** وخـير لنفسك عصيانهـا ومن أراد السعادة فليلزم عتبة العبادة ، وليجتنب الإساءة ..يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل ) و يقول الحسن البصري رحمه الله : ( إذا لم تقدر على قيام الليل ، ولا صيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، قد كبلتك الخطايا والذنوب ) وليكن لك ما بين فينة وفينة زيارة للمقابر ، وتتأمل في أحوال أصحابها ..فإن القوم فيها صرعى ، والدود في عيونهم يرعى ،عن الحديث سكتوا ، وعن السلام صمتوا ، الظالم بجانب المظلوم ، والمنتصر بجانب المهزوم ، ذهب الحسن والجمال ، والجاه والمال ، وبقيت الأعمال ..أموات يتجاورون ، ولا يتزاورون . سكتــــــــــوا وفي أعماقـهم أخــبارُ وجافاهــــــم الأصحـــــاب والزوار وتغيرت تلك الوجوه وأصبحت بعد الجمال على الجفون غبار ماذا أعددت لهذا الموقف ؟ يقول الله تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:99]. • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان يأكل الحرام من خلال أكل الربا أو التلاعب في البيع والشراء أو بيع المحرمات من دخان ومجلات فاسدة ، ومعسل وجراك ، أو بيع العباءات والنقابات المحرمة ، أو الملابس الفاضحة من بناطيل نسائية أو أشرطة غنائية أو أشرطة فيديو أو الأطباق السوداء ، أن يغير من حاله ، وأن يبدل من شأنه ، وأن يدع أكل الحرام . فإن الله تعالى يحاسب على النقير والقطـمير .فحـذار يرحمك الله أن تزل قـدم بعد ثبوتها !! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت ، النار أولى به "رواه ابن حبان وصححه. وهل يسرك أن أهل الإيمان يرفعون أيديهم في صلاة التراويح والقيام يدعون الله تعالى ، ويستغيثون به ، ويسألونه من فضله ورحمته وجوده وبره ويستجاب لهم ..وأنت ترد عليك دعوتك ؟!! عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رســــول الله صلى الله عليه وسلم :" أيها الناس : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [المؤمنون:51] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب ، يا رب ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك " رواه مسلم . وتذكر أنه لن ينفعك أن الناس فعلوا ، أو أنهم يريدون ذلك ، فكل واحد منا سيقف بين يدي الواحد القهار ، ويسأله عن أعماله وأقواله الصغار ، والكبار ..فمن سيقف معك في ذلك الموقف العصيب ؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤا فلا تظلموا " رواه الترمذي (2007) و قال :هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وكن يا رعاك الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر فإن الدال على الخير كفاعله يقول الله تعالى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]. • ورمضان فرصة للتغيير .. للكُتاب الذين تأثروا بعدوهم .. إننا نقول لهم : إن رمضان فرصة لهم للتغيير ، فالكلمة أمانة ، إنها مسؤولية ، نعم لمسؤولية الكلمة ، لا لحرية الكلمة المتجردة من تعاليم ديننا . وخليق بأدبائنا وشعرائنا أن يتفق أدبهم مع أدب دينهم ، وحري بالصحافة المسلمة أن تربأ بما ينشر على صفحاتها عما يتنافى مع عقيدتنا الإسلامية وتراثنا . قال تعالى:{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء:36]. ثم أيها الكاتب الموفق : ألم تقرأ ما سطره يهود في بروتوكولاتهم : ( الأدب والصحافة هما أعظم قوتين تعليميتين خطرتين ، ولهذا السبب ستشتري حكومتنا العدد الأكبر من الدوريات ..) وهل تتصور أن شراءهم لها من أجل الإصلاح ؟ أم من أجل إقامة العدل ؟ أم من أجل الدفاع عن حقوق المضطهدين ؟ كلا ؛ بل من أجل الإفساد ، ونشر الرذيلة بين الأمم كلها وخاصة أهل الإسلام لأنهم ألد الخصام لهم ، فهل ترضى لنفسك أن تكون عوناً لهؤلاء على أمتك ؟ هل ترضى أن تكون أداة إفساد في الأمة ـ من حيث تشعر أولا تشعر ـ هل ترضى أن تنشر في الأمة ما يؤثر على دينها وسلوكها ؟ قل لي بربك كيف تستسيغ أن تكتب بقلمك السيال ما يغضب ربك ؟ كيف تتجرأ أن تكتب بقلمك الرفيع ما يدعو إلى نشر الفاحشة في الذين آمنوا ؟ أو أن تضللهم أو تزيف الحقائق عليهم ؟ لقد وهبك الله تلك الموهبة ، وأسبغ عليك هذه النعمة فحري بك أن تستعملها في طاعة مولاك ، حري بك يا من آمنت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً أن تسخر قلمك للصدع بكلمة الحق ، والمجاهرة بالفضيلة ، والدعوة إلى العفة والكرامة ، حري بك أن تكون منافحاً عما يُراد بأمتك ، حري بك أن تكون مكافحاً عما يخطط لأمتك . وأخيرا أودعك وكلي رجاء أن تجد هذه الكلمات صداها في قلبك، وأن تلامس هذه النداءات شغاف نفسك، وأن نلتقي سويا على خدمة هذا الدين حتى نلقى الله سبحانه ونحن على ذلك ..وليكن شهر رمضان شهراً لمراجعة النفس والمنهج والفكر فمردة الشياطين تصفد ، وادع الله تعالى من قلب خاشع أن يريك الحق حقاً ، ويرزقك اتباعه ، والباطل باطلاً ، ويرزقك اجتنابه .وإن كنت تعلم الحق ولكن حب المال ، والجاه والشهرة ، والمنصب غلب عليك فإني أقول لك ستعرف غداً عاقبة أمرك . وشؤم فعلك على نفسك !! • ورمضان فرصة للتغيير .. للدعاة الذين فترة همتهم ، وضعفت غيرتهم ، ..وتوانت عزائمهم ، فيشدوا من حالهم ، ويستيقظوا من رقدتهم ، ويتنبهوا من غفلتهم ، وينتهزوا فرصتهم ، بدعوة الناس إلى ربهم ، والذهاب إلى أماكن تواجدهم وتجمعهم . لتذكيرهم بالله تعالى ، وتخويفهم من ناره وجحيمه ، وترغيبهم بجنته ونعيمه ، والتفكير الجاد لمعرفة الأساليب المناسبة للإصلاح ، وليتذكر الدعاة إلى الله فضل الدعوة إلى الله ، والسهر من أجلها ، والتفاني لها ، وجزاء من تاب على أيديهم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " رواه البخاري . ليكن رمضان محطة روحية تبعث فينا روح الجدية ..فيعد الداعية عدته ، ويأخذ أهبته ، ويملك عليه الفكر فيما هو فيه نواصي نفسه وجوانب قلبه ..فيكون دائم التفكير ، عظيم الاهتمام ، على قدم الاستعـداد أبدا ، إن دعي أجـــاب ، أو نودي لبى ، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له !! • ورمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مذنباً ومسرفاً على نفسه بالخطايا والموبقات فإذا به يسمع الأغنيات بأصوات المغنين والمغنيات ، ويشاهد القنوات بصورها الفاضحات ، ويعاكس الفتيات ، ويسهر على الموبقات ، ويعاقر المنكرات ، أن يسارع إلى الإنابة ، ويبادر إلى الاستقامة ،قبل زوال النعم ،وحلـول النقم ، فهنالك لا تقـال العثرات ، ولا تستدرك الزلات .. {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31] ويكفي التائبين فخراً وعزاً ورفعة وشرفاً أن الله تعالى قال : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة:222] أليس من سعادة التائبين ..أن الله تعالى يفرح بأوبة الراجعين ..وإقبال المذنبين ..يقول صلى الله عليه وسلم : " لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال :أرجع إلى مكاني ، فرجع فنام نومة ، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده " رواه البخاري (6308) ، وفي مسلم : " فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ". فالتوبة ..التوبة ..فهي شعار المتقين ..ودأب الصالحين ..وحلية الصالحين ..أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة " رواه مسلم . فبادر يا رعاك الله إليها في مثل هذا الشهر المبارك ،فأبواب الجنة مشرعة ، وأبواب النار مغلقة ، ولله في كل ليلة عتقاء من النار ، فاجتهد أن تكون واحدا منهم ، جعلني الله وإياك ووالدينا ممن فاز بالرضا والرضوان والفوز بالجنان والنجاة من النيران . وفي الختام .. آن لثياب العصيان ، أن تخلع في رمضان ، ليُلْبس الله العبد ثياب الرضوان ، وليجود عليه بتوبة تمحو ما كان من الذنب والبهتان ، وقد حان الأوان لفراق الخِلان ، وختم البيان بالصلاة والسلام على سيد ولد عدنان ، وعلى آله وأصحابه الشجعان ، وعلى من سار على نهجهم واقتفى أثرهم على مر الزمان ، قاله وكتبه محمد بن عبدالله الهبدان ، في شهر شعبان ، لعام واحد وعشرين وأربعمائة بعد الألف من هجرة المصطفى خليل الرحمن .
-
أبو ذر الغفاري - زعيم المعارضة وعدو الثروات أقبل على مكة نشوان مغتبطا.. صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم، بيد أن الغاية التي يسعى اليها، أنسته جراحه، وأفاضت على روحه الحبور والبشور. ودخلها متنكرا، كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه، أو طال به السفر والارتحال فأوى اليها يستريح ويتزوّد. فلو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم، ويستمع اليه لفتكوا به. وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به، ولكن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه، وبعد أن يؤمن به، ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته.. ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر، حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه. في صبيحة يوم ذهب الى هناك، فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالاسا وحده، فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب.. فأجاب السول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه. قال أبو ذر:أنشدني مما تقول.. فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك، ولكنه قرآن كريم. قال أ[و ذر: اقرأ عليّ.. فقرأ عليه الرسول، وأ[و ذر يصغي.. ولم يمضي من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر: "أشهد أن لا اله الا الله. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"! وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟ فأجابه أبو ذر: من غفار.. وتألقت ابتسامة على فم السول صلى الله عليه وسلم، واكتسى وجهه الدهشة والعجب.. وضحك أبو ذر كذلك، فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار..!! فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأو في قطع الطريق..!! وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. انهم حلفاء الليل والظلام، والويل لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار. أفيجيء منهم اليوم، والاسلام لا يزال دينا غصّا مستخفيا، واحد ليسلم..؟! يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه: ".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا، لما كان من غفار، ثم قال: ان الله يهدي من يشاء. ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى، وأراد بهم الخير. وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى، وأراد بهم الخير. وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين كلنوا يتألهون في الجاهلية، أي يتمرّدون على عبادة الأصنام، ويذهبون الى الايمان باله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصناك وعبّادها، ويدعو الى عبادة الله الواحد القهار، حتى حث اليه الخطى، وشدّ الرحال. ** أسلم أبو ذر من فوره.. وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس.. اذن، هو قد أسلم في الأيام الأولى، بل الساعات الأولى للاسلام، وكان اسلامه مبكرا.. وحين أسلم كلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها الى نفسه، والى الخمسة الذين آمنوا معه، ولم يكن أمام أبي ذر الا أن يحمل ايمانه بين جنبيه، ويتسلل به مغادرا مكة، وعائدا الى قومه... ولكن أبا ذر، جندب بن جنادة، يحمل طبيعة فوارة جيّاشة. لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة، ميلاد عابديها أقدم من ميلادها، تنحني أمامها الجباه والعقول، ويناديها الناس: لبيك.. لبيك..!! وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل. لقد توجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال: يا رسول الله، بم تأمرني..؟ فأجابه الرسول: ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري.. فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد..!! ألم أقل لكم..؟؟ تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة، أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به، وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه.. أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع الى أهله صامتا.؟ هذا أمر فوق طاقته.. هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته: [أشهد أن لا اله الا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله]... كانت هذه الصيحة أول صيحة بالاسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى.. ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه.. وترامى النبأ الى العباس عم النبي، فجاء يسعى، وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم الا بالحيلة لذكية، قال له: "يا معشر قريش، أنتم تجار، وطريقكم على غفار،، وهذا رجل من رجالها، ان يحرّض قومه عليكم، يقطعوا على قوافلكم الطريق".. فثابوا الى رشدهم وتركوه. ولكن أبا ذر، وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله، لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد...!! وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم، يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف، واثلة) ودعوانهما، حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا.. فتصرخ المرأتان، ويهرول الرجال كالجراد، ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه.. وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله". ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه.. ** ويعود أبو ذر الى عشيرته وقومه، فيحدثههم عن النبي الذي ظهر يدعو الى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق، ويدخل قومه في الاسلام، واحدا اثر واحد.. ولا يمتفي بقبيلته غفار، بل ينتقل الى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..!! وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ويستقر بها والمسلمون معه. وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان، أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة، لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك.. اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه.. لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم، جاء بهما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا. شيوخا وشبابا، وأطفالا..!! وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة.. فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه، وقال معبّرا عن دهشته: "ان الله يهدي من يشاء"..!! أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة..وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر، وتجيء معها قبيلة أسلم.. ان عمالقة السطور وحلفاء الشيطان، قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق. أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟ لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا.. ونظر الى قبيلة غفار وقال: "غفار غفر الله لها". ثم الى قبيلة أسلم فقال: "وأسلم سالمها الله".. وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة، العزيز المنال.. ألا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟ أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا، وتحيته مباركة.. ولسوف يحمل صدره، ويحمل تاريخه، أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة.. ولسوف تفنى القرون والأجيال، والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر: " ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"..!! ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته اباهرة على مواجهة الباطل.. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلّوه..
-
بسم الله الرحمن الرحيم أفضل أوقات سماع الأغاني و الموسيقى الأوقات التي يفضلونها في سماع الأغاني و الموسيقى كثيرة , و لكل وقت خصوصيته و أغانيه ,,,, فالبعض يفض سماع الموسيقى وهو يتناول وجبات الطعام , لا وبل يختارون موسيقى هادئة و غير مزعجة تتناسب و الجو الذي يعيشه !!! و البعض الآخر يفضلها أغاني و موسيقى صاخبة !! و هو و ربعه في سهره في أواخر الليل, فتجده فاتح أبواب السيارة على مصراعيها و الأغنية (( تلجلج )) على أقوى شي !!! ماذا نقول ,, الدعوة مزااااج. و بعضهم يفضلها وهو يتمشى بالسيارة , فتجده يسمع الشريط تلو الأخر و على الطريق يشتري له شريطين او ثلاثة ,,, لزوم بكرة و بعده و بعده ,,, و حفلات الزفاف ,,, فالموسيقى الصاخبة التي تصاحب الزفة !! شيء مش معقول ... فتجد الحضور شاخصة أبصارهم للعريس و العروسة و الموسيقى الصاخبة تهز القاعة هز ..... و بعض الناس رايق جدا ,,, يعني قبل النوم وهو على الفراش يشغل له موسيقى هادئة جدا و يعيش معها لحظات حتى يتسلل النوم بهدوء إليه ,, و المسجل شغّال !! و لكن ,,,,, لنقف مع كل وقت وقفة ... الذي يفضلها وهو يتناول الطعام و أمامه خيرات من بها الله عليه , الا يعلم ان هذا نوع من الكفر بالنعمة , و ان هناك اناس كثيرون يتمنون ربع ما يأكل و يشرب, الا يعلم انها نعمة من الله اذا لم يشكر الله عليها قد تزول عنه بين ليلة و ضحاها .. فليتأمل قوله تعالى : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112) و من يفضل الأغاني في أواخر الليل فليعلم ان رب العزة و الجلال قد نزل إلى السماء الدنيا , وان وقت السحر من أفضل أوقات الاستغفار و إجابة الدعاء قال تعالى : ( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذريات:18) , فكيف يستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير ...؟؟؟ و من يفضلها وهو يتمشى و يقضى الساعة تلو الأخرى بالسيارة ,,, كم من الوقت ضاع ,, الا يستفيد من وقته و ماله بشريط مفيد او بسماع إذاعة مفيدة و يخلص ذلك لله فينال الفائدة بالدنيا و الأجر و الثواب بالآخرة .. فليعلم ان سيسأل عن وقته و ماله يوم القيامة .. و من يفضلها ليلة زفافه ,, أقول له قد تكون هذه الليلة الوحيدة بعمرك فابذل السبل لتكون مباركة عليك و على ذريتك و حياتك الزوجية ,,, الا تخاف من فشل زواجك بسبب الأغاني ؟!! الا تعلم ان عليك وزر كل من سمعها تلك الليلة ,,؟!! و نأتي لمن يفضلها قبل نومه ,, أقول ان النوم موتة صغرى فقد يقبض الله روحك فيه ,, فاجعل آخر كلامك ذكرا لله و اجعل آخر سماعك آيات من القران فقد يكون فراشك الذي تسمع فيه الاغاني فراش موتك ,,, فتب اى الله و التزم باذكار النوم . و اخيرا ,,, فلنجعل اوقاتنا عامرة بذكر الله و من ابتلي بسماع الأغاني فليجاهد نفسه بتركها و ليستعين بالله ثم بتلاوة القران و ذكر الله ... تحياتي ,,,,, أغاني _ الأغاني الحديثة _ أغاني جديدة _ موسيقى رائعة _ أغاني 2010 _ أغاني جديدة 2011 _ سماع أغاني مباشرة _ حفلات الزفاف _ أغاني أفراح _ موسيقى أفراح
-
