Mr Hamdy Ahmad
شباب ياللا يا شباب-
عدد المشاركات
978 -
انضم
-
تاريخ اخر زيارة
-
Days Won
7
كل منشورات العضو Mr Hamdy Ahmad
-
جزاك الله خيرا اخي عاشق الصداقة وجعلها في ميزان حسناتك
-
وجزاكي خيرا أختي الكريمة شكرا لمرورك الكريم
-
سلسلة مصارحات رمضانية ما أشد قبحها في رمضان أخي الصائم .. ما أجمل ليالي رمضان وما أندى أحاديثها إذا تجالس الأحباب ونثروا بينهم ورود الود وتهادوا رياحين الكلام ينتقون أطايبه كما ينتقى أطايب التمر كما يقول الفاروق , صفت أرواحهم بالصيام وطهرت ألسنتهم بالذكر والسلام , واغتسلت جوارحهم بطول القيام , تلاقوا كما تتلاقى الغصون في موسم الربيع ليس بينهم صخاب ولا سباب ولا تشوى بينهم أعراض الخلائق , بل تتجاذبهم مشاعر الأشقاء فينصح بعضهم بعضاً ويدل أحدهم أخاه على ما يصلح آخرته ودنياه , فإذا بالمنافع تجني كما تجنى الثمرات , وإذا المحبة تطفح على الوجوه بالضحكات والبسمات . هذه هي الصورة المثلى التي يجب أن تكون عليها مجالسنا في كل حين ولا سيما في رمضان شهر الطهارة من فحش القول وآفات اللسان . ولكن هل هذا واقع كل الناس ؟ لعل الجواب سيكون : لا وإنما هو حال ثلة منهم رأوا أن من تمام صيامهم عن المفطرات الصوم عن أعراض الناس والتفكه بها منصتين إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :" من لم يع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري . ومن أشد الزور في القول نقيصة الغيبة , التي لم تدع _ إلا ما رحم ربي _ مجلساً إلا دنسته , ولا لساناً إلا زلت به , ولا طالحاً ولا صالحاً إلا راودته , فلم يسلم إلا قليل . الغيبة ذلك الوحش الضاري , والعدو الصائل , ينقض على الحسنات فينهشها وعلى اللحوم البشرية فيأكلها , وعلى المجتمعات الإسلامية فيفرقها . ألا ترى - أخي الصائم - كيف تساهل كثيرون في أمرها , حتى أصبحت كأنها عادة اجتماعية متعارف عليها لا تكاد تنكر فبينما كان الصحابة رضي الله عنهم يتلاقون بالبشر , ويحفظون أعراض بعضهم عند الغيبة ويرون ذلك أفضل الأعمال , ويرون خلافه من عادة المنافقين , فقد انتشر خلاف ذلك اليوم , فها نحن أولاء نرى كيف يلقى أهل المجلس زائرهم بالترحاب ويأخذون معه أطراف الأحاديث التي تفوح بالمجاملات وما إن يودعهم حتى تبدأ وجبتهم الدسمة بلحمة متناسين مثل قول الله تعالى وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ) ( الحجرات: 12 ) إن من العجب حقاً أن يصوم أحدنا عن الحلال , ويفطر على الحرام والأعجب من ذلك أن نتظاهر بنزاهتنا عن أبواب الغيبة فندخلها من أسوارها , فالغيبة قد تكون بالإشارة والغمز والكتابة والحركة والتمثيل ,بل هو أشد غيبة كأن يمشي المغتاب مثل مشية أخيه يعيبه فرسولنا صلى الله عليه وسلم حين حكت له عائشة رضي الله عنها إنساناً قال:" ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا "رواه أبو داود بل من أعجب الغيبة : أن يذكر عنده أحد الناس , فيقول : الحمد لله الذي لم يبتلينا بذنبه نسأل الله أن يعصمنا من مثل عمله وإنما قصد أن يعيبه بصيغة الدعاء وربما قدم بمدحه ثم يشير إلى تقصيره فيكون مغتاباً ومرائياً ومزكياً نفسه فيجمع بين ثلاث فواحش أو أن يصغي إلى الغيبة على سبيل التعجب فيزيد من نشاط المغتاب . أخي الصائم .. ليكن صومنا فرصة لنا لنعالج أنفسنا من هذا الدء فننكرها على الآخرين باللسان أو بالقلب عند عدم القدرة حتى لا نقع في الإثم العظيم . وليضع أحدنا نفسه موضع رجل جعل أهل مجلس موقع تندرهم وضحكهم , فهل يطيق ذلك ؟! ألا تكره نفوسنا أن نسمع كلمة قيلت فينا تعيبنا سواء أكانت حقاً أم باطلاً ؟ فكذلك الناس - أخي الصائم القائم - لا يرضونه لأنفسهم .. وأخيرا هاك هذه الحادثة القصيرة قبل أن أودعك , روي عن الحسن أن رجلاً قال له : إن فلاناً قد اغتابك فبعث إليه رطباً على طبق وقال : قد بلغني أنك قد أهديت إلي من حسناتك فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام . الغيبة - يا أخي - نار فلا تقربها من حسناتك لاسيما وأنت تظمئ نهارك وتحيي ليلك وترخص مالك لتثقل بها ميزانك .. والى اللقاء في المصارحة التالية لمتابعة سلسلة المصارحات الرمضانية من هنا
-
الصوم والإخلاص (2) في رحاب رمضان - سلسلة الدروس الرمضانية الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن الحديث في هذه الليلة إكمال للحديث الماضي، ألا وهو الإخلاص. معاشر الصائمين: إذا أخلص المسلمُ صيامه لله، وقام به على الوجه الذي يرضي الله كان ذلك داعيًا له لأن يخلص لله في شتى أموره، وكافة أحواله، وسائر أيامه، فَرَبُّ رمضانَ هو ربُّ سائرِ الشهور، والذي فرض الصيام هو الذي فرض غيره من سائر الطاعات والقربات، والذي يُتَقَرَّبُ إليه بالصيام هو الذي يُتَقَرَّبُ إليه بسائر الأعمال. وهكذا يفيد المسلمُ هذا الدرسَ العظيمَ من شهر الصوم. ولقد وقف الحديث في الدرس الماضي عند أثر الإخلاص على الأفراد بخاصة، وعلى الأمة بعامة؛ فإليكم جملة من تلكم الآثار التي تعود بالخير على الأفراد والجماعات. أيها الصائمون: الإخلاص يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقيَ للفلاح، فصغير الأعمال -بالإخلاص- يكون كبيرًا، وقليلها يكون كثيرًا. والإخلاص هو الذي يحمل الإنسانَ على مواصلة عمل الخير؛ فمن يصلي رياءً، أو حياءً من الناس لا بد أن تمرَّ عليه أوقاتٌ لا ينهض فيها إلى الصلاة، ومن يحكم بالعدل؛ ابتغاءَ السمعةِ، أو خوفَ العزلِ من المنصب قد تَعْرِضُ له منفعةٌ يراها ألذَّ من السمعة، أو يصادفه أمن العزلِ فلا يبالي أن يدع العدل جانبًا. ومن يدعو إلى الإصلاح ابتغاء الجاه قد ينزل بين قوم لا يحظى بينهم إلا من ينحط في أهوائهم، فينقلب داعيًا إلى الأهواء. ومن يفعل المعروف لأجل أن تُردِّدَ ذِكْرَهُ الألسنةُ في المجالس أو الصحف قد يرى بعينه سبيلًا من سبل الخير في حاجة إلى مؤازرة؛ فيصرف عنه وجهه وهو يستطيع أن يمد إليه يده، ويسدَّ حاجته. أيها الصائمون: الإخلاص الذي يقوم على الإيمان الصادق هو الذي يسمو سلطانه على كل سلطان، ويبلغ أن يكون مبدأً راسخًا تصدر عنه الأعمال الصالحة. وهو الذي يجد له صاحبه حلاوة، فيسهل عليه أن يكون أحد السبعة المشار إليهم بقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: « سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظله » إلى أن قال: « ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه » . حكى أشعبُ بنُ جبير أنه كان في بعض سكك المدينة، فلقيه رجل، وقال له: كم عيالك؟ قال: فأخبرته، فقال لي: قد أُمِرتُ أن أجْرِي عليك وعلى عيالك ما كنتَ حيًّا، فقلت من أمرك؟ ، قال: لا أخبرك، قلت: إنَّ هذا معروفٌ يشكر، قال: الذي أمرني لم يرد شكرَك. قال أشعب بن جبير : فكنت آخذ ذلك إلى أن توفي خالد بن عبد الله بن عمر بن عثمان ، فحفل له الناس، فشهدته، فلقيني ذلك الرجل، فقال: يا أشعب هذا -والله-صاحبك الذي كان يجري عليك ما كنت أعطيك. فهذا فاعلُ خيرٍ من وراء حجاب. أيها الصائم: لعلك لا تجد أحدًا يتصدى لعمل إلا وهو يدَّعي الإخلاص فيما يعمل؛ ذلك أن الإخلاصَ موطِنُه القلبُ، والقلوبُ محجوبةٌ عن الأبصار. وإذا وصفتَ أحدًا بالإخلاص أو عدمه فإنما ترجع في وصفك إلى أمارات تبدو لك من أحواله الظاهرة. ومن هذه الأحوال ما يدلك على سريرته دِلالةً قاطعةً، ومنها ما لا يتجاوز بك حدَّ الظن. وهذا موضع التثبت والاحتراس؛ ففي وصف المخادعِ بالإخلاص ووصفِ المخلص بالمخادع ضررٌ اجتماعيٌّ كبير؛ فإن وثقت بمجردِ الظن لم تأمن أن تقضيَ على فاسد الضمير بالإخلاص؛ فيتخذه الناسُ موضعَ قدوةٍ؛ فيستدرجهم من فساد صغير، حتى إذا ألِفوه نقلهم إلى فساد كبير. وربما قضيت على طاهر القلب بعدم الإخلاص، فكنت كمن يسعى لإطفاء سراج، والناس في حاجة إلى سُرجٍ تنير لهم السبيل. أيها الصائمون: الإخلاص فضيلة في نفسه، ولا ينزل في نفس إلا حيث تنزل فضائلُ كثيرةٌ، فالإخلاص يَمُدُّ قلبَ صاحبه بقوة؛ فلا يتباطأُ أن ينهضَ للدفاع عن الحق، ولا يبالي في دفاعه إذا أصابه ما أصابه. والإخلاصُ يشرحُ صدر صاحبه للإنفاق في بعض وجوه البر؛ فتراه يؤثرها بجانب من ماله وإن كان به خصاصة. والإخلاص يعلم صاحبَه الزهد في عرض الدنيا؛ فلا يُخشى منه أن يناوئ الحقَّ، أو يُلْبِسَهُ بشيء من الباطل، ولو أمطر عليه أشياع الباطل فضةً أو ذهبًا. والإخلاص يحمل القاضي على تحقيق النظر في القضايا؛ فلا يفصل في قضية إلا بعد أن يتبين له الحق. والإخلاص يوحي إلى الأستاذ أن يبذلَ جُهْدَه في إيضاح المسائل، وأن لا يبخل على الطلاب بما تسَعُهُ أفهامُهم من المباحث المفيدة، وأن يسلكَ في التدريس الأساليبَ التي تجددُ نشاطَهم للتلقي عنه. والإخلاص يصون التاجر عن أن يخون الذي يأتمنه في صنف البضاعة أو قيمتها، ويحمل الصانع على إتقان عمله حسب الطاقة. والإخلاص يردع قلم الكاتب عن أن يقلب الحقائق، أو يكسوها لونًا غير لونها؛ إرضاءً لشخص أو طائفة. أيها الصائمون: هذه بعض مآثر الإخلاص الذي ينميه الصوم في نفوسنا؛ ويبعثنا إلى أن نخلص لله في جميع أعمالنا، وشتى أحوالنا. فحقيق علينا أن نربي أنفسنا ومن تحت أيدينا على فضيلة الإخلاص، وأن نلقن ناشئتنا ماذا يناله المخلص من حمدٍ وكرامة وحسن عاقبة؛ لكي يَخْرُجَ لنا رجال مخلصون يقوم كل منهم بالعمل الذي يتولاه بحزم وإتقان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وإلى اللقاء في الليلة القادمة أترككم في رعاية الله وأمنه لمتابعة باقي دروس السلسلة من هنا
-
سجل حضورك اليومى فى المنتدى بالدعاء
Mr Hamdy Ahmad replied to شهد 2010's topic in المنتدى الإسلامى العام
رب اغفر لي ولوالدي اليك المصير -
سلسلة مصارحات رمضانية صوت الإرادة يدوي أخي الصائم .. الصيام مدرسة روحية لتهذيب النفس , وتوجيه السلوك , وتدريب الجسد والروح على العزائم , لا يكون ذلك بقوة الأمر والنهي ولكن بالحب والطاعة المختارة , بل بالشوق الذي لا حدود له , فقبل أن يفد الشهر الكريم بأشهر , تتطلع النفوس المؤمنة بلهف شديد إلى هلال رمضان , فإذا هل بالبركة والأمان تبادل المسلمون التهاني بينهم , وكأن العيد قد حل قبل أوانه , فيا طيب روائح تلك التباريك الفرحة وهي تعطر الأفواه الصائمة , والمجالس العامرة , مصحوبة بابتسامة الرضا والقبول والتسليم . عندها ترسخ في نفس المسلم عزيمة ثابتة لا يتطرق إليها أدنى تردد :أن تستقيم على هدي الله تعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شؤون هذه العبادة , مهما تعارضت مع الهوى الشخصي , والرغبة الخاصة , وهذا هو ميدان ترويض مهرة النفس الشموس , على خلق الإرادة , وتحقيق المراد دون ضعف أو تخاذل , وهو درس لا تقتصر حاجتنا إليه في رمضان فقط , بل في جميع لحظات حياتنا حتى نلقي ربنا تعالى فما أحوجنا إلى الإرادة الراسخة حين تعرض علينا رشوة مغرية لأبطال حق أو إحقاق باطل , وما أحوجنا إلى الإرادة القوية حين ندعى إلى مجلس فحش , أو مصاحبة رفقة سوء , وما أحوجنا إلى وقفة شامخة حين تستذلنا إيماءة من شهوة دنيئة !! وإذا كنا أعزة حقا في داخل نفوسنا , فلماذا نخجل من إعلان إرادتنا العليا تلك , وتأبينا على كل المراودات السلوكية الهابطة , بصوت مسموع ؟! لماذا لا نصرخ بكل شجاعة في وجه مفاتيح الشر : لا.. لن نسمح لكم أن تقتربوا من سياج مروءاتنا .. لا.. لن نسمح لأنفسنا أن تكون فرائس سهلة لأنيابكم الشرسه .. لا.. لن نسمح لأعصابنا وبطوننا أن تسجرنا إلى الهاوية بعد أن أعلا الله قدرنا .. إننا حين نرفض كل دعوة إلى انحراف , فإننا نرتفع بمستوى إنسانيتنا إلى السمو الذي أراده الله تعالى لها , وهو ما نستشفه من قول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) محمد :12 . فتساوي القدر بين الإنسان والبهيمة في هذه الآية ليس لأنهما يشتركان في الحاجة إلى الطعام ولكن لفقدان ضابط الإرادة عند الإنسان , فالكافر حين عرض عليه الإيمان اختار غيره , وحين عرض عليه ضبط سلوكه بما يصلح شأنه , وليس غير خالقه يقدر أن يختار له , ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك 14 . ولكنه أبى إلا أن يكون كالبهيمة لا حدود لحرية إرادته . فلله الحمد كله أن جعلنا مسلمين , وله الحمد حين من علينا أن نثني ركبنا بين يدي رمضان نتعلم منه شيئا مما يعيننا على كسب إرادة تحررنا من قيود شهواتنا , مختارين حامدين شاكرين . والى لقاء مع المصارحة التالية لمتابعة باقي أجزاء سلسلة المصارحات الرمضانية من هنا