بسم الله الرحمن الرحيم أقصد البحر وخل القنوات بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرَّف بحكمته وقدر، وابتعث محمدًا إلى كافة أهل البدو والحضر، فأحلَّ وحرَّم، وأباح وحظر. لا يغيب عن بصره وسمعه دبيب النمل في الليل إذا سرى، يعلم السرَّ وأَخفى، ويسمع أنين المضطَّر ويرى، لا يَعزُب عن علمه مثقال ذرةٍ في الأَرض ولا في السَّماء، اصطفى آدم ثم تاب عليه وهدى، وابتعث نوحًا فبنى الفلك وسرى، ونَجَّى الخليل من النار فصار حرُّها سرى، ثمَّ ابتلاه بذبحِ ولده فأدهش بصبره الورى، أَحْمده ما قُطِع نهار بسير وليل بسُرى. أحمده حمدًا يدوم ما هبَّت جنوب وصَبَا. وأصلِّي وأُسلِّم على رسول الله محمد، أشرف الخلق عَجمًا وعَربًا، المبعوث في أم القُرى، صلوات الله عليه وسلامه ما تحركت الأَلْسن والشِّفا، وعلى [أبي بكرٍ] الذي أنفق المال وبذل النفس وصاحبه في الدار والغار بلا مِرَا (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) وعلى [عمر] الذي من هيبته ولَّى الشَّيطان وهرب، من أغَصَّ [كسري] [وقيصر] بالرِّيق وما وَنَى، وعلى [عثمان] مجهز جيش العُسْرة زوجُ ابنتيه ما كان حديثًا يفتري، حيَّته الشهادة فقال: مرحبا، وعلى [عليٍّ] أَسد الشرى، ما فُلَّ سيف شجاعته قط ولا نبا، وعلى جميع الأَهل والآل والأصحاب والأتباع ما تعاقب صبح ومساء. صلَّى الإلهُ ومنْ يَحُف بِعْرشه *** والطَّيبُون على المُبَارك أحمَدا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أحبتي في الله: إنَّ الإسلام عقيدة استعلاء، تبعث في روح المسلم إحساس العزة من غير كِبْر، ورُوح الثِّقة في غير اغترار، وشعور الاطمئنان في غير تَوَاكل، عقيدة تبعث فيه روح الاستهانة بالمظاهر الجوفاء، والاهتمام بالحقائق الناصعة البيضاء، عقيدة تبعث فيه روح الاستهانة بالمظاهر الجوفاء، والاهتمام بالحقائق الناصعة البيضاء، عقيدةٌ تعلمه كيف يتغلب على شهوات النفس، ومألوفات الحياة في سبيل الله، تُعلمه نِسيان حظوظ النَّفس في سبيل إعلاء دين الله، تُعلمه كيف يستقبل الشدائد في سبيل الله بثغرٍ باسمٍ، ونفسٍ هانِئة مطمئنة، عقيدة تُشعر المؤمن بالتَبِعة المُلقاة على كاهله، تبعة الدعوة للبشرية الضَّالة، لانتشالها من الضَّلالة إلى الهداية، وإخراجها من الظُّلمات إلى النور (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) فسبحان من قدَّمنا على الناس، وسقانا من القرآن أروى كاس، وجعل نبينا أفضل نبي رعى وساس، وأنعم علينا بعلو الهمة وقال لنا: (كُنْتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) مَنْ تأمل وتدبر ونظر وجد الأمة قد مرت بها فترات خَيْرِيه، كانت فيها هادية الناس إلى باريها، قائدة رائدة. كتيبةٌ زيَّنها مَولاها *** لا كَهْلها هُدَّ ولا فَتَاها وفي العُصور المُتأَخرة: تمرُّ بالأمة فترة عصيبة كادت تفقد فيها هويتها؛ لتصبح تابعةً مسخًا إمَّعة، فإذا المسلم يُجِيل نظره في رُقعة العالم الفسيح، فيرتَّد بصره خاسئًا وهو حَسِير، يوم يرى جموعًا تسير في دروب متشابكة متعرجة في ليل بهيم، تَسِير وتَسِير، ويُضْنيها المسير، ثم لا تصل إلى البحر الذي تريد، تُحدِّد أهدافًا، وتقصد غاياتٍ، ولمَّا تظن أنْها قاربت أهدافها، تُفاجأ بأن الأهداف سراب خادع، ويُطمئنك أنه في وسط تلك الدروب ترى طريقا واحدا مستقيما لا ينحرف يمينا ولا شمالا، تهب عليه الأَعاصير، تكاد معالمه تَنْدثر، فإذا بأقوام يقومون بكشف الرِّمال عنه من جديد، يُوضحون معالمه، ويجددون رسومه، يقلون على هذا الطريق ويكثرون، لكنه لا يكاد يخلو من سائر يُقيضه الله بمَنِّه وكرمه؛ ليرد على الأمة في ذاك الطريق إيمانها بدينها، ويصحح مسارها، ويُعِيد لها ثِقَتها بطريقها، لتفهم رسالتها. من مُصْلحين وأَئِمة يتعاقبون فيها إلى يومنا هذا؛ [كابن عبد الوهاب] -رحمة الله- وغيره ممن يريدون العزيز الوهاب، يُثْبتون أن الأمة كالمطر لا يُدرى أوله خير أم أخره، ولذا صَوَّت حادي المصلحين في ظلام الليل البهيم على ذاك الطريق . إنَّ هذا العصرَ ليلٌ فأَنِر *** أيُّها المسلمُ ليلَ الحائرين وسَفِين الحقِ في لُجِّ الهَوى *** لا يُرى غيرُك ربَّان السَّفِين وتجاوبت بالصَّدى الأرجاء، وأقبل الناس على دين الله من كل حَدْب وصَوب على ذاك الطريق، والحمد لله -رب الأرض والسماء- فما من أرض إلا وقد وصلتها الصحوة المباركة، رغم الكبت والتضليل والحصار، فالهُتاف يملأ الأنحاء، ويشق عنان السَّماء، أنَّا لا نريد غير الإسلام عقيدةً وشريعةً ومنهجًا، وهاتف الكل: أن الله غايتنا، فنحن لا نبتغي جاهًا وسلطانًا، وإنما نبتغي للنَّاس قاطبةً خيرٌ ومنفعةٌ دومًا وإحسانًا، هُتاف يستحث كل مسلم غيور، أو مُتَبلدٍ يُذَكِّره بأن مسئوليته ضخمةٌ، وأنه يملك بصيرةً تجعله جديرًا أن يكون له نصيب من التوجيه والتربية والحُداء للركب السائر على ذاك الطريق. هُتافٌ يصرخ: الزَّمن يُسرع، ولا انتظار لبطيءٍ أو متثاقلٍ أو قاعدٍ، ومَنْ يَنْفر مع بزوغ الفجر فسيسبق من توقظه الشمس؛ لأن الطريق سيزدحم. وبدأت الصحوة تُؤتي ثِمَارها والحمد لله –رب العالمين- لكنه نظرًا للفتور والتقاعس والتباطؤ في التوجيه والتربية، والقيام بالمسؤولية وغيرها من العوامل تجاه هذه الجموع، ظهر في الأُفُقِ سَحَاب تخاذلٍ وضَعف، أو غُلُوٍ وتنطع على نفس الطريق، وبعبارةٍ أدق: ظهر تعلق بالأطراف والشواطئ والقنوات، وهُجِرت لُجة البحر والعمق والخِضَم، فإذا أنت ترى من تعلق بطرف أعلى يكاد يسقط فتُدق عنقه، وما هو أعز من عنقه، جاوز الحد هلك ثم هلك. وآخَرُ في الطرف الأدنى يحتضر لا يكاد يعرف هويته، يحمل اسم الإسلام ويجهل كُنْهه، قد ربط الوهم أقدامه المسرعة، وطوى أشرعته المبسوطة، وثُقِلت به أجنحته المُرفرفة، يَنْدب حظه وكفي. وآخَرُ راكب متجه نحو هدفه، فلمَّا رأى السَّراب أراق ماءه؛ ظنًا منه أنه بلغ هدفه، فلما جاءه لم يجده شيئًا، ثم ندم حيث لم ينفعه الندم. وآَخرُ اتَّخذ الوسائل غاياتٍ؛ فبقى في القنوات وهجر لُجَّة البحر. وآخر اكتفى بالكلام، وركل العطاء والعمل. وآخر هجر الكيف واهتم بالكم، عمل غير النَّافع، وترك النافع، عمل غير المُهم، وترك المهم والأهم، ما حاله إلا كمن صنع ساقية ، لكنِّها لا تسقى الزرع، بل تأخذ الماء من النهر فترده في النهر، تَعَجَّب النَّاس من فعله الأحمق، قالوا: ما هذا السَّفه؟ تعمل ولا نتيجة لعملك، تأخذ الماء من النهر وتعيده إلى النهر؟! قال: يكفيني من السَّاقية نَعِيْرُها. يكفيه صوتها. وآخر رضيَ بالزرع، واتبع أذناب البقر، وترك الجهاد، وَرَهَقَه الذُّل، ومع ذلك لم يَجْنِ من الزرع الثمر، ولم يأخذ من البقر اللبن، بل بقيَ عالة يتكفَّف، ويسأل، ويُنشد مع ذلك: أَرى ماءً وبي عطشٌ شديد *** ولكنْ لا سبيلَ إلى الوُرودِ وآخر اتَّضح طريقه، وحُددت غايته، وهُيأت وسيلته، وأصابه في وسط الطريق همٌ دوَّخه، غبشٌ جاءه في وسط الطريق استولى عليه، فهو أحوج ما يكون لحادٍ يحدوه إلى البحر، لهذا كله كان لِزامًا على كل مسلم يملك أدنى صوت للتوجيه أن يرفع الأذان ليخرق الآذان، علَّه يصل إلى الجنان، ليرد ذلك المتجاوز، ويُحيي ويوقظ ذاك الرِّمة الغافل، ويُطلق الأقدام، ويبسط الأشرعة، ومعه تُرفرف الأجنحة ليُهتم بالنافع الأهم، ويهجر الكم. من هذا المنطلق كانت هذه الكلمات بعنوان اقُصد البحر وخلِ القنوات اقُصد البحر وخلِ القنوات. هي دعوة للعمل بشرع الله وله، من غير ما زيادة ولا نقصان، مع هجرٍ لقنوات التَّفلت والتَّميع والتَّجاوز، بل وسطية اتزان. أوجهها لنفسي أولا، وللمسلمين ثانيًا؛ علَّها تُحرك القلوب إلى علام الغيوب، وتحدو النفوس للعمل لما يرضي الملك القدوس، هي مع ذلك صرخةٌ وحدا. صرخة تهتف: أن اغلق باب الدعة والسكون والراحة، وافتح على المصراعين باب العمل بهمة وطُموح في اتزان وبصيرةٍ، وانْزِل السَّاحة، والأهم فالأهم تكن الراحة. أن اغلق باب الكرى، وافتح باب النَّصب والعمل، رقيًا مشروعًا مع أولي النُّهى، أَمِط عن رأسك قناع الغافلين، ولا تتجاوز الحد في المشروع تكن مع الهالكين، سِر بخُطى ثابتة في الميدان، ولا تَغربَنَّ عليك الشمس وأنت لازلت في تواكل أو توان. سَدِّد وقارب، فما النَّاس وأنا وأنت منهم إلا كإبل مائة هُزَال مترنحة مسترخية، ولا تكاد تجد فيها راحلة. يثْقلون الأرضَ من كثرتهم *** ثمَّ لا يُغْنون في أمرٍ جَلل ومُختار القليل أقل منه! غريب يا أيُّها الأحبة، غريب أتُختار الحياض وماؤها غُثاء *** وبحر الدين تصفو مناهله؟ فِرَّ في اعتدال إلى الله، واصبر على اللأواء والموعد الله. لا لؤلؤ البحرِ ولا أصدافه *** إلا وراء الهَوْل مِنْ عُبابه وهي كذلك؛ أعني هذه الكلمات. حُداء سريع لجميع الأطراف، أطوِّف فيه تطوافًا حثيثًا كأشواط الرّمْل في طواف القدوم أُرَدد فيها: أيُّها الساعي لكحْل المُقَلِ *** غافلا عمَّا به من كَحَلِ اسْمعْ وعِ لا تَغْفلنْ *** وسَببًا لا تُهْمِلَنْ وأخْلِصْ اتْبَع تَنْجُون *** مَع الدَّليل تَجْرِيَن واثْبُت ودفعًا للثَّمن *** ميِّز برفقٍ أَجِبن وحقِ ذي حقٍ أَعْطِين *** وفاضلَ الأَمر اقْصِدن وخَيْر خَيْرين اتَّبَعن *** وشَر شَرَّين ادْفَعَن وكنْ ذكيًا واتَّزِن *** بِكثْرةٍ لا تَعْجبنْ وبعد هذا البحر فاقْصدْ *** وقناةً خَلِيِنْ ذلك -يعلم الله مني- جهد المقل، وقوة الضعيف الذي لا يكاد يمضي حتى يَكِل، وما أنا وهذا الأمر وأينما أقع منه -إي والله- إن أنا إلا رجل يقرأ ليجمع، ويكتب ليقرأ، ما وسعه أن يتفرج ويندب، فإن أصاب فلكم ولا همّ، وإن أخطأ فعليه وخلاكم ذمٌّ. أعوذ بالله من فتنة القول وزوره، وخَطَل الرَّأي وغروره. اللهم تجاوز عن زلاتي وجرأتي، ولا تجعل حظِّي من ديني لفظي، وارْزقني الصِّدق في نيَّتِي وقولي وعملي. اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذُّل إلا لك، ومن الخوف إلا منك. اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورًا، أو أغشى فجورًا، أو أن أكون بك مغرورًا. اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي، وألجأ إلى حولك وقوتك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. "اللهمَّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا". فتى الإسلام: اقصد البحر بأسباب، وخض هول العُباب، إيَّاك والتواكل؛ فإنه التخاذل وليس بالتوكل، لكل شيءٍ سبب قدره المقتدر، المالك المنفرد، فاطرق بحزم سببًا، وابذر بجد حبًا، وثَمرًا لا تنتظر، نتيجةً لا تملكن؛ فالأمر للإله الواحد القهار. لا تكن أخي كمن يريد يزرع اليوم ولا أرض، ليحصد غدًا، ويغرس في الصباح ولا بذر، ليجني في المساء، ذاك محال وخلاف سنة الله -رب الأرض والسماء-. أتَطمعُ أنْ تَرى غَرْسًا وتَهْفُو *** إلى ثَمَراته قَبْل الغِرَاس محال؛ إن الله –عز وجل- كان قادرًا أن ينصر نوحًا –صلوات الله وسلامه عليه- ومن معه من أول الأمر، لكنه تركه يأخذ بالسبب، يدعو ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، ألف سنة إلا خمسين عامًا، ثم نجَّاه الله بسفينة صنعها بيديه، ولم تنزل له من السماء، سُنة الله، ولن تجد لسنه الله تبديلا. فمَا نَيْلُ المَطَالِبِ بالتَّمنِّي *** ولَكنْ القِ دَلوَك فِي الدِّلاءِ أحبتي، إن طالب علم يريد حفظ كتاب الله، ولمَّا ينتظم في حلقة تحفيظ، ولم يفتح المصحف، إنما يطلب المحال، ويسخر مع ذلك من نفسه. إن طالبًا يريد العلم، ولم يثنِ ركبته عند عالم، ولم يفتح كتابًا، ولم يجعل للعلم وقتا فرضًا، لا يمكن أن يحوى علما، أو أن ينتظم في سلك طلاب العلم طالبا، إنما مثله كرجل له بستان مثمر مورق، يجاور نهرًا، بينه وبين النهر كف من تراب، وذبل البستان، وجفت الثمار، وسقطت الأوراق؛ كل ذلك من الظمأ، فقام الرجل بدلا من أن يزيل الكف من التراب؛ ليصل ماء النهر إلى البستان، قام ليتوضأ من النهر، ويصلى صلاة الاستسقاء، ويدعو الله أن يغيث بستانه. تواكل وخَور وعجز وضعف. هل يطير طائر بلا ريش؟ هل السماء بالذهب تمطر؟ لا، كل شيء بسبب، ومن برز بلا سبب قعد دون الرجال حسيرًا مغمورا، وقعد عن نيل المعالي ملومًا محسورا، وإذا أدركته المنية مضى، وكأن لم يكن شيئًا مذكورا. لو كَان هَذَا العِلمُ يَحصلُ بالمُنَى *** مَا كَان يَبقَى في البَرِيَّةِ جَاهِل فاعقل، توكل، بادر، وانهض إلى المعالي، واطلب ولا تبالي، واحذر من التواني، والعيش في الأماني، واقصد البحر بأسباب ودع عنك سراب القنوات. يا فتى الإسلام: إنْ كُنتَ تَطلبُ لُجَّة الأعمَاقِ *** أَخلصْ أصِب حلِّق بغيرِ تَوانٍ جناحان لا ينفكان؛ إخلاص لله، واتباع لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا تحليق بواحد منهما (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) منْ عمل بدونهما فهو من المنقطعين الهالكين، ومن عمل بهما وصال، لم ترد صولته. ومن تكلم بهما، علت على الخصوم كلمته. هما روح الأعمال، ومحك الأحوال في أيام الفتن والمحن، ولا يثبت إلا أصحابهما المخلصون العاملون المتبعون، يُشرَّفون بنصر الله وتمكينه لهم في الأرض، ليجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين؛ ولذا سئِل بعضهم عن كلام سمعه من متكلم: ما حجم ذاك الكلام؟ فقال: والله ما فهمت منه شيئًا، إلا أني رأيت لكلامه صولة ليست بصولة مبطل. فوالله ما مُنح العبد منحة أفضل من منحة القول الصادق الثابت. تقول بعض الروايات: أن أحد الجواسيس الفرنجة، توغل داخل بلاد المسلمين في الأندلس، فرأى طفلا تحت شجرة يبكي، فسأله: ما يبكيك يا بني؟ قال: لأنني لم استطع إصابة الهدف الذي حُدِّد لي؛ وهو صيد العصفور فوق الشجرة. فقال الجاسوس: هوِّن عليك، وعاود الكرَّة أخري. فقال الطفل المسلم: إن الذي يبكيني أعمق من صيد العصفور؛ يبكيني أن قلت في نفسي: إن لم أستطع صيد العصفور بسهم واحد، فكيف أستطيع أن أقتل عدوي وعدو الله غدا؟ دُهش الجاسوس، وبلَّغ الواقعة إلى ملك الفرنجة، فقال ملكهم: الرأي عندي ألا تعترضوهم؛ فإنهم كالسيل، يحمل من يُصادره، ولهم نيَّات تغني عن كثرة العدد، وقلوب تغني عن حصانة الدروع، وواحد كألف. وصدق وهو كذوب. فَكَمْ زكِمتْ أُنوفُ الفِسقِ دَومًا *** بعِطرِ القَولِ مِن فَمِ صَادقِينَا يا طالب العلم، ويا قاصد بحره: انصب وجهك لله، واملأ قلبك بحب الله وخشية الله، اجعل همك مرضاة الله، لا مرضاة عباد الله؛ فإنك قد تُضطر إلى إغضاب عباد الله في سبيل مرضاة الله، ولا ضير أن تفعل ذلك، يكفيك الله مؤونة الخلق، زِن عملك بميزان مرضاة الله، فما رجحت به كفة الميزان، فاقبله وارتضه، وما شالت به الكفة فأعرض عنه واجفه. عندها تستقيم المقاييس، ويتضح أمام العين الطريق القصد، والسبيل القويم في خوض لجج البحر، فلن تقع بعدها بإذن الله في تلك المتناقضات المضحكة السخيفة، كأن تُرى تطيع الله في أمر، وتعصيه في آخر، إذ أنه لا مجال للتناقضات، ما دامت المنطلقات صحيحة، والمنهج بينا، والمقاييس ثابتة، مرضاة الله أولا في اتباع وآخر. لا لَكَ الدُّنيَا ولا أنْتَ لَها *** فَاجعَل الهمَّينِ همًّا وَاحِدَا إني لأربأ بك وتربأ بنفسك يا قاصد البحر، أن تُرى في المسجد مصليًا خاشعا، ثم تُرى في السوق مرابِيًا، أو ترى في المسجد خاشعًا، ثم تُرى في البيت والشارع والمدرسة والمنتدى غير مُحكِّم لشرع الله في نفسك أو أهلك أو ولدك ومن تعول. كيف يليق بقاصد البحر أن ينظم مركبه وبيته والحياة من حوله، ثم يترك الفوضى في قلبه ويقصد لُجج البحر؟ تَرجُو النَّجاةَ ولمْ تسلُكْ مَسالِكَها *** إنَّ السفينةَ لا تجرِي على اليَبَسِ "إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". وأيم الله لو مرضت قلوبكم، وصحت أجسامكم، لكنتم أهون على الله من الجعلان. فكَيف يَصنعُ مَنْ أقصاه خَالقَه *** لا لَيسَ ينفعُه طِبُّ الأطبَّاءُ مَنْ غَصَّ دَاوَى بشُربِ المَاء غُصَّتَه *** فَكيفَ يَصنَعُ مَنْ قَد غَصَّ بالمَاءِ إنَّ الفيصل استقامة السر. متى استقام باطنك استقامت لك الأمور، وصدَّق عندها الفعل القول، والعلانية السر، والمشهد المغيب، فإذا أنت بسَّام بالنهار، بكَّاء بالليل، كاللؤلؤة أينما كانت فحسنها معها، أو كسبيكة الذهب إن نفخت عليها النار احمرت، وإن وزنتها لم تنقص. الحال ينطق: دع الذي يفنى لما هو باقٍ. يا قاصد البحر: إني أُعيذك بالله أن تكون في نفسك عظيمًا، وعند الله وضيعًا حقيرًا، وأن تتزين في طريقك إلى البحر بما ليس فيك، ثم أعيذك أخرى أن تتصور أن تجمع في قلبك الإخلاص مع حب المدح والثناء؛ فإنهما ضدان لا يجتمعان أبدًا. اسمع إلى [ابن القيم] –رحمه الله- يوم يقول: لا يجتمع الإخلاص في القلب مع حب المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت. فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع، فاذبحه بسكين اليأس، واقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الآخرة للدنيا. فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء، سَهُل عليك الإخلاص، فإن قلت: وما الذي يُسهل علىّ ذبح الطمع والزهد في الثناء؟ قلت: -يعني [ابن القيم]- أما ذبح الطمع، فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس شيئًا يُطمع فيه إلا وبيد الله خزائنه، لا يملكها غيره، وصدق [ابن القيم] –رحمه الله-. فالقناعة بما يكفى وترك التطلع إلى الفضول أصل الأصول، والعز ألذُّ من كل لذة، والخروج عن رقَّة المِنن ولو بسفِّ التراب أفضل، وهل عِزٌّ أعز من القناعة؟ سُئل أحدهم عن سر قوة الإمام [الحسن البصري] -رحمه الله-: فقال في صراحة: احتجنا إلى دينه، واستغنى عن دنيانا. مُرُّ الحياةِ لمَن يريدُ كَرامَةً *** حُلوٌ، ويُفلَحُ مَن يريدُ فَلاحًا أما الزهد في الثناء؛ فيسهله عليك علمك أن ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين، إلا الله وحده. فازهد في مدح من لا يزينك مدحه، وفي ذم من لا يشينك ذمه، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه، ولن تقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين، فمتى فقدت الصبر واليقين، كنت كمن أراد السفر في البحر من غير مركب. يا قاصد البحر: حلِّق، ثم خُض لُجة اليم بقلب مخلص كالجبل لا يتزحزح أبدًا، أو بقلب كالنخلة أصلها ثابت، وتهزها الريح. وإياك أن يكون قلبك الثالث كالريشة، أينما الريح تميِّلها تَمِل، وجاهد فبالمجاهدة تُوفَّق وتُسدد وَإذَا الأَرضُ أَجدَبتْ ذَاتَ يَومٍ *** فَهْيَ تَبغِي مِن زَارِعِيها اجْتِهَادا يقول [مالك بن دينار]: إن الصدق يبدو في القلب ضعيفًا كما يبدو نبات النخلة، يبدو غصنًا واحدًا، فتُسقى فينتشر، ثم تُسقى فينتشر، حتى يكون لها أصل أصيل عظيم يوطأ، فظل يُستظل به، وثمرة يؤكل منها. كذلك الصدق مع الله، يبدو في القلب ضعيفا، فيتفقَّده صاحبه ويزيده الله، ويتفقده ويزيده الله، حتى يجعله الله بركة على نفسه، فيكون كلامه دواء للخاطئين، ليحيي الله به الفئام من الناس وصاحبه لا يعلم بذلك . يروى أن قاصًا كان بقرب [محمد بن واسع] - رحمة الله عليه- وقد كان يقول القاص: ما لي لا أرى القلوب لا تخشع، والعيون لا تدمع، والجلود لا تقشعر؟ فقال ابن واسع: ما أرى القوم أوتوا إلا من قِبلك، إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب. يكفيك أن أقوامًا تحي القلوب بذكرهم، ناهيك عن كلامهم، وإن أقوامًا أحياء تقسوا القلوب بل تموت بذكرهم، ناهيك عن كلامهم. نعم –والله- يا من قصدت البحر، كم من كلمات ولدت ميتة، ومن ثَمَّ جُعلت هباء مع أصحابها، لتكون من أصحاب القبور. وكم من كلمات ولدت حية، وبقيت فيها الحياة مع حياة أصحابها وبعد مماتهم، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. بَينَ الجَوَانِحِ فِي الأَعمَاقِ سُكنَاهَا *** فَكيفَ تُنَسى؟ ومَن فِي النَّاسِ يَنسَاهَا؟ الأُذْنُ سَامِعَةٌ وَالعَينُ دَامِعَةٌ *** وَالرُّوحُ خَاشِعَةٌ والقَلبُ يَهوَاهَـا والسر؛ إنه الإخلاص والصدق يمنح الكلمات روحًا، فتبقى فيها الحياة أبدًا سرمدًا، أو ينعدم الصدق والإخلاص ويضمحل، فإذا بالكلمات لا تهز أحياءً، ولا تنفع موتي، نَوحُ مستأجر بلا روح، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجَرة. لا يعرف الشَّوق إلا مَنْ يُكَابده *** ولا الصَّبابة إلا مَنْ يُعانِيها أخي طالب العلم: اقصد البحر وحلق، ثم خُض، وكن صحيحًا سليمًا في سرك، تكن فصيحًا في علانيتك، فإنما صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية، ومن صَفَّى صُفِّي له، ومن خلَّط حُلِّط عليه، وإنما يُكال للعبد كما كال، ومن صحت بدايته صحت نهايته، وقد يبلغ الرجل بنيته ما لم يبلغ بعمله، ثم اعلم أن الإخلاص لا يعني الانقطاع عن العمل خشية الرياء كما يفهم البعض، لكن الإخلاص أن تعرف لله قدره، فلا تصرف العمل إلا له وحده لا شريك له -سبحانه وبحمده- ثم اعلم بعد ذلك أن ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما، وعلامته أن تكون في الخَلوة كالجَلوة، بل خير من ذلك، ضحك في الملا ، وبكاء في الخلا. فاعقد مع الله عقدا لا يكون للشيطان فيه نصيب، على صلاح النية والاتباع، وانوِ الخير؛ فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، وعامل الله؛ فما خاب من عامله، واتقِ الله واقصد من ينفعك قصده، ولا تتشاغل بمدح من لا ينفعك مدحه، وأحسب أن عينك عين موفق، عين فرس يرى في الظلمة كما يرى في النور، والصدق منار، ومن لا يخلص في عِثَار، والعاقبة العار والنار. فكيف يبلغ في دُنياه غايَته *** مَنْ تَسْتوي عنده الظلماءُ والنورُ لا لا يا قيود الأرض. صفقة غبن لمن قصد البحر أن يرضى بمدح أو ثناء عن الفردوس الأعلى، لا يُحصَّل عظيم خطير كالإخلاص إلا بخطر، والدرّ في عُقر اليم، والراحة عند أول قدم توضع في الجنة، ومن أراد أن يعلم ما له عند الله، فليعلم ولينظر ما لله عنده، ومن لم تبكِ عليه الدنيا لم تضحك له الآخرة. وصلاحُ الأَجْساد سهلٌ ولكن *** في صَلاح القلوبِ يعيا الطبيبُ والمجاهدة توفيق (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) فاقصد البحر بإخلاص وصواب، وخلِّ القنوات يا فتى الإسلام: أما وقد أخذت بالسبب، وحلقت بجناحي الإخلاص والمتابعة تقصد البحر، فألحقْ ذلك بهمَّةٍ عالية؛ فإن الهمة طريق إلى القمة، بادر ولا تعجل، أسرع ولا تضجر، أقبل ولا إلى الخلف تنظر، إن الطريق إلى الله واضحة مستقيمة، ما يتردد ولا يتلكأ فيها إلا الذي لا يعرفها، أو يعرفها ويتقى متاعبها، والطرق شتى، طريق الحق واحدة، والسالكون طريق الحق أفذاذ. فبادر وسر إلى الله بهمِّة الحازم، فإنما هو شبر بذارع، وذراع بباع، ومشي بهرولة. كما في الحديث القدسي الصحيح" وإن تقرب إليَّ شبرا تقربت إليه ذراعًا ، وأن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا ، وإن أتاني يمشى أتيته هرولة". همٌ بالحسنة حسنة، وهم بالسيئة بلا عمل لها حسنة . حسنة بعشر وسيئة بمثلها وفي الحديث القدسي الصحيح: " ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ ني لأعيذنه" . لا يهلك إلا هالك، ولا يُحرم إلا محروم. إذا كنتَ في الدُنيا عن الخيرِ عاجزًا *** فما أنت في يوم القيامةِ صانعُ أين المبادرون؟ أين أصحاب الهمم؟ إنما هي خمس أو عشر سنين فحسب. يا نفس ما هو إلا صبرُ أيامِ *** كأن مدَّتها أضْغاثُ أحلامِ إن عاش الرجل ستين سنة، نام الليل فذهب نصفها ثلاثون سنة نومًا، ونام ثلث النهار راحة وقيلولة، فذهب ثلثاها؛ أربعون سنة نومًا، وبقى عشرون سنة، منها خمسة عشر سنة قبل البلوغ والتكليف، فبقى العمر الحقيقي لابن الستين، خمس أو عشر سنوات، لله ما أقلها! ذاك لابن الستين، فكيف لابن الثلاثين والعشرين؟! يا نفسُ قومِي فقد نام الوَرى *** إن تصنعي الخيرَ فَذو العَرْش يَرى وأَنتِ يا عينُ دَعِي عنك الكَرى *** عند الصباح يَحْمد القومُ السري النَفْس. ما النَفْس؟ إذا عودتها البَطالة اعتادت، وإنْ عودَّتها العمل والجد والسهر سهرت وجدَّت وعملت. وقل مَنْ جَدَّ في أمر فطَّلبه *** واستصحب الصَّبر إلا فاز بالظَّفرِ ولله الهمم. ما أعجب شأنها! ما أعجبه لمتأمل! وما أشد تفاوتها! همة متعلقة بالعرش، وهمة حائمة حول الأمتان والحُش، وبتفاوت الهمم تتفاوت الأعمال والدرجات. ومَا كلُّ من جَر العَبَاءةِ سيدًا *** يُخْشى ولا كلُّ المَظاهر تبهرُ إني لأسأل: أين تعب عالم دَرَّس العلم خمسين سنة؟ ذهب التعب وحصل العلم، وأين لذة البطال خمسين سنة؟ ذهبت الراحة وبقى الندم، اتباع الهوى، وما اتباع الهوى؟! يُغْلق على العبد أبواب التوفيق، ويفتح عليه أبواب الخذلان (وأمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) وأما من أطاع الهوى فوالله لقد هوى، ولا يزال الهوى يُمسك بتلابيب النفس، ويملك عليها أقطارها، حتى يصير لها إلها، تعطيه معنى الطاعة والعبادة، وتصير له عبدا تعطيه ما هو أكثر من الطاعة (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ) أحبتي في الله: النَّفْس خلق عجيب، آية من آيات الله، بطبيعتها تميل إلى الأسهل وإلى الأدنى، كالماء الجاري، يهبط الأودية والشعاب والمنخفضات، ورفعه يحتاج لهمة وكلفة وصبر وعناء ومشقة ومجاهدة؛ كذلك النفس تحتاج لذلك كله؛ لترقَ وتسمُ وتحلِّق، والبحر تقصد، يقول [ابن الجوزي] -عليه رحمة الله-: لو أُمر الناس بالصبر على الجوع لصبروا، ولو نُهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه، يقولون: ما مُنعنا منه إلا لشيء، والواقع يشهد، وأحَبُ شيءٍ إلى الإنسان ما مُنع. لماذا؟ لأن النفس محصورة مسجونة في البدن، فلا تحب أن تسجن وتحصر أخرى؛ بالتكاليف، في الأوامر والنواهي، يا نفس افعلي، ويا نفس لا تفعلي، هذا حرام وهذا حلال، وهكذا؛ ولذلك لو قعد الإنسان في بيته شهرًا باختياره ما صَعُب عليه ذلك، لكن لو قال له أبوه: لا تخرج هذا اليوم من بيتك، وقفل عليه باب غرفته لثقل عليه ذلك اليوم، وكأنه شهر، لماذا؟ لأن النفس تحب التحرر من القيود، والانطلاق والتفلت، فتراها تستلذ الحرام والشهوات، همها هواها، لكن صاحب الهمة العاقل الحازم يمنعها هواها، ويداريها، فيأخذها تارة بالعزائم، وتارة بالرخص، ويستعيذ بالله من شرها، ويدعو بتزكيتها، لتزكو وتتربى، وتسمو وتترقى. هي من خلق الله –عز وجل- والله أعلم بخلقه –سبحانه وبحمده-. يُقْسم الله في كتابه أحد عشر قسمًا متتالية، قسمًا يتلوه قسم، والله يُقْسم بما شاء من مخلوقاته –سبحانه وبحمده- يُقْسم على فلاح من زكاها، وخيبة من دساها، فيقول سبحانه: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا). أين جواب القسم؟ ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) وتزكيتها لا تقوم إلا بهمة عالية، يعقبها عمل خالص صالح صواب. فيا من قصد البحر بهمةٍ: زَكِّها؛ قد أفلح من زكاها. أبواب الخير المشروعة مُشرعة لك لتدخلها بهمة حازم، وأول هذه الأبواب: الفرائض. فما تقرب متقرب إلى الله بأحب من الفرائض، وهذه الأبواب نفعها قاصر، ونوع آخر نفعه متعد للغير، وما كان متعديًا فهو أولى، فخض لُجْة البحر بهمة، وادخل مع كل باب، واضرب في كل غنيمة بسهم، وعش مع كل طائفة على أحسن ما فيها، وخلِّ القنوات. من هذه الأبواب بلا ترتيب: حفظ كتاب الله، وتدبره، والوقوف عند حدوده، والائتمار بأمره، والانتهاء عن نهيه، تحكيمه والرضا به، فمالك إن تركت هذا الباب؟ اسمع لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما ثبت في صحيح الجامع: "لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار، لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار، يجئ القرآن يوم القيامة شفيعًا لصاحبه، فيقول: يا رب حّلْهْ، فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول القرآن: يا رب زده، فيُلبس حلة الكرامة، فيقول: يا رب ارض عنه. فيرضى الله عنه، فيقول القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها" حرف منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ألم بثلاثين ويا خيبة البطالين!. الحرفُ منه مُضَاعفٌ وميسرُ *** شَقي الذي عن حُكمهِ قدْ أعْرض هُبُّوا إليه لحِفْظِه وتَأهبُوا *** وارجوا رِضَا الرحمنِ صُبْحا والمَسَا ويقول -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح الجامع:" لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس خير لي من أن أعتق أربع رقاب، ومن أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه حتى فَرْجِه بفرجه" . يا للغنيمة الباردة! والله لا تتحقق اليوم إلا لأهل تحفيظ القرآن، أهل حلقات التحفيظ. هنيئًا لهم، ثم هنيئًا. يا فَتى التَّحفيظ كنْ رَابطَ الجَأشِ وارْفَع رايةَ الأملِ *** وَسِر إلى الله في جِدٍ بلا هَزَلِ وإن شَعرتَ بنْقصٍ فيك تَعْرفهُ *** فَغَذِّ رُوحَك بالقرآنِ واكْتَمِلِ وحَارِب النفسَ وامْنَعْها غِوَايَتَها *** فالنَّفسُ تَهوَى الذي يَدعُو إلى الذَّللِ " بشر المشَّائين في الظُّلَمِ إلى المساجد، بالنور التام يوم القيامة " " من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نُزُلاً ، كلما غدا أو راح" كيف لو أدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام أربعين يوما؟ ثبت في صحيح الجامع أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:" من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان؛ براءة من النفاق، وبراءة من النار". هلا حاولت وجاهدت نفسك لهذا الفضل العظيم؟ قد تدركها ثلاثين يومًا، وقد تدركها تسعة وثلاثين يومًا، وقد تدركها أربعين يومًا إلا فرضًا واحدًا، ثم تنخرم القاعدة، لكن عُد من جديد، وجاهد نفسك، وستجد -بإذن الله- لذة المجاهدة على هذا الفضل ماثلة ظاهرة. والشيءُ صَعبٌ عَلى مَن لا يُجِرِّبه، لكن من جَدَّ وَجَد. مَا كُنتُ أَرجُوهُ إذ كُنتُ ابْنَ عِشرِينَا *** مَلَكْتُهُ بَعدَ أَنْ جُزتُ الثَّمَانِينَا إن [سعيد بن المسيِّب] -رحمه الله- يتحدث بنعمة الله عليه في آخر حياته فيقول لابنته: والله ما فاتني تكبيرة الإحرام مع الإمام أربعين سنة، وما رأيت ظهر مُصلٍّ في الصلاة أبدًا. بمعني؛ أنه في الصف الأول دائمًا، وما يُلقَّاها إلا من صبر، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يُؤخرون . عيادة المريض. ما العيادة؟ ما عيادة المريض؟ ثبت في الصحيح عن [عليّ] –رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح". وفي حديث ثوبان: "ولم يزل في خُرْقة الجنة حتى يرجع" ومع ذلك المنادي ينادي: "طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا". إنها الغنيمة يا أهل الغنيمة، فأين صاحب الهمة المشمر؟ فَمَا العُمرُ إلا صَفحةٌ سَوفَ تَنطوِي *** ومَا المَرءُ إلا زَهرةٌ سَوفَ تَذبلُ الطواف بالبيت يا أهل البيت الحرام. ثبت في صحيح الجامع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من طاف بالبيت أسبوعًا -يعني سبعة أشواط- كان كعتق رقبة، ولا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة". لأهل السوق ما هو خير من كل ربح يربحونه. ثبت -أيضًا- في صحيح الجامع، "أن من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتًا في الجنة ". فهل تذكَّرنا ذلك عند دخول الأسواق؟ ما أعظم الأجر، وأيسر الأمر! والله لحسنة من هذه خير من الدنيا وحُطامها وزخارفها ولذَّاتها. "من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثل دينه صدقة فإذا حل الدين فأنظره، فله بكل يوم مثل دينه مرتين صدقة." فضل من الله ونعمة. وثبت في صحيح الجامع: " أن فيك يا ابن أدم ثلاثمائة وستين عظمة –أو مفصلا- على كل مفصل في كل يوم صدقة". تحتاج إلى ثلاثمائة وستين صدقة، على كل مفصل صدقة "والكلمة الطيبة صدقة، عون الرجل أخاه صدقة، الشربة من الماء تسقيها صدقة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، أمر بالمعروف ونهي عن منكر صدقة، إرشاد الرجل في أرض الضلال صدقة، بصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، إماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق صدقة، إفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة، في كل كبد رطب صدقة، تسبيحة صدقة، تهليلة، تكبيرة صدقة من علم أية من كتاب الله –عز وجل- كان له ثوابها ما تُليت، ومن علمَّ علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء" الشفاعة في غير حدود الله صدقة، اشفعوا تؤجروا، والبخيل من بخل بجاهه، ذَبُّكَ عن عرض أخيك قربة من أعظم القُرب، يَذُبُّ بها الله –عز وجل- النار عن وجهك. عدل بين اثنين صدقة، تعين الرجل ليُحمل على دابته صدقة، ترفع متاعه على دابته صدقة، كل خطوة إلى الصلاة صدقة، كل ما تصنع لأهلك من معروف صدقة، كل قرض صدقة، كشف الشر عن الناس صدقة، كل معروف تقدمه لغني أو فقير صدقة، إسماع الأصم صدقة، البيان عن الأعجم صدقة، من نفس عن مَدينِه أو عفا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة، من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدار الآخرة، من ستر مسلمًا ستره الله في الدار الآخرة. من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة. إنقاذ الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور أفضل قربة، فلأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حُمر النِّعم. وكلما كان نفع العمل متعديًا إلى الغير، كان أعظم أجرا. ولك أن تتصور هذه الأمة اليوم، كل مسبِّح ومهلِّل وذاكر ومستغفر ومجاهد ومتصدق وحاج وصائم، كل أعمالهم لنبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- مثلها؛ لأنه السبب في هذه الهداية، ولأنه هو الذي حمل الخير إلى الأمة. فمن يستطيع أن يأتي بأعمال تضاهي عمل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؟ يوم يأتي بعمله هو، وعمل أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- كلها في ميزانه (ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) فنسأل الله من فضله. ثبت في صحيح الجامع أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله –عز وجل- سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا". ثم يقول –صلى الله عليه وسلم- "ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا؛ يعني مسجده -صلى الله عليه وسلم- ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظًا لو شاء أن يُمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تذل الأقدام". وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يُفسد الخل العسل. إذا الرَّوضُ أمسَى مُجدِبًا في ربِيعهِ *** ففِي أيِّ حِينٍّ يَستنِيرُ ويُخصِب أخي صاحب الهمة وقاصد البحر: لا تنس أن قيام الليل وتلاوة القرآن زاد يومي، لا غنى للمسلم عنه في مواجهة تكاليف الحياة وأعبائها، والدعوة إلى الله خاصة، وما ذكرته ما هو إلا أمثلة، وإلا فأبواب الخير لا حصر لها أبدًا. تَناوَلْ مِن الأَغصَانِ مَا تَستَطِيعهُ *** وَجاهِد عَلى الغُصنِ الذي لا تُطَاوِلُهْ آنَ لكَ أن تقولَ بملءِ فيكَ: مضى عهد النوم يا مرتاد القمم. بادر واغتنم، فإنما هي خمس أو عشر سنوات، انتهز الفرصة في وقتها، وخذ الثمرة في كمال نضجها، ولا تعجل فتطلب الشيء قبل وقته فلا تدركه، وتقطف الثمرة قبل نضجها فلا تنتفع بها، فمن طلب المعالي استقبل العوالي، ومن لزم الرقاد فاته المراد، وإن لم يُثمر العود، فقطع العود أولى به. والعَاجزُ الرأيِ مِضيَاعٌ لِفرصَتِهِ *** حَّتى إذَا فَاتَ أَمرٌ عَاتَبَ القَدَرَ فمن طلب المعالي استقبل العوالي، ومن لزم الرقاد فاته المراد، وإن لم يُثمر العود، فقطع العود أولى به. والعَاجزُ الرأيِ مِضيَاعٌ لِفرصَتِهِ *** حَّتى إذَا فَاتَ أَمرٌ عَاتَبَ القَدَرَ والراضي بالدون دنيء. وَلَم أَرَ فِي عُيوبِ الناسِ عَيبًا *** كَنقصِ القَادِرينَ علَى التَّمَامِ يا من قصد البحر بهمَّة: لا تستوحش إن قل السالكون، فقد سبقك السابقون، ولعلك تزيد من همتك بالوقوف على بعض مواقفهم، فإليهم إليهم بلا اختيار، قد صوَّت حاديهم بك: مَنازلَ مَن تَهوَى رُوَيدَكَ فَانزِلِ هاهو المحدث الفقيه الأديب [إبراهيم الحربي]، يعتلُّ في آخر حياته، حتى يصبح صفر اليدين من متاع الدنيا؛ فليس في بيته إلا الخبز الجاف والملح، ولا غرو. قَد يَنالُ العُصفُورُ وَفْرًا وَيبقَى *** فِي سِجلِّ الخُمولِ تِلكَ الصُّقورُ ويبعث له الخليفة بألف دينار، فيرفض أن يأخذها، فينصرف رسول الخليفة إلى الخليفة، ويخبره، فيقول الخليفة: ليفرقها في جيرانه. فرجع رسول الخليفة إلى [إبراهيم] وقال: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقها في جيرانك. فقال: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفريقه، قُلْ لأمير المؤمنين: إن لم يتركنا تحولنا عن جواره. سمعت ابنته هذا الحوار، فغضبت وآلمها أن يرفض أبوها المال، وهم في أمسِّ الحاجة له، وجاء عمها لزيارتهم، فقالت: يا عم: نحن في أمر عظيم، لا في الدنيا نحن ولا في الآخرة الشهر والدهر، ما لنا من طعام إلا كِسرْ يابسة وملح، وربما عَدمنا الكسر، وربما عدمنا الملح، وقد أرسل الخليفة بألف دينار فلم يأخذها، وأرسل فلان فلم يأخذ منه، وهو عليل كما ترى يا عماه. فنظر عمها إلى أبيها؛ يريد أن يجيبها، فالتفت إبراهيم إلى ابنته وتبسم وقال لها: يا بُنية أو إنما تخافين الفقر؟ قالت: نعم، قال: انظري إلى تلك الزاوية. فنظرت في زاوية البيت، فإذا كتب بعضها فوق بعض، قالت: أبتاه: ماذا تغني هذه عنا؟ فقال: هذه اثنا عشر ألف جزء في الحديث والفقه واللغة، كتبتها بيميني، إذا أنا مِت، فبيعي كل جزء منها بدرهم، أو يفتقر من يملك اثني عشر ألف درهم؟ حاله: طعام دون طعام، ولباس دون لباس، جوع قليل، وعُريٌ قليل، وبرد قليل، وذل قليل، وصبر قليل، وإلى الله المصير. لَيسَ السَّعِيدُ الذي دُنيَاهُ تُسعدُهُ *** إنَّ السَّعيدَ الذي يَنجُو مِن النَّارِ إنها الهمم، تجعل في قلب صاحبها نار تتقد، كنار تتقد في قلب من يجد ابنه مريضًا لا يملك له شيئا، أو من لا يجد في بيته شيئًا يَسُدُّ به رمق أولاده وهم يتضاغون عند قدميه، يقلق ويضطر إلى بذل الجهد والسعي. إنها اثنا عشر ألف جزء، وبيمينه خطها، والإمكانات غير متوفرة، فلله الهمم ما أعلاها وأسماها، وَالعَبدُ عَبْدُ النَّفسِ فِي شَهوَاتِهَا *** وَالحُرُّ يَشبَعُ مَرَّةً وَيَجُوعُ يقول [أبو العباس ثعلب]: ما فقدت [إبراهيم الحربي] من مجلس لغةٍ ولا فقه منذ خمسين سنة. لَهُ هِمَّةٌ تَعلُو علَى كلِّ هِمَّةٍ *** كمَا قَد عَلا البَدرُ النُّجومَ الدَّرَارِيَا [ابن عباس] ينام على عتبة [زيد بن ثابت] يطلب العلم -رضى الله عنه وأرضاه- والإمام [عيسى بن موسى] يقول: مكثت ثلاثين سنة أشتهي الهريسة، ولا أقدر على شرائها؛ لأن وقت بيعها في السوق هو وقت سماعي الحديث. شَتَّانَ بَينَ النَّاسِ فِي أَهدَافِهِم *** شَتَّانَ بَينَ عَصًا وَحُسَامِ وأحد السلف في سكرات الموت يقول: أجلسوني لأصلي ركعتين. فيقولون: عافاك الله أفي مثل هذه الحال؟ قال: نعم، الآن تُطوى صحيفتي، وأريد أن أختمها بركعتين، علّ الله أن يرحمني. َفَنالُوا المُرادَ وفَازُوا بِهِ *** فَطُوبَى لَهُم ثُمَّ طُوبَى لَهُم ليست الهمة في الرجال فحسب، بل إنها في النساء، وفي الصبيان، في الصغار. فاسمع: في معركة أحد، روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ردَّ مجموعة من الفتيان لم يبلغوا، وكان منهم [رافع] و[سمُرة] ولشوقهما للجهاد في سبيل الله لم يستسلما للأمر، قام كل منهم يستعرض ما لديه من قدرات، يثبت كفاءته للقتال، يرفع نفسه، يمشى على أطراف أصابعه؛ ليبين أنه بلغ مبلغ الرجال. فقيل لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-: إن [رافعًا] رام الخامسة عشر. فأجازه –صلى الله عليه وسلم- فقال [سُمرة]: يا رسول الله: أجزت هذا ورددتني، ولو صارعته لصرعته. قال –صلى الله عليه وسلم-: دونكه –يعنى صارعه-. فتصارعا، فصرعه [سُمرة]، فأجازه –صلى الله عليه وسلم-. فيا لله! شباب امتلأت قلوبهم بالإيمان، واختلطت بحيوية الشباب وقوة البدن، فسخروها فيما يرضي الله، فرضي الله عنهم وأرضاهم. فهل من مقتدٍ بهم يا شباب الأمة؟ أَوَ مَن يُفكرُ فِي الصُّعُودِ *** كَمَنْ يُفَكِّرُ فِي النُّزُولْ مَنْ يَبتَغِي هَدَفًا بِغَير *** الحَقِّ يَعيَا بِالوُصُولْ وهاهو [سفيان بن عُيينة] -رحمه الله- يقول: كان أبي صيرفيًّا بالكوفة، فركبه الدَّيْن، فحملنا إلى مكة، وأنا يومئذ صبي –سفيان لا زال صبيًا- يقول: وسرنا إلى المسجد لصلاة الظهر، ولما كنت على باب المسجد، إذا شيخ على حمار، هيئته هيئة صاحب حديث، فقال لي: يا غلام؛ أمسك عليّ هذا الحمار حتى أدخل المسجد، فأركع. قلت: ما أنا بفاعل حتى تحدثني. قال: وما تصنع أنت بالحديث؟ واستصغرني وردني، فقلت: حدثني أو لا أمسك لك الحمار. قال: فسرد علي ثمانية أحاديث بأسانيدها، فأمسكت حماره، وجعلت أكرر ما حدثني به، فلما خرج من المسجد، قال: ما نفعك ما حدثتك به يا غلام؟ قد حبستني عن الصلاة، فقلت: حدثتني بكذا وكذا وكذا. وسردت عليه جميع ما حدثني به، فقال: بارك الله فيك، تعال غدًا إلى مجلسي. فإذا هو [عمرو بن دينار] المحدث المعروف. اسمع بعدها [لنصر الهلالي] يوم يقول: كنت في مجلس [سفيان بن عُيينة]، إذ دخل علينا صبي صغير ذلك المجلس، فكأن أهل الحديث تهاونوا به لصغر سنه، فقال سفيان مغضبًا من أهل الحديث: كذلك كنتم من قبل، فمنَّ الله عليكم. ثم قال سفيان: يا نصر -ويتكلم الآن عن نفسه سفيان وهو صغير- يا نصر: لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، وجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، أكمامي قصار، ذيلي بمقدار، نعلي كأذان الفار، أختلف إلى علماء الأنصار؛ [كعمرو بن دينار]، [والزهري] وأمثالهم من علماء الأنصار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتيِ كالجوزه، ومُقلتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس قالوا لي: أوسعوا للشيخ الصغير. لو رأيتني يا نصر حين ذاك لَمَا احتقرتَ ما رأيتَ مَن يَجعَل الرَّحمنَ مَقصِدَ قَلبِهِ *** يَبقَى شَريفًا فِي الحَياةِ نَزِيهَا ويذكر [الخطيب البغدادي] -رحمه الله- عن [علي بن عاصٍ]، قال: دفع إليَّ أبي مائة ألف درهم، وقال: اذهب فلا أرى لك وجهًا إلا بمائة ألف حديث -هكذا تكون الولاية- فهجر الوطن والأهل، وضحى بماله ووقته وجهده، وحصل على أكثر مما طُلب منه، فصار يُحدث ويُسمع منه. وهذه أهديها لأولياء الأمور، وأقول لهم: إنْ كُنتَ تَرجُو أنْ تُصيبَ رَميَّةً *** فَاثـقِفْ سِهَامَكَ قَبلَ أنْ تَرمِيهَا كَذاكَ الفَخرُ يَا هِمَمَ الرِّجَالِ *** تَعالَيْ فَانظُرِي كَيفَ التَّعَالِي يا طالب العلم، ويا داعية الإسلام: كن على جادتهم وإن أبطأ بك المسير، فإن قدوة القوم يرعى القافلة، أنت لا تملك نفسك، حتى يسوغ لك أن تمنحها إجازة. يا من أنت الآن في إجازة، إنما أنت وَقْف لله، فإذا لمع لك فجر الأجر، فليهُن ظلام التكليف. إذا ضاقت عليك قناة أو طريق، فشُق إلى البحر ألف طريق. إذا أغلق عليك باب دون البحر، فافتح لك ألف باب، ولن تعدم وسيلة. اعمل ولو ساعة، وللحقوق -ومنها التعلم- بقية الساعات، إذا بزغ لك نجم الهمة في ظلام ليل البطالة، فأردفه بقمر العزيمة؛ لتُشرق الأرض بنور ربها. إنما أنت همة علية، ونفس تضيء، وهمة تتوقد. أنت لا تعيش لنفسك، ويجب أن تقنع نفسك أنك لا تعيش لها، جِد تجد، ليس كمن سهر كمن رقد، هذا دبيب الليالي يُسارقك أنفاسك، وسلع المعالي غاليات الثمن، فانظر لنفسك، واغتنم وقتك، فالثواء قليل، والرحيل قريب، والطريق مخوف، والخطر عظيم، والعقبة كؤود، والناقد بصير. يا من قصد البحر بهمة: ائتِ الديار البكر، وارتد كل يوم منزل فضل، وخض ميدان التنافس، وائتِ بجديد، فإن قال لك البطالون الكُسالى: لو تفرغت لنا، فاقرع أسماعهم بصوت عمر عبد العزيز: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ، لا فراغ. والله لا مُستراح للمؤمن إلا تحت شجرة طوبى. أحبتي في الله: إن النفس الإنسانية لابد أن تتحرك، فإذا هي كفت عن الشر، ولن تتحرك للخير، بقى فيها فراغ وخواء، قد يردها إلى الفساد، فالعبد سائر لا واقف، فإذا سار؛ فإما إلى فوق، وإما إلى تحت، وإما إلى الإمام، وإما إلى الوراء، ليس هناك وقوف البتة، إنما هي مراحل تُطوى إلى الجنة، مُسرع ومُبطئ ومُتقدم ومتأخر. (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) كُلُّ نَفسٍ سَوفَ تَلقَى فِعلَهَا *** وَيحَ نَفسٍ بِهَواهَا شُغِلَتْ والله لا تتم حقيقة الإيمان في القلب حتى يتعرض القلب للمجاهدة في هذا الدين، بدءًا من كراهية الباطل، إلى السعي في الإصلاح، إلى نقل الناس من الغواية إلى الهدى. إنها باختصار الدعوة إلى الله، التي تغير ماهية الشيء، فتجعل من الرجل غير الرجل، ومن القلب غير القلب، تجعل صاحبها كالنحلة؛ لا تأكل إلا طيبا، ولا تُخرج إلا طيبًا، وإن وقفتْ على عود نخر لم تكسره، بل مثل النخلة؛ ما أخذت منها من شيء نفعك. ونتيقن ونجزم أيها الأحبة، أن في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا، ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، والهمم المَنُوطة بالرجال عظام. وعَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتِي العَزَائِمُ *** وَتَأتِي عَلى قَدرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ وَتَعظُمُ فِي عَينِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا *** وَتَصغُرُ فِي عَينِ العَظِيمِ العَظَائِمُ كأني بكم تقولون: ماذا يُراد منا؟ ونقول: يراد منكم الكثير. نريد من الأُسَر أن تحمل هم دينها، أن تدخر من قوتها كل شهر ثمنًا لكتاب قيم، يهدى لمن ينتفع به، ومبلغًا لمسلم محتاج، وشريطًا نافعًا للدعوة بالقول والعمل؛ لأننا نفترض في الأسر أنها صلحت ونريدها مصلحة بناءة، نريد من طالب المدرسة أن يعمل بما علم، أن يدخر في الشهر ولو ريالاً واحدًا يُسهم به في الدعوة إلى الله، نريد تمعُرًا من الوجوه لانتهاك حدود الله، يعقبه تغيير أو إنكار. نريد من التاجر أن يدعو بماله؛ يقتطع مبلغًا شهريا يجعله في مصالح المسلمين، يطبع كتابا ينفع الله به المسلمين، ينذر معسرًا، ينفس كربًا، يقضى دينًا، يطرد جوعا. نريد من المربين والمربيات، من المعلمين والمعلمات، أن يقوموا بدورهم في غرس الإيمان في قلوب أبناء الأمة، فو الله إنهم لمسؤولون عن أبناء الأمة، نريد أقلامًا قوية بليغة، عندها المقدرة البيانية، والطلاوة الأدبية، وحلاوة التعبير الذي تنفذ الدعوة بها إلى عقول الناس وقلوبهم، نريد قلوبًا تعرف الخشوع، ونريد عيونًا تعرف الدموع. مَن ذَا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكِي بِهَا *** أَرأَيتَ عَينًا لِلدُّموعِ تُعَارُ؟ نريد تربية كتربية أبي بكر وعمر وصحبهم –رضى الله عنهم-، لا نريد أن تربَّي فراخ الصقور تربية بُغاث الطير، فهذا جور، ولا أن تربَّي الأسد تربية الخراف، فهذا ميل وظلم. نريد أن تميز بين الصحيح والزائف، فليس كل لين حريرًا، نريد كل جهد مهما ضؤُل حجمه، وصغرت مساحته، وقلّ عدده، فعند الله لا يضيع مثقال ذرة. نريد مضاعفة الجهد وتكثيف العطاء، ونريد ترجمة الكلام إلى عمل، نريد أن نتحرر من تلك الآفة التي غدت ظاهرة عامة بين المسلمين، تعوق خطانا عن السير؛ ألا وهي كثرة النواح وقلة العمل. والنواح لا يحيي ما مات، ولا يرد ما فات. آفتنا كثرة الشاكين المتوجعين، وقلة المداوين، كثرة من يسبون الظلام، وقلة من يوقدون الشموع . نعم يا قاصد البحر كثرت الشكوى من الأدواء والمآسي، ولعلك ترى ذلك وتلمسه، لم يعد هناك أحد إلا ويشكو، فمن المشكو منه إذا ؟! كلنا شاكٍ ومشكو منه. ذكر صاحب أين الخَلل ما نصه حّدثوا: أن واعظًا بليغًا وعظ الناس يوما، حتى بكوا من تأثير الموعظة، وكان معه كتاب، ثم بحث عن كتابه بعد الموعظة، فوجده قد سُرق، نظر إلى الحاضرين، عله يلمح بينهم وجها تلوح عليه أثار الجريمة، لكنه وجه الجميع متأثرين يبكون، فقال لهم: كلكم يبكي، فمن سرق الكتاب؟! كلكم يبكي فعلاً، فمن سرق الكتاب؟! نعم، كلنا نشكو، فمن المشكو منه؟! إن علينا أن ننتقل من دائرة الشكوى إلى دائرة العمل المتواصل الدءوب، العمل للحاضر والمستقبل، وإن لم نشكُ، فلا نريد أن نكون من المتفرجين، وممن ينتظر العمل من الآخرين. بل يعمل الجميع، وكلٌ على قدر جهده وطاقته. وعودًا على بدء؛ للرجل دوره، وللمرأة دورها، وللصبي والكبير والغني والفقير دوره، المهم أن يعمل الجميع، وأن يضع كلٌ منا نفسه في المكان الملائم، من استطاع أن يُميط شوكة عن طريق فليُمطها، ومن أمكنه أن يبذر حبة في الأرض فليبذرها، نريد باختصار حمل هَمِّ الدعوة من كل واحد منا، أينما حلَّ وأينما رحل، كلٌّ وفق تخصصه، وينفق مما لديه (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا أتَاهَا) إنْ كان عنده علم دعا به، مالٌ دعا به، ولا مبرر للقعود أبدا؛ فالمسئولية على الجميع مشتركة وتتفاوت؛ فمسؤولية العالم أكبر من مسؤولية الجاهل، ومسؤولية صاحب السلطة أكبر من مسؤولية من لا سلطة له، ومسؤولية صاحب المال أكبر من مسؤولية من لا مال له، وإن كان الكل مسؤولا. كل مسلم رجل يعمل لدينه، والأمة كلها مسؤولة عن فرائض الله، وأحكام الله، وشرائع الله. ذُكر أن أحد المستمعين قال لأحد الدُعاة يومًا، بعد محاضرة ألقاها ذاك الداعية: قد مضى لكم ثلاثون سنة وأنتم تتكلمون، فماذا صنعتم؟. وكان جواب الداعية مفاجئًا له حين قال: وأنتم مضى لكم ثلاثون سنة صامتون تستمعون، فماذا صنعتم؟. هذا حق. على المستمع، كما على المتكلم مسؤولية تحويل الكلام إلى عمل، والأفكار إلى وقائع، وإن اختلفت درجة المسؤولية. المسلم مطالب بالعمل إلى آخر رمق، حتى لو قامت الساعة وفي يديه فسيلة فليغرسها إن أمكنه. فَلينطَلِقْ كُلُّ فَردٍ حَسْبَ طَاقَتِهِ *** يَدعُو إلَى اللهِ إخفَاءً وَإعلانًا ولْنَترُك الَّلومَ لا نَجعلْهُ عُدَّتَنَا *** وَلْنَجعَل الفِعلَ بَعدَ اليَوم مِيزَانَا نريد أن نكون كتلة كالمطر، لا يُدرَي أوله خير أم آخره؟ كتلة فيها الكفاية في كل ناحية، كتلة هي في غِنى عن العالم، وليس العالم في غِنى عنها، تملأ كل ثغر، وتسد كل عِوَز وعجز. فإنه –والله- لا عمل أبقى وأنفع للمسلم من عمل يقضيه في الدعوة إلى الله؛ بيانًا باللسان، وجهادًا باليد، ونفقة من العلم والمال والوقت، وكل مسلم على ثغرة من ثغور الإسلام، وعليه أن يسدها، أيًا كان تخصصه ومستواه وموقعه. إن كان في الحراسة، ففي الحراسة. وإن كان في الساقة، في الساقة. همة أداء الواجب والمشاركة والقيام بالمسؤولية، وفق ما لديه من استطاعة. (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) يا قاصد البحر لعلها لك آفاق وشحنت همتك فحدد أهدافك وسر وحلق مع الهمم العالية وإياك والنظر إلى الخلف لئلا تضعف فتأكل فالقلب كالطائر كلما علا بعد عن الآفات وكلما هبط احتوجته الآفات وما المرء إلا حيث يجعل نفسه خذ من الأسباب ما يقوي همتك من مجاهدة ودعاء صادق أن يعلي الله همتك وقراءة لسير سلفك أهل الهمم ومصاحبة لأهل الهمم والأهم والأهم فإن العمر يعجز عن تحصيل الكل. إن لم تكن للحق فمن يكون *** والناس في محراب الدنايا عاكفون فكن رجل رجله في الثرى *** وهامة همته في الثريا واقصد البحر بإخلاص وصواب وهمة وخل القنوات. فتى الإسلام يا من قصد البحر بإخلاص وصواب وهمة اعلم أن سنة الله التي لا تتبدل ألا ينال ما يرجى ويؤمل إلا بثمن ليس هناك شيء بالمجان وكلما كانت السلعة نفيسة كان الثمن أنفس وأغلى وهذا ما أدركه القائل يوم قال فسرت بالراحة الكبرى فلم أرها *** تنال إلا على جسر من التعب قلما نجد ثمرة إلا ومعها زنبور ولا لذة إلا وإلى جانبها شيء محدور ولن يبقى أحد بمطالبة شفعى مهما كد وسعى بل مرعى بلا ماء وماء بلا مرعى ونحلة مع الشهد وشوكة مع الورد وأرض بها عشب زاك وليس بها ماء وأخرى بها ماء بلا عشب كيف ينال الفضل والجسم خامل وادع وكيف يؤتى المجد والوفر وافر أي مضروب فينا من غير مشقة أي مرغوب لم تبعد على طالبه الشقة المال لا يحصل إلا بالتعب والعلم لا يدرك إلا بالنصب واسم الجواد لا يناله بخيل ولقب الشجاع لا يحصل إلا طويل لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقدام قتال من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل سلعة الله أغلى وأعلى سلعة الله الجنة قد يكون الثمن جهدا ووقتا وقد يكون مالا وامتحانا وقد يكون دما مراقا وبلاء لا ضير مادامت السلعة تستحق فإن المر حين يسر حلو *** وإن الحلو حين يضر مر فكن مر تصادف منه نفعا *** ولا تعجل إلى حلو يضر ادفع الثمن وسابق واقصد البحر وخل القنوات. فتى الإسلام يا من قصد البحر بإخلاص وصواب وهمة وعلم الثمن اترك الثبات وسل الله الثبات فإن الثبات عزيز إذا عشقت طريق اليمن فلا تتجه إلى الشام وأعني باليمن اليمين وبالشام الشمال وليكن لسان حالك ومقالك أنا أحب السير مصاعدا ولا البرق إلا أن يكون يمانيا الطريق واضح والمبادئ بينة وأحب أنك مستيقن بالحق الذي عندك لا تشك فيه أبدا تكره أن تعود بالكفر كما تكره أن تلقى في النار ترتضي أن تجود بالروح وأن تحرق بالنار وتنشر بالمنشار أو تقطع بالسيوف على أن تترك ذاك الطريق أليس كذلك أحسب أن الجواب بلي لماذا؟ لأني أحسبك مطمئنا لمبدئك اطمئنان يثمر للانتفاع بطريق في اليمن بعمل دؤوب متواصل إلى نهاية الأجل غير آبه ولا منتبه إلى طريق الشام وأحسب أنه لم تكثر الأشياء الكثيرة بنفسك يوم ما لأنها نفس مطمئنة في حين تعلم وترى بأم عينك رؤوسا اضطربت بأطماعها وشهواتها فباعت بعرض دينها لأنها مبتلاة بهموم كثرة خيالية مثلها في الهمم كطفيل يحزن لأنه لا يأكل في بطنين أما أنت فأحس أنك ربيت نفسك على أن تعطي في هذه الدنيا ولا تأخذ شيئا قد علقت نفسك بالآخرة حيث الأجر والثواب فكنت لله فلم يكن لك شيء لو كادت السماوات والأرض والجبال لكفاك الله وجعل لك منها فرجا ومخرجا ألم يأتك نبأ [الإمام أحمد] رحمه الله يوم امتحن على القول بخلق القرآن فثبت على الحق ثبوت الجبال حتى أنه كان إذا أريد على ذلك تدور حماليق عينيه كالمجنون يؤتى بالسياط للمعتصم وبجلادين غلاظ القلوب قساة الأفئدة ليأمر كل واحد منهم أن يتقدم ليضرب الإمام بكل ما لديه من قوة سوطين وفى والمعتصم يقول للضارب شد قطع الله يدك ثم يقول المعتصم يا أحمد علام تقتل نفسك إني والله عليك لشفيق ويقول آخر أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم ويقول بعض بطانته الخبيثة التي هي أخبث من بطانة فرعون يقول يا أمير المؤمنين اقتله ودمه في عنقي فيقول المعتصم ويحك يا أحمد ما تقول فيقول أعطوني شيئا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أقل به ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا فيغضب ثم يقول للجلاد تقدم أوجعه قطع الله يدك فيضرب الإمام والمعتصم يقول أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي فيقول أعطوني شيئا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أقل به فيأمر الجميع بضربه ويقول شدوا قطع الله أيديكم حتى ذهب عقل الإمام وأغمى عليه داسوه بالأقدام كفوه على وجهه طرحوه على ظهره ثم يفيق ودماؤه تسيل خلعت أكتافه وهو ثابت كالطود الأشم هنا ينتقلون إلى أسلوب المناظرة فيتقدم أحدهم يناظر ويقول أولست تحسن كتاب الله يا أحمد إن الله يقول (ألم نجعل الأرض مهادا) أي خلقناها مهادا ويقول (إنا جعلناه قرآنا عربيا) أي خلقناه قرآنا عربيا فقال الإمام أحمد في هدوء المؤمن والله تعالى يقول (فجعلهم كعصف مأكول) أهي بمعنى خلقهم كعصف مأكول فألجم وسكت وتقدم آخر فقال الله يقول (الله خالق كل شيء) أو ليس القرآن شيئا فقال الإمام والله يقول (تدمر كل شيء بأمر ربها) فهل دمرت كل شيء أم دمرت ما أراد ربها فبهت وسكت ولا غرو من ذا يساوي بين تغريد البلابل والنعيق. يقول أحدهم مغضبا وأنت لا تقول إلا كتاب سنة كتاب سنة فكان حال الإمام ينطق (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) لسنا وإن عزبت أحلامنا وخوت *** منا الرؤوس بقول الزور ننبهر وثبت الإمام أحمد عليه رحمة الله ونصر الله به السنة وكان بحق إمام هذه الأمة في علمه وثباته وتواضعه يقول أحدهم جزاك الله خيرا عن الإسلام يا إمام فيقول بل جزى الله الإسلام عني خيرا من أنا وما أنا رحمه الله من قدوة ماثلة إلى الآن. قاد الهوى الفجار فأبقى دونه *** وأبت عليه مقادة الأبرار وبالعهد نفسه يراد[ أبو يعقوب البويطي ]على القول بخلق القرآن فيمتنع فيحبس في بغداد حتى مات في الحبس يقول قبل موته والذي لا إله إلا هو لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم (أحسب الناس أن يتركوا) ومن لاذ بالله في دربه كفاه المهيمن من كل شر سيد رحمه الله يحكم عليه بالإعدام وتأتي أخته فتقول اعتذر لعله يخفف عنك قال أأعتذر عن العمل مع الله والله لو كان التعامل مع غير الله لاعتذرت ولكنه مع الله حاله إن بقي شيء في الأجل فلن يقدم وإن لم يبق شيء فلن يؤخر إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فلا والله ما أكتب أخي سالك طريق اليمن رب نفسك ويزمجر بحرك: الله غايتنا وهل من غاية أسمى وأغلى من رضى الرحمن أعدها للبيع على الله عز وجل فإنه يوشك من أهمل نفسه أن ينهزم قلبه وتخونه نفسه عند أول اختبار وبادرة هزة فيتراءى لك أنه حي يرزق ولكنه في الحقيقة ميت. غمد محلا بلا سيف وجدول غير ثابت إن طريق العقيدة الصحيحة والدعوة إليها طريق الأنبياء شاب تتقاصر دونه الهمم الساقطة والعزائم الضعيفة وتجزع دونه الأرواح الهزيلة والقلوب الخاوية طريق الحق محفوف بشوك *** ومحتاج إلى طول المراس إن العقيدة والله لا تحتاجنا بيد أنا نحتاجها لنتزوق طعم الحياة بها فاسلك طريق الإيمان وتدبر القرآن وتعرف في الرخاء على الرحمن واستيقن أن الرزق مقسوم والأجل محدود وقف على أخبار من ثبت تطمئن وتسكن فإذا حصل اطمئنانك إلى أن ما تفعله حق وأنه لله واستعنت بالله فليكن حداؤك ودعاؤك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ثم اسلك طريق اليمن قاصدا البحر ولا تلتفت لطريق الشام وخل القنوات. فتى الإسلام بل يا قاصد البحر التميز التميز إذ هو في حياتك عمدة وضرورة خاصة في عصور طغيان الحياة المادية على الحياة تميز في المسلم يتمثل في تمسكه وقبضه على دينه لقاء عقيدة وعبادة وسلوك بمعنى أن لا يتميع في دينه وينصهر مع المتفلتين منه تحت وطأة الفساد وضغط الواقع ومسايرة المجتمع كما يقال نعم إنه لا يعرف بإصراره على دينه والغيرة على محارم الله أن تنتهك وأي دين وأي خير وأي تميز لمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضيع ودينه يترك وسنة رسوله يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس ما بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ومشاربهم فلا