-
في رحاب رمضان - سلسلة الدروس الرمضانية أحبائي وإخواني أعضاء المنتدى ورواده يسعدني ويشرفني أن أقدم لكم هذه السلسلة الرفيعة من الرقائق الرمضانية في رحاب رمضان وهي عبارة عن سلسلة دروس متواصلة جميعها عن الصيام أرجو أن تنال إعجابكم ورضاكم أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلها في ميزان حسناتنا جميعا وأن يغفر لنا جميعا في هذا الشهر الكريم والآن مع سلسلة الدروس الدرس الأول خمس جوائز رمضانية من رب البرية الدرس الثاني أيامًا معدودات الدرس الثالث وكلوا واشربوا ولا تسرفوا الدرس الرابع رمضان شهر الفرح الدرس الخامس الصوم والإخلاص (1) الدرس السادس الصوم والإخلاص (2) الدرس السابع رمضان شهر الدعوة الدرس الثامن رمضان شهر البر (1) الدرس التاسع رمضان شهر البر (2) الدرس العاشر رمضان شهر الصحة الدرس الحادي عشر الحب في الله الدرس الثاني عشر رمضان شهر الصلة (1) الدرس الثالث عشر رمضان شهر الصلة (2) الدرس الرابع عشر رمضان شهر القوة الدرس الخامس عشر شهر الصيام آثاره وأسراره (1) الدرس السادس عشر شهر الصيام آثاره وأسراره (2) الدرس السابع عشر رمضان شهر السخاء والجود الدرس الثامن عشر حقوق الجار الدرس التاسع عشر فإنه أغضُّ للبصر (1) الدرس العشرون فإنه أغضُّ للبصر (2) الدرس الحادي والعشرون أثر الصيام في اكتساب العزَّة الدرس الثاني والعشرون رمضان وتربية الأولاد (1) الدرس الثالث والعشرون رمضان وتربية الأولاد (2)
-
وجزاكي خيرا أختي الكريمة
-
وجزاكي خيرا أختي الكريمة
-
الصوم والإخلاص (1) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن حديث هذه الليلة سيدور حول فضيلة الإخلاص، وأثرِ الصوم في اكتسابها. وقبل الدخول في أثر الصوم في اكتساب الإخلاص يحسن الوقوفُ عند الإخلاص من حيث مفهومُه، وأهميتُه. معاشر الصائمين: أصل الإخلاص في اللغة مادة خلص , والخالص: هو ما زال عنه شوبُه بعد أن كان فيه. والإخلاصُ في الشرع: هو تصفيةُ العمل من كل شائبة تشوبه. ومدارُ الإخلاصِ على أن يكون الباعثُ على العمل امتثالَ أمرِ الله، وإرادتَه -عز وجل- فلا يمازج العملَ شائبةٌ من شوائب إرادة النفس: إما طلبُ التزيُّن في قلوب الخلق، وإما طلبُ مدحِهم والهربُ من ذمهم، أو طلبُ تعظيمهم، أو طلبُ أموالهم أو خدمتِهم ومحبتِهم، وقضائهم حوائجه، أو غيرُ ذلك من العلل، والشوائب التي يجمعها إرادةُ ما سوى الله في العمل؛ فهذا هو مدار الإخلاص. ولا حرج بعد هذا على من يطمح إلى شيء آخر، كالفوز بنعيم الآخرة، أو النجاة من أليم عذابها. بل لا يذهب بالإخلاص-بعد ابتغاء وجه الله-أن يخطر في بالِ العامل أن للعمل الصالح آثارًا طيبةً في هذه الحياة الدنيا كطمأنينة النفس، وأَمْنِها من المخاوف، وصيانتها عن مواقف الذل والهون، إلى غير ذلك من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد بها إقبال النفوس على الطاعات قوة إلى قوة. هذا هو مفهوم الإخلاص. أما أهميته فيكفي أنه شرط لقبول العبادة؛ فالعبادة تقوم على شرطين هما: الإخلاص لله، والمتابعة للرسول-صلى الله عليه وسلم- قال الله -تعالى- : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } . وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: « يقول الله -تعالى- : "أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ فمن عمل عملًا فأشرك فيه غيري فأنا منه بريء، وهُوَ للذي أشرك » رواه مسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- متحدثًا عن الإخلاص وفضله وأهميته: "بل إخلاص الدين لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه، وهو الذي بعث به الأولين والآخرين من الرسل، وأنزل به جميع الكتب، واتفق عليه أئمة أهل الإيمان، وهو خلاصة الدعوة النبوية، وهو قطب رحى القرآن الذي تدور عليه رحاه". إلى أن قال -رحمه الله-: "قال -تعالى- في حق يوسف : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } . فالله يصرف عن عبده ما يسوؤه من الميل إلى الصور المحرمة، والتعلق بها، ويصرف عنه الفحشاء بإخلاصه لله. ولهذا يكون قبل أن يذوق حلاوة العبودية لله، والإخلاص له بحيث تغلبه نفسه على اتباع هواها. فإذا ذاق طعم الإخلاص، وقوي قلبه انقهر بلا علاج " ا هـ. معاشر الصائمين هذا هو مفهوم الإخلاص، وذلك شيء من أهميته وفضله. هذا وإن للصيام أثرًا عظيمًا في تربية النفوس على فضيلة الإخلاص، وألا يراعى في الأعمال غيرُ وجه الله-جل وعلا-. ذلكم أن الصائم يصوم إيمانًا واحتسابًا، ويدع شهوته وطعامه وشرابه من أجل الله -تعالى- وأيُّ درسٍ في الإخلاص أعظمُ من هذا الدرس؟ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه » . قال ابن حجر -رحمه الله- قوله: "إيمانًا": أي تصديقًا بوعد الله بالثواب عليه، و"احتسابًا": أي طلبًا للأجر، لا لقصد آخر من رياء ونحوه" ا هـ. وفي البخاري -أيضًا-من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: « والذي نفسي بيده لَخُلوف فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله من ريح المسك؛ يترك طعامه وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها » . قال ابن حجر -رحمه الله- في شرح الحديث: قوله: « يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي » هكذا وقع هنا، ووقع في الموطأ « وإنما يذر شهوته » إلخ... ولم يصرح بنسبته إلى الله، للعلم به، وعدم الإشكال فيه". وقال -رحمه الله-: "وقد يفهم من صيغة الحصر في قوله: "إنما يذر" إلخ... التنبيه على الجهة التي بها يستحق الصائم ذلك، وهو الإخلاص الخاصُّ به، حتى لو كان ترك المذكورات لغرض آخر كالتُّخمة لا يحصل للصائم الفضلُ المذكور" ا هـ . معاشر الصائمين: هكذا يربينا الصوم على فضيلة الإخلاص؛ فالصومُ عبادةٌ خفيةٌ، وسِرٌّ بين العبد وربه، ولهذا قال بعض العلماء: الصوم لا يدخله الرياء بمجرد فعله، وإنما يدخله الرياء من جهة الإخبار عنه. بخلاف بقية الأعمال؛ فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها. ولا ريب أن الإخلاص من أعظم الخصال، وأحمد الخلال إن لم يكن أعظمها وأحمدها. ثم إن للإخلاص آثارَهُ العظيمةَ على الأفراد بخاصة، وعلى الأمة بعامة، فللإخلاص تأثير عظيم في تيسير الأمور، فمن تعكست عليه أمورُه، وتضايقت عليه مقاصدُه -فليعلم أنه بذنبه أصيب، وبقلة إخلاصه عوقب. والإخلاص هو الذي يجعل في عزم الرجل متانةً، ويربط على قلبه؛ فيمضي في عمله إلى أن يبلغ الغاية. وكثيرٌ من العقبات التي تقوم دون بعض المشروعات لا يساعدك على العمل لتذليلها إلا الإخلاص. ولولا الإخلاص الذي يضعه الله في نفوس زاكيات لَحُرِمَ الناسُ من خيراتٍ كثيرةٍ تقف دونها عقبات. أيها الصائمون: قد يُخِلُّ الرجلُ في بعض الأعمال، ويتغلب عليه الهوى في بعضها؛ فيأتي بالعمل صورةً خاليةً من الإخلاص. والذي يرفع الشخص إلى أقصى درجات الفضل والمجد إنما هو الإخلاص الذي يجعله الإنسانُ حليفَ سيرته؛ فلا يُقْدِم على عمل إلا وهو مستمسك بعروته الوثقى. ولا تبالغُ إذا قلت: إن النفسَ التي تتحرر من رق الأهواء، ولا تسير إلا على وفْق ما يمليه عليها الإخلاص هي النفسُ المطمئنةُ بالإيمان، المؤدبة بحكمة الدين، ومواعظه الحسنة. قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وإذا كان العبد مخلصًا لله اجتباه ربه؛ فأحيا قلبه، واجتذبه إليه، فينصرف عنه ما يضاد ذلك من السوء والفحشاء، ويخاف ضد ذلك. بخلاف القلب الذي لم يُخْلِص لله؛ فإن فيه طلبًا، وإرادةً، وحبًّا مطلقًا؛ فيهوى كلَّ ما يسنح له، ويتشبث بما يهواه كالغصن أيُّ نسيمٍ مرَّ بِهِ عطفه وأماله" ا هـ. وللحديث بقية -إن شاء الله- في الليلة القادمة، اللهم ارزقنا الإخلاص في ما نأتي وما نذر، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد . لمتابعة باقي دروس السلسلة من هنا
-
رمضان شهر الفرح الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن الفرح مطلب مُلحٌّ، وغاية مبتغاة، وهدفٌ منشود، والناس كل الناس يسعى إلى فرح قلبه، وزوال همِّهِ وغمِّهِ، وتفرق أحزانه وآلامه. ولكنْ قَلَّ من يصل إلى الفرح الحقيقي، ويحصل على السعادة العظمى، وينجو من الآلام والأتراح. والحديث هاهنا سيدور حول معنى الفرح، وأسبابه، وموانعه. وبعد ذلك نصل إلى معنى الفرح في الصيام، وكيفيةِ كونِ هذا الشهر الكريم شهرَ فرحٍ. أيها الصائم الكريم الفرحُ لذةٌ تقع في القلب بإدراك المحبوب، ونيل المشتهى، فيتولّدُ من إدراكه حالةٌ تسمى الفرح والسرور. كما أن الحَزَنَ والغَمَّ مِنْ فقد المحبوب، فإذا فقده تولد مِنْ فقده حالةٌ تسمى الحزَن والغم. والفرحُ أعلى نعيمِ القلب ولذتِه وبهجتِه، فالفرحُ والسرورُ نعيمُه، والهمُّ والغمُّ عذابُه. والفرحُ بالشيء فوق الرضا به، فإن الرضا طمأنينةٌ وسكونٌ وانشراحٌ. والفرح لذةٌ وبهجةٌ وسرورٌ، فكل فَرِحٍ راضٍ، وليس كلُّ راضٍ فَرِحًا. ولهذا كان الفرحُ ضدَّ الحزن، والرضا ضدَّ السخط، والحزنُ يؤلم صاحبَه، والسُّخط لا يؤلمه إلا إذا كان مع العجز عن الانتقام. ولقد جاء الفرح في القرآن على نوعين: مطلقٍ ومقيدٍ، فالمطلقُ جاء في الذم كقوله - تعالى -: { لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } ، وقوله: { إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } . والفرح المقيَّدُ نوعان - أيضًا - مقيَّدٌ بالدنيا يُنْسِي فضل الله ومنته، وهو مذموم كقوله - تعالى - : { حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } . والثاني فرحٌ مقيَّدٌ بفضل الله ورحمته: وهو نوعان - أيضًا - فضلٌ ورحمةٌ بالسبب، وفضل بالمسبِّب، فالأول كقوله - تعالى-: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } ، والثاني كقوله - تعالى -: { فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } . ولقد ذكر الله - سبحانه - الأمر بالفرح بفضله ورحمته عقيب قوله: { يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } . ولا شيءَ أحقُّ أن يَفْرح به العبدُ من فضل الله ورحمته التي تتضمن الموعظةَ وشفاءَ الصدور من أدوائها بالهدى والرحمة, الهدى الذي يتضمَّن ثَلْجَ الصدور باليقين، وطمأنينةَ القلبِ به، وسكونَ النفسِ إليه، وحياةَ الروح به. والرحمةُ التي تجلب لها كلَّ خيرٍ ولذةٍ، وتدفع عنها كلَّ شرٍّ وألمٍ. والموعظةُ التي هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب. وشفاءُ الصدورِ المتضمنُ لعافيتها من داء الجهل، والظلمة، والغي، والسفه؛ تلك الأدواءُ التي هي أشدُّ ألمًا لها من أدواء البدن. فالموعظةُ، والشفاءُ، والهدى، والرحمةُ هي الفرح الحقيقي، وهي أَجَلُّ ما يفرح به؛ إذ هو خيرٌ مما يجمع الناس من أعراض الدنيا وزينتها؛ فهذا هو الذي ينبغي أن يُفْرح به، ومَنْ فرح به، فقد فرح بأجلّ مفروحٍ به، لا ما يجمع أهل الدنيا فيها؛ فإنه ليس بموضع للفرح؛ لأنه عرضةٌ للآفات، وشيكُ الزوال، وخيمُ العاقبة، وهو طيفُ خيالٍ زار الصبَّ في المنام، ثم انقضى المنامُ، ووَلَّى الطيف، وأعقب مزاره الهجران. فالدنيا، لا تتخلص أفراحُها من أتراحِها وأحزانِها البتة، بل ما من فرحة إلا ومعها تَرْحةٌ سابقةٌ، أو مقارنة، أو لاحقة. ولا تتجرد الفرحةُ، بل لا بد من تَرْحة تقارنها؛ ولكن قد تقوى الفرحةُ على الحزن، فينغمر حكمُه وألمهُ مع وجودها وبالعكس. فالفرحُ بالله وبرسوله، وبالإيمان، وبالقرآن، وبالسنة، وبالعلم يُعَدُّ مِنْ أعلى مقامات العارفين، وأرفع منازل السائرين. وضدُّ هذا الفرحِ الحزنُ، الذي أعظم أسبابه الجهلُ، وأعظمُه الجهل بالله، وبأمره، ونهيه؛ فالعلمُ يوجب نورًا، وأنسًا، وضدُّه يوجب ظلمةً، ويوقع في وحشة. ومن أسباب الحزن تَفَرُّقُ الهمِّ عن الله؛ فذلك مادةُ حزنه، كما أن جَمْعِيَّة القلب على الله مادةُ فرحِهِ ونعيمِه؛ ففي القلب شَعَثٌ لا