مبالاة بما يجري على الدين لقد بلوا بأعظم بلية ألا وهي موت القلب وهم لا يشعرون عافانا الله وإياكم تميز المسلم بصحة معتقده عند مسائل الاتصال بالتزام السنة عند نشوء البدعة بصدق الإيمان عند نشوب النفاق بعبادته للناس يلهون بأخلاقه إذا أهدرت القيم بالصدق في المعاملة إذا فشى الغش بصمته إذا كثر الخلط بمحاسبته نفسه إذا أهملها الغير بدعوته بجهاده إذا أقبلت الدنيا على أهلها فغيره غاب في لجتها بالإنصاف حتى مع الشنآن لا يخجل من انتمائه لدينه لا يخجل من نهاره لشريعته لا يخجل من أن يتحدث بروايته رواية القرآن ولا يخجل من لباسه الذي يخالف به الكفار التميز ضرورة للسائرين على الدرب ليقدم منهجه للعالمين عمليا قوليا. يذكر [أبو الحسن الندوي] حفظه الله ورحمه أنه وقع نزاع بين الهندوك والمسلمين على أرض يقول الهندوك أنها معبد لهم ويقول المسلمون أنها لهم مسجد وتحاكموا إلى الحاكم الإنجليزي في ذلك الوقت سمع حجة الفريقين وتحاجوا ولم يطمئن إلى نتيجة معينة في محاكمته فسأل الهندوك هل يوجد في القرية مسلم تثقون في صدقه وأمانته لأحكم على رأيه قالوا نعم فلان وسموا شيخا من صالح المسلمين وعلمائهم تميز حتى بين الكافرين فأرسل الحاكم في طلبه إلى المحكمة فقال قال قد حلفت ألا أرى وجه إفرنجي ما حييت فأخبروا الحاكم بمقالة العالم فقال لا بأس يحضر ويدلي برأيه في القضية ولا يلزم أن يراني فحضر الشيخ متميزا قد ولى دبره إلى الحاكم وقال الحق في هذه القضية مع الهندوك والأرض أرضهم ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا فقضى الحاكم بذلك وخسر المسلمون القضية ولا ربما غضب بعضهم ولكنهم كسبوا قلوب أولئك فأسلم منهم جمعا أرأيت كيف يكون التميز إن العلم عارية ووديعة من الله لا تباع كسلعة في السوق لا يتعاون به على إثم آثم أو عدوان معتد أو ظلم ظالم فيا طلاب العلم ميزوا الأنفس عن رفق الهوى وإلى الإسلام سيروا تبعا ومن كمال التميز يا قاصد البحر أن تضع في حسابك أمورا وأنت تخالط الناس وتشاهدهم وتأكل وتشرب معهم وتزول وتزار أن تحرص على أن تظهر بمظهر الدقة والنظام والحفاظ على حقوق الآخرين أنت قدوة ينظر إليه أكثر من الاغتيال أيام الحر لا تكثر من التمخط بصوت عال لا تظهر التجشأ كما يفعل البعض لا تأكل ثوما ولا تصنع لغيرك طعاما فيه ثوم فإن ذلك من التميز ولا تتكلف كثيرا لضيفك لئلا تحرجه وإن كنت ضيفا على أحد فكل أكلك المعتاد لأن صاحب المائدة الكريم يحب أن يأكل الضيف في الزيارة لا تزر وقت قيلولة أو راحة أو منتصف ليل واستأذن قبلها بالهاتف إن أمكن واطرق الباب برفق ثلاثا وإلا فارجع هو أزكى لك وقف إلى جانب الباب لا أمامه إذ ربما تفتح امرأة ثم لا تطل وقت الزيارة فالوقت أنفاس لا تعد لا تصافح أخاك بيد مرتخية ولا بأخرى حديدية وكن وسطا لا تنادي أخاك بمزمار السيارة كما يفعل الطائشون في الهاتف لا تطل الكلام ولا ترفع صوتك واترك اسمك لمن تكلمه مباشرة إن خدمك خادم أو عمل لك عامل فأجزل له الأجرة ولا تماطله في الكلام لا تسابق وأنصت حتى يبرأ مخاطبك في التعزية لا تبادر إلى تعزية مسافر فلعله لا يعلم ما حدث واحذر ثم احذر مما يوجب الخجل وإياك وما يعتذر منه ويسلب المروءة فإن [الشافعي] قد طبق هذا المعنى فقال والله لو علمت أن الماء البارد يسلب مروءتي ما شربته إلا حارا تميز عام حتى في اللعب حتى في الرائحة في كل الأمور فإن العرض يعرض والقول يعرف بلحنه والصبح لا يتمارى بإشعاره ولا يتسع إلى دليل على إشراق أنواره وما كل من قال القريض بشاعر وما كل من عاشر الهوى بمتيم فاقصد البحر وخل القنوات. يا فتى الإسلام اقصد البحر معتدلا متزنا في حكمك وبغضك وولائك وعدواتك واحمل معك ميزان السنة الذي ذكره شيخ الإسلام [ابن تيميه] رحمه الله يوم يقول في فتاواه إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وبر وسفور وطاعة ومعصية وسيئة وبدعة استحقت من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ومن العداوة والعقاب بقدر ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص موجبات الإكرام والإهانة ثم اتبع ذلك بقول [الخطيب البغدادي] فليس من شريد ولا عالم غير الأنبياء إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه فمتى كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله ولذا نقل [ابن القيم] رحمه الله عن شيخ الإسلام قوله انظر [لموسى] صلوات الله وسلامه عليه رمى الألواح التي فيها كلام الله فكسرها وجر بلحية نبي مثله وهو [هارون] عليه السلام ولطم أعين ملك الموت ففقأها وربه تعالى يحتمل له كل ذلك ويحبه ويكرمه لأنه قام لله تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدي عدو له فرعون وصدع بأمر الله وعالج أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة وأمتان كهذه الأمم معالجتها شديدة أليمة يعبدون بقرة ثم يتوقفون في ذبح بقرة ثم يعبرون البحر فيقولون اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فكانت هذه الأمور كلها كالشعرات في البحر لا غرو إذا بلغ الماء كل شيء لم يحمل الخبث ومن قل خطؤه وكثر صوابه فهو على خير والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية فيا قاصد البحر لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا فإن من الناس من إذا أحب كلف كما يكلف الصبي فلا يستغني عن محبوبه طرفة عين وإذا أبغض أحب لصاحبه التلف إن الذي لا عيب فيه غير الأنبياء لم يخلق بعد والكمال لصاحب الكمال وتعني بالمرء جبنا أن تعد معايبه فاربأ بنفسك وأنا أربأ بك أن تكون ممن تستفذه كلمة لم سمعها قاموس التآخري ويجرد أصحابه من كل فضل كأن لم تكن بينه وبينهم مودة ولقد رأيتم معاشر الجمحة بله تلك الطبيعة نحو كل سياري تهوى نفوسهم أذى إخوانهم شغلا بكل دناءة وصغار تبعوا الهوى فهوى بهم وكذا الهوى منه الهوان بأهله محذار صحح الأخطاء واعدل ولا تمس المشاعر وامدح على قليل الصواب يقطر من الممدوح الصواب. عرف نفسك قدرها وانهج بها نهج بكر بن عبد الله يوم يقول إن رأيت من هو أكبر مني سنا قلت سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني وإن رأيت من هو أصغر مني فأقول سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني وإن أكرمني اخوتي قلت تفضلوا علي فجزاهم ربي خيرا إن أهانني اخوتي قلت ذاك لذنب أصبته وعهد بيني وبين الله ضيعته ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه فاقصد البحر وخل القنوات. فتى الإسلام: خذهم بالرُقى؛ إن المَهَارى يهيِّجها على السير الحُداء. لين القول أدعى للقبول، بالتي هي أحسن، بالموعظة الحسنة، وقولوا للناس حُسنًا (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ) "فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه"، "وإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"،" ومن يُحرم الرفق يحرم الخير كله"، لا مُداهنة ولا نفاق، بل نصح في أسلوب دمث مؤثر، يفتح القلوب، ويشرح الصدور. في الحديث الصحيح" أن النبي –صلى الله عليه وسلم لما أراد المسير إلى <حنين> بعث إلى [صفوان بن أمية] –وهو كافر- ليطلب منه أن يعيره مائة درع، وما يُصلحها من عدتها وعتادها، فقال صفوان: أغصبًا يا محمد، فقال –صلى الله عليه وسلم- لا، بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، فأعار النبي –صلى الله عليه وسلم- الدروع، وأمره النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يحملها إلى <حنين> فحملها، ولما عاد النبي –صلى الله عليه وسلم- غانمًا من حنين، وقد تلفت بعض الدروع في الحرب، قال لصفوان: إن شئت غرمتها لك يا صفوان، فقال صفوان: لا وجعل ينظر إلى شعب ملئ بنعم وشاة ورعاء ويديم النظر إلى ذلك النعم، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- يرمقه، ثم قال –صلى الله عليه وسلم- أبا وهب: أيعجبك هذا؟ قال: نعم، قال: فهو لك، فقال صفوان: مه، والله ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا لله، وأنك رسول الله، ودخل في دين الله" خذهم بالرفق؛ إن المهارى يهيِّجهم على السير الحُداء. وثبت من مستدرك [الحاكم] أن [زيد بن ثُعنة]؛ أحد أحبار اليهود اشترى تمرًا معلومًا من النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى أجل معلوم، وقبل الموعد بأيام جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد فرغ من صلاة الجنازة على أحد المسلمين، ودنا إلى جدار ليجلس متعبًا –صلى الله عليه وسلم- فيتقدم زيد فيأخذ بمجامع قميصه وردائه، وينظر إليه بوجه غليظ متجهم، ويقول: يا محمد ألا تقضني حقي؟ والله إنكم لمطل يا بني عبد المطلب، عند ذلك نظر إليه عمر وعيناه تدوران في وجهه من الغضب، ثم قال: يا عدو الله؛ أتقول لرسول الله ما أسمع، وتصنع ما أري؟ والذي بعثه بالحق، لولا ما أُحاذر من لومه لضربت بسيفي هذا رأسك، فيرتعد ويخاف ويضطرب إذ الكلام من عمر، وما أدراك ما عمر؟! وينظر إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فينظر إلى عمر –صلى الله عليه وسلم- ويبتسم في سكون وتؤده، ثم يقول: يا عمر؛ أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك؛ أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن الطلب، اذهب يا عمر فأعطه حقه، وزده عشرين صاعًا جزاء ما روعته. انطلق عمر وأعطى الرجل حقه، وزاده عشرين صاعًا، فقال زيد: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال: أمرني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن أزيدك جزاء ما روعتك، فتلألأ وجه زيد بالبشر، قال: ألا تعرفني يا عمر، قال: لا، قال: أنا زيد؛ حبر اليهود، لم يكن من علامات النبوة شيء إلا عرفته في وجه رسول الله إلا علامتين؛ أنه يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، وقد عرفتهما الآن، فأشهدك يا عمر أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا، وأشهدك يا عمر فوق ذلك أن شطر مالي صدقه على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بالله شدة وعنف تقابل من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بحلم عظيم تجعل ذلك ينضم لهذا الدين، ويبذل له نصف ماله في أول لحظات إسلامه! (وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فيا قاصد البحر ويا أيها الداعي إلى الله: تذكر أن الكلمة القاسية الجافة، لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي نفس المعنى بلا أذى، وفي المثل: إنَّ نقطة العسل تصيد من الذباب ما لا يصيده برميل علقم فبالعوراء لا تنطق، ولكن بما يرضى الإله من الكلام. يمر أحد الصالحين بقرية يدعوهم فيها إلى الهدى، فيسبونه ويشتمونه، فيدعو لهم بالصلاح والهداية، فقال أصحابه: تدعو لهم وهم يريدون بك شرًا، وترد عليهم خيرًا! قال في سُمُو خلق، ورقة نفس، وسعة صدر: كلٌ ينفق مما عنده. إن كريم الأصلَ كالغصنِ كُلما *** ازداد من خيرٍ تواضعَ وانحنى فخذهم بالرقى؛ إن المهارى يهيجها على السير الحداء. فاقصد البحر برفق وخل القنوات. أخيرا يا من قصد البحر بسبب وصحبة إخلاص وصدق وصواب وهمة مقرونة بها يعقبه عمل وقد نقد الثمن بثبات وتميز واتزان اعلم أنك مسئول (فو ربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) فليتق الله قاصد البحر في كل كلمة يقولها وكل حركة أو سكون فإن الله سائله. ذكر عن بعض العلماء رحمهم الله أنه ولي القضاء فحكم على رجل تاجر سفيه طائش فقال له والله ما أردت بحكمك هذا وجه الله ولقد ظلمتني فقال العالم أو تقول ذاك قال نعم وأقسم عليه قال العالم -واسمعوا لما قال- قال والذي لا إله إلا هو ما تكلمت بكلمة منذ أربعين عاما إلا وأعددت لها جوابا بين يدي الله عز وجل! فيا قاصد البحر" لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به" فماذا عسى يكون الجواب أعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا واقصد البحر بإعداد وخل القنوات أخي قاصد البحر ولعل الكل قاصد بقي أمور لابد لي من سردها نظرا للضيق أعط كل ذي حق حقه وقدم فاضل الأعمال على مفضولها واعرف خير الخيرين لتتبع وشر الشرين فادفع وسع الدليل تدور ولا تغتر بالكثرة والبر البر تفلح والقصد واعلم أن الكلام في الموضوع يطول وما قلته سوى وميض حداء على الطريق اكتفيت فيه من القلادة بما أحاط من عنقي عجزا في يق وقت فما وجدت من صواب وحق فاقبله ولا تزد في نقائبه وما وجدت من خطأ في علم لم آل لترك الصواب ويأبى الله إلا أن يتفرد بالكمال والنقص في أصل الطبيعة كائن وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جهولا لكن إن تجد عيبا فسد الخللا *** جل من لا عيب فيه وعلا واقصد البحر وخل القنوات أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علمًا وعملا، اللهم كن لنا، وامكر لنا، وانصرنا وأعنا، واهدنا واهد بنا، ويسِّر الهدى لنا. اللهم كن للمستضعفين والمضطهدين والمظلومين، اللهم اجبر كسرهم، وتولَّ أمرهم، اللهم أزل عنهم العناء، واكشف عنهم الضر والبلاء، اللهم أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، يا سميع الدعاء يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وكلمة أخيرة رسالة جاءتني من مدير مؤسسة الحرمين يدعوكم فيها لأن تتبرعوا لإخوانكم وأنا أشد على يده إخوانكم أحوج ما يكونون إليكم والمؤمنون جسد واحد إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وصلى اللهم على نبينا محمد ومعذرة للإطالة. فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني
-
<B> <H1 style="TEXT-ALIGN: center; MARGIN: 0in 0in 0pt" dir=rtl align=center> أربعون وسيلة لإستغلال شهر رمضان لفضيلة الشيخ الدكتور / إبراهيم بن عبدالله الدويش <B><BR style="PAGE-BREAK-BEFORE: always" clear=all></B> مقدمة إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . . أما بعد :- فقد يتسأل البعض عن سر العدد أربعين ضمن هذه السلسلة (1) فأقول : إنه تيمناً بنوع من أنواع المصنفات الحديثية وهى الأربعينات ، وهذه عبارة عن أجزاء صغيرة يحوى كل منها أربعين حديثاً فى موضوع معين ، أو عام ، يخرجها المؤلف بأسانيده أو يؤلفها مجردة عن السند ، إلى الصحابى الذى روى الحديث : وقد استأنسوا رحمة الله تعالى عليهم فى هذا النوع من التأليف بحديث عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول النووى فى مقدمة الأربعين النووية : أما بعد فقد روينا عن على بن أبى طالب و عبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبى الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم من طرق كثيرة ومن روايات متنوعات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حفظ على أمتى أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة فى زمرة الفقهاء والعلماء" وفى رواية: " بعثه الله فقيهاً عالماً" وفى رواية أبى الدرداء : " وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً " وفى رواية ابن مسعود " قيل أدخل من أى أبواب الجنة شئت " وفى رواية ابن عمر " كُتب فى زمرة العلماء وحُشر فى زمرة الشهداء" . وقد إتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف ؛ وإن كثرت طرقه ؛ وقد صنَّف العلماء – رضى الله عنهم – فى هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات فأول من (علمته) صنف فيه عبدالله بن المبارك ، ثم محمد بن أسلم الطوسى العالم الربانى ، ثم الحسن بن سفيان النسائى ، وأبو بكر الآجرى ، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الأصفهانى ، والدارقطنى ، والحاكم ، وأبو نعيم ، وأبو عبد الرحمن السلمى ، وأبو سعيد المالينى ، وأبو عثمان الصابونى ، وعبدالله بن محمد الأنصارى ، وأبو بكر البيهقى ، وخلائق لا يُحصون من المتقدمين والمتأخرين وقد إستخرت الله تعالى فى جمع أربعين حديثاً إقتداءً بهؤلاء الأئمة الأعلام حُفاظ الإسلام ، وقد إتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف فى فضائل الأعمال (2) . ومع هذا فليس إعتمادى على هذا الحديث بل على قوله صلى الله عليه وسلم فى الأحاديث الصحيحة :" ليبلغ الشاهد منكم الغائب " (3) وقوله صلى الله عليه وسلم :" نضر الله امرءاً سمع مقالتى فوعاها وأداها كما سمعها " (4) ثم من العلماء من جمع أربعين فى أصول الدين وبعضهم فى الفروع ، وبعضهم فى الجهاد ، وبعضهم فى الزهد ، وبعضهم فى الآداب ، وبعضهم فى الخطب وكلها مقاصد صالحة – رضى الله عن قاصديها – وقد رأيت جمع أربعين أهم من هذا كله مشتملة على كل ذلك ، وكل حديث منها مشتمل على قاعدة عظيمة من قواعد الدين . . إلخ ) (5). وأنا لى بهم أسوة فى ذلك ، وإن لم أذكر الأحاديث فى هذه الأربعينات من الوسائل والتوجيهات فقد تعمدت ذلك لأسباب : أولاً : لو ذكرت الأحاديث والآيات لطال الكتاب . ثانياً : إن الهدف هنا هو التوجيه والتذكير وليس العزو والتأصيل . ثالثاً : إن الأحاديث والآيات فى شأن الدعوة مشهورة مستفيضة . وأعلم أيها المحب أن هذه الوسائل والتوجيهات إنما هى إجتهاد بشر عرضة للخطأ والنقص ، أسأل الله العفو والصفح ، ومنه التوفيق والسداد، والعون والرشاد ، وبه أستعين،وهو نعم المعين وتذكر أيها القارئ قبل أن تبدأ : عين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تُبدى المساويا فهذه الوسائل والأفكار التى بين يديك هى بعنوان { أربعون وسيلة لإستغلال شهر رمضان } (6) ولعل القارئ لا ينتهى من قراءتها إلا وقد زاد فيها إلى الخمسين أو فوق ذلك . وهذه الوسائل هى عبارة عن جمع عدد من التوجيهات والأفكار والمقترحات لإستغلال شهر رمضان ولابد لهذه الوسائل من شرطين حتى تكون صحيحة : أولاً : أن تكون الوسيلة مشروعة أى مباحة. ثانيا: أن تؤدى هذه الوسيلة الغرض المطلوب والمقصود منها. أما أسباب إختيار هذا الموضوع فمنها : أولاً : كيف نستغل رمضان وماذا نفعل فى رمضان ؟ سؤال نسمعه كثيراً من الحريصين والحريصات ومن بعض أئمة المساجد ووجود هذا السؤال من المبشرات فتبق الإجابة ومن أجلها جمعنا هذه الوسائل . ثانياً : تضييع البعض ليالى رمضان فى اللهو والسهر ، ونهاره فى النوم والكسل ، فذكرُ هذه الوسائل وحصرها توجيهات لمثل هؤلاء ، وتشجيع لهم لإستغلال رمضان . ثالثاً : ترشيد للصحوة المباركة وتوجيه لطاقاتها للعمل والعبادة والدعوة إلى الله من خلال هذه الأفكار والوسائل . رابعاً : يمر على الإنسان رمضان تلو رمضان ، وهكذا تمر الرمضانات بدون رصد للأعمال والمواضيع والمشاريع وبدون تدارك للأخطاء والتقصير مما يجعلنا فى كل رمضان يأتى نبدأ من جديد ولا شك أن هذا مضيعة للأوقات ، والأعمار فكان هذا الرصد لهذه الوسائل . خامساً : لو لم يكن فى شهر الصوم إلا أنه أحد أركان الإسلام التى لا يتم إسلام المرء إلا بها ، ثم أيضاً إنه العمل – أى الصيام – الذى إختصه الله سبحانه وتعالى لنفسه من بين عمل ابن آدم كله (7) ، ثم أيضاً فيه ليلة هى أفضل من ألف شهر وأنه الشهر الذى إختصه الله بنزول القرآن وأنه شهر المغفرة ومحو الذنوب والسيئات فلو لم يكن فى هذا الشهر إلا هذه الأمور لكفاه شرفاً ومنزلة ولكفانا حرصاً وإصراراً على إستغلال أيامه وساعاته وكل لحظة من لحظاته وهذا الإستغلال منطلق من سنته صلى الله عليه وسلم وأله وصحبه وسلم . قال ابن القيم رحمه الله تعالى فى ذاد المعاد : " فصل : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان : الإكثار من أنواع العبادات ، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن فى رمضان ، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ، وكان أجود الناس ، وأجود ما يكون فى رمضان ، يكثر فيه الصدقة، والإحسان ، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر ، والإعتكاف . وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور ، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة (8) . . . ألخ " . هذه الأسباب الخمسة وغيرها كثير ، جعلنى أختار مثل هذا الموضوع . وقد قسمت هذه الوسائل إلى أقسام منها ما هو توجيهات وأفكار للجادين خاصة ، ومنها توجيهات وأفكار للإهتمام بالقرآن ، ومنها ما هو توجيهات وأفكار للمرأة ، ومنها وسائل وأفكار للصغار . وأذكر بعض التنبيهات قبل أن أبدأ بعرض هذه الوسائل : أولاً : سيكون العرض مختصراً عند طرح الأفكار والتوجيهات بقدر الأمكان ، فأكتفى فى بعض الأحيان بذكر المضمون فقط لوضوح الفكرة وترك الإطالة . فلعل القراء بارك الله فيهم يعذورنا فى سرد هذه الأفكار والتوجيهات بهذا الإختصار فالقصد منها المعرفة والبيان أما التفصيل فلا شك أن كل فكرة وتوجيه يحتاج إلى كتاب مستقل وإنما أردنا التنبيه والإشارة . ثانياً : من هذه التوجيهات والأفكار ما هو مكرر ومعلوم ومشهور لكن ذكرها من باب التذكير والإرشاد ولتكامل الموضوع ثم للتأكيد عليها فى هذا الشهر المبارك الذى تضاعف فيه الحسنات . ثالثاً : هذه الوسائل وهذه الأفكار هى للنشر ويجوز فيها الزيادة والنقصان فعلى كل داع للخير أن ينشرها ويذكر بها والدال على الخير كفاعله . الوسيلة الأولى توجيهات وأفكار عامة أى للناس عامة أولاً : هلى تحب أن تصوم رمضان مرتين ؟ كيف ؟ الإجابة تكون فى حديث زيد بن خالد الجهنى رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم : " من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً "(9) . وهناك صور متعددة يمكنك من خلالها الحصول على هذا الأجر العظيم من تفطير الصائمين . من هذه الصور تفطير الصائمين فى الخارج . فهل تصدق يا أخى الحبيب أن عشر ريالات تفطر صائماً فى اليوم الواحد ! إذن ففى الشهر كم ؟ ثلاثمائة ريال . فإذا أردت أن تحصل على أجر صيام رمضان مرتين فعليك أن تدفع ثلاثمائة ريال وتنال أجر تفطير صائم شهراً كاملاً إن شاء الله تعالى . ثم صورة أخرى : تفطير الجاليات المسلمة الموجودة فى البلد من خلال مساجد الأحياء . وهذه مشهورة فى كثير من مساجد وأحياء هذه البلاد – بفضل الله عز وجل – ولكن تحتاج أيضاً التخطيط والتنظيم فلو رافق هذا التخطيط والتوجيه والإرشاد وعقد الدروس قبل الإفطار على الأقل بساعة لكان هذا شيئاً جيداً ، وخاصة فى هذا الوقت الذى تكون القلوب فيه منشرحة والأذان صاغية لسماع ما يلقى عليها ولو قامت وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب دعوة الجاليات مشكورة بتبنى هذه الفكرة عموماً بتخطيط وتنظيم ، وجدول يشرف عليه المكتب فى جميع أنحاء المدينة ، وأيضاً يشرف على الدروس وتوفير المدرسين باللغات المختلفة أو الترجمة ويصاحب هذا توزيع الأشرطة والرسائل والكتيبات التى تناسب لغة أولئك القوم ، ولا شك أن هذا متوفر فى هذا الزمن ولله الحمد بجميع اللغات . وهناك أيضاً صورة ثالثة وهى :- تفطير الأقارب والجيران ، وفى هذا كما ذكرنا صيام فى رمضان مرتين ، وفيه صلة رحم وبر وحسن جوار . الوسيلة الثانية حث المحسنين وأهل الخير على الإنفاق فى هذا الشهر الذى تضاعف فيه الحسنات فالقلوب مهيئة لجميع إعمال الخير ، وفى رمضان تكثر المناسبات خاصة فى الإفطار لكثير من الأسر . وهذه المناسبات تجمع أعداداً كبيرة من الرجال والنساء فلم لا يستغل هذا الجمع ؟ كيف ؟ يستغل بالتذكير بفضل الصدقة وأحوال إخواننا المحتاجين فى كل مكان ، فتجمع الصدقات بالتنسيق مع الهيئات والمؤسسات الخيرية من خلال صناديق صغيرة توضع عند الرجال وعند النساء . ولا شك أن هذا باب عظيم من أبواب الخير . وقد جربه أحد الشباب ونجح نجاحاً باهراً مع أسرته نسأل الله جل وعلا أن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء . فلعلنا نحرص على هذا الأمر فإن حال المسلمين اليوم فى كل مكان وفى كل صقع من أصقاع المعمورة حالة يرثى لها ، وإن كانت هناك مبشرات ولله الحمد والمنة ؟، ولكننا أيضاً نريد أن نشعر بالجسد الواحد وأن نقف مع المسلمين وقفة صادقة لنكون كما أخبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم بذلك المثل " مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (10) . ولا بأس أن يكتب على هذه الصناديق : إما للفقراء والمساكين فى الداخل أو يكتب عليها أيضاً للمسلمين فى الخارج أو ما شابه ذلك حتى يتجه المتصدق إليها بنية محددة . الوسيلة الثالثة التوجه إلى القرى والهجر إستغلال أخر إسبوع من رمضان فرمضان أربعة أسابيع نريد من الشباب أصحاب السواعد الفتية والعضلات القوية فى نهاية كل إسبوع من أسابيع رمضان أن يتوجهوا للقرى والهجر فى توزيع الإعانات وإطعام الطعام للمساكين فى تلك القرى والهجر وتوعية أهلها ، عبر الكلمات ، وخطب الجمع ، وتوزيع الأشرطة والرسائل نتمنى حقيقة أن نجد من أصحاب الهمم والسواعد الفتية ومن الشباب الإسلامى ومن تعلق قلبه بالجنان ألا يترك إسبوع من أسابيع رمضان فى هذا الشهر إلا وتنطلق فئات من الشباب محملون بكل خير ولو نظم هذا الأمر أيضاً وخطط له وطرح بقوة ورتب له من قبل وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب الدعوة والجمعيات الخيرية لرأينا شبابنا أفواجاً فإننا نحسن الظن فيهم ولله الحمد والمنة . وقد رأينا كثيراً من نشاطاتهم ولكننا نريد أن نستغل توجه القلوب إلى الله جل وعلا فى هذا الشهر المبارك فلا نريد الخمول والكسل والجلوس بين الأولاد والأزواج وترك هذا الأمر العظيم ونترك المسلمين من أهل القرى والبوادى فى جهل عظيم . الوسيلة الرابعة زيارة تجمعات الشباب وهى من الإقتراحات العامة الزيارات من قبل الدعاة وطلبة العلم والصالحين ومحبي الخير من شباب الصحوة للأرصفة وتجمعات الشباب والجلوس معهم وتقديم الهدايا والأشرطة والكتيبات لهم . فإن هؤلاء اللشباب يشكون هجركم أيها الأحبة بل ويتهمونكم بالتقصير ، وإنكم سبب كبير فى غفلتهم وبعدهم عن الله كما ذكر ذلك كثير منهم ويعتذرون بالخجل والحياء منكم وإلا لجاءوا بأنفسهم إليكم كما قال بعضهم . وأتمنى أيضاً لو قامت مكاتب الدعوة والإرشاد بالإعلانات عن مثل هذا المشروع قبل رمضان وتسجيل أسماء الراغبين فى المشاركة وترتيب جدول للزيارات ويكون ذلك قبل دخول شهر رمضان . الوسيلة الخامسة هدنة مع وسائل الإعلام وهى من التوجيهات العامة أيضاً إذ كنت ممن إبتلى ببعض وسائل الإعلام فى بيتك فلماذا لا تفكر يا أخى الحبيب ويا ولى الأمر ؟ لماذا لا تفكر بعقد هدنة مع أهلك وأولادك خلال هذا الشهر المبارك بهجرها والإبتعاد عنها وعزلها ؟ وذلك بالترغيب والكلمة الطيبة وبالتذكير بعظمة هذه الأيام ؟ على الأقل خلال هذا الشهر ولعلها أن تكون إن شاء الله بداية النهاية ولا شك أن رمضان من أعظم المناسبات لتربية النفوس وإن لم تستطع خلال هذا الشهر أن تعزل أهلك ولو لشهر واحد من السنة فمتى إذن ؟ خاصة وأن النفوس كما ذكرنا مهيئة والشياطين مصفدة . فحاول يا أخى الحبيب وإستعن بالله تعالى وكن صادقاً من قلبك فستجد إن شاء الله العون والإجابة من الأهل والأولاد . وأيضاً أتمنى أن تتوقف خلال هذا الشهر المبارك عن قراءة المجلات والجرائد حتى ولو كانت مباحة . فإن السلف الصالح رضوان الله عليهم ومن سار على نهجهم يهجرون مجالس التحديث وطلب العلم ليتفرغوا فى رمضان لقراءة القرآن والنظر فيه والعبادة وقيام الليل . أفلا تستطيع أن تهجر المجلات والجرائد ووسائل الإعلام ولو خلال هذا الشهر . الوسيلة السادسة الدعاء قبل الإفطار أوقات الإفطار وقبل الآذان بدقائق لحظات ثمينة ودقائق غالية هى من أفضل الأوقات للدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى وهى من أوقات الإستجابة كما جاء فى الحديث " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم ، ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر"(11) . والعبد الصائم مقبل على الله منكسر نفسه ومع ذلك يغفل كثير من الناس عن هذه اللحظات خاصة الأسر عند الإجتماع على الإفطار بالحديث والذهاب وبالإياب وتجهيز وجبات الإفطار فلماذا لا نتذاكر أيها الأحبة بفضل وإستغلال هذه اللحظات والحرص عليها برفع الأيدى والأكف إلى الله سبحانه وتعالى . راقب هذه اللحظات وستجد الغفلة العجيبة عند كثير من الناس . والعجيب أيضاً أننا نرى التجمعات والجلسات فى الطرقات وعند الأبواب من بعض الشباب بل ومن بعض الآباء وإذا مررت بأحد الشوارع فأنظر يمنة ويسرة فستجد تلك التجمعات حتى قبيل الغروب إن لم يكن إلى الأذان . سبحان الله هذه اللحظات الغالية أوقات الدعاء والإستجابة والتفرغ يغفل عنها أهل التوحيد ؟ ! وكلنا بحاجة إلى الدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى والموفق من وفقه الله . الوسيلة السابعة بر الوالدين بر الوالدين والقرب منهما وقضاء حوائجهما وطاعتهما ومحاولة الإفطار معهما فبعض الشباب تجده كثير الإفطار فى بيته أو عند أصحابه ولا يجلس مع والديه ولا يفطر معهما إلا قليلاً ولا شك أن برهما من أعظم القربات إلى الله تعالى كيف لا وقد قرن حقهما بتوحيده وعبادته وحده جلا وعلا . ومن صور التقصير أيضاً فى حق الوالدين خلال هذا الشهر المبارك أن بعض الفتيات تكثر من النوم فى النهار والسهر فى الليل أو حتى فى الخروج أو حتى فى قراءة القرآن والأم وحدها فى المطبخ لإعداد وجبات الإفطار والسحور وربما لو أمرت الأم أو نهت تلك الفتاة بأمر ما لصاحت وإنهالت على أمها بالكلام ، إنها غافلة عن هذه العبادة العظيمة التى يجب أن نحرص عليها لإستغلال هذا الشهر المبارك ولا شك أن الأجر مضاعف فى هذا الشهر فلعل مثل هذا الأمر ينتبه إليه إن شاء الله . الوسيلة الثامنة الجلوس فى المسجد بعد صلاة الفجر النوم فى ليالى رمضان يعين كثيراً على إستغلال الأوقات الفاضلة كبعد صلاة الفجر مثلاً أو وقت السحر ونحن نرى المساجد بعد صلاة الفجر بدأت تهجر بعد أن كانت فى رمضانات مضت تمتلئ بالتالين والذاكرين مما يشجع الكثير من الناس على المكوث بعد صلاة الفجر فى المسجد لكننا نرى المساجد فى مثل هذا الوقت شبه خاوية لسرعة خروج المصلين . ولو أن الإنسان نام شيئاً من الوقت فى ليل رمضان لكسب الكثير من الأوقات ولأحيا هذه السنة المباركة فى الجلوس بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس ثم يصلى ركعتين فيحصل على أجر حجة وعمرة تامة كما فى الحديث " من صلى الفجر فى جماعة ، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة " (12) . الوسيلة التاسعة تدريب النفس على هجر المعاصى ومازلنا فى التوجيهات والوسائل العامة ، إذا كنت ممن إبتلى بمعصية أو فتنة أو إعتادت عليها النفس وألفتها وأصبح الفراق عليها صعباً وثقيلاً ، فإن رمضان فرصة عظيمة للصبر والمثابرة ومجاهدة النفس عن تلك الفتنة فالشياطين مصفدة والنفس منكسرة والروح متأثرة والناس من حولك صيام قيام إذن فالأجواء والظروف كلها مهيئة للإبتعاد عن الفتنة وهذه المعصية فمثلاً : التدخين ، شهر رمضان فرصة عظيمة للمدخنين لهجر وترك التدخين وتدريب النفس على هجرها والإبتعاد عنها . وكذلك مشاهدة الحرام ، أو الغيبة والنميمة ، أو إستماع الغناء ، أو بذاءة اللسان ، أو غيرها من السيئات أسأل الله أن يحفظنا وإياكم وأن يعين أصحابها على هجرها وتركها إن شاء الله . فأقول يا أخى الحبيب إستعن بالله تعالى وكن صاحب عزيمة وهمة عالية ، فلا تغلبك تلك الشهوة أيجوز أن تكون مسلماً موحداً مصلياً وتغلبك سيجارة – والله إن هذه هى دناءة الهمة والخور والضعف . أسأل الله العافية ثم أيضاً عليك بالدعاء واللجوء إلى الله تعالى وأصبر وصابر وحاسب النفس فستجد إن شاءالله أنك تغلبت على هذه الشهوات . الوسيلة العاشرة السواك فى رمضان السواك سنة مؤكدة فى كل وقت فى رمضان لعموم الأدلة لكنها كغيرها من العبادات فى مضاعفة الأجر وطلب الثواب لمناسبة الزمان وهى من أهم أبواب الخير التى يُغفل عنها فى رمضان . ومنافع السواك كثيرة وفيه من الأجر والثواب العظيم والكثير وكما ذكرنا يغفل عنه الكثير ، خاصة من النساء فإنك لا تكاد ترى أو تسمع عن هذه السنة بين النساء وأنت تنظر لزوجك أو بناتك أو أخواتك وترى قلة وجود السواك بين الأصابع ، وقد كانت كثير من الصالحات والصحابيات رضوان الله تعالى عليهن وممن سار على دربهن يداومن على هذه السنة ومن الطريف ما يروى عن على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه أنه دخل يوماً على زوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجد فى فمها عوداً من الأراك فأراد أن يداعبها . والشاهد أنها كانت تستاك رضى الله تعالى عنها وهذه قصة ومثال نسوقه لأخواتنا من الصالحات ولبناتنا لعلهن إن شاء الله يقتدين بتلك الصالحات فأقول فأراد أن يداعبها رضى الله تعالى عنه فقال هذين البيتين وهو يخاطب عود الأراك :- لقد فزت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا لو كنت من أهل القتـال قتلتُك ما فاز منى يا سواكُ ســواكا ولو قام أهل الخير والمحسنين بتوفير أعداد كبيرة من السواك فى هذا الشهر المبارك وتوزيعها بين المسلمين فى المساجد خلال هذا الشهر لكان ذلك إحياء لهذه السنة التى غفل عنها كثير من الناس . الوسيلة الحادية عشر العمرة فى رمضان وهى تعدل حجة مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى ثوابها (13) ولم يقيدها النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالعشر الأواخر ، كما يصر الكثير من المسلمين أن تكون فى العشر الأواخر من رمضان ولا شك أن هذا يزيد فى الأجر ، ولكن إذا نظرنا إلى بعض الأحوال كالغلاء الفاحش مثلاً فى المساكن هناك ، ووجود النساء بكثرة وتبرجهن ، والإزدحام فى الحرم وكثرة المتسكعين فى الأسواق المجاورة للحرم وأيضاً إزدحام الناس بشدة ، كل هذه الظروف تجعلنا نقول لعلنا نحرص على العمرة فى أوائل أيام شهر رمضان تحاشياً لهذه الأمور . ولا شك أنه من الانسب خاصة إذا نظرنا لهذه الظروف أن نحرص على العمرة فى العشرين الأول . ومن فوائد أداء العمرة فى العشرين الأوائل أنها تتيح لك فرصة إستغلال العشر الأواخر بالإعتكاف ، أو القيام على الأهل وحاجتهم والوالدين والجلوس معهما أو حتى بنفع المسلمين فى الوقت الذى إرتحل فيه كثير من الدعاة والمصلحين وطلبة العلم عن أحيائهم وتركوا مساجدهم بدون موجه أو مرشد بحجة أداء العمرة . الوسيلة الثانية عشر نشر العلم فى القرى والهجر توجه بعض الشباب ليؤموا الناس فى القرى والهجر وللدروس والتوجيه وهذه تختلف عن الوسيلة الأولى لأن الوسيلة الأولى فى نهاية الإسبوع ولتوزيع الطعام . ولكن هذه الفكرة هى أن يتوجه عدد كبير من الشباب إلى القرى والهجر خلال هذا الشهر ليؤموا الناس هناك ولإلقاء الدروس وتوجيه الناس وإرشادهم فإن الجهل كما ذكرنا هناك عظيم وكما تعلمون فكم من المسلمين فى هذه الأماكن لا يجدون حتى من يصلى بهم وإن وجدوا فخذ اللحن والأخطاء الجليلة فى كتاب الله جل وعلا . وإن وجدوا أيضاً من يصلى بهم لا يجودن الموجه الذى يبين لهم كثيراً من الأحكام الفقهية التى يحتاجون إليها ولو نظرنا لسيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل مكثوا فى المدينة ؟ لا ولكن تفرقوا فى البلاد لنشر هذا الدين ولم يبق منهم ف المدينة إلا العدد القليل . توجهوا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لبث الدعوة ونشر الإسلام وتوجيه الناس وقد يتثاقل بعض الشباب عن مثل هذا الأمر فأقول لا بأس من التعاون فى التناوب بين بعض الشباب فى هذه الأماكن وسد إحتياجاتها حتى ولو تناوب فى القرية الواحدة ثلاثة أو أقل أو أكثر . ولو قامت أيضاً مكاتب الأوقاف لشئون المساجد بالتعاون مع مكاتب الدعوة والإرشاد بالتخطيط لهذه الفكرة وقام المحسنون أيضاً برصد المكافأت المالية لأولئك الشباب المحتسبين لوجدنا ورأينا أثر هذا الأمر على هذه الأماكن ولقد سمعت ولله الحمد أن وزارة الشئون الإسلامية ممثلة بمكاتب الأوقاف وشؤون المساجد قد وضعت مكافأة مالية قدرها 2000 ريال لأولئك الذين يؤمون الناس فى تلك المساجد الشاغرة سواء فى داخل المدينة أو خارجها إذن فما هو عذركم أيها الشباب والسبل كلها مهيئة . <BR style="PAGE-BREAK-BEFORE: always" clear=all> الوسيلة الثالثة عشر عصر يوم الخميس وهى أخر التوجيهات والوسائل العامة وهو إقتراح موجه لمكاتب الدعوة أيضاً وعندما أقول لمكاتب الدعوة راجياً أن ينتفع من هذه الوسائل الناس عموماً فى هذه البلاد أو فى غيرها . وهذه الفكرة هى إستغلال عصر الخميس فى كل إسبوع من رمضان فى إقامة المحاضرات العامة أو الندوات أو المسابقات الثقافية الكبيرة. لماذا عصر الخميس بالذات ؟ لأن الناس فى أجازة وقد أخذوا قسطاً كبيراً من الراحة ، بالإضافة إلى أن الغالب متفرغون لا شغل لهم فيقبلون لا شك على مثل هذه المشاريع ويعلن عنها فهل نرى ذلك قريباً إن شاء الله . أفكار وتوجيهات لأئمة المساجد وعددها تقريباً أحد عشر وسيلة : الوسيلة الرابعة عشر تنويع الحديث بعد صلاة العصر فلينتبه أئمة المساجد بارك الله فيهم فإن المسؤلية عليهم عظيمة فلو أنهم أخلصوا النية لله وقاموا بشيئ من واجبهم لوجدنا الأثر الكبير لا أقول فى المدن بل فى كل مكان . ويظن بعض أئمة المساجد أن الوظيفة هى الصلاة بالناس وينتهى الأمر . لا والله . بل أن الأمر عظيم والمسؤلية أكبر . ولعل هذه الأمور أن تعينهم إن شاء الله . فهذه التوجيهات لأئمة المساجد لإستغلال هذا الشهر المبارك لنفع الناس بكل وسيلة ومنها : الإهتمام بحديث الصلاة بعد العصر وذلك بتنويعه والتجديد فيه . فتارة فى احكام الصيام وتارة فى الرقائق وتارة فى أخطاء يقع فيها الناس وتارة بفتح الحوارات مع المصلين والأباء وكبار السن وليس من اللازم أن يكون الحديث دائماً من الأمام بل ينبغى التنويع بإستضافة بعض طلبة العلم أو الدعاة فى بعض الأيام فأقول : يا أيها الإمام لماذا لا تضع خطة لشهر رمضان؟ خطة كاملة فى المواضيع والمشاريع التى ستنفذها خلال الشهر بدلاً من اللامبالاة والتخبط فى المواضيع التى يقرأها بعض الأئمة على جماعتهم أو القراءة من أى كتاب قريب لديه بدون إعداد ولا تعليق بل تعال وأسمع كثرة الأخطاء واللحن فى كثير من النصوص ، ولا تجزع إذا لم تُعط طاعة وإذا لم يقدر لك قرد أيها الإمام مادمت لا تبالى ولا تهتم فى هؤلاء الناس الذين أمامك لكن إفعل ذلك وستجد التكريم والتقدير من جماعة المسجد والإحترام الذى فرضه عليهم إخلاصك لله سبحانه وتعالى ونشر هذا الدين فضلاً عن التحلى بالأخلاق وما يرونه من نشاط تقوم به . <BR style="PAGE-BREAK-BEFORE: always" clear=all> الوسيلة الخامسة عشر وهى الثانية بالنسبة للأئمة قراءة كتاب الصيام من أمهات الكتب لماذا لا يقرأ الإمام على جماعته كتاب الصيام من أحد كتب الفقه المعتمدة كالزاد مثلاً أو المغنى أو العدة أو غيرها من كتب الفقه المعتمدة – فالناس بحاجة عظيمة للتفقه فى شهرهم وفى هذا الركن العظيم من أركان الإسلام فلا شك أنهم يجهلون كثير من أحكام الصيام . لماذا لا تأخذ على نفسك عهداً على أن تبدأ من أول يوم من رمضان إلى اخر رمضان بتقسيم كتاب الصيام ولا بأس من إضافة بعض التوجيهات أو الشروح عليه من خلال بعض الشروح الموجودة وليس شرطاً أن يكون بعد صلاة العصر فإجعل مثلاً ما بعد صلاة العصر للمواضيع العامة . وما بعد صلاة الفجر للدرس الخاص مثلاً فمن أراد أن يجلس يجلس ومن أراد أن يذهب يذهب ول و لم يبق بعد صلاة الفجر إلا واحداً أو إثنين فقط لكفى , تفقيه للنفس وجلوس فى المسجد إلى شروق الشمس ، وعلم ينتفع به ، أو بعد صلاة الظهر أو ما شئت من الأوقات . فهذا مجرد إقتراح ونسأل الله عز وجل أن ييسره قريباً فى مساجدنا من خلال أئمتنا . الوسيلة السادسة عشر صندوق للفتاوى وضع صندوق للفتاوى عند الرجال والنساء خاصة فى هذا الشهر ، ثم جمعها وإعداد الإجابات عليها كل فترة ، فإن لدى الناس كثيراً من الأسئلة – خاصة فى رمضان – يحتاجون إليها فى أمور دينهم لكنهم لا يجدون من يسألون فيتهاونون ويتكاسلون فى ذلك . ومثل هذه الصناديق لا شك أنها ستكون إن شاء الله عوناً وميسراً لهم لمعرفة كثير من المسائل والإستفسارات وجرب هذا وستجد أثر ذلك على نفسك وعلى جماعة مسجدك . الوسيلة السابعة عشر لوحة الإعلانات الإهتمام بلوحة الإعلانات والتوجيهات فى المسجد – أقول الإهتمام بها والتجديد فيها والإثارة فى عرض المواضيع والدعاية والإعلان الملون وغيره فإنها من وسائل التوجيه والإرشاد والدعوة . <BR style="PAGE-BREAK-BEFORE: always" clear=all> الوسيلة الثامنة عشر هدية رمضان توزيع الأشرطة والكتيبات ولو ليوم واحد فى الأسبوع وإستغلال المناسبات التى يكثر فيها المصلون . وإن لم يكن هذا دائما فى كل إسبوع فلا أقل من أن تقدم هدية تسمى بهدية رمضان لأهل الحى مكونة من شريط ورسالة أو كتيب وبعض الأحكام أو النشرات للعلماء الموثوق بهم ترسل إلى بيوت الأحياء معنوناً لها بهدية رمضان . الوسيلة التاسعة عشر الأسرة المسلمة إقامة مسابقة الأسرة المسلمة ويعلن عنها فى بداية شهر رمضان وتوزع الجوائز فى أخر ليلة وهى ليلة العيد وذلك بطرح المسابقات النافعة الهادفة بعنوان " مسابقة الأسرة المسلمة " وتوزع على أهل الحى ويشارك فيها الجميع كباراً وصغاراً نساءاً ورجالاً ثم تعلن النتائج فى أخر ليلة من رمضان ولا بأس أن يشارك الأئمة والمأمومون فى الحى أو فى المسجد كل بما يستطيع . هذا يساعد فى إعداد الأسئلة وهذا بتوزيعها وبعض التجار من المحسنين يرصد مبالغ للجوائز فى ليلة العيد . وهكذا يتكاتف المسلمون بإحياء رمضان بالدعوة ونشر الفقه فى الدين وإشغال الأوقات بما يعود بالنفع على الجميع ، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية . الوسيلة العشرون كلمة يسيرة من الدعاة إستضافت بعض الدعاة وطلبة العلم فى بعض الأحياء لتوجيه كلمات يسيرة لبضع دقائق بعد صلاة التروايح مثلاً أو بعد صلاة العصر أو غيرها من الأوقات . الوسيلة الحادية والعشرون إحياء سنة الإعتكاف دعوة أهل الحى للإعتكاف ولو ليوم واحد لإحياء هذه السنة ونشر الألفة والترابط بين جماعة المسجد الواحد فيحدد يوم فى بداية العشر ويقال فى المسجد من أراد أن يشارك فى الإعتكاف فإننا ننوى إن شاء الله الإعتكاف فى مسجدنا ليلة كذا فإن هذا فيه خير عظيم وهو من باب التعاون على البر والتقوى . <BR style="PAGE-BREAK-BEFORE: always" clear=all> الوسيلة الثانية والعشرون إفطار جماعى دعوة أهل الحى أو الجماعة للإفطار فى المسجد ولو ليوم واحد خلال الشهر فإن هذا يزيد الألفة والترابط والمحبة بين جماعة المسجد . الوسيلة الثالثة والعشرون التودد للذين لا يشهدون الصلاة إلا فى رمضان إغتنام فرصة حضور المتخلفين عن صلاة الجماعة فى غير رمضان لأنهم يحافظون على الصلاة فى رمضان فقط وهذا أمر محزن وخطير ، كأن هذا الصنف من الناس لا يعرفون الله إلا فى رمضان وبئس رجل لا يعرف الله إلا فى رمضان . فيجب إغتنام فرصة وجود هؤلاء والذين لا تراهم إلا فى رمضان وذلك بتنبيههم إلى خطورة هذا العمل وفداحة أمر التهاون بالصلاة التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " (14) وذلك بعد كسب قلوبهم بحسن التخلق معهم والسلام عليهم وأيضاً بالتودد لهم بزيارتهم وإهدائهم بعض الهدايا وذلك لإبعاد الوحشة والنفرة التى يوقعها الشيطان فى قلوبهم . الوسيلة الرابعة والعشرون حفل لتوزيع جوائز المسابقة إقامة حفل مصغر بمناسبة العيد لأهل الحى ليكن مثلاً فى ليلة العيد أو فى أى ليلة يراها جماعة المسجد . وفى هذا الحفل توزع جوائز المسابقة التى تكلمنا عنه فى الوسيلة التاسعة عشر ويوزع فيها أيضاً شيئ من الهدايا على الصغار والكبار ولا شك أن إقامة مثل هذا الأمر فيه إحياء لأهل الحى وترابط عجيب وألفة ومحبة بين جماعة المسجد الواحد . وسائل وأفكار وتوجيهات فى الإهتمام بالقرآن وهى تقريباً أربع وسائل الوسيلة الخامسة والعشرون حلقات للكبار لتحسين التلاوة نسمع كثيراً ممن يقرؤون القرآن فى المساجد من العامة بل ومن الموظفين وغيرهم وهم كحاطب ليل فى القراءة وقد يسمعهم من بجوارهم يخطئون ويلحنون ومع ذلك يخجل من تقويمهم والرد عليهم فيظل كثير من الناس على حالهم مع كتاب الله بلحنهم وأخطائهم . فلماذا لا تقوم جماعات المساجد وأئمة المساجد بإقامة حلقات للكبار لتحسين التلاوة لا نقول للحفظ وإنما لتحسين التلاوة ويكون ذلك أيضاً بعد صلاة الفجر أو الظهر أو العصر الأوقات المناسبة التى يتفقون عليها ويُعلن عن ذلك من قبل جماعة المسجد مع حث الجميع على المشاركة خلال شهر رمضان وتذكيرهم بفضل تلاوة القرأن وفضل الماهر بالقرآن وهكذا ستكون هذه بداية خير لكثير إن شاء الله ممن يشارك فى مثل هذه الحلقات فهل نرى ونسمع هذه الإعلانات من أئمة المساجد بالتنسيق مع جمعيات تحفيظ القرآن لتطبيق هذه الفكرة ؟ فلا شك أننا سنجد خيراً كثيراً لو وجدنا مثل هذه الأمور منتشرة فى مساجد أحيائنا . الوسيلة السادسة والعشرون عقد حلقة فى البيت لتلاوة القرآن نحن نرى كثيراً من الأباء يجلسون بعد صلاة العصر لتلاوة القرآن وهذا لا شك أمر محمود نسأل الله تعالى ألا يحرمهم الأجر ، ولكن لو سألته وقلت له أين أولادك الآن ؟ ماذا تفعل بناتك الأن فى البيت ؟ ربما لا يعلم وربما أنهم نيام وربما أمام التلفاز وربما فى الشارع وربما في غير ذلك . فنقول : لم لا يتوجه الأب بعد صلاة العصر مباشرة إلى بيته فيعقد حلقة لتلاوة القرآن مع أولاده وبناته . ويرصد لهم ولمن يرى فيهم الحرص على الإستمرار جوائز وهدايا تشجيعية . وبهذا العمل تحصل مكاسب عظيمة ومن هذه المكاسب : أولاً : حفظ الأولاد من البرامج المسمومة الموجهة لهم وقتل أعظم أيامهم وأفضلها . ثانياً مشاركة البنات اللاتى يذهبن ضحية الغفلة عن ترتبيتهن والمحافظة على أوقاتهن . ثالثاً إحياء البيت بذكر الله وملئه بالجو الإيمانى الروحانى بدل إماتته وملئه بالأغانى وبرامج التلفاز ومسلسلاته خاصة فى شهر رمضان . رابعاً : تقوية الأرتباط الأسرى الوثيق بين الأب وأولاده وبناته . أيضاً خامساً : محاولة ختم القرآن لأهل البيت جميعاً وإستغلال رمضان من جميع أهل البيت الوسيلة السابعة والعشرون تدبُر القرآن يمر علينا رمضان تلو رمضان وربما ختمنا القرآن كثيراً وربما كان همُ أحدنا متى يصل إلى نهاية السورة ومتى يصل نهاية القرآن . ولا شك أن فى ذلك أجراً عظيماً ، فقد كان السلف يكثرون من ختم القرآن فى رمضان . ولكن لماذا لا نضع خطة خلال هذا الشهر أن نقرأ القرآن بتدبر ونقف مع أياته بالرجوع إلى كتب التفسير وتقييد الخواطر والفوائد منها . كان ابن تيمية رحمه الله يقول " ربما طالعت على الأية الواحدة نحو مائة تفسير ! ثم أسأل الله الفهم وأقول يا مُعلم آدم علمنى . . ." (15) . فنتمنى أن نرى شبابنا فى المساجد يقرؤن القرآن وبجوارهم كتب التفاسير ينظر فى هذا تارة وفى هذا تارة ونغفل أيضاً عن الأحاديث الرمضانية والنظر فيها وفى شروحها وتقييد الشوارد والفوائد منها فإنه يُفتح على الإنسان فى هذا الشهر لمناسبة الزمان ما لا يُفتح عليه فى غيره . الوسيلة الثامنة والعشرون درس على الرصيف وهى موجهة للتجماعات والشلل الشبابية سواء على الأرصفة أو فى الإستراحات أو فى الخيام أو فى غيرها والتى تقضى ساعات الليل فى لعب الورق تارة وفى الإسترخاء ومشاهدة التلفاز تارة أخرى وفى الأحاديث والثرثرة تارة وهكذا تقتل ليالى رمضان دون أى إستشعار لعظمة هذه الأيام وفضلها فأقول لهؤلاء الشباب لماذا لا يفكرون ولو فى ليالى رمضان من إدخال بعض البرامج النافعة ؟ نتمنى أن يغير البرنامج كاملاً ويستبدل بما فيه نفع لهم ولأمتهم بدلاً من تضييع الاوقات فيما لا فائدة فيه . نسأل الله لهم الصلاح والهداية فإن كان لابد من هذه الجلسات فلنحاول الإصلاح قدر الإستطاعة وذلك بإدخال بعض البرامج النافعة كما ذكرت آنفاً وذلك مثل : الإجتماع على تلاوة القرآن ولو لمدة نصف ساعة . أو أننا نقول كما يقول بعض الشباب أن قراءة القرآن " لا تصلح إلا للمطاوعة ؟!" لأننى أذكر أنى طرحت هذه الفكرة على طلابى فى الكلية وقلت : لماذا لا يتجرأ أحدكم على زملائه ويقول : لنحرص يا شباب على أن نجلس نصف ساعة مع كتاب الله نقرأه . فالقرآن ليس حكراً على الصالحين فهو كلام الله جلا وعلا وكتاب الله سبحانه وتعالى وهو لنا جميعاً وإن عصينا أو وقعنا فى كبائر الذنوب فالباب مفتوح للجميع وقراءة القرآن من الحسنات وقد قال الله سبحانه " إن الحسنات يذهبن السيئات" "هود:115" وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " (16) فلماذا لا نقترح على هؤلاء الشباب أو يقترح بعضهم على بعض أن يكون من البرنامج قراءة القرآن ولو لنصف ساعة أو إستماع شريط أو غيرها من البرامج الجادة النافعة فكما ذكرنا أن حب القرآن والإقبال عليه ليس حكراً على الصالحين فقط . فهل نرى إن شاء الله ذلك بين شبابنا قريباً توجيهات ووسائل للجادين خاصة الوسيلة التاسعة والعشرون الحرص على تكبيرة الإحرام أقول : لو نظرنا لأنفسنا وحرصنا على الصلاة والتبكير إليها لوجدنا التقصير الواضح خاصة ممن يوُسم بالخيرية والإلتزام ، فلم لا يكون رمضان فرصة عظيمة لمحاولة تصحيح هذا الخطأ ؟ وذلك بمعاهدة النفس ألا تفوت تكبيرة الإحرام أبداً خلال هذا الشهر فإذا نجحت فحاول أن تستمر على ذلك لمدة عشرة أيام بعد رمضان ليكون العدد أريبعين يوماً فتحصل على برائاتين من النار وبراءة من النفاق كما جاء فى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من صلى أربعين يوماً فى جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان من النار وبراءة من النفاق " (17) ثم حاول أن تحسب كم من المرات فاتتك تكبيرة الإحرام فى شهر رمضان ؟ ولعلك أن تنجح إن شاء الله فى تصحيح هذا الخطأ ثم لماذا لا تحرص على تطبيق اليوم الإسلامى بالكامل خلال رمضان وذلك بالحرص على النوافل والطاعات وإحياء السنن فلا تفوت عليك السنن والرواتب خلال هذه الثلاثين يوماً ولا تغفل عن لسانك وحبسه عن الغيبة والنميمة وغيرهما وأيضاً لا تغفل عن صلاة الليل والقيام ولا عن قراءة جزء واحد من القرآن على الأقل والحرص على الصدقة وصلة الرحم وقضاء حاجات الناس من الفقراء والمساكين وزيارة المرضى والمقابر والإستغفار والدعاء وكثرة ذكر الله فى كل لحظة فإن هذه غنيمة باردة . وهذا الشهر فرص ومواسم تفوت ولا ترجع وبإختصار أقول إحرص على كل عمل صالح وإن كنت تفعل ذلك فى غير رمضان فإنه يتأكد فى رمضان لمضاعفة الحسنات ومناسبة الزمان وفقنا الله وإياك للعمل الصالح . الوسيلة الثلاثون تذكير الغافلين لماذا لا يُستغل تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران و إنكسار النفوس ورقة القلوب فى هذه الشهر لماذا لا يستغل من الجادين فى توجيه طلابنا وزملائنا فى الفصول والقاعات الدراسية وذلك بعد صلاة الظهر مثلاً أو فى أماكن العمل والدراسة فأين الكلمة الصادقة الناصحة فى نهار رمضان من المدرس لطلابه أو من الطالب أو الموظف لزملائه ؟ أين الجلسات الإنفرادية بالزملاء الغافلين والتحدث معهم ونصحهم لإستغلال شهر رمضان وهذه الأيام وإهدائهم الشريط والكتاب أو غير ذلك من الهدايا النافعة فإن النفوس كما ذكرنا مهيئة ورغم أنف ثم رغم ( 18) أنف من أدرك رمضان ثم لم يغفر له كما جاء فى الحديث (19) . الوسيلة الحادية والثلاثون وهى أيضاً للجادين خاصة وللمسلمين عامة الصدقة فى السر الصدقة فى رمضان لها منزلة خاصة عند المسلمين وهى من دواعى قبول الأعمال والعبادات وأنت يا أخى الحبيب بحاجة ماسة شديدة لنفعها وأجرها وظلها يوم القيامة فلم لا تجعل لك مقدار من الصدقة تعاهد نفسك على أن تخرجها كل ليلة وتداوم عليها ثم أيضاً تنوعها فتارة ملاً وتارة طعاماً وليلة ثالثة لباساً وليلة رابعة فاكهة أو حلوى وتتحسس بيوت المساكين والفقراء بنفسك لتوصلها إليهم وأنصحك أيضاً بألا يعلم عن هذا العمل أحد غيرك فإنك بحاجة إلى عمل السر بينك وبين الله فكم من الأجر العظيم ينالك بهذا الفعل ولا يخفى عليك أن من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله " رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " (20) وقد ورد مثل هذا عن عدد كبير من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم كعمر بن الخطاب وعلى بن الحسين زين العابدين وغيرهم ممن حرصوا على التسلل فى ظلم الليالى للقيام على الأرامل والمساكين " فالساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله " (21) فهل تفعل ذلك وتحرص على هذه العبادة العظيمة فى السر بينك وبين الله ؟ الوسيلة الثانية والثلاون السحر من أجمل الاوقات ومناجاة المولى جلا وعلا وفى رمضان لا شك نستيقظ للسحور فأين أنت من ركعتين تركعهما فى ظلمة اليل تناجى فيهما ربك فكثير من الناس عن هذا الوقت المبارك غافلون . وبعض الناس يتصور أنه إذا صلى التروايح مع الناس وأوتر فى أول الليل إنتهت صلاة الليل وإكتفى بذلك وحرم نفسه من هذه الأوقات الثمينة والدقائق الغالية فالله الله فى إستغلال السحر ما دمت فيه يقظان فأن من صفات أهل الجنة التى ذكرها الله تعالى فى سورة آل عمران " الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" الأية (17) . ثم أيضاً ذكر سبحانه وتعالى فى سورة الذاريات أن من صفات المتقين أصحاب الجنات والعيون قال " وبالأسحار هم يستغفرون" الأية (18) . هذه من صفات المتقين فهل تستغل هذه الاوقات فى الإستغفار ؟ فإن قلت نعم فأقول عليك بسيد الإستغفار (22) وعليك أيضاً بكثرة التكرار مائة أو سبعين مرة كما ورد عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم (23) فى كل ليلة وفى كل وقت من أوقات السحر خلال هذا الشهر المبارك وأخيراً لا تنس أن من السبعة الذين يظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله " ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " (24) فإحرص يا أخى الحبيب على هذا الوقت الثمين وأحرصى يا أختى المسلمة على هذا الوقت العظيم ألا يفوت علينا خاصة وأننا فى شهر رمضان وأننا ممن قام للسحور فجميعنا يقظان فلنستغل هذه الدقائق فى هذه العبادة العظيمة . توجيهات وأفكار موجهة للمرأة فى رمضان : الوسيلة الثالثة والثلاثون إستحضار النية وكثرة الذكر أثناء عمل البيت فالمرأة فى رمضان يذهب الكثير من وقتها خلال هذا الشهر المبارك فى مطبخها خاصة فى الساعات المباركة مثل ساعات الغروب وأوقات الإستجابة وكذلك ساعات السحر فى وقت السحور ولكن حتى لا تعتبر هذه الساعات الطويلة ضياعاً فعليها أن تنتبه لهذه الأمور : وعلينا نحن أن ننبه زوجاتنا وبناتنا ونساءنا إلى مثل هذه الأمور حتى يكتب لها وقتها ولا يضيع عليها ومنها : أ- إستحضار النية والإخلاص فى إعداد الفطور والسحور وإحتساب التعب والإرههاق فى إعدادها فعن أنس رضى الله عنه قال كنا مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال فنزلنا يوماً منزلنا حاراً وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقى الشمس بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم " ذهب المفطرون اليوم بالأجر " (25) . إذن فيا أيتها المسلمة إن عملك لا يضيع أبداً بل هل تصدقين أن قلت لك أن هذا العمل حرم منه كثير من الرجال ؟ لأن القائم على الصائم له أجر عظيم فما بالك وأنت صائمة ثم أنت أيضاً تعدين هذا الطعام وتقضين كثيراً من وقتك فى إعداده فلا شك أنك على خير المهم إستحضار هذه النية من طاعة للزوج ورعاية للأولاد وغير ذلك ولن يضيع الله عملك إن شاء الله . ب- يمكنها إستغلال هذه الساعات فى الغنيمة الباردة وهى كثرة الذكر والتسبيح والإستغفار والدعاء وهى تعمل . . فبدلاً من أن يضيع عليها وقتها فى رمضان بدون فائدة فإنها تجمع بين الحسنيين إستحضار النية وكثرة الذكر والدعاء وهى تعمل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . ت- الإستماع للقرآن والمحاضرات عبر جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ وأقول الخاص بالمطبخ لأحث الرجال والإخوان على الحرص على توفير جهاز تسجيل خاصاً بالمطبخ . . لماذا ؟ لأن المرأة تقضى كثيراً من وقتها فى المطبخ فلعلها أن تستغل هذا الوقت فى مثل هذه الأمور تارة بإستماع شريط وتارة بالتسبيح والتهليل والتحميد وأيضاً بالإحتساب وإستحضار النية الخالصة فى إطعامها وعملها وتعبها لها ولاولادها وزوجها . الوسيلة الرابعة والثلاثون شراء ملابس وحاجيات العيد فى بداية رمضان وفى ذلك مكاسب منها : إستغلال أيام وليالى رمضان وخاصة العشر الأواخر فما الذى يحدث ؟ يضيع وقت كثير من النساء وكذلك أولياء أمورهن فى الذهاب للخياط تارة أو الذهاب للمعارض أو الأسواق وهكذا تضيع الاوقات الثمينة فى أمور يمكن قضائها والإنتهاء منها قبل دخول الشهر أو فى أوله حيث تكون الأسواق شبه فارغة والأسعار رخيصة فلماذا ننتظر إلى وقت الزحام وغلاء لأسعار ؟! أمر أخر وهو تفريغ الزوج وعدم إشغاله فى أعظم الأيام وهى العشرة الأواخر لماذا أفتن ولدى أو زوجى أو غيره بمخالطة النساء المتبرجات فى مثل هذه الأيام الفاضلة ؟! الوسيلة الخامسة والثلاثون صلاة التراويح فى المساجد صلاة التراويح من السنن الجماعية ومن الآثار النبيلة التى تعطى هذا الشهر الكريم روحانية متميزة فتجد صفوف المسلمين والمصلين متراصة وتسمع التسبيح والبكاء والتشنيج . إلا أن هذا الخير قد تحرمه بعض نسائنا لا إهمالاً منها وإنما إنشغالاً بالأولاد والجلوس معهم وهى بهذا بين أمرين كلاهما ثقيل أولاً : إما بالذهاب إلى المسجد وأخذ صغارها وقد يؤذون المصلين فتنشغل بهم أو بين الجلوس فى البيت وحرمان النفس من المشاركة مع المسلمين وربما حاولت الصلاة فى بيتها ولكنها تشكو من ضعف النفس وقلة الخشوع وكثرة الأفكار والهواجس فماذا تفعل إذن ؟ أسوق هذا الإقتراح : لم لا تتفق مع بعض أخواتها بالإجتماع فى أحد البيوت للصلاة جماعة مع إهتمام إحداهن بالصغار أو تجلس إحداهن مع الصغار والأخريات يذهبن للصلاة فى المسجد وهكذا إذا إتفقت الأخوات على أن تقوم واحدة منهن كل ليلة بالإهتمام بالصغار فإنها على الأقل ستكسب كثيراً من أيام وليالى رمضان مع المسلمين أما أن تخسرها بهذه السهولة فلا . وأقول : على الأزواج والأباء الحرص على حث أزواجهم وأخواتهم وبناتهم على الذهاب معهم إلى المساجد فإلى متى ونحن نترك المرأة أيها الأخيار وحدها فى البيت ونحرمها من الدروس والتوجيه والروحانية فى الصلاة مع المسلمين وسماع الخير الكثير فإن فى ذهابها خيراً كثيرا إذا خرجت بصفة شرعية غير متعطرة ولا متجملة أو متبرجة كلك ينبغى عليها ألا تخضع بالقول وألا ترفع صوتها فى المسجد فتؤذى المصلين وعليها أن تتجنب الحديث فى المسجد لغير حاجة خشية أن تقع فى المحرم من غيبة أو نميمة وخلاصة القول أنه ينبغى أن يعلم أن صلاة المرأة فى بيتها أفضل وخروجها للمسجد لتحصيل منافع لا يمكن تحصيلها فى البيت وإلا فبيوتهن خير لهن . ولا ننسى أن فى صلاح المرأة صلاح المجتمع فلذلك نحث الأباء والأخوة على الحرص على أخذ أزواجهم وبناتهم إلى المساجد وألا يُتركن فى البيت لأنهن إن تركن فى البيت بلا عون ولا توجيه وإرشاد أصبحن عرضة للغفلة " فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " (26) . الوسيلة السادسة والثلاثون وضع جدول غذائى منتظم إذا نظرنا إلى المأكولات الكثيرة والمشروبات وتنوع أصنافها على سفرة الإفطار فإنك تضطر إلى أن تقول لماذا يا أيتها المرأة المسلمة لا تجعلى لك جدولاً غذائياً منتظماً لتقسيم هذه الأصناف على أيام الأسبوع فهل يشترط أن نرى جميع الطعام فى كل يوم ؟ لا يشترط هذا . وهل يشترط أن نرى جميع أنواع العصيرات فى كل يوم ؟ أيضاً لا يشترط ولا شك أننا بهذا التنظيم نكسب أموراً كثيرة منها : أولاً : عدم الإسراف فى الطعام والشراب وقد نهينا عن ذلك ثانياً : قلة المصاريف المالية وترشيد الإستهلاك ثالثاً : التجديد فى أصناف المأكولات والمشروبات وإبعاد الروتين والملل بوجود هذه الأصناف يومياً . رابعاً : حفظ وقت المرأة وطلب راحتها وإستغلاله بما ينفع خاصة فى هذا الشهر المبارك فهذا شيئ من الثمار ومن الفوائد فى تطبيق هذا الإقتراح فيا ليت أن بعض الأخوات يفعلن مثل هذه الجدول ولعلهن أن ينفعن غيرهن من أخواتهن فى توزيعه فى مدراسهن وأماكن إجتماعهن فإن فعل ذلك كما ذكرنا فيه فوائد جمة . ثم أختم الإقتراح الخاص بالمرأة بتحميلها المسؤلية أمام الله سبحانه وتعالى عن الإسراف فى بيتها فهى المسؤلة الأولى عن الإسراف فى الطعام والشراب وتعدد الانواع . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته . . ثم قال " والمرأة راعية فى بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها " (27) . الوسيلة السابعة والثلاثون إستغلال وقت الحيض والنفاس فى الذكر وأعمال البر الصلاة فى أول وقتها من أعظم الوسائل لإستغلال رمضان والملاحظ خاصة عند المرأة تأخير الصلاة عن وقتها وذلك لعدم إرتباطها بالجماعة والتكاسل عنها ثم نقرها كنقر الغراب وذلك بحجة إما العمل فى المطبخ أو التعب فى الدراسة أو التعب من الصوم أو غيرها من الأعذار فعلى المرأة أن تحرص على المحافظة على الفرائض الخمس فى وقتها بخشوع وخاصة فى هذا الشهر المبارك والذى كما ذكرت تتضاعف فيه الحسنات وتتنوع فيه العبادات وأيضاً فبعض النساء إذا حاضت أو نفست تركت الاعمال الصالحة وأصابها الفتور مما يجعلها تحرم نفسها من فضائل هذا الشهر وخيراته فنقول لهذه الأخت وإن تركت الصلاة والصيام فهناك ولله الحمد عبادات أخرى مثل الدعاء والتسبيح والإستغفار والصدقة والقيام على الصائمين وتفطيرهم وغيرها من الأعمال الصالحة الكثيرة ثم أبشرك أنه يكتب لك من الأجر مثل ما كنت تعملين وأنت صحيحة قوية . كيف ذلك ؟ لحديث رسول صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه وآله وسلم الذى قال فيه " إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له تعالى من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً " (28). إذن فلتبشرى، المهم إستحضار النية الصالحة والخالصة والحرص على كثير من الخيرات والعبادات التى تستطيعنها ثم عن قراءة القرآن للحائض والنفساء فيه خلاف مشهور بين العلماء لكن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى رأى جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء بدون شرط أو قيد . أخيراً من الوسائل والأفكار للصغار والخاصة فى رمضان ثلاث وسائل الوسيلة الثامنة والثلاثون تشجيع الصغار على المحافظة على الصلاة إقتراح لأئمة المساجد للإهتمام بالصغار وتشجيعهم على المحافظة على الصلوات والتبكير للمسجد وتعويدهم على صلاة التروايح كذلك وذلك بأن يعلن إمام المسجد لأهل الحى من أول يوم فى رمضان عن رصد عشر جوائز تقل أو تكثر لأحسن عشرة صغار يحافظون على صلاة الجماعة ويبكروا لها ويحافظوا على صلاة التروايح أيضاً ومن الجميل مشاركة بعض جماعة المسجد بالتشجيع كبعض التجار بالجوائز القيمة ومشاركة بعض الأباء بطرح بعض المبالغ المالية لشراء جوائز قيمة لتشجيع هؤلاء ولا بأس من تعاون الشباب مع إمام المسجد بمتابعة هؤلاء الصغار أو تكوين لجنة خاصة تتابعهم لتفرز فى نهاية الشهر هؤلاء العشرة أو عن العدد الذى يحدد ثم فى نهاية الشهر أى فى ليلة العيد توزع الجوائز على هؤلاء الصغار ولك أن ترى أثر ذلك على الصغار بل والكبار بل والحى كله ولو كان فى المسجد لوحة للمثاليين كل شهر لرأيت عجباً من الأبناء والأباء . الوسيلة التاسعة والثلاثون مسابقات فى حفظ القرآن والسنة وهى خاصة أيضاً بالصغار وذلك بطرح مسابقات رمضانية لهم إما بحفظ بعض الأجزاء من القرأن الكريم أو الأحاديث النبوية أو بمعرفة سيرة الصحابة معرفة شاملة أو غيرها من المسابقات النافعة وتوزيع الجوائز فى الليلة الأخيرة من رمضان ولك أيضاً أن ترى أثر ذلك على الصغار وإستغلال أوقاتهم وحفظهم من الشوارع ووسائل الإعلام وإنشغالهم بالبحث والقراءة والنظر والحفظ من خلال هذه المسابقات فى ليلة العيد إذن أصبحت ليلة العيد حقاً فى ليلة العيد وفى ختام شهر رمضان نسأل الله أن يبلغنا ذلك – تجد أن المسجد قامت فيه مثل هذه الأنشطة نشيطاً وحياً وترى أثر ذلك على أهل الحى جميعاً – لا أقول على الصغار فقط ولكن على الآباء بل على النساء أيضاً فى البيوت وإننا لنسمع تشجيع كثير من الأمهات والأخوات لكثير من الصغار لمثل هذه الأمور إذا طرحت من جماعة المسجد فهل يقوم أئمة المساجد بدورهم الحقيقى فى الحى . الوسيلة الأربعون والأخيرة تعويد الصغار على الصيام وفعل الخيرات وهى تعويد الصغار على الصيام والقيام وتشجيع الأب بصحبتهم للمسجد تارة وبالثناء تارة وبالكلمة الطيبة وبالجوائز بل وتعويدهم على الصدقة وبذل الطعام وتوزيعه على الفقراء والمساكين المجاورين . وعندما تعطى الطفل الصغير ليوزعه بنفسه للجيران وللفقراء والمساكين وتذكره بالأجر وبفضل هذه الأعمال فإن ذلك يُنشأه نشأة صالحة تقول إحدى الأمهات لصغيرها بعد أن وزع بعض الأشياء على بيوت بعض الجيران قالت له وكان وقت وجبة الغداء قالت له : تغذيت ؟ قال نعم تغذيت أجراً !! فنتمنى حقيقة أن يعيش صغارنا مثل هذه المعانى الجميلة التى تربيهم وتنشئهم تنشئة صالحة والأمر كما قال الشاعر : وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه وتقول الربيع بنت معوذ عن صيام عاشوراء " فكنا نصومه بعد ونُصومه صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن ( أى من القطن ) فإذا بكى أحدهم على الطعم أعطيناه ذلك ( أى اللعبة ) حتى يكون عند الإفطار " (29) . أى حتى يُتم صومه ذلك اليوم تُشغله بهذه اللعبة وفى ذلك تمرين لهم وقد أقر النبى صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الفعل لأنه فُعله بحضرته فهو أيضاً من السنن التقريرية عنه صلى الله عليه وآله وسلم . خاتمة هذه أربعون وسيلة لإستغلال شهر رمضان وهذه الوسائل منها ما هو معلوم ومنها ما هو جديد وما بقى أيها الأحبة إلا أن نحرص على هذه الوسائل وننشرها بين الناس كافة ومحاولة الوقوف مع أئمة المساجد لإحياء مساجدنا وأحيائنا بمثل هذه الأفكار والإقتراحات وغيرها مما يفتح الله به على بعض المهتمين جعلنا الله وإياكم من مفاتيح الخير فى كل مكان . نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما ذكرنا وأن يوفقنا للعمل الصالح والعلم النافع ونسأله جل وعلا أن يبلغنا شهر رمضان . . اللهم بلغنا شهر رمضان . . اللهم بلغنا رمضان . . اللهم بلغنا رمضان وإجعلنا من الصائمين القائمين فيه يا أرحم الراحمين ، اللهم إجعلنا من الصالحين المصلحين اللهم إنفعنا وأنفع بنا أنت ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . تعليقات هامشية : 1) سلسلة " وسائل وتوجيهات " وهى ضمن الدروس العلمية العامة والتى كانت تُلقى فى مدينة الرس بمنطقة القصيم وكانت كالتالى :- الحلقة الأولى : أربعون وسيلة لإستغلال رمضان . الحلقة الثانية : أربعون وسيلة لإستغلال موسم الحج . الحلقة الثالثة : أربعون وسيلة لإستغلال الأجازة الصيفية . الحلقة الرابعة : أربعون وسيلة لتربية الصغار أو توجيهات وأفكار فى تربية الصغار " . 2) فى الإتفاق نظر ، بل الخلاف فيه معروف مشهور كما فى كتب مصطلح الحديث وفى الصحيح والحسن غنية عن الضعيف والحمد لله . وأنظر تدريب الرواى للسيوطى 1/299 .ط مكتبة الرياض الحديثة تحقيق : عبد اللطيف عبد الوهاب ، وقواعد التحديث للقاسمى ص 113 ، ط . دار إحياء الكتب العربية ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، وراجع إن شئت ضعيف الجامى للألبانى 1/45 . 3) جزء من حديث طويل أخرجه البخارى 8/108 المغازى (ح 4406 / باب (77) حجة الوداع ، ومسلم 3/1306 القسامة (ح1679) باب (9) تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال . 4) أخرجه أبو داود 3/322 العلم (ح3360) باب (10) فضل نشر العلم ، والترمذى 5/33 العلم(ح2656) باب (7) ما جاء فى الحث على تبليغ السماع ، وأحمد فى المسند 5/183 وغيرهم من حديث زيد بن ثابت ، وقال الترمذى : حديث حسن ، ونقل المناوى فى فيض القدير أن الترمذى صححه ، وقال : قال ابن حجر فى تخريج المختصر : حديث زيد بن ثابت هذا صحيح ، وقال الألبانى فى صحيح أبى داود 2/697 : صحيح . وقال الترمذى : وفى الباب عن عبد الله بن مسعود ، وعاذ بن جبل ، وجبير بن مطععم ، وأبى الدرداء وأنس . 5) أنظر مقدمة شرح الأربعين النووية للنووى (631-676هـ) ط . دار ابن كثير بيروت . تحقيق : محمود وعبد القادر الأرناؤوط . 6) أصل هذه الرسالة من سلسلة الدروس العلمية العامة التى يُنظمها المكتب التعاونى بمدينة الرس ألقى فى 27/8/1414 هـ تم تفريغه وتقديمه للطباعة قبل شهر رمضان لعام 1417هـ رجاء أن ينفع الله به المسلمين فى كل مكان . 7) كما جاء فى حديث أبى هريرة " كل عُمل ابن أدم له إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به . . . " رواه البخارى (فتح البارى ج4/125ح/1894 كتاب الصوم : باب فضل الصوم ، ومسلم (2/806) (1151)كتاب الصيام : باب ففضل الصيام. 8) زاد المعاد /2/32 . 9) رواه أحمد (4/4/114و116) والترمذى (807) وقال : " حديث حسن صحيح " ، وابن ماجه (1746) وابن حبان (895) وصححه الشيخ الألبانى (صحيح الجامع 6415) . 10) رواه مسلم (4/1999) (2586) كتاب البر والصلة : باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعادضهم . 11) صححه الشيخ الألبانى كما فى صحيح الجامع (3030) عن أبى هريرة عند البيهقى فى شعب الإيمان والعقيلى فى الضعفاء . والحديث رواه الترمذى (3668-تحفة الأحوذى) وابن ماجه (1752) وغيرهم عن أبى هريرة بلفظ " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ودعوة المظلوم " وقال الترمذى " حديث حسن " . . والحديث فى إسناده جهالة ، ولكن قال الشيخ الألبانى فى ضعيف ابن ماجه (386) وصح منه شطره الأول لكن بلفظ " المسافر" وفى رواية الوالد " مكان الإمام – أنظر السلسلة الصحيحة (596 ، 1797 ) . 12) رواه الترمذى (583- تحفة الأحوذى ) وقال " حديث حسن غريب " عن أنس بن مالك رضى الله عنه وحسنه الألبانى كما فى " صحيح الترغيب" (461) وصححه فى صحيح الجامع (6346) . وللحديث شواهد عن ابن عمر وأبى أمامة وغيرهم كما ذكر المنذرى . أنظر صحيح الترغيب (1/361) . 13) كما جاء فى حديث ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال " فإن عمرة فى رمضان تعدل حجة " وفى رواية للبخارى أيضاً " تقضى حجة معى " وعند مسلم " فإن عمرة فى رمضان تقضى حجة ، أو حجة معى " وفى رواية " فإن عمرة فيه تعدل حجة " أنظر فتح البارى (3/705ح/1782) و (4/86/ح/1863) ومسلم (1256)(2/917) . 14) رواه أحمد (5/346) والنسائى (1/231)وابن حبان(1454) والترمذى (2621) وقال : " حديث حسن صحيح " وابن ماجه (1/333) والحاكم (1/6) وقال : " هذا حديث صحيح الإسناد لا تعرف له علة بوجه من الوجوه " ووافقه الذهبى . وصححه الشيخ الألبانى " صحيح الجامع " 4143) . 15) العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ص 26 لابن عبد الهاادى ، تحقيق : محمد حامد فقى . 16) رواه أحمد (5/228و236) والترمذى (4/356) وقال : " حسن صحيح " وحسنه الشيخ الألبانى " صحيح الجامع " (97) . 17) رواه الترمذى (2/440) وحسنه الشيخ الألبانى " صحيح الترغيب " (404) وفى صحيح سنن الترمذى (1/77) . 18) رغم أنف : أى ذَل عن كره ( القاموس المحيط ص 1439) . 19) رواه الترمذى (2/271) وقال حسن غريب من هذا الوجه وصححه الشيخ الألبانى " صحيح الجامع" (3510). 20) رواه البخارى (فتح البارى 2/618ح/660) كتاب الأذان : باب من جلس فى المسجد ينتظر الصلاة ) ومسلم (2/775) (1031) كتاب الزكاة : باب فضل إخفاء الصدقة . 21) رواه البخارى ( فتح البارى 10/452ح/6007) كتاب الأدب : باب الساعى على المسكين ، ومسلم (4/2286) (2982) كتاب الزهد والرقائق باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم . 22) روى البخارى (فتح البارى11/100ح/6306) كتاب الدعاوت : باب أفضل الإستغفار ،عن شداد بن أوس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم : سيد الإستغفار أن يقول : اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما إستطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك على ، وأبوء بذنبى ، أغفر لى ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسى فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ". 23) روى البخارى ( فتح البارى 11/104/ح/6307 ) كتاب الدعوات : باب إستغفار النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى اليوم والليلة من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول : والله إنى لإستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة ". 24) تقدم تخريجه فى هامش /52 . 25) رواه البخارى ( فتح البارى 6/98/ح/2890) كتاب الجهاد والسير : باب فضل الخدمة فى الغزو ومسلم (2/788) (1119) كتاب الصيام : باب أجر المفطر فى السفر إذا تولى العمل . 26) أخرجه أبو داود (547) والنسائى (2/106) وحسن النووى إسناده فى رياض الصالحين (1070) وكذا الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (5701) . 27) رواه البخارى (فتح البارى 2/441/ح/893) كتاب الجمعة : باب الجمعة فى القرى والمدن ومسلم (3/1459)(1829) كتاب الأمارة : باب الأمام العادل وعقوبة الجائر . 28) رواه البخارى ( فتح البارى 6/158/ح/2996) كتاب الجهاد والسير باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل فى الإقامة . 29) رواه البخارى (فتح البارى 4/236/ح/1960) كتاب الصوم : باب صوم الصبيان ومسلم (2/798) (1136) كتاب الصيام باب من أكل فى عاشوراء فليكف بقية يومه . </B></H1>
-
....... مايك المنتدى ........
Mr Hamdy Ahmad replied to Mr Hamdy Ahmad's topic in منتدى الحوار العام
شكرا لكي اختي الكريمة زهرة جهينة على المرور الكريم وشكرا للاخت دفء الانس على المشاركة الجميلة وبفكركم يا جماعة ان طالما العضو قا انا انتهيت أو خلصت يسمح لباقي الاعضاء بالتعليق وذلك قبل الاعلان عن العضو التالي في الموضوع أما عن العضو القادم في المنتدى فهو أخي العزيز وشاعرنا المبدع الجندي المجهول فليتفضل مشكورا والمايك معاه -
-
جزاك الله خيرا اخي الكريم وربنا يهدي المسلمين والمسلمات
-
اهداء الي اخي في الله عاشق الصداقة
Mr Hamdy Ahmad replied to نونا19's topic in منتدى التصميم والجرافيك
-
انتو مهتمين برمضان اوى كدة ليه؟؟؟؟؟؟؟؟
Mr Hamdy Ahmad replied to الفقيرة الى الله's topic in رمضانيات
موضوع اكثر من رائع أختي الكريمة جزاكي الله خيرا -
شكرا اختي الكريمة على حلمك وجزاكي الله خيرا ولقد تفهمت الامر وجزاكم الله خيرا
-
كل عام وانتا طيب
وان شاء الله بعد رمضان نفرح فيك كدة
مش عاوز اقول رمضان الجاي
عشان متقولش عليا حاجة
تسلملي ياعلي
-
أخي العزيز الجندي المجهول
جزاك الله خيرا على جهودك العظيمة
واتشرف بدعوة حضرتك لتقل كلمتك في موضوع
مايك المنتدى
أرجو الرد حتى أقوم باعلان اسم حضرتك
وجزاك الله خيرا
-
....... مايك المنتدى ........
Mr Hamdy Ahmad replied to Mr Hamdy Ahmad's topic in منتدى الحوار العام
جزاكي الله خيرا الاخت الكريمة دفء الانــــــــــس كلمة طيبة ورائعة جعلها الله في ميزان حسناتك ومن أجمل ما قلتي في وجهة نظري المتواضعة وكمـــــــــــــــــــــــــــــان بصراحة كلمات تنقش بماء الذهب في المنتدى وكده اتفتح باب النقاش ووضع الاراء على كلمات الاخوة فمن أراد التعليق فليتفضل مشكورا واان شاء الله اخر اليوم سوف نعلن عن العضو القادم في المايك شكرا لكم -
جزاكي الله خيرا اختي الكريمة
ونورتيني بالزيارة
وطبعا بروفايلي مش اجمل من خاصتك
جزاكي الله خير وكل عام وانتم بخير
-
-
نفـــــــــس عميـــــــــــــــق ونفكر نفكر نفكر حالك ايه قبل رمضان
Mr Hamdy Ahmad replied to بسمة الاقصى's topic in رمضانيات
جزاكي الله خيرا اختي الكريمة بجد فتحتي عنيا على حاجات كتيرة مكنتش واخد بالي منها اللهم بلغنا رمضان واجعلنا ممن غفرت لهم في هذا الشهر الكريم -
جاوب بصدق ......... هام جدا لكل الاعضاء
Mr Hamdy Ahmad replied to Mr Hamdy Ahmad's topic in منتدى الحوار العام
أختي الكريمة الفقيرة الى الله شكرا جزيلا على المرور الكريم ولقد راقني ردك على الصديق ولقد ضربتي أروع الامثلة في الصداقة وهل هناك خير من الصاحبين صلى الله على النبي ورضي الله عن الصحابي وجعلنا ممن يجاورونهم في الجنات العلى تشبيه رائع بلا شك جزاكي الله أختي الكريمة ورزقك ما تتمني أختي الكريمة زهرة جهينة لم أقصد والله ما نما الى عقلك الا انني وجدت النقاش قد احتد فأردت أن أخففه بمزحة لا غير ونحن أخوة قبل وبعد أي شيء ونحن لا نرفض الرأي الآخر ولكننا نطلب له أسبابا معقولة يقبلها العقل وكل ما ثبت بالدليل فالأولى أن نصدقه طالما لا يؤدي الى معصية ايه ده احنا دخلنا في كلام جامد ربنا يكرمك اختي الكريمة وجزاكي الله خيرا على الاهتمام وجعل هذا النقاش في ميزان حسناتك -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العزيز علي أولاً جزاك الله خيرا على الموضوع الرائع وبالنسبة للعنوان فلو كان صديقا صحيحا ما حذف لان الصديق بمعناه الحقيقي هو الذي لا تستطيع الاستغناء عنه بأي حال من الأحول وإذا غضبت منه أو غضب منك فسرعان ما تعود المياه إلى مجاريها وذلك لان الصداقة الحقيقية تزيل الهموم والحقد من قلوب الأصدقاء أما عن هؤلاء الذين نلتقيهم ونسجل أسماءهم فهؤلاء ما هم إلا دعائم للحياة لتعرف منها الخير والشر الحق والضلال القوة والضعف فلكل منهم دور أو مساحة في حياة الفرد إذا انتهى هذا الدور يمحى اسمه من الذاكرة أما بالنسبة لــــــــــــــــــ فلو كنت أنا الخاطئ لبادرت إليه بالصلح ولو كان هو الخاطئ لبادرت إليه بالعفو جزاك الله خيرا وعذرا على الإطالة سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
-
هههههههههههههههههههههههههه بجد جامدة