يَلُمُّه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشةٌ لا يزيلها إلا الأنسُ به في خلوته، وفيه حُزْنٌ لا يذهبه إلا السرورُ بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلقٌ لا يسكِّنه إلا الاجتماعُ عليه والفرارُ منه إليه، وفيه نيرانُ حسراتٍ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه، وقضائه، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه طلبٌ شديدٌ لا يقف دونَ أن يكون هو وحده مطلوبَهُ، وفيه فاقةٌ لا يسدُّها إلا محبتُه والإنابة إليه، ودوام ذكره، وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدَّ تلك الفاقةُ منه أبدًا. ولقد قرَّر العلماء العالمون بالله وبأمره هذا المعنى، وعلى رأس أولئك العلامةُ ابن القيم - رحمه الله -. أيها الصائمون هذا هو الفرح الحق، وهذا هو فرح أهل الإيمان، لا فرحُ أهلِ الأشر والبطر والطغيان. هذا وإن للصائمين من هذا الفرح نصيبًا غيرَ منقوص؛ كيف وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: « وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه » . قال ابن رجب - رحمه الله -: " أما فرحة الصائم عند فطره؛ فإن النفوسَ مجبولةٌ على الميل إلى ما يلائمها من مطعم، ومشرب، ومنكح؛ فإذا امتنعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أبيح لها في وقت آخر، فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصًا عند اشتداد الحاجة إليه؛ فإن النفوسَ تفرح بذلك طبعًا؛ فإن كان ذلك محبوبًا لله كان محبوبًا شرعًا. والصائمُ عند فطره كذلك، فكما أن الله - تعالى - حَرَّم على الصائم في نهار الصيام تناولَ هذه الشهواتِ، فقد أذن له فيها في ليل الصيام، بل أحب منه المبادرةَ إلى تناولها من أول الليل وآخره؛ فأحب عباد الله إليه أعجلهم فطرًا، والله وملائكته يصلون على المتسحرين؛ فالصائمُ ترك شهواتِه في النهار تقربًا إلى الله، وطاعةً له، وبادر إليها بالليل تقربًا إلى الله، وطاعة له؛ فما تركها إلا بأمر ربه، ولا عاد إليها إلا بأمر ربه؛ فهو مطيعٌ في الحالين؛ ولهذا نُهِيَ عن الوصال؛ فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقربًا إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله فإنه ترجى له المغفرةُ، أو بلوغُ الرضوان بذلك ". إلى أن قال - رحمه الله -: " ثم إنه ربما استجيب دعاؤه عند فطره، وعند ابن ماجه : « إن للصائم عند فطره دعوةً لا تُرد » . وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثابًا على ذلك، كما أنه إن نوى بنومه في الليل والنهار التقوّيَ على العمل كان نومُه عبادة. ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه، لم يتوقَّف في معنى فرحه عند فطره؛ فإن فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته، فيدخل في قوله - تعالى -: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } . وقال ابن رجب - رحمه الله -: " وأما فرحه عند لقاء ربه، ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدَّخرًا ؛ فيجده أحوجَ ما كان إليه كما قال - تعالى - : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } . وقال - تعالى -: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا } . وقال - تعالى -: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } ا هـ. اللهم أفرح قلوبنا بالإيمان، والقرآن، والسنة، والعلم، والصيام. وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين. لمتابعة باقي دروس اللسلسلة من هنا
-
وكلوا واشربوا ولا تسرفوا الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن للصيام آدابًا كثيرةً، ومن تلك الآداب: أن يقتصدَ الصائمُ في طعامه وشرابه. ومما يلحظ على بعض الصائمين -بل على أكثرهم- أنهم يجعلون شهرَ رمضانَ موسمًا سنويًّا للموائد الزاخرة بألوان الطعام، فتراهم يُسرفون في ذلك أيّما إسرافٍ، وتراهم يتهافتون إلى الأسواق؛ لشراء ما لذّ وطاب من الأطعمة التي لا عهدَ لهم بأكثرها في غير رمضان. والنتيجة من وراء ذلك: إضاعةُ المال، وإرهاقُ الأبدان في كثرة الطعام، وثِقَلُ النفوس عن أداء العبادات، وإهدارُ الأوقات الطويلة بالتسوّق، وإعداد الكميّات الهائلة من الأطعمة التي يكون مصيرُها في الغالب صناديقَ الزِّبل. إن هذا الاستعدادَ المتناهيَ الذي يقع فيه أكثر المسلمين لرمضان بالتفنن والاستكثار من المطاعم والمشارب - مخالفٌ لأمر الله، منافٍ لحكمة الصوم، مناقضٌ لحفظ الصحة، معاكسٌ لقواعد الاقتصاد. ولو كان هؤلاء متأدبين بآداب الدين لاقتصروا على المعتاد المعروف من طعامهم وشرابهم، ولأنفقوا الزائد في طرق البر والإحسان التي تناسب رمضان، من إطعام الفقراء واليتامى والأيامى، وتفطير الصّوام المعوزِين، ونحو ذلك. والغالب أن يكون لكل غنيٍّ مسرفٍ من هذا النوع جارٌ أو جيران من الفقراء والمساكين، وهم أحق الناس ببر الجار الغني، وإن لم يكن لهؤلاء الأغنياء جيرانٌ من هذا النوع فإنه يحسن صرفها في وجوه الخير. ولو فعل الأغنياء المسرفون ذلك لأضافوا إلى قربة الصوم قربةً عظيمة عند الله، ألا وهي الإحسان إلى المعدمين، وللقيام بهذه الخصلة من الخير مزيّة في المجتمع؛ لأنها تقرب القلوبَ في هذا الشهر المبارك، وتشعر الصائمين كلَّهم بأنهم في شهر إحسان، ورحمة وأخوَّة. ثم إن الإنسان لو طاوع نفسَه في تعاطي الشهوات، والتهام ما حلا من المطاعم وما مرّ، وما برد منها وما حرّ، وطاوع نفسه باستيفاء اللذة إلى أقصى حد - لكانت عاقبةُ أمره شقاءً ووبالًا، ونقصًا في صحته واختلالًا، ولكانت الحميةُ في بعض الأوقات واجبًا مما يأمر به الطبيب الناصح؛ تخفيفًا على الأجهزة البدنية، وادخارًا لبعض القوة إلى الكِبَر وإبقاءً على اعتدال المزاج، وتدبيرًا منظمًا للصحة. وإن ذلك لهو الحكمة البارزة في الصوم، فكيف يُقْلَبُ الأمر رأسًا على عقب؟ ! ويجعل من شهر الصوم ميدانًا للتوسع في الأكل والشرب؟ !. قال الله - عز وجل - : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } . قال بعض العلماء : " جمع الله بهذه الآية الطبَّ كلَّه ". قال النبي " : « ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه » أخرجه أحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع. أيها الصوام: لا يخفى على عاقل ما للتوسع في المآكل والمشارب من عواقب وخيمة على دين المرء ودنياه زيادةً على ما مضى ؛ فهو مما يورث البلادة ، ويعوق عن التفكير الصحيح، وهو مدعاةٌ للكسل ، وموجبٌ لقسوة القلب، وهو سببٌ لمرض البدن، وتحريك نوازع الشر، وتسلُّط الشيطان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وقد ثبت عن النبي " أنه قال: « إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم » رواه البخاري . ولا ريب أن الدَّمَ يتولد من الطعام والشراب؛ ولهذا إذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشيطان، ولهذا قيل: " فضيقوا مجاريَه بالجوع " . وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي تُفْتَحُ بها أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي تفتح بها أبواب النار، وصفِّدت الشياطين، فضعفت قوتُهم وعملُهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره ولم يقل: " إنهم قتلوا " ، ولا ماتوا، بل قال: "صفِّدوا" والمصفَّد من الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملًا دفع الشيطان دفعًا لا يدفعه الصوم الناقص، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل والشرب، والحكم ثابت على وَفْقِهِ " ا هـ. قال لقمان - عليه السلام - لابنه: " يا بني إذا امتلأت المعدة؛ نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقَعَدت الأعضاءُ عن العبادة " . وقال عمر - رضي الله عنه -: " من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة ". وقال علي - رضي الله عنه -: " إن كنت بَطِنًا؛ فعد نفسك زَمِنًا ". وقال بعض الحكماء: " أقلل طعامًا، تحمدْ منامًا ". وقال بعض الشعراء: وكم من لقمةٍ منعت أخاها ... بلذةِ ساعةٍ أكلاتِ دهرِ وكم من طالبٍ يسعى لأمر ... وفيه هلاكُه لو كان يدري وقال ابن القيم - رحمه الله -: " وأما فضول الطعام: فهو داع إلى أنواع كثيرة من الشر؛ فإنه يحرك الجوارحَ إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات، وحسبك بهذين شرًّا، فكم من معصية جَلَبها الشبعُ وفضولُ الطعام، وكم من طاعة حال دونها؛ فمن وقي شرَّ بطنه؛ فقد وقي شرًّا عظيمًا، والشيطان أعظم ما يتحكَّم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام " . إلى أن قال - رحمه الله -: " ولو لم يكن من الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله - عز جل - وإذا غفل القلب عن الذكر ساعةً واحدةً جَثَم عليه الشيطانُ ، ووعده ، ومنَّاه ، وشهَّاه وهام به في كل وادٍ؛ فإن النفس إذا شبعت تحركت، وجالت وطافت على أبواب الشهوات، وإذا جاعت سكنت - وخشعت وذلت " ا هـ. بل إن الذين يتوسعون في المآكل لا يجدون لها لذةً كما يجدُها المقتصدون. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " فالذين يقتصدون في المآكل نعيمُهم بها أكثرُ من المسرفين فيها؛ فإن أولئك إذا أدمنوها، وألِفُوها لا يبقى لها عندهم كبير لذة مع أنهم قد لا يصبرون عنها، وتكثر أمراضهم بسببها " ا هـ. أيها الصائمون الكرام: إذا كان الأمر كذلك؛ فما أحرانا أن نجعل من شهرنا الكريم فرصةً لتوطين نفوسنا على الاعتدال في المآكل والمشارب؛ فالنفوسُ طُلَعةٌ لا ترضى بالقليل من اللذات؛ فإذا جاهدناها؛ انقدعت عن شهواتها، وكفَّت عن الاسترسال مع لذاتها ورغباتها، وإن من أحكم ما قالته العرب قولَ أبي ذؤيب الهذلي : والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتها ... وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنع أما إذا استرسلنا معها، وأعطيناها كل ما تريد؛ فإنها ستقودنا إلى الغواية، وتنزع بنا إلى شر غاية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين. لمتابعة باقي دروس السلسلة من هنا
-
الاتيكيت في الاسلام - الذوق - الأخلاق - هى أساسنا -
Mr Hamdy Ahmad replied to دعوه للجنه's topic in المنتدى الإسلامى العام
جميل جدا جزاكم الله خيرا -
أيامًا معدودات الحمد لله الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وهو الذي جعل الليلَ والنهارَ خِلْفَةً لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شكورًا، وصلى الله على مَنْ بُعِثَ بالهدى ودين الحق بشيرًا ونذيرًا، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد: فإن رمضانَ أيامٌ معدوداتٌ، وفرصٌ سانحاتٌ، وإن اغتنام هذه الأيام لدليلُ الحزم، وإنَّ انتهاز تلك الفرص لعنوانُ العقل؛ ذلكم أن الوقت رأسُ مالِ الإنسان، وساعات العمرِ هي أنفسُ ما عني الإنسان بحفظه؛ فكل ساعة من ساعاتِ عُمُرِكَ قابلةٌ لأن تضعَ فيها حجرًا يزداد به صرحُ مجدِك ارتفاعًا، ويقطع بها قومك في السعادة باعًا أو ذراعًا. فإن كنت حريصًا على أن يكون لك المجدُ الأسمى، ولقومك السعادةُ العظمى، وأن تفوز بخيري الآخرة والأولى - فَدعِ الراحةَ جانبًا، واجعل بينك وبين اللهو حاجبًا؛ فالحكيمُ الخبيرُ يَقْدُرُ الوقتَ حقَّ قدره، ولا يتخذه وعاءً لأبخس الأشياء، وأسخف الكلام، ويعلم أنه من أجلِّ ما يصان عن الإضاعة والإهمال، وَيقْصُره على المساعي الحميدة التي ترضي الله، وتنفع الناس. ولعظم شأن الوقت أقسم به اللهُ في غير ما آية من كتابه العزيز قال - عز وجل - : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }{ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } (الليل: 1- 2) وقال: { وَالضُّحَى }{ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } (الضحى: 1- 2) وقال: { وَالْعَصْرِ }{ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } (العصر: 1- 2) . ولئن كان حفظُ الوقتِ مطلوبًا في كل حين وآن، فلهو أولى وأحرى بالحفظ في الأزمنة المباركة. ولئن كان التفريطُ فيه وإضاعتُه قبحًا في كل زمان، فإن قبح ذلك يشتد في المواسم الفاضلة. ومن الناس مَنْ قَلَّ نصيبه من التوفيق، فلا تراه يلقي بالًا لحكمة الصوم، ولا لفضل الشهر، فتراه يجعل من رمضان فرصةً للسهر واللهو الممتد إلى بزوغ الفجر، والنومِ العميق في النهار حتى غروب الشمس. ولا يخفى على عاقل لبيب ما لهذا الصنيع من أضرار على دين الإنسان ودنياه، فهو قلب للفطرة، فالله - عز وجل - جعل الليل لباسًا، والنهار معاشًا، كما أنه إضاعة للوقت، وتعطيل للمصالح. ومن كان هذا صنيعَه فلن يرجى منه خيرٌ في الغالب لا لنفسه ولا لغيره. ثم إن السهرَ سببٌ لإضاعة حقوق الأهل والوالدين؛ فالذي يسهر الليل في مشاهدة الحرام، ويعكف أمام ما تبثه الفضائيات من شرور سيضيِّع أولاده وزوجته إن كانوا يشاهدونها معه، وإن كان يسهر خارجَ المنزل كان ذلك سببًا في بعده عن بيته، وغفلته عما استرعاه الله إياه، وإن كان شابًّا في مقتبل عمره أقلق والديه بطول سهره، وبعده عن المنزل. ثم إن الذي يسهرُ ليله وينام نهارَه سيضيع صلة أرحامه؛ إذ لا وقت لديه لِصِلتهم، وهكذا تنفصم عرى الأمة، وتنفك روابطها. كما أن السهر أمام تلك الفضائيات له آثارُه السلوكيةُ المدمرةُ، ومنها الصد عن سبيل الله، وإضعاف أثر الدين في النفوس، وذلك من خلال ما تبثه من مشاهد فاضحة، وما تطرحه من شبهات كثيرة تطعن في الدين، وتُلْقى على عقول خواء، وأفئدة هواء. ومن آثارها: التمرد على القيم النبيلة، والأخلاق الفاضلة، والآداب المرعية. ومنها: شيوع العادات السيئة كالاستهانة بمحارم الله، والاستخفاف بشعائر الدين. ومنها: الإعجابُ بالكفار وتقليدهم في مستهجن عاداتهم من نحو الملبس، والهيئة، وقصات الشعر، وما إلى ذلك. ومنها: انتشار الجريمة، وشيوع المظاهر المخلة بالأمن كالقتل، والسرقة، وتعاطي المخدرات ونحو ذلك. ومنها: الزهد بالفضيلة والعفاف، وذلك من خلال الافتتان بالمذيعات والممثلات والمغنيات؛ فقد يفضي ذلك الصنيعُ إلى الزهد بالزوجات؛ لأن بعض مشاهدي تلك القنوات - لفرط جهله - يعقد مقارنة ظالمةً بين زوجته وبين ما يشاهده من تلك النسوة اللاتي نزعن الحياءَ، ووضعْنَ من الأصباغ ومواد التجميل ما يغري بهن. وهذه مقارنةٌ ظالمةٌ لم تُبْنَ على أسس سليمة؛ إذ تغافل ذلك المُقارِنُ عن عفاف زوجته، وسترها، وحيائها. بل ربما تكون أجملَ مما يشاهد، ولكن الشيطان يقبحها في عينه، ويزين ما يشاهده في نفسه. أيها الصائمون: ومن آثار السهر أن له آثارًا على نَفْس الإنسان وخُلُقِه؛ إذ يصبح ونفسه كزَّةٌّ، وخلقُه سيئٌ؛ وذلك لما للسهر من تأثير على الأعصاب؛ فينتج من جَرَّاء ذلك انقباضُ النفس، وقلة احتمالها. ولو لم يأت من آثار السهر إلا أنه سبب لترك صلاة الفجر لكفى. أما النوم الكثير - خصوصًا بالنهار - فلا يخفى ضرره؛ فذلك مضيعة للوقت، وحرمانٌ للبركة؛ فالنومُ يعطل قوةَ العقل، ويُلْحِقُ الإنسان بالخشب المسندة. وبما أن أمرَه غالب ما له من مَرَد فإن أولي الحكمةِ لا يخضعون لسلطانه إلا حيثُ يَغْلب على أمرهم، ولا يعطونه من الوقت إلا أقلَّ مما تفرضُه عليهم الطبيعةُ البشرية، ويبتغون بذلك أن تبقى عقولهم في حركات تثمر علمًا نافعًا، أو عملا صالحًا. فحقيق على هؤلاء المُفرِّطين المضيعين أوقاتَهم أن يتنبهوا لأسرار الصيام، وأن يغتنموا مدرستَه العظيمة؛ ليجنوا ثمارَه الصحيحةَ، ويستمدوا منه قوةَ الروح؛ فيكون نهارُهم نشاطًا وإنتاجًا وإتقانًا، وتعاونًا على البر والتقوى. ويكون ليلُهم تهجدًا وتلاوةً لكتاب ربهم، ومحاسبةً لأنفسهم على ضوئه؛ ليخرجوا من مدرسة الصيام مفلحين فائزين. اللهم أيقظنا من رقدات الغفلات، وأعنا على اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. لمتابعة باقي دروس السلسلة من هنا
-
خمس جوائز رمضانية من رب البرية إخـــــــــــــــــواني: لقد أظَلَّنَا شهرٌ كريم، وموسمٌ عظيم، يُعَظِّمُ اللهُ فيه الأجرَ ويُجْزلُ المواهبَ، ويَفْتَحُ أبوابَ الخيرِ فيه لكلِ راغب، شَهْرُ [1] في فضل شهر رمضانالخَيْراتِ والبركاتِ، شَهْرُ المِنَح والْهِبَات، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة: 185]، شهرٌ مَحْفُوفٌ بالرحمةِ والمغفرة والعتقِ من النارِ، أوَّلُهُ رحمة، وأوْسطُه مغفرةٌ، وآخِرُه عِتق من النار. اشْتَهَرت بفضلِهِ الأخبار، وتَوَاتَرَت فيه الاثار، ففِي الصحِيْحَيْنِ: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إِذَا جَاءَ رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النار، وصُفِّدتِ الشَّياطينُ". وإنما تُفْتَّحُ أبوابُ الجنة في هذا الشهرِ لِكَثْرَةِ الأعمالِ الصَالِحَةِ وتَرْغِيباً للعَاملِينْ، وتُغَلَّقُ أبوابُ النار لقلَّة المعاصِي من أهل الإِيْمان، وتُصَفَّدُ الشياطينُ فَتُغَلُّ فلا يَخْلُصونُ إلى ما يَخْلُصون إليه في غيرِه. وَرَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه". إخـــــــــــــــــــــــواني: هذه الخصالُ الخَمسُ ادّخَرَها الله لكم، وخصَّكم بها مجالس شهر رمضانمِنْ بين سائِر الأمم، وَمنَّ عليكم ليُتمِّمَ بها عليكُمُ النِّعَمَ، وكم لله عليكم منْ نعم وفضائلَ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَبِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَسِقُونَ } [آل عمران: 110]. الخَصْلَةُ الأولى: أن خُلْوفَ فَمِ الصائِم أطيبُ عند الله مِنْ ريحِ المسك، والخلوف بضم الخاءِ أوْ فَتْحَها تَغَيُّرُ رائحةِ الفَم عندَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ من الطعام. وهي رائحةٌ مسْتَكْرَهَةٌ عندَ النَّاس لَكِنَّها عندَ اللهِ أطيبُ من رائحَةِ المِسْك لأنَها نَاشِئَةٌ عن عبادة الله وَطَاعَتهِ. وكُلُّ ما نَشَأَ عن عبادته وطاعتهِ فهو محبوبٌ عِنْدَه سُبحانه يُعَوِّضُ عنه صاحِبَه ما هو خيرٌ وأفْضَلُ وأطيبُ. ألا تَرَوْنَ إلى الشهيدِ الذي قُتِلَ في سبيلِ اللهِ يُريد أنْ تكونَ كَلِمةُ اللهِ هي الْعُلْيَا يأتي يوم الْقِيَامَةِ وَجرْحُه يَثْعُبُ دماً لَوْنُهَ لونُ الدَّم وريحُهُ ريحُ المسك؟ وفي الحَجِّ يُبَاهِي اللهُ الملائكة بأهْل المَوْقِفِ فيقولُ سبحانَه: "انْظُرُوا إلى عبادِي هؤلاء جاؤوني شُعْثاً غُبْراً". رواه أحمد وابن حبَّان في صحيحه، وإنما كانَ الشَّعَثُ محبوباً إلى اللهِ في هذا الْمَوْطِنِ لأنه ناشِأُ عَن طاعةِ اللهِ باجتنابِ مَحْظُوراتِ الإِحْرام وترك التَّرَفُّهِ. الخَصْلَةُ الثانيةُ: أن الملائكةَ تستغفرُ لَهُمْ حَتَّى يُفْطروا. وَالملائِكةُ عبادٌ مُكْرمُون عند اللهِ {لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحرم: 6]. فهم جَديْرُون بأن يستجيبَ الله دُعاءَهم للصائمينَ حيث أذِنَ لهم به. وإنما أذن الله لهم بالاستغفارِ للصائمين مِنْ هذه الأُمَّةِ تَنْويهاً بشأنِهم، ورفْعَةً لِذِكْرِهِمْ، وَبَياناً لفَضيلةِ صَوْمهم، والاستغفارُ: طلبُ الْمغفِرةِ وهِي سَتْرُ الذنوب في الدُّنْيَا والاخِرَةِ والتجاوزُ عنها. وهي من أعْلىَ المطالبِ وأسْمَى الغَاياتِ فَكلُّ بني آدم خطاؤون مُسْرفونَ على أنفسِهمْ مُضْطَرُّونَ إلَى مغفرة اللهِ عَزَّ وَجَل. الخَصْلَةُ الثالثةُ: أن الله يُزَيِّنُ كلَّ يوم جنَّتَهُ ويَقول: "يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُوا عنهُمُ المَؤُونة والأَذَى ويصيروا إليك" فَيُزَيِّن تعالى جنته كلَّ يومٍ تَهْيئَةً لعبادِهِ الصالحين، وترغيباً لهم في الوصولِ إليهَا، ويقولُ سبحانه: "يوْشِك عبادِي الصالحون أنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ المؤونةُ والأَذَى" يعني: مؤونَة الدُّنْيَا وتَعَبها وأذاهَا ويُشَمِّرُوا إلى الأعْمَالِ الصالحةِ الَّتِي فيها سعادتُهم في الدُّنْيَا والاخِرَةِ والوُصُولُ إلى دار السَّلامِ والْكَرَامةِ. الخَصْلَةُ الرابعة: أن مَرَدةَ الشياطين يُصَفَّدُون بالسَّلاسِل والأغْلالِ فلا يَصِلُون إِلى ما يُريدونَ من عبادِ اللهِ الصالِحِين من الإِضلاَلِ عن الحق، والتَّثبِيطِ عن الخَيْر. وهَذَا مِنْ مَعُونةِ الله لهم أنْ حَبَسَ عنهم عَدُوَّهُمْ الَّذِي يَدْعو حزْبَه ليكونوا مِنْ أصحاب السَّعير. ولِذَلِكَ تَجدُ عنْدَ الصالِحِين من الرَّغْبةِ في الخَيْرِ والعُزُوْفِ عَن الشَّرِّ في هذا الشهرِ أكْثَرَ من غيره. الخَصْلَةُ الخامسةُ: أن الله يغفرُ لأمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلّم في آخرِ ليلةٍ منْ هذا الشهر إذا قَاموا بما يَنْبَغِي أن يقومُوا به في هذا الشهر المباركِ من الصيام والقيام تفضُّلاً منه سبحانه بتَوْفَيةِ أجورِهم عند انتهاء أعمالِهم فإِن العاملَ يُوَفَّى أجْرَه عند انتهاءِ عمله. وَقَدْ تَفَضَّلَ سبحانه على عبادِهِ بهذا الأجْرِ مِنْ وجوهٍ ثلاثة: الوجه الأول: أنَّه شَرَع لهم من الأعْمال الصالحةِ ما يكون سبَبَاً لمغَفرةِ ذنوبهمْ ورفْعَةِ درجاتِهم. وَلَوْلاَ أنَّه شرع ذلك ما كان لَهُمْ أن يَتَعَبَّدُوا للهِ بها. فالعبادةُ لا تُؤخذُ إِلاَّ من وحي الله إلى رُسُلِه. ولِذَلِكَ أنْكَرَ الله على مَنْ يُشَّرِّعُونَ مِنْ دُونِه، وجَعَلَ ذَلِكَ نَوْعاً مِنْ الشَّرْك، فَقَالَ سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الشورى: 21]. الوجه الثاني: أنَّه وَفَّقَهُمْ للعملِ الصالح وقد تَرَكَهُ كثيرٌ من النَّاسِ. وَلَوْلا مَعُونَةُ الله لَهُمْ وتَوْفِيْقُهُ ما قاموا به. فلِلَّهِ الفَضْلُ والمِنَّة بذلك. {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَمَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلاِْيمَنِ إِنُ كُنتُمْ صَدِقِينَ } [الحجرات: 17]. الوجه الثالث: أنَّه تَفَضَّلَ بالأجرِ الكثيرِ؛ الحَسنةُ بعَشْرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ. فالْفَضلُ مِنَ الله بِالعَمَلِ والثَّوَابِ عليه. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين. إخْـــــــــــــــــــــوانِي: بُلُوغُ رمضانَ نِعمةٌ كبيرةٌ عَلَى مَنْ بَلَغهُ وقَامَ بحَقِّه بالرِّجوع إلى ربه من مَعْصِيتهِ إلى طاعتِه، ومِنْ الْغَفْلةِ عنه إلى ذِكْرِهِ، ومِنَ الْبُعْدِ عنهُ إلى الإِنَابةِ إِلَيْهِ: يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍحَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِلَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَافَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْرَ عِصْيانِوَاتْل القُرآنَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِداًفَإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِكَمْ كنتَ تعرِف مَّمنْ صَام في سَلَفٍمِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِأفْنَاهُمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْدهموحَيَّاً فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدانِي اللَّهُمَّ أيْقِظنَا من رَقَدَات الغفلة، ووفْقنا للتَّزودِ من التَّقْوَى قَبْلَ النُّقْلَة، وارزقْنَا اغْتِنَام الأوقاتِ في ذيِ المُهْلَة، واغْفِر لَنَا ولوَالِدِيْنا ولِجَمِيع المسلِمِين برَحْمتِك يا أَرحم الراحِمين. وصلَّى الله وسلَّم على نبيَّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِهِ أجمعين. لمتابعة باقي دروس السلسلة من هنا
-
أخي الكريم أحمد
كل عام وانت بخير
أرججو منك أخي الكريم عمل تصميم لغلاف ملازمي
وقد أرسلت طبا لأخي الكريم دكتور احمد
فان كان لديكم عونا أرجو تقديمة لاني في حاجة ماسة الى انهاء أعمالي ولا ينقصها الا الغلاف
وجزاك الله خيرا
-
شعار وكلمة ونصيحة وهمسة وواجب عملى - رحلة رمضان شكل تانى
Mr Hamdy Ahmad replied to دعوه للجنه's topic in رمضانيات
من المتابعين ان شاء الله جعله في ميزان حسناتك -
جزاك الله خيرا أخي الكريم ورزقك الجنة
-
كلام صحيح مائة بالمائة طيب ليه هتكرهوهم فينا جميلة جدا أمي العزيزة جعلها في ميزان حسناتك
-
( التصميم اليومي ) ليومـ 6 رمضان 1431 - 2010 ...
Mr Hamdy Ahmad replied to عبد الرحمن عبد المتعال's topic in رمضانيات
جميل جدا جزاك الله خيرا اخي الكريم -
كلمات رائعة جزاك الله خيرا أخي الكريم علي وجعلها في ميزان حسناتك